بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله 000
القرآن والوحي السماوي هما كقطرات المطر التي تهطل على الأرض، وكما أنّ الأرض التي لها الإستعداد هي التي تستفيد من قطرات المطر، فكذلك القلوب المستعدة لبناء ذاتها بالاستعانة بلطف الله، هي ـ فقط ـ التي تستفيد من آيات الله، وذلك طبقاً لقوله تعالى: (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربّه)00 كمن هو قاسي القلب لا يهتدي بنور!!أمّا القاسية قلوبهم، فهم الذين لا تؤثر بهم المواعظ ولا الوعيد ولا البشرى، ولا الآيات القرآنية المؤثرة، ولا ينمي مطر الوحي الباعث للحياة عندهم ثمار التقوى والفضيلة، وبصورة موجزة يمكن القول بأنّهم كالنباتات التي لا طراوة فيها ولا أوراق ولا ثمار ولا ظلّ.
نعم (أولئك في ظلال مبين).للقلوب التي لا تظهر أي استجابة لنور الحق والهداية، ولا تلين ولا تستسلم لها، ولا تسمح بنفوذ نور الحقّ والهداية إليها (قلوب قاسية). ونقرأ في إحدى الرّوايات أنّ ابن مسعود قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن تفسير هذه الآية: (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه)فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): «إذا دخل النور في القلب انشرح وانفتح».ثم قلنا: يا رسول الله ما هي علامات انشراح الصدر؟ فقال: «الإنابة إلى دار الخلود، والتجا في عن دار الغرور، والإستعداد للموت قبل نزوله
عوامل (شرح الصدر) و (قسوة القلب)0000
الناس ليسوا على وتبرة واحدة من حيث قبول الحق وإدراك الأُمور، فالبعض يتمكّن من إدارك الحقيقة بمجرّد إشارة واحدة أو جملة قصيرة، وهذا يعني أنّ تذكيراً واحداً يكفي لإيقاظهم فوراً، وموعظة واحدة قادرة على إحداث صيحات في أرواحهم وفي حين أنّ البعض الآخر لا يتأثّر بأبلغ الكلمات وأوضح الأدلّة و أقوى العبارات، وهذه المسألة ليست بالأمر السهل أو الهيّن.
وكم هي جميلة التعابير القرآنية في هذا المجال، وذلك عندما تصف البعض بأنّهم ذوو صدور منشرحة وأرواح واسعة، وتصف البعض الآخر بأنّهم ذوو صدور ضيفة، كما ورد في الآية (125) من سورة الأنعام: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنّما يصعد في السماء).هذا الموضوع يتّضح بصورة كاملة في حالة دراسة أوضاع وأحوال الأشخاص، فالبعض لهم صدور منشرحة رحبة تتسع لإستيعاب أيّ مقدار من الحقائق، في حين أنّ البعض الآخر على العكس، إذ أنّ صدورهم ضيقة وأفكارهم محدودة لا يمكنها أحياناً استيعاب أيّ حقيقة، وكأن عقولهم محاطة بجدران فولاذية لا يمكن اختراقها. وبالطبع لكلّ واحد منهما أسبابه.
فالدراسة الدائمة والمستمرة والإتصال بالعلماء والحكماء الصالحين، وبناء الذات وتهذيب النفس، واجتناب الذنوب وخاصة أكل الطعام الحرام، وذكر الله دائماً، كلها أسباب وعوامل لإنشراح الصدر، وعلى العكس فإنّ الجهل والذنب والعناد والجدل والرياء، ومجالسة أصحاب السوء والفجار والمجرمين وعبيد الدنيا والشهوات، كلّها تؤدّي إلى ضيق الصدر وقساوة القلب.
