علي محمد المهدي
الإمام علي (ع) بين العبادة والشهادة
من من المسلمين وغيرهم لا يعرف أمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام، هذا الرجل العملاق الذي ملأت أعماله الجليلة ومواقفه البطولية الخافقين، ما أكثر ما قيل وكتب عن هذا الانسان العظيم حتى لقد أصبحت الأقلام حيرى اذا ما أرادت ان تسكب مدادها على الورق، فماذا تستطيع هذه الأقلام ان تبدع وماذا تستطيع ان تكتب وتصل الى ما لم يصل اليه احد من قبل.
في شهر رمضان االكريم، شهر الصيام المبارك وفي ليلة من لياليه الفضيلة، فجع الاسلام والمسلمون باستشهاد بطل من أبطال الأمة الإسلامية، الا وهو أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، اننا لو تأملنا وبحثنا مليا في السيرة الذاتية لإمامنا أمير المؤمنين علي (ع) لوجدنا ان حياته مليئة بالأحداث والوقائع الجسام التي تشهد له بعظم المنزلة ورفعة الشأن، فماذا عسانا ان نقول او نكتب في رجل عاش وترعرع في بيت النبوة والوحي؟ ففي ذلك البيت النبوي الكريم تربى أمير المؤمنين الامام علي عليه السلام أعلى وأرقى وأسمى تربية، وسوف لا ولن تشهد البشرية تربية كريمة كتلك التي تلقاها علي (ع)، وبعد أن نزل الوحي على رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان علي عليه السلام أول من صدق بالرسالة من أهل بيته سلام الله عليهم أجمعين، وعلي عليه السلام كرم الله وجهه لأنه لم يسجد لصنم قط، ولم تدنسه الجاهلية بشيء من رجسها، لذا فإننا كمسلمين نرى ان حياة سيدنا علي عليه السلام مليئة وحافلة بالمواقف الجهادية لنصرة الإسلام والمسلمين وبالبطولات الخارقة في قتال المشركين والمعاندين، فهو عليه السلام رجل الحرب والمحراب، فإذا شهدته ساحة المعركة والقتال شهدت أسدا صنديدا يفتك بأعداء الله وأعداء رسوله وأعداء الدين حيث لا تأخذه في الله لومة لائم، وماذا يمكننا ان نتحدث عن رجل قال فيه سيد الكونين نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم «أنا مدينة العلم وعلي بابها» كما قال كذلك صلوات الله وسلامه عليه «علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» وما الى ذلك من الأقوال الشريفة التي قالها الرسول الأكرم في حق امامنا علي عليه السلام، ان أي نغمة من نغمات الحب والولاء لم يصل اليها احد من قبل من أهل العلم وأهل الأدب فقد وصل اليها الامام علي (ع) بكل جدارة واقتدار، نعم، لقد شاء الله سبحانه وتعالى ان يقرب هذا الولي الصالح الى جواره الكريم، ففي شهر رمضان المعظم وفي أول العشر الأواخر منه التي هي من أفضل ليالي هذا الشهر المبارك، وبينما كان الامام علي (ع) في تلك اللحظات القدسية الروحانية سابحا في بحر من الخشوع والتأمل، يخرج من بيته متوجها الى مسجده في الكوفة وهناك يقضي ليلته عليه السلام كعادته في الصلاة والتبتل والابتهال الى الله تعالى حتى يدخل الفجر فيصعد المئذنة فيؤذن لصلاة الفجر بصوته الجهوري الجميل المليء بالتقوى والخوف من الله تعالى، ثم يعود الى محرابه ليكمل الصلاة بين البكاء والدموع ويؤدي صلاته راكعا وساجدا، ففي فجر يوم 21 رمضان سنة 40 للهجرة والامام يؤم المسلمين في الصلاة شاءت ارادة الله وقضاؤه الذي لا راد لهما ان ينسل من بين المصلين رجل ليهوي بشدة بسيفه المسموم على الرأس الشريف لأمير المؤمنين علي عليه السلام فيفلقه وتسيل الدماء منه، كان ذلك القاتل هو عبدالرحمن بن ملجم المرادي الذي كان أمير المؤمنين علي (ع) يرعاه رعاية خاصة ويوليه اهتماما كبيرا، ولكن هذا القاتل نسي فضل الامام علي (ع) عليه واحسانه له.
لقد فقد المسلمون بفقد أمير المؤمنين علي عليه السلام شخصية عظيمة فذة نهلت من معين النبوة والشرف وتربت في بيت العزة والكرامة، ان الاحرى بنا كمسلمين والأجدر ان نأخذ الدروس والعبر من حياة وسيرة هذا الامام العملاق الجهادية والايمانية والتربوية، وان نتبع منهجه ونسير على خطاه التي هي نهج وخطى الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأن نكون صفا واحدا وقلبا واحدا لخدمة ديننا الإسلامي العظيم، وان ندفع بكل ما أوتينا من قوة وعزيمة العدوان والشر عن أنفسنا وعرضنا ووطننا وان نسعى دائما لتقوية وترسيخ وحدتنا الوطنية التي هي أساس الأمن والاستقرار لبلدنا ومجتمعنا، فسلام الله عليك ايها الامام التقي يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا.
almahdi@buـsalah.com
---
© 2001-2004 جريدة الوطن ، حقوق الطبع محفوظة
الإمام علي (ع) بين العبادة والشهادة
من من المسلمين وغيرهم لا يعرف أمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام، هذا الرجل العملاق الذي ملأت أعماله الجليلة ومواقفه البطولية الخافقين، ما أكثر ما قيل وكتب عن هذا الانسان العظيم حتى لقد أصبحت الأقلام حيرى اذا ما أرادت ان تسكب مدادها على الورق، فماذا تستطيع هذه الأقلام ان تبدع وماذا تستطيع ان تكتب وتصل الى ما لم يصل اليه احد من قبل.
