خلف المطلب الأميركي بتبني المحرقة في الجمعية العمومية:
جوقة تأييد دولي جديد لـ"إسرائيل"
--------------------------------------------------------------------------------
طلبت الولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي (10-12-2004) عقد جلسة خاصة للجمعية العمومية للأمم المتحدة للاحتفال مطلع العام المقبل، بالذكرى السنوية الستين لتحرير معسكرات الاعتقال النازية، الذي جرى مع نهاية الحرب العالمية الثانية. وقد جاء الطلب في رسالة وجهت إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان من قبل السفير الأميركي في المنظمة الدولية جون دانفورت، وجرى التركيز فيها على ضرورة اتخاذ إجراءات خاصة من أجل عقد جلسة لإحياء الذكرى من قبل الجمعية العمومية التي تضم 199 بلداً.
واعتبر دانفورت أن الاجتماع المطلوب يجب أن ينعقد في الرابع والعشرين من كانون الثاني/ يناير 2005، قبل ثلاثة أيام من الاحتفال بالذكرى نفسها في معسكر أوشفيتز في جنوب بولندا، الذي سيحضره رؤساء من بينهم الفرنسي جاك شيراك والروسي فلاديمير بوتين والبولندي ألكسندر كوازنيفسكي والإسرائيلي موشي كاتساف.
ويقال إن حوالى مليون ونصف مليون سجين معظمهم من اليهود قد ماتوا في "غرف الغاز" أو بفعل الجوع والأمراض في المعتقل المذكور الذي حُرّر من الألمان في 27 كانون الثاني/ يناير عام 1945، وإن هذا العدد هو جزء من ستة ملايين يهودي جرت تصفيتهم على أيدي النازيين في ما يسمى بـ"المحرقة" أو الهولوكوست.
والمعروف أن أعداداً من المؤرخين قد أنكروا وجود المحرقة، وأن يكون اليهود قد تعرضوا في تلك الحقبة لاضطهاد خاص ومختلف عن الاضطهاد الذي تعرضت له الشعوب والجماعات العرقية المختلفة في بلدان المحور أو في البلدان التي وقعت تحت الاحتلال الألماني، قبل وخلال الحرب العالمية الثانية. كما يذهب البعض إلى أن الاضطهاد الذي تعرض له اليهود كغيرهم من تلك الشعوب والجماعات، كان عائداً بوجه خاص إلى خيبة الأمل التي مُني بها النازيون نتيجة نكث القيادات اليهودية بعهود ومواثيق كانوا قد قطعوها للنازيين، وتعهدوا فيها بمساعدتهم في الحرب على الحلفاء. ومن التفسيرات المعقولة أن المسألة هي جزء من مؤامرة جهنمية ضلع فيها أدولف هتلر ـ وهو يهودي تبنى الفكرة الجرمانية ـ وقام باضطهاد بعض اليهود وسط تهويلات إعلامية ضخمة دفعت بمئات الألوف من اليهود "المرعوبين" إلى الفرار من أوروبا الوسطى والهجرة الكثيفة إلى فلسطين خلال النصف الأول من الأربعينيات، أي في الوقت الذي كانت الحركة الصهيونية قد قطعت فيه شوطاً مهماً في التحضير لإقامة الدولة اليهودية، في فترة كان فيه العالم غارقاً في دخان الحرب العالمية الثانية.
ومما يؤيد فكرة المؤامرة هذه أن اليهود ما كان بإمكانهم أن يهاجروا بكل تلك الأعداد من المناطق المحتلة من قبل الألمان وحلفائهم وفي تلك الفترة بالذات، لو أنهم كانوا يخضعون لذلك الاضطهاد المزعوم وما رافقه من عمليات قتل جماعي طالت ملايين الأشخاص.
ومهما يكن من أمر، فإن الدعاية الصهيونية قد تمكنت على نطاق واسع، من نشر فكرة "المحرقة"، واستخدمتها في تكوين عقدة ذنب استحكمت بالأوروبيين وأسهمت في دفعهم إلى مساندة قضايا اليهود، وفي طليعتها قضية احتلال فلسطين وإقامة الدولة اليهودية فوق أرضها.. وإلى الاستمرار في دعم "إسرائيل" بالصورة المعروفة حتى اليوم.
