إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

المشروع العالمي للامام الراحل السيد محمد مهدي الشيرازي قده...

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المشروع العالمي للامام الراحل السيد محمد مهدي الشيرازي قده...

    المشروع العالمي للامام الراحل السيد محمد مهدي الشيرازي قده...



    تبنى الامام الراحل مشروع نشر الاسلام في ربوع الكرة الارضية خاصة في بلاد الغرب والذي اطلق عليه مشروع (أسلمة الغرب) على اعتبار ان الاسلام للناس كافة، وكما لايخفى فان هذا المشروع اليوم يعتبر مشروع القرن خاصة في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي الذي حوَل العالم الى قرية صغيرة.

    تبنى الامام الراحل ايضا الدعوة الى القيم والمبادئ الحضارية والاستراتيجية التي تبناها الاسلام من خلال القران الكريم وسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) كقيم (الاخوة) و (الاُمة الواحدة) و(الحرية) و(الشورى) و (احترام الآخر) و (لا اكراه في الدين) وأمثالها التي وردت في العديد من آيات الكتاب العزيز، والتي تهم الناس جميعاً بغض النظر عن دينهم او موقعهم الجغرافي وما أشبه.

    و ركز الامام الراحل على مشروع الثقافة الاسلامية الصحيحة التي يلزم ان تنتشر بين المسلمين خاصة في بلاد الغرب، والتي تستند على قيمة السلم واللاعنف ونبذ التطرف والكراهية واحتكار الرأي الآخر.

  • #2
    بيان سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)

    بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لرحيل سماحة آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلى الله مقامه)


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمدلله رب العالمين وصلوات الله على خير خلقه محمد المصطفى وعترته الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم الى يوم الدين.

    قال الله تعالى في القرآن الحكيم: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ ...» - الأنفال/24 -

    لقد كان الأخ الأكبر آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي - اعلى الله درجاته - يؤكد تأكيداً كبيراً - ضمن ما يؤكد عليه - على التعبئة الشاملة المتواصلة والمعمقة لإستيعاب ونشر ثقافة القرآن الحكيم وعلوم أهل البيت الطاهرين عليهم السلام. هذين الثقلين العظيمين الذين خلفهما الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في الأمة وأمر الجميع بإتباعهما والتمسك بهما واعلن أن التمسك بهما هو الضمان الوحيد للهداية والنجاة من الضلال.

    فالقرآن الحكيم هو كتاب حياة وسعادة في الدنيا والآخرة وأهل البيت الأطهار (عليهم السلام) هم حملة القرآن وأمناء الله تعالى في الأرض.

    وقد ورد في الحديث الشريف إن ولايتهم واتباع الناس لهم، أجمع لأمرهم وأبقى للعدل فيهم. - بحار الأنوار/ج9/ص21 -

    وكان (رضوان الله عليه) يركز على الإهتمام الأكثر بالتطبيق العملي للآيات القرآنية المنسيّات (عملاً) في معظم المجتمعات مثل آية الأخوة على صعيد الإيمان « إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ...» - الحجرات/10 -وآية الامر بالمعروف والنهى عن المنكر: «وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ...» - آل عمران/104- وآية الحريات المشروعة: «لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ...» - البقرة/256 - وآية نبذ التكلّف في المعيشة والتزام التعايش: «وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ...» - الاعراف/157 -

    وآية الامة الواحدة: «إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً...» - الأنبياء/92 - وآية بسط العدل والإحسان في شتى مرافق الحياة:

    «إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ...» - النحل/90 - وغيرها ... وغيرها.

    فكان (رحمة الله عليه) يواصل هذا التأكيد في كتبه وخطبه ومؤسساته، ومجالسه الخاصة والعامة. وقد شجع الكثير من العلماء والخطباء وطلاب الحوزات العلمية وطلبة الجامعات وغيرهم على الكتابة والخطابة والتأسيس في هذه المجالات مما اسفر عن إندفاع جمهرة منهم لذلك.

    ومما كان يؤكد عليه للعلماء والخطباء والمثقفين: إن يؤلفوا - فيما يؤلفون - خمسة عشر كتاباً عن الله تعالى، وعن المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام).

    وقد اغنى (رحمة الله عليه) المكتبة الإسلامية هذا الزخم الكبير من الكتب بالإضافة إلى (المكتبة الألفية) - وتزيد - التي كتبها بقلمه في مختلف الأصعدة وشتى المجالات.

    كما إنه (قدس سره) وانطلاقاً من المسؤلية الشرعية وأوامر القران الكريم وتعاليم أهل البيت (عليهم السلام) في الإستجابة لله تعالى وللرسول (صلى الله عليه وآله)، كان يحمل هموم المسلمين المؤمنين ويعيش مشاكلهم ومآسيهم حيث كانوا في العراق وافغانستان وفلسطين وغيرها من سائر بلاد الإسلام والأمة الإسلامية في شتى بقاع العالم.

    وفي ما يخص العراق المظلوم - وهو اليوم يمر بمرحلة دقيقة وحساسة - كان (قدس سره) يدعو لتعبئة كافة الشرائح كامل الطاقات لبناء عراق الغد على أسس القرآن الكريم والعترة الطاهرة (عليهم السلام) كي ينعم الجميع شيعة وغير شيعة، ومسلمين وغير مسلمين بكامل الرفاه والخير والسعادة والعدل.

