إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الاحتلال الأميركي للعراق: أناكوندا القطر الهندي (2)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاحتلال الأميركي للعراق: أناكوندا القطر الهندي (2)

    الاحتلال الأميركي للعراق: أناكوندا القطر الهندي (2)
    طارق الدليمي




    في 19 آذار 2003، وعلى الحدود الكويتية العراقية وفي الصحراء، كانت تربض قوات ألفا الخاصة، الكتيبة الرابعة، الفوج الخيال المسلح 64. رقص جنود هذا الفوج رقصة السيمونلي الهندية الشهيرة قبل الهجوم النهائي على العراق. كان الدور الأساسي لهذه القوة المتقدمة هو الكشافة الأولى للفرقة السابعة الأميركية. وكانت هذه القوات قد أنشأت في عام 1830 لمقاتلة هنود السيمونلي وكان نجاحها ساحقاً في 1836 حين أبادت هؤلاء في فلوريدا. تعاون مع هذه القوات فوج الحرس الأسود، بلاك ووتش البريطاني الذي شارك في احتلال العراق عام 1914 وكان القوة الأولى التي دخلت إلى بغداد في آذار 1917 بقيادة الجنرال مود. ولطرافة التاريخ، كانت هذه القوة البريطانية هي عصب الاحتلال البريطاني!! في أميركا والقوة الفعالة التي قاتلت جورج واشنطن بطل تحرير الولايات المتحدة!! هذه القوات، بلاك ووتش، التي قاتلت الأميركان سابقاً، تتعاون حالياً مع القوات الأميركية وبدأت تتجه نحو بغداد لإسناد الاحتلال الأميركي في معركته المرتقبة لاجتياح الفلوجة، المدينة التي استعصت على المارينز الأميركي ومنعته من رقصة السيمونلي!! لكن هذه القوات بدأت مباشرة عملها الضروري للبقاء للمدة القادمة المقررة سلفاً. إنها بناء القواعد الدائمة في العراق، ويقول جون بايك مسؤول غلوبال سيكوريتي ان العمل بدأ بتشييد (120) مجمعاً عسكرياً بأحجام مختلفة، وذلك لإعطاء مرونة لتحركات القوات العسكرية من منطقة إلى أخرى. وكانت البدايات في معسكرات النصر في بغداد ومعسكر التمرد في كركوك. ويتضامن غرودون ادامز مسؤول دراسات السياسات الأمنية في جامعة جورج واشنطن مع بايك للتأكيد على أن القواعد التي تؤسس هي من أجل الاعتماد عليها في المستقبل القريب عسكرياً وسياسياً. ويعلق بايك، أن البنتاغون ينوي تخفيض بعض المنشآت (عددها 100) في ألمانيا تحت شعار! إذا كان لدينا العراق فما الحاجة إلى ألمانيا؟ ويشارك توماس دونلي الخبير العسكري في أميركان انتربرايز في النقاش قائلاً ان للبنتاغون (890) قاعدة في العالم، منها الجوية الضخمة ومنها محطات الرادار المتحركة، والوجود الدائم في العراق يعطي صبغة غير عادية حول الأداء العسكري في المستقبل. ويناقش الوضع المالي بصورة محاججة، قائلاً ان النفقات قد تزداد ولكنها تظل أقل من مستويات الحرب الباردة. (حالياً 4%، تصل إلى 5% ولكنها كانت 6,5% في الحرب الباردة، 10% في حرب فيتنام). وستكون هذه القواعد منشغلة في حروب وقائية وثابة سريعة وتنتقل من مكان الى آخر لمواجهة شبكات الارهاب السرية. وكانت الخطة المباشرة التي اعتمدها البنتاغون هي في وضع مخطط قديم قيد التنفيذ، وذلك بتأسيس 14 قاعدة أساسية في البلاد. لكن الأخبار التي نشرتها المجلات العسكرية الأميركية تشرح ببعض التفاصيل المضغوطة بأن الذي تحقق 12 قاعدة فقط. وقد كشفت مجلة أكشن ريبورت منذ نهاية تشرين الثاني 2003 أن بريمر كان قد اتفق سراً مع جلال الطالباني في الاتفاقية التي عقدت في 15/11/، على إقامة 6 قواعد عسكرية في العراق وهي 1 الحبانية، 2 الشيعية، 3 علي بن أبي طالب، 4 الوليد، 5 الغزلاني، 6 حمرين.
    وكانت الاتفاقات الاقتصادية والمالية قد كتبت عقودها قبل الحرب بفترة طويلة وضمن خطة كاملة لخصخصة الحرب على العراق بين البنتاغون والشركات الأميركية العملاقة وفي مقدمتها هاليبرتون الشركة الضخمة المرتبطة معها كيلوغ براون روت. وكانت العقود تتضمن بناء 20 موقعاً يتحمل ويستوعب 100 ألف جندي. وتشمل هذه المجمعات أبنية صغيرة خاصة للجنود سميت ب<<أكواخ سوا>> تشابهاً مع مثيلاتها التي بنيت في فيتنام. وكان أكبر هذه المجمعات يشمل مسافة جغرافية شاسعة تمتد من غرب بغداد إلى عمق الحدود الصحراوية مع سوريا، الأردن والسعودية.
