إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

<<المنار>>، فرويد، جان كريستوف، فيفيان

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • <<المنار>>، فرويد، جان كريستوف، فيفيان

    <<المنار>>، فرويد،
    جان كريستوف، فيفيان
    جوزف سماحة




    هل نصل إلى يوم يصبح ممنوعاً، في فرنسا، القول بأنه من غير الجائز تحوّل فلسطين إلى دولة يهودية، والتأكيد أن التعصب غير الواقعي لليهود مسؤول جزئياً عن إثارة شكوك العرب، ورفض التقوى المزعومة التي تجعل من حائط المبكى معلماً وطنياً والإقدام، باسم ذلك، على تحدي مشاعر سكان البلاد؟ هل نصل إلى مثل هذا اليوم؟
    إن ما يحصل مع قناة <<المنار>> يؤكد أن الأمر وارد.
    لكن لا بد من استدراك مؤداه أن <<المنار>> يصعب عليها جداً (يستحيل؟) أن تبقى ما هي عليه وألا تقع تحت طائلة القوانين الفرنسية المعمول بها فكيف إذا أضيف إليها. تخطئ <<المنار>> طبعاً. لكن الخطأ الكبير يكمن، ربما، في عدم التنبه الكافي إلى عناصر النقاش الفرنسي الفرنسي حول العنصرية واللاسامية، وإلى الحساسية الفعلية أو المبالغ فيها لهذين العنوانين.
    إن العبارات الواردة في المقدمة قالها سيغموند فرويد. ذكرها في رسالة وجهها إلى <<مؤسسة إعادة توطين اليهود في فلسطين>> عام 1929، وأودعت في مكتبة أقسم صاحبها إنه لن يسمح <<لعين بشرية أن ترى الرسالة>>. غير أنها نشرت أخيراً وتبيّن أن مؤسس التحليل النفسي كرر بعض ما ورد فيها في أحاديث وكتابات علنية بما في ذلك بعد مغادرته فيينا هرباً من الاضطهاد.
    عرفت <<المسألة اليهودية>> تحولات كثيرة منذ ذلك الوقت. غير أنها لا زالت حاضرة في أوروبا، فرنسا تحديداً، ومرتبطة بالأوضاع الداخلية لكل بلد، وبانعكاس الصراع العربي الإسرائيلي.
    الرؤى الفرنسية حول الموضوع عديدة. ولكن إذا عزلنا الآراء المتطرفة فإننا نلحظ في المركز وفي البيئات الثقافية النافذة وجود وجهتي نظر يعبّر عن واحدة منهما جان كريستوف روفان وعن الثانية فيفيان فورستير.
    روفان كان مسؤولاً عن صياغة التقرير النهائي لورشة عمل حول العنصرية واللاسامية. ولقد رفعه إلى وزير الداخلية دومينيك دو فيلبان قبل أسابيع وأثار نشره صخباً مستمراً.
    يتضمن التقرير تفاصيل كثيرة ويقترح إصدار تشريعات جديدة لمكافحة العنصرية واللاسامية. إلا أن الجديد فيه هو اعتباره <<أن العداء الراديكالي للصهيونية شكل من أشكال اللاسامية>>. هذه إضافة مؤكدة ولا تخلو من غرابة، وهي تتوجه بالاتهام إلى بعض اليسار وأنصار البيئة. إن ما يسميه روفان <<روح دوربان>> يمكن له أن يختبئ وراء نقد سياسة أرييل شارون، كما يمكن له أن يتجلى في المطالبة بحق العودة للفلسطينيين مع ما يعنيه ذلك من تدمير الطابع اليهودي لدولة إسرائيل. جوزيه بوفيه يتحول، بهذا المعنى، إلا لاسامي رغماً عنه لأنه مارس العنف ضد رموز العولمة في فرنسا ثم تضامن مع الفلسطينيين بما يوحي بجواز ممارسة العنف ضد خصوم الفلسطينيين وبينهم يهود فرنسا المتعاطفون مع إسرائيل! إلى ذلك فإن أي تشبيه للصهيونية بالنازية عمل لاسامي. يجرّم روفان أي اتهام لإسرائيل بالعنصرية لأن اليهود كانوا، مرة، من ضحايا العنصرية، ويعتبر أن وصف دولة إسرائيل بأنها <<دولة أبارتهايد>> لاسامية لأنها تتضمن الدعوة إلى العنف. ويخلص إلى ضرورة تغيير انطباع الرأي العام الفرنسي عن الوضع في الشرق الأوسط متهماً وسائل الإعلام ضمناً بأنها تكثر من التركيز على وضعية الضحية للفلسطينيين.
