..قال لبنان، بأكثريته الساحقة، أمس، وعبر التظاهرات الحاشدة التي ملأت قلب بيروت، كلمته بأعلى الصوت: لا للتدخل الدولي ممثلاً بقرار مجلس الأمن 1559، نعم للمقاومة ممثلة ب<<حزب الله>>، التي وصفها القرار بالميليشيا، نعم للأخوّة مع سوريا التي استهدف القرار ضربها.
ولقد جاءت الوفود المشاركة في هذه المسيرة التي ندر أن شهد لبنان مثيلاً لها في عديدها وفي انضباط المشاركين فيها من مختلف أنحاء البلاد بشمالها وجنوبها وبقاعها والجبل إضافة إلى بيروت التي استعادت شيئاً من ألقها كحاضنة للمطالب الوطنية بتعبيراتها المتعددة.
شارك في التظاهرة مجموع التنظيمات الداعية إليها، وغاب عنها طرفان معارضان: الأول كان ممثلاً بموقفه برغم غيابه (وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي، والحزب الشيوعي، والرئيس رفيق الحريري، وقوى وتيارات يسارية وديموقراطية عدة)، والثاني ممثلاً بقرنة شهوان ومن معها، وقد حاول بعض وجوهه التخفيف من أهمية هذا الحشد ودلالاته السياسية، بدءاً بمحاولة تحجيم التظاهرة وتصويرها بأنها لم تجمع أكثر من مئة ألف، وبالتالي فقد قصّرت عن الوصول إلى رقم المليون الذي تعهد به منظموها... علماً بأن بعض وكالات الأنباء الأجنبية قدرت أعداد المتظاهرين بربع مليون، وانتهاءً بالتشكيك بهوية المشاركين بالادعاء أن بينهم الكثير من <<غير اللبنانيين>>.
ولقد أكدت التظاهرة الانقسام السياسي بين أكثرية حاسمة تؤيد توجه الحكم والعلاقة مع سوريا، وقوى وجماعات معارضة تمثل أقلية سياسية وشعبية يأخذها الشعور بافتقاد القدرة على التأثير إلى حد التعامي عن الواقع والادعاء أنها وحدها تمثل لبنان... وبين المفارقات أنها تحاول الإيحاء بأن جنبلاط وحزبه وسائر اليساريين ضمنها، في حين أن هذه القوى السياسية قد ميزت تماماً بين موقفها من التمديد ومواقفها المبدئية من حرب التدخل الدولي على المقاومة، وعلى الدور السوري في لبنان، مؤكدة دعمها للمقاومة وضرورة تصحيح العلاقة مع سوريا بما يعززها ويجعلها في صالح الشعبين الشقيقين، بما في ذلك التعاون العسكري المفتوح.
على ان المحصلة السياسية لتظاهرة أمس سوف تكون بندا دائما على جدول اعمال القوى السياسية الموالية والمعارضة داخليا وخارجيا، وذلك ربطا بأن خلفية التحرك الذي قام امس والهدف منه هو التأكيد على ان وجهة النظر الرافضة لهذا النوع من التدخل الدولي (الاميركي أساساً) في لبنان ليس وجهة اقلية في البلاد كما تحاول اوساط سياسية وإعلامية معارضة الايحاء، والتي تتناغم بصورة لافتة مع تقارير وبيانات السفارات الغربية في بيروت التي تقول بأن الغالبية العظمى من اللبنانيين معارضة للوجود السوري وداعمة للقرار 1559.
وإذا كان يصعب على احد تجاهل حدث أمس الابرز في بيروت منذ سنوات بعيدة، فإن من غير المنطقي ان يستند المنظمون والمشاركون في تحرك أمس للقول إنهم هم وحدهم البلد، ما يؤدي الغرض نفسه الذي تعمل عليه قوى نافذة في المعارضة. وبالتالي فإن من المنتظر أن تستثمر الدولة والحكم وسوريا أيضا حشد أمس لأجل إطلاق دينامية حوار سياسي مباشر بين القوى كافة ربطا بأن المناخ السياسي القائم في الشارع قد بات ظاهرا للعيان، وان بالمقدور التوصل إلى نقاط تفاهم تجنب البلاد أي موجة توتر إضافية، خصوصا ان البلاد مقبلة على انتخابات نيابية خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وكالعادة حاول المعارضون، بعد تقليل أعداد المشاركين، الادعاء ان بين المتظاهرين قسماً ملحوظاً من غير اللبنانيين وأن الدولة والحكومة سخرت امكاناتها لتسيير الناس وإجبارهم على التظاهر. وقال النواب بطرس حرب ونائلة معوض وفارس سعيد ان الحكومة مسؤولة عما حصل من تحريض وانها فشلت حتى في الحصول على تغطية شعبية لمواقفها، ودعا المعارضون الحكومة الى الاستقالة.