    ومن الناحية الاستراتيجية اللوجستية، تغطي هذه المجمعات مدناً عديدة ضمن ما يسمى <<المثلث السني>> ومنها مدن الرمادي، هيت والفلوجة. وعليه فإن سقوط هذه المدن له غاية عسكرية ذات دور سياسي، وله وظيفة سياسية بهدف عسكري مركزي. ومن هذا المجمع الضخم، تنتشر الإمدادات الخاصة والاتصالات السياسية والعسكرية مع الدول المجاورة في قواعد سرية خاصة، فيها الإمكانيات العسكرية والقيادات السياسية ومراكز الإعلام وحتى مكاتب التحقيق والسجون السرية. ولعل أضخم مجمع آخر يمتد إلى تخوم هذا المعسكر العملاق المذكور له استطالات الى شمال بغداد وشرقها بعد أن تم التقاط مركز قديم له كان موجوداً في القاعدة الضخمة في بلد وملحقاتها قاعدة البكر السابقة. هذه القاعدة موجودة شمال بغداد بحدود 86 كم ولها مساحة 25 كم2 تحيط بها حماية دائرية من 20 كم ومنها يتفرع مدرجان بطول 11,300 قدم والثاني11,200 قدم، وقد شيد أكبر معسكر خاص في منطقة قريبة أطلق عليه اسم <<أناكوندا>> وهو يحتوي على 17 ألف جندي ومجهز بكل شيء من معدات عسكرية ومدنية. ويرتبط <<أناكوندا>> مع تسعة مجمعات أخرى تمتد من سامراء شمالاً إلى التاجي شمال بغداد. وقد ساهم الفوج الخيال الذي دخل العراق في 19 آذار في تعبيد الطرق الخارجية لهذه المجمعات بمادة الإسفلت التي نقلت من الكويت. وقد تم إنجاز هذه الطرق بسرعة قياسية، وبمعدل 150 طن إسفلت/الساعة، مستندين على التدريب المكثف الذي اعتمدته الخيالة قبل عشر سنوات في فلوريدا حول المشروع نفسه!! وهي ترقص السيمونلي!... ولكن كم يمكن الملاءمة بين كل هذه المستويات المتعددة في البلاد بعد الحرب والاحتلال؟ وهي تشمل ميادين عديدة، ومنها الاحتلال نفسه، الاقتصاد والنفط تحديداً، وكذلك الأسلحة الفتاكة ومنها الطيران، التي تستعمل من هذه القواعد لتحطيم القوة المسلحة للمقاومة والمعنويات العقلية والنفسية للجمهور العراقي الذي يعيش في أسوأ كارثة يمر بها بلد في العالم. هذه الأشياء الثلاثة تشترك أيضاً، وليست بالصدفة قطعاً! في قانون واحد يضمها له جانب موضوعي من جهة وله أفق إنساني عميق في الجهة الأخرى. إن القانون الأساسي الذي يحتوي هذه العناصر الثلاثة هو قانون الذروة والاضمحلال. فالنفط يصل في إنتاجه إلى ذروة معينة، بعدها ينعطف الإنتاج إلى الهبوط تدريجياً حتى النضوب، والأسلحة تتطور في قوتها التدميرية لكي تصل إلى الذروة في حالة يصعب بعدها أن تكون لها الردع الكامل للخصم الذي يمكن أولاً أن يتسلح بها أيضاً، وثانياً يكون للعامل البشري قوة خاصة في تحمل كل التدميرات التي تمت منذ بدء البشرية. أما الثالث، فإن الاحتلال أيضاً يصل إلى ذروته وبعدها يتم الانحدار نحو الخروج الكامل. وفي أجواء الصراع القائمة ضمن السياق العالمي، لم تتمكن الاحتلالات من المكوث أبداً ضد الرغبة العامة للشعوب والإصرار على القتال حتى التحرير. تجتمع هذه العوامل الثلاثة في الحالة العراقية الفريدة، حيث تنظر البوشية الجديدة وفرقتها الليبرالية العربية والعراقية إلى ثلاث حالات متناغمة ومقابلة موضوعياً أولاً: الحرب لم يكن هدفها النفط!! ثانياً: الحرب كانت للتحرير لا للاحتلال، ثالثاً: الأسلحة هي حاجة إنسانية مشروعة لبناء شيء جديد وتحطيم شيء قديم، وكما يقول مايكل لايدن <<نحن نحطم لنمهد الطريق نحو البناء>>، فالحرب هي الحالة الدائمة والسلم مؤقت بين محطاتها. وعليه فإن:
    1 النفط سيكون دعامة أساسية لبناء المجتمع العراقي الجديد، وذلك عبر الاستثمار المباشر والخصخصة الشاملة للمجتمع وتحطيم الدولة وتعميم انتصار السوق وثقافة الحرية الليبرالية الداعمة لهذه الانجازات الفريدة حسب الصحافة اليسارية الليبرالية في بغداد، طريق الشعب، النهضة، المدى..الخ
    2 سيكون القصف الجوي المنطلق من القواعد الدائمة الحليف السياسي اليومي للقوى الاجتماعية والسياسية المرتبطة مع قوات التحرير!! والمستفيدة من اقتصاد السوق وثقافة الديموقراطية الجديدة والليبرالية الموجهة ومؤسساتها التي شكلت أو ستلفق عن قريب.
