حكمة الإمام الجواد في التعامل مع الواقع
( الأمين – شوال 1425هجري)
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله العلي العظيم والسميع العليم ، والصلاة والسلام على محمد المختار وعلى علي الكرار والسلام على الآل الأطهار وعلى أصحاب النبي الأبرار .
كلمة لابد منها:
عندما يجول المرء ببصره بين ثنايا الكتب التاريخية يجد نفسه أمام كم لانهاية له من ملايين السطور التي تتحدث عن آلاف الشخصيات والأحداث على مدى قرون الزمن وعمر الدنيا.
وعندما تضع الشخصيات الدينية غاية لبحثك فإن التاريخ لن يبخل عليك ببيان ما تريده عنهم.
لكن الباحث عندما يريد أن يدرس ويبحث عما أرخ عن شخصية الإمام الجواد (ع) يجد أن يد التاريخ غير مبسوطة لمده بما يحتاج حولها ، وعندما تبتهج برؤية سطورا مخطوطة حول شخصيته ، تجد أن تلك السطور لا تملأ سوى وريقات قليلة لا تنعش بحثك ولا تثري ثقافتك بما ينبغي حولها .
ومن هنا حق لنا طرح تساؤلات عن هذا الشح في تأريخ شخصية إمام عظيم من أئمة الشيعة ألاثني عشرية.
فما هو السبب وراء هذه القلة الملموسة من التاريخ تجاه شخصية وحياة الإمام الجواد (ع) ؟
هل هو قلة الأحداث التاريخية في زمنه ، أم انحياز المؤرخين عنه إلى غيره ، أم أن السبب في ذلك هو ضعف شخصيته (ع) وكونه شخصا عادياً لاميزة له ؟
كل هذه التساؤلات سائغة لنا كي نطرحها أمام التاريخ، لنطالبه بعذره عن تقصيره وشح حقائقه حول الإمام الجواد (ع)، إلا أن موضوع بحثنا هنا يقف حائلاً أمام مواصلة التحقيق حول الجواب الصحيح عن تلك الحقيقة المحزنة.
و السؤال المهم لنا الآن هو ما شأن قلة المصادر التاريخية حول الإمام الجواد (ع) ببحثنا حول حكمته ؟
والجواب: أن عرض هذه الحقيقة يوضح لنا وبغض الطرف عن أجوبة تلك التساؤلات صعوبة الاستشهاد والاستدلال على حكمته (ع)، وهل تعرف حكمة الرجل إلا من خلال مجريات الأحداث والوقائع التي تواجهه وكيفية تعامله معها ؟
وعلى أي حال لابد أن لا نجحف التاريخ حقه لنبرر قصور أقلامنا وقزمية فكرنا أمام عظمة تلك الشخصية العملاقة ، ولو لم يكن من جواب ومبرر لما استفسرناه إلا قلة عمره الشريف (ع) حيث أنه الإمام الوحيد الذي قبض عن عمر لا يناهز الخامسة والعشرين عاما ،لكفانا ذلك للإغماض هنا والتجاوز عن اتهام التاريخ بالتقصير في حقه ، ثم أن التاريخ وكتب التدوين والسير ذكرت لنا بعضاً مما جرى عليه (ع) من أحداث دارت رحاها حول إمامته وعلمه و مكاتباته وأقواله ، مما يسمح لنا وبشكل صعب نسبيا أن نتأمل مواقفه ( ع ) فيها لندرس شخصيته ونتأمل حكمته في التعامل مع واقع الأحداث في زمن إمامته .
بقية الموضوع تتأتي ان شاء الله ، والحمد لله رب العالمين
تعليق