1 ـ من القضايا التاريخية المسلمة قصة تعيين الإمام الصادق عليه السلام لابنه "اسماعيل"، على أنه الإمام من بعده، و*قد سمع كثير من الشيعة نص الصادق الصريح عليه و*آمنوا أن اسماعيل هو*خليفة والده في الإمامة. لكن الذي حدث هو*أن اسماعيل توفي قبل وفاة أبيه الصادق، و*بالتالي لم تتحقق نبوءة و*تكهن والده الصادق، و*لما سأل الناس الصادقَ عن ذلك أجاب: [ إن الله بدا له في إمامة اسماعيل ] أو*[ بدا لِلَّهِ في اسماعيل ]. و*طبقا لما ذكره أرباب الملل و*النحل ـ مثل سعد بن عبد الله الأشعري، الذي يعد من كبار علماء و*محدثي الشيعة، في كتابه المقالات و*الفرق (ص78) ـ أدت هذه الإجابة إلى رجوع كثيرين ممن كانوا يعتقدون بإمامة حضرة الصادق عن القول بإمامة الصادق بحجة [ أن الإمام لا يكذب و*لا يقول ما لا يكون! ].
و*أيا كان، فالمهم أن هذا الأمر بحد ذاته يدل دلالة واضحة على أن نفس حضرة الصادق لم يكن يعلم من هو*الإمام الذي سيكون من بعده فعلا ؟ و*بالتالي لم يكن لديه أي خبر عن أحاديث النص على الأئمة الاثني عشر واحدا واحدا بأسمائهم، كحديث اللوح لجابر و*غيره!.
2 ـ أيضا من مسلمات التاريخ قصة وفاة محمد بن علي بن محمد الجواد المعروف بـ " السيد محمد "، و*المدفون في قرية يقال لها " بلد " (على تسعة فراسخ من سامراء) في العراق، في حياة والده حضرة الإمام علي بن محمد النقي عليه السلام، بعد أن كان والده قد عينه للإمامة من بعده، فلما توفي قبل وفاة والده اعتذر الإمام النقي عن ذلك بنفس اعتذار الصادق حيث قال: [ بدا لِلَّهِ في محمد ].
و*كُـتُبُ الشيعة مملوءة بذكر هذه القصة من جملة ذلك ما جاء في كتاب الحجة من أصول الكافي للكليني: [ عن موسى بن جعفر بن وهب عن علي بن جعفر قال: كنت حاضرا عند أبي الحسن عليه السلام (أي الإمام علي الهادي) لما توفي ابنه محمد، فقال للحسن: يا بني! أحدِثْ لِلَّهِ شكرا فقد أحدث فيك أمرا] [6]. أي أن الإمام الهادي قال لابنه الحسن العسكري اشكر الله لأنه أحدث فيك رأيا جديدا فأعطى الإمامة لك بعد أن كانت ستعطى لأخيك. قال المرحوم الفيض الكاشاني في كتابه الوافي (ص93) معلقا على هذا الحديث: [ بيان: يعني جعلك الله إماما للناس بموت أخيك قبلك، بدا لله فيك بعده ].
و*في الكافي أيضا: [ عن أحمد بن محمد بن عبد الله بن مروان الأنباري قال: كنت حاضرا عند مُضيِّ (أي وفاة) أبي جعفر محمد بن علي، فجاء أبو*الحسن عليه السلام فـوُضِعَ له كرسي فجلس عليه و*حوله أهل بيته، و*أبو*محمد قائم في ناحية، فلما فُرِغَ من أمر أبي جعفر، التفت إلى أبي محمد فقال: يا بُنَيّ! أحدِثْ لِلَّهِ شكرا فقد أحدثَ فيك أمرا.. ] [7].
و*في الكافي أيضا: [ عن جماعة من بني هاشم منهم حسن بن حسن الأفطس، أنهم حضروا يوم توفي محمد بن علي بن محمد باب أبي الحسن يعزونه وقد بسط له في صحن داره و*الناس جلوس حوله فقالوا: قدرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب و*بني هاشم و*قريش مائة و*خمسون رجلا سوى مواليه وسائر الناس، إذ نظر إلى الحسن بن علي قد جاء مشقوق الجيب حتى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه فنظر إليه أبو*الحسن بعد ساعة فقال: يا بني! أحدِثْ لله عز و*جل شكرا فقد أحدَثَ فيك أمراُ، فبكى الفتى و*حَمِدَ الله تعالى واسترجع وقال: الحمد لله رب العالمين، و*أنا أسأل الله عز و*جل بمنه تمام نعمه لنا فيك، و*إنا لله و*إنا إليه راجعون. فسألنا فقيل هذا الحسن ابنه، و*قدَّرْنا له في ذلك الوقت عشرين سنة أو*أرجح، فيومئذ عرفناه و*علمنا أنه قد أشار إليه بالإمامة و*أقامه مقامه ] [8].
و*أخرج الكليني حديثا آخر أيضا في هذا الأمر، و*هو*حديث أخرجه كذلك "الشيخ الطوسي" في كتابه " الغيبة " (ص130، طبع تبريز) بسند آخر و*لفظ مختلف قليلا عما في الكافي فقال (و*اللفظ للطوسي): [ روى سعد بن عبد الله الأشعري قال: حدثنا أبو*هاشم داود بن قاسم الجعفري قال: كنت عند أبي الحسن (أي الإمام علي النقي) وقت وفاة ابنه أبي جعفر (أي السيد محمد) و*قد كان أشار إليه و*دل عليه، فإني لأفكر في نفسي و*أقول هذا قضية أبي إبراهيم (أي الإمام موسى الكاظم) و*اسماعيل، فأقبل عليَّ أبو*الحسن فقال: نعم يا أبا هاشم! بدا لِلَّه تعالى في أبي جعفر و*صيَّر مكانه أبا محمد كما بدا لِلَّه في اسماعيل بعد ما دل عليه أبو*عبد الله و*نصبه، و*هو*كما حدَّثتَ به نفسك و*إن كره المبطلون، أبو*محمد ابني الخلف من بعدي عنده علم ما يحتاج إليه و*معه آلة الإمامة ] [9].
و*هناك عدة أحاديث أخرى في أصول الكافي في نفس الباب بنفس هذا المضمون و*كذلك في كتاب الغيبة للطوسي. و*هذه الأحاديث تدل على أنه لدى وفاة السيد محمد بن الإمام علي بن محمد النقي، لم يكن أحد ـ حتى من خواص أصحاب الأئمة ـ يعرف حضرة الإمام الحسن العسكري ـ حتى مجرد المعرفة ـ فضلا عن أن يكون له علم بإمامته، و*منهم أبو*هاشم الجعفري راوي الحديث الذي فكر في نفسه كيف توفي محمد بن الإمام علي النقي، في حياة والده، مع كونه عُيِّنَ للإمامة بعد والده ؟! ثم قاس ذلك في ذهنه على ما حدث لاسماعيل الذي توفي في حياة والده جعفر الصادق.
