بسم الله الرحمان الرحيم
بحوث عقائدية
{لسماحة السيد محمد علي الحسيني اللبناني}
{توحيد الذات والصفات والعمل والعبادة}
التوحيد بالذات
إن لفظة التوحيد تعني لغويّاً: «عدّ الشيء، وجعله واحداً»واستُعملت في مصطلح أهل الفلسفة والكلام والأخلاق والعرفان، في معانٍ عديدة مختلفة، وقد لوحظت في كل هذه المعاني وحدة الله تعالى من جهة معيّنة، وربّما عبّر عنها أحياناً بـ«أقسام التوحيد» أو «مراتب التوحيد» وسوف نتكلّم الا´ن عن توحيد الذات، ومن بعده توحيد الأفعال، وتوحيد العبادة و الصفات:
الدليل العقلي على وحدانية الذات الإلهي:
في البداية يجدر بنا التعرف علي معني التوحيد في الذات الإلهية المقدسة، والمقصود بذلك أمران:
الاوّل: إن ذاته سبحانه بسيط ـ أي ليس مركباً من شي ـ لا جزء له .
الثاني: إنه متفرّد ليس له مثل أو نظير.
وأمَّا كونه بسيطاً فاءن المؤثرّ والمنظّم واجب الوجود الخالق المتعالى، لا يُمكن أن يكون مركباً أبداً ؛ لان كل مركب بأينوع من أنواع التركيب فهو محتاج في وجوده إلى أجزائه، وكُلُّ جزء محتاج إلى الجزء الا´خر، في حين أنَّ كلَّ جزء علي هذا الأساس لابدّ وأن يكون محدوداً بمقدار، أو شكل.
ومن الواضح أن الحاجة والمحدودية نقص وعيب، فيحين أن النقص والعيب يستحيل أن يتطرق إلى ساحة الغنيّ المطلق، وهو الله الغني عن العالمين. فنتج أنَّ الله واحد بسيط.
وأما المعني الثاني وهو أن الله متفرّد ليس له مثل
أو نظير، فهو بعد البيان الذي ذكرناه في المعني الاول
يصبح واضحاً؛ لانّه لا يوجد موجود في الكون إلا وهو
مركّب، إما مادة وصورة، أو ماهية ووجوداً، أو من أجزاء
مقدارية أو طبيعية، وهكذا فاءن الله عزوجل ينفرد بطبيعة وجودية لا نظير لها ولا مثال:
(فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ اَنْفُسِكُمْاَزْوَاجاً وَمِنَ الاَنْعَامِ اَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءْوَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
التوحيد الافعالي:
وهو التوحيد الذي يعبَّر عنه في مصطلح الفلاسفة والمُتكلِّمين بـ "التوحيد الافعالي» ويعني: أن الله تعالى في أفعاله غير محتاج لأي أحد، ولأي شيء ولا يمكن لايّ موجود أن يعينه، وأن يقدّم له المساعدة في فعله، ولا مُؤثرِّ في ا لوجود إلا الله .
(خَالِقُ كُلِّ شَيء وَهُوَ عَلَي كُلِّ شَيء وَكِيلٌ) .
و (لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ).
ولكن لا يعني إننا مجبرون على أفعالنا التي نقوم بها بلإننا أحرار في الإرادة واتخاذ الموقف:
(اءِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إما شَاكِراً وَاءِمَّا كَفُوراً).
التوحيد العبادي:
إن مفهوم التوحيد العبادي من أبرز المفاهيم العقائدية في الإسلام، والتي تميّز الفرد المسلم الموحّد عن المشرك الوثني،لما يحمله هذا المفهوم من معاني الإخلاص في التوجه والعبادة للخالق العظيم، لان العبادة لا تليق لاحدٍ سواه تعالى، فهوعزوجل وحده الذي يستحقّ أن يُعبد لا سواه، مهما بلغ غيره من الكمال والجلال.
فتوحيد الله في العبادة يعني أنّه لا يجوز عبادة غيره بوجهمن الوجوه، وكذا إشراكه في أيّ نوع من أنواع العبادة، واجبة أوغير واجبة، في الصلاة وغيرها من العبادات. ومن أشرك فيالعبادة غيره فهو مشرك، كمن يرائي في عبادتِهِ ويتقرب إلى غيرالله تعالى، وحكمه حكم من يعبد الاصنام لا فرق بينهما.
