اللهم صل على محمد واله الاطهار وصحبه الابرار منهم
روى الحاكم النيسابوريّ في تاريخه، بالإسناد إلى أبي بكر أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: « مَن كتَبَ علَيّ علماً أو حديثاً، لم يَزَل يُكتَب له الأجرُ ما بقيَ ذلك العلمُ أو الحديث ».
ورُويَ عن: أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام وعبدالله بن عمر وعبدالله بن مسعود وأبي سعيد الخُدْري وأبي الدرداء وأنس بن مالك ومُعاذ بن جبل وأبي هريرة من طرق متنوّعة، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: « مَن حَفِظ على أُمّتي أربعين حديثاً بعَثَه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء ». وفي روايةٍ: « بعَثَه اللهُ فقيهاً عالماً ». وفي رواية أبي الدرداء: « كنتُ له يومَ القيامة شاهداً وشفيعاً ». وفي رواية ابن مسعود: « قيل له: ادخُلْ مِن أيّ أبواب الجنّة شئت ». وفي رواية ابن عمر: « كُتب في زمرة العلماء، وحُشر في زمرة الشهداء ».
ولكنْ.. لم يُدوَّن شيءٌ من السُّنن أيّام أبي بكر وعمر! فقد جمع أبو بكر خمسمائة حديث، فبات ليلته يتقلّب، فلمّا أصبح قال لابنته عائشة: أي بُنيّة، هَلُمّي الأحاديث التي عندكِ. قالت: فجِئتُه بها، فأحرقها ( أخرجه ابن كثير عن الحاكم، والمّتقي الهنديّ في كنز العمّال 237:5 / ح 4845 ).
وعن الزهريّ عن عروة، أنّ عمر بن الخطّاب أراد أن يكتب السُّنن، فاستفتى أصحابَ رسول الله صلّى الله عليه وآله فأشاروا عليه أن يكتبها، فطَفِق عمرُ يستخير اللهَ فيها شهراً، ثمّ أصبح يوماً فقال: إنّي أرَدتُ أن أكتُبَ السُّنن، وإنّي ذَكَرتُ قوماً قبلَكم كتبوا كتباً فأكبُّوا عليها وتركوا كتاب الله، وإنّي واللهِ لا أشوب كتابَ الله بشيءٍ أبداً!( كنز العمّال 239:5 / ح 4860.. وغيره ).
وتواترت الأخبار حول تشدّد عمر في منع الناس عن تدوين العلم، وردعه إيّاهم عن جمع السنن النبويّة وآثارها، وربّما حَظَر عليهم الحديثَ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله مطلقاً، وحَبَس أعلامهم في المدينة؛ لئلاّ يُذيعوا الأحاديث في الآفاق ( كنز العمّال 239:5 / 4865 ـ وممّن حبسهم: عبدالله بن حذيفة، وأبو الدرداء، وأبو ذرّ، وعقبة بن عامر..قال لهم: ما هذه الأحاديث التي قد أفشيتُم عن رسول الله في الآفاق ؟!
قالوا: تنهانا ؟! قال: لا، أقيموا عندي، لا واللهِ لا تفارقوني ما عشت ).
ولا يخفى ما قد ترتّب على منع تدوين الحديث النبويّ مِن ضياعٍ لكثيرٍ من الآثار الشريفة، وليت أبا بكرٍ وعمر كَلَّفا الإمام عليّاً عليه السّلام بجمع السُّنن وتدوينها في كتابٍ مستقلٍّ خاصّ يرثه عنه مَن جاء مِن بعده من التابعين فتابعيهم في كلّ خَلَفٍ مِن هذه الأُمّة، فإنّ في السُّنّة النبويّة الشريفة: ما يُوضّح متشابه القرآن، ويُبيّن مُجْملَه، ويُخصّص عامَّه، ويُقيّد مُطلَقَه، ويُوقِف أُولي الألباب على كُنهه.. وبضياع السنّة ضاع كثيرٌ من الأحكام، ولو دُوِّنَت لعُصِمت الأُمّة من مَعرّة الكاذبين والوضّاعين. ولو كانت السنّةُ مدوَّنةً في ذلك العصر في كتابٍ تقدّسه الأُمّة لأُرتِج باب الوضع على الوضّاعين الذين دَسُّوا ما يوافق مصالحهم وأطماعهم.