    3 سيكون التحرير نفسه بوابة، لتحولات هائلة في المحيط العربي الإسلامي يدعم التجربة العراقية ويعمقها ويبشر بها ويجعلها نموذجاً حياً للشعوب الجديدة الصاعدة في المنطقة ومنها الناطقة بالعربية حسب تعبير دانييل بايبس في المعهد الأميركي للسلام. بل ان المحلل السياسي سكوت ماك كونيل في مجلة أميركان كونسيرفاتيف، يسلط الضوء على الإصرار البوشي والمحافظين الجدد في الحرب على العراق أو الحروب الاستباقية الاخرى القادمة!! بأنها الوجه الثاني للخصخصة الاجتماعية العسكرية التي يعتمد عليها البنتاغون، فالاحتلال الأميركي للعراق استيطاني من نمط غريب!! إنه يشجع (بل يريد برغبة جامحة) على الهجرة إلى الولايات المتحدة، وستكون هذه القوى المهاجرة، وهي البدون! على النمط الخليجي، قادرة على أن ترفد شكلين متلازمين من الحياة الإنتاجية في أميركا، الأول: القوات العسكرية ونمط التطوع الواسع (شعوب تهاجر من الخارج لترجع تحارب مرة ثانية في الخارج)، والقطاع الثاني هو العمل في ميادين إنتاجية لا يستطيع المواطن الأميركي العادي ممارستها والارتباط بها، وعليه فلا بد من الاجتهاد أخيراً بأن <<المؤسسة>> القائمة تاريخياً في الولايات المتحدة ومنذ واشنطن، قد انتصرت هي بالتحليل الأخير. وهي قد استوعبت الحرب بكل نجاحاتها وأخطائها. وهي التي ستحسم المرشح الجديد القديم لخدمة مصالحها التاريخية البعيدة المدى ولن تخرج من جلدها التاريخي، الاستثمار، التوسع والسيطرة العسكرية إلى الحدود التي لا تعرف لها حدوداً. وفي نموذج العراق المباشر استفادت حالياً من تهريجها السياسي حول الديموقراطية والإصلاح، حيث بات واضحاً للعيان أن سياساتها النهائية حاسمة في الدفاع عن الأنظمة التي تدّعي أنها تخيفها أكثر من الإرهاب العالمي التي تزعم مكافحته، بالرغم من أن هذه القوة المسلحة تدّعي محاربتها أولاً قبل دولها السياسية أو نظمها الاجتماعية. والخيارات المفتوحة أمام الاحتلال تنتظم في خطوط متوازية أحياناً، لكنها تلتقي في بؤرة العمل التاريخي والإنجاز الإمبراطوري، البقاء لفترة طويلة ضمن قواعد عسكرية سياسية مسلحة بالقصف والإعلام والليبرالية والتسليم بخطة سياسية طويلة المدى لا لحل المسائل الجوهرية جذرياً، بل لإدارة كل هذه الصراعات الأساسية والثانوية بشكل هارموني متعدد النغمات يصب في التيار الرئيسي الطامح إلى مقاومة الهزائم ومنع الخسارات. فحتى الاستراتيجية التي تعتمدها القواعد في القتال ضد المقاومة المسلحة، ليست هي في تصفيتها نهائياً، لأنها لن تستطيع ذلك أبداً، وإنما فقط من أجل فتح شبابيك خاصة بها من أجل فسح المجال لأداء هامشي للقوات المحلية وخاصة الحرس البريتوري الكردي تحت رقابة الاحتلال العسكري وتوجيهاته السياسية، وكذلك دفع المقاومة المسلحة إلى الاستنزاف والهبوط العقلي والاندحار النفسي والاستسلام تحت القوة المسلحة إلى الموقف السياسي الملتحق. ثنائية القوة والإذعان، لا يمكن معالجتها إلا بالقوة والصمود، فحين تمكنت القوات البريطانية من السيطرة على الهند، كان تعدادها 20 ألف جندي إنكليزي يتعاون معه الملايين من عملاء الاحتلال، لكن القوة الكامنة لدى الشعب الهندي تمكنت لاحقاً من دحر المشروع وإلحاق الخسارة!! ورحيل الاحتلال. يقول شارلز بينا الخبير الفذ العسكري: <<ان القوات الأميركية في هولندا تمكنت من بناء جسر ضخم استعملته في حسم المعركة مع القوات النازية>>، ولكن في العراق لا يمكن أن يكون هذا الجسر سوى الشعب العراقي العظيم ولن يستطيع الاحتلال العبور عليه ولن يكون العراق (القطر الهندي) وهي الشيفرة العسكرية التي يستعملها الجيش الاميركي مسمياً بها كل قطر يقع خلف الخطوط!!
    () سياسي وكاتب عراقي
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X