وقد جاء في كتاب الله تعالى:
(وَمَا اَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلا نُوحِي إليهِ اَنَّهُ لاَ اءِلَهَ إلا اَنَا فَاعْبُدُونِ).
وقال تعالى:
(قُلْ يَا اَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْاَلاَّ نَعْبُدَ إلا اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاًاَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللهِ فَاءِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِاَنَّامُسْلِمُونَ).
وقال:
(وَاءِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ اَنْتُمْ بَرِيئُونَمِمَّا اَعْمَلُ وَاَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ).
وقال:
(اءِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ).
وقال:
(لَقَدْ اَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَالَكُمْ مِنْ اءِلَهٍ غَيْرُهُ اءِنِّي اَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
وقال:
(وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي اءِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْاءِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَاْوَاهُ النَّارُ وَمَالِلظَّالِمِينَ مِنْ اَنْصَارٍ).
(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ).
توحيد الصفات:
التوحيد الصفاتي، أي الاعتقاد بكون صفات الله تعالى ليست زائدة علي الذات الإلهية، بل هي عين ذاته المقدسة.
قال أمير المؤمنين (ع) :
«أوَّل الدين معرفته، وكمال معرفته التصديقُ به، وكمالالتصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمالالإخلاص له نفي الصفات عنه؛ لشهادة كُلِّ صفة آنهاغيرالموصوف، وشهادة كُلِّ موصوف انّه غير الصِّفة، فمن وصف اللهفقد قرنه، ومن قرنه فقد ثنَّاه، ومن ثنَّاه فقد جزَّأه، ومن جزَّأهفقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حدّه،ومن حدّه فقد عدّه ».
وانقسم المُسلمون في صفات الله، واحتدمت صراعاتفكرية حولها بشكل خطير، وقد قسم الشيعة ـ اعزَّهم الله ـ تبعاً إلى أقوال آل محمد(ص) صفات الله إلى قسمين:
1. الصفات الثبوتية .
2. الصفات السَّلبية.(2)
الصفات الثبوتية
الصفات الثبوتية: وهي الصفات التي تثبت كمالاً لله تعالى، وكلُّها عين ذاتهِ، وليست هي صفات زائدة، وليس وجودها إلا وجود الذات.
وتنقسم إلى قسمين :
1. صفات الذات
كالوجود والعلم والقدرة ونحوها، مما هي عين ذاتهالمُقدَّسة.
2. صفات الفعل:
كالخالقية والرازقية والإحياء ونحوها، التي انتزعت باعتبار المخلوق والمرزوق والمُحيي'، فهذه صفات أفعاله لا ذاته،والكمال في الصفات الاخيرة هي قدرته عليها وتلك القدرة عينذاته.
ثم الضابط في الفرق بين صفات الذات وصفات الفعل،كما أفاده الاعاظم مثل السيد عبد الله شبر ؛ هو :
«اءن صفات الذات هي ما اتصف الله تعالى بها، وامتنعاتصافه بحدّها، كالعلم والقدرة والحياة ونحوها، فاءنّه لا يجوز أنيقال اءنّ الله عالم بكذا غير عالم بكذا، أو قادر علي كذا وغير قادرٍعلي كذا ونحو ذلك».
وامّا صفات الفعل فهي ما يتصف الله تعالى بها وبضّدها،كالخالقية والرازقية فاءنّه يجوز أن يقال: اءنّ الله تعالى خلق زيداً،ولم يخلق اءبنه. (في حال عدم وجود ابن لزيد)، واحيي زيداًوأمات عمراً ونحو ذلك ».
الصفات السلبية
الصفات السلبية: وهي الصفات التي تسلب النقص عنهتعالى ـ وهو المنزّه عن كلّ نقص ـ تبارك وتعالى، وينزَّه عنهالانها من الصفات المختصة بالمخلوقات، ولا يمكن أن يقاسالله علي أحد من مخلوقاته، وأهمها ستٌّ:
1. ليس (مركّباً) أي لا يتألف من أجزاء تركيبية، فلو كانكذلك لاحتاج إلى أجزائه، وهو الغني غير المحتاج.
