بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
هناك مصادر مختلفة للمعرفة ومنها ((الشهود القلبي والمكاشفة )) وهو يختلف عن «الوحي» و«الالهام» و«الفطرة» و«الادراكات العقلية ان الكائنات على قسمين:
1 ـ الكائنات التي يمكن إِدراكها بالحواس وهي «عالم الحس».
2 ـ الكائنات الخفية عن حواسنا وتلك هي «عالم الغيب».
لكن الانسان ـ أحياناً ـ ينفتح أمامه طريق باتجاه عالم الغيب يمكّنه من
معرفة بعض الحقائق الغيبية (حسب قابليته) ، وبتعبير آخر ، تتكشف له بعض حقائق عالم الغيب فيشاهد تلك الحقائق كما يشاهد حقائق عالم الحس ، بل أوضج وأوثق.
ويقال لهذه الحالة «المكاشفة» أو «الشهود الباطني».
وعلى هذا، فالكشف والشهود ـ اختصاراً ـ عبارة عن: الدخول في عالم ما وراء الحس ومشاهدة حقائق ذلك العالم بالعين الباطنية، كالمشاهدة الحسية بل أكثرـ وقد جاء في حديث معروف للامام امير المؤمنين(عليه السلام):
«لو كشف لي الغطاء ما ازددتُ يقيناً».
أي اني أرى جميع الحقائق من وراء ستار الغيب أراها بالشهود الباطني، وبصيرتي تشق حاجز الغيب وتنفذ فيه.
قال الامام علي بن الحسين(عليه السلام):
«ألا إن للعبد أربع أعيُن: عينان يُبصر بهما دينه ودنياه، وعينان يُبْصر بهما أمر آخرته، فاذا أراد الله بعبد خيراً فتح له العينين اللتين في قلبه، فأبصر بهما الغيب وأمر آخرته.وقد جاء في حديث « ذعلب يماني » الخطيب النبه الذي كان من
صحابة الامام علي(عليه السلام): سأل الامام يوماً هذا السؤال: «هل رأيت ربَّك يا أمير المؤمنين»؟
أجاب الامام: «افأعبد ما لا أرى»؟!
فقال: «وكيف تراه»؟
فقال الامام : « لا تدركه العيون بمشاهدة العيان، ولكن تدركه القلوب بحقائق الايمان»
ثم أضاف: «قريبٌ من الأشياء غير ملابس، بعيد منها غير مباين»
قال الله تعالى : (وَكَذلِكَ نُرِي إبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَواتِ وَالاَْرْضِ وَلَيَكُونَ مِنَ الْمُوْقِنينَ).ان الله رفع الستار الحاجب عن ابراهيم وأراه ملكوت السموات والارض أي أسرار قدرته، وتحكمه بأسرار الكوناا لانسان لا يمكنه رؤية هذه الحقائق بعينه الظاهرية واستدلالاته العقلية، ندرك أن الله أراه هذه الحقائق عن طريق الشهود الباطني وإزالة الستار التي تحول دون مشاهدة الانسان الحقائق المكتومة وهناك حديث للامام الصادق(عليه السلام) في هذا المجال يشير فيه الى هذا المعنى حيث يقول: «كُشِط لإبراهيم السموات السبع حتى نظر ما فوق العرش، وكشط له الارضون السبع، وفُعِل لمحمد(صلى الله عليه وآله وسلم) مثل ذلك ...» «والائمة من بعده قد فُعل بهم مثل ذلك»( تفسير البرهان ج1)
وقد جاء في حديث أن سأل أحد صحابة الامام أبو الحسن علي بن موسى الرضا(عليه السلام): هل رأى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ربّه عزّ وجلّ؟ فاجابه(عليه السلام) «نعم بقلبه، أما سمعت الله عزّ وجلَّ يقول: ما كذب الفؤاد ما رأى، لم يَرَه بالبصر ولكن رآه بالفؤاد»
بديهي، أن المراد من «الرؤية القلبية» ليس هو الفكر والاستدلال العقلي، لأن هذا أمر لا يختص بالرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بل يحصل لجميع المؤمنين والتعبير هذا شاهد على مسألة الكشف والشهود الباطني الذي يعتبر أحد مصادر المعرفة الانسان،
+عندما خرج أولاد يعقوب مع
القافلة فرحين من مصر، وكانوا قد شاهدوا يوسف على عرش السلطة رجعوا حاملين قميص يوسف لتقرَّ عين أبيهم، وعندما تحركت القافلة من مصر، قال يعقوب لمن حوله في بلاد كنعان: إني أشم رائحة يوسف إذا لم ترموني بالكذب والجهل. إن ما قاله يعقوب كان صدقاً لانه لم يشم الرائحة بالشامة الطبيعية التي يمتلكها جميع الناس ولهذا لم يصدقه أحد ممن كان حوله فنسبوا الضلالة الى الشيخ الكنعاني ذلك النبي العظيم حيث قالوا له: (تالله إنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ
الْقَدِيم)(يوسف / 95).
