نقلا عن صحيفه ( كتابات )
المثلث السني لماذا والى اين ؟
كتابات - علي الكوفي
قد تكون تسمية ( المثلث السني ) في العراق غريبة على مسامع غير العراقيين ولكن صفة موحدة للمناطق التي تقع ضمن هذا المثلث ليست جديدة على العراقيين بعدما قسم صدام بلاد الرافدين الواحدة الى محافظات بيضاء محسودة واخرى سوداء منكوبة ,كانت الاولى منها تشمل مايسمى الان بالمثلث السني , لكن السؤال هو لماذا نشات هذه المنطقة وتبنت اعمال العنف في العراق بعد سقوط الدكتاتورية ؟ ولماذا اصبحت الفلوجة وليست تكريت او العوجة مركزا لهذه المنطقة ؟
وهنا لابد من العودة بالتاريخ الى ما بعد حرب الخليج الثانية وتاثيرات تداعياتها داخل العراق, حيث
ان الدكتاتور المخلوع كان قد سمح للمد الوهابي السلفي بالتغلل في الاراضي العراقية وخصوصا في المنطقة الغربية بعد الانتفاضة الشعبانية عام 1991 وذلك لايجاد نوع من توازن القوى الشعبية وخصوصا ذات الطبيعة المذهبية وخاصة لما يعرف من طبيعية تكفيرية لدى هذا التيار فقد ابعد هذا التغلل عن مسقط راسه ليضمن استمرار ولاء القيادات العسكرية المقربة منه . فظهرت شيئا فشيئا سيطرة واموال هذا التيار المدعوم من الخارج حتى غدت الفلوجة ( وهي اقرب مدن هذه المنطقة لبغداد وهذا سبب اخر لاختيارها من قبل الجماعات المسلحة مركزا لقيادتهم ) تسمى في عهد الطاغية مدينة المساجد لكثرة المساجد باهظة التكاليف المشيدة فيها .
ومما لايخفى ان اعمال العنف التي تحدث او يخطط لها في هذه المنطقة هي ذات دوافع سياسية بحتة وليست كما يقال احيانا بانها ( عنف من اجل العنف ) لان من يقوم بها ينتمي وبلاشك الى احد الفئات الثلاث التالية : ( الصداميون ) و ( الاسلاميون المتطرفون ) و ( السنة المتشددون )
وبالنسبة للصداميين فان هدفهم واضح في اعادة الزمن الى الوراء يدفعهم بشكل اساسي بقاء زعيمهم على قيد الحياة وان كان في الاسر والاموال الطائلة التي يملكونها او التي تورد لهم من الخارج , اما بالنسبة للاسلاميين المتطرفين فان كانوا يتلثمون بالجهاد والاستشهاد لكن لهم هدف سياسي معلن وهو( اقامةدولة الاسلام ؟), واخيرا فان السنة المتشددون يمثلون عمقا معنويا وشعبيا لهولاء لاحبا بهم واقتناعا بافكارهم ولكن نكاية بالشيعة الذين يزعمون ( اي السنة ) انهم يحكمون البلاد الان .
ان نظرة واقعية بسيطة لهذه المنطقة من الارض العراقية الواحدة تقنع الناظر انها افقر مناطق العراق من حيث الثروات الاقتصادية والجغرافية وغيرها فيا ترى ماهو مصيرها اذا ما اعتمد ابنائها عليها وهم الذين كانوا يتنعمون بثروات المناطق الاخرى من العراق فيما يعيش ابناء هذه المناطق في فقر مدقع ؟
وعودة للمثلث الفئوي المذكور سابقا يلاحظ انه بدا يعكس مثلثات اخرى على الارض فهو مرة مثلثا سنيا ومرة مثلثا للموت فيا ترى اين سيذهب طريق العنف بهذه المثلثات ؟
ان السبب الرئيسي لاستمرار العنف في هذه المناطق بينما تنعم باقي مناطق العراق بالهدوء هو ان منظمي العنف في هذه المناطق قد زاوجوا واستفادوا من عقيدة الاسلاميين الجهادية وخبرة الصداميين العسكرية وعاطفة السنة الطائفية .
ان هذه المنطقة لطالما كانت ارضا خصبة للايديولوجيات العربية وليست العراقية وبالتالي شح فيها الابداع الفكري السياسي والادبي ونمت فيها النزعة التقليدية المستوردة من المنطقة العربية ولذلك نشط بين ابنائها التيار القومي الذي نشا في مصر في اواسط القرن الماضي ثم التيار البعثي الذي نشا في سوريا واخيرا التيار الاسلامي المتطرف الذي نشا في مصر والجزائر و السعودية .
