تثير التفجيرات التي جرت في العاصمة السعودية مؤخرا سلسة من التساؤلات لعل أهمها هو المتعلق بالظروف و الاسباب التي أدت الى ظهور مثل هذا النوع من النشاطات العنيفة و ما هي الجذور التي أنبتت هذا النبات الشيطاني البغيض.
إن حركات التطرف الهدامة ذات النشاطات المسلحة "التفجيرية" هي و إن كانت لا تنتمي الى دائرة القيم الاسلامية الاصيلة إلا إنها اسلامية أولا و أخيراً أو هي محسوبة على الاسلام على أقل تقدير.
من هنا ينبغي أن نوصف الاساس الذي بنيت عليه مثل هذه الحركات على شقين أولهما نظري مبني على فهم معين لمنظومة العقائد الإسلامية و الآخر اجتماعي بحت.
فيما يخص الجانب النظري (العقائدي) نجد أن معظم –إ ن لم نقل جميع- الحركات الارهابية المتشحة بأقنعة إسلامية تنتمي للفكر السلفي الوهابي و الذي هو في الاساس انتاج سعودي (هذا مع عدم استبعاد دور أجنبي في نشوء و تقوية هذا الفكر السلفي في مختلف مراحل النشوء و التطور) ، أحد أهم أساليب الفكر السلفي في أدبياته هو الارتكاز الى مفهوم اسلامي أصيل في حد ذاته ثم إسباغ فهمهم عليه و توجيهه الى اتجاهات معينة و عادة لا يكون الاشكال في الركيزة الاسلامية (المفهوم الذي تم البناء عليه) و لكن يكمن في تفسيرهم له (حيث الفهم و التوجيه) ،هنا تكمن المشكلة.
كمثال على ما سبق تطرح الحركات السلفية الوهابية مفهوم إسلامي صميم و هو (التوحيد) ،غير أنهم يجعلون من مسألة التوحيد سيفاً مصلتا على رقاب العباد بدعوى العودة الى عقائد السلف و الى منابع الاسلام فيترجمون "التوحيد" بطريقة تجعل السواد الاعظم من المسلمين كفاراً.
في البدء استخدم آل سعود هذا الفهم المحدد للعقيدة - عندما تحالفوا مع محمد بن عبد الوهاب - كغطاء عقائدي اسلامي لطموحاتهم التوسعية في الجزيرة العربية و هو ما تم لهم بالفعل في غضون فترة قصيرة نسبياً حيث تكونت المملكة العربية السعودية، فيما بعد استخدمت ذات المنظومة العقائدية لتحقيق مختلف الاغراض من قبل الاطراف المتبنية لها و في أحيان أخرى استخدمت لضرب أطراف خارجية كما حصل عندما استغلت أمريكا "المجاهدين" في حربها ضد الشيوعية السوفيتية ،الامر الذي يشير الى الايادي الاجنبية في صناعة الحركات السلفية الوهابية.
يتبنى الفكر السلفي الوهابي أطروحات ابن تيمية بشكل أساسي و الذي بدوره يعتمد على المذهب الحنبلي في الفروع نوعاً ما و على فهم خاص للأصول ، و على الرغم من شعارات "اللامذهبية" التي يرفعونها باستمرار فهم يؤسسون مذهباً سادساً منشقاً عن منظومة القيم الاسلامية الشعبية المتعارفه و يقصون الآخر المسلم بطريقة تجعل من السلفي المسلم الحقيقي و كل من سواه كافر.
