أبا بكر وعمر قد فرا من الزحف في أماكن شتى
في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ) (لأنفال: 15) (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ) (لأنفال: من الآية16) الخ وجه الاستدلال بها أن أبا بكر وعمر قد فرا من الزحف في أماكن شتى شاركهما عثمان فيما عدا يوم خيبر منها يوم أحد ومنها يوم حنين باتفاق المؤرخين ونقلة أخبار الوقائع والغزوات ومنها يوم خيبر لا يختلف في ذلك أثنان ممن أطلع على كتب التواريخ والغزوات ممن لا عصبية بالباطل عنده.
فاما يوم أحد فهو اليوم الذي أصعد فيه أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) على الجبل منهزمين لمفارقة الرماة رأس عقبة المهراس هناك فجاء خالد بن الوليد بمن معه فقتل من بقي من الرماة وجاء من ظهر النبي (صلى الله عليه وآله) والمسلمون اكثرهم مشغولون بالغنيمة فحملوا حملة رجل واحد ضربا بالسيوف وطعنا بالرماح ورميا بالنبال ورضخا بالحجارة وفيمن انهزم أبو بكر وعمرو وعثمان .
وقد روي أن عثمان لم يعد إلا بعد ثلاثة أيام فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) لقد ذهبت فيها عريضا وعلي ثابت يجاهد ويجالد حتى عجبت منه الملائكة وسمع الناس النداء في السماء
لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي) وتراجع الناس لثباته.
وقد روي من طريق عبد الله بن مسعود وغيره، والقصة مشهورة.
فاما يوم حنين، فهو اليوم الذي قال فيه أبو بكر لم تغلب اليوم من قلة فعان القوم بعينه فانهزموا فهو فيهم مع صاحبيه وكان كشف الكرب أيضا بسيف علي (عليه السلام) وفي ذلك نزل قوله تعالى: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً) (التوبة: من الآية25) الخ.
ولا ريب أن نسبة بعض أهل النصب هذا القول والإعجاب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) من جملة الحشو والاقتحام لمنصب النبوة ولا عجب فان من جاز عنده إمامة الجاهل والفاسق والفار من الزحف يجوز عنده نبوة المعجب الغافل عن كون الله تعالى هو الناصر.
وأما يوم خيبر:فهو اليوم الذي نكست فيه رؤوس الرجلين وقصته أشهر من المثل.
وروى الثعلبي في تفسير قوله تعالى: (وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً) (الفتح: من الآية20) فان ذلك في فتح خيبر باسناده قال أن رسول الله (صلى الله عليه وآله): حاصر أهل خيبر حتى أصابتنا مخمصة شديدة وإن الرسول اعطى اللواء عمر بن الخطاب ونهض من نهض معه من الناس وتلقوا أهل خيبر فانكشف عمر وأصحابه ورجعوا الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجبنه اصحابه ويجبنهم وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أخذته الشقيقة فلم يخرج الى الناس فاخذ أبو بكر راية رسول الله ثم نهض فقاتل ثم رجع فأخذه عمر فقاتل ثم رجع فاخبر بذلك رسول الله فقال أما والله لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يأخذه عنوة وليس ثمة علي فلما كان الغد تطاول رجال من قريش وجاء كل واحد منهم أن يكون صاحب ذلك فأرسل رسول الله ابن الاكوع إلى علي فدعاه فركب على بعير له حتى أناخ قريبا من رسول الله وهو أرمد قد عصب عينيه بشقة برد قطرى قال سلمة فجئت به أقوده إلى رسول الله فقال (صلى الله عليه وآله) مالك قال (عليه السلام) : رمدت فقال (صلى الله عليه وآله) : أدن مني فدنا منه فتفل في عينيه فما شكا وجعهما بعد حتى مضى لسبيله ثم أعطاه الراية فنهض بالراية وعليه حلة أرجوان جراء قد أخرج كميها فاتى مدينة خيبر فخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر مصفر وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه وهو يرتجز ويقول:
قد علـمت خيبر إني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
أطعن أحيـانا وحينا أضرب اذ الحـروب اقبـلت تلتهب
كان حماي كالحمى لا يقرب
فبرز إليه علي (عليه السلام) فقال:
أنا الذي سمتني أمي حيدرة كليث غابات شديدة القسورة
أكيلكم بالسيف كيل السندرة
فاختلفا بضربتين فبدأه علي (عليه السلام) بضربة فقد الحجر و المغفر وفلق رأسه حتى أخذ السيف في الأضراس وأخذ المدينة وكان الفتح على يديه.
وروى هو وغيره بأسانيد متعددة القصة وقول النبي (صلى الله عليه وآله) لأعطين الراية الخ ودفعها إلى علي (عليه السلام) وأن الفتح كان علي يديه وإن كان في بعضها اختلاف.