وكانت الاستعدادات قد بدأت منذ الصباح الباكر في بيروت والمناطق، وتوجهت مسيرات سيارة من الجنوب والبقاع والشمال والجبل، الى مناطق التجمع في محلة قصقص ودوار شاتيلا والمتحف في بيروت، وتحت شعار <<التظاهرة الوطنية الكبرى رفضاً للقرار 1559 ودعماً للمقاومة وسوريا>> حمل المتظاهرون الأعلام اللبنانية والسورية والفلسطينية، ولافتات ترفض القرار الدولي وتشيد بالمقاومة وسوريا وتدين التدخل الاميركي والفرنسي، كما حمل المتظاهرون صورة كاريكاتورية للسفير الاميركي جيفري فيلتمان ترفض تدخل بلاده في الشؤون اللبنانية... إضافة إلى رفع صور الرئيسين إميل لحود وبشار الأسد.
وعند الثانية من بعد الظهر، ووسط مواكبة أمنية انطلقت المسيرة من محاور جسر المطار، الكولا، قصقص، سباق الخيل، مستديرة شاتيلا، وسلكت طريق بشارة الخوري في اتجاه ساحة الشهداء، وبمشاركة وزارية ونيابية وقيادات الأحزاب المنظمة للتظاهرة.
وكانت المجموعات المشاركة من المناطق قد تجمعت منذ ساعات الصباح الأولى في ساحات القرى والبلدات والمدن حيث كانت الحافلات وسيارات النقل في انتظارها تمهيدا للانتقال إلى بيروت، وسط إقفال المحال التجارية والمدارس. وكان لافتا الحشد الخاص الذي جاء من مناطق عكار وإقليم الخروب وصيدا والبقاع بغربه وشماله ووسطه.
وعلى الصعيد التربوي أقفلت معظم المدارس الخاصة إفساحا في المجال امام الاساتذة والطلاب للمشاركة في التظاهرة، بينما واصلت المدارس الرسمية الدراسة كالمعتاد باستثناء بعض المدارس التي توقفت عن إعطاء الدروس عند الثانية عشرة ظهرا، وكذلك فعلت بعض المؤسسات والمصالح المستقلة من بينها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
ولقد جاءت الوفود المشاركة في هذه المسيرة التي ندر أن شهد لبنان مثيلاً لها في عديدها وفي انضباط المشاركين فيها من مختلف أنحاء البلاد بشمالها وجنوبها وبقاعها والجبل إضافة إلى بيروت التي استعادت شيئاً من ألقها كحاضنة للمطالب الوطنية بتعبيراتها المتعددة.
شارك في التظاهرة مجموع التنظيمات الداعية إليها، وغاب عنها طرفان معارضان: الأول كان ممثلاً بموقفه برغم غيابه (وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي، والحزب الشيوعي، والرئيس رفيق الحريري، وقوى وتيارات يسارية وديموقراطية عدة)، والثاني ممثلاً بقرنة شهوان ومن معها، وقد حاول بعض وجوهه التخفيف من أهمية هذا الحشد ودلالاته السياسية، بدءاً بمحاولة تحجيم التظاهرة وتصويرها بأنها لم تجمع أكثر من مئة ألف، وبالتالي فقد قصّرت عن الوصول إلى رقم المليون الذي تعهد به منظموها... علماً بأن بعض وكالات الأنباء الأجنبية قدرت أعداد المتظاهرين بربع مليون، وانتهاءً بالتشكيك بهوية المشاركين بالادعاء أن بينهم الكثير من <<غير اللبنانيين>>.
ولقد أكدت التظاهرة الانقسام السياسي بين أكثرية حاسمة تؤيد توجه الحكم والعلاقة مع سوريا، وقوى وجماعات معارضة تمثل أقلية سياسية وشعبية يأخذها الشعور بافتقاد القدرة على التأثير إلى حد التعامي عن الواقع والادعاء أنها وحدها تمثل لبنان... وبين المفارقات أنها تحاول الإيحاء بأن جنبلاط وحزبه وسائر اليساريين ضمنها، في حين أن هذه القوى السياسية قد ميزت تماماً بين موقفها من التمديد ومواقفها المبدئية من حرب التدخل الدولي على المقاومة، وعلى الدور السوري في لبنان، مؤكدة دعمها للمقاومة وضرورة تصحيح العلاقة مع سوريا بما يعززها ويجعلها في صالح الشعبين الشقيقين، بما في ذلك التعاون العسكري المفتوح.