إذا كان هذا الاساس العقائدي هو المنطلق للحركات السلفية المتطرفة من خلال توجيه الاسلام توجيهات معينة فإن المناخ الاجتماعي الذي ساعد على انتشار و تغلغل هذه الحركات في المجتمع الاسلامي هو حالة خاصة ذات ملامح فرضتها ظروف داخليه و خارجية، أولها و أهمها البطالة و الاحوال الاقتصادية المتدنية و الفروق الفاحشة بين الطبقات الاجتماعية بالاضافة الى حالة الاحباط العام الملازمة لمزاج الانسان المسلم المعاصر، هذه الامور مجتمعة بالاضافة الى عوامل عديدة أخرى هي التي شكلت المحرك الاساسي الداعم لتيارات الفكر السلفي الوهابي على الاقل في المرحلة الراهنة ،هذا مع الاخذ بنظر الاعتبار الواجهة البراقة التي تعرض من خلالها مبادئ و أفكار المروجين للفكر السلفي.
و على هذا الصعيد بوسعنا أن نلاحظ بوضوح أن الشريحة الاكثر انتماءً الى الحركات المسلحة المتطرفة هي شريحة الشباب ،حيث تقل الخبرة و يتوفر الحماس و الطموح في جو ملؤه الاحباط و الفساد بمختلف أشكاله، فعندما يكون الشاب عاطلا و فقيراً معدما و غير محصن بالثقافة الاسلامية الصحيحة فبوسع أياً كان شحنه بالافكار المتطرفة سواء كانت أفكاراً "ثورية" أو مجرد أفكار هدامة تحركها مصالح أطراف بذاتها.
من هذه الاطر تتجلى تفجيرات الرياض الاخيرة كصورة مثالية لانقلاب المنظومة الفكرية السلفية بكل تناقضاتها على منتجيها أنفسهم ،فقد بدا واضحا أن السيف الذي كان يسله آل سعود على العالمين قد بدأ حاملوه بالانقلاب و حز الرقاب ، فبنفس القيم التي كفروا المسلمين بها و بنفس الحجج التي مارسوا بموجبها تطرفهم و عنفهم ،بنفس الاساليب و الحجج و الذرائع يقوم بعض السلفيين بضرب دولة آل سعود التي طالما مثلت موطن السلفية السلفيينز
إن الكأس التي يتجرعها آل سعود اليوم هي ذاتها التي حققوا بها مآربهم في الماضي، و أشد ما يخشى أن يكون الوقت قد فات لتدارك الموقف و أن الكأس ستشرب حتى الثمالة.
إن حركات التطرف الهدامة ذات النشاطات المسلحة "التفجيرية" هي و إن كانت لا تنتمي الى دائرة القيم الاسلامية الاصيلة إلا إنها اسلامية أولا و أخيراً أو هي محسوبة على الاسلام على أقل تقدير.
من هنا ينبغي أن نوصف الاساس الذي بنيت عليه مثل هذه الحركات على شقين أولهما نظري مبني على فهم معين لمنظومة العقائد الإسلامية و الآخر اجتماعي بحت.
فيما يخص الجانب النظري (العقائدي) نجد أن معظم –إ ن لم نقل جميع- الحركات الارهابية المتشحة بأقنعة إسلامية تنتمي للفكر السلفي الوهابي و الذي هو في الاساس انتاج سعودي (هذا مع عدم استبعاد دور أجنبي في نشوء و تقوية هذا الفكر السلفي في مختلف مراحل النشوء و التطور) ، أحد أهم أساليب الفكر السلفي في أدبياته هو الارتكاز الى مفهوم اسلامي أصيل في حد ذاته ثم إسباغ فهمهم عليه و توجيهه الى اتجاهات معينة و عادة لا يكون الاشكال في الركيزة الاسلامية (المفهوم الذي تم البناء عليه) و لكن يكمن في تفسيرهم له (حيث الفهم و التوجيه) ،هنا تكمن المشكلة.
كمثال على ما سبق تطرح الحركات السلفية الوهابية مفهوم إسلامي صميم و هو (التوحيد) ،غير أنهم يجعلون من مسألة التوحيد سيفاً مصلتا على رقاب العباد بدعوى العودة الى عقائد السلف و الى منابع الاسلام فيترجمون "التوحيد" بطريقة تجعل السواد الاعظم من المسلمين كفاراً.