لكن الوضَّاعين الكذبة وضعوا على لسان أبي هاشم الجعفري هذا نفسه حديثا طويلا فيه نص الرسول (صلىالله عليه وآله) على الأئمة الاثني عشر واحدا واحدا بأسمائهم!! و*الحديث أخرجه الكليني في الأصول من الكافي [10] و*الصدوق في كتابه إكمال الدين ( باب 29 ما أخبر به الحسن بن علي بن أبي طالب من وقوع الغيبة: ص181) و*نقله عنهما الشيخ "الحر العاملي" في كتابه: "إثبات الهداة" (ج2/ص283) كما يلي ( و*اللفظ كما في إكمال الدين ):
[ و*عن عدة من أصحابنا عن "أحمد بن عبد الله محمد البرقي" عن "أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري" عن أبي جعفر الثاني قال: أقبل أمير المؤمنين و*معه ابنه الحسن و*هو*متكئ على يد سلمان فدخل المسجد الحرام فجلس، إذ أقبل رجل حسن الهيئة و*اللباس فسلم على أمير المؤمنين فرد عليه السلام فجلس ثم قال: يا أمير المؤمنين! أسألك من ثلاث مسائل إن أخبرتني بها علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما أقضي عليهم أنهم ليسوا بمأمونين في دنياهم و*لا في آخرتهم. فقال أمير المؤمنين: سل عما بدا لك. فقال: أخبِرني عن الرجل إذا نام أين يذهب روحه ؟ و*عن الرجل كيف يذكر و*ينسى ؟ و*عن الرجل كيف يشبه الأعمام و*الأخوال. فالتفت أمير المؤمنين إلى أبي محمد الحسن بن علي فقال: يا أبا محمد أجبه. فقال: أما ما سألت عنه من أمر الإنسان أين يذهب روحه ؟ فروحه معلقة بالريح و*الريح معلقة بالهوى إلى وقت ما يتحرك صاحبها ليقظة فإن الله عزوجل يرد تلك الروح على صاحبها جذبت تلك الروح الريح و*جذبت تلك الريح الهوى فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها، وإن لم يأذن الله عزوجل برد تلك الروح على صاحبها جذب الهوى الريح و*جذب الريح الروح فم ترد إلى صاحبها إلا إلى وقت ما يبعث، و*أما ما ذكرت من أمر الذكر و*النسيان فإن قلب الرجل في حق و*على الحق طبق فإن صلى الرجل عند ذلك على محمد و*آل محمد انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق مما يلي القلب و*ذكر الرجل ما نسي، و*إن هو*لم يصل على محمد و*آل محمد أو*نقص عليهم من الصلوة انطبق ذلك الطبق على ذلك الحق و*أظلم القلب و*نسي الرجل ما كان ذكر، و*أما ما ذكرت من أمر المولود الذي يشبه أعمامه و*أخواله فإن الرجل إذا أتى أهله فجامعها بقلب ساكن و*عروق هادئة و*بدن غير مضطرب فأسكنت تلك النطفة في جوف الرحم خرج الولد يشبه أباه و*أمه و*إن هو*أتاها بقلب غير ساكن و*عروق غير هادئة و*بدن مضطرب اضطربت تلك النطفة فوقعت في حال اضطرابها على بعض العروق فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه و*إن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الرجل أخواله. فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله و*لم أزل أشهد بها و*أشهد أن محمدا رسول الله و*لم أزل أشهد بها و*أشهد أنك وصيه و*القائم بحجته بعده و*أشار بيده إلى أمير المؤمنين، و*لم أزل أشهد بها و*أشهد أنك وصيه و*القائم بحجته بعده و*أشار إلى الحسن، و*أشهد أن الحسين بن علي وصي أبيك و*القائم بحجته بعدك و*أشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده و*أشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين و*أشهد على جعفر بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي بن الحسين و*أشهد على موسى بن جعفر أنه القائم بأمر جعفر بن محمد و*أشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر و*أشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسى و*أشهد على علي بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي و*أشهد على الحسن بن علي أنه القائم بأمر علي بن محمد و*أشهد على رجل من ولد الحسن بن علي لا يكنى و*لا يسمى حتى يظهر أمره فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا و*السلام عليك يا أمير المؤمنين و*رحمة الله و*بركاته ثم قام و*مضى، فقال أمير المؤمنين: يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد؟ فخرج الحسن في أثره فقال: ما كان إلا أن وضع رجله خارج المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله فرجعت إلى أمير المؤمنين فأعلمته فقال: هو*الخضر! ]
هذا الحديث أخرجه "الكليني" في أصول الكافي من طريقين و*أخرجه "الشيخ الصدوق" في كتابيه "عيون أخبار الرضا" و*"إكمال الدين"، و*"النعماني" في كتابه "الغيبة" و*"الشيخ الطوسي" في كتابه "الغيبة" أيضا، و*"الطبرسي (احمد بن علي)" في "الاحتجاج"، بطرق مختلفة لكنها تجتمع كلها على "أحمد بن عبد الله البرقي" عن "أبي هاشم"، و*يكفي هذا لمعرفة كذب و*اختلاق الحديث، حيث عرفنا أن "أبا هشام الجعفري" هذا كان من الذين تصوروا أن الإمام بعد حضرة الإمام علي النقي هو*ابنه السيد محمد، و*بقي على ذلك إلى أن جاء يوم وفاة السيد محمد في حياة والده و*رأى أن حضرة علي النقي بشر ابنه حضرة العسكري بالإمامة ففكر في نفسه أن قصة العسكري مع السيد محمد مثل قصة موسى الكاظم مع اسماعيل. فمثل هذا لا يمكن أن يكون هو*نفسه راو*لحديث ينص على أسماء الأئمة حتى العسكري و*ابنه!
و*نحن لا نتعجب من الوضاعين الكذبة الذين اختلقوا مثل هذه الأحاديث لأجل تأييد فكرة مذهبية أو*سياسية معينة، أو*لأجل كونهم أداة لبعض أعداء الإسلام العاملين على نشر الخرافات فيه و*التفرقة بين أبنائه. إن تعجُّبَنَا هو*من الشيخ الصدوق و*الشيخ الطوسي و*الشيخ الكليني و*أمثالهم الذين، من جهة، يروون حديث أبي هاشم في بداء الله في السيد محمد ونص حضرة الهادي على إمامة حضرة العسكري بعد وفاة أخيه السيد محمد ليثبتوا بذلك إمامة حضرة العسكري، و*من الجهة الأخرى، يروون عدة أحاديث عن نفس أبي هاشم الجعفري هذا في أن الأئمة الاثني عشر منصوص عليهم بأسمائهم!! و*لا ندري إن لم يكن هذا هو*التناقض بعينه فماذا يكون التناقض إذن ؟!