وقد ورد حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) جاء فيه: «أوحى الله عزّوجلّ إلى موسى: يا موسى لا تفرح بكثره المال، ولا تدع ذكري على كلّ حال، فإن كثرة المال تنسي الذنوب، وإن ترك ذكري يقسي القلوب »
وفي حديث آخر عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، جاء فيه: «ما جفت الدموع إلاّ لقسوة القلوب، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب»
كما ورد في حديث ثالث أنّ من جملة كلام الله سبحانه وتعالى مع موسى (عليه السلام)«يا موسى لا تطول في الدنيا أملك، فيقسو قلبك، والقاسي القلب مني بعيد»
.على أية حال، فإن من يريد انشراح صدره وإزالة القساوة من قلبه، عليه أن يتوجه نحو الباريء عزّوجلّ كي يبعث الأنوار الإلهية في قلبه كما وعد بذلك الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم). وعليه أن يصقل مرآة قلبه من صدأ الذنوب، ويطهّر روحه من أوساخ هوى النفس والوساوس الشيطانية، استعداداً لإستقبال المعشوق، وأن يسكب الدموع خوفاً من الله وحباً له، فإنّ في ذلك تأثيراً عجيباً لا نظير له على رقّة ولين القلب ورحابة الروح، وفي المقابل فان جمود العين هو إحدى علامات القلب المتحجر.
ثمة هناك نقطة جيدة 00يقول الباري عز وجل في كتابه الكريم :اللهَُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَـباً مُتَشَـابهاً مَّثَانِى تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهَِ 00نقل بعض المفسّرين عن (عبد الله بن مسعود) أنّ جمعاً من الصحابة ملّوا وتضجّروا، فقالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): حدّثنا حديثاً يزيل السأم من نفوسنا والملل من قلوبنا، فنزلت أول آية من الآيات المذكورة أعلاه معرّفة القرآن بـ (أحسن الحديث)
وهذه الخاصية للقرآن فهي مسألة نفوذه وتأثيره العميقين والخارقين (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربّهم ثمّ تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله).
إنّه لوصف وتجسيد لطيف وجميل لنفوذ آيات القرآن العجيب إلى أعماق القلوب، إذ أنّه في بداية الأمر يبعث في القلب شيئاً من الخوف والرهبة، الخوف الذي يكون أساساً للصحوة ولبدء الحركة، والرهبة التي تجعل الإنسان يتحسس مسؤولياته المختلفة. ثمّ تأتي مرحلة الهدوء وقبول آيات الله وتتبعها السكينة والإستقرار.
هذه الحالة التدريجية التي تبيّن مراحل (السلوك إلى الله) المختلفة، يمكن إدراكها بسهولة، فالقلوب تقشعر فور ما تسمع آيات التهديد والتحذير النازلة على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمّ تهدأ فور ما تسمع آيات الرحمة.
التفكير في الله ومسألة أبديته وأزليته وعدم محدوديته يوجد عند الإنسان حالة من الرهبة في كيفية معرفة الله، إلاّ أنّ دراسة آثار ودلائل ذاته المقدسة في الآفاق والأنفس تمنح الإنسان نوعاً من الإرتياح والهدوء
والتأريخ الإسلامي مليء بالشواهد على التأثير العجيب للقرآن في قلوب المؤمنين، وحتى غير المؤمنين من أصحاب القلوب المستعدة لتقبل الإيمان، فالجاذبية أو النفوذ الخارق للقرآن دليل واضح على أنّ القرآن كتاب نزل من السماء بواسطة الوحي.