    والله تعالى هو المسؤل ان يحقق للجميع الآمال لمستقبل الإيمان والصلاح والهداية والتوفيق لما يحب ويرضى، وهو ولي ذلك كله ونعم المستعان.

    صادق الشيرازي

    2/شوال المكرم/1425هـ

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم .

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،

      رحم الله المرجع الكبير سماحة السيد الشيرازي وأسكنه فسيح جناته .

      أحسنت أخي الكريم ذو الفقار .. آجرك الله .

      تعليق


      • #4
        إنني أرحل و الله و أهل البيت سلام الله عليهم باقون

        إنني أرحل و الله و أهل البيت سلام الله عليهم باقون

        كان الراحل أعلى الله درجاته يؤكد أن لا يجعل اسمه على أي مشروع خيري ينجر بأمره أو باجازته بل كان يقول : إنني أرحل و الله و أهل البيت سلام الله عليهم باقون، لذلك فان هذه المشاريع ينبغي ان تسمى بإسم الله تعالى أو بإسم الرسول الاكرم صلى الله عليه واله و أهل البيت سلام الله عليهم و كان يقول : اذا كانت هذه المؤسسة تحمل اسم رسول الله فأنا ابنه ، وان كانت تحمل اسم السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها فهي امّي.

        تعليق


        • #5
          في قلوبنا دائماُ





          تعليق


          • #6
            شدة حرصه على العمل بالمشاريع الخيرية

            شدة حرصه على العمل بالمشاريع الخيرية

            كان أعلى الله درجاته حريصا على تعبئة المجتمعات الدينية بالمؤسسات الثقافية والاجتماعية والتربوية و...و قد تصدى مباشرة أو مع جماعة من الاخوان أو بأمره أو بإجازته لتأسيس العشرات من المؤسسات الدينية و الخيرية ، كالمساجد و دور النشر و الحسينيات و غير ذلك.

            تعليق


            • #7
              اخواني الكرام انهار و ميلاد...

              اشكر مروركم بالموضوع و ان الايام ثبتت تباعا عظمة فكر الامام المظلوم الراحل....

              تعليق


              • #8
                رحمه الله وقدس نفسه الزكية .. نعم .. هو بوتقة من الكفاح تبلورت اثارها في شتى خطاه

                تعليق


                • #9
                  مشروع الإمام الشيرازي... خطوات في الوعي والتفعيل

                  http://www.annabaa.org/mlf/anniversa...4/news/074.htm

                  مشروع الإمام الشيرازي... خطوات في الوعي والتفعيل

                  *محمود الموسوي

                  إن العلائم والدلالات التي تثبت أن السيرة الفكرية للإمام الشيرازي، هي مشروع متكامل استوعب أهم المجالات الحياتية التي يحتاجها الإنسان في مسيرته، أوضح من أن يكتب عنها ذلك، لأن مطالعة سريعة جداً على عدد غير مقصود من كتب سماحته، ستثبت للدارس أن هنالك خيطاً جامعاً، وظلاً واحداً، ومقصداً محدداً تسير باتجاهها تلك الأفكار المزدحمة في هذا الكتاب أو ذاك، سواء كان كتاباً علمياً أو اجتماعياً أو سياسياً، فالمسير واحد والاتجاه هو الاتجاه.

                  ونتاج الإمام الشيرازي الفكري بكله ليس مجرد عمل فكري آني مأسور باللحظة وإملاءاتها، وإن كان هذا العمل يصدر لمعالجة مشكلة آنية ومحدّدة في زمان ومكان ما، إلا أنك تجد الربط واضحاً بين طريقة العرض، ووحدة المكونات الفكرية التي تصنع هذه الفكرة الصغيرة، هي ذاتها التي تصنع تلك الفكرة الكبرى، فعندما يعالج على سبيل المثال قضية قلّة الكتابة عند المسلمين، فإنه ينطلق من الفائدة الشخصية التي تعود على الإنسان الكاتب في الآخرة، مستدلاً بقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) : (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو كتب علم ينتفع بها أو ولد صالح يدعوا له)، في الوقت ذاته يمر بالرؤية الثاقبة نحو التأثير المجتمعي والسياسي، فيعرض تأثير الكتاب في محاربة اليهود في القضية الفلسطينية، وتحديات الطغاة للكتاب، وحروب المذهبيين للكتاب، فللوهلة الأولى عندما يأخذ القارئ الكتاب الذي عنونه بـ (الكتاب من لوازم الحياة) يظن أنه سيقف أمام فوائد ذاتية وشخصية تعود على الكاتب من قبيل الثواب، وإن بالغ فإنه سيعتقد أنه سيتناول فائدة المجتمع بالكتاب لكي تعم فيه الفائدة، إلا أنه يفاجئ بانطلاق الكاتب إلى أفق أكثر رحابة ليجيرها في خدمة الأهداف الكبرى، وينقل تفكيره إلى مستويات وطموحات عالية.