وقد تبين صدق شيخ كنعان عند رجوع الاخوة الى كنعان.
وقد عُدَّت المسافة بين مصر وكنعان بعشرة أيام في بعض الروايات، وبثمانيةأيام في بعضها الاخر وفي روايات اخرى بثمانين فرسخاً
لاحظ هنا لا دليل على حمل الآية على المعنى المجازي والقول بأن شم رائحة القميص كناية عن قرب لقائه بيوسف حيث ألهم الأب بذلك اللقاء (مثل قولنا نشم رائحة انتصار المسلمين على الأعداء)، وذلك لأنه مع امكان حمل الألفاظ على الحقيقة لا يمكن الحمل على المجاز.
وفي النهاية نستنتج أن مكاشفة حصلت ليعقوب ورفعت عنه الحجب، وباحساس يفوق الاحساس الظاهري استطاع أن يشم رائحة قميص ابنه من بعيد.
+ قال تعالى وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ اِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةَ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
لا شك ان المراد رؤية الأعمال هو رؤية الله لجميع أعمال الناس سواء
الصالحة منها أو غير الصالحة وما ظهر منها وما بطن « بقرينة وحدة السياق » وينبغي القول بأن مشاهدة الرسول مثل مشاهدة الله، لأن الآية مطلقة ولم يقيدها شيء ، وأما المؤمنون، فالمراد منهم خلفاء الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) المعصومون (لا جميع المؤمنين». لأن المؤمن لايطلع على أعمال مؤمن آخر ومع الالتفات الى أنه لا يمكن مشاهدة هذه الأعمال مشاهدة حسية أو استدلالية عقلية، ينبغي القول: إن الآية بينت حقيقة وهي أن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)والائمة(عليه السلام) يتحلون بمشاهدة تختلف عن المشاهدة الحسية المتعارفة يشاهدون بها جميع أعمال المؤمنين كما نقل عن الامام الصادق(عليه السلام) قال : «إذا صار الأمر إليه جعل له عموداً من نور يُبصِرُ به ما يعمل به أهل كل بلدة»تفسير الامثل ج22
اذا مسألة الشهود القلبي والمكاشفة تحصل حتى للمؤمنين والمؤمنات
في اطار توفيق الله سبحانه وتعالى لمن وفق للايمان والعمل الصالح
كما حصل للسيدة مريم عليها السلام والسيدة آمنة عليها السلام ام رسول الله صلى الله عليه وآله وحتى من بعض العلماء والصالحين
اذا توج الانسان طاعته لله تعالى وحده واجتنب المحرمات فهو اجدر ان
يوفقه تعالى بنور في قلبه يبصر به بعين باطنةماكتب له من نعمة الاهية
يجد فيها لذة خاصة يطلع على امور باطنية وحسية يحمد الله على نعمائه ويسأله دوام التوفيق والسدادتحياتي 0000
السلام عليكم ورحمة الله
هناك مصادر مختلفة للمعرفة ومنها ((الشهود القلبي والمكاشفة )) وهو يختلف عن «الوحي» و«الالهام» و«الفطرة» و«الادراكات العقلية ان الكائنات على قسمين:
1 ـ الكائنات التي يمكن إِدراكها بالحواس وهي «عالم الحس».