وقد وصل الأمر بمعظم البلدان الغربية، وفي طليعتها الولايات المتحدة، إلى وضع قوانين تحرّم معاداة السامية وتضطهد منكري "المحرقة" بدعوى اتهامهم بـ"تحريف" المعطيات التاريخية.
والواضح أن الموقف الدولي من هذه المسألة ينطوي على تناقضات فضائحية قاتلة، ليس أقلها مطالبة العرب والفلسطينيين بالارتصاف في الجوقة العالمية التي تنبذ العداء للسامية وتحض على عدم الكراهية، في الوقت الذي يتعرضون فيه لاضطهاد لا مثيل له في التاريخ على أيدي اليهود بالذات.
والواضح أيضاً في الظروف الراهنة، أن الولايات المتحدة قد وصلت في تبنيها لقضية اليهود حد محاولة فرض ذكرى المحرقة على العالم من خلال منظمة الأمم المتحدة، مع كل ما يعنيه ذلك من إضفاء للشرعية على "إسرائيل"، ومن سعي لإضعاف الموقفين العربي والفلسطيني في وقت وصلت فيه القضية الفلسطينية وسائر القضايا المطروحة في العالمين العربي والإسلامي إلى واحد من أصعب المنعطفات في تاريخها.
وبالمناسبة، فإن السؤال المطروح حالياً وبعد أن أصبح مجلس الأمن ـ خصوصاً من خلال قراراته الأخيرة ـ منبراً لتمرير السياسات الأميركية والإسرائيلية، هو حول قدرة الجمعية العمومية على مقاومة الإملاء الأميركي الجديد، وحول الموقف الذي ستعتمده المجموعات العربية والإسلامية في الأمم المتحدة إزاء هذا الموضوع.
ع. ح
--------------------------------------------------------------------------------
جوقة تأييد دولي جديد لـ"إسرائيل"
--------------------------------------------------------------------------------
طلبت الولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي (10-12-2004) عقد جلسة خاصة للجمعية العمومية للأمم المتحدة للاحتفال مطلع العام المقبل، بالذكرى السنوية الستين لتحرير معسكرات الاعتقال النازية، الذي جرى مع نهاية الحرب العالمية الثانية. وقد جاء الطلب في رسالة وجهت إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان من قبل السفير الأميركي في المنظمة الدولية جون دانفورت، وجرى التركيز فيها على ضرورة اتخاذ إجراءات خاصة من أجل عقد جلسة لإحياء الذكرى من قبل الجمعية العمومية التي تضم 199 بلداً.
واعتبر دانفورت أن الاجتماع المطلوب يجب أن ينعقد في الرابع والعشرين من كانون الثاني/ يناير 2005، قبل ثلاثة أيام من الاحتفال بالذكرى نفسها في معسكر أوشفيتز في جنوب بولندا، الذي سيحضره رؤساء من بينهم الفرنسي جاك شيراك والروسي فلاديمير بوتين والبولندي ألكسندر كوازنيفسكي والإسرائيلي موشي كاتساف.
ويقال إن حوالى مليون ونصف مليون سجين معظمهم من اليهود قد ماتوا في "غرف الغاز" أو بفعل الجوع والأمراض في المعتقل المذكور الذي حُرّر من الألمان في 27 كانون الثاني/ يناير عام 1945، وإن هذا العدد هو جزء من ستة ملايين يهودي جرت تصفيتهم على أيدي النازيين في ما يسمى بـ"المحرقة" أو الهولوكوست.