                  إننا نجد أنفسنا أمام مشروع فكري منقطع النظير، وإنجاز علمي يعجز عنه الوصف، فهنا لابد أن نقف وقفة تفكير بحجم ذلك المشروع، ونهتم بمقدار أهمية مضامينه، خصوصاً من قبل خريجي هذه المدرسة المباركة التي خرّجت الكثير من الكفاءات العلمية من المجتهدين والعلماء والكتّاب والخطباء والباحثين، تقصد هذه الوقفة أن يأخذ هذا المشروع الفكري الكبير مجراه، بل وحقه في أوسع مساحة للوعي و التفعيل، وبهذا قد تتشكّل مراكز للبحوث ومؤسسات تهتم بذلك، وتستفيد من الذكرى السنوية التي يحتفل بها الكثيرون من مريدي الإمام الشيرازي في مختلف البلدان، لكي لا تتخذ تلك الذكرى مساراً حزيناً وحسب، ولكي لا تقتصر على الجانب العاطفي والاستئناس بما كان عليه الإمام الشيرازي من عظمة في سلوكه.

                  وإن كان جانب التعاطي العاطفي هو من قبيل الاتعاظ بذلك السلوك، وإهداء للثواب الذي يدخل عليه في قبره، مهماً ومبرراً، إلا أن الجانب العلمي والفكري الذي تركه قد يدخل عليه الكثير من الثواب، كما في نص الحديث النبوي : (..أو كتب علم ينتفع بها..)، فجانب الانتفاع له أهمية كبرى وأساسية ليأخذ ذلك الفكر مداه، وبالتالي المقاصد الكبرى التي تتخلله مداها في العالم الخارجي .

                  لأن التعاطي مع ذكرى موت العظماء من العلماء، عندما يفتقر إلى التخطيط ويسلّم قياده للارتجالية والعفوية، لن يحقق ما جاء من أجله أولئك العلماء ولن يدفع باتجاه إكمال المسيرة التي آمنوا بها و عملوا من أجلها وكرّسوا كل جهد من أجل تحقيقها و تفعيلها، و لن يكون ذلك التعاطي مهما بلغ من فائدة بالمستوى الدقي و المطلوب.

                  لقد تعودنا على أن نؤبن علماء الدين من دون النظر الجاد في نتاجهم الفكري، ويغلب على تأبيناتنا طابع الحزن وإحياء الذكرى من أجل عدم نسيان ذلك العالم، وفي المقابل نجد أن الأوساط الفكرية العربية وغيرها عندما تريد إحياء مناسبة لأحد المفكرين، فإنها تعقد الندوات المتخصصة لمناقشة البحوث المتنوعة في نتاج ذلك المفكر، على الرغم من أن في علماء الدين من هم أكثر إنتاجاً وأعمق مقصداً وأنضج فكراً من أولئك، فلم تكن هنالك عادة إحياء الرجل بإحياء علمه وفكره، فكم من عالم نحرير قد طوته ذاكرة النسيان، وكم من مخطوطات ثمينة لعلماء قد أكلتهم دودة الأرض، وأمثلة الاهتمام الفكري كثيرة، منها ما يعقد بمناسبة مرور 100 عام على وفاة عبد الرحمن الكواكبي،فقد عقدت مجموعة ندوات في عدّة بلدان، منها البحرين، يدعى لها جمع من المفكرين المتنوعين، وبرعاية مركز دراسات وبحوث ليتداولوا كتاب يعتبر فريد من نوعه رغم قدمه وهو (طبائع الاستبداد)، وقد أكّد على هذا البعد الباحث الدكتور محمد جابر الأنصاري عندما أرادت إحدى الجهات الرسمية في البحرين أن تكرّمه على نتاجه الفكري الغزير، أبدى استعداده،ولكن على أن يتم التكريم بشكل مختلف، أن تعقد ندوتان لمناقشة النتاج الفكري، ويتم دعوة مفكرين وعلماء من مختلف الأقطار ومختلف التوجهات، فكانت مناقشة جادة أطلّت بالأنصاري على الجمهور بصورة المفكر، وأقبل مجموعة من الناس على قراءة نتاجه لمعرفته، هذا فضلاً عن استفادته شخصياً من هذا التداول.

                  وفي المقابل أذكر مثالاً من البحرين عن العلامة الشيخ حسين العصفور، وهو أحد مراجع التقليد في المنطقة من قبل مائتي عام، وإلى الآن مازال له مقلدون باعتباره يجيز تقليد الميت ابتداء، فقد كانت للعلامة العصفور دورة فقهية استدلالية متميّزة وقد شهد لها بعض الفضلاء بذلك، ولكن مرت مائتي عام ولم يحرك سكونها أحد، وبقيت ضمن المخطوطات في رف قديم، وفي السنوات الأخيرة حاول جمع من العلماء أن يحققوها ويخرجوها إلى النور، وبالفعل خرج منها سبعة أجزاء بعنوان (الأنوار اللوامع في شرح مفاتيح الشرائع)، وتوقفت بعد ذلك بقية الموسوعة، وهكذا الحال مع كثير من العلماء، وبعضهم كانت لهم رؤية متقدّمة سيستفاد منها في عصرنا الحاضر.

                  إن أحوج ما نحتاج إليه في تعاملنا مع شخصية عظيمة، تميّزت بغزارة العلم، وسعة في الجهاد كالإمام الشيرازي (رحمه الله) هو أن لا نضيّع الفرصة في إبراز الفكر و علينا أن نفكّر في الأسلوب الأمثل والطريق الأنسب الذي يتفق مع روح وماهية المادة التي نتعامل معها، وإن كانت أساليب وطرق متعددة، فالمهم أن نتعاطى بقدر العطاء، وأن نمارس التعاطي بقدر الإيمان بأهميته.