وقد ورد حديث جاء فيه (كان أصحاب النّبي حقاً إذا قرىء عليهم القرآن ـ كما نعتهم الله ـ تدمع أعينهم و تقشعر جلودهم)
وأمير المؤمنين (عليه السلام) وصف هذه الحقيقة بأفضل وجه في الخطبة الخاصة بالمتقين، إذ قال: «أمّا الليل فصافون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونها ترتيلا 00اللهم اشرح صدورنا واملأ قلوبنا نورا واهدنا الى سبل الوصول اليك
ووفقنا لذكرك واجعلنا من أكثر عبيدك نصيبا عندك وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين 0000
السلام عليكم ورحمة الله 000
القرآن والوحي السماوي هما كقطرات المطر التي تهطل على الأرض، وكما أنّ الأرض التي لها الإستعداد هي التي تستفيد من قطرات المطر، فكذلك القلوب المستعدة لبناء ذاتها بالاستعانة بلطف الله، هي ـ فقط ـ التي تستفيد من آيات الله، وذلك طبقاً لقوله تعالى: (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربّه)00 كمن هو قاسي القلب لا يهتدي بنور!!أمّا القاسية قلوبهم، فهم الذين لا تؤثر بهم المواعظ ولا الوعيد ولا البشرى، ولا الآيات القرآنية المؤثرة، ولا ينمي مطر الوحي الباعث للحياة عندهم ثمار التقوى والفضيلة، وبصورة موجزة يمكن القول بأنّهم كالنباتات التي لا طراوة فيها ولا أوراق ولا ثمار ولا ظلّ.
نعم (أولئك في ظلال مبين).للقلوب التي لا تظهر أي استجابة لنور الحق والهداية، ولا تلين ولا تستسلم لها، ولا تسمح بنفوذ نور الحقّ والهداية إليها (قلوب قاسية). ونقرأ في إحدى الرّوايات أنّ ابن مسعود قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن تفسير هذه الآية: (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه)فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): «إذا دخل النور في القلب انشرح وانفتح».ثم قلنا: يا رسول الله ما هي علامات انشراح الصدر؟ فقال: «الإنابة إلى دار الخلود، والتجا في عن دار الغرور، والإستعداد للموت قبل نزوله
عوامل (شرح الصدر) و (قسوة القلب)0000
الناس ليسوا على وتبرة واحدة من حيث قبول الحق وإدراك الأُمور، فالبعض يتمكّن من إدارك الحقيقة بمجرّد إشارة واحدة أو جملة قصيرة، وهذا يعني أنّ تذكيراً واحداً يكفي لإيقاظهم فوراً، وموعظة واحدة قادرة على إحداث صيحات في أرواحهم وفي حين أنّ البعض الآخر لا يتأثّر بأبلغ الكلمات وأوضح الأدلّة و أقوى العبارات، وهذه المسألة ليست بالأمر السهل أو الهيّن.
وكم هي جميلة التعابير القرآنية في هذا المجال، وذلك عندما تصف البعض بأنّهم ذوو صدور منشرحة وأرواح واسعة، وتصف البعض الآخر بأنّهم ذوو صدور ضيفة، كما ورد في الآية (125) من سورة الأنعام: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنّما يصعد في السماء).هذا الموضوع يتّضح بصورة كاملة في حالة دراسة أوضاع وأحوال الأشخاص، فالبعض لهم صدور منشرحة رحبة تتسع لإستيعاب أيّ مقدار من الحقائق، في حين أنّ البعض الآخر على العكس، إذ أنّ صدورهم ضيقة وأفكارهم محدودة لا يمكنها أحياناً استيعاب أيّ حقيقة، وكأن عقولهم محاطة بجدران فولاذية لا يمكن اختراقها. وبالطبع لكلّ واحد منهما أسبابه.
فالدراسة الدائمة والمستمرة والإتصال بالعلماء والحكماء الصالحين، وبناء الذات وتهذيب النفس، واجتناب الذنوب وخاصة أكل الطعام الحرام، وذكر الله دائماً، كلها أسباب وعوامل لإنشراح الصدر، وعلى العكس فإنّ الجهل والذنب والعناد والجدل والرياء، ومجالسة أصحاب السوء والفجار والمجرمين وعبيد الدنيا والشهوات، كلّها تؤدّي إلى ضيق الصدر وقساوة القلب.
