اخي العزيز حسين إيران...
احسنتم سؤالكم في محله...
فقد روى أهل السنة في كتبهم أحاديث عجيبة عن تعرض رسول الله ص للسحر, فكان(ص) يتخيل أنه فعل الشئ مع أنه لم يفعله ! وزعمت أن يهودياً سَحَره فأخذ مشطه(ص) وبعض شَعره ، وجعل فيه سحراً ودفنه في بئر ! وأنه(ص) فقد حواسه وذاكرته ، وبقي على تلك الحالة ستة أشهر رجلاً مسحوراً ! حتى دلَّهُ رجلٌ أو ملَك على الشخص الذي سحره والبئر التي أودع فيها المشط والمشاطة من شعره ! فذهب إلى البئر ، ولكنه لم يستخرج المشط منها أو استخرجه وفكَّ عقد خيط الجلد الذي لفَّ به ! وأمر بدفن البئر ، ولم يقتل الذي سحره ، لأنه لم يُرِدْ أن يثير فتنة !
روى البخاري هذه الخرافة عن عائشة في خمس مواضع ! منها في:4/91: (عن عائشة قالت: سُحِرَ النبي(ص) ! وقال الليث كتب إلى هشام أنه سمعه ووعاه عن أبيه ، عن عائشة قالت: سُحر النبي(ص)حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشئ وما يفعله حتى كان ذات يوم دعا ودعا ، ثم قال: اُشْعِرتُ أن الله أفتاني فيما فيه شفائي؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي فقال أحدهما للآخر: ما وجعُ الرجل؟ قال: مَطْبُوب ! قال: ومن طَبَّهُ ؟ قال: لبيد بن الأعصم . قال: في ماذا ؟ قال: في مشط ومشاقة وجف طلعة ذكر ! قال: فأين هو ؟قال: في بئر ذِروان ! فخرج إليها النبي(ص)ثم رجع فقال لعائشة حين رجع: نخلها كأنها رؤوس الشياطين ! فقلت: استخرجتهُ ؟ فقال: لا ، أما أنا فقد شفاني الله ، وخشيتُ أن يثير ذلك على الناس شراً ، ثم دُفِنَتْ البئر ). انتهى .
وفي:4/68: (سُحر حتى كان يُخَيَّلُ إليه أنه صنع شيئاً ولم يصنعه) !!
وفي:7/88: (مكث النبي كذا وكذا ، يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتي ) !!
وفي:7/29: (كان رسول الله سُحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ! قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا).!!
وكرره البخاري بروايات متعددة: 7/28 و164، وروته عامة مصادرهم!
واقرأ ما يقوله ابن حجر شيخ شراح البخاري في المدة التي بقي فيها رسول الله (ص) مسحوراً مجنوناً ، معاذ الله !
قال في فتح الباري:10/192: (ووقع في رواية أبي ضمرة عند الإسماعيلي: فأقام أربعين ليلة ، وفي رواية وهيب عن هشام عند أحمد: ستة أشهر ، ويمكن الجمع بأن تكون الستة أشهر من ابتداء تغير مزاجه ، والأربعين يوماً من استحكامه !
وقال السهيلي: لم أقف في شئ من الأحاديث المشهورة على قدر المدة التي مكث النبي(ص)فيها في السحر ، حتى ظفرت به في جامع معمر عن الزهري أنه لبث ستة أشهر كذاقال وقد وجدناه موصولاً بإسناد الصحيح فهو المعتمد).انتهى.
أقول: يقصد السهيلي ما في مسند أحمد:6/63: (عن عائشة قالت: لبث رسول الله(ص) ستة أشهر يرى أنه يأتي نساءه ، ولا يأتي ) !! . انتهى.
وإن أردت فاقرأ في مصادرهم تلك التفاصيل العامية عن أسطورتهم وفريتهم في طريقة السحر ، وأن ولداً يهودياً سرق مشط النبي(ص) وشيئاً من شعره(مشاطة شعره) وأعطاها الى اليهودي لبيد الأعصم ، فجعل معها خيطاً من جلد وعقده اثنتي عشرة عقدة ، وفي رواية أحد عشرة عقدة ! ثم قرأ عليها السحر ولفَّ الجميع في قماشة ، ثم دفنها تحت صخرة بئر ذروان ، الذي يقع خارج المدينة ، وكان ماؤها بسبب السحر أحمر كالحنَّاء ، وكان النخل الذي يسقى منها طلعه كأنه رؤوس الشياطين !
وأنه بعد ستة أشهر أمضاها النبي(ص) مريضاً مسحوراً نصف مجنون وحاشاه ! دلَّه الملك على البئر فذهب اليها ، أو أرسل علياً والزبير ، فاستخرجوا المشط وفكوا عقد الخيط ، حتى شفي النبي(ص) من السحر ! ( راجع المجموع:12/243).
ثم اقرأ تأكيد ابن حجر على تأثير السحر على حواس النبي(ص) وبعض عقله !!
قال: (قوله: حتى كان رسول الله(ص)يخيَّل إليه أنه كان يفعل الشئ وما فعله.
قال المازري: أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها ، قالوا: وكل ما أدى إلى ذلك فهو باطل ، وزعموا أن تجويز هذا يعدم الثقة بما شرعوه من الشرائع ، إذ يحتمل على هذا أن يخيل إليه أنه يرى جبريل وليس هو ثمَّ ، وأنه يوحى إليه بشئ ولم يوح إليه بشئ!
قال المازري: وهذا كله مردود ، لأن الدليل قد قام على صدق النبي(ص) فيما يبلغه عن الله تعالى ، وعلى عصمته في التبليغ ، والمعجزات شاهدات بتصديقه ، فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل .
وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ، ولا كانت الرسالة من أجلها (...) فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض ، فغير بعيد أن يخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لاحقيقة له ، مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين ! قال: وقد قال بعض الناس إن المراد بالحديث أنه كان(ص) إليه أنه وطأ زوجاته ولم يكن وطأهن ، وهذا كثيراً ما يقع تخيله للإنسان في المنام ، فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة !
قلت: وهذا قد ورد صريحاً في رواية ابن عيينة في الباب الذي يلي هذا ولفظه: حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولايأتيهن ، وفي رواية الحميدي أنه يأتي أهله ولا يأتيهم.وفي مرسل يحيى بن يعمر عند عبد الرزاق: سُحر النبي(ص) ، عن عائشة: حتى أنكر بصره ! وعنده في مرسل سعيد بن المسيب: حتى كاد ينكر بصره ! قال عياض: فظهر بهذا أن السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه لا على تمييزه ومعتقده ....
وقال عياض: يحتمل أن يكون المراد بالتخيل المذكور أنه يظهر له من نشاطه ما ألفه من سابق عادته من الإقتدار على الوطأ ، فإذا دنا من المرأة فَتَرَ عن ذلك ، كما هو شأن المعقود ، ويكون قوله في الرواية الأخرى حتى كاد ينكر بصره ، أي صار كالذي أنكر بصره بحيث أنه إذا رأى الشئ يخيل أنه على غير صفته فإذا تأمله عرف حقيقته . ويؤيد جميع ما تقدم أنه لم ينقل عنه في خبر من الأخبار أنه قال قولاً فكان بخلاف ما أخبر به ).
سؤال: كيف يعتقد الوهابية بصحة أحاديث عائشة عن سحر النبي(ص) والله تعالى يقول: وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إلارجلاً مَسْحُوراً؟! فقد نفى عنه السحر ووصف من اتهمه بذلك بأنهم ظالمون ، فهل يشمل ذلك عائشة والبخاري ؟
تعليق