                  مبرر الاشتغال الفكري

                  لقد قال الإمام علي (عليه السلام) : (العلم وراثة كريمة)، وقد كان أكبر عطاء لدى الإمام الشيرازي هو تأليف الكتب، التي صبّ فيها علوماً جمة، وهي الامتداد الذي لا ينقطع عن الدنيا بانقطاع عمل الإنسان عنها، وهو الجهد الذي بذله من أجل الصياغة الجديدة لعالم الرفاه والسلام، و من خاصية الإرث أنه ينتقل إلى الآخرين لكي يدفع بالحياة للاستمرار، وهكذا هو العلم بعد موت العالم، فلابد أن ننتحله بعد أن ننقّب فيه ونتداوله لنكتشفه، ونكتشف الرسالة التي أراد الإمام الشيرازي أن يوصلها للأجيال من بعده.

                  فلقد كتب الإمام الشيرازي أكثر من 1065 كتاباً دوّن فيها مجموعة فكرية هائلة حتى عدّ نادرة في التأليف، ولقد وقف كثير من الباحثين أمام هذا الكم الكبير من الكتب وقفة تعجّب وذهول، حتى بلغ الوصف إلى حدّ أن يطلق عليه بالعمل (ألإعجازي) الذي يفوق قدرة البشر العادية، ينقل لنا الكاتب المسيحي أنطوان بارا الذي كانت له ذكريات مع الإمام الشيرازي في الكويت : هذا الإحساس بقوله : (ولا نكون مغالين لو قلنا أن الجهاد الفكري الذي قام به الراحل كان فوق احتمال البشر، فألف كتاب ونيّف ليست نزهة فكرية على مدى خمسين عاماً،بل معاناة متصلة في الصحو والمنام، فمن لا يعرف صعوبة الكتابة والتأليف لا يعرف حجم ما عاشه الإمام الراحل من مكابدة، فلو جمعنا خمسين مؤلفاً وطلبنا منهم أن يؤلفوا نصف هذه الكتب خلال خمسين سنة لعجزوا عنها، فكيف استطاع العقل الملهم للسيد الشيرازي أن يحيط بكل هذه العلوم والأحكام، أليست هذه العلامة تشير إلى جوهر فكره وروحه الخلاّقة التي أخلصت للرواحنيات وارتقت عن مطامع الدنيا فتمكنت بما نفحه الله تعالى من صفاء رؤية وجلاء نظرة أن تصل إلى ما وصلت إليه من إنجاز فكري قل نظيره لا في عصرنا فحسب بل في كل العصور).

                  أليس هذا الكم الكبير الذي يذهل الكتّاب مبرراً لكي نولي هذا العلم الجم الأهمية البالغة و القصوى!.


                  تنوّع التعاطي

                  لقد تناولت الكتب التي ألفها الإمام الشيرازي وسيرته مجموعة من المحاولات و الإشتغالات الفكرية وغيرها من عدد ليس قليلا من المفكرين والعلماء والباحثين، في كتب ومجلات وصحف ومواقع على الإنترنت، ومحاضرات وندوات ومؤتمرات، وقد تنوّع التعاطي مع الإرث العلمي والفكري للإمام الشيرازي.

                  ومن تلك الأنواع، البعد الذي تناول الكم الهائل من الكتب، وما يثير ذلك الإنجاز من دلالات العظمة، مثل مطبوعة (نادرة التأليف) وهي إحصاء عددي ورصد لعناوين الكتب التي ألفها الإمام الشيرازي، وككتاب (الكتاب في فكر الإمام الشيرازي) للكاتب حسن آل حمادة الذي تناول فيه دراسة بببلوجرافية عن مؤلفات الإمام الشيرازي ورؤيته حول الكتاب والتأليف، وكذلك الدراسة التي كتبتها في كتيب بعنوان (معالم العظمة) دراسة إحصائية في مؤلفات الإمام الشيرازي.

                  وهنالك دراسات أخرى هي التي تناولت الفكر بشكل تجزيئي، عبر دراسة بعض المفردات في رؤية الإمام الشيرازي، مثل (الأصالة والحداثة في فكر السيد محمد الشيرازي)، لفيصل العوامي، و كتاب (مسائل التجديد) لعبد الله اليوسف، و (الحرية في فكر الإمام الشيرازي) لعادل علي عجيان، و(السيد محمد الشيرازي ونظرية اللاعنف المسالمة) للكاتب د. سعد الإمارة، و (ماذا عن العولمة في فكر الإمام الشيرازي) لراجي أنور هيفا، أو حول قضايا محددة، مثل القضية العراقية والفلسطينية، وفي هذا المجال كتب مختار الهاشمي (القضية العراقية في فكر وكتب الإمام الشيرازي) .

                  ومن الدراسات ما ألقى الضوء على المواصفات العامة والخصائص المشتركة لفكر الإمام الشيرازي، مثل (السيد محمد الشيرازي ملامح الشخصية وسمات الفكر) للشيخ حسن الصفار، و (الإمام الشيرازي وآفاق الانفتاح المعاصرة) للدكتور ساعد الجابري، و كتاب (الإمام الشيرازي، فكره،منهجه، مواقفه) لعبد الحليم محمد.