فبينما كانت الفلوجة تمثل نهاية حدود الجمهورية العربية المتحدة ( كما كان يحلوا لابنائها تسميتها )
اصبحت احدى محافظات صدام البيضاء ثم انتهى بها الامر الى ان تتحول الى كعبة للمجاهدين .
من كل ذلك يتضح ان ازمة هذه المنطقة هي ازمة سياسية بالدرجة الاولى وسببها الرئيسي هو انضمام القيادات الدينية والعسكرية والعشائريةفي هذه المنطقة الى النظام السابق وانضوائها تحت جناحه بدرجة او باخرى مما جعل من الصعب انضمامها الى النظام السياسي الجديد بشكل يتناسب مع حجم هذه الفئة من الشعب العراقي .
وهناك مشكلة فكرية موروثة لدى ابناء هذه الفئة وهي احساسهم بالوصاية على باقي فئات الشعب نتج عن ممارستها السلطة والحكم طويلا في العراق واستفادتها من مميزات السلطة , وقد ادت هذه المشكلة الى رفض الواقع السياسي القائم على المشاركة والتفاهم مع الاخر .
وبالتالي فان مواجهة عسكرية قد يكون لا مفر منها مع الصداميين والاسلاميين لتبني هؤلاء المواجهة وان اختلفت الاسباب ولكن هذه المواجهة لن يكتب لها النجاح لصالح الحكومة العراقية اذا لم يتم اخذ الضلع الثالث في هذا الثالوث بنظر الاعتبار وهو التعاطف الطائفي لقاعدة عريضة من ابناء المذهب السني والذي يشكل عمقا ستراتيجيا ومعنويا للعناصر المسلحة وبالتالي لابد من جذب هذه القاعدة الى صف الحكومة والعملية السياسية او على الاقل تحييدها في الوقت الحالي لتجريد المسلحين من هذا الدعم مما يسهل عملية القضاء على التمرد.
وقد نكون شخصنا اهم مافي هذه المشكلة والسؤال الان ماهو الحل ؟
ان العنف والعنف المضاد حلقة مفرغة لاتؤدي الى اي نتيجة مفيدة بقدر ماتخلق تمردا مستمرا او نظاما ديكتاتوريا وكلا الامرين يعيدان العراق الى الوراء اكثر فاكثر فلا امن ولا اعمار ولا تطور ولاتصور للمستقبل الا بقدر ضئيل يزيد المسافة بيننا وبين العالم المتقدم .وان مصير هذه المنطقة سوف يكون كارثيا اذا ما استمرت هذه الفئات والايديولوجيات تسيطر على ابنائها وقد لايختلف مصيرها عن ماالت اليه مناطق جنوب العراق (رغم غناها ) بعد عقود من الدمار والاهمال .
ان الحل للتعقيدات السياسية التي تعاني منها هذه المنطقة يتفرع الى جزئين اساسيين
الاول هو عامل الزمن الذي سيجبر الكثير من المتشددين واصحاب المصالح المرتطبة مع النظام السابق علىالياس و تقبل الواقع العراقي الجديد وايجاد مصالح لها معتمدة على التعاون مع الاخر وليس على اضطهاد واستغلال الاخر .
والثاني هو ظهور قيادات بديلة في اوساط ومناطق هذه الفئة ليس لها ارتباط بالنظام السابق تستقطب الشباب والجيل الجديد لتندمج في الحياة السياسية على اساس من الوعي والمشاركة .
وميدانيا لا بد من ملاحقة العناصر المسلحة وتضييق الخناق عليها حتى لاتتمكن من لملمة وتنظيم صفوفهاوالتحرك الى مناطق اخرى مما يدفعها الى المواجهة داخل مناطقها وبالتالي تكون الخسائر المدنية (التي لامفر من حدوثها) والخسائر المادية على عاتق من يوفر لهم الدعم وبالتالي يدفع ثمن هذا الدعم مما يؤدي بالنتيجة الى انحسارالدعم مقابل ظهور فرص للمشاركة بالحياة الجديدة تفتح نوافذ الامل لمن يدفعهم الياس او الخوف من المستقبل لتقديم الدعم والتاييد للتمرد المسلح .
