إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

حديث الغدير: سنداً ودلالة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حديث الغدير: سنداً ودلالة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله ولي الحمد ومستحقه، وصلواته على خيرته من خلقه محمدٍ وآله المعصومين وسلم تسليماً كثيراً...

    يتكون هذا البحث من مقدمة وفصلين وخاتمة:
    الفصل الأول: في بيان صحة حديث الغدير
    الفصل الثاني: في بيان دلالة حديث الغدير


    مقدمة:

    حديث الغدير هو أهم الأدلة السمعية الدّالة على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، بالكيفية التي يعتقدها الشيعة الإمامية...

    وقد دلّت النصوص على أن الله سبحانه وتعالى قد أمَرَ نبيه الأكرم محمد صلى الله عليه وآله بتبليغ ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بحسب قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} سورة المائدة 67

    فصدعَ رسول الله صلى الله عليه وآله بما أٌمِرَ به في يوم الغدير، وبتبليغها اكتمل الدين وتمت النعمة، يقول المولى جل وعز: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} سورة المائدة 3

    ومن النصوص التي تدل على كل ما تقدم، ما رواه الشيخ الكليني أعلى الله مقامه، بسند صحيح عن: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن "زرارة، والفضيل بن يسار، وبكير بن أعين، ومحمد بن مسلم، وبريد بن معاوية، وأبي الجارود" جميعاً عن أبي جعفر عليه السلام قال:
    أمرَ اللهُ عز وجل رسولَهُ بولايةِ عليٍ، وأنزلَ عليه: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ} وفرضَ ولاية أولي الأمر، فلم يدروا ما هي، فأمرَ اللهُ محمداً صلى الله عليه وآله أن يفسّر لهم الولاية، كما فسر لهم الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، فلما أتاهُ ذلك من الله، ضاقَ بذلك صدر رسول الله صلى الله عليه وآله، وتخوّف أن يرتدوا عن دينهم، وأن يكذبوه، فضاقَ صدره، وراجع ربه عز وجل، فأوحى الله عز وجل إليه: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}.
    فصدعَ بأمر الله تعالى ذكره، فقامَ بولاية علي عليه السلام يوم غدير خم، فنادى الصلاة جامعة وأمرَ الناس أن يبلّغَ الشاهد الغائب.
    قال عمر بن أذينة: قالوا جميعاً غير أبي الجارود: وقال أبو جعفر عليه السلام: وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخرى، وكانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}.
    قال أبو جعفر عليه السلام: يقول الله عز وجل: لا أنزل عليكم بعد هذه فريضة، قد أكملت لكم الفرائض.
    الكافي ج 1 ص 289

    وروى الشيخ الصدوق قدس سره في الخصال ص 65 حديث الغدير بأسانيد صحيحة عن حذيفة بن أسيد الغفاري ثم قال: الأخبار في هذا المعنى كثيرة، وقد أخرجتها في كتاب المعرفة في الفضائل.

    ولم ينفرد الشيعة برواية حديث الغدير، بل هو صحيح متواتر حتى من طرق أهل السنة والجماعة...

    وسنبحث في هذا الموضوع "حديث الغدير" من ناحية السند وسنثبت تواتره، ثم نبحث فيه من ناحية الدلالة وسنثبت دلالته على الإمامة والإمارة لمولى المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام، وبالله التوفيق...

    الفصل الأول: في بيان صحة حديث الغدير:

    ويحتوي هذا الفصل على ثلاث نقاط:
    النقطة الأولى: أسماء بعض من ضعّفَ حديث الغدير من أهل السنة.
    النقطة الثانية: أسماء بعض من صحّح حديث الغدير من أهل السنة.
    النقطة الثالثة: ذكر بعض الأسانيد الصحيحة لحديث الغدير من طرق أهل السنة.


    النقطة الأولى: أسماء بعض من ضعّفَ حديث الغدير من أهل السنة:


    طبعاً الكلام هنا عن أهل السنة، وأما الشيعة فلا يوجد فيهم أحد يشك في تواتر الحديث فضلاً عن أن ينكر صحته، يقول الطوسي شيخ الطائفة قدس سره: والذي يدل على صحة الخبر (يعني الغدير) تواتر الشيعة به خلفاً عن سلف على ما بيناه في التواتر بالنص الجلي، وكلما يُسأل عليه من الأسئلة فالجواب عنه ما تقدم، وأيضاً فقد رواه أصحابُ الحديث من طرق كثيرة لم يرد في الشريعة خبر متواتر أكثر طرقاً منه، فإنه روى الطبري من نيف وسبعين طريقاً، وابن عقدة من مائة وخمس وعشرين طريقاً.

    فإن لم يثبت بذلك صحته، فليس في الشرع خبر صحيح!!!الإقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد ص 216

    ولكن جماعة من علماء أهل السنة لم تحتمل قلوبهم التصديق بهذا الحديث الشريف على الرغم من كثرة طرقه، ولا شك أن ذلك يعود إلى أنهم قد فهموا مغزى الحديث الشريف، وهو يقضي بفساد رأيهم ورأي أسلافهم، نعوذ بالله من الهوى، قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}.

    وفي بعض الأحيان يطغى التعصب على المرء إلى حدٍ يؤثر فيه هلاك نفسه على قبول الحق، كما قال الله عز وجل عن لسان بعضهم: {وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.

    وهذه أسماء جملة من العلماء الذين ضعفوا هذا الحديث النبوي:

    1 – أبو حصين الكوفي (المتوفى سنة 128 هـ)

    وقال يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عياش: سمعت أبا حصين يقول: ما سمعنا هذا الحديث حتى جاء هذا من خراسان فنعق به -يعني: أبا إسحاق- "من كنت مولاه فعلي مولاه" فاتبعه على ذلك ناس.
    تهذيب الكمال المزي ج 19 ص 405

    قلتُ: وأبو حصين المذكور عثماني من رجال الكتب الستة، قال الذهبي: أبو حصين (ع) عثمان بن عاصم بن حصين... الإمام الحافظ الأسدي الكوفي... روى عن جابر بن سمرة، وابن عباس، وابن الزبير، وأنس، وأبي سعيد الخدري وغيرهم من الصحابة... وروى أحمد بن سنان القطان، عن عبدالرحمن بن مهدي قال: أربعة بالكوفة لا يختلف في حديثهم، فمن اختلف عليهم، فهو مخطئ، ليس هم، منهم أبو حصين الاسدي. وروى أبو بكر بن أبي الاسود، عن ابن مهدي قال: لم يكن بالكوفة أثبت من أربعة: منصور، وأبو حصين، وسلمة بن كهيل، وعمرو بن مرة، قال: وكان منصور أثبت أهل الكوفة... قال ابن معين والنسائي وجماعة: أبو حصين ثقة.
    سير أعلام النبلاء ج 5 ص 412

    وقد كشف لنا الذهبي القناع عن سبب تكذيبه للحديث الشريف، فنطق بشهادة حق، عندما قال بعد أن أورد كلام ابن حصين المتقدم: الحديثُ ثابتٌ بلا ريب، ولكن أبو حصين عثماني، وهذا نادر في رجل كوفي.
    سير أعلام النبلاء ج 5 ص 412

    إذاً فسبب تكذيبه للحديث هو مذهبه الفاسد، والقاعدة تقول: ليس لمن لا يعلم حجة على من يعلم، لكن القضية هنا ليست قضية علم أو عدم علم، بل هي قضية هوى، والهوى يعمي ويصم... ثم قال الذهبي: قال أحمد بن عبدالله العجلي: كان أبو حصين شيخاً عالياً، وكان صاحب سنة... وقال في موضع آخر: كان ثقة عثمانياً رجلاً صالحاً ثبتاً في الحديث، هو أسن من الأعمش، وكان الذي بينهما متباعداً. ووقع بينهما شر، حتى تحول الأعمش عنه إلى بني حرام.
    سير أعلام النبلاء ج 5 ص 412

    وأما أبو إسحاق (توفي سنة 127 هـ) الذي اتُهم بوضع حديث الغدير!!! فهو حافظ ثقة من رجال الكتب الستة، وكان معاصراً لأبي حصين، قال الذهبي: أبو إسحاق السبيعي (ع) عمرو بن عبدالله بن ذي يحمد، وقيل: عمرو بن عبدالله بن علي الهمداني الكوفي الحافظ شيخ الكوفة وعالمها ومحدثها... وكان رحمه الله من العلماء العاملين، ومن جلة التابعين. قال: ولدت لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، ورأيتُ علي بن أبي طالب يخطب. وروى عن معاوية، وعدي بن حاتم، وابن عباس، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم.... وكان طلاّبة للعلم، كبير القدر... وهو ثقة حجة بلا نزاع، وقد كبر وتغير حفظه تغير السن، ولم يختلط... قال علي بن المديني: حفظ العلم على الأمة ستة: فلأهل الكوفة: أبو إسحاق والأعمش، ولأهل البصرة: قتادة ويحيى بن أبي كثير، ولأهل المدينة: الزهري... قال أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين: أبو إسحاق ثقة.
    سير أعلام النبلاء ج 5 ص 392


    2 – البخاري (توفي سنة 256 هـ)

    سيأتي كلام ابن تيمية المنقول عنه مع إبراهيم الحربي...

    3 – أبو داود السجستاني (توفي سنة 275 هـ)

    سيأتي كلام القرطبي المنقول عنه مع أبي حاتم الرازي...

    4 – أبو حاتم الرازي (توفي سنة 277 هـ)

    قال القرطبي: السادسة: في رد الأحاديث التي احتج بها الإمامية في النص على علي رضي الله عنه، وأن الأمة كفرت بهذا النص وارتدت، وخالفت أمر الرسول عنادا، منها قوله عليه السلام: (من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه).... إلى أن قال: والجواب عن الحديث الأول: أنه ليس بمتواتر، وقد اختلف في صحته، وقد طعن فيه أبو داود السجستاني وأبو حاتم الرازي، واستدلا على بطلانه بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مزينة وجهينة وغفار وأسلم موالي دون الناس كلهم ليس لهم مولى دون الله ورسوله). قالوا: فلو كان قد قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه) لكان أحد الخبرين كذبا.
    تفسير القرطبي ج 1 ص 266

    5 – إبراهيم الحربي (توفي سنة 285 هـ)

    قال ابن تيمية: وأما قوله: "من كنت مولاه فعلي مولاه" فليس هو في الصحاح، لكن هو مما رواه العلماء، وتنازع الناس في صحته، فنقل عن البخاري وإبراهيم الحربي وطائفة من أهل العلم بالحديث انهم طعنوا فيه وضعفوه، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه حسنه كما حسنه الترمذي.
    كتاب منهاج السنة ج 7 ص 319


    التعليق:

    لا نستغرب من تضعيف الحربي لحديث الغدير، فإنه كان عارفاً باللغة، فقد قال الذهبي في ترجمته: قال الخطيب: كان إماماً في العلم رأساً في الزهد، عارفاً بالفقه، بصيراً بالأحكام، حافظاً للحديث، مميزاً لعلله، قيماً بالأدب، جماعاً للغة، صنّف "غريب الحديث" وكتبا كثيرة...
    قال القفطي: "غريب الحديث" له من أنفس الكتب وأكبرها.
    قال ثعلب: ما فقدتُ إبراهيم الحربي من مجلس لغة ولا نحو من خمسين سنة.
    تذكرة الحفاظ ج 2 ص 584

    ولا أريد أن أقول أن فهم الحديث يتطلب دراسة اللغة العربية 50 سنة!!! بل الحديث واضح جداً، لكن المقصود أن من كان كإبراهيم الحربي، لا يمكن أن تنطلي عليه شبهات المشككين، فهو إما أن يكذب الحديث، أو يعتقد بأنه صريح في الدلالة على الإمامة، وقد أختارَ الأول...

    فتبين أن ما دعاه لتضعيف حديث الغدير ليس قلة الأسانيد أو عدم صحتها، وإنما دعاه لذلك تلك الـ (50) سنة التي حضر فيها دروس اللغة والنحو!!! {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}...

    6 – ابن حزم الظاهري (توفي سنة 456 هـ)

    قال: وأما "من كنت مولاه فعلي مولاه" فلا يصح من طريق الثقات أصلاً!!!
    الفصل في الملل والأهواء والنحل ص 494 (الوراق)


    التعليق:

    ابن حزم منسوب إلى النصب، قال الذهبي في ترجمته: وقال ابن حيان: وكان مما يزيد في شنآنه: تشيعه لأمراء بنى أمية ماضيهم وباقيهم، واعتقاده بصحة إمامتهم، حتى نسب إلى النصب.
    تذكرة الحفاظ ج 3 ص 1152

    وإن تضعيفه لحديث الغدير أقوى دليل على نصبه، إذ ليس هو ممن يجهل الأحاديث، ولا اللغة ومقاصدها: قال الذهبي: وقال صاعد بن أحمد: كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام، وأوسعهم معرفة، مع توسعه في علم اللسان، ووفور حظه من البلاغة والشعر، ومعرفته بالسنن والآثار والأخبار.
    تذكرة الحفاظ ج 3 ص 1147

    7 – ابن تيمية (توفي سنة 728 هـ)

    قال الألباني: فقد كان الدافع لتحرير الكلام على الحديث (يعني حديث الغدير) وبيان صحّته، أنني رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قد ضعّف الشطر الأوّل من الحديث، وأمّا الشطر الآخر فزعم أنّه كذب!
    سلسلة الأحاديث الصحيحة ج 4 الحديث 1750

    وقد عزى الألباني ذلك إلى مجموع الفتاوى، ورأيته قد زعم أن الشطر الثاني كذب كما قال الألباني، أما الشطر الأول فلم أره قد صرح بتضيفه، وإنما بدى ابن تيمية مضطرباً، وهذا نص كلامه:
    قال: وأما قوله: {من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والِ من والاه}... إلخ" فهذا ليس في شيء من الأمهات، إلا في الترمذي وليس فيه إلا: {من كنت مولاه فعلي مولاه} وأما الزيادة فليست في الحديث. وسئل عنها الإمام أحمد فقال: زيادة كوفية... ولا ريب أنها كذب لوجوه... إلى أن قال: وقوله: {من كنت مولاه فعلي مولاه} فمن أهل الحديث من طعن فيه كالبخاري وغيره، ومنهم من حسنه...
    مجموع فتاوى ابن تيمية

    قلت: ونصب ابن تيمية أشهر من نار على علم، وقد أوردتُ كلام ابن تيمية كاملاً ورددت عليه في بحثٍ سابق...


    8 – الدكتور بشار عواد معروف


    وهو أستاذ ورئيس قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة بغداد، وهو الذي حقق كتاب تهذيب الكمال للمزي، قال معلقاً على الحديث الشريف: ليس في كل طرق هذا (الحديث) طريقٌ صحيح، وقد تقدم في المجلد السابق (20/3828) أنه لم يكن هذا الحديث معروفا حتى نعق به ناعق من خراسان!
    تهذيب الكمال المزي ج 20 ص 484 (في الهامش)

    وقال ايضاً معلقاً على حديث الغدير: هذه الطرق كلها ضعيفة، كما هو واضح بيّن، ولا أدري لمَ يكّثر المؤلف من إيراد كل هذه الأسانيد عن مثل هذه الأشياء غير الثابتة!!!
    تهذيب الكمال ج 22 ص 398 (في الهامش)

  • #2
    النقطة الثانية: أسماء بعض من صحّح حديث الغدير من أهل السنة:

    1 – أحمد بن حنبل (توفي سنة 241 هـ)

    تقدم نص كلام ابن تيمية على تحسين أحمد بن حنبل لحديث الغدير، وستأتي بعض الروايات من مسنده.

    2 – الترمذي (توفي سنة 279 هـ)

    صاحب كتاب السنن، فقد روى حديث الغدير بإسناده ثم قال: هذا حديث حسن غريب، وسيأتي نصه كاملاً، وقد تقدم نص ابن تيمية على تحسين الترمذي للحديث.

    3 – محمد بن جرير الطبري (توفي سنة 310 هـ)

    صاحب التاريخ والتفسير المشهورين، قال الذهبي: محمد بن جرير بن يزيد بن كثير: الإمام العلم الفرد الحافظ أبو جعفر الطبري أحد الأعلام وصاحب التصانيف... قال أبو بكر الخطيب: كان ابن جرير أحد الائمة يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله، جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره...
    ولما بلغه ان ابن أبي داود تكلم في "حديث غدير خم" عمل كتاب الفضائل، وتكلم على تصحيح الحديث.

    قال الذهبي: قلت: رأيت مجلداً من طرق الحديث لابن جرير فاندهشت له ولكثرة تلك الطرق.
    تذكرة الحفاظ ج 2 ص 710

    وقال عنه ايضا: جمع طرق "حديث غدير خم" في أربعة أجزاء، رأيت شطره، فبهرني سعة رواياته، وجزمت بوقوع ذلك.سير أعلام النبلاء ج 14 ص 277

    وقال ابن عساكر: ولما بلغه أن أبا بكر بن أبي داود السجستاني، تكلم في "حديث غدير خم" عمل كتاب الفضائل، فبدأ بفضل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رحمة الله عليهم، وتكلم على تصحيح "حديث غدير خم" واحتج لتصحيحه، وأتى من فضائل أمير المؤمنين علي بما انتهى إليه، ولم يتم الكتاب.
    تاريخ مدينة دمشق ج 52 ص 197

    4 – الحاكم النيسابوري (توفي سنة 405 هـ)

    وهو الذي انتقد البخاري ومسلم على عدم إخراجهما لبعض الأحاديث الصحيحة على شرطيهما، ومنها حديث الغدير، قال الخطيب البغدادي: وكان ابن البيع (يعني الحاكم النيسابوري) يميل إلى التشيع، فحدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الأرموي بنيسابور -وكان شيخاً صالحاً فاضلاً عالماً- قال: جمع الحاكم أبو عبدالله أحاديث زعم أنها صِحاح على شرط البخاري ومسلم، يلزمهما أخراجها في صحيحيهما منها: "الحديث الطائر" و "من كنت مولاه فعلي مولاه" فأنكر عليه أصحاب الحديث ذلك، ولم يلتفتوا فيه إلى قوله، ولا صوبوه في فعله.
    تاريخ بغداد ج 3 ص 94


    5 – الحافظ المزي (توفي سنة 742 هـ)

    قال في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام: ولم يتخلف عن مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة إلا تبوك، فإنه خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة وعلى عياله بعده في غزوة تبوك، وقال: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي". وروى قوله عليه السلام: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى" جماعة من الصحابة، وهو من أثبت الآثار وأصحها... ومن كتاب ابن أبي خيثمة، زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة ثنتين من الهجرة ابنته فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ما خلا مريم بنت عمران، وقال لها: زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة...