    ليس هنا مجال النقاش مع وجهة النظر هذه. حسبنا أخذ العلم بها ومراقبة ما إذا كانت ستلهم قوانين جديدة تقيّد حرية التفكير، وتتجاوز ما هو معمول به في إسرائيل نفسها.
    تقف فيفيان فورستير على الضفة الأخرى. ولعل كتابها الأخير <<الجريمة الغربية>> من أفضل ما صدر في السنوات الأخيرة خاصة لجهة الربط الذي يقيمه بين ما حصل لليهود في أوروبا وما ارتكبه التحالف الأوروبي الصهيوني في فلسطين.
    يحمل الكتاب إدانة حاسمة للجرائم التي ارتكبت في الغرب ضد اليهود والتي وصلت إلى ذروتها في المحرقة. غير أن الجديد، ربما، رفض التركيز على المحرقة في حد ذاتها بل على ما سبقها وكان الغربيون على علم به من دون أن يحركوا ساكناً. وهي تفسر ذلك بأن الرفض اللاحق لذروة النازية (المحرقة) مؤشر إلى تسامح مع بشاعاتها الأخرى لأنها، في الواقع، جزء من الثقافة الكولونيالية الأوروبية وثقافة التمييز العنصري الأميركية.
    تعتبر فورستير أن عقدة الذنب الغربية من مسببات المأساة المستمرة في الشرق الأوسط، وأن تسامح الغرب مع ما ترتكبه إسرائيل حيال الفلسطينيين يشبه تسامح الغرب مع ما ارتكبه هتلر ضد اليهود ما دون الإبادة الجسدية المباشرة.
    تكمن جرأة فورستير في تقديمها للصهيونية. فهي تلاحظ أن الحركة الصهيونية لم تهتم بمصير يهود أوروبا إلا من كان منهم مفيداً لمشروعها. كما تلاحظ أن أقطاب الحركة الصهيونية كلهم لم يدخلوا في أي سجال مع اللاسامية التي اعتبرها تيودور هرتزل ظاهرة طبيعية ومفهومة، وصادق بعد منظريها الذين أيّدوا رغبته في إقامة وطن قومي لليهود.
    تدين فورستير الصهيونية بصفتها انسحاباً من المعركة الديموقراطية ضد العنصرية واللاسامية ومعانقة لجوانب في الفكر الكولونيالي، لا بل لجوانب فكرية عنصرية. الصهيونية جزء من الروح الاستعمارية لذلك العصر ولقد تحالفت مع قواه النافذة من أجل دفع أوروبا إلى سداد دينها <<من حساب شعب لا علاقة له بأصل الدين>>.
    تستعرض فورستير كتابات لرواد الحركة الصهيونية <<اكتشفوا>> الفلسطينين بشكل مبكر ولم يردعهم ذلك عن المضي في الاستيطان وسرقة الأرض وإخفاء الهدف الأقصى. وخلاصة كتابها أن اليهود ضحايا جريمة غربية لكن الفلسطينيين ضحايا جريمة مزدوجة صهيونية غربية.
    لا تصل الكاتبة إلى الدعوة لأي موقف سلبي من الدولة اليهودية، وتغرق في نوع من التبشيرية باقتراحها حلاً يقوم على حوار مباشر من دون تدخل خارجي، ولكن يبقى أن كتابها يتضمن ما يمكننا اعتباره <<نقداً راديكالياً للصهيونية>>.
    لا يختزل التقرير والكتاب المشار إليهما حيوية النقاش الفرنسي حول هذه القضايا، ولكنهما يمثلان تيارين حاضرين بقوة ضمن النخبة الفرنسية. إن من يقف على يمين جان كريستوف أو على يسار فيفيان يكون، عملياً، يقف على هامش المتن الفرنسي وخارج دائرة التأثير.
      
    توفي أمس، في باريس، بول ماري دولاغورس. مات الابن البار للثورة الفرنسية والجمهورية الفرنسية. لم يكن مرة، في حياته، إلا حيث قادته القيم التي تربى عليها، ولم يكن قلمه مسخراً، كصحافي وباحث، إلا لخدمة الفكرة التي يملكها عن وطنه. كان بول ماري صديقاً للعرب وقضاياهم من المغرب إلى المشرق. كان كذلك، وبالأساس، لأنه كان وطنياً فرنسياً. لقد خسره بلده وخسرناه.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, اليوم, 03:07 AM
ردود 0
4 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, اليوم, 03:04 AM
ردود 0
3 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
يعمل...
X