[poem font="Simplified Arabic,4,darkblue,normal,normal" bkcolor="coral" bkimage="backgrounds/8.gif" border="double,9,darkblue" type=0 line=1 align=center use=ex num="0,black"]
خطاب الى يزيد
إرمِ السماء بنظرة استهزاء = واجعل شرابك من دم الأشلاءِ
واسحق بظلـَّك كلَّ عرض ناصع = وأبح لنعلك أعظم الضعفاءِ
واملأ سراجك، إن تَقَضّى زيتهُ = مما تدرُّ نواضب الأثداءِ
واخلع عليه كما تشاء ذبالة = هدب الرضيع وحلمة العذراءِ
واسدر بغيـَّك يا يزيد، فقد ثوى = عنك الحسين ممزَّق الأحشاءِ
والليل أظلم والقطيع كما ترى = يرنو إليك بأعين بلهاءِ
أحنى لسوطك شاحبات ظهوره = شأن الذليل ودبَّ في استرخاءِ
وإذا اشتكى فمن المغيث وإن غفا= أين المهيب به إلى العلياءِ
* * *
مثَّلت غدرك فاقشعرَّ لهوله = قلبي وثار وزلزت أعضائي
واستقطرت عيني الدموع ورنقت = فيها بقايا دمعة خرساءِ
يطفو ويرسب في خيالي دونها = ظلٌّ أدقُّ من الجناح النائي
أبصرت ظلك يا يزيد يرجُّه = موج اللهيب وعاصف الأنواءِ
رأس تكلّل بالخنا واعتاض عن = ذاك النضار بحيَّة رقطاء
ويدان موثقتان بالسوط الذي = قد كان يعبث أمسِ بالأحياءِ
قم فاسمع اسمك وهو يغدو سبة = وانظر لمجدك وهو محض هباءِ
وانظر إلى الأجيال يأخذ مقبل = عن ذاهب ذكرى أبي الشهداءِ
كالمشعل الوهّاج إلا إنها = نور الإله يجل عن إطفاءِ
* * *
عصفت بي الذكرى فألقت ظلّها = في ناظريَّ كواكب الصحراءِ
مبهورة الأضواء يغشى ومضها = أشباح ركب لجَّ في الإسراءِ
أضفى عليه الليل ستراً حِيك من = عرف الجنان ومن ظلال (حراءِ)
أسرى ونام فليس إلا هِمَّة = باسم الحسين، وجهشة استبكاءِ
تلك ابنة الزهراء ولهى راعها = حلم ألمَّ بها مع الظلماءِ
تنبي أخاها وهي تخفي وجهها = ذعراً وتلوي الجيد من إعياءِ
عن ذلك السهل الملبَّد يرتمي = في الاُفق مثل الغيمة السوداءِ
يكتظ بالأشباح ظمأى حشرجت = ثم أشرأبَّت في انتظار الماءِ
مفغورة الأفواه إلا جثَّة = من غير رأس، لطخت بدماءِ
زحفت إلى ماء تراءى ثمّ لم = تبلغه وانكفأت على الحصباءِ
غير الحسين تصدّه عما انتوى = رؤيا فكُفـَّي با ابنة الزهراءِ
مَن للضعاف إذا استغاثوا والتظت = عينا (يزيد) سوى فتى الهيجاءِ
* * *
بأبي عطاشى لاغبين ورضّعاً = صُفر الشفاه خمائص الأحشاءِ
أيد تمدُّ إلى السماء وأعين = ترنو إلى الماء القريب النائي
طام أحل لكل صاد ورده = من سائب يعوي، ومن رقطاءِ
عزَّ الحسين وجلَّ عن أن يشتري = ريَّ الغليل بخطَّة نكراءِ
آلى يموت ولا يوالي مارقاً = جمّ الخطايا، طائش الأهواءِ
فليصرعوه كما أرادوا إنما= ما ذنب أطفال وذنب نساءِ
* * *
عاجت بي الذكرى عليها ساعة = مرَّ الزمان بها على استحياءِ
خفقت لتكشف عن رضيع ناحل = ذبلت مراشفه، ذبول خباءِ
ظمآن بين يدي أبيه كأنه = فرخ القطاة يدفُّ في النكباءِ
لاح الفرات له فأجهش باسطاً = يمناه نحو اللجَّة الزرقاءِ
واستشفع الأبُ حابسيه على الصدى = بالطفل يومىءُ باليد البيضاءِ
رجّى الرواء فكان سهماً حزَّ في = نحر الرضيع وضحكة استهزاءِ
فاهتزَّ واختلج اختلاجة طائر= ظمآن رفَّ ومات قرب الماءِ
* * *
ذكرى ألمت فاقشعرَّ لهولها = قلبي وثار وزلزلت أعضائي
واستقطرت عيني الدموع ورنَّقت = فيها بقايا دمعة خرساءِ
يطفو ويرسب في خيالي دونها = ظلٌّ أدقُّ من الجناح النائي