                  وهنالك تعاط آخر سلّط الضوء على شخصية الإمام الشيرازي وسماته، وسيرته، وتاريخه، وعائلته، وهي أشبه بالخواطر والترجمات، والقصص الوعظية المستلهمة من طريقة تعامل الإمام الشيرازي مع من حوله، وذكريات ومشاعر، مثال ذلك، (كذلك كان وكذلك فلنكن) لآية الله السيد مرتضى الشيرازي، و (وللشمس صور أخرى) للشيخ علي عبد الرضا، و (محطات من الذاكرة .. لله وللتاريخ) لمحمد تقي باقر، و (الإمام الشيرازي .. فقيه الزمان وسلطان المفكرين) لأنطوان بارا.

                  وكان للبعد الأدبي الشعوري المتمثل في القصة والشعر والخاطرة نصيب في التعاطي مع ذكرى الإمام الشيرازي، وشخصيته وفكره، مثل (كف اليراع) شعر لفريد النمر، و(رحيل أمة) شعر لجاسم الصحيح، و كتاب (مظلومية رجل) لجمال حسين آل إبراهيم، وهو عبارة عن مجموعة قصص قصيرة، وغيرها .

                  ووجه آخر من أوجه التناول الفكري هو دراسة الآثار والإنجازات الواقعية التي حققها الإمام الشيرازي وخطه الفكري في الأشخاص والمجتمعات والحكومات، مثل كتاب (مرجعية الإمام الشيرازي، عمق التحولات وآثار النهضة) لمحمد العليوات، يهتم بدراسة الآثار الثقافية والاجتماعية والسياسية في منطقة الخليج، و (رصد الحركة الفكرية للإمام الشيرازي في البحرين) لحسن الغسرة، و كتاب (معالم مرجعية الإمام الشيرازي في القطيف) لجهاد الخنيزي.

                  ولقد كان للحوارات والندوات والمؤتمرات دور في تناول المدرسة الفكرية للإمام الشيرازي، مثل الندوة التي عقدت في القطيف بمشاركة الشيخ يوسف المهدي في مسجد الإمام الحسن (ع) في 7/10/1423هـ، ومؤتمر الإمام الشيرازي الأول، والثاني المنعقد في العام 1423هـ و 1424هـ برعاية جمعية الرسالة الإسلامية في البحرين، وبمشاركة العديد من الباحثين والعلماء، والندوة التي شارك فيها الشيخ فيصل العوامي بمنطقة الكويكب بالقطيف تحت عنوان (المدرسة الشيرازية بين الاستمرار والتوقف) بمناسبة الذكرى الثانية لرحيل الإمام الشيرازي، وقد كانت هناك حوارت مكتوبة لمجموعة من العلماء، وكذلك انتشرت المهرجانات الخطابية في بلدان كثيرة من العالم احتوت على مجموعة من المحاضرات التي تتناول حياة الإمام الشيرازي.

                  ومن ضمن الاهتمامات التي كانت بارزة هي عرض كتب الإمام الشيرازي والقراءة فيها في الصحف والمجلات ومواقع الإنترنت للتعريف بها وبمضامينها، مثل (فقه العولمة) كتب حوله عدة من الكتاب مثل عباس الجمري، وبشير البحراني، وحسن آل حمادة، نشر كل منها على التوالي في صحيفة الوسط البحرانية، ومجلة البصائر الفصلية، ومجلة الكلمة الفصلية، وهكذا بقية الكتب..


                  خطوات مقترحة

                  يعتبر الإمام الشيرازي استثناء في خلق المجال التداولي لفكره خصوصاً بعد وفاته، وهذا يرجع للنشاط الذي قام به في تأسيس حركة اجتماعية وسياسية واعية في مناطق كثيرة، خرج منها مجموعة من العلماء والنشطاء والكتاب والخطباء، تحمل كثير منهم مسئولية رد الجميل وتبليغ الرسالة التي آمن بها الإمام الشيرازي، وآمن بها مريدوه، وإننا إذ نثمّن الجهود التي تبذل في هذا المجال ونقر بتميّز كثير منها، خصوصاً تلك التي جاءت على شكل دراسات جادة أو ندوات حوارية ومؤتمرات متخصصة، إلا أننا لابد أن نولي المزيد من التفكير في خطوات جديدة، من أجل تخطّي تجارب السابقين الفاشلة، لكي لا نكررها في تعاطينا مع هذا الفكر الكبير.

                  وهنا أضع بعض المقترحات في طريق الوعي بمضامين فكر الإمام الشيرازي والمساهمة في تفعيله في زمن متغيّر، وقد ابتنيت هذه المقترحات على أساس النظر للنتاج الفكري وميزاته العامة والجامعة التي تميز بها والدخول من خصائصه التي قد نستنتجها من قراءتنا للفكر، فلم نر بحثاً في سمات النتاج الفكري و خصائصه، كنتاج لا كمضامين، فهناك دراسات ركّزت على السمات الفكرية للإمام الشيرازي، ويقصد بها المقاصد والآراء التي كان يراها، ولكننا هنا نقصد سمات الإنتاج في الكم والأسلوب وما يرتبط بالزمن وغير ذلك، مما كان للظروف تأثير عليها، أو ما شابه ذلك .