على ان المحصلة السياسية لتظاهرة أمس سوف تكون بندا دائما على جدول اعمال القوى السياسية الموالية والمعارضة داخليا وخارجيا، وذلك ربطا بأن خلفية التحرك الذي قام امس والهدف منه هو التأكيد على ان وجهة النظر الرافضة لهذا النوع من التدخل الدولي (الاميركي أساساً) في لبنان ليس وجهة اقلية في البلاد كما تحاول اوساط سياسية وإعلامية معارضة الايحاء، والتي تتناغم بصورة لافتة مع تقارير وبيانات السفارات الغربية في بيروت التي تقول بأن الغالبية العظمى من اللبنانيين معارضة للوجود السوري وداعمة للقرار 1559.
وإذا كان يصعب على احد تجاهل حدث أمس الابرز في بيروت منذ سنوات بعيدة، فإن من غير المنطقي ان يستند المنظمون والمشاركون في تحرك أمس للقول إنهم هم وحدهم البلد، ما يؤدي الغرض نفسه الذي تعمل عليه قوى نافذة في المعارضة. وبالتالي فإن من المنتظر أن تستثمر الدولة والحكم وسوريا أيضا حشد أمس لأجل إطلاق دينامية حوار سياسي مباشر بين القوى كافة ربطا بأن المناخ السياسي القائم في الشارع قد بات ظاهرا للعيان، وان بالمقدور التوصل إلى نقاط تفاهم تجنب البلاد أي موجة توتر إضافية، خصوصا ان البلاد مقبلة على انتخابات نيابية خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وكالعادة حاول المعارضون، بعد تقليل أعداد المشاركين، الادعاء ان بين المتظاهرين قسماً ملحوظاً من غير اللبنانيين وأن الدولة والحكومة سخرت امكاناتها لتسيير الناس وإجبارهم على التظاهر. وقال النواب بطرس حرب ونائلة معوض وفارس سعيد ان الحكومة مسؤولة عما حصل من تحريض وانها فشلت حتى في الحصول على تغطية شعبية لمواقفها، ودعا المعارضون الحكومة الى الاستقالة.
وكانت الاستعدادات قد بدأت منذ الصباح الباكر في بيروت والمناطق، وتوجهت مسيرات سيارة من الجنوب والبقاع والشمال والجبل، الى مناطق التجمع في محلة قصقص ودوار شاتيلا والمتحف في بيروت، وتحت شعار <<التظاهرة الوطنية الكبرى رفضاً للقرار 1559 ودعماً للمقاومة وسوريا>> حمل المتظاهرون الأعلام اللبنانية والسورية والفلسطينية، ولافتات ترفض القرار الدولي وتشيد بالمقاومة وسوريا وتدين التدخل الاميركي والفرنسي، كما حمل المتظاهرون صورة كاريكاتورية للسفير الاميركي جيفري فيلتمان ترفض تدخل بلاده في الشؤون اللبنانية... إضافة إلى رفع صور الرئيسين إميل لحود وبشار الأسد.
وعند الثانية من بعد الظهر، ووسط مواكبة أمنية انطلقت المسيرة من محاور جسر المطار، الكولا، قصقص، سباق الخيل، مستديرة شاتيلا، وسلكت طريق بشارة الخوري في اتجاه ساحة الشهداء، وبمشاركة وزارية ونيابية وقيادات الأحزاب المنظمة للتظاهرة.
وكانت المجموعات المشاركة من المناطق قد تجمعت منذ ساعات الصباح الأولى في ساحات القرى والبلدات والمدن حيث كانت الحافلات وسيارات النقل في انتظارها تمهيدا للانتقال إلى بيروت، وسط إقفال المحال التجارية والمدارس. وكان لافتا الحشد الخاص الذي جاء من مناطق عكار وإقليم الخروب وصيدا والبقاع بغربه وشماله ووسطه.
وعلى الصعيد التربوي أقفلت معظم المدارس الخاصة إفساحا في المجال امام الاساتذة والطلاب للمشاركة في التظاهرة، بينما واصلت المدارس الرسمية الدراسة كالمعتاد باستثناء بعض المدارس التي توقفت عن إعطاء الدروس عند الثانية عشرة ظهرا، وكذلك فعلت بعض المؤسسات والمصالح المستقلة من بينها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.