

الإسفاف الفكري عند الوهابية
ليس بغريب أن يتميز من يحارب العقل بالإسفاف الفكري ، وهذا حال الوهابية ، حيث أضفوا على كتابات ابن تيمية وأشياعه هالة القداسة ، وأنها هي المنهج السلفي الحق الذي يجب اتباعه ، ولا يجوز إعمال العقل فيما قالوه فهو الحق الصراح الذي يجب التسليم له ، وإن قال بفناء النار ، لذلك فترى الوهابية اليوم يهاجمون علماء المسلمين بكل ما أوتوا من قوة في كتاباتهم التي سخروها لهذا الغرض لا غير ، دفاعاً عن كلِّ باطل يتبنونه ، وإن كان بأساليب غاية في الركاكة والإسفاف ، ومن هؤلاء الدكتور صالح بن فوزان الفوزان الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، حيث هاجم العلامة الأستاذ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي الذي عرفه العالم الإسلامي بقوة حجته ، وإخلاصه في الدعوة ، ومن فاته قراءة مؤلفاته القيمة ، فبالتأكيد لم تفته مواعظه ودروسه الإعلامية ؛ كبرنامجه الدعوي الشهير (يغالطونك إذ يقولون) الذي يرد فيه على الملاحدة وأمثالهم بالحجة البينة والبرهان الناصع .
العلامة البوطي كتب كتاباً بعنوان (السلفية مرحلة زمنية مباركة) بين فيه أن الوهابية ما هربوا إلى هذه التسمية إلا بعد أن سئموا تسميتهم الأولى (الوهابية) ، ودافع عن كثير من علماء المسلمين الذين يصفهم الوهابية بالضلال كالعلامة الكوثري ، والقشيري ، ومحمد علوي مالكي ، وبين شيئاً من ضلالات ابن تيمية بأسلوب مهذَّب علمي ، فما كان من الدكتور الفوزان إلا أن انبرى للرد عليه في كتيب له بعنوان (نظرات وتعقيبات على ما في كتاب السلفية لمحمد سعيد رمضان .. من الهفوات)(1) وهذه عادة الوهابية فمكتباتهم ملآى بالتعقيبات بالشتم لعلماء المسلمين ، فاتهم العلامة البوطي بأنه لم يقرأ التاريخ ص72 ، وأنه لا يحترم ما يقول ص 73 ، ولكي نعلم الإسفاف الفكري عند هؤلاء ولنبين للناس جلياً مَن الذي لا يحترم ما يقول فإننا سنتعرض للمنهج العلمي عند هذا الأستاذ الجامعي في الرد حيث يقول:
ص 44 (البيهقي - يرحمه الله – عنده شيء من تأويل الصفات فلا يوثق بنقله في هذا الباب)
ص45 (الحافظ – أي ابن حجر- متأثر بمذهب الأشاعرة فلا عبرة بقوله في هذا) ويشير بهذا إلى العقيدة.
ص 47 (الخطابي – يرحمه الله – ممن يتأولون الصفات فلا اعتبار بقوله ، ولا حجة برأيه ، وله تأويلات كثيرة)
ونحن نقول أي منهجية علمية هذه التي ترفض أقوال العلماء ولا ترى فيها حجة ، فهل الحجة في الفريق الذي تنتمي إليه أم في البرهان العلمي الذي تثبته ، فإذا كان الإمام الترمذي (2)والبيهقي وابن حجر - الذي كانت جريمته التأثر بمذهب الأشاعرة والذي تنتمي إليه مذاهب أهل السنة في العقيدة - ، والخطابي وغيرهم من علماء المسلمين لا تؤخذ أقوالهم في العقائد فمَن الذي تؤخذ أقواله؟
نحن نعلم الجواب الوهابي ؛ إن من يجب أخذ قوله بالقبول لديهم هو ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وأتباعهم ، وليُضرب بأقوال باقي علماء المسلمين عرض الحائط ، فالفوزان يرى أن العقيدة يجب أن تؤخذ من كتب الحشوية نحو الكتاب المنتحل (كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد) ص 17 (3)
ويدافع الفوزان بباطل في كتابه هذا عن عقيدة فناء النار (4)وأنها ليست بدعة بغضِّ النظر عن صحتها (ص 49) لأنها نابعة من الكتاب والسنة على حدِّ زعمه !! سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم.
على كل حال فإن إسفاف أدعياء السلفية الفكري أصبح يتحدث به الرائح والغادي ، حيث أن كتاباتهم جامدة على محور الشرك المتمثل بعبادة القبور على حدِّ زعمهم ، ولا مساهمة لهم في بعث الأمة الحضاري ، إلا الهجوم على أقطاب هذا البعث – بطبيعة الحال - كالهجوم على الإمام محمد عبده وحسن البنا وسيد قطب ومحمد الغزالي وغيرهم ، ونحن عندما نتحدث عن إسفافهم الفكري فإننا لا نبني أحكامنا على خطبائهم وصغار كتابهم ، بل نتحدث عن كبار العلماء والأساتذة الجامعيين لديهم ، واقرأ إن شئت كتابات الدكتور عمر الأشقر الذي يعيش في بيئة علمية متفتحة ، ولكن انتمائه الوهابي أبى عليه إلا الانغلاق ، فترى كتاباته هزيلة متهالكة ، لا يقوم لها ميزان في سوق العلم.
المصدر: الهامش:
النسخة التي بين أيدينا هي الطبعة الثانية ، 1411هـ ، دار الوطن للنشر بالرياض.
اقرأ موضوعنا التالي : الوهابية وتضليلهم للإمام الترمذي
لتعلم كذب نسبة هذا الكتاب لابن الإمام أحمد وما فيه من الترهات ، فما عليك إلا مراجعة مقالنا : من كذب الحشوية
اقرأ موضوعنا : ابن القيِّم الشفيق بإبليس


لكل شيعي اقرؤوا حقيقتهم من أهلمهم..
وحقيقة وشهد شاهد من أهلها


تعليق