                  ومن تلك المقترحات :

                  1/ لقد كان الإمام الشيرازي يسابق الزمن من أجل أن يخرج ما في وسعه إخراجه من آراء ليخدم بها أكبر عدد ممكن من الناس، وليعالج أكثر عدد ممكن من القضايا، وقد كان هذا السباق على حساب فنيات الأسلوب، لما تقتضيه هذه المادة أولتك، وقد عبر الإمام الشيرازي عن هذه المسألة كما نقل ابنه سماحة السيد مرتضى الشيرازي بقوله بالمعنى، أنني لا أهتم بالأسلوب (التزويق) فهذا أتركه لكم.. أي أن الإمام الشيرازي يريد أن يعطي علماً وفكراً ومضموناً أكثر من اهتمامه بالأسلوب الذي بدوره يأخذ وقتاً من الكاتب وبالتالي سيكون على حساب عدد الأفكار والرؤى، ومن هنا فإن النتاج الفكري للإمام الشيرازي يحتاج إلى إعادة أسلوب، وبالطبع ليس جميع الكتب، بل تلك التي تتسم بالسرعة أو تلك التي كتبت على هيئة نقاط سريعة لحل مشكلة ما ..لأن في بعض كتب الإمام الشيرازي كتباً رصينة وراقية .

                  2/ كثرة التأليف وطول مداه الذي استمر لأكثر من خمسين عاماً، لا شك سبّب في نسيان بعض الكتب القديمة من ذاكرة المجتمع، والتي هي محل ابتلاء أو محل حاجة في عصرنا الحاضر، لأن الإمام الشيرازي كما عرفناه قد تناول الكثير من الأفكار في زمن متقدّم قبل أكثر من ثلاثين عاماً، سبق بها الطروحات الفكرية الأخرى التي جاءت متأخرة عنه، ولكنها محل اهتمام وفائدة، مثل ذلك جدلية الفقيه المثقف التي عالجها في كتاب (المرجعية الإسلامية) عندما كان في كربلاء، وهي جدلية أخذت أقل من عقد من الزمن فقط في تداولها ومازالت، وكذلك كتاب مثل (القواعد الفقهية) الذي كتبه الإمام الشيرازي في كربلاء، باتت الحوزات العلمية الآن بحاجة إلى تدريس هذه المادة العلمية، فقد صدر كتاب جديد بعنوان (دروس تمهيدية في القواعد الفقهية) للشيخ باقر الأيرواني، لاقى رواجاً في بعض الحوزات، يذكر فيه مؤلفه قلّة الكتابة في هذا المجال وذكر أن الفقهاء لم يخصصوا بحثاً بهذا العنوان بل يناقشون القواعد الفقهية ضمن مادة الأصول أو الفقه، وقد أشار لمحاولتين متأخرتين، لم تكن محاولة الإمام الشيرازي التي سبقتهم جميعاً من ضمنها، فاستخراج الكتب النوعية التي كتبت قديماً أمر نحن بحاجة إليه، لتدخل نطاق الفائدة العامة والجديدة، ولتكون متواجدة في الأوساط الثقافية والعلمية.

                  3/ تلك السعة التي كانت بها مؤلفات الإمام الشيرازي من الصعب أن يطلع عليها من يريد أن يطلع على ذلك الفكر، كما أنه من الصعب الحصول على ذلك الكم الهائل من الكتب، إما لعائق مادي أو لعدم توفر جميعهاً في زمن متقارب، وعليه فإن هناك ضرورة لتلخيص مجمل فكر الإمام الشيرازي في شتى المجالات والأبعاد بأسلوب غير مخل بالمطلب، لتكون مرجعاً عاماً يمكن لمن أراد الإطلاع عليه أن يكتفي به، خصوصاً للآخر الذي لم يطلع من قبل على فكر الإمام الشيرازي، مع وجود المؤلفات نفسها لمن أراد التوسع .

                  4/ التجارب التي يمكن أن يستلهما المفكرون والعلماء من تجربة الإمام الشيرازي في مسيرة الاجتهاد والتفكير هي في طريقة تعامله مع الواقع من جهة ومع الفكرة من جهة أخرى، ومعرفة مدى ارتباط الفكرة بالواقع، في المؤثرات وتناول الأبعاد والتفريعات وغيرها، فمن البحوث الجديدة التي يمكن أن تقترح في هذا المجال هي دراسة ارتباط الفكرة عند الإمام الشيرازي بالواقع وبالمتغيرات، ودراسة نوعية ذلك الارتباط، ومدى التغيير الذي حدث في الفكرة (إن وجد) وما هي مسبباتها .

                  5/ النظريات لا شك أنها تعبّر عن نفسها، وهكذا عبّرت نظريات الإمام الشيرازي عن نفسها وعن واقعيتها ومصداقيتها في الكثير من الجوانب، إلا أن البحوث المقارنة أو العرض المقارن مع المماثل يعمل على تجلّي النظرية بأفضل صورة، ويتيح المجال للقارئ معرفة مكامن القوة فيها، هنا تنبثق أهمية البحوث المقارنة التي تتناول فكر الإمام الشيرازي مع ما يماثله من نظريات.

