سيادة لا ينتهكها فيلتمان
حسام عيتاني
آراء السفير الاميركي جيفري فيلتمان في قانون الانتخابات العتيد والصحافة اللبنانية وضرورة قيام علاقات دبلوماسية بين بيروت ودمشق، بعد انسحاب القوات السورية والتنفيذ الكامل للقرار 1559 بطبيعة الحال، ورفضه لو كان لبنانيا ان تستولي <<جماعات غير حكومية>> على دور الدولة في تحديد مصير الحرب والسلم في البلاد، هي من لزوم ما لا يلزم. كان يمكنه ان يحتفظ بها لنفسه او ان يعرضها امام زواره الذين يَسمَح لهم بالدخول الى مقره المحصن بعد تفتيشهم من اعلى الى اسفل، وبالعكس، ومن دون ان يتغير أي شيء على اللبنانيين.
ليس من المجدي الطلب من فيلتمان ان يكون سفيرا ويصمت او استنكار تدخله في الشؤون الداخلية اللبنانية وتقديمه النصائح حول كيف يجب ان تكون العلاقات بين لبنان وسوريا. فهذه بلاد مستباحة من بابها الى محرابها، وفي وسع كل من هب ودب ان يقول ما يريد وان يريد ما يكون، اضافة الى ان ما قاله السيد السفير يندرج في خانة ما بات يشبه التقليد المتبع من سفراء الولايات المتحدة ومبعوثي دول اقل اهمية بكثير، يرون ان من حقهم ارشاد مواطني لبنان المضطربين والتائهين، الى الصواب، من باب النصيحة الاخوية او الشفقة لا اكثر، مع ملاحظة ان السفير اللبق امتنع عن الخوض في مسألة وحيدة وهي اطلاق سراح سمير جعجع او عودة ميشال عون، باعتبارها <<قضايا على اللبنانيين ان يقرروها>>، مع ان المذكورين من أعلام التيار السيادي ورموزه.
وما طلاقة لسان فيلتمان دليل ديموقراطية تفتقدها الدول العربية الاخرى، بل مثال على اندثار الدولة وانحطاطها، واستعادة لزمن <<حكم القناصل>>. فالاعراف الدبلوماسية في اعرق البلدان ديموقرطية، لا تحتمل ان يحدد سفير اجنبي شكل قانون الانتخابات الذي يراه مناسبا.
كما ان الشؤون الداخلية والعلاقات مع سوريا من المواضيع الجذابة التي امعن اللبنانيون والسوريون في التغني بمتانتها وعمقها، الى درجة ضاق معها صدر مجلس الامن (الحسود) واصدر قراره الشهير، مؤديا دور هادم اللذّات ومفرق الجماعات.
المسألة ليست في ما يدلي به هذا السفير او ذاك المفوض السامي، بل في وقع ما يقول في نفوس وآذان كهّان التيار السيادي. فهل سيرون في تصريحات فيلتمان انتهاكا للسيادة ام هل سيتبرع احدهم للكشف عن ان فيلتمان انما ينطق باسم الضمير اللبناني؟ وليس من المستغرب ان يستعير بعض السياديين مقتطفات من اقوال السفير ليرددها سعيدا بما وجده فيها من حكمة على غرار ما فعل ميشال عون في كلمته الى منتدى حواري في بلدة الحدث استحسن ان يكرر فيها ما قاله مسؤول اميركي قبله بأيام عن ان أمام السوري في لبنان واحدا من خيارين، إما الاستسلام الوقائي على طريقة معمر القذافي، وإما الدمار والهزيمة على طريقة صدام حسين. وعون هذا، هو المخطط لانقلاب عسكري على السلطة الشرعية اللبنانية قبل اجتياح العام 1982 لتسليم الحكم الى بشير الجميل، وفق ما ذكره الآن مينارغ في كتابه <<اسرار الحرب اللبنانية>>. خطة لانقلاب عسكري هي نموذج ما يراه بعض السياديين من تجسيد لافكار الاستقلال والخروج من ربقة الوصاية الخارجية.
جانب آخر من المسألة يجوز اختصاره في ان تصريحات فيلتمان التي لا تنتهك السيادة وفق تعريفات التيار السيادي، ليست إلا تنويعة على مشهد يأبى الممثلون الرئيسيون فيه الاقتناع بإفلاسهم وإخفاقهم المريع.