    قال: وروى بريدة، وأبو هريرة، وجابر، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم كل واحد منهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم غدير خم: "من كنت مولاه فعلي مولاه" زاد بعضهم "اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه".

    وروى سعد بن أبي وقاص، وأبو هريرة، وسهل بن سعد، وبريدة الاسلمي، وأبو سعيد الخدري، و عبد الله بن عمر، وعمران بن حصين، وسلمة بن الاكوع كلهم بمعنى واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم خيبر: "لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليس بفرار، يفتح الله على يديه" ثم دعا بعلي وهو أرمد فتفل في عينيه وأعطاه الراية ففتح الله عليه.
    وهي كلها آثار ثابتة.
    وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وهو شاب ليقضي بينهم، فقال: يا رسول الله إني لا أدري ما القضاء، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره بيده، وقال: "اللهم اهد قلبه وسدد لسانه" قال علي: فو الله ما شككت بعدها في قضاء بين اثنين. وقال له صلى الله عليه وسلم: "يهلك فيك رجلان محب مفرط وكذاب مفتر" وقال له: "تفترق فيك أمتي كما افترقت بنو إسرائيل في عيسى عليه السلام" وروى عنه عليه السلام أنه قال: "أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه".
    تهذيب الكمال ج 20 ص 483

    والمزي هو صاحب تهذيب الكمال، قال الذهبي: المزي: شيخنا [الإمام] العالم، الحبر، الحافظ، الأوحد، محدّث الشام، جمال الدين أبو الحجاج يوسف ابن الزكي عبد الرحمن بن يوسف القضاعى [ثم] الكلبي الدمشقي الشافعي...
    تذكرة الحفاظ ج 4 ص 1498

    وقال أيضاً: فرأس المحدثين اليوم أبو الحجاج القضاعي المزي...
    سير أعلام النبلاء ج 7 ص 250

    وقال ابن حجر: قال الذهبي: كان خاتمة الحفاظ، وناقد الأسانيد والألفاظ، وهو صاحب معضلاتنا، وموضح مشكلاتنا ...
    الدرر الكامنة ج 5 ص 235

    6 – الذهبي (توفي سنة 748 هـ)

    نص على تواتر الحديث في عدة مواضع، سأكتفي بذكر ثلاثة منها:
    الموضع الأول:
    ما رواه الذهبي بأسانيده عن عبدالله بن محمد بن عقيل قال: كنت عند جابر في بيته، وعلي بن الحسين، ومحمد بن الحنفية، وأبو جعفر، فدخل رجل من أهل العراق، فقال: أنشدك بالله إلا حدثتني ما رأيت وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كنا بالجحفة بغدير خم، وثم ناس كثير من جهينة ومزينة وغفار، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خباء أو فسطاط، فأشار بيده ثلاثاً، فأخذ بيد علي رضي الله عنه فقال: "من كنت مولاه فعلي مولاه".
    قال الذهبي: هذا حديث حسن عال جداً، ومتنه فمتواتر.سير أعلام النبلاء ج 8 ص 334



    الموضع الثاني:


    قال الذهبي: قال الحاكم: أخبرني الزبير بن عبد الواحد الحافظ، أنا أبو عمارة حمزة بن علي الجوهري، ثنا الربيع بن سليمان قال: حججنا مع الشافعي، فما ارتقى شرفاً، ولا هبط وادياً، إلا وهو يبكي وينشد:


    يا راكباً قف بالمحصب من منى *** واهتف بقاعد خيفها والناهـض
    سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى *** فيضاً كملتطم الفرات الفـائض
    إن كان رفضاً حب آل محـمـدٍ *** فليشهد الثقلان أني رافـضـي

    بهذا الاعتبار قال أحمد بن عبد الله العجلي في الشافعي: كان يتشيع، وهو ثقة.
    قال الذهبي: قلت: ومعنى هذا التشيع حب علي وبغض النواصب، وأن يتخذه مولى، عملاً بما تواتر عن نبينا صلى الله عليه وسلم: "من كنت مولاه فعلي مولاه".
    تاريخ الاسلام 1569 (الوراق)

    الموضع الثالث:

    نقل ابن كثير عن الذهبي انه قال: وصدر الحديث متواتر أتيقن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله، وأما "اللهم والِ من والاه"فزيادة قوية الإسناد.
    البداية والنهاية ج 5 ص 233

    قلت: وقد تقدم كلام الذهبي عند ذكر ابن جرير الطبري، وسيأتي ايضاً تصحيحه لرواية النسائي ورواية الحاكم...

    7 – ابن كثير الدمشقي (توفي سنة 774 هـ)

    فإنه أورد جملة من الروايات ونقل تصحيح الذهبي لبعضها كما تقدم، ومما قاله:
    وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، ثنا أبو عوانة، عن المغيرة، عن أبي عبيد، عن ميمون أبي عبدالله قال: قال زيد بن أرقم وأنا أسمع: نزلنا مع رسول الله منزلاً يقال له وادي خم، فأمر بالصلاة فصلاها بهجير، قال: فخطبنا وظل رسول الله بثوب على شجرة ستره من الشمس، فقال: ألستم تعلمون -أو ألستم تشهدون- أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟
    قالوا: بلى.
    قال: فمن كنت مولاه فإن علياً مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه.
    قال: ثم رواه أحمد: عن غندر، عن شعبة، عن ميمون أبي عبدالله، عن زيد بن أرقم إلى قوله من كنت مولاه فعلي مولاه، قال ميمون: حدثني بعض القوم عن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه.
    قال ابن كثير: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات على شرط السنن، وقد صحح الترمذي بهذا السند حديثاً في الريث.
    البداية والنهاية ج 5 ص 231

    وستأتي عنه نصوص أخرى في الفصل الثاني إن شاء الله تعالى...


    8 – ابن حجر العسقلاني (توفي سنة 852 هـ)

    قال: وأما حديث "من كنت مولاه فعلي مولاه" فقد أخرجه الترمذي والنسائي وهو كثير الطرق جداً، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان، وقد روينا عن الإمام أحمد قال: ما بلغنا عن أحد من الصحابة ما بلغنا عن علي بن أبي طالب.
    فتح الباري ج 7 ص 61

    9 – المناوي (توفي سنة 1031 هـ)

    قال: قال الهيثمي: رجال أحمد ثقات، وقال في موضع آخر: رجاله رجال الصحيح، وقال المصنف: حديث متواتر.
    فيض القدير شرح الجامع الصغير ج 6 ص 282

    10 – العجلوني (توفي سنة 1162)

    قال: "من كنت مولاه فعلي مولاه" رواه الطبراني وأحمد والضياء في المختارة عن زيد بن أرقم وعلي وثلاثين من الصحابة بلفظ "اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه" فالحديث متواتر أو مشهور.
    كشف الخفاء ج 2 ص 274

    11 - الشيخ محمد جعفر الكتاني (توفي سنة 1345 هـ)

    قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه) أورد فيها أيضاً من حديث:
    (1) زيد بن أرقم (2) وعلي (3) وأبي أيوب الأنصاري (4) وعمر (5) وذي مر (6) وأبي هريرة (7) وطلحة (8) وعمارة (9) وابن عباس (10) وبريدة (11) وابن عمر (12) ومالك ابن الحويرث (13) وحبشي بن جنادة (14) وجرير (15) وسعد بن أبي وقاص (16) وأبي سعيد الخدري (17) وأنس (18) وجندع الأنصاري ثمانية عشر نفساً وعن عدة من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنهم سمعوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقوله وعن اثني عشر رجلاً منهم (19) قيس بن ثابت (20) وحبيب بن بديل بن ورقاء وعن بضعة عشر رجلاً منهم (21) يزيد أو زيد بن شراحيل الأنصاري.
    (قلت) ورد أيضاً من حديث (22) البراء بن عازب (23) وأبي الطفيل (24) وحذيفة بن أسيد الغفاري (25) وجابر وفي رواية لأحمد أنه سمعه من النبي صلى اللّه عليه وسلم ثلاثون صحابياً وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته، وممن صرح بتواتره أيضاً المناوي في التيسير نقلاً عن السيوطي وشارح المواهب اللدنية وفي الصفوة للمناوي قال الحافظ ابن حجر حديث من كنت مولاه فعلي مولاه خرجه الترمذي والنسائي وهو كثير الطرق جداً وقد استوعبها ابن عقدة في مؤلف مفرد وأكثر أسانيدها صحيح أو حسن اهـ.نظم المتناثر من الحديث المتواتر ص 194

    12 – محمد ناصر الألباني (توفي سنة 1420 هـ)

    قال بعد أن جمع طرقه عن (عشرة من الصحابة) هم: زيد بن أرقم، وسعد بن أبي وقاص، وبريدة بن الحصيب، وعلي بن أبي طالب، وأبو أيوب الأنصاري، والبراء بن عازب، وابن عباس، وأنس بن مالك، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة ...

    قال ما نصه: وللحديث طرق أخرى كثيرة، جمع طائفة كبيرة منها الهيثمي في "المجمع" 9/ 103–108 وقد ذكرتُ وخرّجتُ ما تيسر لي منها مما يقطع الواقف عليها بعد تحقيق الكلام على أسانيدها بصحة الحديث يقيناً، وإلا فهي كثيرة جداً، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، قال الحافظ ابن حجر: "منها صحاح ومنها حسان".

    وجملة القول: أن حديث الترجمة حديث صحيح بشطريه، بل الأول منه "متواتر" عنه صلى الله عليه وسلم كما يظهر لمن تتبع أسانيده وطرقه، وما ذكرت منها كفاية.

    وأما قوله في الطريق الخامسة من حديث علي رضي الله عنه: "وانصر من نصره، واخذل من خذله"

    ففي ثبوته عندي وقفة، لعدم ورود ما يجبر ضعفه، وكأنه رواية بالمعنى للشطر الآخر من الحديث: "اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه".
    ومثله قول عمر لعلي: "أصبحتَ وأمسيتَ مولى كل مؤمن ومؤمنة".
    لا يصح أيضاً لتفرد علي بن زيد به كما تقدم.

    إذا عرفتَ هذا، فقد كان الدافع لتحرير الكلام على الحديث، وبيان صحته أنني رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية، قد ضعّف الشطر الأول من الحديث، وأما الشطر الآخر، فزعم أنه كذب!!! (هامش: انظر "مجموع الفتاوى" 4/417–418) ! وهذا من مبالغاته الناتجة في تقديري من تسرعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها ويدقق النظر فيها، والله المستعان.سلسلة الأحاديث الصحيحة ج 4 ص 343 الحديث رقم 1750

    والوهابيون يعتبرون الألباني أعلم الناس بالحديث في هذا العصر، قال الشيخ ابن باز: لا أعلم تحت قُبَةِ الفلك في هذا العصر، أعلم من الشيخ الألباني.

    وقال الشيخ ابن عثيمين: الألباني رجل من أهل السنة رحمه الله مدافع عنها إمام في الحديث لا نعلم أن أحداً يباريه في عصرنا.

    وإن كان الشيخ السقاف له وجهة نظر أخرى فيه!!!


    وهناك علماء آخرون صرحوا بصحة الحديث أو تواتره...

    13 - المحدِّث المعاصر شعيب الأرنؤوط

    قال معلقاً على الحديث الشريف: ولفظه بتمامه "من كنت مولاه، فعلي مولاه" وهو حديث صحيح ثابت كما قال المؤلف رحمه الله، فقد أخرجه الترمذي (3713) وأحمد 4/370 و372 من حديث زيد بن أرقم، وسنده صحيح، وقال الترمذي: حسن صحيح، وأخرجه أحمد 4/281 وابن ماجه (121) من حديث البراء، ورجال إسناد ابن ماجه، ثقات، وأخرجه أحمد 5/358 من حديث بريدة بلفظ "من كنت وليه، فعلي وليه" ورجاله ثقات.
    سير أعلام النبلاء ج 5 ص 415 (في الهامش)


    النقطة الثالثة: ذكر بعض الأسانيد الصحيحة لحديث الغدير من طرق أهل السنة:

    الذين ضعّفوا حديث الغدير لم يستندوا على حجة، وأقصى ما يمكن أن يعتذروا به –إن أحسنا الظن مع أن هذا الاحتمال بعيد جداً- أن يقال ان الحديث الشريف لم يبلغهم أي أنهم يجهلون بالحديث وطرقه!!!

    ولو أنهم إذ جهلوا توقفوا ولم يحكموا بضعف أو بطلان الحديث الشريف لكان أسلم لهم، وهو مقتضى الورع والإحتياط في الدين!!! {بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} (39) سورة يونس

    وسأورد في هذا البحث بعض الأحاديث مع ترجمة رجال أسانيدها، مكتفياً بخمسة أحاديث فقط، ومن أراد المزيد فعليه بمراجعة كتب الحديث فإن ما سأنقله لا يساوي معشار ما فيها...

    الحديث الأول: رواه النسائي قال:
    أخبرنا محمد بن المثنى، قال ثنا يحيى بن حماد، قال ثنا أبو عوانة، عن سليمان، قال ثنا حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم قال: كأني قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.
    ثم قال: إن الله مولاي، وأنا ولي كل مؤمن.
    ثم أخذ بيد عليٍ فقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه.
    فقلت لزيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
    قال: ما كان في الدوحات رجل إلا رآه بعينه وسمع بأذنه.
    السنن الكبرى للنسائي ج 5 ص 45

    وهذا الحديث صحيح على شرط الشيخين، وقد نقل ابن كثير هذا الحديث عن النسائي ثم قال: تفرّد به النسائي من هذا الوجه، قال شيخنا أبو عبدالله الذهبي: وهذا حديث صحيح.
    البداية والنهاية ج 5 ص 228

    ورتبة النسائي لا تقل عن رتبة الشيخين، بل هو مساوٍ للبخاري، ومقدّم على مسلم كما صرح النقّاد الكبار: يقول الذهبي في ترجمته: وكان من بحور العلم، مع الفهم، والإتقان، والبصر، ونقد الرجال، وحسن التأليف...
    قال أبو الحسن الدارقطني: أبو عبدالرحمن مقدّم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره.
    قال الذهبي: ولم يكن أحد في رأس الثلاث مئة أحفظ من النسائي، هو أحذق بالحديث وعلله ورجاله من مسلم، ومن أبي داود، ومن أبي عيسى "يعني الترمذي" وهو جارٍ في مضمار البخاري، وأبي زرعة، إلا أن فيه قليل تشيع وانحراف عن خصوم الإمام علي، كمعاوية وعمرو، والله يسامحه. سير أعلام النبلاء ج 14 ص 127

    إذاً فهو سند متصل وكل رواته "أئمة حفاظ ثقات أثبات" قد أخرج لهم البخاري ومسلم، وهذه تراجمهم:

    1 - محمد بن المثنى:

    قال الذهبي: أبو موسى (ع) محمد بن المثنى بن عبيد بن قيس بن دينار، الإمام الحافظ الثبت، أبو موسى، العنزي البصري الزمن... جمع وصنف، وكتب الكثير. روى عنه: الجماعة ستتهم، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وبقي... قال محمد بن يحيى الذهلي: حجة. وقال صالح جزرة: صدوق اللهجة، في عقله شيء، وكنت أقدمه على بندار. وقال أبو حاتم: صدوق صالح الحديث. وقال أبو عروبة: ما رأيت بالبصرة أثبت من أبي موسى، ويحيى بن حكيم. وقال النسائي: كان لا بأس به، كان يغير في كتابه... وقال الخطيب: كان صدوقا ورعا، وقال في موضع آخر: كان ثقة ثبتا، احتج به سائر الائمة.
    سير أعلام النبلاء ج 12 ص 123

    2 - يحيى بن حماد:
    قال الذهبي: (خ، م، ت، س، ق) ابن أبي زياد، الإمام الحافظ، أبو محمد، وأبو بكر الشيباني، مولاهم البصري... حدث عن: شعبة... وأكثر عن أبي عوانة... وثقه أبو حاتم وجماعة. وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. وقال محمد بن النعمان بن عبد السلام: لم أر أعبد من يحيى بن حماد، وأظنه لم يضحك.
    سير أعلام النبلاء ج 10 ص 139

    3 - أبو عوانة:
    قال الذهبي: (ع) هو الإمام الحافظ، الثبت، محدث البصرة، الوضاح بن عبدالله، مولى يزيد بن عطاء اليشكري، الواسطي، البزاز... وكان من أركان الحديث... قال عفان: أبو عوانة أصح حديثا عندنا من شعبة. وقال أحمد بن حنبل: هو صحيح الكتاب، وإذا حدث من حفظه، ربما يهم. وقال عفان بن مسلم: كان أبو عوانة صحيح الكتاب ثبتا، كثير العجم، والنقط. وقال يحيى بن سعيد القطان: ما أشبه حديثه بحديث سفيان، وشعبة. وقال عفان: سمعت شعبة يقول: إن حدثكم أبو عوانة عن أبي هريرة فصدقوه.
    سير أعلام النبلاء ج 8 ص 217

    4 – سليمان الأعمش:
    قال الذهبي: (ع) سليمان بن مهران، الإمام، شيخ الإسلام، شيخ المقرئين والمحدثين، أبو محمد الأسدي، الكاهلي، مولاهم الكوفي الحافظ... وروى عن أبي وائل... وحبيب بن أبي ثابت... وقال يحيى القطان: هو علامة الإسلام. قال وكيع بن الجراح: كان الأعمش، قريبا من سبعين سنة، لم تفته التكبيرة الأولى. وقال عبدالله الخريبي: ما خلف الأعمش أعبد منه.
    سير أعلام النبلاء ج 6 ص 226

    5 – حبيب بن أبي ثابت:
    قال الذهبي: (ع) الإمام الحافظ، فقيه الكوفة أبو يحيى القرشي الأسدي... حدث عن ابن عمر، وابن عباس... وأبي الطفيل... روى عنه عطاء بن أبي رباح... والأعمش... وقال أحمد العجلي: كوفي تابعي ثقة، كان مفتي الكوفة قبل حماد بن أبي سليمان. قال أحمد بن سعد بن أبي مريم، عن يحيى: ثقة حجة. فقيل ليحيى: حبيب ثبت ؟ قال: نعم.
    قال الذهبي: كان من أبناء الثمانين وهو ثقة بلا تردد، وقد تناكد الدولابي بذكره في الضعفاء له لمجرد قول ابن عون فيه: كان أعور، وإنما هذا نعت لبصره لا جرح له.
    سير أعلام النبلاء ج 5 ص 288

    6 – أبو الطفيل:
    وهو صحابي، قال عنه الذهبي: أبو الطفيل (ع) خاتم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا... واسم أبي الطفيل، عامر بن واثلة بن عبدالله بن عمرو الليثي الكناني الحجازي الشيعي، كان من شيعة الإمام علي، مولده بعد الهجرة، رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في حجة الوداع وهو يستلم الركن بمحجنه، ثم يقبل المحجن... حدث عنه: حبيب بن أبي ثابت... وفطر بن خليفة، وخلق سواهم...
    وكان أبو الطفيل ثقة فيما ينقله، صادقاً، عالماً، شاعراً، فارساً، عمّر دهراً طويلاً، وشهد مع علي حروبه.
    سير أعلام النبلاء ج 3 ص 467

    7 - زيد بن أرقم:
    صحابي مشهور.