حيران في قعر الجحيم معلق = ما بين ألسنة اللظى الحمراءِ
* * *
البصرة - بدر شاكر السيّاب
[/poem]
خطاب الى يزيد
إرمِ السماء بنظرة استهزاء = واجعل شرابك من دم الأشلاءِ
واسحق بظلـَّك كلَّ عرض ناصع = وأبح لنعلك أعظم الضعفاءِ
واملأ سراجك، إن تَقَضّى زيتهُ = مما تدرُّ نواضب الأثداءِ
واخلع عليه كما تشاء ذبالة = هدب الرضيع وحلمة العذراءِ
واسدر بغيـَّك يا يزيد، فقد ثوى = عنك الحسين ممزَّق الأحشاءِ
والليل أظلم والقطيع كما ترى = يرنو إليك بأعين بلهاءِ
أحنى لسوطك شاحبات ظهوره = شأن الذليل ودبَّ في استرخاءِ
وإذا اشتكى فمن المغيث وإن غفا= أين المهيب به إلى العلياءِ
* * *
مثَّلت غدرك فاقشعرَّ لهوله = قلبي وثار وزلزت أعضائي
واستقطرت عيني الدموع ورنقت = فيها بقايا دمعة خرساءِ
يطفو ويرسب في خيالي دونها = ظلٌّ أدقُّ من الجناح النائي
أبصرت ظلك يا يزيد يرجُّه = موج اللهيب وعاصف الأنواءِ
رأس تكلّل بالخنا واعتاض عن = ذاك النضار بحيَّة رقطاء
ويدان موثقتان بالسوط الذي = قد كان يعبث أمسِ بالأحياءِ
قم فاسمع اسمك وهو يغدو سبة = وانظر لمجدك وهو محض هباءِ
وانظر إلى الأجيال يأخذ مقبل = عن ذاهب ذكرى أبي الشهداءِ
كالمشعل الوهّاج إلا إنها = نور الإله يجل عن إطفاءِ
* * *
عصفت بي الذكرى فألقت ظلّها = في ناظريَّ كواكب الصحراءِ
مبهورة الأضواء يغشى ومضها = أشباح ركب لجَّ في الإسراءِ
أضفى عليه الليل ستراً حِيك من = عرف الجنان ومن ظلال (حراءِ)
أسرى ونام فليس إلا هِمَّة = باسم الحسين، وجهشة استبكاءِ
تلك ابنة الزهراء ولهى راعها = حلم ألمَّ بها مع الظلماءِ
تنبي أخاها وهي تخفي وجهها = ذعراً وتلوي الجيد من إعياءِ
عن ذلك السهل الملبَّد يرتمي = في الاُفق مثل الغيمة السوداءِ
يكتظ بالأشباح ظمأى حشرجت = ثم أشرأبَّت في انتظار الماءِ
مفغورة الأفواه إلا جثَّة = من غير رأس، لطخت بدماءِ
زحفت إلى ماء تراءى ثمّ لم = تبلغه وانكفأت على الحصباءِ
غير الحسين تصدّه عما انتوى = رؤيا فكُفـَّي با ابنة الزهراءِ
مَن للضعاف إذا استغاثوا والتظت = عينا (يزيد) سوى فتى الهيجاءِ
* * *
بأبي عطاشى لاغبين ورضّعاً = صُفر الشفاه خمائص الأحشاءِ
أيد تمدُّ إلى السماء وأعين = ترنو إلى الماء القريب النائي
طام أحل لكل صاد ورده = من سائب يعوي، ومن رقطاءِ
عزَّ الحسين وجلَّ عن أن يشتري = ريَّ الغليل بخطَّة نكراءِ
آلى يموت ولا يوالي مارقاً = جمّ الخطايا، طائش الأهواءِ
فليصرعوه كما أرادوا إنما= ما ذنب أطفال وذنب نساءِ
* * *
عاجت بي الذكرى عليها ساعة = مرَّ الزمان بها على استحياءِ
خفقت لتكشف عن رضيع ناحل = ذبلت مراشفه، ذبول خباءِ
ظمآن بين يدي أبيه كأنه = فرخ القطاة يدفُّ في النكباءِ
لاح الفرات له فأجهش باسطاً = يمناه نحو اللجَّة الزرقاءِ
واستشفع الأبُ حابسيه على الصدى = بالطفل يومىءُ باليد البيضاءِ
رجّى الرواء فكان سهماً حزَّ في = نحر الرضيع وضحكة استهزاءِ
فاهتزَّ واختلج اختلاجة طائر= ظمآن رفَّ ومات قرب الماءِ
* * *
ذكرى ألمت فاقشعرَّ لهولها = قلبي وثار وزلزلت أعضائي
واستقطرت عيني الدموع ورنَّقت = فيها بقايا دمعة خرساءِ
يطفو ويرسب في خيالي دونها = ظلٌّ أدقُّ من الجناح النائي
حيران في قعر الجحيم معلق = ما بين ألسنة اللظى الحمراءِ
* * *
البصرة - بدر شاكر السيّاب
[/poem]
تعليق