2. ليس (جسماً) لان للجسم حدوداً، ويكون متغيراً وفانياً،مع أنّه لو كان جسماً أمكن وجوده في مكان دون مكان ولكانمحتاجاً إلى مكان يحلُّ فيه، وهي أُمور ممتنعة عنه سبحانه .
3. ليس (مرئياً) فهو لا يُري، وإلا كان جسماً محدوداًوفانياً.
4. ليس له (مكان) لانّه ليس جسماً ليحتاج إلى مكان.
5. ليس له (شريك) إذ لو كان له شريك لكان محدوداً،لانَّ كل كائنين غير محدودين يستحيل وجودهما معاً، ثم اءنّوحدة قوانين الطبيعة دليل علي وحدانيتهِ.
6. ليس (محتاجاً) بل هو غنيّ؛ لانه خالق الكائنات اللاّمتناهي، وهو الله من حيث العلم والقدرة لا ينقصه شيء .
خلاصة القول في التوحيد:
يجب أن نعتقد في وحدانية الله بأربع مراتب لا شريك لهفيها:
1. لا شريك له في ذاته:
(وَقَالَ اللهُ لاَ تَتَّخِذُوا اءِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ اءِنَّمَا هُوَ اءِلَهٌ وَاحِدٌفَاءِيَّايَ فَارْهَبُونِ).
2. لا شريك له في صفاته:
(فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ اَنْفُسِكُمْ
اَزْوَاجاً وَمِنَ الاَنْعَامِ اَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءوَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
3. لا شريك له في فعله:
(هَذَا خَلْقُ اللهِ فَاَرُوني مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِالظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ).
4. لا شريك له في عبادته:
(قُلْ اءِنَّمَا اَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَي إلى اَنَّمَا اءِلَهُكُمْ اءِلَهٌوَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ اَحَداً).
محمد علي الحسيني
للاتصال بمركز بني هاشم العالمي
للأبحاث والترجمة الإسلامية :
www.banihashem.org
j_b_hashem@hotmail.com
لبنان:009613961846
ايران:00982512952511
بحوث عقائدية
{لسماحة السيد محمد علي الحسيني اللبناني}
{توحيد الذات والصفات والعمل والعبادة}
التوحيد بالذات
إن لفظة التوحيد تعني لغويّاً: «عدّ الشيء، وجعله واحداً»واستُعملت في مصطلح أهل الفلسفة والكلام والأخلاق والعرفان، في معانٍ عديدة مختلفة، وقد لوحظت في كل هذه المعاني وحدة الله تعالى من جهة معيّنة، وربّما عبّر عنها أحياناً بـ«أقسام التوحيد» أو «مراتب التوحيد» وسوف نتكلّم الا´ن عن توحيد الذات، ومن بعده توحيد الأفعال، وتوحيد العبادة و الصفات:
الدليل العقلي على وحدانية الذات الإلهي:
في البداية يجدر بنا التعرف علي معني التوحيد في الذات الإلهية المقدسة، والمقصود بذلك أمران:
الاوّل: إن ذاته سبحانه بسيط ـ أي ليس مركباً من شي ـ لا جزء له .
الثاني: إنه متفرّد ليس له مثل أو نظير.
وأمَّا كونه بسيطاً فاءن المؤثرّ والمنظّم واجب الوجود الخالق المتعالى، لا يُمكن أن يكون مركباً أبداً ؛ لان كل مركب بأينوع من أنواع التركيب فهو محتاج في وجوده إلى أجزائه، وكُلُّ جزء محتاج إلى الجزء الا´خر، في حين أنَّ كلَّ جزء علي هذا الأساس لابدّ وأن يكون محدوداً بمقدار، أو شكل.
ومن الواضح أن الحاجة والمحدودية نقص وعيب، فيحين أن النقص والعيب يستحيل أن يتطرق إلى ساحة الغنيّ المطلق، وهو الله الغني عن العالمين. فنتج أنَّ الله واحد بسيط.