و*أما أحمد بن أبي عبد الله البرقي الذي روى الحديث عن أبي هاشم، فقال عنه النجاشي في رجاله (ص59): [ كان ثقة في نفسه، يروي عن الضعفاء و*اعتمد المراسيل ] و*بمثل ذلك وصفه الطوسي في الفهرست فقال: [ كان ثقة في نفسه إلا أنه أكثر الرواية عن الضعفاء و*اعتمد المراسيل ] و*قال عنه ابن الغضائري و*العلامة الحلي: [.. طعن عليه القميون و*ليس الطعن فيه إنما الطعن فيمن يروي عنه فإنه كان لا يبالي عمن أخذ على طريقة أهل الأخبار و*كان أحمد بن محمد بن عيسى أبعده من قم ].
و*لعلنا عرفنا الآن لماذا روى مثل هذا الحديث الغريب عن أبي هاشم!! و*الأعجب من ذلك أن "أحمد البرقي" هذا كان ـ طبقا لما أورده الكافي في أصوله ـ من المتحيرين في المذهب أيضا، أي لم يكن يعلم من هو*الإمام بعد حضرة الحسن العسكري أو*أنه كان متحيرا في أصل مذهب التشيع، كما قال الفيض الكاشاني في كتابه الوافي (ج2/ص72): [ و*يستفاد من آخر هذا الخبر أن البرقي قد تحير في أمر دينه طائفة من من عمره! ]. و*إنه لأمر عجيب حقا أن يكون البرقي هذا، الذي كان معاصرا لأربعة من الأئمة، حيث كان من أصحاب حضرة الجواد و*مات سنة 280هـ أي بعد عشرين سنة من وفاة الإمام الحسن العسكري، و*الذي روى لنا عديدا من أحاديث النص على إمامة الأئمة الاثني عشر (راجع أصول الكافي: كتاب الحجة: باب ما جاء في الاثني عشر و*النص عليهم عليهم السلام) جعلناها نحن من أصول عقائدنا، و*يكون هو*بنفسه متيحرا في أمر دينه، و*هل هذا إلا كمن قال: أعمى يقود عميان!!
أما متن الحديث فغني عن التعليق! و*نقترح أن يقدم لأساتذة الطب و*الوراثة ليفصلوا فيه! فقط نتساءل: ما فائدة شهادة الخضر في هذا المقام ؟ و*لو*كان قصد الخضر إثبات حقانية إمامة الأئمة و*لزومهما على الأمة فلماذا لم يلق حديثه في جمع من الناس، بعد أن يعرفهم بنفسه، ثم يشهد بشهاداته تلك لتقوم الحجة على الناس؟ فلحن الرواية يفيد أنه لم يكن في مجلس الحديث سوى السائل والمسؤول، خاصة أنه لم يرو*أحد آخر هذا الحديث! [11]
على كل حال كان غرضنا من ذكر هذا الحديث و*الذي قبله أن يعلم طلاب الحق أن هذا الحديث روي على لسان شخص لم يكن هو*نفسه يعرف من هو*الإمام بعد حضرة الهادي، و*أنه لم يكن أحد من أصحاب الأئمة حتى أقرب الناس إليهم يعرفون ابتداءً لمن ستكون الإمامة بعد رحيل إمام الوقت، بل حتى الأئمة أنفسهم لم يكونوا يعرفون من الإمام بعدهم، حيث كانوا يرون في شخص ما من أبنائهم أهلية الإمامة فيعهدون له بالإمامة من بعدهم ويخبرون بذلك شيعتهم، و*إذا بقدر الله و*قضائه يخلف ظنهم و*يموت المعهود إليه بالإمامة، في حال حياتهم، فيقولون بدا لِـلَّـه في اسماعيل و*جعل موسى مكانه، و*بدا لِـلَّـه في محمد بن علي و*جعل الحسن بن علي العسكري مكانه، و*هذا بحد ذاته حجة قاطعة على كذب و*بطلان كل أحاديث النص النبوي السابق على الأئمة الاثني عشر. [12]
افتراق الشيعة إلى فرق مختلفة عـقـب وفاة كل إمام يبين كذب واختلاق أحاديث النص
ألف علماء المسلمين كثيرا من الكتب عن الفرق الإسلامية و*الملل والنحل، و*لا شك أن بعضها لم يخل من التحيز و*التعصب لمذهب المؤلف والتحامل على مذاهب الخصوم كإلزامهم بما لا يقولون به أو*نسبة أباطيل إليهم. لذا فنحن في هذا المقام لن نرجع إلا إلى كتابين من كتب الفرق ألفهما عالمان من علماء الشيعة الإمامية الكبار الموثقين، لننقل عنهم حرفيا ما ذكروه من انشعابات و*حدوث فرق متعددة في أوساط الشيعة، ليتضح أنه لو*كان ثمة نص مشهور من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في تعيين الأئمة لما وجدت كل هذه الفرق المختلفة في الشيعة.
لا نعرف، من بين علماء الشيعة القدماء، من ألف كتبا، بقيت إلى يومنا هذا، في فرق المسلمين و*مللهم ونحلهم، سوى اثنين من العلماء المبرزين الكبار هما: 1 ـ سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي المتوفى سنة 301 هـ و*الذي يعد من أكابر محدثي الشيعة و*من مشايخ محمد بن جعفر بن قولويه في الرواية و*من أصحاب حضرة الإمام الحسن العسكري، حتى أن بعض الروايات تذكر لقاءه للإمام الحسن العسكري ولابنه حضرة القائم، و*إن كان هذا اللقاء يعتبر بنظر عدة من علماء الشيعة الكبار، مكذوبا و*موضوعا، لكن على أي حال لا يوجد أحد يشكك في نزاهة و*شخصية سعد بن عبد الله و*أنه من أكابر محدثي الشيعة الإمامية وفقهائهم الموثوقين، و*قد ألف لنا كتابا هاما في الفرق و*النحل سماه: "*المقالات و*الفرق ".
2 ـ و*الثاني هو*أبو*محمد الحسن بن موسى النوبختي المتوفى فيما بين سنة 300 و*310 هـ و*الذي كان من أفاضل الشيعة و*كبار علمائهم أيضا و*من عائلة عرفت كلها بالعلم و*الفضل في أوساط الشيعة، و*قد ترك لنا كتابا هاما أيضا في الفرق خصصه لذكر فرق الشيعة فقط و*سماه: " فرق الشيعة ".