وروى أبن المغازلي في المناقب بإسناده إلى سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر إلى خيبر ولم يفتح عليه ثم بعث عمر فلم يفتح عليه فقال: لأعطين الراية رجلا كرارا غير فرار يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فدعا علي بن أبي طالب وهو أرمد العين فتفل في عينيه ففتح عينيه، كأنه لم يرمد قط ثم قال خذ هذه الآية وامض بها حتى يفتح الله عليك فخرج يهرول وأنا خلف أثره حتى ركض رأيته في أصلهم تحت الحصن فاطلع رجل يهودي من الحصن قال من أنت قال علي بن أبي طالب فالتفت إلى أصحابه قال: غلبم والذي أنزل التوراة على موسى قال: فو الله ما رجع حتى فتح الله عليه.
وروى ذلك أو قريبا منه ابن المغازلي أيضا بعدة أسانيد والقصة مشهورة غنية عن البيان وفي هذه القصة من الفضيحة لهذين الشخصين وعلو القدر والشأن لأمير المؤمنين (عليه السلام) ما ظهور لذوي العقول والألباب.
وفي قوله (صلى الله عليه وآله) : رجلا كرارا غير فرار يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله من التعريض بالرجلين ما هو كاف وشاف.
وقد نظم الشعراء في ذلك قصائد مشهورة وذكروا حال الرجلين و فرارهما واستيلاء الخوف والجبن على قلوبهما والفضيحة التي شملت المسلمين بنكوصهما كالسيد الحميري والشيخ عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد وغيرهما.
الفار من الزحف يستحق اللعن
وأما وجه الاستدلال بذلك فظاهر فان الفرار من الزحف مع ما فيه من العار والمخزاة كبيرة موبقة يفسق فاعلها ويستحق اللعن والغضب من الله لان معنى الغضب قريب من معنى اللعن كما عرفت سابقا بل أكد منه.
فان قلت: فعلى هذا يجوز اللعن على جميع الصحابة لفرارهم يوم أحد حنين.
قلت: كل من لم تتثبت عندنا توبته من هذه المعصية فهو فاعل كبيرة يجوز لعنه كائنا من كان.
فان قلت: أليس قد قال الله: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) (الفتح: من الآية18) الآية. والرضا من الله سبحانه لا يكون إلا بعد قبول توبة التائب.
قلت:
أولا:هذه الآية نزلت قبل فتح خيبر اتفاقا وقد قال المفسرون: أخر الآية وأثابهم فتحا قريبا والمراد به فتح خيبر وفرار الرجلين كان في هذا الفتح بعد نزول الآية فلهما مزية على باقي الأصحاب في استشعار الفرار وكأنه كان خلق لهما وفضيحتهما به أشنع لان نقض التوبة بالكبيرة التي تاب المكلف منها من أول دليل على أنها توبة كاذبة وأن الراجي الدين ضعيف جدا وأخلق بمن تجرى على سيده ومولاه في دينه ودنياه بعد أن يقول له: أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة إقرارا واعترافا أن يتقدمه ويتأخر عليه ويدعوه إلى البيعة الفاجرة مع قرب عهده بافتضاحه بكبائر الذنوب ورذائل الأخلاق إن لا يكون له دين تدين به ولا عقيدة يستمسك بها.
وثانيا:أن الآية إنما دلت على الرضا عن المؤمنين ونحن نقول: بموجبها فانا نمنع أن يكون أبو بكر وعمر من المؤمنين لتكون الآية متناولة لهما ويؤيده أن جملة ما نقل عنهما من الأقوال والأفعال دال على نفاقهما في الإسلام وسنزيده إيضاحا فيما بعد إن شاء الله.
وأما عثمان فلم يكن حاضرا وقت هذه البيعة وإنه كان قد ذهب إلى مكة رسولا وعلى تقدير حضوره فهو أبعد من صاحبيه وأظهر منهما نفاقا لأنه لم يكن له من الخداع والتدليس والزرق ما كان لهما ولهذا غلبته نفسه الدنية وشدة نهمه حتى فعل ما فعل وقتله الصحابة كما يقتل الكلب العقور.
فان قلت: الآية دالة على أن المبايعين كانون مؤمنين لقوله تعالى: (إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) (الفتح: من الآية18).
قلت: لا دلالة فيها لان الضمير يعود إلى المؤمنين فيخصون بالرضا دون كل مبايع مع أن بيعة أبي بكر وعمر لم تكن صادقة بدليل فرارهما يوم خيبر بعد هذه البيعة بقليل فلم تزدهما البيعة إلا تعدد المعصية وتزايد الفضيحة وهذا بحمد الله واضح السبيل لايحتاج الي دليل.