وقد ورد حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) جاء فيه: «أوحى الله عزّوجلّ إلى موسى: يا موسى لا تفرح بكثره المال، ولا تدع ذكري على كلّ حال، فإن كثرة المال تنسي الذنوب، وإن ترك ذكري يقسي القلوب »
وفي حديث آخر عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، جاء فيه: «ما جفت الدموع إلاّ لقسوة القلوب، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب»
كما ورد في حديث ثالث أنّ من جملة كلام الله سبحانه وتعالى مع موسى (عليه السلام)«يا موسى لا تطول في الدنيا أملك، فيقسو قلبك، والقاسي القلب مني بعيد»
.على أية حال، فإن من يريد انشراح صدره وإزالة القساوة من قلبه، عليه أن يتوجه نحو الباريء عزّوجلّ كي يبعث الأنوار الإلهية في قلبه كما وعد بذلك الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم). وعليه أن يصقل مرآة قلبه من صدأ الذنوب، ويطهّر روحه من أوساخ هوى النفس والوساوس الشيطانية، استعداداً لإستقبال المعشوق، وأن يسكب الدموع خوفاً من الله وحباً له، فإنّ في ذلك تأثيراً عجيباً لا نظير له على رقّة ولين القلب ورحابة الروح، وفي المقابل فان جمود العين هو إحدى علامات القلب المتحجر.
ثمة هناك نقطة جيدة 00يقول الباري عز وجل في كتابه الكريم :اللهَُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَـباً مُتَشَـابهاً مَّثَانِى تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهَِ 00نقل بعض المفسّرين عن (عبد الله بن مسعود) أنّ جمعاً من الصحابة ملّوا وتضجّروا، فقالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): حدّثنا حديثاً يزيل السأم من نفوسنا والملل من قلوبنا، فنزلت أول آية من الآيات المذكورة أعلاه معرّفة القرآن بـ (أحسن الحديث)
وهذه الخاصية للقرآن فهي مسألة نفوذه وتأثيره العميقين والخارقين (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربّهم ثمّ تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله).
إنّه لوصف وتجسيد لطيف وجميل لنفوذ آيات القرآن العجيب إلى أعماق القلوب، إذ أنّه في بداية الأمر يبعث في القلب شيئاً من الخوف والرهبة، الخوف الذي يكون أساساً للصحوة ولبدء الحركة، والرهبة التي تجعل الإنسان يتحسس مسؤولياته المختلفة. ثمّ تأتي مرحلة الهدوء وقبول آيات الله وتتبعها السكينة والإستقرار.
هذه الحالة التدريجية التي تبيّن مراحل (السلوك إلى الله) المختلفة، يمكن إدراكها بسهولة، فالقلوب تقشعر فور ما تسمع آيات التهديد والتحذير النازلة على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمّ تهدأ فور ما تسمع آيات الرحمة.
التفكير في الله ومسألة أبديته وأزليته وعدم محدوديته يوجد عند الإنسان حالة من الرهبة في كيفية معرفة الله، إلاّ أنّ دراسة آثار ودلائل ذاته المقدسة في الآفاق والأنفس تمنح الإنسان نوعاً من الإرتياح والهدوء
والتأريخ الإسلامي مليء بالشواهد على التأثير العجيب للقرآن في قلوب المؤمنين، وحتى غير المؤمنين من أصحاب القلوب المستعدة لتقبل الإيمان، فالجاذبية أو النفوذ الخارق للقرآن دليل واضح على أنّ القرآن كتاب نزل من السماء بواسطة الوحي.
وقد ورد حديث جاء فيه (كان أصحاب النّبي حقاً إذا قرىء عليهم القرآن ـ كما نعتهم الله ـ تدمع أعينهم و تقشعر جلودهم)
وأمير المؤمنين (عليه السلام) وصف هذه الحقيقة بأفضل وجه في الخطبة الخاصة بالمتقين، إذ قال: «أمّا الليل فصافون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونها ترتيلا 00اللهم اشرح صدورنا واملأ قلوبنا نورا واهدنا الى سبل الوصول اليك
ووفقنا لذكرك واجعلنا من أكثر عبيدك نصيبا عندك وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين 0000
تعليق