1- دليل نقلي على أفضليته //
قال عنه الحسين(عليه الصلاة والسلام)/
((أخي وابنِ عَمّي والمُفَضَّل عندي مِنْ أهلِ بـيتـي))
وقد جاء عن فضله عن رسول الله الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)أنَّـهُ قالَ لأمير المؤمنين (عليه و آله الصلاة والسلام) بما معنـاه //
((ياعلي إنّـي أحب عقيلاً حُبَّـين حُبٌّ لِحُبِّ أبـي طالبٍ لَـهُ وحُبٌّ أنَّ وَلَدَهُ سَيَنْصُـر وَلَدكَ الحُسَـين ويُقْتَلُ دُونَـه)).
2- دليل عقلي على أفضليته//
بما أنَّ الحسين (عليه الصلاة والسلام) قد إرتَضاه لتمثيل شخص الإمام المعصوم(عليه الصلاة والسلام) فهذا يعنـي وجود الكفاءة والأهليَّـة التامَّـة عند مسلم (عليه الصلاة والسلام) لنيابـة الإمامـة العامـة والتـي هي ((عهد الله)) بتعبـير القرآن الكريم فـي قوله تعالى//
((قالَ لاينالُ عهدي الظالمين)).
ولو لم يكن مسلم (عليه الصلاة والسلام) على هذه الدرجـة العالية التـي جاءت فـي أعلاه من الكمال المادي والمعنوي لَما كانَ مؤهَّلاً لسفـارة الحسـين(عليه الصلاةوالسلام) والنيابـة عنـه فـي التصدّي القيادة والمرجعيّـة من الجانب (التشريعي والتـنفيذي والقضائي ).
3- جاء فـي كتب التأريخ أنَّ مسلم(عليه الصلاة والسلام) كان قد كفله عَمَّـه أمير المؤمنين(عليه الصلاة والسلام) لأنَّ عقيلاً كانَ فقيراً فعاشَ مسلم (عليه الصلاة والسلام) فـي بيت علي بن أبـي طالب(عليهما الصلاة والسلام) وهذه الكفالـة بحد ذاتـها هي دليلٌ على أفضلية مسلم (عليه الصلاة والسلام) كما كانت كفالة رسول الله الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأمير المؤمنين(عليه الصلاة والسلام) تُعتبر وِساماً لعلي (عليه الصلاة والسلام).
 ثانيـاً_ مُداخَلَة على ماذُكِرَ فـي أعلاه//
جاء فـي أعلاه أنَّ مِنْ أسباب فشل ثورة مسلم(عليه الصلاة والسلام) هو//
[[ تَوَلّـي (عبيد الله بن زياد بن أبـيه للكوفـة بَدَلاً عن النعمان بن بشير بن سعد الخزرجي]].
هذا صحيح _ ولكننـي أحب أنْ أعطي توضيحـاً اكثر عن المسألة فيما يتعلّق بالفـرق بين الرجلين وبعد التَوَكُلِّ على الله تعالـى والصلاة على محمد وآل محمّد (عليهم الصلاة والسلام) أقول//
1- النعمان بن بشير كان والياً على الكوفـة منذ أيام حكم ((معاوية)) ليس لكفاءتـه _ لا _ بل هو نوعٌ مِنْ ((رَدِّ الجميل)) لموقف قامَ بِـهِ أبوه ((بشير بن سعد الخزرجي)) فـي يومٍ كانَ أخطر شأناً مِنْ أنْ نـتجاهلـه وهو ((يوم السقيفـة)) حيث كانَ موقف بشير بن سعد الخزرجي هو السبب فـي إنـتقاض أمـر الأنصار عندما إحتدمَ الجِدال والنِـزاع بين المهاجرين والأنصار على أمـر الخِلافـة، فكان موقف بشير بن سعد الخزرجي هو ((نقطـة التَحَوُّل)) فـي المشروع السياسي للإنصار هذا التَحَوُّل الذي أدى إلـى تقديم المهاجرين على الأنصار فـي الحقية فـي الخِلافـة.