وأما المعني الثاني وهو أن الله متفرّد ليس له مثل
أو نظير، فهو بعد البيان الذي ذكرناه في المعني الاول
يصبح واضحاً؛ لانّه لا يوجد موجود في الكون إلا وهو
مركّب، إما مادة وصورة، أو ماهية ووجوداً، أو من أجزاء
مقدارية أو طبيعية، وهكذا فاءن الله عزوجل ينفرد بطبيعة وجودية لا نظير لها ولا مثال:
(فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ اَنْفُسِكُمْاَزْوَاجاً وَمِنَ الاَنْعَامِ اَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءْوَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
التوحيد الافعالي:
وهو التوحيد الذي يعبَّر عنه في مصطلح الفلاسفة والمُتكلِّمين بـ "التوحيد الافعالي» ويعني: أن الله تعالى في أفعاله غير محتاج لأي أحد، ولأي شيء ولا يمكن لايّ موجود أن يعينه، وأن يقدّم له المساعدة في فعله، ولا مُؤثرِّ في ا لوجود إلا الله .
(خَالِقُ كُلِّ شَيء وَهُوَ عَلَي كُلِّ شَيء وَكِيلٌ) .
و (لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ).
ولكن لا يعني إننا مجبرون على أفعالنا التي نقوم بها بلإننا أحرار في الإرادة واتخاذ الموقف:
(اءِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إما شَاكِراً وَاءِمَّا كَفُوراً).
التوحيد العبادي:
إن مفهوم التوحيد العبادي من أبرز المفاهيم العقائدية في الإسلام، والتي تميّز الفرد المسلم الموحّد عن المشرك الوثني،لما يحمله هذا المفهوم من معاني الإخلاص في التوجه والعبادة للخالق العظيم، لان العبادة لا تليق لاحدٍ سواه تعالى، فهوعزوجل وحده الذي يستحقّ أن يُعبد لا سواه، مهما بلغ غيره من الكمال والجلال.
فتوحيد الله في العبادة يعني أنّه لا يجوز عبادة غيره بوجهمن الوجوه، وكذا إشراكه في أيّ نوع من أنواع العبادة، واجبة أوغير واجبة، في الصلاة وغيرها من العبادات. ومن أشرك فيالعبادة غيره فهو مشرك، كمن يرائي في عبادتِهِ ويتقرب إلى غيرالله تعالى، وحكمه حكم من يعبد الاصنام لا فرق بينهما.
وقد جاء في كتاب الله تعالى:
(وَمَا اَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلا نُوحِي إليهِ اَنَّهُ لاَ اءِلَهَ إلا اَنَا فَاعْبُدُونِ).
وقال تعالى:
(قُلْ يَا اَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْاَلاَّ نَعْبُدَ إلا اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاًاَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللهِ فَاءِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِاَنَّامُسْلِمُونَ).
وقال:
(وَاءِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ اَنْتُمْ بَرِيئُونَمِمَّا اَعْمَلُ وَاَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ).
وقال:
(اءِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ).
وقال:
(لَقَدْ اَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَالَكُمْ مِنْ اءِلَهٍ غَيْرُهُ اءِنِّي اَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
وقال:
(وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي اءِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْاءِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَاْوَاهُ النَّارُ وَمَالِلظَّالِمِينَ مِنْ اَنْصَارٍ).
(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ).
توحيد الصفات:
التوحيد الصفاتي، أي الاعتقاد بكون صفات الله تعالى ليست زائدة علي الذات الإلهية، بل هي عين ذاته المقدسة.
قال أمير المؤمنين (ع) :
«أوَّل الدين معرفته، وكمال معرفته التصديقُ به، وكمالالتصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمالالإخلاص له نفي الصفات عنه؛ لشهادة كُلِّ صفة آنهاغيرالموصوف، وشهادة كُلِّ موصوف انّه غير الصِّفة، فمن وصف اللهفقد قرنه، ومن قرنه فقد ثنَّاه، ومن ثنَّاه فقد جزَّأه، ومن جزَّأهفقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حدّه،ومن حدّه فقد عدّه ».
وانقسم المُسلمون في صفات الله، واحتدمت صراعاتفكرية حولها بشكل خطير، وقد قسم الشيعة ـ اعزَّهم الله ـ تبعاً إلى أقوال آل محمد(ص) صفات الله إلى قسمين:
1. الصفات الثبوتية .