    قلت: وقد روى الحاكم النيسابوري هذا الحديث باختلاف يسير جداً، قال:
    (حدثنا) أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي ببغداد ثنا أبو قلابة عبدالملك بن محمد الرقاشى ثنا يحيى ابن حماد...
    (وحدثني) أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه وابو بكر أحمد بن جعفر البزار:
    (قالا) ثنا عبدالله بن أحمد ابن حنبل حدثنى أبي ثنا يحيى بن حماد...
    (وثنا) أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى ثنا صالح بن محمد الحافظ البغدادي ثنا خلف بن سالم المخرمى ثنا يحيى بن حماد: ثنا أبو عوانة عن سليمان الأعمش قال ثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال:
    لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من حجة الوداع ونزل غدير خم أمرَ بدوحات فقممن فقال: كأني قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين: أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله تعالى، وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.
    ثم قال: إن الله عز وجل مولاي، وأنا مولى كل مؤمن.
    ثم أخذ بيد عليٍ رضي الله عنه فقال: من كنت مولاه، فهذا وليه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه.
    وذكر الحديث بطوله.
    قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله.
    المستدرك ج 3 ص 109
    قلت: ولم يتعقبه الذهبي.

    إذاً فلو لم يكن سوى هذا الطريق لكفى به حجة بالغة، ومع ذلك فهناك طرق أخرى نذكر بعضها إتماماً للحجة...

    الحديث الثاني: رواه الترمذي، قال:
    حدثنا محمد بن بشار أخبرنا محمد بن جعفر أخبرنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم شك شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    من كنت مولاه فعلي مولاه.
    قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب وروى شعبة هذا الحديث عن ميمون أبي عبدالله عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وأبو سريحة هو حذيفة بن أسيد صاحب النبي صلى الله عليه وسلم.
    سنن الترمذي ج 5 ص 297

    وهذا الحديث صحيح على شرط الشيخين وترجمة رجال السند كما يلي:

    1 – محمد بن بشار:
    قال الذهبي: بندار: (ع) محمد بن بشار بن عثمان بن داود بن كيسان، الإمام الحافظ، راوية الإسلام، أبو بكر العبدي البصري بندار، لقب بذلك، لانه كان بندار الحديث في عصره ببلده، والبندار الحافظ. ولد سنة سبع وستين ومئة. وحدث عن: يزيد بن زريع... وغندر، ويحيى بن سعيد... روى عنه: الستة في كتبهم..
    سير أعلام النبلاء ج 12 ص 144

    2 – محمد بن جعفر:
    قال الذهبي: غندر: (ع) محمد بن جعفر، الحافظ، المجود، الثبت، أبو عبدالله الهذلي، مولاهم البصري الكرابيسي التاج، أحد المتقنين. ولد سنة بضع عشرة ومئة. وروى عن: حسين المعلم... وشعبة فأكثر عنه، وجود، وحرر. روى عنه: علي بن المديني، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، ... ومحمد بن بشار...
    قال يحيى بن معين: كان أصح الناس كتابا، وأراد بعض الناس أن يخطئ غندرا، فلم يقدر.
    سير أعلام النبلاء ج 9 ص 98

    3 – شعبة:
    قال الذهبي: شعبة (ع) ابن الحجاج بن الورد، الإمام الحافظ، أمير المؤمنين في الحديث...
    وكان من أوعية العلم، لا يتقدمه أحد في الحديث في زمانه، وهو من نظراء الاوزاعي، ومعمر، والثوري في الكثرة.
    قال علي بن المديني: له نحو من ألفي حديث.
    قال الذهبي: قلت: ما أظنه إلا يروي أكثر من ذلك بكثير.
    حدثنا عمر بن شبة، حدثنا عفان قال: قال يحيى بن سعيد: ما رأيت أحدا قط أحسن حديثا من شعبة.
    قال أبو بحر البكراوي: ما رأيت أحدا أعبدلله من شعبة، لقد عبدالله حتى جف جلده على عظمه واسوّد.
    سير أعلام النبلاء ج 7 ص 202

    4 – سلمة بن كهيل:
    قال الذهبي: سلمة بن كهيل: (ع) ابن حصين الإمام الثبت الحافظ أبو يحيى الحضرمي...
    وقال أحمد بن حنبل: كان متقنا للحديث.
    وقال أحمد العجلي: تابعي ثقة ثبت في الحديث وفيه تشيع قليل، وحديثه أقل من مئتي حديث.
    وقال أبو حاتم: ثقة متقن.
    وقال يعقوب ابن شيبة: ثقة ثبت على تشيعه.
    وقال جرير بن عبدالحميد: لما قدم شعبة البصرة، قالوا: حدثنا عن ثقات أصحابك، فقال: إن حدثتكم عن ثقات أصحابي، فإنما أحدثكم عن نفر يسير من هذه الشيعة، الحكم، وسلمة بن كهيل، وحبيب بن أبي ثابت، ومنصور.
    سير أعلام النبلاء ج 5 ص 298

    5 – أبو سريحة وزيد بن أرقم:
    صحابيان، وجهالة الصحابي لا تضر فكلهم عدول!!!

    الحديث الثالث: رواه الحاكم:
    قال: أخبرني محمد بن علي الشيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم الغفاري، حدثنا أبو نعيم، حدثنا كامل أبو العلاء قال: سمعت حبيب بن أبي ثابت يخبر، عن يحيى بن جعدة، عن زيد بن أرقم رضي الله تعالى عنه قال:
    خرجنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتى انتهينا إلى غدير خم، فأمر بروح فكسح، في يوم ما أتى علينا يوم كان أشد حراً منه.
    فحمد الله، وأثنى عليه، وقال: يا أيها الناس، إنه لم يُبعث نبي قط إلا ما عاش نصف ما عاش الذي كان قبله، وإني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده كتاب الله عز وجل.
    ثم قام فأخذ بيد عليٍ رضي الله تعالى عنه فقال: يا أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم؟
    قالوا: الله ورسوله أعلم.
    قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه).
    قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
    المستدرك ج 3 ص 533

    وقال الذهبي في التلخيص: صحيح.

    ترجمة رجال السند:

    1 - محمد بن علي الشيباني:
    قال الذهبي: ابن دحيم: الشيخ الثقة المسند الفاضل، محدث الكوفة، أبو جعفر، محمد بن علي بن دحيم الشيباني الكوفي.
    سمع من: إبراهيم بن عبدالله العبسي القصار، وإبراهيم بن أبي العنبس القاضي، وأبي عمرو أحمد بن غرزة الغفاري، وجماعة.
    حدث عنه: الحاكم، وأبو بكر بن مردويه...
    وكان أحد الثقات، عاش إلى سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة، وما وجدت وفاته بعد، ثم وجدت ابن حماد الكوفي، ورخ سنة اثنتين وخمسين، أنه حدث في آخرها. وقال: كان صالحاً، صدوقاً قليل المعرفة، وسماعه في كتب أبيه.
    سير أعلام النبلاء ج 16 ص 36

    2 - أحمد بن حازم الغفاري:
    قال الذهبي: ابن أبي غرزة: الإمام، الحافظ الصدوق، أحمد بن حازم بن محمد بن يونس بن قيس بن أبي غرزة، أبو عمرو الغفاري الكوفي، صاحب "المسند"... وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: كان متقنا.
    سير أعلام النبلاء ج 13 ص 239

    3 - أبو نعيم:
    قال الذهبي: أبو نعيم (ع) الفضل بن دكين، الحافظ الكبير، شيخ الإسلام، الفضل بن عمرو ابن حماد بن زهير...
    وكان من أئمة هذا الشأن وأثباتهم.
    حدث عنه: البخاري كثيرا، وهو من كبار مشيخته... وروى عنه أحمد بن حنبل...
    قال أبو زرعة: وسمعت أحمد بن صالح يقول: ما رأيت محدثاً أصدق من أبي نعيم.
    قال يعقوب الفسوي: أجمع أصحابنا أن أبا نعيم كان غاية في الإتقان.
    قال أبو عبيد الآجري: قلت لأبي داود: كان أبو نعيم حافظا؟ قال: جداً.
    قلت: وكان في أبي نعيم تشيع خفيف، قال أحمد بن ملاعب: حدثني ثقة قال: قال أبو نعيم: ما كتبت علي الحفظة أني سببت معاوية، وبلغنا عن أبي نعيم أنه قال: حب علي رضي الله عنه عبادة، وخير العبادة ما كتم.
    قال محمد بن عبدالله بن عمار: أبو نعيم متقن حافظ، إذا روى عن الثقات، فحديثه حجة أحج ما يكون.
    وقال عثمان بن أبي شيبة مرة: حدثنا الأسد. فقيل: من ؟ قال: أبو نعيم.
    سير أعلام النبلاء ج 10 ص 142

    4 - كامل أبو العلاء:
    قال ابن حجر: (أبي داود ومسلم والترمذي وابن ماجة) كامل بن العلاء التميمي السعدي أبو العلاء ويقال أبو عبد الله الكوفي. روى عن عطاء بن أبي رباح وحبيب بن أبي ثابت... وعنه زيد ابن الحباب... وأبو نعيم...
    قال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ثقة.
    وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال في موضع آخر ليس به بأس.
    وقال ابن عدي: رأيت في بعض رواياته أشياء أنكرتها وأرجو أنه لا بأس به.
    قلت: وقال ابن سعد كان قليل الحديث وليس بذاك.
    وقال ابن المثنى ما سمعت ابن مهدي يحدث عنه شيئاً قط.
    وقال يعقوب بن سفيان: ثقة.
    وقال ابن حبان: كان ممن يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل من حيث لا يدري فبطل الاحتجاج بأخباره.
    وقال الحاكم هو ممن يجمع حديثه.
    تهذيب التهذيب ج 8 ص 366

    وقال العجلي: كامل أبو العلاء: كوفى ثقة.
    معرفة الثقات ج 2 ص 224

    وقد رأيت كلاماً للمباركفوري يدافع فيه عن كامل بن العلاء ويرد على ابن حبان، فيقول ما نصه: فقول النسائي ليس بالقوي: جرح مبهم، ثم هو معارض بقوله: ليس به بأس.
    وأما قول ابن حبان كان ممن يقلب الأسانيد إلخ غير قادح فإنه متعنت ومسرف كما تقرر في مقره، فحديثه هذا (يعني حديثا رواه الترمذي لكامل بن العلاء) إن لم يكن صحيحاً فلا ينزل عن درجة الحسن والله تعالى أعلم.
    تحفة الأحوذي ج 2 ص 141

    قلت: ومن الشواهد على تعنت ابن حبان وإسرافه انه طعن في أحد رجال الكتب الستة واسمه عارم السدوسي فقال الذهبي:
    وقال الدارقطني: تغير بآخره، وما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر، وهو ثقة.
    قال الذهبي: قلت: فهذا قول حافظ العصر الذى لم يأت بعد النسائي مثله، فأين هذا القول من قول ابن حبان الخساف المتهور في عارم، فقال: اختلط في آخر عمره وتغير حتى كان لا يدرى ما يحدث به، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة، فيجب التنكب عن حديثه فيما رواه المتأخرون، فإذا لم يعلم هذا من هذا ترك الكل، ولا يحتج بشيء منها.
    قال الذهبي: قلت: ولم يقدر ابن حبان أن يسوق له حديثاً منكراً، فأين ما زعم؟!
    ميزان الاعتدال ج 4 ص 8

    5 - حبيب بن أبي ثابت:
    تقدمت ترجمته في الحديث الأول رقم (5)...

    6 - يحيى بن جعدة:
    قال ابن حجر: (أبي داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة) يحيى بن جعدة بن هبيرة... روى عن جدته أم أبيه أم هانئ... وزيد بن أرقم... وعنه: حبيب ابن أبي ثابت... قال أبو حاتم والنسائي: ثقة.
    وذكره ابن حبان في الثقات.
    تهذيب التهذيب ج 11 ص 169

    وقد نص على صحة هذا الحديث كل من الحاكم والذهبي كما تقدم...

    الحديث الرابع: رواه أحمد بن حنبل:
    حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت سعيد بن وهب قال:
    نشدَ عليٌ الناسَ، فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.
    مسند أحمد بن حنبل ج 5 ص 366

    قال الهيثمي: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد ج 9 ص 104

    1 – محمد بن جعفر:
    تقدمت ترجمته في الحديث الثاني رقم (2)

    2 – شعبة:
    تقدمت ترجمته في الحديث الثاني رقم (3)

    3 – أبو إسحاق:
    تقدمت ترجمته في النقطة الأولى: أسماء بعض من أنكر حديث الغدير...

    4 – سعيد بن وهب:
    وهو من رجال مسلم والنسائي، قال عنه الذهبي: من كبراء شيعة علي، حدث عن علي، وابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وخباب. أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولزم علياً رضي الله عنه حتى كان يقال له القراد، للزومه إياه... روى عنه: أبو إسحاق، وولده يونس بن أبي إسحاق، وطائفة... وثقه يحيى بن معين.
    سير أعلام النبلاء ج 4 ص 180

    وقال ابن حجر: وذكره ابن حبان في الثقات... ووثقه العجلي وابن نمير.
    تهذيب التهذيب ج 4 ص 85

    فائدة: معنى المناشدة:

    هذا أحد أحاديث المناشدة وقد تكررت المناشدة في عدة مواطن، لعل أشهرها مناشدة يوم الرحبة في الكوفة سنة 35 هـ كما نص العلامة الأميني رضي الله عنه... وهذا يعني أن علياً عليه السلام كان يستحلف الصحابة ويسألهم بالله أن يقوموا فيشهدوا بما سمعوا، قال ابن منظور: وتقول: ناشدتك الله، وفي المحكم: نشدتك الله نشدة ونشدة ونشدانا استحلفتك بالله، وأنشدك بالله إلا فعلت: أستحلفك بالله، ونشدك الله أي أنشدك بالله، وقد ناشده مناشدة ونشادا. وفي الحديث: نشدتك الله والرحم، أي سألتك بالله والرحم، يقال: نشدتك الله، وأنشدك الله، وبالله، وناشدتك الله، وبالله، أي سألتك وأقسمت عليك.
    لسان العرب ج 3 ص 422

    الحديث الخامس: رواه أحمد بن حنبل:
    ‏حدثنا ‏حسين بن محمد ‏وأبو نعيم ‏المعنى ‏قالا ثنا ‏فطر عن ‏أبي الطفيل قال: جمع علي رضي الله تعالى عنه ‏الناس في ‏الرحبة ثم قال لهم: أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم ما سمِع لمّا قام.
    فقام ثلاثون من الناس -وقال أبو نعيم: فقام ناس كثير- فشهدوا حين أخذه بيده فقال للناس: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
    قالوا: نعم يا رسول الله.
    قال: من كنت مولاه، فهذا مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه. ‏
    ‏قال: فخرجت وكأن في نفسي شيئاً فلقيت زيد بن أرقم فقلت له: إني سمعت علياً رضي الله تعالى عنه يقول كذا وكذا!
    قال: فما تنكر؟!؟ قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك له.
    مسند أحمد بن حنبل ج 4 ص 370

    قال الهيثمي: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة.
    مجمع الزوائد ج 9 ص 104

    قلتُ: وهذا إسناد عالٍ جداً، فبين أحمد وبين الصحابي راويين فقط، فإنه سمع الحديث من إمامين من رجال الكتب الستة وهما حسين بن محمد وأبا نعيم، وهما سمعاه من فطر بن خليفة وهو ثقة، روى له البخاري مقروناً كما روى له الأربعة، وسيأتي تحقيق الكلام في وثاقته، وهذه تراجم رجال السند:

    1 – حسين بن محمد:
    قال ابن حجر: (الستة) الحسين بن محمد بن بهرام التميمي أبو أحمد ويقال أبو علي المؤدب المروذي... وعنه: أحمد بن حنبل وأحمد بن منيع...
    قال ابن سعد: ثقة... وقال النسائي: ليس به بأس، وقال معاوية بن صالح قال لي أحمد: اكتبوا عنه، وذكره ابن حبان في الثقات.
    تهذيب التهذيب ج 2 ص 315

    وتقدمت ترجمة أبي نعيم في الحديث الثالث رقم (3)...

    2 – فطر بن خليفة:
    قال ابن حجر: (البخاري والأربعة)
    قال عبدالله بن أحمد بن حنبل عن أبيه: ثقة صالح الحديث، قال وقال أبي: كان عند يحيى بن سعيد ثقة.
    وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ثقة.
    وقال العجلي: كوفي ثقة حسن الحديث، وكان فيه تشيع قليل.
    وقال أبو حاتم: صالح الحديث كان يحيى بن سعيد يرضاه ويحسن القول فيه ويحدث عنه.
    وقال أبو داود عن أحمد بن يونس: كنا نمر على فطر وهو مطروح لا نكتب عنه.
    وقال النسائي: لا بأس به، وقال في موضع آخر: ثقة حافظ كيس.
    روى له البخاري مقروناً.
    وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله تعالى ومن الناس من يستضعفه وكان لا يدع أحدا يكتب عنه وكانت له سن عالية ولقاء.
    وقال الساجي: صدوق ثقة ليس بمتقن، كان أحمد بن حنبل يقول هوه خشبي مفرط، قال الساجي: وكان يقدم عليا على عثمان.
    وقال السعدي: زائغ غير ثقة.
    وقال الدارقطني: فطر زائغ ولم يحتج به البخاري.
    وقال أبو بكر بن عياش: ما تركت الرواية عنه إلا لسوء مذهبه.
    وقال أبو زرعة الدمشقي: سمعت أبا نعيم يرفع من فطر ويوثقه ويذكر انه كان ثبتاً في الحديث.
    وقال ابن أبي خيثمة: سمعت قطبة بن العلاء يقول: تركت فطرا لانه يروي أحاديث فيها إزراء على عثمان.
    وذكره ابن حبان في الثقات وقال: وقد قيل انه سمع من أبي الطفيل فإن صح فهو من التابعين.
    وقال النسائي في الكنى: حدثنا يعقوب بن سفيان عن ابن نمير قال: فطر حافظ كيّس.
    وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة عند الكوفيين وهو متماسك وأرجو انه لا بأس به.
    تهذيب التهذيب ج 8 ص 270

    وقال ابن حبان: فطر بن خليفة من متقني أهل الكوفة.
    مشاهير علماء الأمصار ص 266

    3 – أبو الطفيل:
    صحابي.