فكانَت عملية إسناد ولاية الكوفة للنعمان بن بشير أيام معاوية مكافأة لعمل أبـيه الذي قامَ بِـهِ وليس لكفاءاته وأهليَّتـه لإدارة شؤون الولايـة وهذا يؤيده كُلٌّ مِنْ//
((عمر بن سعد بن أبـي وَقاص / عبدالله الحضـرمي/ عُمارة بن عُقْبة بن أبـي معيط)) .
وهؤلاء ذكروا عدم قدرة النعمان بن بشير بن سعد على السيطرة على ولاية الكوفة كتبوا هذا فـي رسائلهم إلـى ((يزيد بن معاوية)) لعنهم الله أجمعين.
2-عُبَـيْد الله بن زيـاد بن أبـيه _ وقد كانَ ((ألـكَنْ)) يقلِبُ ((حرف الحاء هاءً عند نُطْقِهِ وحرف العين همزة))
فمثلاً عند قوله (الحسين بن علي) كان ينطقه(( الهُسينُ بن ألي)).
كانَ والـياً وقتها على ولاية ((البصـرة)) جنوب العراق فجاءه الكتاب مِنْ (( يزيد بن معاوية)) فيـه//
((إنَّـي وَلَّيْتُكَ العِـراقَيْن الكـوفـة والبَصـرة فَامْضِ مِنْ سـاعتكَ))
فتركَ أخاه واليـاً على البصرة بدلاً عنـه وخرج هو إلى الكوفـة.
ولكن لماذا كانَ يزيد قد إختار عبيدالله بن زياد لولاية الكوفة دونَ غيره ؟؟!
الجواب من عِدَّة نقاط//
*وَلاّه يزيد بعد إستشارة قامَ بـها للمستشار فـي البِلاط الأموي وهو ((سـرجون بن منصـور )) وهذا الرجل كانَ ((نصـرانيَّـا)) قد عَيَّنَـه ((معاويـة)) خال المؤمنين وكاتب الوحي مستشاراً لـه!!!
صَدَقَتْ مولاتـنا الزهراء روحي فِداها(عليها الصلاة والسلام)وهي القائلة //
((وَإنْ عِشْـتَ أراكَ الدَّهْـرُ عَجَبـاً)).
فَلَمّا إسـتشار يزيد لسرجون النصـرانـي قامَ سـرجون بإخـرج كتابٍ كانَ قد كَتَبَـهُ معاويـة وإدَّخَـره لمثلِ هذا اليوم الذي لايحتاجُ لعِلْمٍ خارقٍ لِتَوَقُّعِ حُدُوثِـهِ _لا _ فُقد كانت سيـاسـة أهل البـيت (عليهم الصلاة والسلام واضحـة فـي تصادمها مع ((الـمُخَطَّطْ الجاهلي)) الذي تَبَنّـاهُ بنو أميَّـة مِنْ أجلِ مَسْخِ الإسلام والإلتفاف عليه مِنَ الداخِل، فكانَ مِنَ الطبـيعي أنْ يكون واضحـاً لمعاويـة ما ستؤول إليهِ الأوضاع السياسية
وهذا يدعو معاويـة للتخطيط المستقبلي ووضع الحلول لهكذا أزمـة واقعـة لامحالـة فكان هذا الكتاب هو الإجراء الذي قد تمَّ إتِّخاذه لحلِّ هذه الأزمـة.
**الخصائص النفسيّـة عند عبيدالله بن زياد كانت تؤهِّلُـهُ للقيام بـهكذا مُهِمَّـة حيث أنَّـهُ إبن مَنْ ليسَ لَـهُ أيّ إرتباط أُسَـري نـتيجـةً لكونـهِ لقيطـاً وهذا مشهور للجميع ومَنْ كانَ هكذا إجتماعياً فهو سيكون حاقداً على هذا المجتمع عامَّـةً وعلى رموز الإحترام والشرف فـي المجتمع خاصَّـة لشعوره بالنقص وكونـهم هُمْ الينَ يُشَكِّلون لَـهُ مَصْدر هذا الشعور بالنقص.
*** إنعـدام الوازع الدينـي عنـد عبيدالله بن زياد من جهـة ومن جهـةٍ أخـرى بُغضـهُ وكراهيتـه الشديدة لعلي بن أبـي طالب وآل علي(عليهم الصلاة والسلام).