2. الصفات السَّلبية.(2)
الصفات الثبوتية
الصفات الثبوتية: وهي الصفات التي تثبت كمالاً لله تعالى، وكلُّها عين ذاتهِ، وليست هي صفات زائدة، وليس وجودها إلا وجود الذات.
وتنقسم إلى قسمين :
1. صفات الذات
كالوجود والعلم والقدرة ونحوها، مما هي عين ذاتهالمُقدَّسة.
2. صفات الفعل:
كالخالقية والرازقية والإحياء ونحوها، التي انتزعت باعتبار المخلوق والمرزوق والمُحيي'، فهذه صفات أفعاله لا ذاته،والكمال في الصفات الاخيرة هي قدرته عليها وتلك القدرة عينذاته.
ثم الضابط في الفرق بين صفات الذات وصفات الفعل،كما أفاده الاعاظم مثل السيد عبد الله شبر ؛ هو :
«اءن صفات الذات هي ما اتصف الله تعالى بها، وامتنعاتصافه بحدّها، كالعلم والقدرة والحياة ونحوها، فاءنّه لا يجوز أنيقال اءنّ الله عالم بكذا غير عالم بكذا، أو قادر علي كذا وغير قادرٍعلي كذا ونحو ذلك».
وامّا صفات الفعل فهي ما يتصف الله تعالى بها وبضّدها،كالخالقية والرازقية فاءنّه يجوز أن يقال: اءنّ الله تعالى خلق زيداً،ولم يخلق اءبنه. (في حال عدم وجود ابن لزيد)، واحيي زيداًوأمات عمراً ونحو ذلك ».
الصفات السلبية
الصفات السلبية: وهي الصفات التي تسلب النقص عنهتعالى ـ وهو المنزّه عن كلّ نقص ـ تبارك وتعالى، وينزَّه عنهالانها من الصفات المختصة بالمخلوقات، ولا يمكن أن يقاسالله علي أحد من مخلوقاته، وأهمها ستٌّ:
1. ليس (مركّباً) أي لا يتألف من أجزاء تركيبية، فلو كانكذلك لاحتاج إلى أجزائه، وهو الغني غير المحتاج.
2. ليس (جسماً) لان للجسم حدوداً، ويكون متغيراً وفانياً،مع أنّه لو كان جسماً أمكن وجوده في مكان دون مكان ولكانمحتاجاً إلى مكان يحلُّ فيه، وهي أُمور ممتنعة عنه سبحانه .
3. ليس (مرئياً) فهو لا يُري، وإلا كان جسماً محدوداًوفانياً.
4. ليس له (مكان) لانّه ليس جسماً ليحتاج إلى مكان.
5. ليس له (شريك) إذ لو كان له شريك لكان محدوداً،لانَّ كل كائنين غير محدودين يستحيل وجودهما معاً، ثم اءنّوحدة قوانين الطبيعة دليل علي وحدانيتهِ.
6. ليس (محتاجاً) بل هو غنيّ؛ لانه خالق الكائنات اللاّمتناهي، وهو الله من حيث العلم والقدرة لا ينقصه شيء .
خلاصة القول في التوحيد:
يجب أن نعتقد في وحدانية الله بأربع مراتب لا شريك لهفيها:
1. لا شريك له في ذاته:
(وَقَالَ اللهُ لاَ تَتَّخِذُوا اءِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ اءِنَّمَا هُوَ اءِلَهٌ وَاحِدٌفَاءِيَّايَ فَارْهَبُونِ).
2. لا شريك له في صفاته:
(فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ اَنْفُسِكُمْ
اَزْوَاجاً وَمِنَ الاَنْعَامِ اَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءوَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
3. لا شريك له في فعله:
(هَذَا خَلْقُ اللهِ فَاَرُوني مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِالظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ).
4. لا شريك له في عبادته:
(قُلْ اءِنَّمَا اَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَي إلى اَنَّمَا اءِلَهُكُمْ اءِلَهٌوَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ اَحَداً).
محمد علي الحسيني
للاتصال بمركز بني هاشم العالمي
للأبحاث والترجمة الإسلامية :
www.banihashem.org
j_b_hashem@hotmail.com
لبنان:009613961846
ايران:00982512952511