في أسفل الوادي الأخضر شجرةٌ خضراء يافعة برقاء تحادث السماء وتصافح برد الشتاء تنتظر الليل وزائر المساء صديقٌ جوالٌ بالعراء ذاق ذعراً وطفق يالاشتياق، وحيداً بلا أحشاء توارثته الهموم وتبعثر الأشلاء بين صغيرٍ ومحبٍ بوفاء في نفسي ساكنٌ، وجزءُ لا فيه أجزاء، فدنى من البرقاء فقالت له يا زائر الفناء وسرير الأثمان يا جزيل الرفاه طائرك في عنقك فهلم بهمس المساء ثم اتلو علي دعاء السمات، فقال لها يا جمليتي الثابتة وفرعها في السماء أمسيتِ على الهناء وأصبحتِ ذخراً وعطاء من محبٍ لا يحتاج لثناء، فتبسمت العلياء وتمايلت باستحياء فقالت وما قولك هذا المساء، فقال يا بدر أدنو وأنر بضوءك المساء واحتكم بخلة الحكماء، فاستجاب للنداء رحمة من رب العباد، فقال وهو يرفع يديه إلى العلياء (وفي السماء رزقكم وما توعدون). بسم الله رب الأسماء صلواته على خاتم الرسل والأنبياء محمدٍ وآله الأطهار، أما قولي اليوم في جملة لا تحتاج لثناء، والثقة بمن نحب لا حاجة فيها لعناء فالهذر بعثرة للأشلاء، وكلمتي لا تحتاج لإثراء الوفاء توأم صدق الاتقياء، والتحابب تراحمٌ وعطاء، والسبيل على الذين يبغونها عوجاً بعواء، فالله خير حافظً الروؤف بحال العباد، عالم السر والسرائر المطاع العزيز سميع الدعاء، ثم قرأ دعاء السمات.

نهج البلاغة