و*نحن سنذكر فيما يلي خلاصة ما ذكره المؤلفان في كتابيهما المذكورين في بيان الفرق التي وجدت في الشيعة ليكون ذلك دليلا آخر على أنه لو*كان هناك نص أو*نصوص نبوية سابقة على ذلك النحو*و*الصورة التي يدعونها لما أمكن أن تنشأ كل هذه الفرق المتعددة و*المختلفة بين الشيعة أنفسـهم . قالا:
[ افترقت الأمة عقب وفاة رسول الله(صلّىاللّه عليه وآله) إلى ثلاث فرق: 1ـ فرقة منها سميت الشيعة و*هم شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام و*اتبعوه و*لم يرجعوا إلى غيره. و*منهم افترقت صنوف الشيعة كلها. 2ـ و*فرقة منهم ادعت الإمرة و*السلطان، و*هم الأنصار و*دعوا إلى عقد الأمر لسعد بن عبادة الخزرجي، 3ـ و*فرقة مالت إلى بيعة أبي بكر بن أبي قحافة.. و*تنازعت الفرقتان الأخيرتان ثم رجع أغلب الأنصار و*من تابعهم إلى أمر أبي بكر.
و*عقب مقتل عثمان بايع الناس عليا فسموا الجماعة، ثم افترقوا بعد ذلك فصاروا ثلاث فرق: 1ـ فرقة أقامت على ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام. 2ـ و*فرقة اعتزلته مع سعد بن أبي وقاص و*عبد الله بن عمر و*محمد بن مسلمة الأنصاري و*أسامة بن زيد فامتنعوا عن محاربته و*المحاربة معه. 3ـ و*فرقة خالفته و*قامت عليه و*هم طلحة و*الزبير و*عائشة و*أنصارهم، فـقاتلهم علي عليه السلام و*هزمهم، و*هم أهل الجمل. و*هرب منهم قوم إلى معاوية و*صاروا معه في المطالبة بدم عثمان، و*حاربوا عليا عليه السلام و*هم أهل صفين.
ثم خرجت فرقة ممن كان مع علي عليه السلام، و*خالفته بعد تحكيم الحكمين بينه و*بين معاوية و*أهل الشام و*كفَّروا عليا و*تبرؤا منه وسموا الخوارج و*منهم افترقت فرق الخوارج كلها.
فلما قُتِلَ علي التقت الفرقة التي كانت معه و*الفرقة التي كانت مع طلحة و*الزبير و*عائشة فصاروا فرقة واحدة مع معاوية بن أبي سفيان إلا القليل منهم من شيعته و*من قال بإمامته بعد النبي صلى الله عليه وآله و*هم السواد الأعظم و*أهل الحشو*و*أتباع الملوك و*أعوان كل من غلب، أعني الذين التقوا مع معاوية فسموا جميعا " المرجئة " لأنهم تولوا المختلفين جميعا و*زعموا أن أهل القبلة كلهم مؤمنون بإقرارهم الظاهر بالإيمان و*رجوا لهم جميعا المغفرة. و*افترقت ( المرجئة ) بعد ذلك فصارت إلى أربع فرق: الجهمية و*هم مرجئة أهل خراسان، و*الغيلانية و*هم مرجئة أهل الشام، و*الماصرية و*هم مرجئة أهل العراق منهم " أبو*حنيفة " و*نظراؤه، و*"الشكاك" أو*" البترية " أصحاب الحديث منهم " سفيان بن سعيد الثوري " و*"شريك بن عبد الله" و*" ابن أبي ليلى " و*" محمد بن إدريس الشافعي" و*"مالك بن أنس" و*نظراؤهم من أهل الحشو*و*الجمهور العظيم و*قد سموا (الحشوية).
فقالت أوائلهم في الإمامة: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من الدنيا ولم يستخلف على دينه من يقوم مقامه في لم الشعث، و*جمع الكلمة، و*السعي في أمور الملك و*الرعية، و*إقامة الهدنة و*تأمير الأمراء و*تجييش الجيوش، و*الدفع عن بيضة الإسلام، و*تعليم الجاهل و*إنصاف المظلوم، و*جوَّزوا فعل هذا الفعل لكل إمام أقيم بعد الرسول صلى الله عليه وآله.
ثم اختلف هؤلاء فقال بعضهم: على الناس أن يجتهدوا آراءهم في نصب الإمام و*جميع حوادث الدين و*الدنيا إلى اجتهاد الرأي، و*قال بعضهم: الرأي باطل و*لكن الله عز و*جل أمر الخلق أن يختاروا الإمام بعقولهم.
و*شذت طائفة من المعتزلة عن قول أسلافها فزعمت أن النبي صلى الله عليه وآله نص علىى صفة الإمام و*نعته و*لم ينص على اسمه و*نسبه، و*هذا قول أحدثوه قريبا.
و*كذلك قالت جماعة من أهل الحديث هربت حين عضَّها حِجَاج الإمامية و*لجأت إلى أن النبي صلى الله عليه وآله نص على أبي بكر بأمره إياه بالصلوة، و*تركت مذهب أسلافها في أن المسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله قالوا: رضينا لدنيانا بإمام رضيه رسول الله صلى الله عليه وآله لديننا.
و*اختلف أهل الإهمال ( أي القائلون أن الرسول لم يستخلف أحدا ) في إمامة الفاضل و*المفضول، إذا كانت في الفاضل علة تمنع إمامته، و*وافق سائرهم أصحاب النص على أن الإمامة لا تكون إلا للفاضل المتقدم.
ثم اختلفوا جميعا في القول بالإمامة و*أهلها فقالت ( البترية ) و*هم أصحاب ( الحسن بن صالح بن حي ) و*من قال بقوله أن عليا عليه السلام هو*أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله و*أولاهم بالإمامة، و*أن بيعة أبي بكر ليست بخطأ، و*وقفوا في عثمان و*ثبتوا حزب علي عليه السلام، و*شهدو*اعلى مخالفيه بالنار، و*اعتـلُّوا بأن عليا عليه السلام سلم لهما ذلك فهو*بمنزلة رجل كان له على رجل حق فتركه له.
و*قال " سليمان بن جرير الرقي " و*من قال بقوله أن عليا عليه السلام كان الإمام و*أن بيعة أبي بكر و*عمر كانت خطأً و*لا يستحقان اسم الفسق عليها من قبل التأويل لأنهما تأولا فأخطآ، و*تبرؤا من عثمان فشهدوا عليه بالكفر ومحارب علي عليه السلام عندهم كافر.
و*قال " ابن التمار " و*من قال بقوله: إن عليا عليه السلام كان مستحقا للإمامة و*إنه أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، و*إن الأمة ليست بمخطئة خطأ إثم في توليتها أبا بكر و*عمر و*لكنها مخطئة بتركة الأفضل، و*تبرؤا من عثمان و*من محارب علي عليه السلام و*شهدوا عليه بالكفر.