2 ـ الكائنات الخفية عن حواسنا وتلك هي «عالم الغيب».
لكن الانسان ـ أحياناً ـ ينفتح أمامه طريق باتجاه عالم الغيب يمكّنه من
معرفة بعض الحقائق الغيبية (حسب قابليته) ، وبتعبير آخر ، تتكشف له بعض حقائق عالم الغيب فيشاهد تلك الحقائق كما يشاهد حقائق عالم الحس ، بل أوضج وأوثق.
ويقال لهذه الحالة «المكاشفة» أو «الشهود الباطني».
وعلى هذا، فالكشف والشهود ـ اختصاراً ـ عبارة عن: الدخول في عالم ما وراء الحس ومشاهدة حقائق ذلك العالم بالعين الباطنية، كالمشاهدة الحسية بل أكثرـ وقد جاء في حديث معروف للامام امير المؤمنين(عليه السلام):
«لو كشف لي الغطاء ما ازددتُ يقيناً».
أي اني أرى جميع الحقائق من وراء ستار الغيب أراها بالشهود الباطني، وبصيرتي تشق حاجز الغيب وتنفذ فيه.
قال الامام علي بن الحسين(عليه السلام):
«ألا إن للعبد أربع أعيُن: عينان يُبصر بهما دينه ودنياه، وعينان يُبْصر بهما أمر آخرته، فاذا أراد الله بعبد خيراً فتح له العينين اللتين في قلبه، فأبصر بهما الغيب وأمر آخرته.وقد جاء في حديث « ذعلب يماني » الخطيب النبه الذي كان من
صحابة الامام علي(عليه السلام): سأل الامام يوماً هذا السؤال: «هل رأيت ربَّك يا أمير المؤمنين»؟
أجاب الامام: «افأعبد ما لا أرى»؟!
فقال: «وكيف تراه»؟
فقال الامام : « لا تدركه العيون بمشاهدة العيان، ولكن تدركه القلوب بحقائق الايمان»
ثم أضاف: «قريبٌ من الأشياء غير ملابس، بعيد منها غير مباين»
قال الله تعالى : (وَكَذلِكَ نُرِي إبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَواتِ وَالاَْرْضِ وَلَيَكُونَ مِنَ الْمُوْقِنينَ).ان الله رفع الستار الحاجب عن ابراهيم وأراه ملكوت السموات والارض أي أسرار قدرته، وتحكمه بأسرار الكوناا لانسان لا يمكنه رؤية هذه الحقائق بعينه الظاهرية واستدلالاته العقلية، ندرك أن الله أراه هذه الحقائق عن طريق الشهود الباطني وإزالة الستار التي تحول دون مشاهدة الانسان الحقائق المكتومة وهناك حديث للامام الصادق(عليه السلام) في هذا المجال يشير فيه الى هذا المعنى حيث يقول: «كُشِط لإبراهيم السموات السبع حتى نظر ما فوق العرش، وكشط له الارضون السبع، وفُعِل لمحمد(صلى الله عليه وآله وسلم) مثل ذلك ...» «والائمة من بعده قد فُعل بهم مثل ذلك»( تفسير البرهان ج1)
وقد جاء في حديث أن سأل أحد صحابة الامام أبو الحسن علي بن موسى الرضا(عليه السلام): هل رأى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ربّه عزّ وجلّ؟ فاجابه(عليه السلام) «نعم بقلبه، أما سمعت الله عزّ وجلَّ يقول: ما كذب الفؤاد ما رأى، لم يَرَه بالبصر ولكن رآه بالفؤاد»
بديهي، أن المراد من «الرؤية القلبية» ليس هو الفكر والاستدلال العقلي، لأن هذا أمر لا يختص بالرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بل يحصل لجميع المؤمنين والتعبير هذا شاهد على مسألة الكشف والشهود الباطني الذي يعتبر أحد مصادر المعرفة الانسان،
+عندما خرج أولاد يعقوب مع
القافلة فرحين من مصر، وكانوا قد شاهدوا يوسف على عرش السلطة رجعوا حاملين قميص يوسف لتقرَّ عين أبيهم، وعندما تحركت القافلة من مصر، قال يعقوب لمن حوله في بلاد كنعان: إني أشم رائحة يوسف إذا لم ترموني بالكذب والجهل. إن ما قاله يعقوب كان صدقاً لانه لم يشم الرائحة بالشامة الطبيعية التي يمتلكها جميع الناس ولهذا لم يصدقه أحد ممن كان حوله فنسبوا الضلالة الى الشيخ الكنعاني ذلك النبي العظيم حيث قالوا له: (تالله إنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ
الْقَدِيم)(يوسف / 95).