وحيث فات ذلك أبا بكرٍ وعمر، كَثُرت الكذّابةُ على رسول الله صلّى الله عليه وآله، ولَعِبَت في الحديث أيدي السياسة، وعاثَت به ألسنةُ الدعاية المغرضة، لا سيّما في عهد معاوية وفئته الباغية، حيث راجت سوق الدجّالين، وفُوضى المبطلين!
ولو حُصِر التدوين في أهل البيت عليهم السّلام، وهم أهلُ بيت النبوّة وموضع الرسالة، لَسَلم الحديث من التحريف، ولَسَلِمت أحكام الدين ومعاني الوحي الشريف.
ولا ندري كيف يسوغ للبعض أن يَروي أنّ الحديث الشريف ورد فيه: إنّي تاركٌ فيكمُ الثقلَين: كتابَ الله، وسُنّتي، أن يَعمدَ إلى سُنّة النبيّ صلّى الله عليه وآله فيُحرقَ ما دُوِّن، ويمنع الناسَ مِن أن تُدوِّن ؟! ثمّ كيف تُفهَم مقاصد القرآن الكريم، وتفاصيل الشريعة الغرّاء بدون السنّة النبويّة الشريفة ؟!لذا ظهرت نظريّتان في أسباب منع التدوين:
الأولى ـ تقول أنّ بعض الصحابة كان جاهلاً بأحكام الإسلام، فأراد ألاّ يَظَهر جهلُه، فعمّى على الناس بحجبهم عن السنن والآثار.
الثانية ـ تقول أنّ جملة وافرة من الأحاديث النبويّة الشريفة كانت تُظهر فضائل أهل البيت وأئمّة الحقّ والهدى عليهم السّلام، بل وأفضليّتهم على جميع الصحابة، بل وأحقّيّتَهم وأولويّتَهم بالخلافة والإمامة والوصاية بنصوص صريحةٍ في تعيينهم.. وهذا لا يَروق مَن أراد تأخيرهم عن مقاماتهم، ودفعَهم عن منازلهم التي أنزلهم الله فيها.. فعَمدوا إلى الحديثِ الشريف فمنعوا تداولَه، وحرّموا تدوينه، وأحرقوا ما كان دُوِّن؛ تعميةً على الناس وصرفاً لأنظارهم عن أصحاب الحقّ الشرعيّ .
روى الحاكم النيسابوريّ في تاريخه، بالإسناد إلى أبي بكر أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: « مَن كتَبَ علَيّ علماً أو حديثاً، لم يَزَل يُكتَب له الأجرُ ما بقيَ ذلك العلمُ أو الحديث ».
ورُويَ عن: أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام وعبدالله بن عمر وعبدالله بن مسعود وأبي سعيد الخُدْري وأبي الدرداء وأنس بن مالك ومُعاذ بن جبل وأبي هريرة من طرق متنوّعة، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: « مَن حَفِظ على أُمّتي أربعين حديثاً بعَثَه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء ». وفي روايةٍ: « بعَثَه اللهُ فقيهاً عالماً ». وفي رواية أبي الدرداء: « كنتُ له يومَ القيامة شاهداً وشفيعاً ». وفي رواية ابن مسعود: « قيل له: ادخُلْ مِن أيّ أبواب الجنّة شئت ». وفي رواية ابن عمر: « كُتب في زمرة العلماء، وحُشر في زمرة الشهداء ».
ولكنْ.. لم يُدوَّن شيءٌ من السُّنن أيّام أبي بكر وعمر! فقد جمع أبو بكر خمسمائة حديث، فبات ليلته يتقلّب، فلمّا أصبح قال لابنته عائشة: أي بُنيّة، هَلُمّي الأحاديث التي عندكِ. قالت: فجِئتُه بها، فأحرقها ( أخرجه ابن كثير عن الحاكم، والمّتقي الهنديّ في كنز العمّال 237:5 / ح 4845 ).
وعن الزهريّ عن عروة، أنّ عمر بن الخطّاب أراد أن يكتب السُّنن، فاستفتى أصحابَ رسول الله صلّى الله عليه وآله فأشاروا عليه أن يكتبها، فطَفِق عمرُ يستخير اللهَ فيها شهراً، ثمّ أصبح يوماً فقال: إنّي أرَدتُ أن أكتُبَ السُّنن، وإنّي ذَكَرتُ قوماً قبلَكم كتبوا كتباً فأكبُّوا عليها وتركوا كتاب الله، وإنّي واللهِ لا أشوب كتابَ الله بشيءٍ أبداً!( كنز العمّال 239:5 / ح 4860.. وغيره ).