    تحقيق حال فطر بن خليفة:

    قد وثقه من علماء الجرح والتعديل "أحد عشر" وهم:
    أحمد بن حنبل، ويحيى بن سعيد، ويحيى بن معين، والعجلي، وأبو حاتم (مع تعنته) والنسائي (وهو متعنت جداً في الرجال) وابن سعد، وابن عدي، وابن حِبان، وأبو نعيم، وابن نمير.
    وضعّفه "خمسة" وهم: قطبة بن العلاء، والسعدي، وأبو بكر بن عياش، والدارقطني، وأحمد بن يونس.

    أما تضعيف قطبة بن العلاء فلا يلتفت إليه أصلاً لأنه ضعيف بل هالك!!! ويكفي أنه ضعّف أحد الثقات الأعلام الزهاد فرد عليه الذهبي، فنقتصر على نقل كلام الذهبي، قال:
    فضيل بن عياض (ع، م، د، س، ت) الزاهد، شيخ الحرم وأحد الأثبات، مجمع على ثقته وجلالته، ولا عبرة بما رواه أحمد بن أبي خيثمة، قال: سمعت قطبة بن العلاء يقول: تركت حديث فضيل بن عياض لأنه روى أحاديث أذرى فيها على عثمان رضي الله عنه!
    قال الذهبي: فمن قطبة! وما قطبة حتى يجرح! وهو هالك!
    روى الفضيل رحمه الله ما سمع فكان ماذا؟ فالفضيل من مشايخ الإسلام والسلام.
    ميزان الاعتدال ج 3 ص 361

    وأما تضعيف السعدي (الجوزجاني) فهو غير معتبر في فطر وأمثاله من الشيعة، لنصبه وتعصبه وميله على الشيعة!!! وبهذا صرح علماء الرجال، قال ابن حجر: وأما الجوزجاني فلا عبرة بحطه على الكوفيين.
    تهذيب التهذيب ج 1 ص 81

    وقال أيضا: وممن ينبغي أن يتوقف في قبول قوله في الجرح: مَنْ كان بينه وبين من جرحَهُ عداوة سببها الإختلاف في الإعتقاد، فإن الحاذق إذا تأمل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب!! وذلك لشدة إنحرافه في النصب!! وشهرة أهلها بالتشيع!! فتراه لا يتوقف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلقة وعبارة طلقة!! حتى أنه أخذ يلّين مثل الأعمش وأبي نعيم وعبيدالله بن موسى وأساطبن الحديث وأركان الرواية!! فهذا إذا عارضه مثله أو أكبر منه فوثّق رجلاً ضعفه قُبِلَ التوثيق.
    لسان الميزان ج 1 ص 16

    إذا فهو ناصبي، ونصبه يحمله على تضعيف الشيعة بحق أو بدون حق، قال ابن حجر في ترجمة الجوزجاني:
    وقال ابن عدي: كان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في الميل على علي.
    وقال السلمي عن الدارقطني بعد أن ذكر توثيقه: لكن فيه انحراف عن علي، اجتمع على بابه أصحاب الحديث فأخرجت جارية له فرّوجة لتذبحها فلم تجد من يذبحها فقال: سبحان الله!! فروجة لا يوجد من يذبحها، وعلي يذبح في ضحوة نيفا وعشرين ألف مسلم!!
    قال ابن حجر: قلت: وكتابه في الضعفاء يوضح مقالته.
    تهذيب التهذيب ج 1 ص 159

    وأما أبو بكر بن عياش فهو كثير الغلط جداً، قال الذهبي: أحد الأئمة الأعلام، صدوق ثبت في القراءة، لكنه في الحديث يغلط ويهم، وقد أخرج له البخاري، وهو صالح الحديث، لكن ضعّفه محمد بن عبدالله بن نمير. وقال أبو نعيم: لم يكن في شيوخنا أحد أكثر غلطا منه.
    وقال أحمد: ثقة ربما غلط، وهو صاحب قرآن وسنة، وكان يحيى بن سعيد لا يعبأ به، إذا ذكر عنده كلح وجهه.
    وقال أحمد أيضا فيما سمعه منه مهنأ: كثير الغلط جداً، وكتبه ليس فيها خطأ.
    ميزان الاعتدال ج 4 ص 499

    وذكر الذهبي حكاية عنه تدل على تعصبه، قال: قال أحمد بن يونس: قلت لأبي بكر بن عياش: لي جار رافضي قد مرض! قال: عده مثل ما تعود اليهودي والنصراني، لا تنوي فيه الأجر!!!
    سير أعلام النبلاء ج 8 ص 504
    فيبقى تضعيف أحمد بن يونس والدارقطني، وهما معارَضان بأحد عشر توثيقاً من أحد عشر علماً من أعلام الجرح والتعديل فيهم أحمد بن حنبل ويحيى بن سعيد ويحيى بن معين وأبو حاتم والنسائي وناهيك بهم، خصوصاً هذين الأخيرين، لما قاله الذهبي: إذا وثق أبو حاتم رجلا فتمسّك بقوله، فإنه لا يوثق إلا رجلاً صحيح الحديث، وإذا ليّن رجلاً، أو قال فيه: لا يُحتج به، فتوقف حتى ترى ما قال غيره فيه، فإن وثقه أحد، فلا تبنِ على تجريح أبي حاتم، فإنه متعنت في الرجال، قد قال في طائفة من رجال "الصحاح": ليس بحجة، ليس بقوي، أو نحو ذلك.
    سير أعلام النبلاء ج 13 ص 260

    وقال أيضا: قال الحافظ ابن طاهر: سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل، فوثقه، فقلت: قد ضعّفه النسائي! فقال: يا بني! إن لأبي عبدالرحمن شرطاً في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم.
    قال الذهبي: قلت: صدقَ، فإنه ليّن جماعة من رجال صحيحي البخاري ومسلم.
    سير أعلام النبلاء ج 14 ص 131

    ولا يجوز طرح أقوال كل أولئك العلماء لأجل قول رجلين اثنين، لا سيما وأن سبب تضعيفهما هو الإختلاف في العقيدة كما هو بيّن من كلامهما!!!

    فيتلخص أن جرح الدارَقطني وأحمد بن يونس لفطر بن خليفة هو من الجرح المردود...

    الخلاصة:
    هذه خمس روايات صحاح ويمكن أن يقال عن الأخيرة أنها حسنة على أقل التقادير، وهي كافية لإتمام الحجة البالغة، فنقتصر على هذا المقدار، وإلا فإن طرق الحديث كثيرة جداً كما نص ابن حجر والألباني وغيرهما...

    ولنا أن نتسائل: كيف تجرأ جمع من علماء أهل السنة على تكذيب أو تضعيف هذا الحديث النبوي الشريف الذي تظافرت طرقه فبلغت حد التواتر كما نص على ذلك جملة من أعلامهم؟؟؟

    فإن زعموا: أن تلك الطرق الكثيرة -التي لا تخفى على أدنى طلبة العلم- لم تبلغهم!!!

    قيل لهم: فهلا تورّعتم عن تكذيب رسول الله صلى الله عليه وآله؟؟؟

    وعلى كل حال: فحمل هؤلاء على الخطيئة أولى من حملهم على الخطأ، لا سيما وأنهم من الذين لهم عناية كبيرة جداً بالأحاديث، فلا ريب أنهم فهموا معنى الحديث الشريف، ولهذا أنكروه!!!

    وقد ذكرت تحت اسم إبراهيم الحربي وابن حزم ما يفيد هنا، وبهذا المقدار نطوي الكلام عن صحة الحديث الشريف لننتقل إلى البحث عن دلالته على بركة الله...


    يتبع...
    التعديل الأخير تم بواسطة خادم محمد وآل محمد; الساعة 22-12-2004, 09:53 AM.

    تعليق


    • #3
      الفصل الثاني: في دلالة حديث الغدير:

      ويحتوي هذا الفصل على نقاط:
      النقطة الأولى: خطبة الغدير.
      النقطة الثانية: الولي في كتب اللغة.
      النقطة الثالثة: الولاية المطلقة للنبي الأعظم صلى الله عليه وآله.
      النقطة الرابعة: كلام بعض أعلام الشيعة في دلالة حديث الغدير.
      النقطة الخامسة: كلام بعض أعلام أهل السنة في دلالة حديث الغدير.
      1 – كلام ابن تيمية، ورده.
      2 – كلام ابن كثير، ورده.
      3 – كلام آخر لابن كثير، ورده.
      4 – كلام الألباني، ورده.
      النقطة السادسة: المعنى الحقيقي لكلمة (مولى) في حديث الغدير بدلالة القرائن.


      النقطة الأولى: خطبة الغدير:

      لا شك ولا ريب أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد خَطَبَ في الناس بعد منصرفه من حجة الوداع، في طريق عودته من مكة إلى المدينة، في مكان يدعى "غدير خم" وهذا من الثوابت التاريخية التي لا مجال للتشكيك فيها... فروى مسلم بإسناده عن زيد بن أرقم، قال: قام رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏يوماً فينا خطيباً بماءٍ يدعى خُمًّا بين ‏مكة ‏والمدينة ‏فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وَذَكَّرَ ثم قال: ‏أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ‏ثَقَلَيْنِ:
      أولهما: كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به.
      فحثَّ على كتاب الله وَرَغَّبَ فيه ثم قال:
      وأهلُ بيتي...
      أذكركم الله في أهلِ بيتي...
      أذكركم الله في أهلِ بيتي...
      أذكركم الله في أهلِ بيتي... الحديث
      صحيح مسلم ج 7 ص 122

      وقد سمع هذه الخطبة الشريفة حوالي (100.000) صحابي، قال ابن حجر: عن أبي زرعة الرازي قال: توفي النبي صلى الله عليه وسلم ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة كلهم قد روى عنه سماعاً أو رؤية.
      قال ابن فتحون في ذيل "الإستيعاب" بعد أن ذكر ذلك: أجاب أبو زرعة بهذا سؤال من سأله عن الرواة خاصة، فكيف بغيرهم؟؟؟

      إلى أن قال ابن حجر: وثبت عن الثوري فيما [أخرجه الخطيب بسنده الصحيح إليه، قال:] من قدّم علياً على عثمان فقد أزرى على اثني عشر ألفاً [مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض] فقال النووي: وذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم باثني عشر عاماً بعد أن مات في خلافة أبي بكر في الردة والفتوح الكثير ممن لم يُضبط أسماؤهم، ثم مات في خلافة عمر في الفتوح وفي الطاعون العام وعمواس وغير ذلك من لا يحصى كثرة، وسبب خفاء أسمائهم أن أكثرهم أعراب، وأكثرهم حضروا حجة الوداع، والله أعلم.
      الإصابة ج 1 ص 154

      أ - مكان وزمان الخطبة:

      في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة من السنة العاشرة للهجرة، أي قبل وفاة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله بسبعين يوماً (70) تقريباً بناءاً على أن وفاة النبي صلى الله عليه وآله كانت في 28 صفر سنة 11هـ أو أربعة وثمانين يوماً (84) بناءاً على أن وفاته صلى الله عليه وآله كانت في 12 ربيع الأول سنة 11هـ...

      قال الحموي: وقال الحازمي: "خم" واد بين مكة والمدينة عند الجحفة به غدير، عنده خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم... معجم البلدان ج 2 ص 389

      وسيأتي كلام ابن كثير في إثبات هذه الخطبة في المكان والزمان المذكورين إن شاء الله تعالى...

      ب - مضمون الخطبة:

      المستفاد من مجموع الروايات الصحيحة ان الخطبة قد احتوت على ما يلي:
      1 – التحميد والوعظ والتذكير.
      2 - نعي النبي صلى الله عليه وآله نفسه للمسلمين، أي أعلن لهم قرب وفاته صلى الله عليه وآله.
      3 – ذكر حديث الثقلين.
      4 – ذكر حديث الغدير.

      والذي يهمنا -في هذا البحث- التركيز على الأمور الثلاثة الأخيرة، وهي أمور ثابتة لا يمكن التشكيك فيها، وقد تضمنت رواية النسائي الصحيحة (وهو الحديث الأول الذي ذكرناه) هذه الأمور الثلاثة جميعاً، وذكرت الروايات الأخرى -ايضاً- هذه الأمور كلاً أو بعضاً، فرواية مسلم اقتصرت على ذكر الأمور الأربعة عدا الأخير، وبعض الروايات اقتصرت على ذكر الأمر الثالث فقط...

      وسبب اقتصار بعض الروايات على بعض الفقرات (مضافاً إلى تجنبهم رواية الحادثة بكل تفاصيلها لمخالفتها لمذهبهم) هو ما ذهب إليه جماعة من المحدّثين من جواز تقطيع الحديث وإنقاصه، فروى الخطيب البغدادي بإسناده عن مجاهد قال: انقص من الحديث ولا تزد فيه.
      وبإسناده عن خالد بن محمد الصفار قال: سمعت يحيى بن معين يقول: إذا خفت أن تخطئ في الحديث فانقص منه ولا تزد.
      الكفاية في علم الرواية ص 223

      النقطة الثانية: الولي في كتب اللغة:
      يقول ابن الأثير: {ولا} في أسماء اللَّه تعالى (الوَلِيّ) هو النَّاصر.
      وقيل: المُتَوَلّي لأمور العَالَم والخَلائِق القائِمُ بها.
      ومن أسمائه عز وجل: (الوالِي) وهو مَالِك الأشْياء جَمِيعها، المُتَصَرِّفُ فيها.
      وكأنّ الوِلايَة تُشْعِرُ بالتَّدْبِير والقُدْرة والفِعْل، وما لم يَجْتَمِعْ ذلك فيها لم يَنْطَلِق عَليه اسْم الوالِي.

      إلى أن قال:
      وقد تكرر ذكر (المَوْلَى) في الحديث، وهو اسْمٌ يقَع على جَماعةٍ كَثيِرَة، فهو:
      1 – الرَّبُّ.
      2 – والمَالكُ.
      3 – والسَّيِّد.
      4 – والمُنْعِم.
      5 – والمُعْتِقُ.
      6 – والنَّاصر.
      7 – والمُحِبّ.
      8 – والتَّابِع.
      9 – والجارُ.
      10 - وابنُ العَمّ.
      11 – والحَلِيفُ.
      12 – والعَقيد.
      13 – والصِّهْر.
      14 – والعبْد.
      15 – والمُعْتَقُ.
      16 - والمُنْعَم عَلَيه.
      وأكْثرها قد جاءت في الحديث، فَيُضاف كُلّ واحِدٍ إلى ما يَقْتَضيه الحديثُ الوَارِدُ فيه.

      وكُلُّ مَن وَلِيَ أمْراً أو قام به فَهُو مَوْلاهُ وَوَليُّه.

      وقد تَخْتَلِف مَصادرُ هذه الأسْمَاء فالوَلايَةُ بالفَتْح، في النَّسَب والنُّصْرة والمُعْتِق.

      والوِلاَية بالكسْر، في الإمَارة.
      والوَلاءُ، المُعْتَق والمُوَالاةُ مِن وَالَى القَوْمَ.
      ومنه الحديث (مَن كُنْتُ مَوْلاه فَعَليٌّ مَوْلاه) يُحْمَل على أكْثر الأسْمَاء المذْكورة.
      قال الشَّافعي رضي اللَّه عنه: يَعْني بذَلِك وَلاء الإسْلام، كقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ}.
      وقول عمر لعَليّ (أصْبَحْتَ مَوْلَى كُلِّ مُؤمِن) أي ولِيَّ كُلِّ مُومن وقيل: سَبب ذلك أنَّ أُسامةَ قال لِعَلِيّ: لَسْتَ مَوْلايَ، إنَّما مَوْلاي رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فقال صلى اللَّه عليه وسلم: (مَن كُنْتُ مَوْلاهُ فَعليٌّ مَوْلاه).
      النهاية في غريب الحديث ج 5 ص 227

      وغير خفي أن أكثر المعاني المذكورة لا يمكن أن يحمل عليها حديث الغدير، خلافاً لما زعمه ابن الأثير!!! إذ يستحيل أن يقصد النبي صلى الله عليه وآله:
      من كنت ربه فعلي ربه!!!
      أو: من كنت مالكه فعلي مالكه!!!
      أو: من كنت جاره فعلي جاره!!!
      أو: من كنت صهره فعلي صهره!!!
      أو: من كنت معتقه فعلي معتقه!!!
      أو: من كنت ابن عمه فعلي ابن عمه!!!
      أو: من كنت عبده فعلي عبده!!!
      وعلى هذا المنوال...

      وحتى نفهم حديث النبي الأعظم صلى الله عليه وآله فلا بد من قراءة الكلمة ضمن القرائن الحافة بالنص، وقد نص ابن الأثير على أمرٍ في غاية الأهمية حين قال: "وكأنّ الوِلايَة تُشْعِرُ بالتَّدْبِير والقُدْرة والفِعْل، وما لم يَجْتَمِعْ ذلك فيها لم يَنْطَلِق عَليه اسْم الوالِي". انتهى

      والذي يهون الخطب أن للحديث الشريف قولان اثنان لا ثالث لهما:
      القول الأول للشيعة الإمامية: (فعلي مولاه) تعني أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وسيأتي بيانه.
      والقول الثاني لأهل السنة: (فعلي مولاه) تعني يحبهم ويحبونه، وسأذكر أقوالهم، ثم أنقضها بمشيئة الله تعالى...