                  6/ لقد أسس الإمام الشيرازي مدرسة واسعة عبارة عن ثروة بشرية منتشرة في أرجاء مختلفة من العالم، وهي بذلك وخصوصاً مع مرور الزمن مختلفة في أفهامها بشكل عام، وهذا الباعث، إضافة إلى مؤثرات المنطقة التي يعيش فيها اجتماعياً وسياسياً، سيكوّن اختلافاً في فهم فكر الإمام الشيرازي ومفرداته، ولكي تتقارب المسافة بين الأفهام في المدرسة الواحدة،ينبغي تغذية الجانب التداولي والتركيز على بعد المناقشة والحوار في هذا الفكر.

                  7/ من الملاحظ أن طريقة الإمام الشيرازي عادة هي الكتابة الموسوعية في كثير من الكتب، بحيث يجمع جميع المسائل المتعلقة بموضوع ما ولو كان عبادياً، فإنه ينطلق منه لمعالجة مسألة قانونية أو سياسية أو فكرية، كما في كتاب الطهارة من الموسوعة الفقهية في مبحث (كراهة الوضوء بالماء الذي أسخنته الشمس) ينطلق الإمام الشيرازي ليعالج المسألة في الدولة الإسلامية وكيف يمكن سن قانون يحضر أن تكون خزانات المياه معرضة للشمس، ويعالج المسألة مقارنة بالفكر الاشتراكي ..

                  وعلى ذلك فهناك العديد من البحوث التي يمكن أن نسميها (ضائعة) أو غائبة في ثنايا الكتب الكبيرة، وعلى الأخص في الموسوعة الفقهية، يمكن أن تستخرج هذه البحوث لتطبع مفردة أو بمعية بحوث مشابهة، استظهاراً لها من أجل أن تعم الفائدة، ولتكتمل بعض البحوث التي بحثها الإمام الشيرازي، ونرى إشارات كثيرة من سماحته بخصوص ذلك عندما يبحث بحثاً معيناً، ويريد التفريع فيه يتوقف فيحيل القارئ لبعض كتبه التي يسميها حيناً ويسكت عنها حيناً آخر، كأن يقول (وقد عالجناه في كتبنا)..

                  وفي الختام .. فنحن أمام نتاج فكري ضخم، وستكون متطلباته في الوعي و التفعيل بمقدار تلك الضخامة، التي ينبغي أن تكثّف فيها البحوث، خصوصاً حول كيفية الاستفادة المثلى من ذلك النتاج، وكيف نقّدمه بصورة مقبولة في الساحة الفكرية والعلمية والاجتماعية.

                  * باحث من البحرين

                  تعليق


                  • #10
                    كان يوصي بجمع شمل المؤمنين

                    أوصي الفقيد الراحل بجمع شمل المؤمنين وبالخصوص العلماء والخطباء وطلاّب العلوم الدينية، فطالما أكّد الفقيد السعيد على جمع شمل المؤمنين تحت مظلّة الله تعالى وأهل البيت سلام الله عليهم.

                    فكلّ مسجد أو حسينية أو مؤسسة أو مكتبة تنتهي إلى الله يلزم أن تكون مجمعاً لكلّ الفئات من المؤمنين رغم اختلاف مستوياتهم وأعمارهم ومراتبهم العلمية والاجتماعية.

                    تعليق


                    • #11
                      شكرا جزيلا
                      و عظم الله أجورنا و اجوركم برحيل المرجع الديني الأعلى المظلوم آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي قدس سره

                      تعليق


                      • #12
                        بوركت الانامل التي تبرز و تعظم مثل هؤلاء العظماء .

                        اللهم صلي على محمد و آل محمد ،،،،

                        رحمك الله سيدي و اسكنك فسيح جناته مع اجدادك الطاهرين .

                        تعليق


                        • #13
                          رحمة الله عليه

                          تعليق


                          • #14
                            الإمام الشيرازي والقضايا المعاصرة

                            الشيخ عبدالله أحمد اليوسف*

                            يعتبر الإمام الشيرازي واحداً من أبرز دعاة الإصلاح والتجديد في القرن العشرين، فقد كان مجدداً في الفقه ، ومجدداً في الفكر والثقافة، ومجدداً في الحوزات العلمية، ومجدداً في المرجعية الدينية، وقد امتلك الإمام الشيرازي عقلية مبدعة ومبتكرة مكنته من الإبداع والتجديد والتطوير في مختلف حقول المعارف الدينية.

                            وقد قام الإمام الشيرازي بالفعل بتأليف الكثير من الكتب التي تتناول القضايا المعاصرة، والمسائل المستجدة، كما أجاب في العديد من كتبه عن الكثير من الإشكاليات المطروحة عن الإسلام، وتمكن من عرض مبادئ الإسلام وقيمه ومثله للأجيال المعاصرة .

                            وسأتناول محورين مهمين حول التجديد في فكر الإمام الشيرازي :

                            1- المجال الفقهي .

                            2- المجال الفكري .

                            المجال الفقهي

                            ضرورة التجديد في الفقه ينبع من ضرورة مواكبة متغيرات العصر، وملاحقة تطوراته ومستجداته، وتوضيح الرأي الشرعي تجاه كل حدث من الحوادث الواقعة .