المثلث السني لماذا والى اين ؟
كتابات - علي الكوفي
قد تكون تسمية ( المثلث السني ) في العراق غريبة على مسامع غير العراقيين ولكن صفة موحدة للمناطق التي تقع ضمن هذا المثلث ليست جديدة على العراقيين بعدما قسم صدام بلاد الرافدين الواحدة الى محافظات بيضاء محسودة واخرى سوداء منكوبة ,كانت الاولى منها تشمل مايسمى الان بالمثلث السني , لكن السؤال هو لماذا نشات هذه المنطقة وتبنت اعمال العنف في العراق بعد سقوط الدكتاتورية ؟ ولماذا اصبحت الفلوجة وليست تكريت او العوجة مركزا لهذه المنطقة ؟
وهنا لابد من العودة بالتاريخ الى ما بعد حرب الخليج الثانية وتاثيرات تداعياتها داخل العراق, حيث
ان الدكتاتور المخلوع كان قد سمح للمد الوهابي السلفي بالتغلل في الاراضي العراقية وخصوصا في المنطقة الغربية بعد الانتفاضة الشعبانية عام 1991 وذلك لايجاد نوع من توازن القوى الشعبية وخصوصا ذات الطبيعة المذهبية وخاصة لما يعرف من طبيعية تكفيرية لدى هذا التيار فقد ابعد هذا التغلل عن مسقط راسه ليضمن استمرار ولاء القيادات العسكرية المقربة منه . فظهرت شيئا فشيئا سيطرة واموال هذا التيار المدعوم من الخارج حتى غدت الفلوجة ( وهي اقرب مدن هذه المنطقة لبغداد وهذا سبب اخر لاختيارها من قبل الجماعات المسلحة مركزا لقيادتهم ) تسمى في عهد الطاغية مدينة المساجد لكثرة المساجد باهظة التكاليف المشيدة فيها .
ومما لايخفى ان اعمال العنف التي تحدث او يخطط لها في هذه المنطقة هي ذات دوافع سياسية بحتة وليست كما يقال احيانا بانها ( عنف من اجل العنف ) لان من يقوم بها ينتمي وبلاشك الى احد الفئات الثلاث التالية : ( الصداميون ) و ( الاسلاميون المتطرفون ) و ( السنة المتشددون )
وبالنسبة للصداميين فان هدفهم واضح في اعادة الزمن الى الوراء يدفعهم بشكل اساسي بقاء زعيمهم على قيد الحياة وان كان في الاسر والاموال الطائلة التي يملكونها او التي تورد لهم من الخارج , اما بالنسبة للاسلاميين المتطرفين فان كانوا يتلثمون بالجهاد والاستشهاد لكن لهم هدف سياسي معلن وهو( اقامةدولة الاسلام ؟), واخيرا فان السنة المتشددون يمثلون عمقا معنويا وشعبيا لهولاء لاحبا بهم واقتناعا بافكارهم ولكن نكاية بالشيعة الذين يزعمون ( اي السنة ) انهم يحكمون البلاد الان .
ان نظرة واقعية بسيطة لهذه المنطقة من الارض العراقية الواحدة تقنع الناظر انها افقر مناطق العراق من حيث الثروات الاقتصادية والجغرافية وغيرها فيا ترى ماهو مصيرها اذا ما اعتمد ابنائها عليها وهم الذين كانوا يتنعمون بثروات المناطق الاخرى من العراق فيما يعيش ابناء هذه المناطق في فقر مدقع ؟
وعودة للمثلث الفئوي المذكور سابقا يلاحظ انه بدا يعكس مثلثات اخرى على الارض فهو مرة مثلثا سنيا ومرة مثلثا للموت فيا ترى اين سيذهب طريق العنف بهذه المثلثات ؟
ان السبب الرئيسي لاستمرار العنف في هذه المناطق بينما تنعم باقي مناطق العراق بالهدوء هو ان منظمي العنف في هذه المناطق قد زاوجوا واستفادوا من عقيدة الاسلاميين الجهادية وخبرة الصداميين العسكرية وعاطفة السنة الطائفية .
ان هذه المنطقة لطالما كانت ارضا خصبة للايديولوجيات العربية وليست العراقية وبالتالي شح فيها الابداع الفكري السياسي والادبي ونمت فيها النزعة التقليدية المستوردة من المنطقة العربية ولذلك نشط بين ابنائها التيار القومي الذي نشا في مصر في اواسط القرن الماضي ثم التيار البعثي الذي نشا في سوريا واخيرا التيار الاسلامي المتطرف الذي نشا في مصر والجزائر و السعودية .