      النقطة الثالثة: الولاية المطلقة للنبي الأعظم صلى الله عليه وآله:

      الشيعة الإمامية يعتقدون أن عبارة: (من كنت مولاه فعلي مولاه) تثبت لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من الولاية ما ثبتَ منها لسيدِ المرسلين محمد صلى الله عليه وآله سواء بسواء، بحسب قول الله عز وجل: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}... وهذا هو ما يعتقده الشيعة الإمامية في حديث الغدير، ومن جملة ما يتفرع على الولاية المذكورة مسئلة الحكم، قال الله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} (65) سورة النساء

      وقد ذكر المفسرون من الفريقين -شيعة وسنة- أن الآية الكريمة دالّة على أن للنبي الأعظم صلى الله عليه وآله الولاية المطلقة على المؤمنين، وهذه جملة من أقوالهم:



      1 – قال الشيخ الطوسي قدس سره:

      أخبر الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وآله أولى بالمؤمنين من أنفسهم، بمعنى أحق بتدبيرهم، وبأن يختاروا ما دعاهم إليه. وأحق بأن يحكم فيهم بما لا يحكم به الواحد في نفسه، لوجوب طاعته التي هي مقرونة بطاعة الله، وهو أولى في ذلك وأحق من نفس الإنسان، لأنها ربما دعته إلى اتباع الهوى، ولأن النبي صلى الله عليه وآله لا يدعو إلا إلى طاعة الله، وطاعة الله أولى أن تختار على طاعة غيره.
      تفسير التبيان ج 8 ص 317

      2 – قال الفيض الكاشاني قدس سره:

      {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ} يعني أولى بهم في الأمور كلها، فإنه لا يأمرهم ولا يرضى منهم إلا بما فيه صلاحهم ونجاحهم بخلاف النفس، فلذلك أطلق، فيجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم، وأمره أنفذ عليهم من أمرها، وشفقتهم عليه أتم من شفقتهم عليها.
      التفسير الأصفى ج 2 ص 982

      3 – قال السيد الطباطائي قدس سره:

      فمعنى كون النبي أولى بهم من أنفسهم أنه أولى بهم منهم، ومعنى الأولوية هو رجحان الجانب إذا دار الأمر بينه وبين ما هو أولى منه، فالمحصل: أن ما يراه المؤمن لنفسه من الحفظ والكلاءة والمحبة والكرامة وإستجابة الدعوة وإنفاذ الإرادة: فالنبي أولى بذلك من نفسه، ولو دار الأمر بين النبي وبين نفسه في شيء من ذلك كان جانب النبي أرجح من جانب نفسه.
      تفسير الميزان ج 16 ص 276

      4 – قال ابن جرير الطبري:
      النبي محمد أولى بالمؤمنين، يقول: أحق بالمؤمنين به من أنفسهم، أن يحكم فيهم بما يشاء من حكم، فيجوز ذلك عليهم.
      جامع البيان ج 12 ص 146

      5 - قال ابن الجوزي:

      قال تعالى: {أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ} أي أحق، فله أن يحكم فيهم بما يشاء، قال ابن عباس: إذا دعاهم إلى شيء ودعتهم أنفسهم إلى شيء، كانت طاعته أولى من طاعة أنفسهم، وهذا صحيح فإن أنفسهم تدعوهم إلى ما فيه هلاكهم والرسول يدعوهم إلى ما فيه نجاتهم.
      زاد المسير ج 6 ص 182

      6 - قال ابن كثير:

      قد عَلِمَ الله تعالى شفقة رسوله صلى الله عليه وسلم على أمته، ونصحه لهم، فجعله أولى بهم من أنفسهم، وحكمه فيهم كان مقدماً على اختيارهم لأنفسهم كما قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} وفي الصحيح " والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين.
      تفسير ابن كثير ج 3 ص 476

      7 – قال الشوكاني:

      ثم ذكر سبحانه لرسول مزية عظيمة وخصوصية جليلة لا يشاركه فيها أحد من العباد، فقال: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ} أي هو أحق بهم في كل أمور الدين والدنيا، وأولى بهم من أنفسهم، فضلاً عن أن يكون أولى بهم من غيرهم، فيجب عليهم أن يؤثروه بما أراده من أموالهم وإن كانوا محتاجين إليها، ويجب عليهم أن يحبوه زيادة على حبهم أنفسهم، ويجب عليهم أن يقدموا حكمه عليهم على حكمهم لأنفسهم، وبالجملة فإذا دعاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم لشيء ودعتهم أنفسهم إلى غيره: وجب عليهم أن يقدموا ما دعاهم إليه، ويؤخروا ما دعتهم أنفسهم إليه، ويجب عليهم أن يطيعوه فوق طاعتهم لأنفسهم، ويقدموا طاعته على ما تميل إليه أنفسهم وتطلبه خواطرهم.
      فتح القدير ج 4 ص 261

      إذا فلأمير المؤمنين عليه السلام -بحسب حديث الغدير- من الولاية الشاملة والمطلقة ما لرسول الله صلى الله عليه وآله بالمعنى المتقدم، وأعني بشمولها: أن لعليٍ عليه السلام الولاية على كل من كان لرسول الله صلى الله عليه وآله الولاية عليه دون استثناء لقوله صلى الله عليه وآله: (من كنت مولاه)... ولا ريب أن النبي صلى الله عليه وآله أولى (بكل) المؤمنين من أنفسهم دون استثناء...

      النقطة الرابعة: كلام بعض أعلام الشيعة في دلالة حديث الغدير:

      تحدّث علماء الإمامية قديماً وحديثاً عن دلالة حديث الغدير، واتفقت كلمتهم على دلالته القطعية على الإمامة والخلافة، ولم يخالف في ذلك منهم أحد على الإطلاق، وسأنقل بعض كلماتهم المباركة الواضحة والسهلة التي يفهمها ويقتنع بها كل من يفهم اللغة العربية، ولا عجب من ذلك فإنهم إنما يشرحون حديثاً في غاية الوضوح:

      1 - كلام رئيس المحدثين الشيخ الصدوق قدس سره (توفي سنة 381 هـ) :

      عقدَ الشيخ الصدوق باباً بعنوان: "معنى قول النبي صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فعلي مولاه" وروى فيه (8) روايات، منها هذه الرواية: حدثنا محمد بن عمر الحافظ الجعابي، قال: حدثني أبو الحسن موسى بن محمد ابن الحسن الثقفي، قال: حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا صفوان بن يحيى بياع السابري، عن يعقوب بن شعيب، عن أبان بن تغلب، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهم السلام عن قول النبي صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فعلي مولاه؟؟؟
      فقال: يا أبا سعيد، تسأل عن مثل هذا؟!؟! علّمهم أنه يقوم فيهم مقامه.

      ثم قال الشيخ الصدوق:
      نحن نستدل على أن النبي صلى الله عليه وآله قد نصّ على علي بن أبي طالب، واستخلفه، وأوجب فرض طاعته على الخلق بالأخبار الصحيحة، وهي قسمان:
      قسم: قد جامعنا عليه خصومنا في نقله وخالفونا في تأويله.
      وقسم: قد خالفونا في نقله.
      فالذي يجب علينا في ما وافقونا في نقله: أن نريهم بتقسيم الكلام ورده إلى مشهور اللغات والإستعمال المعروف أن معناه هو ما ذهبنا إليه من النص والاستخلاف دون ما ذهبوا هم إليه من خلاف ذلك...

      إلى أن قال:
      ولا أعلمُ عبارة عن معنى فرض الطاعة أوكد من قول النبي صلى الله عليه وآله:
      ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
      ثم قوله: فمن كنت مولاه فعلي مولاه.


      لأنه كلام مرتب على إقرار المسلمين للنبي صلى الله عليه وآله يعني الطاعة وأنه أولى بهم من أنفسهم ثم قال صلى الله عليه وآله: فمن كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه. لأن معنى "فمن كنت مولاه" هو: فمن كنت أولى به من نفسه، لأنها عبارة عن ذلك بعينه، إذ كان لا يجوز في اللغة غير ذلك...

      ثم قال:
      ومما يزيد ذلك بياناً أن قوله عليه السلام: "فمن كنت مولاه فعلي مولاه" لو كان لم يرد بهذا أنه أولى بكم من أنفسكم، جاز أن يكون لم يرد بقوله صلى الله عليه وآله: "فمن كنت مولاه" أي من كنت أولى [به] من نفسه، وإن جاز ذلك لزم الكلام الذي من قبل هذا من أنه يكون كلاماً مختلطاً فاسداً غير منتظم ولا مفهم معنى ولا مما يلفظ به حكيم ولا عاقل، فقد لزم بما مر من كلامنا وبينا أن معنى قول النبي صلى الله عليه وآله: "ألست أولى بكم من أنفسكم" أنه يملك طاعتهم، ولزم أن قوله: "فمن كنت مولاه" إنما أراد به: فمن كنت أملك طاعته فعلي يملك طاعته بقوله: "فعلي مولاه" وهذا واضح، والحمد لله على معونته وتوفيقه.
      معاني الأخبار ص 66 - 74

      2 - كلام شيخ الإمامية المفيد قدس سره (توفي سنة 413 هـ) :

      قال: قد أجمعَ حَمَلَةُ الأخبار، واتفق نقلة الآثار، على أن النبي صلى الله عليه وآله جمع الناس بغدير خم، عند مرجعه من حجة الوداع، ثم واجه جماعتهم بالخطاب فقال: ألست أولى بكم منكم؟
      فلما أذعنوا له بالإقرار، قال لهم على النسق من غير فصل في الكلام: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله.
      فقررهم صلى الله عليه وآله على فرض طاعته عليهم بصريح الكلام، ثم عطف على اللفظ الخاص بما ينطوي على معناه، وجاء فيه بحرف العطف من "الفاء" التي لا يبتدأ بها الكلام، فدل على أنه الأولى دون ما سواه، لما ثبت من حكمته عليه وآله السلام وأراد به البيان، إذ لو لم يرد ذلك وأراد ما عداه: لكان مستأنفاً لمقال لا تعلق له بالمتقدم، جاعلاً لحرف العطف حرف الاستيناف، وهذا ما لا يقع إلا من أحد نفسين:
      أحدهما: جاهل باللغة والكلام.
      والآخر: قاصد إلى التعمية والإلغاز.
      ورسول الله صلى الله عليه وآله يجل عن الوصفين، وينزه عن النقص في الصفات.
      رسالة في أقسام المولى ص 31

      3 – كلام السيد المرتضى علم الهدى قدس سره (توفي سنة 436 هـ) :

      قال: وقد بينا في الكتاب (الشافي) خاصة وفي غيره من كتبنا عامة، أن هذا الكلام نصٌ عليه بالإمامة وإيجاب لفرض طاعته، لأن النبي صلى الله عليه وآله قرّر أمته بفرض طاعته بما أوجبه له قوله عز وجل: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ} ولا خلاف بين أهل اللغة بأن الأولى هو الأخص الأحق بالشيء الذي قيل وهو أولى به، فإذا قال صلى الله عليه وآله: (من كنت مولاه فعلي مولاه) فقد أتى من لفظة مولى بما يُحتمل معنى أولى، وإن كان محتملاً لغيره من الناصر والحليف والمعتق وابن العم وغير ذلك مما قد سطر وذكر، فلا بد أن يكون إنما أراد من اللفظة المحتملة -وهي لفظة مولى- معنى الأولى الذي تقدم التصريح به، لأن من شأن أهل اللسان إذا عطفوا محتملاً على صريح لم يجز أن يريدوا بالمحتمل إلا معنى الصريح.
      ألا ترى أن من له عبيد كثيرون إذا أقبل على جماعة قال: ألستم عارفين بعبدي زيد؟ ثم قال عاطفاً على الكلام: فاشهدوا أن عبدي حر لوجه الله تعالى، لم يجز أن يريد بلفظة عبدي الثانية -وهي مشتركة بين جماعة عبيده- إلا العبد الأول الذي تقدّم التصريح باسمه، ومن أراد غيره كان سفيهاً ملغزاً معمياً. رسائل المرتضى ج 4 ص 131

      4 - كلام الشيخ الكراجكي قدس سره (توفي سنة 449 هـ) :

      اعلم أنه مما يدل أنه المنصوص بالإمامة عليه: ما نقله الخاص والعام من أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما رجع من حجة الوداع نزل بغدير خم -ولم يكن منزلاً- ثم أمر مناديه فنادى في الناس بالاجتماع، فلما اجتمعوا خطبهم ثم قررهم على ما جعله الله تعالى له عليهم من فرض طاعته، وتصرفهم بين أمره ونهيه بقوله: ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟
      فلما أجابوه بالاعتراف، وأعلنوا بالاقرار، رفع بيد أمير المؤمنين عليه السلام وقال -عاطفاً على التقرير الذي تقدم به الكلام-: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.
      فجعل لأمير المؤمنين عليه السلام من الولاء في أعناق الأمة مثل ما جعله الله له عليهم مما أخذ به إقرارهم، لأن لفظة "مولى" تفيد ما تقدم من التقرير من ذكر الأولى، فوجب أن يريد بكلامه الثاني ما قررهم عليه في الأول، وأن يكون المعنى فيهما واحداً حسبما يقتضيه استعمال أهل اللغة وعرفهم في خطابهم.
      وهذا يوجب أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام أولى بهم من أنفسهم، ولا يكون أولى بهم إلا وطاعته فرض عليهم وأمره ونهيه نافذ فيهم، وهذه رتبة الإمام في الأنام قد وجبت بالنص لأمير المؤمنين عليه السلام.
      دليل النص بخبر الغدير ص 37

      5 - كلام المحقق الحلي قدس سره (توفي سنة 676 هـ) :

      ومنها قوله عليه السلام: (من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه).
      والمولى هو الأولى، لاستحالة أن يريد ولي النصرة، يدل عليه وجهان:
      الأول: أن عمر قال في ضمن ذلك: "بخٍ بخٍ أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة" وهذا يدل على اختصاص علي -عليه السلام- بما لم يحصل لغيره، والنصرة ثابتة من المسلمين كافة فلا يختص علياً عليه السلام.
      والثاني: أن ولاية النصرة ثابتة، فلم تكن حاجة إلى تقريرها بمثل هذه الحال التي احتاج فيها إلى إصلاح المنزل، وجمع الرجال، وتقديم المقدمات، الدالة على اهتمام القوى، فكيف كان ينص عليه في ذلك المكان بأمر عام في المسلمين كلهم؟؟!! هذا مما ينبغي أن ينزه عن مثله منصب النبوة، فتعين أنه أراد الدلالة على أنه أولى من غيره، وأن يثبت له مثل منزلته عليه السلام في الحكم والسيادة، وهذا بيّن لا شبهة فيه على منصف.
      المسلك في أصول الدين ص 250

      6 - كلام العلامة الحلي قدس سره (توفي سنة 726 هـ) :

      الثاني: أنه نقل نقلاً متواتراً أن النبي صلى الله عليه وآله لما رجع من حجة الوداع أمر بالنزول بغدير خم وقت الظهر، ووضعت له الأحمال شبه المنبر، وخطب الناس واستدعى علياً عليه السلام ورفع بيده وقال صلى الله عليه وآله: أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟
      قالوا: بلى يا رسول الله.
      قال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه كيف ما دار.
      وكرّر ذلك عليهم ثلاثاً.
      والمراد بالمولى هو الأولى، لأن أول الخبر يدل على ذلك، وهو قوله صلى الله عليه وآله: ألست أولى بكم؟
      ولقوله تعالى في حق الكفار: {مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ} (15) سورة الحديد، أي أولى بكم.
      وأيضا فإن غير ذلك من معانيه غير جائز هنا كالجار، والمعتق والحليف، وابن العم، واستحالة أن يقوم النبي صلى الله عليه وآله في ذلك الوقت الشديد الحر، ويدعو الناس ويخبرهم بأشياء لا مزيد فائدة فيها، بأن يقول من كنت جاره أو معتقه أو ابن عمه فعلي عليه السلام كذلك، وإذا كان علي عليه السلام هو الأولى بنا فيكون هو الإمام.
      النافع يوم الحشر ص 109

      هذا بعض ما ذكره أعلام الإمامية في دلالة الحديث، ولولا خوف الإطالة لنقلت المزيد، وهي كلها تؤدي إلى معنى واحد وحقيقة واحدة وإن اختلفت عباراتهم...

      النقطة الخامسة: كلام بعض أعلام أهل السنة في دلالة حديث الغدير:

      1 - كلام ابن تيمية:

      قال ابن تيمية: وقوله: {من كنت مولاه فعلي مولاه} فمن أهل الحديث من طعن فيه كالبخاري وغيره، ومنهم من حسّنه، فإن كان قاله فلم يرد به ولاية مختصا بها، بل ولاية مشتركة وهي ولاية الإيمان التي للمؤمنين والموالاة ضد المعاداة ولا ريب أنه يجب موالاة المؤمنين على سواهم ففيه رد على النواصب.
      مجموع فتاوى ابن تيمية

      هذا هو خلاصة رأي ابن تيمية، بل ورأي جمهور أهل السنة، ولم أعثر -حتى الساعة- على رأي آخر لأهل السنة، ويبدو أن هذا هو الرأي الوحيد عندهم، وقد نقل ابن الأثير -كما تقدم- عن الشَّافعي أنه قال: يَعْني بذَلِك وَلاء الإسْلام، كقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} انتهى.