حسام عيتاني
آراء السفير الاميركي جيفري فيلتمان في قانون الانتخابات العتيد والصحافة اللبنانية وضرورة قيام علاقات دبلوماسية بين بيروت ودمشق، بعد انسحاب القوات السورية والتنفيذ الكامل للقرار 1559 بطبيعة الحال، ورفضه لو كان لبنانيا ان تستولي <<جماعات غير حكومية>> على دور الدولة في تحديد مصير الحرب والسلم في البلاد، هي من لزوم ما لا يلزم. كان يمكنه ان يحتفظ بها لنفسه او ان يعرضها امام زواره الذين يَسمَح لهم بالدخول الى مقره المحصن بعد تفتيشهم من اعلى الى اسفل، وبالعكس، ومن دون ان يتغير أي شيء على اللبنانيين.
ليس من المجدي الطلب من فيلتمان ان يكون سفيرا ويصمت او استنكار تدخله في الشؤون الداخلية اللبنانية وتقديمه النصائح حول كيف يجب ان تكون العلاقات بين لبنان وسوريا. فهذه بلاد مستباحة من بابها الى محرابها، وفي وسع كل من هب ودب ان يقول ما يريد وان يريد ما يكون، اضافة الى ان ما قاله السيد السفير يندرج في خانة ما بات يشبه التقليد المتبع من سفراء الولايات المتحدة ومبعوثي دول اقل اهمية بكثير، يرون ان من حقهم ارشاد مواطني لبنان المضطربين والتائهين، الى الصواب، من باب النصيحة الاخوية او الشفقة لا اكثر، مع ملاحظة ان السفير اللبق امتنع عن الخوض في مسألة وحيدة وهي اطلاق سراح سمير جعجع او عودة ميشال عون، باعتبارها <<قضايا على اللبنانيين ان يقرروها>>، مع ان المذكورين من أعلام التيار السيادي ورموزه.
وما طلاقة لسان فيلتمان دليل ديموقراطية تفتقدها الدول العربية الاخرى، بل مثال على اندثار الدولة وانحطاطها، واستعادة لزمن <<حكم القناصل>>. فالاعراف الدبلوماسية في اعرق البلدان ديموقرطية، لا تحتمل ان يحدد سفير اجنبي شكل قانون الانتخابات الذي يراه مناسبا.
كما ان الشؤون الداخلية والعلاقات مع سوريا من المواضيع الجذابة التي امعن اللبنانيون والسوريون في التغني بمتانتها وعمقها، الى درجة ضاق معها صدر مجلس الامن (الحسود) واصدر قراره الشهير، مؤديا دور هادم اللذّات ومفرق الجماعات.
المسألة ليست في ما يدلي به هذا السفير او ذاك المفوض السامي، بل في وقع ما يقول في نفوس وآذان كهّان التيار السيادي. فهل سيرون في تصريحات فيلتمان انتهاكا للسيادة ام هل سيتبرع احدهم للكشف عن ان فيلتمان انما ينطق باسم الضمير اللبناني؟ وليس من المستغرب ان يستعير بعض السياديين مقتطفات من اقوال السفير ليرددها سعيدا بما وجده فيها من حكمة على غرار ما فعل ميشال عون في كلمته الى منتدى حواري في بلدة الحدث استحسن ان يكرر فيها ما قاله مسؤول اميركي قبله بأيام عن ان أمام السوري في لبنان واحدا من خيارين، إما الاستسلام الوقائي على طريقة معمر القذافي، وإما الدمار والهزيمة على طريقة صدام حسين. وعون هذا، هو المخطط لانقلاب عسكري على السلطة الشرعية اللبنانية قبل اجتياح العام 1982 لتسليم الحكم الى بشير الجميل، وفق ما ذكره الآن مينارغ في كتابه <<اسرار الحرب اللبنانية>>. خطة لانقلاب عسكري هي نموذج ما يراه بعض السياديين من تجسيد لافكار الاستقلال والخروج من ربقة الوصاية الخارجية.
جانب آخر من المسألة يجوز اختصاره في ان تصريحات فيلتمان التي لا تنتهك السيادة وفق تعريفات التيار السيادي، ليست إلا تنويعة على مشهد يأبى الممثلون الرئيسيون فيه الاقتناع بإفلاسهم وإخفاقهم المريع.