وتواترت الأخبار حول تشدّد عمر في منع الناس عن تدوين العلم، وردعه إيّاهم عن جمع السنن النبويّة وآثارها، وربّما حَظَر عليهم الحديثَ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله مطلقاً، وحَبَس أعلامهم في المدينة؛ لئلاّ يُذيعوا الأحاديث في الآفاق ( كنز العمّال 239:5 / 4865 ـ وممّن حبسهم: عبدالله بن حذيفة، وأبو الدرداء، وأبو ذرّ، وعقبة بن عامر..قال لهم: ما هذه الأحاديث التي قد أفشيتُم عن رسول الله في الآفاق ؟!
قالوا: تنهانا ؟! قال: لا، أقيموا عندي، لا واللهِ لا تفارقوني ما عشت ).
ولا يخفى ما قد ترتّب على منع تدوين الحديث النبويّ مِن ضياعٍ لكثيرٍ من الآثار الشريفة، وليت أبا بكرٍ وعمر كَلَّفا الإمام عليّاً عليه السّلام بجمع السُّنن وتدوينها في كتابٍ مستقلٍّ خاصّ يرثه عنه مَن جاء مِن بعده من التابعين فتابعيهم في كلّ خَلَفٍ مِن هذه الأُمّة، فإنّ في السُّنّة النبويّة الشريفة: ما يُوضّح متشابه القرآن، ويُبيّن مُجْملَه، ويُخصّص عامَّه، ويُقيّد مُطلَقَه، ويُوقِف أُولي الألباب على كُنهه.. وبضياع السنّة ضاع كثيرٌ من الأحكام، ولو دُوِّنَت لعُصِمت الأُمّة من مَعرّة الكاذبين والوضّاعين. ولو كانت السنّةُ مدوَّنةً في ذلك العصر في كتابٍ تقدّسه الأُمّة لأُرتِج باب الوضع على الوضّاعين الذين دَسُّوا ما يوافق مصالحهم وأطماعهم.
وحيث فات ذلك أبا بكرٍ وعمر، كَثُرت الكذّابةُ على رسول الله صلّى الله عليه وآله، ولَعِبَت في الحديث أيدي السياسة، وعاثَت به ألسنةُ الدعاية المغرضة، لا سيّما في عهد معاوية وفئته الباغية، حيث راجت سوق الدجّالين، وفُوضى المبطلين!
ولو حُصِر التدوين في أهل البيت عليهم السّلام، وهم أهلُ بيت النبوّة وموضع الرسالة، لَسَلم الحديث من التحريف، ولَسَلِمت أحكام الدين ومعاني الوحي الشريف.
ولا ندري كيف يسوغ للبعض أن يَروي أنّ الحديث الشريف ورد فيه: إنّي تاركٌ فيكمُ الثقلَين: كتابَ الله، وسُنّتي، أن يَعمدَ إلى سُنّة النبيّ صلّى الله عليه وآله فيُحرقَ ما دُوِّن، ويمنع الناسَ مِن أن تُدوِّن ؟! ثمّ كيف تُفهَم مقاصد القرآن الكريم، وتفاصيل الشريعة الغرّاء بدون السنّة النبويّة الشريفة ؟!لذا ظهرت نظريّتان في أسباب منع التدوين:
الأولى ـ تقول أنّ بعض الصحابة كان جاهلاً بأحكام الإسلام، فأراد ألاّ يَظَهر جهلُه، فعمّى على الناس بحجبهم عن السنن والآثار.
الثانية ـ تقول أنّ جملة وافرة من الأحاديث النبويّة الشريفة كانت تُظهر فضائل أهل البيت وأئمّة الحقّ والهدى عليهم السّلام، بل وأفضليّتهم على جميع الصحابة، بل وأحقّيّتَهم وأولويّتَهم بالخلافة والإمامة والوصاية بنصوص صريحةٍ في تعيينهم.. وهذا لا يَروق مَن أراد تأخيرهم عن مقاماتهم، ودفعَهم عن منازلهم التي أنزلهم الله فيها.. فعَمدوا إلى الحديثِ الشريف فمنعوا تداولَه، وحرّموا تدوينه، وأحرقوا ما كان دُوِّن؛ تعميةً على الناس وصرفاً لأنظارهم عن أصحاب الحقّ الشرعيّ .