في البدء استخدم آل سعود هذا الفهم المحدد للعقيدة - عندما تحالفوا مع محمد بن عبد الوهاب - كغطاء عقائدي اسلامي لطموحاتهم التوسعية في الجزيرة العربية و هو ما تم لهم بالفعل في غضون فترة قصيرة نسبياً حيث تكونت المملكة العربية السعودية، فيما بعد استخدمت ذات المنظومة العقائدية لتحقيق مختلف الاغراض من قبل الاطراف المتبنية لها و في أحيان أخرى استخدمت لضرب أطراف خارجية كما حصل عندما استغلت أمريكا "المجاهدين" في حربها ضد الشيوعية السوفيتية ،الامر الذي يشير الى الايادي الاجنبية في صناعة الحركات السلفية الوهابية.
يتبنى الفكر السلفي الوهابي أطروحات ابن تيمية بشكل أساسي و الذي بدوره يعتمد على المذهب الحنبلي في الفروع نوعاً ما و على فهم خاص للأصول ، و على الرغم من شعارات "اللامذهبية" التي يرفعونها باستمرار فهم يؤسسون مذهباً سادساً منشقاً عن منظومة القيم الاسلامية الشعبية المتعارفه و يقصون الآخر المسلم بطريقة تجعل من السلفي المسلم الحقيقي و كل من سواه كافر.
إذا كان هذا الاساس العقائدي هو المنطلق للحركات السلفية المتطرفة من خلال توجيه الاسلام توجيهات معينة فإن المناخ الاجتماعي الذي ساعد على انتشار و تغلغل هذه الحركات في المجتمع الاسلامي هو حالة خاصة ذات ملامح فرضتها ظروف داخليه و خارجية، أولها و أهمها البطالة و الاحوال الاقتصادية المتدنية و الفروق الفاحشة بين الطبقات الاجتماعية بالاضافة الى حالة الاحباط العام الملازمة لمزاج الانسان المسلم المعاصر، هذه الامور مجتمعة بالاضافة الى عوامل عديدة أخرى هي التي شكلت المحرك الاساسي الداعم لتيارات الفكر السلفي الوهابي على الاقل في المرحلة الراهنة ،هذا مع الاخذ بنظر الاعتبار الواجهة البراقة التي تعرض من خلالها مبادئ و أفكار المروجين للفكر السلفي.
و على هذا الصعيد بوسعنا أن نلاحظ بوضوح أن الشريحة الاكثر انتماءً الى الحركات المسلحة المتطرفة هي شريحة الشباب ،حيث تقل الخبرة و يتوفر الحماس و الطموح في جو ملؤه الاحباط و الفساد بمختلف أشكاله، فعندما يكون الشاب عاطلا و فقيراً معدما و غير محصن بالثقافة الاسلامية الصحيحة فبوسع أياً كان شحنه بالافكار المتطرفة سواء كانت أفكاراً "ثورية" أو مجرد أفكار هدامة تحركها مصالح أطراف بذاتها.
من هذه الاطر تتجلى تفجيرات الرياض الاخيرة كصورة مثالية لانقلاب المنظومة الفكرية السلفية بكل تناقضاتها على منتجيها أنفسهم ،فقد بدا واضحا أن السيف الذي كان يسله آل سعود على العالمين قد بدأ حاملوه بالانقلاب و حز الرقاب ، فبنفس القيم التي كفروا المسلمين بها و بنفس الحجج التي مارسوا بموجبها تطرفهم و عنفهم ،بنفس الاساليب و الحجج و الذرائع يقوم بعض السلفيين بضرب دولة آل سعود التي طالما مثلت موطن السلفية السلفيينز
إن الكأس التي يتجرعها آل سعود اليوم هي ذاتها التي حققوا بها مآربهم في الماضي، و أشد ما يخشى أن يكون الوقت قد فات لتدارك الموقف و أن الكأس ستشرب حتى الثمالة.
تعليق