في شهر رمضان االكريم، شهر الصيام المبارك وفي ليلة من لياليه الفضيلة، فجع الاسلام والمسلمون باستشهاد بطل من أبطال الأمة الإسلامية، الا وهو أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، اننا لو تأملنا وبحثنا مليا في السيرة الذاتية لإمامنا أمير المؤمنين علي (ع) لوجدنا ان حياته مليئة بالأحداث والوقائع الجسام التي تشهد له بعظم المنزلة ورفعة الشأن، فماذا عسانا ان نقول او نكتب في رجل عاش وترعرع في بيت النبوة والوحي؟ ففي ذلك البيت النبوي الكريم تربى أمير المؤمنين الامام علي عليه السلام أعلى وأرقى وأسمى تربية، وسوف لا ولن تشهد البشرية تربية كريمة كتلك التي تلقاها علي (ع)، وبعد أن نزل الوحي على رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان علي عليه السلام أول من صدق بالرسالة من أهل بيته سلام الله عليهم أجمعين، وعلي عليه السلام كرم الله وجهه لأنه لم يسجد لصنم قط، ولم تدنسه الجاهلية بشيء من رجسها، لذا فإننا كمسلمين نرى ان حياة سيدنا علي عليه السلام مليئة وحافلة بالمواقف الجهادية لنصرة الإسلام والمسلمين وبالبطولات الخارقة في قتال المشركين والمعاندين، فهو عليه السلام رجل الحرب والمحراب، فإذا شهدته ساحة المعركة والقتال شهدت أسدا صنديدا يفتك بأعداء الله وأعداء رسوله وأعداء الدين حيث لا تأخذه في الله لومة لائم، وماذا يمكننا ان نتحدث عن رجل قال فيه سيد الكونين نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم «أنا مدينة العلم وعلي بابها» كما قال كذلك صلوات الله وسلامه عليه «علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» وما الى ذلك من الأقوال الشريفة التي قالها الرسول الأكرم في حق امامنا علي عليه السلام، ان أي نغمة من نغمات الحب والولاء لم يصل اليها احد من قبل من أهل العلم وأهل الأدب فقد وصل اليها الامام علي (ع) بكل جدارة واقتدار، نعم، لقد شاء الله سبحانه وتعالى ان يقرب هذا الولي الصالح الى جواره الكريم، ففي شهر رمضان المعظم وفي أول العشر الأواخر منه التي هي من أفضل ليالي هذا الشهر المبارك، وبينما كان الامام علي (ع) في تلك اللحظات القدسية الروحانية سابحا في بحر من الخشوع والتأمل، يخرج من بيته متوجها الى مسجده في الكوفة وهناك يقضي ليلته عليه السلام كعادته في الصلاة والتبتل والابتهال الى الله تعالى حتى يدخل الفجر فيصعد المئذنة فيؤذن لصلاة الفجر بصوته الجهوري الجميل المليء بالتقوى والخوف من الله تعالى، ثم يعود الى محرابه ليكمل الصلاة بين البكاء والدموع ويؤدي صلاته راكعا وساجدا، ففي فجر يوم 21 رمضان سنة 40 للهجرة والامام يؤم المسلمين في الصلاة شاءت ارادة الله وقضاؤه الذي لا راد لهما ان ينسل من بين المصلين رجل ليهوي بشدة بسيفه المسموم على الرأس الشريف لأمير المؤمنين علي عليه السلام فيفلقه وتسيل الدماء منه، كان ذلك القاتل هو عبدالرحمن بن ملجم المرادي الذي كان أمير المؤمنين علي (ع) يرعاه رعاية خاصة ويوليه اهتماما كبيرا، ولكن هذا القاتل نسي فضل الامام علي (ع) عليه واحسانه له.
لقد فقد المسلمون بفقد أمير المؤمنين علي عليه السلام شخصية عظيمة فذة نهلت من معين النبوة والشرف وتربت في بيت العزة والكرامة، ان الاحرى بنا كمسلمين والأجدر ان نأخذ الدروس والعبر من حياة وسيرة هذا الامام العملاق الجهادية والايمانية والتربوية، وان نتبع منهجه ونسير على خطاه التي هي نهج وخطى الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأن نكون صفا واحدا وقلبا واحدا لخدمة ديننا الإسلامي العظيم، وان ندفع بكل ما أوتينا من قوة وعزيمة العدوان والشر عن أنفسنا وعرضنا ووطننا وان نسعى دائما لتقوية وترسيخ وحدتنا الوطنية التي هي أساس الأمن والاستقرار لبلدنا ومجتمعنا، فسلام الله عليك ايها الامام التقي يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا.
almahdi@buـsalah.com
---
© 2001-2004 جريدة الوطن ، حقوق الطبع محفوظة