      والحق أن اللغة العربية لا تساعدهم على طرح رأي آخر، وسيتبين ان ما ذهبوا إليه باطل جداً، وإتماماً للفائدة سأنقل ما كتبه ابن تيمية في منهاج سنته على الرغم من طول عبارته!!! قال -بعد أن حاولَ تضعيف الحديث- ما نصه:
      ونحن نجيب بالجواب المركّب فنقول: إن لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قاله فلا كلام، وإن كان قاله فلم يرد به قطعاً الخلافة بعده، إذ ليس في اللفظ ما يدل عليه، ومثل هذا الأمر العظيم يجب أن يبلّغ بلاغاً مبيناً، وليس في الكلام ما يدل دلالة بينة على أن المراد به الخلافة، وذلك أن المولى كالمولى والله تعالى قال: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ} وقال: {وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} فبيّن أن الرسول ولي المؤمنين وأنهم مواليه أيضاً، كما بيّن أن الله وليُ المؤمنين، وأنهم أولياؤهم، وأن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، فالموالاة ضد المعاداة، وهي تثبت من الطرفين وإن كان أحد المتواليين أعظم قدراً وولايته إحسان وتفضل وولاية الآخر طاعة وعبادة كما أن الله يحب المؤمنين والمؤمنون يحبونه، فإن الموالاة ضد المعاداة والمحاربة والمخادعة، والكفار لا يحبون الله ورسوله ويحادون الله ورسوله ويعادونه، وقد قال تعالى: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء} وهو يجازيهم على ذلك كما قال تعالى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ} وهو ولي المؤمنين وهو مولاهم، يخرجهم من الظلمات إلى النور، وإذا كان كذلك: فمعنى كون الله ولي المؤمنين ومولاهم وكون الرسول وليهم ومولاهم وكون علي مولاهم: هي الموالاة التي هي ضد المعاداة، والمؤمنون يتولون الله ورسوله الموالاة المضادة للمعاداة، وهذا حكم ثابت لكل مؤمن، فعلي رضي الله عنه من المؤمنين الذين يتولون المؤمنين ويتولونه، وفي هذا الحديث إثبات إيمان علي في الباطن، والشهادة له بأنه يستحق المولاة باطناً وظاهراً، وذلك يرد ما يقوله فيه أعداؤه من الخوارج والنواصب، لكن ليس فيه انه ليس للمؤمنين مولى غيره، فكيف ورسول الله صلى الله عليه وسلم له موالي وهم صالحو المؤمنين؟! فعليٌ أيضاً له مولى بطريق الأولى والأحرى وهم المؤمنون الذين يتولونه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ان أسلم وغفاراً ومزينة وجهينة وقريشاً والأنصار ليس لهم مولى دون الله ورسوله، وجعلهم موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جعل صالح المؤمنين مواليه، والله ورسوله مولاهم.
      وفي الجملة: فرق بين الولي والمولى ونحو ذلك وبين الوالي، فباب الولاية التي هي ضد العداوة شيء، وباب الولاية التي هي الإمارة شيء، والحديث إنما هو في الأولى دون الثانية، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: من كنت واليه فعلي واليه، وإنما اللفظ من كنت مولاه فعلي مولاه، وأما كون المولى بمعنى الوالي فهذا باطل، فإن الولاية تثبت من الطرفين، فإن المؤمنين أولياء الله وهو مولاهم، وأما كونه أولى بهم من أنفسهم فلا يثبت إلا من طرفه صلى الله عليه وسلم، وكونه أولى بكل مؤمن من نفسه من خصائص نبوته، ولو قدّر أنه نص على خليفة من بعده لم يكن ذلك موجباً أن يكون أولى بكل مؤمن من نفسه، كما أنه لا يكون أزواجه أمهاتهم، ولو أريد هذا المعنى لقال: من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه، وهذا لم يقله ولم ينقله أحد، ومعناه باطل قطعاً، لأن كون النبي صلى الله عليه وسلم أولى بكل مؤمن من نفسه أمرٌ ثابت في حياته ومماته، وخلافة علي لو قدر وجودها لم تكن إلا بعد موته لم تكن في حياته، فلا يجوز أن يكون علي خليفة في زمنه، فلا يكون حينئذ أولى بكل مؤمن من نفسه، بل ولا يكون مولى أحد من المؤمنين إذا أريد به الخلافة، وهذا مما يدل على أنه لم يرد الخلافة، فإن كونه ولي كل مؤمن وصف ثابت له في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لم يتأخر حكمه إلى الموت، وأما الخلافة فلا يصير خليفة إلا بعد الموت، فعلم أن هذا ليس هذا، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم في حياته وبعد مماته إلى يوم القيامة وإذا استخلف أحداً على بعض الأمور في حياته أو قدّر أنه استخلف أحداً على بعض الأمور في حياته أو قدّر أنه استخلف أحداً بعد موته وصار له خليفة بنص أو إجماع: فهو أولى بتلك الخلافة وبكل المؤمنين من أنفسهم، فلا يكون قط غيره أولى بكل مؤمن من نفسه لا سيما في حياته، وأما كون علي وغيره مولى كل مؤمن فهو وصف ثابت لعلي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد مماته وبعد ممات علي، فعلي اليوم مولى كل مؤمن وليس اليوم متولياً على الناس، وكذلك سائر المؤمنين بعضهم أولياء بعض أحياءً وأمواتاً.
      كتاب منهاج السنة الجزء 7 صفحة 321


      يتبع......
      التعديل الأخير تم بواسطة خادم محمد وآل محمد; الساعة 22-12-2004, 10:08 AM.

      تعليق


      • #4
        الرد:

        هذا هو كلام ابن تيمية نقلته بطوله، وهو يقرّر أن الموالاة المقصودة من الحديث الشريف هي ما يقابل المعاداة!!!

        وهذه الموالاة ثابتة بين جميع المؤمنين قال الله سبحانه وتعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (71) سورة التوبة

        ويرد عليه إشكالات:
        1 - إذا كانت الموالاة التي هي ضد المعادة ثابتة لكل المؤمنين، فلماذا يخص رسول الله صلى الله عليه وآله بها علياً عليه السلام؟؟؟
        فهل يعقل أن يكون غرض رسول الله صلى الله عليه وآله من تلك الخطبة أن يعرّف الناس بأن علياً عليه السلام مؤمن وبالتالي له حقوق المؤمنين ومن جملتها المولاة المقابلة للمعاداة؟؟!!

        خصوصاً وأن ذلك كان بمحضر عشرات الآلاف من الصحابة!!!

        2 - ثم لماذا يناشد عليٌ عليه السلام الناس ويستحلفهم الله تعالى أن يشهدوا بما سمعوا يوم الغدير؟؟؟
        فهل يعقل أن يستحلف أمير المؤمنين عليه السلام الصحابة ليثبت أنه مؤمن له من الحقوق ما لهم؟؟!!

        3 - ولماذا يربط رسول الله صلى الله عليه وآله ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بولايته صلى الله عليه وآله، فيذكرهم بالآية الكريمة: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ} ويأخذ عليه الإقرار بذلك؟؟!!

        4 – ولماذا يستنكر أبو الطفيل ذلك؟؟؟
        فقد جاء في الحديث الخامس الذي رواه أحمد: ‏قال أبو الطفيل بعدما سمع خبر المناشدة: فخرجت وكأن في نفسي شيئاً، فلقيت زيد بن أرقم فقلت له: إني سمعت علياً رضي الله تعالى عنه يقول كذا وكذا!
        قال: فما تنكر؟ قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك له.

        والخلاصة:
        ان مؤدّى الحديث بحسب كلام ابن تيمية يكون: من كان يواليني (بمعنى أنه لا يعاديني) فليوالِ علياً (أي لا يعاديه) !!!

        وهذا لغو يجل رسول الله صلى الله عليه وآله عنه...

        وابن تيمية يعترف بأن هذا الحكم ثابت لكل المؤمنين دون استثناء، فيقول:
        وهذا حكم ثابت لكل مؤمن، فعلي رضي الله عنه من المؤمنين الذين يتولون المؤمنين ويتولونه، وفي هذا الحديث إثبات إيمان علي في الباطن، والشهادة له بأنه يستحق المولاة باطناً وظاهراً، وذلك يرد ما يقوله فيه أعداؤه من الخوارج والنواصب. انتهى

        وهذا تكلّف ظاهر!! فإن الموالاة ثابتة بين المؤمنين بحسب ما هم عليه من ظاهر الإيمان، ولم يكلفنا الله سبحانه وتعالى قط بسبر قلوب الناس لاختبار إيمانهم!!

        بل ان الله سبحانه وتعالى نهانا عن ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (94) سورة النساء

        ‏قال مسلم: حدثنا ‏أحمد بن الحسن بن خراش ‏حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا معتمر قال سمعت أبي يحدث أن ‏ ‏خالدا الأثبج ابن أخي صفوان بن محرز حدث عن صفوان بن محرز أنه حدث ‏أن جندب بن عبد الله البجلي ‏ ‏بعث إلى عسعس بن سلامة ‏ ‏زمن فتنة ابن الزبير فقال اجمع لي نفرا من إخوانك حتى أحدثهم فبعث رسولا إليهم فلما اجتمعوا جاء ‏جندب ‏وعليه برنس أصفر فقال تحدثوا بما كنتم تحدثون به حتى دار الحديث فلما دار الحديث إليه حسر البرنس عن رأسه فقال إني أتيتكم ولا أريد أن أخبركم عن نبيكم إن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بعث بعثا من المسلمين إلى قوم من المشركين وإنهم التقوا فكان رجل من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله وإن رجلا من المسلمين قصد غفلته قال وكنا نحدث أنه أسامة بن زيد فلما رفع عليه السيف قال: لا إله إلا الله، فقتله.
        فجاء البشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فأخبره حتى أخبره خبر الرجل كيف صنع فدعاه فسأله فقال: لم قتلته؟
        قال: يا رسول الله أوجع في المسلمين وقتل فلانا وفلانا وسمى له نفرا وإني حملت عليه فلما رأى السيف قال: لا إله إلا الله!
        قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقتلته؟
        قال: نعم.
        قال: فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟
        قال: يا رسول الله استغفر لي.
        قال: وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة.
        قال: فجعل لا يزيده على أن يقول كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة.
        صحيح مسلم ج 1 ص 67

        وفي رواية أخرى: قال النبي صلى الله عليه وآله: أقال لا إله إلا الله وقتلته؟
        قال: قلت يارسول الله إنما قالها خوفاً من السلاح!
        قال: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟!
        فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ.
        نفس المصدر

        إذاً فالموالاة (التي هي ضد المعاداة) ثابتة لكل المؤمنين بحسب ما هم عليه من ظاهر الإيمان، ولم نُكلَف بشق قلوب الناس لمعرفة صدق إيمانهم حتى نواليهم!!! فتبين أن قول ابن تيمية: والشهادة له بأنه يستحق المولاة باطناً وظاهراً!!! ما هو إلا من مخترعاته ومبتدعاته، ليصرف الناس بها عن المعنى الواضح والصحيح لحديث الغدير!!!

        وأما قوله: ولو قدّر أنه نص على خليفة من بعده لم يكن ذلك موجباً أن يكون أولى بكل مؤمن من نفسه. انتهى

        فهذا ردٌ للنص بالقياس كما يقال، ولسان حال ابن تيمية يقول: لا نقبل برجل يكون أولى بكل مؤمن من نفسه سوى رسول الله صلى الله عليه وآله!!!

        ولو كان ابن تيمية يؤمن بأن رسول الله صلى الله عليه وآله أولى بالمؤمنين من أنفسهم لما اعترض على حديث رسول الله صلى الله عليه وآله...

        وأما قوله: وخلافة علي لو قدر وجودها لم تكن إلا بعد موته لم تكن في حياته، فلا يجوز أن يكون علي خليفة في زمنه، فلا يكون حينئذ أولى بكل مؤمن من نفسه. انتهى

        فهو عجيب جداً!!! فلم يقل أحد بأن ولاية رسول الله صلى الله عليه وآله قد انتفت بعد أن قال في علي عليه السلام ما قال!!!

        وكيف يكون خليفة مع وجود المستخلِف؟؟؟

        نعم الولاية ثابتة لرسول الله صلى الله عليه وآله قبل الغدير وبعده، كما هي ثابتة لأمير المؤمنين عليه السلام قبل الغدير وبعده، غاية ما في الأمر أن رسول رسول الله صلى الله عليه وآله قد أعلن عنها وصدع بها في يوم الغدير، كما انه أعلن عنها في مواطن أخرى قبل الغدير لكن بنحو أقل نطاقاً من ذلك اليوم الذي اجتمعت فيه الجماهير...

        ولا ضير في وجود أكثر من ولي في وقت واحد، كما وجدت أنبياء في وقت واحد كما ينص القرآن الكريم في عدة آيات، فموسى وهارون عليهما السلام عاشا في مكان وزمان واحد، وإبراهيم ولوط عليهما السلام كذلك... الخ

        وأما قول ابن تيمية: ومثل هذا الأمر العظيم يجب أن يبلغ بلاغاً مبيناً، وليس في الكلام ما يدل دلالة بينة على أن المراد به الخلافة.

        فلا أرى تعقيباً عليه أليق وأحسن من قول الله جل وعلا: {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ} (16) سورة محمد

        ثانيا: كلام ابن كثير:

        قال: فصلٌ: في إيراد الحديث الدّال على أنه عليه السلام خَطَبَ بمكانٍ بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة -يقال له غدير خم- فبيّن فيها فضل علي بن أبي طالب وبراءة عرضه مما كان تكّلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن، بسبب ما كان صدر منه إليهم من المعدلة التي ظنها بعضهم جوراً وتضييقاً وبخلاً، والصواب كان معه في ذلك، ولهذا لما تفرّغ عليه السلام من بيان المناسك ورجع إلى المدينة بيّن ذلك في أثناء الطريق، فخطب خطبة عظيمة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذٍ وكان يوم الأحد بغدير خم تحت شجرة هناك، فبيّن فيها أشياء. وذكر من فضل علي وأمانته وعدله وقربه إليه ما أزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه.
        ونحن نورد عيون الأحاديث الواردة في ذلك ونبين ما فيها من صحيح وضعيف بحول الله وقوته وعونه، وقد اعتنى بأمر هذا الحديث أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ فجمع فيه مجلدين أورد فيهما طرقه وألفاظه، وساق الغث والسمين والصحيح والسقيم، على ما جرت به عادة كثير من المحدثين يوردون ما وقع لهم في ذلك الباب من غير تمييز بين صحيحه وضعيفه. وكذلك الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر أورد أحاديث كثيرة في هذه الخطبة.
        ونحن نورد عيون ما روي في ذلك مع إعلامنا أنه لا حظ للشيعة فيه ولا متمسك لهم ولا دليل لما سنبينه وننبه عليه، فنقول وبالله المستعان:
        قال محمد بن إسحاق -في سياق حجة الوداع- حدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال: لما أقبل علي من اليمن ليلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، تعجل إلى رسول الله واستخلف على جنده الذين معه رجلاً من أصحابه، فعمد ذلك الرجل فكسى كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي، فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم، فإذا عليهم الحلل.
        قال: ويلك ما هذا؟
        قال: كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس.
        قال: ويلك انزع قبل أن ينتهي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
        قال: فانتزع الحلل من الناس، فردها في البز.
        قال: وأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم.
        قال ابن إسحاق: فحدثني عبدالله بن عبدالرحمن بن معمر بن حزم، عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة، عن عمته زينب بنت كعب -وكانت عند أبي سعيد الخدري- عن أبي سعيد قال: اشتكى الناس علياً فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيباً، فسمعته يقول: أيها الناس لا تشكوا علياً فوالله انه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله [من أن يشكى]. ورواه الامام أحمد من حديث محمد بن إسحاق به.
        وقال: إنه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله.
        وقال الامام أحمد حدثنا الفضل بن دكين، ثنا ابن أبي غنية، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت علياً فتنقصته فرأيت وجه رسول الله يتغير.
        فقال يا بريدة: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
        قلت: بلى يا رسول الله! قال: "من كنت مولاه فعلي مولاه".
        وكذا رواه النسائي، عن أبي داود الحراني، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن عبدالملك بن أبي غنية بإسناده نحوه. وهذا إسناد جيد قوي رجاله كلهم ثقات...
        البداية والنهاية ج 5 ص 227

        ثم ساق ابن كثير روايات كثيرة جداً وهي على ثلاثة أنواع:
        النوع الأول: قاله رسول الله صلى الله عليه وآله لبريدة الأسلمي عندما شكا علياً عليه السلام، وكان هذا في مكة.
        النوع الثاني: قاله رسول الله صلى الله عليه وآله في غدير خم.
        النوع الثالث: أخبار المناشدة.

        ووفى ابن كثير بوعده بتبيين الصحيح من غيره، لكنه لم يفِ بما وعد به بقوله: "مع إعلامنا أنه لا حظ للشيعة فيه ولا متمسك لهم ولا دليل لما سنبينه وننبه عليه" فلم يتطرق لدلالة الحديث بحسب إطلاعي، والله أعلم...

        لكنه ذكر في موضع آخر من كتابه كلاماً يتعلق بدلالة الحديث، فلعله يكون هو المقصود، قال:
        ولما رجع عليه السلام من حجة الوداع فكان بين مكة والمدينة بمكان يقال له غدير خم خطب الناس هنالك في اليوم الثاني عشر (1) من ذي الحجة في خطبته: "من كنت مولاه فعلي مولاه" وفي بعض الروايات: "اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله" والمحفوظ الأول، وإنما كان سبب هذه الخطبة والتنبيه على قضله ما ذكره ابن إسحاق من أن عليا لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن أميرا هو وخالد بن الوليد ورجع علي فوافى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة في حجة الوداع وقد كثرت فيه المقالة وتكلم فيه بعض من كان معه بسبب استرجاعه منهم خلعاً كان خلعها نائبه عليهم لما تعجل السير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما تفرغ رسول الله من حجة الوداع أحب أن يبرئ ساحة علي مما نسب إليه من القول الذي لا أصل له، وقد اتخذت الروافض هذا اليوم عيداً...
        البداية والنهاية ج 7 ص 370

        الرد:

        تأويل ابن كثير للحديث لا يختلف عن تأويل ابن تيمية على الإطلاق، كل ما في الأمر أنه يحاول أن يصحح كلام ابن تيمية بذكر المبرر الذي لأجله خطب رسول الله صلى الله عليه وآله تلك الخطبة العظيمة، وكأنه يريد أن يجيب عن الإشكالات التي أوردناها على كلام ابن تيمية!!!

        ولكنه لم يوفّق فيما أراد، بل على العكس فهو قد ذكر ما يؤيد قولنا...

        فابن كثير يصرّح بأن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: "من كنت مولاه فعلي مولاه" في أكثر من مناسبة، والقدر المتيقن من ذلك –بحسب الروايات التي ساقها- أنه صلى الله عليه وآله قال ذلك في مكة عندما شكا بريدة علياً عليه السلام، وقال ذلك مرة أخرى في غدير خم...

