لقد فارقت نظامي Win98 و Win Me غير آسف ولا مأسوف علي، فمنذ أن نزل نظام Win2000 وجدته صديقا رائعا خلصني من اعتراضات النظامين السابقين على كل حركة أقوم بها لا يرضيان عنها...لقد مللت رسالة "لقد قام الجهاز بعملية غير شرعية" حتى أنني فكرت جديا بالتحول لنظام WinNT أو حتى ماكنتوش (رغم أن هذا الأخير نظام متخلف مجنون سبب لي الاكتئاب عندما احتجز لي القرص المرن لأول مرة استخدمه فيها، واضطررت لمراجعة فني الصيانة في مختبر الجامعة حتى أخرجه لي (تخيل أنه رمى بأيقونة القرص المرن في سلة المحذوفات فخرج القرص لوحده!!!)
لكن نظام Win2000 فاجئني (ومنذ استخدمت النسخة بيتا منه عام 2000) بأنه استبدل رسالة "العملية غير الشرعية" بالكثير من رسائل الاعتراض:
"البرنامج المستخدم ليس تطبيق win32 حقيقي!!!
"الطرفية المثبتة لا يمكن أن تعمل بسبب عدم توافقها مع لائحة HPLC"
"البرنامج لا يحتوي على توقيع شرعي!!"
وجاءت الطامة الكبرى عندما اختفت الحياة من الجهاز وظهرت شاشة زرقاء تتحدث باللغة الزمبابوية حول أن القطاع شكلملم رقم 254HF_XCD من الذاكرة أصابه نوع من Dump وأن علي أن أراجع منتج البرنامج أو الشركة الصانعة لجهاز الحاسب..
ولما كان جهاز الحاسب خاصتي لقيط جمعت أشلاءه من السوق، ولما كانت نسخة الويندوز خاصتي مقرصنة قرصنة شديدة (قرصانا عن قرصان..والعنعنة في سندها مقطوعة ومرفوعة إلى بيل غايتس)..كان من المستحيل علي مراجعة أي من هذين المرجعين ! فاستخدمت الحل الكعبلوني الخاص.. وهو زر صغير ربما لا يعرفه الكثير من مستخدمي الحاسب لكن فيه الشفاء السريع لجميع معضلات الحاسب..مكتوب عليه بلغة إنكليزية مبسطة Reset
المهم أنني وما أن نزل نظام WinXp في العام 2001 حتى تحولت إليه غير آسف على أي من الأنظمة السابقة...
منذ فترة اضطررت آسفا للعمل على حاسب منصة العمل فيه هي Win98 وصاحبه من النوع المخلص.. فلقد تعامل أول ما تعامل مع الحاسب مع هذا النظام...ولهذا فهو مخلص له لا يغيره..المهم.. ما أن عبثت قليلا بأزرار لوحة المفاتيح حتى اعترض هذا اللعين كالعادة:
"لقد قمت بعملية غير شرعية وسيتم إغلاق النظام يومي الخميس والجمعة للقيام بالتصليحات اللازمة....الخ"
حلفت ألف يمين لصاحب الجهاز أنني إنسان شريف ولا يمكن أن أقوم بعملية غير شرعية..لكن ما من مجيب... يا أخي هاهي لوحة المفاتيح في مكانها والشاشة في مكانها أيضا ومعزولتين عن أي جزء مذّكر من الحاسب كالموديم والكايس (الصندوق)....أنا لا أحب الاختلاط وأكره العلمانية حتى في الحاسب..... لكن عبث!!
خرجت مغضبا من المكتب وأنا أفكر في نظام Xp الوديع الذي لا يفتري علي مثل هذه الفرية...
أخذت أفكر في التطور الذي حصل باتجاه أن تقوم الآلة بحل مشاكلها بنفسها وتنفيذ أوامر صاحبها دون اعتراض..وحقيقة بعد العام 2001 اختفت الكثير من الاعتراضات من حياتي..فلقد اشتريت سيارة أوتوماتيك وتخلصت من السيارة العادية التي "تنتع وترفس" كلما شغلتها وهي باردة أو رفعت رجلي عن "الكلتش" بسرعة ودون حرفية كافية..لقد أصبحت شبكة الانترنت أقل مشاكلا، وتوقف برنامج نورتون عن إزعاجي بأسئلته حول التحديثات واعتراضه على دخولي مواقع تحتوي فيروسات (كموقع كليتي المجاني والذي دأب يرشقني بالفيروسات من هدايا الأعضاء غير المفحوصة"
شركة الهاتف صارت أقل إزعاجا.. وأصبحت لا تعترض عندما تزيد فاتورتي عن الحد الائتماني...بل صارت تسحب فاتورة الهاتف من حسابي دون أن تزعجني.. والدتي صارت أقل إلحاحا علي في موضوع الزواج..وتوقفت تعبيرات الاستنكار والاعتراض التي تصادفني كلما عرف أحدهم أنني في الثلاثين من عمري ولما أتزوج بعد..
حتى في السياسة توقف العرب عن الاعتراض.. نعم أقول العرب لأن المسلمين ما زالوا يقومون بالدفاع عن قضايانا بدلا عنا.. بينما نحن نتفرج بهدوء...ونحاول تبرير المشكلة بدون إزعاج العالم من حولنا..لقد طورتنا أمريكا بعد عام 2001.... لقد أصبحنا عرب Xp!!!
حاولت أن أبحث في العالم المحيط بي عن شيء أو كائن ما زال يعترض ... وهناك في الشارع من بعيد لمحته... لقد كان يعترض بالنهيق الحاد على صاحبه الذي يريد منه جر عربة ثقلها أكبر من الحد المسموح به من قبل الشركة الصانعة لمحرك هذا الحيوان المسكين...كان نهيقه رسالة اعتراض تقول:
"لقد قام الحمّاري بعملية غير شرعية وسيتم إغلاق الحمار آليا"
لقد وجدت كائنا ما زال يعترض...الكائن الوحيد في بلادي الذي يعترض على الظلم الذي يصيبه أو على إجباره على القيام بعمل ضد مصلحته هو...الحمار!!
اللهم ألهم أمريكا أن تطور لنا الحمير...إنك أنت العليم الخبير...