وقد تبين صدق شيخ كنعان عند رجوع الاخوة الى كنعان.
وقد عُدَّت المسافة بين مصر وكنعان بعشرة أيام في بعض الروايات، وبثمانيةأيام في بعضها الاخر وفي روايات اخرى بثمانين فرسخاً
لاحظ هنا لا دليل على حمل الآية على المعنى المجازي والقول بأن شم رائحة القميص كناية عن قرب لقائه بيوسف حيث ألهم الأب بذلك اللقاء (مثل قولنا نشم رائحة انتصار المسلمين على الأعداء)، وذلك لأنه مع امكان حمل الألفاظ على الحقيقة لا يمكن الحمل على المجاز.
وفي النهاية نستنتج أن مكاشفة حصلت ليعقوب ورفعت عنه الحجب، وباحساس يفوق الاحساس الظاهري استطاع أن يشم رائحة قميص ابنه من بعيد.
+ قال تعالى وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ اِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةَ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
لا شك ان المراد رؤية الأعمال هو رؤية الله لجميع أعمال الناس سواء
الصالحة منها أو غير الصالحة وما ظهر منها وما بطن « بقرينة وحدة السياق » وينبغي القول بأن مشاهدة الرسول مثل مشاهدة الله، لأن الآية مطلقة ولم يقيدها شيء ، وأما المؤمنون، فالمراد منهم خلفاء الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) المعصومون (لا جميع المؤمنين». لأن المؤمن لايطلع على أعمال مؤمن آخر ومع الالتفات الى أنه لا يمكن مشاهدة هذه الأعمال مشاهدة حسية أو استدلالية عقلية، ينبغي القول: إن الآية بينت حقيقة وهي أن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)والائمة(عليه السلام) يتحلون بمشاهدة تختلف عن المشاهدة الحسية المتعارفة يشاهدون بها جميع أعمال المؤمنين كما نقل عن الامام الصادق(عليه السلام) قال : «إذا صار الأمر إليه جعل له عموداً من نور يُبصِرُ به ما يعمل به أهل كل بلدة»تفسير الامثل ج22
اذا مسألة الشهود القلبي والمكاشفة تحصل حتى للمؤمنين والمؤمنات
في اطار توفيق الله سبحانه وتعالى لمن وفق للايمان والعمل الصالح
كما حصل للسيدة مريم عليها السلام والسيدة آمنة عليها السلام ام رسول الله صلى الله عليه وآله وحتى من بعض العلماء والصالحين
اذا توج الانسان طاعته لله تعالى وحده واجتنب المحرمات فهو اجدر ان
يوفقه تعالى بنور في قلبه يبصر به بعين باطنةماكتب له من نعمة الاهية
يجد فيها لذة خاصة يطلع على امور باطنية وحسية يحمد الله على نعمائه ويسأله دوام التوفيق والسدادتحياتي 0000
تعليق