فبينما كانت الفلوجة تمثل نهاية حدود الجمهورية العربية المتحدة ( كما كان يحلوا لابنائها تسميتها )
اصبحت احدى محافظات صدام البيضاء ثم انتهى بها الامر الى ان تتحول الى كعبة للمجاهدين .
من كل ذلك يتضح ان ازمة هذه المنطقة هي ازمة سياسية بالدرجة الاولى وسببها الرئيسي هو انضمام القيادات الدينية والعسكرية والعشائريةفي هذه المنطقة الى النظام السابق وانضوائها تحت جناحه بدرجة او باخرى مما جعل من الصعب انضمامها الى النظام السياسي الجديد بشكل يتناسب مع حجم هذه الفئة من الشعب العراقي .
وهناك مشكلة فكرية موروثة لدى ابناء هذه الفئة وهي احساسهم بالوصاية على باقي فئات الشعب نتج عن ممارستها السلطة والحكم طويلا في العراق واستفادتها من مميزات السلطة , وقد ادت هذه المشكلة الى رفض الواقع السياسي القائم على المشاركة والتفاهم مع الاخر .
وبالتالي فان مواجهة عسكرية قد يكون لا مفر منها مع الصداميين والاسلاميين لتبني هؤلاء المواجهة وان اختلفت الاسباب ولكن هذه المواجهة لن يكتب لها النجاح لصالح الحكومة العراقية اذا لم يتم اخذ الضلع الثالث في هذا الثالوث بنظر الاعتبار وهو التعاطف الطائفي لقاعدة عريضة من ابناء المذهب السني والذي يشكل عمقا ستراتيجيا ومعنويا للعناصر المسلحة وبالتالي لابد من جذب هذه القاعدة الى صف الحكومة والعملية السياسية او على الاقل تحييدها في الوقت الحالي لتجريد المسلحين من هذا الدعم مما يسهل عملية القضاء على التمرد.
وقد نكون شخصنا اهم مافي هذه المشكلة والسؤال الان ماهو الحل ؟
ان العنف والعنف المضاد حلقة مفرغة لاتؤدي الى اي نتيجة مفيدة بقدر ماتخلق تمردا مستمرا او نظاما ديكتاتوريا وكلا الامرين يعيدان العراق الى الوراء اكثر فاكثر فلا امن ولا اعمار ولا تطور ولاتصور للمستقبل الا بقدر ضئيل يزيد المسافة بيننا وبين العالم المتقدم .وان مصير هذه المنطقة سوف يكون كارثيا اذا ما استمرت هذه الفئات والايديولوجيات تسيطر على ابنائها وقد لايختلف مصيرها عن ماالت اليه مناطق جنوب العراق (رغم غناها ) بعد عقود من الدمار والاهمال .
ان الحل للتعقيدات السياسية التي تعاني منها هذه المنطقة يتفرع الى جزئين اساسيين
الاول هو عامل الزمن الذي سيجبر الكثير من المتشددين واصحاب المصالح المرتطبة مع النظام السابق علىالياس و تقبل الواقع العراقي الجديد وايجاد مصالح لها معتمدة على التعاون مع الاخر وليس على اضطهاد واستغلال الاخر .
والثاني هو ظهور قيادات بديلة في اوساط ومناطق هذه الفئة ليس لها ارتباط بالنظام السابق تستقطب الشباب والجيل الجديد لتندمج في الحياة السياسية على اساس من الوعي والمشاركة .
وميدانيا لا بد من ملاحقة العناصر المسلحة وتضييق الخناق عليها حتى لاتتمكن من لملمة وتنظيم صفوفهاوالتحرك الى مناطق اخرى مما يدفعها الى المواجهة داخل مناطقها وبالتالي تكون الخسائر المدنية (التي لامفر من حدوثها) والخسائر المادية على عاتق من يوفر لهم الدعم وبالتالي يدفع ثمن هذا الدعم مما يؤدي بالنتيجة الى انحسارالدعم مقابل ظهور فرص للمشاركة بالحياة الجديدة تفتح نوافذ الامل لمن يدفعهم الياس او الخوف من المستقبل لتقديم الدعم والتاييد للتمرد المسلح .