و*قال ( الفضل الرقاشي ) و*( أبو*شمر ) و*( غيلان بن مروان ) و*(جهم بن صفوان) و*من قال بقولهم من المرجئة: إن الإمامة يستحقها كل من قام بها إذا كان عالما بالكتاب و*السنة و*أنه لا تثبت الإمامة إلا بإجماع الأمة كلها.
و*قال أبو*حنيفة و*سائر المرجئة: لا تصلح الإمامة إلا في قريش، كل من دعا منها إلى الكتاب و*السنة و*العمل بالعدل وجبت إمامته و*وجب الخروج معه و*ذلك للخبر الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: الأئمة من قريش.
و*قالت الخوارج كلها إلا النجدية منهم: الإمامة تصلح في أفناء الناس، كل من كان منهم قائما بالكتاب و*السنة عالما بهما، و*إن الإمامة تثبت بعقد رجلين.
و*قالت النجدية من الخوارج: الأمة غير محتاجة إلى إمام و*لا غيره، وإنما علينا و*على الناس أن نقيم كتاب الله عزوجل فيما بيننا.
و*قالت المعتزلة: إن الإمامة يستحقها كل من كان قائما بالكتاب والسنة، فإذا اجتمع قرشي و*نبطي و*هما قائمان بالكتاب و*السنة، و*لينا القرشي، والإمامة لا تكون إلا بإجماع الأمة و*اختيار و*نظر.
و*قال " ضرار بن عمرو*": إذا اجتمع قرشي و*نبطي ولينا النبطي وتركنا القرشي، لأنه أقل عشيرة و*أقل عددا، فإذا عصى الله و*أردنا خلعه كانت شوكته أهون، و*إنما قلت ذلك نظرا للإسلام.
و*قال إبراهيم النظَّام و*من قال بقوله: الإمامة تصلح لكل من كان قائمابالكتاب و*السنة لقول الله عزوجل: إن أكرمكم عند الله أتقاكم. (الحجرات: 13 ). و*زعم أن الناس لا يجب عليهم فرض الإمامة إذا هم أطاعوا الله و*أصلحوا سرائرهم و*علانيتهم فإنهم لن يكونوا كذا إلا و*عَلَمُ الإمام قائم باضطرار يعرفون عينه، فعليهم اتباعه و*لن يجوز أن يكلفهم الله عزوجل معرفته ولم يضع عندهم علمه فيكلفهم المحال.
و*قالوا في عقد المسلمين الإمامة لأبي بكر: إنهم قد أصابوا ذلك و*إنه كان أصلحهم في ذلك الوقت، و*اعتلوا في ذلك بالقياس و*بخبر تأوَّلوه... ][1] .
ثم ذكرا سائر أقوال الفرق في الإمامة مما لا نحتاج لذكره هنا لأن قصدنا هو*ذكر انقسامات الشيعة و*فرقهم و*شرح اختلافاتهم في الإمامة لذا نتجه لذكر ما قالاه في هذا المجال مع رعاية الاختصار، قالا:
[ فجميع أصول الفرق كلها الجامعة لها أربعة فرق: الشيعة و*المرجئة والمعتزلة و*الخوارج.
فأول الفرق الشيعة، و*هي فرقة علي بن أبي طالب رضوان الله عليه المُسمَّوْن بشيعة علي في زمان النبي صلى الله عليه وآله و*بعده معروفون بانقطاعهم إليه و*القول بإمامته، منهم المقداد بن الأسود الكندي، و*سلمان الفارسي، وأبو*ذر جندب بن جنادة الغفاري و*عمار بن ياسر، المؤثرون طاعته، المؤتمون به وغيرهم ممن وافق مودته مودة علي بن أبي طالب. فلما قَبَضَ الله نبيه صلى الله عليه وآله افترقت فرقة الشيعة فصاروا في الإمامة ثلاث فرق:
1ـ فرقة منهم قالت أن علي بن أبي طالب إمام و*مفروض الطاعة من الله و*رسوله بعد رسوله صلى الله عليه وآله واجب على الناس القبول منه و*الأخذ منه لا يجوز لهم غيره و*أن النبي صلى الله عليه وآله نص عليه باسمه و*نسبه و*قلد الأمة إمامته و*عقد له عليهم إمرة المؤمنين... و*قالوا لا بد مع ذلك أن تكون تلك الإمامة دائمة جارية في عقبه إلى يوم القيامة، تكون في ولده من ولد فاطمة بنت رسول الله يقوم مقامه أبدا رجل منهم معصوم من الذنوب طاهر من العيوب...
2ـ و*فرقة قالت أن عليا رحمة الله عليه كان أولى الناس بعد رسول الله بالناس، لفضله و*سابقته و*قرابته و*علمه، و*هو*أفضل الناس كلهم بعده وأشجعهم و*أسخاهم.. و*أجازوا مع ذلك خلافة أبي بكر و*عمر، رأوهما أهلا لذلك المكان و*المقام. احتجوا في ذلك بأن زعموا أن عليا سلم لهما الأمر و*رضي بذلك و*بايعهما طائعا غير مكره و*ترك حقه لهما، فنحن راضون كما رضي المسلمون له و*لمن تابع لا يحل لنا غير ذلك و*لا يسع أحد إلا ذلك، و*أن ولاية أبي بكر صارت رشدا و*هدى لتسليم علي صلى الله عليه له ذلك و*رضاه و*لولا رضاه و*تسليمه لكان أبو*بكر مخطئا ضالا هالكا و*هم أوائل البترية.
و*خرجت من هذه الفرقة فرقة و*قالوا: علي بن أبي طالب أفضل الناس بعد رسول الله لقرابته و*سابقته و*علمه، و*لكن كان جائزا للناس أن يولوا عليهم غيره إذا كان الوالي الذي يولونه مجزئا ( أي منفذا لأحكام شرع الله ) أحب ذلك عليٌّ أم كرهه، فولاية الوالي الذي ولوه على أنفسهم برضا منهم رشد و*هدى و*طاعة لله، فإذا اجتمعت الأمة على ذلك و*توالت و*رضيت به فقد ثبتت إمامته و*استوجب الخلافة، فمن خالفه من قريش و*بني هاشم عليٌّ كان أو*غيره من الناس، فهو*كافر ضال هالك.
3ـ و*فرقة منهم يسمون الجارودية أصحاب الجارود زياد بن المنذر بن زياد الأعجمي، فقالوا بتفضيل علي، و*لم يروا مقامه لأحد سواه، و*زعموا أن من دفع عليا من هذا المقام فهو*كافر، و*أن الأمة كفرت و*ضلت بتركها بيعته، ثم جعلوا الإمامة بعده في الحسن بن علي ثم في الحسين بن علي ثم هي شورى بين أولادهما، فمن خرج منهم و*شهر سيفه و*دعا إلى نفسه فهو*مستحق للإمامة، وهاتان الفرقتان هما المنتحلتان أمر زيد بن علي بن الحسين و*أمر زيد بن الحسن بن الحسن بن علي و*منهما تشعبت فرق الزيدية.
