عندما بدأ الامام علي حياته واختار ان يكون تلميذاً لأبن عمه الأمين (ص) عرف منذ اللحظة الأولى أن رفقته هذه تحتاج الى مميزات وملكات نفسيه ليست أعتيادية فالذي يسلك الطريق مع محمد (ص) لا ينبغي له أن يكون في أستعداداته أقل من المطلوب لأنه سرعان ما يفشل في أكمال المشوار وسيفقد حينها هذه الرفقة المباركة، هذا التصور بالكامل كان في ذهن الأمام (ع) وهو يتبع النبي منذ نعومة أظفاره أتباع الفصيل أثر أمه
ولما رأى الرسول الكريم هذا الأستعداد الهائل في نفس هذا الفتى آثره على أقرب المقربين من قومه وأختصه لنفسه وبدأ يرتقي به في مراتب الكمال الى أعلى المراتب الممكنة استوعب هذا الفتى الرباني الدرس جيداً وعرف أنه يحتاج الى أعلى حالات الصبر والتحمل بل أنه تماماً ترك الدنيا بكل زخارفها ومباهجها حتى يرتقي الى درجة يكون فيها محل ثقة رسول الإنسانية وموئل علمه وحافظ سره فلما أسرع في الوصول الى هذه المرتبة دونما أي أنفصال في عامل الزمن فاض عليه الرسول الكريم بمكنون علومه وخزائن حكمته حتى صار بحق باب مدينة علم الرسول فهو في نفسه الطاهرة أنعكاس مشرق لكل تجليات نفس النبي ولما أحتاج النبي الى من يرقد في فراشه ليفديه بنفسه كان علياً (ع) لا غيره القادر على ذلك ونام في فراشه مطمئن القلب قرير العين وكأنه ينام وسط الف من الحراس بينما كان الملأ يأتمرون به خارج الدار.
أبتعد النبي عن مكة وكان كل ما يشغله أن يسلم الله علياً ونام عليٌ في فراش النبي وكان كل ما يقلقه هو أن يخرج النبي سالماً ويصل مأمنه بهذه الصور المتقابلة من الأيثار والتضحية وصل الأمام الى ما وصل من المقامات العالية لدى النبي وبهذا الحرص المتبادل على الرسالة الربانية من نفس النبي ونفس الأمام فاض الله سبحانه وتعالى من عالي سماواته عليهما بكل الفيوضات والكرامات والبركات التي لم يسبقهم أحد أليها . لقد عرف الأمام منذ البداية وتيقن تماماً أن وراءه مسؤليات جسام وعظام ما هو ببالغها ألا بأعلى حالات الكمال النفسي والأستعداد الفكري وهيأ نفسه لكل ذلك ولما توالت عليه الأختبارات والأبتلاءات تترى لم ترهقه ولم تصدعه ولم تؤثر فيه ولو بقيد أنملة فهو قد استعد لما هو أعظم من ذلك بكثير فأنى لهذه المشاكل أن تأخذ من نفسه أي مأخذ بل كان العكس تماماً كانت كلما تزداد عليه الأبتلاءات يزداد بريقاً وثقةً فما يوم على الأسلام كيوم الخندق والرسول وقف مطرقاً أمام دعوات عمرو بن عبد ود العامري المتبجحة للمبارزة والرسول يعد من يخرج أليه بالجنة وليس لها ألا علي وما قام لها غيره والرسول يقعده وتتواصل دعوات عمرو بن عبد ود للمبارزة ولا أحد يقوم غير علي كأن الزمن قد توقف أو كأن الرجال قد أذهب بشجاعتهم أمام هذا الفارس وما قام لها ألا علي وأخيراً يقول الرسول بعد أن أقعده للمرة الثانية من يقوم لمبارزة عمرو ويزاحمني على الجنة كان النبي يعرف أن ليس لها ألا علي وكان علي يعرف أن ليس لها ألا هو وكان الصحابة يعرفوا أن ليس لها ألا علي فلماذا يتطاول عليها غيره وقد ألتزموا الصمت جميعاً لأنهم لا يستطيعون القيام بها قام علي للمرة الثالثة وبعد أن تأكد النبي أن ليس لها ألا أبا الحسن عممه بعمامته ودعا له وقال برز الأيمان كله للشرك كله وما هي ألا لحظات حتى سمع أبو الحسن يكبر وقد كبر معه من في السموات والأرض أحتز بيده الشريفة رأس الشرك كله ليثبت للعالم أنه الأيمان كله وصدقت نبوئة رسول الله(ص) إذ أنهار بعدها كل الشرك وكانت لتكون كذلك لو أنهم أتبعوا رجلاً قال عنه الرسول هو الأيمان كله. كل الأيمان التي تمثل في شخص علي نبع من استعداده النفسي الذي أيده الله بتسديده وتوفيقه.
http://www.kululiraq.com
تعليق