والمعروف أن أعداداً من المؤرخين قد أنكروا وجود المحرقة، وأن يكون اليهود قد تعرضوا في تلك الحقبة لاضطهاد خاص ومختلف عن الاضطهاد الذي تعرضت له الشعوب والجماعات العرقية المختلفة في بلدان المحور أو في البلدان التي وقعت تحت الاحتلال الألماني، قبل وخلال الحرب العالمية الثانية. كما يذهب البعض إلى أن الاضطهاد الذي تعرض له اليهود كغيرهم من تلك الشعوب والجماعات، كان عائداً بوجه خاص إلى خيبة الأمل التي مُني بها النازيون نتيجة نكث القيادات اليهودية بعهود ومواثيق كانوا قد قطعوها للنازيين، وتعهدوا فيها بمساعدتهم في الحرب على الحلفاء. ومن التفسيرات المعقولة أن المسألة هي جزء من مؤامرة جهنمية ضلع فيها أدولف هتلر ـ وهو يهودي تبنى الفكرة الجرمانية ـ وقام باضطهاد بعض اليهود وسط تهويلات إعلامية ضخمة دفعت بمئات الألوف من اليهود "المرعوبين" إلى الفرار من أوروبا الوسطى والهجرة الكثيفة إلى فلسطين خلال النصف الأول من الأربعينيات، أي في الوقت الذي كانت الحركة الصهيونية قد قطعت فيه شوطاً مهماً في التحضير لإقامة الدولة اليهودية، في فترة كان فيه العالم غارقاً في دخان الحرب العالمية الثانية.
ومما يؤيد فكرة المؤامرة هذه أن اليهود ما كان بإمكانهم أن يهاجروا بكل تلك الأعداد من المناطق المحتلة من قبل الألمان وحلفائهم وفي تلك الفترة بالذات، لو أنهم كانوا يخضعون لذلك الاضطهاد المزعوم وما رافقه من عمليات قتل جماعي طالت ملايين الأشخاص.
ومهما يكن من أمر، فإن الدعاية الصهيونية قد تمكنت على نطاق واسع، من نشر فكرة "المحرقة"، واستخدمتها في تكوين عقدة ذنب استحكمت بالأوروبيين وأسهمت في دفعهم إلى مساندة قضايا اليهود، وفي طليعتها قضية احتلال فلسطين وإقامة الدولة اليهودية فوق أرضها.. وإلى الاستمرار في دعم "إسرائيل" بالصورة المعروفة حتى اليوم.
وقد وصل الأمر بمعظم البلدان الغربية، وفي طليعتها الولايات المتحدة، إلى وضع قوانين تحرّم معاداة السامية وتضطهد منكري "المحرقة" بدعوى اتهامهم بـ"تحريف" المعطيات التاريخية.
والواضح أن الموقف الدولي من هذه المسألة ينطوي على تناقضات فضائحية قاتلة، ليس أقلها مطالبة العرب والفلسطينيين بالارتصاف في الجوقة العالمية التي تنبذ العداء للسامية وتحض على عدم الكراهية، في الوقت الذي يتعرضون فيه لاضطهاد لا مثيل له في التاريخ على أيدي اليهود بالذات.
والواضح أيضاً في الظروف الراهنة، أن الولايات المتحدة قد وصلت في تبنيها لقضية اليهود حد محاولة فرض ذكرى المحرقة على العالم من خلال منظمة الأمم المتحدة، مع كل ما يعنيه ذلك من إضفاء للشرعية على "إسرائيل"، ومن سعي لإضعاف الموقفين العربي والفلسطيني في وقت وصلت فيه القضية الفلسطينية وسائر القضايا المطروحة في العالمين العربي والإسلامي إلى واحد من أصعب المنعطفات في تاريخها.
وبالمناسبة، فإن السؤال المطروح حالياً وبعد أن أصبح مجلس الأمن ـ خصوصاً من خلال قراراته الأخيرة ـ منبراً لتمرير السياسات الأميركية والإسرائيلية، هو حول قدرة الجمعية العمومية على مقاومة الإملاء الأميركي الجديد، وحول الموقف الذي ستعتمده المجموعات العربية والإسلامية في الأمم المتحدة إزاء هذا الموضوع.
ع. ح
--------------------------------------------------------------------------------
تعليق