إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الشيعة العرب واستئناف رسم الخرائط

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشيعة العرب واستئناف رسم الخرائط

    الشيعة العرب واستئناف رسم الخرائط
    سليمان العبد الله




    منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، لكن خصوصا منذ 11 ايلول 2001، شرع الملحمي والخارق يدخل في اليومي، وأقصر من ذي قبل غدت المسافة الفاصلة بين الخيال العلمي والواقع.
    لكن التدقيق والمقارنة يحملان على استبعاد الحيرة. فخرائط عالمنا المعاصر، أو معظمها، إنما رُسمت بعد الحرب العالمية الأولى، وكانت الامبراطوريتان العثمانية والهابسبورغية تنحلان فيما يحل الاتحاد السوفياتي الشيوعي حيث حلّت روسيا القيصرية. وهذا الرسم نفسه إنما وجد استكماله بعد الحرب العالمية الثانية، هي التي أنجبت الكتلة الاشتراكية ونقلت الصين الى الشيوعية كما ولّدت عشرات الدول المستقلة في افريقيا. فما الذي يعصم، بالتالي، وقد انتهت الحرب الباردة وتوطّدت العولمة، من انبعاث الخرائط واستئناف عمليات الرسم؟
    وهذا ليس من قبيل التآمر ونزعته الشهيرة، مع ان ظروفاً انتقالية كالموصوفة أعلاه تحبل بالتكهنات الرؤيوية وبهلوسات الخلاص. ففي مرمى النظر يلوح ربع قرن مضطرب، قام البرهان، بكثير من الدم والخراب، على ان خرائطه لن تكون مثل خرائط اليوم، واذا قيل، بحق، ان صعود الواحدية القطبية وتراجع نظرية <<السيادة>> يقدمان للرسم بعض زيته، بقي أن الخرائط ليست مجرد أوعية خارجية مضبوطة بخطوط تُسمى حدوداً. فهناك، الى ذلك، قدر لا يُستهان به من تحولات داخلية، ومن قراءات لها وقراءات مضادة، يُفترض بها جميعاً أن تنعكس على الخرائط المذكورة.
    فماذا لو تخيّلنا، تبعاً لهذه الخلفيات، وجهة تفضي بالمنطقة الى استبعاد رجحانها السياسي السني برجحان شيعي مقابل؟ ولذا كان للمراقبين أن يتوقفوا عن ظاهرات متفرقة تشي بهذا الاحتمال، كالانتخابات العراقية في ظل ضمور سني، وربما عزوف واستنكاف، أو كالتقارب الايراني الغربي، أقلّه الأوروبي، بشهادة مؤتمر شرم الشيخ في موازاة الاتفاق حول تخصيب اليورانيوم، فأغلب الظن أن سيناريو كهذا لن يملك احتماله إلا بسقوط النظام الديني في طهران. ذاك أن تحولاً كهذا لا تزال الشهوة الاميركية فيه تفوق بلورة أدواته وصيغه، إنما يرقى الى شروط شارط. غير انه إذا ما تم، أوجد منطقة متراصة مذهبياً تشمل العراق وإيران، وينضوي فيها، بمعزل عن خرائط الدول الراهنة، شيعة الخليج البحرينيون منهم والسعوديون والكويتيون.
    ويمكن التذكير بإلماحات في هذه الوجهة ترافق ظهورها مع بدايات حرب العراق الأخيرة، كما في إشارات متفاوتة الالتواء صدرت عن هذا <<المحافظ الجديد>> أو ذاك. ولنا، بشيء من الاستطراد، أن نقول إن الوقوع على السيد أحمد الجلبي كان بمثابة هندسة استباقية لسيناريو كهذا.
    بيد أن الأمر أبعد من الجلبي، بل أبعد من السيستاني الذي استُغني بحضوره الاصيل عن الدور المزغول للمصرفي الملتبس. ذاك أن من الدروس التي خرج بها فريق عريض من اليمين الاميركي الحاكم بعد ضربات نيويورك وواشنطن، درساً مفاده قصور الاتفاق مع المؤسسات السنية المحافظة والحاكمة وسلبية عوائده. فالأخيرة كانت محالفتها مثمرة إبان الحرب الباردة، حين كان الموضوع الاستراتيجي والجيوبوليتيكي يحكم الصراع الغربي مع الشيوعية. أما بعد 11 أيلول، فلم يعد استقبال قاعدة عسكرية في البلد الحليف، أو التصويت على نحو ملائم في الأمم المتحدة، مادة مغرية. وأمسى، في المقابل، الموضوع الثقافي والمجتمعي، بما في ذلك من تربية وتعليم وموقع للنساء وإصلاح ديني، يحتل رتبة غير مسبوقة في الأهمية.
    هنا، وفي استعارة للتقديرات الاميركية المفترضة، يستطيع الشيعة ما لا يقوى عليه السنّة. ذاك أن الأوّلين، وهم ورثة تقليد مديد في المعارضة والرفض، زوّدوا سائر الأحزاب العلمانية التي عرفتها المنطقة كوادرها ونشطاءها. وحتى في داخل الصف الأصولي نفسه، يمكن تمييز شيخ شيعي وزميل له سني. فالثاني، مثلا، أدنى في المراتبية الدينية عموماً، وأقل استجابة للمصالح الاجتماعية الوازنة لكنه أشد استجابة لمشاعر عامية، لا يعوزها التأجج والهيجان. وعلى هذه الفوارق وغيرها يُستدل في مدى العناية بالثقافة الحديثة حتى لو كانت عناية ضدية. فإذ يميل المثقف الديني الشيعي الى <<محاورة>> الفكر الغربي، وهو ما يصح في أسماء تمتد من العراقي محمد باقر الصدر الى الايراني علي شريعتي واللبناني محمد حسين فضل الله، يتحرك معادله السنّي داخل شرنقة النص الموروث عن السلف الصالح، غير عابئ بما يجري في عالم أوسع.