منقووووووول
في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ) (لأنفال: 15) (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ) (لأنفال: من الآية16) الخ وجه الاستدلال بها أن أبا بكر وعمر قد فرا من الزحف في أماكن شتى شاركهما عثمان فيما عدا يوم خيبر منها يوم أحد ومنها يوم حنين باتفاق المؤرخين ونقلة أخبار الوقائع والغزوات ومنها يوم خيبر لا يختلف في ذلك أثنان ممن أطلع على كتب التواريخ والغزوات ممن لا عصبية بالباطل عنده.
فاما يوم أحد فهو اليوم الذي أصعد فيه أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) على الجبل منهزمين لمفارقة الرماة رأس عقبة المهراس هناك فجاء خالد بن الوليد بمن معه فقتل من بقي من الرماة وجاء من ظهر النبي (صلى الله عليه وآله) والمسلمون اكثرهم مشغولون بالغنيمة فحملوا حملة رجل واحد ضربا بالسيوف وطعنا بالرماح ورميا بالنبال ورضخا بالحجارة وفيمن انهزم أبو بكر وعمرو وعثمان .
وقد روي أن عثمان لم يعد إلا بعد ثلاثة أيام فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) لقد ذهبت فيها عريضا وعلي ثابت يجاهد ويجالد حتى عجبت منه الملائكة وسمع الناس النداء في السماء

وقد روي من طريق عبد الله بن مسعود وغيره، والقصة مشهورة.
فاما يوم حنين، فهو اليوم الذي قال فيه أبو بكر لم تغلب اليوم من قلة فعان القوم بعينه فانهزموا فهو فيهم مع صاحبيه وكان كشف الكرب أيضا بسيف علي (عليه السلام) وفي ذلك نزل قوله تعالى: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً) (التوبة: من الآية25) الخ.
ولا ريب أن نسبة بعض أهل النصب هذا القول والإعجاب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) من جملة الحشو والاقتحام لمنصب النبوة ولا عجب فان من جاز عنده إمامة الجاهل والفاسق والفار من الزحف يجوز عنده نبوة المعجب الغافل عن كون الله تعالى هو الناصر.
وأما يوم خيبر:فهو اليوم الذي نكست فيه رؤوس الرجلين وقصته أشهر من المثل.
وروى الثعلبي في تفسير قوله تعالى: (وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً) (الفتح: من الآية20) فان ذلك في فتح خيبر باسناده قال أن رسول الله (صلى الله عليه وآله): حاصر أهل خيبر حتى أصابتنا مخمصة شديدة وإن الرسول اعطى اللواء عمر بن الخطاب ونهض من نهض معه من الناس وتلقوا أهل خيبر فانكشف عمر وأصحابه ورجعوا الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجبنه اصحابه ويجبنهم وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أخذته الشقيقة فلم يخرج الى الناس فاخذ أبو بكر راية رسول الله ثم نهض فقاتل ثم رجع فأخذه عمر فقاتل ثم رجع فاخبر بذلك رسول الله فقال أما والله لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يأخذه عنوة وليس ثمة علي فلما كان الغد تطاول رجال من قريش وجاء كل واحد منهم أن يكون صاحب ذلك فأرسل رسول الله ابن الاكوع إلى علي فدعاه فركب على بعير له حتى أناخ قريبا من رسول الله وهو أرمد قد عصب عينيه بشقة برد قطرى قال سلمة فجئت به أقوده إلى رسول الله فقال (صلى الله عليه وآله) مالك قال (عليه السلام) : رمدت فقال (صلى الله عليه وآله) : أدن مني فدنا منه فتفل في عينيه فما شكا وجعهما بعد حتى مضى لسبيله ثم أعطاه الراية فنهض بالراية وعليه حلة أرجوان جراء قد أخرج كميها فاتى مدينة خيبر فخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر مصفر وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه وهو يرتجز ويقول:
قد علـمت خيبر إني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
أطعن أحيـانا وحينا أضرب اذ الحـروب اقبـلت تلتهب
كان حماي كالحمى لا يقرب
فبرز إليه علي (عليه السلام) فقال:
أنا الذي سمتني أمي حيدرة كليث غابات شديدة القسورة
أكيلكم بالسيف كيل السندرة
فاختلفا بضربتين فبدأه علي (عليه السلام) بضربة فقد الحجر و المغفر وفلق رأسه حتى أخذ السيف في الأضراس وأخذ المدينة وكان الفتح على يديه.
وروى هو وغيره بأسانيد متعددة القصة وقول النبي (صلى الله عليه وآله) لأعطين الراية الخ ودفعها إلى علي (عليه السلام) وأن الفتح كان علي يديه وإن كان في بعضها اختلاف.