و*زعمت هذه الفرق أن الأمر كان بعد رسول الله لعلي صلى الله عليه ثم للحسن ثم للحسين نص من رسول الله و*صية منه إليهم واحدا بعد واحد، فلما مضى الحسين بن علي صارت في واحد من أولادهما إلى علي بن الحسين والحسن بن الحسن لا يخلو*من أحدهما إلا أنهم لا يعلمون أيا من أي، و*أن الإمامة بعدهما في أولادهما، فمن ادعاها من ولد الحسين بن علي و*من ولد علي بن الحسين و*زعم أنها لولد الحسين بن علي دون ولد الحسن بن الحسن، فإن إمامته باطلة و*أنه ضال مضل هالك، و*أن من أقر من ولد الحسين و*الحسن أن الإمامة تصلح في ولد الحسن و*الحسين و*من رضوا به و*اتفقوا عليه و*بايعوه جاز أن يكون إماما، و*من أنكر ذلك منهم و*جعلها في ولد أحد منهما لا يصلح للإمامة، و*هو*عندهم خارج من الدين. و*بعد مضي الحسين بن علي لا تثبت (الإمامة لمن ادعاها من ولد الحسن أو*الحسين) إلا باختيار ولد الحسن و*الحسين وإجماعهم على رجل منهم و*رضاهم به و*خروجه بالسيف، و*يجوز أن يكون منهم أئمة عداد في وقت واحد لكنهم أئمة دعاة إلى الإمام الرضا منهم، و*أن الإمام الذي إليه الأحكام و*العلوم يقوم مقام رسول الله و*هو*صاحب الحكم في الدار كلها و*هو*الذي يختاره جميعهم و*يرضون به و*يجمعون على ولايته، وجميع فرق الزيدية مذاهبهم في الأحكام و*الفرائض و*المواريث مذاهب العامة.
(فرق الشيعة بعد استشهاد الإمام علي عليه السلام) [2]
فلما قتل عليٌّ صلوات الله عليه افترقت (الفرقة الأولى منها) التي أثبتت له الإمامة له من الله و*رسوله فرضا واجبا فصاروا فرقا ثلاثة:
1ـ فرقة منها قالت أن عليا لم يقتل و*لم يمت و*لا يموت حتى يملك الأرض و*يسوق العرب بعصاه و*يملأ الأرض قسطا و*عدلا، كما ملئت ظلما وجورا، و*هي أول فرقة قالت في الإسلام بالوقف بعد النبي من هذه الأمة، وأول من قال منها بالغلو*و*هذه الفرقة تسمى السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، وهو*عبد الله بن وهب الراسبي الهمداني و*ساعده على ذلك عبد الله بن حرس وابن أسود، و*هما من أجلة أصحابه، و*كان أول من أظهر الطعن على أبي بكر وعمر و*عثمان من الصحابة و*تبرأ منهم، و*ادعى أن عليا عليه السلام أمره بذلك، وأن التقية لا تجوز و*لا تحل، فأخذه علي فسأله عن ذلك ؟ فأقر به، و*أمر بقتله، فصاح إليه الناس من كل ناحية يا أمير المؤمنين أتقتل رجلا يدعو*إلى حبكم أهل البيت و*إلى ولايتك و*البراءة من أعدائك ؟ فسيره عليٌّ إلى المدائن، و*حكى جماعة من أهل العالم: أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم و*والى عليا، وكان يقول و*هو*على يهوديته في يوشع بن نون وصي موسى بهذه المقالة، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله في عليٍّ بمثل ذلك، و*هو*أول من شهد بالقول بفرض إمامة علي بن أبي طالب، و*أظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه و*أكفرهم، فمن ها هنا قال من خالف الشيعة أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية، و*لما بلغ ابن سبأ و*أصحابه نعيَ عليٍّ و*هو*بالمدائن و*قدم عليهم راكب فسأله الناس، فقال ما خبر أمير المؤمنين ؟ قال: ضربه أشقاها ضربة قد يعيش الرجل من أعظم منها ويموت من وقتها، ثم اتصل خبر موته فقالوا للذي نعاه: كذبت يا عدو*الله! لو*جئتنا و*الله بدماغه ضربة، فأقمت على قتله سبعين عدلا ما صدقناك، و*لعلمنا أنه لم يمت و*لم يقتل، و*أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، و*يملك الأرض، ثم مضوا من يومهم حتى أناخوا بباب علي فاستأذنوا عليه استئذان الواثق بحياته الطامع في الوصول إليه، فقال لهم من حضره من أهله و*أصحابه و*ولده، سبحان الله أما علمتم أن أمير المؤمنين قد استشهد ؟ قالوا: إنا لنعلم أنه لم يقتل و*لا يموت حتى يسوق العرب بسيفه وسوطه كما قادهم بحجته و*برهانه، و*أنه ليسمع النجوى و*يعرف تحت الديار المقفل و*يلمع في الظلام كما يلمع السيف الصقيل الحسام، فهذا مذهب السبئية و*مذهب الحربية و*هم أصحاب عبد الله بن عمر بن الحرب الكندي في علي عليه السلام، و*قالوا بعد ذلك في علي أنه إله العالمين و*أنه توارى عن خلقه سخطا منه عليهم و*سيظهر.
2ـ و*فرقة قالت بإمامة محمد بن عليّ بن أبي طالب ابن الحنفية بعد علي لأنه كان صاحب راية أبيه يوم البصرة دون أخويه الحسن و*الحسين عليهما السلام، فسموا الكيسانية و*هم المختارية، و*إنما سُمُّوا بذلك لأن رئيسهم الذي دعاهم إلى ذلك المختار بن أبي عبيدة الثقفي، و*كان لقبه كيسان، و*هو*الذي طلب بدم الحسين بن علي و*ثأره حتى قَتَلَ قَتَلَتَهُ و*من قدر عليه ممن حاربه، وقتل عبيد الله بن زياد و*عمر بن سعد و*ادعى أن محمد بن الحنفية أمره بذلك، و*أنه الإمام بعد أبيه... و*هؤلاء ساقوا الإمامة بعده إلى ابنه عبد الله أبي هاشم و*بعده إلى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس.