    غير أن الأمر ليس، في آخر المطاف، ثقافة. فقد انتهى الزواج الأفغاني بين الولايات المتحدة والمحافظة السنّية الى طلاق مرير وذكرى أمرّ. وإذ تتعثر صيغ <<الاصلاح>> لأسباب لا حصر لها، يتراءى أن البديل الشيعي كفيل بتوفير بدايات سياسية تناسب معاودة الانطلاقة بزخم نوعي. فموقع التأثير السعودي، الذي ما ونى يتصاعد منذ أوائل السبعينيات وارتفاعات أسعار النفط الشهيرة، يبدأ عده العكسي إذّاك. وجدير بالذكر ان إضعاف نفوذ الرياض ليس، في الولايات المتحدة، مطلباً ل<<المحافظين الجدد>> وحدهم، إذ هم أشبه بشعور شعبي مجتمعي حاول أن يمتطيه المرشح الديموقراطي جون كيري في سعيه الرئاسي. ولذا تذكّرنا اللون الشيعي الزيدي لليمن، واللون الاباضي لعُمّان، انتبهنا الى أن الرياح العاتية التي قد تهبّ على المملكة من شمالها وشرقها، يمكن أن تلاقي رياحاً هابّة من الجنوب حيث حساسيات الأرض والحدود والتاريخ خصبة ولادة. وما يجعل التحديات الخارجية مهلكة كونها داخلية أيضا: ذاك أن التكوينات الطائفية والأهلية، في السعودية كما في البحرين، تستدعي حفّاري القبور، بأسرع مما يظن، من الحدود الى الدواخل.
    ومصر، بالطبع، لن تكون بمنأى عن عاصفة كهذه. فالقاهرة التي قام شطر أساسي من سياستها في الثمانينيات على دعم بغداد في وجه طهران، تفقد معظم نفوذها الاقليمي إذا ما نشأ حلف <<مقدس>> عراقي ايراني. وقد تُضطر مصر، والحال هذه، الى توجيه ما تبقى لها من نفوذ باتجاه السودان وليبيا، فلا يعود لها، في ما خص فلسطين واسرائيل، إلا القليل من الرأي والاقل من الطاعة.
    وسيناريو مثل هذا ينهي تماما فكرة العروبة بالمعنى الذي باشره جمال عبد الناصر بعد 1956 وقاده مباشرة الى المشرق. ف<<الحصة>> السنية إذاك يُعهد بها الى تركيا غير العربية والتي ربما ضُمّت، في الغضون تلك، الى الاتحاد الأوروبي. وتحولات في هذه الضخامة لا بد أن تسهّل الوصول الى حل لأزمة الشرق الأوسط يطابق الرغبة الأميركية الإسرائيلية في ترجمتها الأقصى، دافعاً بسوريا الى عملية تكيّف يستحيل اجتنابها. فدمشق التي التجأت، أواخر الخمسينيات، بالقاهرة هرباً من الحصار التركي، ثم حالفت ايران، في الثمانينيات، ضد العراق، ستجد نفسها في مواجهة عالم مختلف كليا. وقد تتخذ الجراحة السورية شكل التخلص من البعث مع الاحتفاظ بالتوازن الأهلي السياسي القائم منذ 1963، خصوصا ان الفئات الاجتماعية التي نمت عند ملتقى القطاعين العام والخاص كفيلة بتأمين جسر عبور لا تنقصه الروابط العائلية واللحمة الاجتماعية. وفي وسع لبنان ذي الحضور الشيعي الوازن ان يسهّل المهمة، لا سيما إذا ما وجدت أقليته المسيحية ما يطمئنها في تحالفات داخلية وإقليمية كهذه. وأغلب الظن أن تجد ما يطمئنها فتقايض تراجعها العددي بموقع <<نوعي>> مضمون لا تتهدده الحركات الراديكالية كائنة ما كانت.
    وبدورها فالشيعية السياسية، لا سيما وقد سُويّت مسائل الجولان وشبعا، تملك من الاحتمالات ما يفيض عن خيار حتمي واحد. وفي النطاق هذا يمكن التذكير بصفحات عدة، منها ولادة المجلس الشيعي الأعلى كحركة انشقاق عن التمثيل الشامل للمسلمين من قبل دار الفتوى، ومنها التكهنات التي رافقت انتخاب بشير الجميل رئيساً عن حلف ماروني شيعي يرث الصيغة الاستقلالية المارونية السنّية.
    لكن هذا الصنف من العمليات الجراحية هو ما لن يضطر اليه بلد صغير آخر كالأردن. فالملكة التي تعاني، بدورها، مشكلة التوازن بين مكوّنين أهليين، مملكة هاشمية. والهاشميون، كما نعلم، سنّة وشيعة في وقت واحد، يبكون علياً والحسين بوصفهما جدّين ويفخرون بمعاوية كونه مؤسس الدول.
    () كاتب لبناني
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة مروان1400, 20-05-2025, 05:42 AM
استجابة 1
20 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 19-05-2025, 09:28 PM
ردود 0
11 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 19-05-2025, 09:20 PM
ردود 0
7 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 27-10-2018, 03:13 PM
ردود 17
1,559 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
يعمل...
X