وروى أبن المغازلي في المناقب بإسناده إلى سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر إلى خيبر ولم يفتح عليه ثم بعث عمر فلم يفتح عليه فقال: لأعطين الراية رجلا كرارا غير فرار يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فدعا علي بن أبي طالب وهو أرمد العين فتفل في عينيه ففتح عينيه، كأنه لم يرمد قط ثم قال خذ هذه الآية وامض بها حتى يفتح الله عليك فخرج يهرول وأنا خلف أثره حتى ركض رأيته في أصلهم تحت الحصن فاطلع رجل يهودي من الحصن قال من أنت قال علي بن أبي طالب فالتفت إلى أصحابه قال: غلبم والذي أنزل التوراة على موسى قال: فو الله ما رجع حتى فتح الله عليه.
وروى ذلك أو قريبا منه ابن المغازلي أيضا بعدة أسانيد والقصة مشهورة غنية عن البيان وفي هذه القصة من الفضيحة لهذين الشخصين وعلو القدر والشأن لأمير المؤمنين (عليه السلام) ما ظهور لذوي العقول والألباب.
وفي قوله (صلى الله عليه وآله) : رجلا كرارا غير فرار يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله من التعريض بالرجلين ما هو كاف وشاف.
وقد نظم الشعراء في ذلك قصائد مشهورة وذكروا حال الرجلين و فرارهما واستيلاء الخوف والجبن على قلوبهما والفضيحة التي شملت المسلمين بنكوصهما كالسيد الحميري والشيخ عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد وغيرهما.
الفار من الزحف يستحق اللعن
وأما وجه الاستدلال بذلك فظاهر فان الفرار من الزحف مع ما فيه من العار والمخزاة كبيرة موبقة يفسق فاعلها ويستحق اللعن والغضب من الله لان معنى الغضب قريب من معنى اللعن كما عرفت سابقا بل أكد منه.
فان قلت: فعلى هذا يجوز اللعن على جميع الصحابة لفرارهم يوم أحد حنين.
قلت: كل من لم تتثبت عندنا توبته من هذه المعصية فهو فاعل كبيرة يجوز لعنه كائنا من كان.
فان قلت: أليس قد قال الله: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) (الفتح: من الآية18) الآية. والرضا من الله سبحانه لا يكون إلا بعد قبول توبة التائب.
قلت:
أولا:هذه الآية نزلت قبل فتح خيبر اتفاقا وقد قال المفسرون: أخر الآية وأثابهم فتحا قريبا والمراد به فتح خيبر وفرار الرجلين كان في هذا الفتح بعد نزول الآية فلهما مزية على باقي الأصحاب في استشعار الفرار وكأنه كان خلق لهما وفضيحتهما به أشنع لان نقض التوبة بالكبيرة التي تاب المكلف منها من أول دليل على أنها توبة كاذبة وأن الراجي الدين ضعيف جدا وأخلق بمن تجرى على سيده ومولاه في دينه ودنياه بعد أن يقول له: أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة إقرارا واعترافا أن يتقدمه ويتأخر عليه ويدعوه إلى البيعة الفاجرة مع قرب عهده بافتضاحه بكبائر الذنوب ورذائل الأخلاق إن لا يكون له دين تدين به ولا عقيدة يستمسك بها.
وثانيا:أن الآية إنما دلت على الرضا عن المؤمنين ونحن نقول: بموجبها فانا نمنع أن يكون أبو بكر وعمر من المؤمنين لتكون الآية متناولة لهما ويؤيده أن جملة ما نقل عنهما من الأقوال والأفعال دال على نفاقهما في الإسلام وسنزيده إيضاحا فيما بعد إن شاء الله.
وأما عثمان فلم يكن حاضرا وقت هذه البيعة وإنه كان قد ذهب إلى مكة رسولا وعلى تقدير حضوره فهو أبعد من صاحبيه وأظهر منهما نفاقا لأنه لم يكن له من الخداع والتدليس والزرق ما كان لهما ولهذا غلبته نفسه الدنية وشدة نهمه حتى فعل ما فعل وقتله الصحابة كما يقتل الكلب العقور.
فان قلت: الآية دالة على أن المبايعين كانون مؤمنين لقوله تعالى: (إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) (الفتح: من الآية18).
قلت: لا دلالة فيها لان الضمير يعود إلى المؤمنين فيخصون بالرضا دون كل مبايع مع أن بيعة أبي بكر وعمر لم تكن صادقة بدليل فرارهما يوم خيبر بعد هذه البيعة بقليل فلم تزدهما البيعة إلا تعدد المعصية وتزايد الفضيحة وهذا بحمد الله واضح السبيل لايحتاج الي دليل.
منقووووووول
تعليق