        1 - الشيعة الإمامية يستدلون على الخلافة بما قاله النبي صلى الله عليه وآله يوم الغدير كما هو واضح من النصوص التي نقلتها عن أعلامنا رضوان الله عليهم، ولهذا عرف الحديث بحديث الغدير... وفي يوم الغدير لم يشِر النبي صلى الله عليه وآله من قريب أو بعيد إلى شكوى بريدة ولا غير بريدة على الإطلاق، ولم يلمّح صلى الله عليه وآله إلى كثرة المقالة في أبي الحسن عليه السلام!!!
        ولو كان غرض النبي صلى الله عليه وآله "أن يبرئ ساحة علي مما نُسب إليه من القول الذي لا أصل له" كما يقول ابن كثير لأشار إلى كلامهم حتى يُفهم قصده، كما أشار إلى قول الطاعنين في تأميره أسامة فخطب فيهم خطبة ذكر فيها قولهم ثم رد عليهم، قال البخاري: حدثنا مسدد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا سفيان بن سعيد، حدثنا عبدالله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أمّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة على قومٍ فطعنوا في إمارته، فقال: إن تطعنوا في إمارته، فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله، وأيم الله لقد كان خليقاً للإمارة، وإن كان من أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده.
        صحيح البخاري ج 5 ص 84

        فلو كان رسول الله صلى الله عليه وآله يريد أن يبرئ ساحة أمير المؤمنين عليه السلام مما ذكره بعض الصحابة، لكان عليه أن يشير إلى كلامهم واعتراضهم كما أشار إلى طعن الطاعنين في تأمير أسامة، ولم ينقل أحد أن خطبة الغدير قد تضمنت شيئاً مما ذكره ابن كثير!!!

        وهذا واضح جداً، فلا يجوز أن يرد عاقل –فضلاً عن سيد العقلاء محمد صلى الله عليه وآله- على شبهة دون أن يذكرها أولاً!!!

        أضف إلى ذلك أنه لا يوجد أي مستند تاريخي يدل على ما استنبطه ابن كثير بعد قرون من حادثة الغدير، ولو كان يوجد مثل هذا المستند –ولو كان ضعيفاً- لنقله ابن كثير!!!

        وجملة القول: أن ابن كثير قيّد إطلاق الحديث دون أن يذكر المقيّد...

        2 – كلام ابن كثير يؤيد ما ذهب إليه الشيعة الإمامية في فهمهم للحديث الشريف، وذلك لأن الولاية الثابتة لعامة المؤمنين التي هي ضد العداوة، لا تتعارض مع وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما تدل على ذلك الآية الكريمة: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}...

        بيان ذلك:
        إن بريدة عندما شكى علياً عليه السلام فإنه كان يظن أن علياً عليه السلام قد أخطأ وخالف الحكم الشرعي، ولهذا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يشكو علياً عليه السلام في مكة وليس في الغدير...
        فأجابه رسول الله صلى الله عليه وآله:
        فقال يا بريدة: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
        قلت: بلى يا رسول الله! قال: "من كنت مولاه فعلي مولاه".
        قال ابن كثير: وهذا إسناد جيد قوي رجاله كلهم ثقات...
        انتهى

        فلو كان رسول الله صلى الله عليه وآله يريد أن يبرئ ساحة أمير المؤمنين كما يقول ابن كثير لأجاب بريدة بأن علي عليه السلام لم يرتكب محرماً ولم يخالف حكماً...

        لكنه صلى الله عليه وآله لا يريد هذا فحسب، بل يريد أن يقول لبريدة: ان ما يحكم به علي فهو حكمي، وليس لأحد أن يعترض على ما يفعله الإمام عليه السلام، لأنه مولى المؤمنين كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله مولاهم، فعليهم التسليم لحكم الإمام عليه السلام...

        وما يزيد هذا توضيحاً: أن بريدة قد اقتنع بكلام النبي صلى الله عليه وآله، لأنه فهم ما ذكرناه، ولو أن بريدة فهم ما يذهب إليه أهل السنة لكان له أن يقول: يا رسول الله إني أحب علياً وأتولاه، لكنه أتى بمخالفة!!! والعياذ بالله...

        لكنه لم يقل هذا بل اقتنع، بل وتاب وأناب وندم على شكواه...

        وهذا من القرائن القوية التي تدل على أن الحديث الشريف يدل على ما ذهب إليه الشيعة...

        ويدل على صحة ما تقدّم، ما رواه الترمذي والحاكم بسندٍ صحيح على شرط مسلم (2) أن النبي صلى الله عليه وآله أنكرَ على من اعترض على ما حكم به أمير المؤمنين عليه السلام، ومما قاله لهم ان علياً عليه السلام: ولي كل مؤمن من بعدي...

        نص الحديث: قال الترمذي: حدثنا قتيبة بن سعيد، أخبرنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبدالله، عن عمران بن حصين قال: بعثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً، واستعمل عليهم علي بن أبى طالب، فمضى في السرية، فأصاب جارية، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرناه بما صنع علي.
        وكان المسلمون إذا رجعوا من سفر بدأوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلّموا عليه، ثم انصرفوا إلى رحالهم، فلما قدمت السرية سلّموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فقام أحد الأربعة فقال: يارسول الله، ألم ترَ إلى علي بن أبى طالب؟؟؟ صنعَ كذا وكذا؟!
        فأعرضَ عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
        ثم قام الثاني، فقال مثل مقالته، فأعرض عنه.
        ثم قام إليه الثالث، فقال مثل مقالته، فأعرض عنه.
        ثم قام الرابع، فقال مثل ما قالوا.
        فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم -والغضب يعرف في وجهه- فقال:
        ما تريدون من علي؟؟؟
        ما تريدون من علي؟؟؟
        ما تريدون من علي؟؟؟
        إن علياً مني وأنا منه.
        وهو وليُ كل مؤمن من بعدي.

        قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان.
        سنن الترمذي ج 5 ص 296

        فإن قوله صلى الله عليه وآله: "وهو ولي كل مؤمن من بعدي" لا يمكن أن يحمل على الموالاة التي هي ضد المعادة بأي حالٍ من الأحوال... بل لا يمكن أن يحمل إلا على الولاية التي ثبتت للنبي صلى الله عليه وآله بالآية الكريمة...

        والذي يظهر من الروايات أن الشكوى قد تكررت، فبريدة شكى علياً عليه السلام فجاء الجواب "من كنت مولاه فعلي مولاه" ثم جاء الأربعة فشكوا علياً عليه السلام فجاء الجواب "وهو وليُ كل مؤمن من بعدي"... أو أن ذلك كان في سرية أخرى، فجاء الجواب مرة على النحو الأول، وأخرى على النحو الثاني، وكلاهما يحملان نفس المعنى...

        وهذا الحديث الشريف الذي رواه الترمذي: نص صحيح وصريح في أن الشكوى كانت في مكة وليس في الغدير، والرد عليها من قِبِلِ النبي صلى الله عليه وآله كان فورياً، ومن هنا نعرف أن النبي صلى الله عليه وآله لم يدع أدنى فرصة لأحد في أن يتكلم في أمير المؤمنين عليه السلام، ولا ريب أن كل من سمع الشكوى، سمع بالضرورة الرد عليها، لأن الشكوى جائت من خارج مكة في اللحظة التي وصل فيها القوم إلى مكة كما تنص الروايات، وجاء الرد النبوي الحازم فورياً...

        فلا أدري كيف كثرت المقالة في أبي الحسن عليه السلام كما يزعم ابن كثير؟؟؟

        فظهر أن كلام ابن كثير يصلح أن يكون قرينة قطعية تدل على صحة ما ذهب إليه الإمامية، والحمد لله رب العالمين...

        كلامٌ آخر لابن كثير:
        ثم إنني رأيت لابن كثير كلاماً آخراً يتعلق بهذا المقام، قال: وأما ما يفتريه كثير من جهلة الشيعة والقصاص الأغبياء (3) من أنه أوصى إلى علي بالخلافة، فكذب وبهت وإفتراء عظيم، يلزم به خطأ كبير، من تخوين الصحابة وممالاتهم بعده على ترك إنفاذ وصيته وإيصالها إلى من أوصى إليه، وصرفهم إياها إلى غيره، لا لمعنى ولا لسبب، وكل مؤمن بالله ورسوله يتحقق أن دين الإسلام هو الحق، يعلم بطلان هذا الإفتراء، لأن الصحابة كانوا خير الخلق بعد الأنبياء، وهم خير قرون هذه الأمة، التي هي أشرف الأمم بنص القرآن، وإجماع السلف والخلف، في الدنيا والآخرة، ولله الحمد.
        البداية والنهاية ج 7 ص 251

        الرد:
        هذه هي العقدة الكبرى التي يواجهها أهل السنة، ونحن نقول: إن تخطئة عدد كبير من الصحابة، أحب إلينا من رد كلام الله ورسوله صلى الله عليه وآله...

        وإن تقديمنا لقول الله ورسوله صلى الله عليه وآله على فعل عامة الصحابة، هو ما عبرت عنه بعض رواياتنا بالردة، فروى الكليني أعلى الله مقامه: عن حنان، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وآله إلا ثلاثة.
        فقلت: ومن الثلاثة؟
        فقال: المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي رحمة الله وبركاته عليهم، ثم عرف أناس بعد يسير، وقال: هؤلاء الذين دارت عليهم الرحا وأبوا أن يبايعوا حتى جاؤوا بأمير المؤمنين عليه السلام مكرهاً فبايع، وذلك قول الله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} (144) سورة آل عمران
        الكافي ج 8 ص 245

        وليس المقصود انهم ارتدوا عن الإسلام!!!

        والصحابة غير معصومين، وقد صدرت منهم ذنوب ومعاصي، ومن ذلك مخالفتهم الجماعية لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الحديبية، فروى البخاري بأسانيده من حديث طويل قال:
        فلما فرغَ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا.
        قال: فوالله ما قام منهم رجل! حتى قال ذلك ثلاث مرات!
        فلمّا لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر لها مالقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحب ذلك؟ أخرج، ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة، حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك، فيحلقك.
        فخرج، فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً... الحديث
        صحيح البخاري ج 3 ص 182

        قال ابن حزم: وليعلم كل ذي لب: أن ذلك الفعل من أهل الحديبية رضي الله عنهم خطأ ومعصية، ولكنهم مغفور لهم بيقين النص في أنه لا يدخل النار أحد شهد بدراً والحديبية، وليس غيرهم كذلك، ولا يحل لمسلم أن يقتدي بهم في ذلك، فلا بد لكل فاضل من زلة، وكل عالم من وهلة، وكل أحد من الخيار فإنه يؤخذ من قوله وفعله ويترك ويرغب من كثير من قوله وفعله، إلا أن رسول الله (ص) ومن اقتدى بأهل الحديبية في هذا الفعل الذي أنكره رسول الله (ص) فقد هلك، رضي الله عنهم مضمون لهم المغفرة في ذلك وغيره، ولم يضمن ذلك لغيرهم.
        وقد أقرَّ بعضهم رضي الله عنهم على نفسه الخطأ العظيم في هذا الباب كما حدثنا عبدالله بن يوسف، عن أحمد بن فتح قال: ثنا عبدالوهاب بن عيسى، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن علي، عن مسلم، ثنا أبو كريب محمد بن العلاء، ومحمد بن عبدالله بن نمير قالا: أنبأنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، قال: سمعت سهل بن حنيف بصفين يقول: اتهموا رأيكم على دينكم، فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع رد أمر رسول الله (ص) قال الأعمش عن أبي وائل عن سهل: لرددته.
        قال علي: ويوم أبي جندل: هو يوم الحديبية، فقد أقرَّ سهل رضى الله عنهم أنهم أساؤوا الرأي يوم الحديبية، حتى لو استطاعوا رد أمر رسول الله (ص) لردّوه.
        قال: حدثنا أبو سعيد الجعفري، حدثنا ابن الادفوي، ثنا أبو جعفر بن الصفار، عن النسائي، عن سعيد بن عبدالرحمن، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري قال: وثبتني معمر عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم فذكرا حديث الحديبية (4) وفيه أن عمر بن الخطاب قال: والله ما شككت مذ أسلمت إلا يومئذ، فأتيت النبي (ص) فقلت: ألست نبي الله حقاً؟
        قال: بلى.
        قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟
        قال: بلى.
        قلت: فَلِمَ نعطي الدنية في ديننا إذاً؟
        قال: إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري.
        قلت: أو ليس وعدتنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟
        قال: بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه العام؟
        قلت: لا.
        قال: إنك تأتيه وتطوف به.
        قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقاً؟
        قال: بلى.
        قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟
        قال: بلى.
        قلت: فَلِمَ نعطي الدنية إذاً؟
        قال: أيها الرجل إنه رسول الله، وليس يعصي ربه وهو ناصره، فاستمسك بغرزه حتى تموت، فوالله إنه لعلى الحق.
        قلت: أو ليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟
        قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟
        قلت: لا.
        قال: إنك ستأتيه وتطوف به.
        قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً.
        قال علي (ابن حزم) : لم يشك عمر قط مذ أسلم في صحة نبوة محمد (ص) ومعاذ الله من أن يظن ذلك به ذو مسكة، ولكنه شك في وجوب اتباع ما أمرهم به من الحلق والنحر، وإمضاء القضية بينه وبين قريش، ثم ندم على ذلك كما ترى، وعمل لذلك أعمالاً مستغفراً مما سلف منه، من الأمر الذي ينصره الآن من أضله الله تعالى بالتقليل الفاسد، ومثل هذا، من غير أهل الحديبية، فسق شديد، ولكنهم بشهادته (ص) مغفور لهم لا يدخله النار منهم أحد، إلا صاحب الجمل الأحمر وحده.
        الإحكام في أصول الأحكام ج 4 ص 424

        والشيعة يعتقدون بأن الصحابة قد خالفوا نص الغدير تماماً كما خالفوا رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الحديبية سواءاً بسواء، لا سيما وان أصحاب السقيفة قد استغلوا إنشغال أمير المؤمنين عليه السلام ومن حوله من أهل بيته ومن الصحابة بتجهيز رسول الله صلى الله عليه وآله فضلاً عن الألم العظيم الذي خلّفه فقدهم لنبيهم وحبيب قلوبهم صلى الله عليه وآله... فاستغلّ أصحاب السقيفة هذه الظروف، فتوجهوا إلى سقيفتهم في اليوم التالي لوفاة النبي صلى الله عليه وآله، وهو –بنفسي- لمّا يُقبر، وعقدوا الأمر دون مشورة من المسلمين فكانت بيعتهم لأبي بكر فلتة كما وصفها عمر على ما روى البخاري من حديث طويل جاء فيه ما نصه: فلا يغترنّ امرؤ أن يقول: إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت! ألا وإنها قد كانت كذلك، ولكن الله وقى شرها، وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، من بايع رجلاً عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا.
        صحيح البخاري ج 8 ص 26

        قال ابن كثير: قد قدّمنا أنهم (رضى الله عنهم) اشتغلوا ببيعة الصديق بقية يوم الاثنين وبعض يوم الثلاثاء، فلما تمهدت وتوطدت وتمت شرعوا بعد ذلك في تجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتدين في كل ما أشكل عليهم بأبى بكر الصديق رضى الله عنه.
        قال ابن إسحاق: فلما بويع أبو بكر، أقبل الناس على جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء.
        البداية والنهاية ج 5 ص 280

        والخلاصة: إن التعويل على ما فعله أكثر الصحابة: خطأ كبير جداً، لأنهم غير معصومين، وما عبّر عنه ابن حزم بأنه "فسق شديد" عبّرت عنه رواياتنا بأنه "ردة"... وأما ما زعمه ابن حزم من إستثناء الصحابة من حكم التفسيق، فهو غير ثابت عندنا، ولا دليل عليه، بل هو مخالف لعموم التكاليف الشرعية، ولا يوجد أحكام في دين الله تعالى يفسق بها جماعة من المكلفين ولا يفسق بها آخرون!!! {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} وقال الله تبارك وتعالى مخاطباً حبيبه محمد صلى الله عليه وآله: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.

        كلام الألباني:
        قال: أما ما يذكره الشيعة في هذا الحديث وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في علي رضي الله عنه: "إنه خليفتي من بعدي" فلا يصح بوجه من الوجوه, بل هو من أباطيلهم الكثيرة، التي دل الواقع التاريخي على كذبها، لأنه لو فرض أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، لوقع كما قال، لأنه {وَحْيٌ يُوحَى} واللّه سبحانه لا يخلف وعده.
        سلسلة الأحاديث الصحيحة ج 4 الحديث 1750

        الرد:
        أقول: إن شبهة الألباني مبنية على عقيدة فاسدة جداً وهي عقيدة الجبر، وعلي عليه السلام هو الولي أطاعه الناس أم عصوه، تماماً كحال الأنبياء، يقول الله عز وجل: {أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} (87) سورة البقرة
        فهل تكذيب الأمم السابقة لأنبيائهم عليهم السلام بل وتقتيلهم إياهم، يقتضي إبطال نبواتهم؟؟؟

        وهل يلزم من ذلك تكذيب الواقع التاريخي لنبواتهم عليهم السلام؟؟؟

        ولقد استخلف موسى أخاه هارون عليهما السلام وتركه قومه واتخذوا العجل إلهاً من دون الله تعالى: {وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي * قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} (91) سورة طه

        فهل أخلف الله سبحانه وتعالى وعده؟؟؟

        والخلاصة: ان كلام الألباني هذا ضعيف جداً لا ينبغي التشاغل به...

        النقطة السادسة: المعنى الحقيقي لكلمة (مولى) في حديث الغدير بدلابة القرائن:

        تبين مما تقدّم فساد التأويل الذي ذهب إليه أهل السنة، وعلينا أن نذّكر بأنّ جملة: "من كنت مولاه فعلي مولاه" يستفاد منها أمران لا يختلف فيهما أحد من الشيعة أو السنة:

        الأمر الأول: ثبوث الولاية (بأي معنى فُسرت) للنبي والوصي صلى الله عليهما وآلهما: أي أن رسول الله صلى الله عليه وآله مولى، وعلي عليه السلام أيضاً مولى...

        الأمر الثاني: نطاق الولاية: حدّدت هذه الجملة، نطاق ولاية الوصي عليه السلام بشكل واضح، وهو أن كل من كان رسول الله صلى الله عليه وآله مولاه، فإن علياً عليه السلام ايضاً مولاه...

        بعض القرائن الدّالة على ان (المولى) في الحديث تعني الأولى:
        لا شك أن رسول الله صلى الله عليه وآله عندما يقول: أنا مولى المؤمنين... فحينئذٍ يتعين حمل كلامه صلى الله عليه وآله على معنى (الأولى بالمؤمنين من أنفسهم) هذا هو الأصل، لأن هذا المعنى هو المعنى المطلق، وحتى نحمله على معنى أضيق، فلا بد من وجود مقّيد...

        ولا شك أن الولاية بمعنى المحبة أخص من الولاية بمعنى الأولى، فإن المحبة هي شأن من شئون الولاية المطلقة...

        وعليه فإن الشيعة يحملون الحديث الشريف طبقاً للأصل الأولي، وحينئذٍ لا يحتاجون لذكر القرينة التي تدل على ما يذهبون إليه، بل ان الذي يريد أن يضيّق معنى الحديث هو المطالَب بالقرينة.