3ـ و*فرقة لزمت القول بإمامة الحسن بن علي بعد أبيه إلا شرذمة قليلة منهم فإنه لما وادع الحسن بن علي معاوية و*أخذ منه المال الذي بعث له إليه على الصلح أزروا على الحسن و*طعنوا فيه و*خالفوه و*رجعوا عن إمامته و*شكوا فيها و*دخلوا في مقالة جمهور الناس، و*بقي سائرهم على القول بإمامته إلى أن قتل صلوات الله عليه. فقالوا بإمامة أخيه الحسين بن علي فلم يزالوا على ذلك حتى قتل الحسين، فلما قتل الحسين حارت فرقة من أصحابه و*قالوا: قد اختلف علينا فعل الحسن و*فعل الحسين، لأنه إن كان الذي فعله الحسن حقا واجبا صوابا من موادعته معاوية و*تسليمه الخلافة له عند عجزه عن القيام بمحاربته مع كثرة أنصار الحسن و*قوته فما فعله الحسين من محاربته يزيد بن معاوية مع قلة أنصار الحسين وضعفهم و*كثرة أصحاب يزيد حتى قتل و*قتل أصحابه جميعا، خطأ باطل غير واجب، فشكوا لذلك في إمامتهما فدخلوا في مقالة العوام و*مذاهبهم و*بقي سائر الناس أصحاب الحسين على القول بإمامته حتى مضى. فلما مضى افترقوا بعده ثلاث فرق:
فرقة قالت بإمامة محمد بن عليّ بن أبي طالب بن الحنفية و*زعمت أنه لم يبق بعد الحسن و*الحسين أحد أقرب إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب من محمد ابن الحنفية فهو*أولى الناس بالإمامة كما كان الحسين أولى بعد الحسن من ولد الحسن، فمحمد هو*الإمام بعد الحسين. و(منهم) فرقة قالت أن محمد بن الحنفية هو*الإمام المهدي و*هـو*وصيُّ عليّ، ليس لأحد من أهل بيته أن يخالفه و*لا يخرج عن إمامته و*لا يشهر سيفه إلا بإذنه، و*إنما خرج الحسن إلى معاوية محاربا له بإذنه، و*وادعه و*صالحه بإذنه، و*خرج الحسين إلى قتال يزيد بن معاوية بإذنه، ولو*خرجا بغير إذنه هلكا و*ضلا، وهم المختارية الخلص و*يدعون الكيسانية وهم يقولون بالتناسخ و*يزعمون أن الإمامة جرت في علي ثم في الحسن ثم في الحسين ثم في ابن الحنفية و*معنى ذلك أن روح الله صارت في النبي و*روح النبي صارت في علي و*روح علي صارت في الحسن (و*هكذا روح كل إمام تحل في الذي بعده)... و*يزعمون أن الصلاة في اليوم و*الليلة خمس عشرة صلوة كل صلوة سيع عشرة ركعة و*كلهم لا يصلون!
و*زعم صنف منهم أنهم ( أي الأئمة ) أربعة أسباط بهم يسقى الخلق الغيث و*يقاتل العدو*و*تظهر الحجة و*تموت الضلالة، من تبعهم لحق و*من تأخر عنهم محق، و*إليهم المرجع و*هم كسفينة نوح من دخلها صدق و*نجا و*من تأخر عنها غرق.. ][3]
و*الفرق القائلة بإمامة محمد بن الحنفية كثيرة و*صارت طوائف عديدة لكل طائفة مقالة، فصل الأشعري في ذكرها نختصر منها ما يلي:
[ منها طائفة قالت بإمامة عبد الله بن عمرو*بن حرب الكندي الشامي بعد أبي هاشم بن محمد بن الحنفية و*قالت بالغلو*والتناسخ، و*فرقة قالت أن محمد بن الحنفية حي لم يمت بل غاب عن الأنظار و*هو*مقيم في جبال رضوى بين مكة و*المدينة.. و*أنه سيرجع و*يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما و*جورا، وجماعة منهم قالوا بالرجعة إلخ..
و*جماعة صاروا من أصحاب أبي الخطاب محمد بن أبي زينب الأجدع الأسدي و*زعموا أنه لا بد من رسولين في كل عصر و*لا تخلو*الأرض منهما: واحد ناطق و*آخر صامت، فكان محمد صلى الله عليه وآله ناطقا و*علي صامتا، وتأولوا في ذلك قول الله: ثم أرسلنا رسلنا تترى، ثم ارتفعوا عن هذه المقالة إلى أن قال بعضهم هما آلهة، ثم إنهم افترقوا لما بلغهم أن جعفر بن محمد عليه السلام لعنهم ولعن أبا الخطاب و*برئ منه و*منهم، فصاروا أربع فرق، فرقة منهم قالت أن جعفر بن محمد هو*الله و*أن أبا الخطاب نبي مرسل أرسله جعفر و*أمر بطاعته! وأباحوا المحارم كلها من الزنا و*اللواط والسرقة و*شرب الخمور... و*من أتباع أبي الخطاب سموا المخمسة لأنهم زعموا أن الله عز و*جل هو*محمد و*أنه ظهر في خمسة أشباح و*خمس صور مختلفة أي ظهر في صورة محمد و*علي و*فاطمة والحسن و*الحسين، و*زعموا أن أربعة من هذه الخمسة تلتبس لا حقيقة لها والمعنى شخص محمد و*صورته لأنه أول شخص ظهر و*أول ناطق نطق، لم يزل بين خلقه موجودا بذاته يتكوَّن في أي صورة شاء، يظهر لخلقه في صور شتى من صورة الذكران و*الإناث و*الشيوخ و*الشباب إلخ... و*زعموا أن محمدا ( أي تلك الحقيقة المحمدية الإلهية التي كانت أول شخص ظهر و*أول ناطق نطق!) كان آدم و*نوح و*إبراهيم و*موسى و*عيسى، لم يزل ظاهرا في العرب و*العجم، وكما أنه في العرب ظهر كذلك هو*في العجم ظاهر في صورة غير صورته في العرب، في صورة الأكاسرة و*الملوك الذين ملكوا الدنيا و*إنما معناهم محمد لا غيره تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. و*أنه كان يظهر نفسه لخلقه في كل الأدوار والدهور، و*أنه تراءى لهم بالنورانية فدعاهم إلى الإقرار بوحدانيته، فأنكروه، فتراءى لهم من باب النبوة و*الرسالة فأنكروه، فتراءى لهم من باب الإمامة فقبلوه، فظاهر الله عزوجل عندهم الإمامة و*باطنه الله الذي معناه محمد... و*له باب هو*سلمان...[4] ( إلى آخر خرافاتهم ) ]. ثم قالا:
و*أيا كان، فالمهم أن هذا الأمر بحد ذاته يدل دلالة واضحة على أن نفس حضرة الصادق لم يكن يعلم من هو*الإمام الذي سيكون من بعده فعلا ؟ و*بالتالي لم يكن لديه أي خبر عن أحاديث النص على الأئمة الاثني عشر واحدا واحدا بأسمائهم، كحديث اللوح لجابر و*غيره!.