                            وتنبع أهمية وجود المجتهد المطلق من قدرته على الإجابة على أسئلة العصر، والإبداع في معالجة القضايا الجديدة، وليس فقط ممارسة الاجتهاد في المسائل العبادية للفرد المسلم، إذ أن المطلوب من المجتهد في كل عصر هو معالجة قضايا عصره، والإجابة على أسئلة زمانه، وعدم الاقتصار على ماسبق للفقهاء المتقدمين أن أجابوا عليه، وإلا فإن الاجتهاد يفقد حيويته وقدرته على مواكبة المتغيرات الزمانية والمكانية.

                            ولا يمكن للتراث الفقهي ـ رغم ضخامته و أهميته ـ أن يجيب على تساؤلات العصر، بل المطلوب من المجتهد المعاصر ممارسة الاجتهاد في القضايا الجديدة كما القديمة ؛لأن الاجتهاد يجب أن يشمل جميع القضايا بما فيها المسائل المعاصرة .

                            وفي كل عصر يبرز من الفقهاء من يتميز بالنبوغ والعبقرية والذكاء الخارق مما يؤهلهم للتجديد في الفقه وأصوله، ومعالجة قضايا العصر بأسلوب استدلالي معمق، وهذا ما يعطي للفقهاء القدرة على مواكبة قضايا العصر، واستحداث أبواب جديدة في الفقه للإجابة على تساؤلات العصر و إشكالياته .

                            وقد كان الإمام الشيرازي من أبرز من لمع في هذا المجال في العقود الأخيرة من القرن العشرين، حيث تعتبر موسوعته الفقهية سيدة الموسوعات على الإطلاق، إذ لا توجد موسوعة فقهية ـ لحد الآن ـ قد وصلت من حيث الحجم أو من حيث البحوث الجديدة أو التفريعات الكثيرة كما هو عليه الحال في موسوعة الإمام الشيرازي الفقهية .

                            لقد وصلت موسوعة الإمام الشيرازي إلى 150 مجلداً من المجلدات الكبيرة، وقد تميزت هذه الموسوعة بالعديد من المميزات التي تميزها عن غيرها من الموسوعات الفقهية وأبرزها :

                            1- استعراض مختلف الأدلة .

                            2- كثرة التفريعات .

                            3- استحداث أبواب جديدة .

                            المجال الفكري

                            أسس الإمام الشيرازي مدرسة فكرية مستنيرة، وبلور منظومة فكرية متكاملة، وقد أنتج سماحته العديد من الأفكار الجديدة أو المتجددة التي كانت تستهدف بعث روح النهضة والإحياء في الأمة الإسلامية .

                            وقد مارس الإمام الشيرازي في كتبه ومحاضراته نقداً للواقع المزري الذي يعيشه المسلمون نتيجة لا بتعادهم عن أخلاق وقيم الإسلام ... هذا من جانب، ومن جانب آخر كان يدعو دائماً للعمل بالإسلام، والأخذ بالأسباب الطبيعية من أجل استعادة حضارة الإسلام التي كانت في يوم من الأيام ا مبعث النور و العلم والتقدم والتحضر في العالم كله .

                            إن ما يميز الإمام الشيرازي ـ شأنه في ذلك شأن سائر المصلحين والمجددين ـ أنه كان يحمل هموم الأمة بقوة، ويسعى من أجل استنهاضها وإحياء حضارتها، وكان همه الأكبر استعادة الإسلام إلى الحياة، وتوحيد الأمة الإسلامية في كيان واحد .

                            وقد عاش الإمام الشيرازي متفاعلاً مع قضايا العصر، وجديد الفكر والثقافة، فكان يُسَارع إلى إنتاج ما يراه مناسبا من ثقافة وفكر يتلاءم ومتطلبات العصر، فعندما بدأ البث المباشر عبر الأقمار الصناعية كتب أكثر من كتاب عن كيفية التعامل مع هذا المنجز العلمي الحديث مع ما فيه من إيجابيات وسلبيات .

                            وعندما أخذت مسألة ( العولمة ) تشغل الساحة الفكرية والسياسية في العالم كتب كتابه (فقه العولمة).

                            ولما كثر الحديث عن البيئة وما تحدثه الصناعات الحديثة من أضرار جسيمة بالبيئة كتب كتابه القيم ( البيئة )، وقد وضح فيه رؤية الإسلام لقضايا البيئة وطرق الحفاظ على نظافة البيئة .

                            وهكذا كان الإمام الشيرازي ( قدس سره ) مستوعباً لمنطق العصر، متابعاً لمتغيراته، متفاعلا مع كل جديد في عالم الفكر والثقافة، وهذا ما ساعده على إنتاج و بلورة ( منظومة فكرية مستنيرة) ساهمت في تجديد أوتجدد المعارف الدينية ، وتطوير الخطاب الديني إن من حيث الصياغة أو المضمون .


                            * من كلمة القاها في حسينية أهل البيت (عليهم السلام) بالخويلدية ليلة الأربعاء 26/9/1425هـ/10/11/2004م كلمة في الذكرى السنوية لرحيل الإمام الشيرازي (قدس سره).

                            تعليق

                            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                            حفظ-تلقائي
                            x

                            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                            صورة التسجيل تحديث الصورة

                            اقرأ في منتديات يا حسين

                            تقليص

                            لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                            يعمل...
                            X