        والخلاصة: إن حمل الولاية المذكورة في حديث الغدير هو مقتضى الإطلاق، وعلى من يقول غير ذلك أن يذكر الدليل الذي قيّد الإطلاق...

        ولكن علمائنا -ولله الحمد- مع ذلك أقاموا مجموعة من القرائن اللفظية والحالية التي تدل على ما ذهبوا إليه، فهي تؤكد صحة الإستناد على الأصل الأولي للحديث الشريف، من ذلك:

        1 – تفريع ولاية علي عليه السلام على ولاية النبي صلى الله عليه وآله (من كنت مولاه فعلي مولاه). فلو أن الحديث جاء بصيغة: "علي مولاكم" مثلاً، لساغ التردد في معنى "مولى" لكنه صلى الله عليه وآله لما فرع ولاية علي عليه السلام على ولايته صلى الله عليه وآله التي يعرفها المسلمون، ارتفع الالتباس.

        2 – افتتاح النبي صلى الله عليه وآله خطبته بنعي نفسه الشريفة، واقتراب رحيله إلى جوار ربه.

        3 – تذكيرهم بولايته التي أثبتها القرآن الكريم إذ قال النبي صلى الله عليه وآله: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
        قالوا: نعم يا رسول الله.
        قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه.

        4 – الدعاء الشريف الذي دعا به النبي صلى الله عليه وآله وهو: "اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه" فإن الموالاة الثابتة بين كافة المؤمنين لا تقتضي أن يكون أحد طرفيها عدواً لله تعالى...

        فإن هذا الدعاء الشريف (5) قد جعل معادة أمير المؤمنين عليه السلام على حد معاداة رسول الله صلى الله عليه وآله، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا} (57) سورة الأحزاب
        فهذه الآية تُبيّن أن من يؤذي الله ورسوله صلى الله عليه وآله فقد استحق اللعنة في الدنيا والآخرة... ولم يثبت هذا لسائر المؤمنين، بل الثابت خلافه، قال الله تعالى في الآية التالية مباشرة: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} (58) سورة الأحزاب
        وقال الله عز وجل: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (10) سورة الحجرات

        5 - ان الخطبة كانت بمحضر جماعة كبيرة جداً من الصحابة تقدّر بمائة ألف صحابي، وقد وصف زيد بن أرقم ذلك اليوم بأنه: "يوم ما أتى علينا يوم كان أشد حراً منه"... فلا يعقل أن يوقف رسول الله صلى الله عليه وآله هذا العدد الكبير من الناس في يوم شديد الحرارة ليقول لهم: إن علياً عليه السلام محبكم!!! فإن هذا المعنى قد أثبته القرآن الكريم لكل مؤمن، وليس هناك من يجهل هذا!!!

        هذا المقدار يكفي لمعرفة مراد النبي صلى الله عليه وآله من حديثه الشريف، وهو كالشمس في رابعة النهار، ولا عبرة بزعم ابن تيمية وغيره عدم وضوح المعنى، فإنهم إنما يكابرون الحس {أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} وهناك قرائن أخرى كثيرة ذكرها علمائنا الأبرار، وقد استوعبها العلامة السيد حامد حسين أعلى الله مقامه في كتاب عبقات الأنوار، والعلامة الأميني أعلى الله مقامه في كتاب الغدير...

        الخاتمة:
        الذي يتعين على كل مسلم بعد أن عرف بأن حديث الغدير من الثوابت التاريخية الصحيحة وأن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله قد قال يوم الغدير ما تقدم ذكره بيقين، أن يبذل وسعه ليتعرف على مقاصد النبي محمد صلى الله عليه وآله من حديثه، وينبغي له هنا ترك التقليد فهذه مسئلة أصلية وليست فرعية، فليقرأ كل مسلم الأحاديث التي تتعلق بالغدير، وليرجع لما كتبه علماء الفريقين في دلالة الحديث النبوي الشريف، وقد نقلت للباحث جملة كافية من ذلك، والحمد لله رب العالمين...

        ونختم البحث بكلام شيخ الإمامية المفيد رضي الله عنه:
        قال: ومما يدل على ما ذكرناه ما تواترت به الأخبار أن حسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وآله، استأذن النبي عليه السلام في يوم الغدير أن يقول شعراً في ذلك المقام، فأذن له، فأنشأ يقول:


        يناديهم يوم الغدير نبيهم *** بخمٍ وأسمع بالرسول مناديا
        فقال: ومن مولاكم ووليكم؟ *** فقالوا، ولم يبدوا هناك التعاديا
        إلهك مولانا وأنت نبينا *** فلن تجدن منا لك اليوم عاصيا
        فقال له: قم يا علي فإنني *** رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
        فمن كنت مولاه فهذا وليه *** فكونوا له أنصار صدق مواليا
        هناك دعا اللهم والِ وليه *** وكن للذي عادى علياً معاديا



        فقال له النبي صلى الله عليه وآله: لا تزال يا حسان مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك.
        فلولا أن النبي عليه وآله السلام أراد بما ذكره في ذلك المقام النص على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام على حسب ما صرّح به حسان في هذا المقال، لما دعا له النبي صلى الله عليه وآله بالتأييد، ومدحه من أجله وأثنى عليه، ولو كان عليه وآله السلام عنى غيره من أقسام المولى: لأنكر على حسان، ولم يقره على ما اعتقده فيه، وبيّن له غلطه فيما حكاه، لأنه محال مع نصب الله تعالى نبيه للبيان، أن يشهد بصحة الباطل، وهو على الضلال أن يمدح على الغلط من الإعتقاد، وفي شهادته عليه وآله السلام بصدق حسان فيما حكاه، ونظمه الكلام بمدحه عليه، ودعائه له بالتأييد من أجله على ما بيناه، دليل على صحة ما ذكرناه، وشاهد على أن المولى عبارة في اللغة عن "الإمام" لفهم حسان والجماعة ذلك منها بما شرحناه.

        ومن ذلك ما تطابقت به الأخبار، ونقله رواة السير والآثار، ودونه حملة العربية والأشعار، من قول قيس بن سعد بن عبادة سيد نقباء رسول الله صلى الله عليه وآله من الأنصار رحمه الله، ومعه راية أمير المؤمنين عليه السلام، وهو بين يديه بصفين في قصيدته اللامية التي أولها:


        قلت لما بغى العدو علينا *** حسبنا ربنا ونعم الوكيل
        حسبنا ربنا الذي فتح البص‍ـ *** ـرة بالأمس والحديث طويل



        حتى انتهى إلى قوله:


        وعليٌ إمامنا وإمام لسـ‍ *** ـوانا أتى به التنزيل
        يوم قال النبي: من كنت مولا *** ه فهذا مولاه خطب جليل
        إن ما قاله النبي على الأمة *** حتم ما فيه قال وقيل


        وفي هذا الشعر دليلان على ما ذكرناه:
        أحدهما: أن المولى يتضمن الإمامة عند أهل اللسان، للإتفاق على فصاحة قيس، وأنه لا يجوز عليه أن يعبر عن معنى ما لا يقع عليه من اللفظ عند أهل الفصاحة، لا سيما في النظم الذي يعتمد صاحبه فيه الفصاحة والبيان.
        والثاني: إقرار أمير المؤمنين عليه السلام قيساً وترك نكيره، وهو ينشد بحضرته، ويشهد بالإمامة له، ويحتج به على الأعداء، وأمير المؤمنين عليه السلام ممن لا يقر على باطل ولا يمسك عن الإنكار، لا سيما مع ارتفاع التقية عنه، وتمكنه من الإنكار.
        أقسام المولى ص 35

        والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على خير خلقه محمدٍ وآله الطاهرين...

        .................
        هامش:
        ( 1 ) كذا الموجود في البداية والنهاية، وهو خطأ بلا شك، فإن مناسك الحج حتى اليوم الثاني عشر لمّا تُقضى!!! وقد ذكر ابن كثير انه كان في اليوم الثامن عشر في النص السابق...

        ( 2 ) نص على ذلك الحاكم في المستدرك قال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" المستدرك ج 3 ص 111
        قلت: ولم يتعقبه الذهبي، وكل رجال السند من رجال الكتب الستة عدا جعفر بن سليمان، لم يروِ عنه البخاري في الصحيح، وروى له مسلم والأربعة، ورماه بعضهم ببغض الشيخين ولم يصح ذلك بحسب كلام الذهبي، قال: ويروى أن جعفراً كان يترفض، فقيل له: أتسب أبا بكر وعمر؟ قال: لا، ولكن بغضاً يا لك.
        قال الذهبي: فهذا غير صحيح عنه.
        سير أعلام النبلاء ج 8 ص 198

        فالإسناد صحيح على شرط مسلم، وهذه ترجمة الرواة باختصار:
        * قتيبة بن سعيد: ثقة ثبت من العاشرة (ع).
        تقريب التهذيب ج 2 ص 27

        * جعفر بن سليمان: صدوق زاهد لكنه كان يتشيع من الثامنة (بخ، م، 4).
        تقريب التهذيب ج 1 ص 162
        قلت: نقل ابن حجر: توثيق ابن معين وابن المديني له، وقول أحمد: لا بأس به، وقول البزار: حديثه مستقيم، ونقل ايضاً عن ابن عدي أنه قال: ولجعفر حديث صالح، وروايات كثيرة، وهو حسن الحديث، معروف بالتشيع وجمع الرقاق، وأرجو أنه لا بأس به، وقد روى أيضا في فضل الشيخين، وأحاديثه ليست بالمنكرة، وما كان فيه منكر: فلعل البلاء فيه من الراوي عنه، وهو عندي ممن يجب أن يُقبل حديثه. تهذيب التهذيب ج 2 ص 81

        * يزيد الرشك: ثقة عابد وهم من لينه من السادسة (ع).
        تقريب التهذيب ج 2 ص 334

        * مطرف بن عبدالله: ثقة عابد فاضل من الثانية (ع).
        تقريب التهذيب ج 2 ص 188

        * عمران بن حصين: أسلم عام خيبر وصحب وكان فاضلاً (ع).
        تقريب التهذيب ج 1 ص 750

        (3) السباب والشتم أدوات مهمة لا يستغنون عنها!!!

        (4) هذا الحديث "ما شككت" والحديث الذي قبله "اتهموا رأيكم" من الأحاديث الثابتة التي أخرجها الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين.

        (5) ولهذا تجرأ ابن تيمية فكذّب هذا الحديث النبوي الصحيح، وقد رددت عليه بالتفصيل في بحثٍ سابق.


        للأمانة البحث للعضو قاسم من شبكة هجر، منقول للفائدة إن شاء الله تعالى.

        تعليق


        • #5
          [grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

          الأخ العزيز (خادم محمد وآل محمد) ..

          جهد تشكر عليه حقيقة، ولكم تمنيت أن تجعل ذلك في حلقات مختلفة وتترك الإطالة التي تساعد على ملل القاريء، حيث الطريقة التي اتخذتها رائعة جداً من حيث توضيح المنكرين لهذا الحديث والمثبتين من إخواننا أهل السنة حفظهم الله تعالى لهدايته.

          وأقول لإخواني أهل السنة الذين ربما يحبون التعليق على هذه المشاركة التي تفضل بها أخونا (خادم محمد وآل محمد) أنصحهم بعدم الولوج في مناقشة وجدال لايعتمد على الأساليب العلمية حتى لانخرج عن الموضوع وتذهب فائدة النقاش العلمي.

          وتقبلوا السلام الزكي المبارك من (زكي مبارك) ..[/grade]
          التعديل الأخير تم بواسطة زكي مبارك; الساعة 22-12-2004, 01:31 PM.

          تعليق


          • #6
            وعليكم السلام أخي زكي

            ملحوظة جيدة أخي الفاضل ولكن (ما أوتينا من العلم إلا قليل).

            ومنكم نستفيد ،،،،،،

            بإنتظار المخالفين لنرى تعليقهم.

            حفظكم الله

            تعليق


            • #7
              احسنتم مولانا واستاذنا خادم محمد و آل محمد ,, احسن الله إليكم ..

              تعليق


              • #8
                وعليكم السلام إختي إيمان


                يرفع

                يرفع

                يرفع

                تعليق


                • #9
                  مفاجأة للشيعة !! الأستاذ مرتضى العسكري يتراجع عن بعض أصول مذهبهم !!

                  --------------------------------------------------------------------------------

                  الحمد لله وحده ..
                  فهاهو عالم آخر من علماء الشيعة المشهورين يتململ من أصول عقيدتهم الباطلة التي تربى عليها عشرات السنين ، ويبدأ في التشكيك بها بعد أن تبين له زيفها ..
                  إنه الأستاذ مرتضى العسكري صاحب الكتب الشهيرة عن ( عبدالله بن سبأ وأساطير أخرى ) و ( 150 صحابيًا مختلقًا ) ! و( معالم المدرستين ) ... الخ
                  وأظن أن هذه هي الخطوة الأولى للتحول الكامل إلى الحق إن شاء الله .

                  ==========================

                  لقد ألقى الأستاذ محاضرة بين الطلاب في ( قم ) أحدثت ضجة شديدة ؛ حيث شكك في :
                  1- حديث الكساء ! وهو من أدلتهم المزعومة على العصمة ؛ وهذا تلميح إلى أنه لا يراها ؛ ولكنه إلى الآن يخاف التصريح .
                  2- زيارة عاشوراء .
                  3- إنكار البراءة من الأعداء ! ويعنون بهم كبار الصحابة .
                  والقادم يأتي إن شاء الله .

                  =========================

                  بعد المحاضرة المثيرة أفتى أحد آياتهم العظمى ! وهو الروحاني ضد العسكري فتوى قال فيها بأنه : (( قد حوّل كل الخدمات التى قدمها بواسطة تأليفاته جعلها هباءاً منثورا، و لاأدرى إن لم يستغفر ربه و جاءه الأجل، ماذا سيلحق به )) !!!!

                  =========================


                  وإليكم نص الفتوى :


                  (( سماحة آية الله العظمى الحاج السيد صادق الروحاني (دام ظله)
                  فى تاريخ 9/2/83 [28/4/2004]، القى العلامة العسكري محاضرة فى المدرسة العلمية المعصومية سلام الله عليها، طرح فيها عدة شبهات، أثارت استغراب الحاضرين،
                  فحين رده على سؤال حول حديث الكساء، أجاب للأسف:إن هذا الحديث المذكور و المعروف في كتابنا، غير صحيح!
                  وعن زيارة عاشوراء و اللعنة و البراءة من أعداء اهل البيت عليهم السلام قال: لايوجد فى سيرة أئمتنا هذا الشئ وكل ما ورد بهذا الخصوص فى زيارة عاشوراء غير صحيح، وإنى أشك في اصل زيارة عاشوراء، وفي هذا الزمن و هذه الظروف، لامعنى للبراءة و اللعن!
                  أردنا أن نطّلع على رأيكم حول هذه الاقاويل و نرجوا أن تنيروا قلوبنا المنكسرة من محبى الولاية.
                  ونسئل الله تعالى ان يؤيد مراجعنا العظام.
                  عدد من طلاب الحوزة العلمية فى قم.

                  جواب سماحة السيد الروحاني :
                  بإسمه جلّت أسماؤه
                  ثلاثة أمور قد اعترض عليها السيد العسكري:حديث الكساء، و زيارة عاشوراء، و لعن أعداء أهل البيت عليهم السلام.
                  هذه الأمور من أسس و اصول معتقدات الشيعة ، وكل من يتتبع الروايات في هذا الشأن ولو باختصار، لن تبقى له أدنى شك و ترديد فى هذا المجال.
                  أما عن السيد العسكري لابد أن نقول، إنه إما اصيب بحالة النسيان، (وهذا أفضل محمل نأخذه به)، و إما قد أجبر بواسطة بعض التيارات السياسية ليهين بمعتقدات الشيعة بهذه الصورة، وإما لاسمح الله.....
                  على العموم، إنه بهذه المحاضرة قد حوّل كل الخدمات التى قدمها بواسطة تأليفاته جعلها هباءاً منثورا، و لاأدرى إن لم يستغفر ربه و جاءه الأجل، ماذا سيلحق به.
                  فى الختام أنصح جميع الطلبة المهتمين، أن يستمروا فى طريقهم الذى بدأوا به في التصدي لأعداء الشيعة و أهل البيت عليهم السلام، فإنها من أعلى و أجل العبادات الإلهية ، و ذلك استمرارا لسيرة الائمة عليهم السلام.
                  و أوصي السيد العسكري أن يتوب بسرعة وأن يعوّض نفسه عاجلا.
                  21 ربيع الاول 1425
                  محمد صادق الحسيني الروحاني
                  الختم الشريف

                  ==========================

                  وهذا رابط الفتوى وصورتها : http://almostaqbal.com/cgi-bin/ubb6...c&f=22&t=000774

                  وفيه تعليقات الشيعة التي تخشى أن يكون الرجل قد ( تسنن ) ! نسأل الله أن يهديه .

                  تعليق


                  • #10
                    دعك من تحول العسكري ياعبقري مصادر حديث الغدير صحصية ام لا هنا السؤال ثم انت نقل من مواع المجوس خوارج العصر وهم لم يقول لك ان مصادر كتب العسكري الذي تذكرتها صحيحه ام لا ام هو النقل مثل نقل البغاء ياعبقري تحول السنة الى شيعة اصحبه ظاهره وانت تعرف هذا يافاشل ولو عنكم احد من الشيعة تحول الى السنه لرحتوا به القمر

                    تعليق


                    • #11
                      وهل الأستاذ مرتضى العسكري حجة على الشيعه؟؟؟؟ هل قول القليل حجه على الكثير أم العكس؟؟؟ هذا ان كان ما تقوله صحيحا يا عبقري!!

                      تعليق


                      • #12
                        السلام عليكم

                        وهل هذا إسلوب للحوار يا عبقري؟!؟!؟

                        الموضوع عن حديث الغدير وأنت تستطرد بإضافة مشاركة لا صلة لها أصلاً بالموضوع؟!

                        هذا هو إسلوبكم دائماً

                        تعليق


                        • #13
                          اعتذر بسبب خروجي عن الموضوع

                          تعليق


                          • #14
                            الاعتذار مقبول ولكن راجع الى المصارد هداك الله

                            تعليق

                            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                            حفظ-تلقائي
                            x

                            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                            صورة التسجيل تحديث الصورة

                            اقرأ في منتديات يا حسين

                            تقليص

                            لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                            يعمل...
                            X