وهذه قد ورثـها مِنْ أبيـه زياد فهيَ مُتَأَصِّلَـةٌ عنده .
كُلْ هذه الصفات قد حَدَتْ بـيزيد بن معاويـة أنْ يكتب لعبيدالله بن زياد واصفاً إيّاه بقولهِلا:
((ولا أَجِدُ سَـهْمَـاً أرمي بـهِ عَـدُوِّي أجْـرَأَ منكَ )).
 ثالثـاً_ عَـودة إلـى ماكُتِبَ سـابِقَـاً //
سبقَ أنْ ذَكَرْنا في (الحلقة الخاصة بيوم الثلث من المحرم وليلته _الفقرة ثانياً )عن تحديد ساعـة الصِفـر وقلنا بأنَّ الإختيار الأمثل سيكون مِنْ عوامل النصـر .
عندما نأخذ هذا المعنـى وتطبـيقاتـه على ثورة مُسلم بن عقيل(عليهما الصلاة والسلام) نُلاحظ كيفَ لتَحـديد ساعـة الصِّفْـر مِنْ أهميَّـة كبـيرة لايُمكن إغفـالُها لِمَنْ قد تَبَنّـى العمل الثـوري .
فقد كانَ مِنْ أسباب الإطاحـة بثورة مسلم(عليه الصلاة والسلام) فـي الكوفـة هو أنَّـه قد إضْطُـرَّ للخـروج قبل الوقت الذي يريده فكان هذا الخـروج الأضطـراري مِنْ العَـوامل المساعدة على سهولـة الإطاحـة بالعمليَّـة الثوريَّـة.
 رابعـاً_ الإشـاعـة وَدَوْرُهـا //
مِنْ الأسباب التـي وَرَدَتْ أيضاً في أعلاه عن أسباب سقوط الثورة والعوامل التـي ساعَدَتْ فـي القضاء عليها هوَ كلام ((شُـرَيْح القـاضـي)) هذا المنافق فـي الحقيقـة كانَ لَـهُ أكبر الأثر وكمايلي//
1-بعـد أنْ تَمَّ إعتقـال ((هانـي بن عُـروة المذْحَجي)) رضوان الله عليه جاءت قبـيلَتَـه ((مذحج)) فقاموا بتطويق ((قصـر الإمـارة)) وكانوا على قدرةٍ تـامَّـةٍ بِـدخول القصـر ((عُنْـوةً)) مِنْ أجْـلِ خلاص زعيمهم وشيخهم ((هانـي)) ولكن خـرجَ القاضي((شُـرَيح)) وأخـبرهم بسلامـة (هانـي) وأنَّـهُ عند الأمـير (عبيدالله بن زياد) يسألـهُ عن بعض الأمور وقد كان (شُـرَيْح) مُصَدَّقَـاً عندهم فكانَ كلامـهُ مُقْنِعـاً لهم فرجعوا دونَ أيّ عَمَلْ ،فكانَ (شُـريح) بعملـهِ هذا قد أنْقَـذّ عبيدالله بن زياد مِن القتل.
2-بعـدَ أنْ قامَ مسلم (عليه الصلاة والسلام) ومَنْ معـه وهم ((4000)) بتطويق القَصْـر خَـرَجَ عليهم (شُـرَيْح) مِنْ أعلى القصـر وقالَ للناس :
((لادخول لكم بين السلاطين فقد جاءكم جيش الشام لايعلم عدده إلاّ الله وليس لكم بـه طاقـة فاحفظوا أنفسكم مِنَ القتل ولاتسرعوا فـي الفتـنة و..و...إلخ))
فسـرى كلامـهُ سَـريان النـار فـي الهشـيم فكانت المرأة تأتـي لولدها وزوجها فتقول يكفيك النـاس هذا الأمـر فتأخذه إلـى بـيته وكان الرجل يأتـي إلـى ولده ويقول لـه مثل ذلك إلـى أنْ تَفَرَّقَ الناسُ عن مُسْلِم وبقيَ وحيـداً ولاحَولَ وَلاقُوَّةَ إلاّ بالله العليِّ العظيم.
فكلنَ لشُـريْح القاضي أكبر الدَور فـي هذا التَخاذُل خَذّلَـهُ الله فـي الدنيـا والآخـرة.