2 ـ أيضا من مسلمات التاريخ قصة وفاة محمد بن علي بن محمد الجواد المعروف بـ " السيد محمد "، و*المدفون في قرية يقال لها " بلد " (على تسعة فراسخ من سامراء) في العراق، في حياة والده حضرة الإمام علي بن محمد النقي عليه السلام، بعد أن كان والده قد عينه للإمامة من بعده، فلما توفي قبل وفاة والده اعتذر الإمام النقي عن ذلك بنفس اعتذار الصادق حيث قال: [ بدا لِلَّهِ في محمد ].
و*كُـتُبُ الشيعة مملوءة بذكر هذه القصة من جملة ذلك ما جاء في كتاب الحجة من أصول الكافي للكليني: [ عن موسى بن جعفر بن وهب عن علي بن جعفر قال: كنت حاضرا عند أبي الحسن عليه السلام (أي الإمام علي الهادي) لما توفي ابنه محمد، فقال للحسن: يا بني! أحدِثْ لِلَّهِ شكرا فقد أحدث فيك أمرا] [6]. أي أن الإمام الهادي قال لابنه الحسن العسكري اشكر الله لأنه أحدث فيك رأيا جديدا فأعطى الإمامة لك بعد أن كانت ستعطى لأخيك. قال المرحوم الفيض الكاشاني في كتابه الوافي (ص93) معلقا على هذا الحديث: [ بيان: يعني جعلك الله إماما للناس بموت أخيك قبلك، بدا لله فيك بعده ].
و*في الكافي أيضا: [ عن أحمد بن محمد بن عبد الله بن مروان الأنباري قال: كنت حاضرا عند مُضيِّ (أي وفاة) أبي جعفر محمد بن علي، فجاء أبو*الحسن عليه السلام فـوُضِعَ له كرسي فجلس عليه و*حوله أهل بيته، و*أبو*محمد قائم في ناحية، فلما فُرِغَ من أمر أبي جعفر، التفت إلى أبي محمد فقال: يا بُنَيّ! أحدِثْ لِلَّهِ شكرا فقد أحدثَ فيك أمرا.. ] [7].
و*في الكافي أيضا: [ عن جماعة من بني هاشم منهم حسن بن حسن الأفطس، أنهم حضروا يوم توفي محمد بن علي بن محمد باب أبي الحسن يعزونه وقد بسط له في صحن داره و*الناس جلوس حوله فقالوا: قدرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب و*بني هاشم و*قريش مائة و*خمسون رجلا سوى مواليه وسائر الناس، إذ نظر إلى الحسن بن علي قد جاء مشقوق الجيب حتى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه فنظر إليه أبو*الحسن بعد ساعة فقال: يا بني! أحدِثْ لله عز و*جل شكرا فقد أحدَثَ فيك أمراُ، فبكى الفتى و*حَمِدَ الله تعالى واسترجع وقال: الحمد لله رب العالمين، و*أنا أسأل الله عز و*جل بمنه تمام نعمه لنا فيك، و*إنا لله و*إنا إليه راجعون. فسألنا فقيل هذا الحسن ابنه، و*قدَّرْنا له في ذلك الوقت عشرين سنة أو*أرجح، فيومئذ عرفناه و*علمنا أنه قد أشار إليه بالإمامة و*أقامه مقامه ] [8].
و*أخرج الكليني حديثا آخر أيضا في هذا الأمر، و*هو*حديث أخرجه كذلك "الشيخ الطوسي" في كتابه " الغيبة " (ص130، طبع تبريز) بسند آخر و*لفظ مختلف قليلا عما في الكافي فقال (و*اللفظ للطوسي): [ روى سعد بن عبد الله الأشعري قال: حدثنا أبو*هاشم داود بن قاسم الجعفري قال: كنت عند أبي الحسن (أي الإمام علي النقي) وقت وفاة ابنه أبي جعفر (أي السيد محمد) و*قد كان أشار إليه و*دل عليه، فإني لأفكر في نفسي و*أقول هذا قضية أبي إبراهيم (أي الإمام موسى الكاظم) و*اسماعيل، فأقبل عليَّ أبو*الحسن فقال: نعم يا أبا هاشم! بدا لِلَّه تعالى في أبي جعفر و*صيَّر مكانه أبا محمد كما بدا لِلَّه في اسماعيل بعد ما دل عليه أبو*عبد الله و*نصبه، و*هو*كما حدَّثتَ به نفسك و*إن كره المبطلون، أبو*محمد ابني الخلف من بعدي عنده علم ما يحتاج إليه و*معه آلة الإمامة ] [9].
و*هناك عدة أحاديث أخرى في أصول الكافي في نفس الباب بنفس هذا المضمون و*كذلك في كتاب الغيبة للطوسي. و*هذه الأحاديث تدل على أنه لدى وفاة السيد محمد بن الإمام علي بن محمد النقي، لم يكن أحد ـ حتى من خواص أصحاب الأئمة ـ يعرف حضرة الإمام الحسن العسكري ـ حتى مجرد المعرفة ـ فضلا عن أن يكون له علم بإمامته، و*منهم أبو*هاشم الجعفري راوي الحديث الذي فكر في نفسه كيف توفي محمد بن الإمام علي النقي، في حياة والده، مع كونه عُيِّنَ للإمامة بعد والده ؟! ثم قاس ذلك في ذهنه على ما حدث لاسماعيل الذي توفي في حياة والده جعفر الصادق.
لكن الوضَّاعين الكذبة وضعوا على لسان أبي هاشم الجعفري هذا نفسه حديثا طويلا فيه نص الرسول (صلىالله عليه وآله) على الأئمة الاثني عشر واحدا واحدا بأسمائهم!! و*الحديث أخرجه الكليني في الأصول من الكافي [10] و*الصدوق في كتابه إكمال الدين ( باب 29 ما أخبر به الحسن بن علي بن أبي طالب من وقوع الغيبة: ص181) و*نقله عنهما الشيخ "الحر العاملي" في كتابه: "إثبات الهداة" (ج2/ص283) كما يلي ( و*اللفظ كما في إكمال الدين ):
[ و*عن عدة من أصحابنا عن "أحمد بن عبد الله محمد البرقي" عن "أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري" عن أبي جعفر الثاني قال: أقبل أمير المؤمنين و*معه ابنه الحسن و*هو*متكئ على يد سلمان فدخل المسجد الحرام فجلس، إذ أقبل رجل حسن الهيئة و*اللباس فسلم على أمير المؤمنين فرد عليه السلام فجلس ثم قال: يا أمير المؤمنين! أسألك من ثلاث مسائل إن أخبرتني بها علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما أقضي عليهم أنهم ليسوا بمأمونين في دنياهم و*لا في آخرتهم. فقال أمير المؤمنين: سل عما بدا لك. فقال: أخبِرني عن الرجل إذا نام أين يذهب روحه ؟ و*عن الرجل كيف يذكر و*ينسى ؟ و*عن الرجل كيف يشبه الأعمام و*الأخوال. فالتفت أمير المؤمنين إلى أبي محمد الحسن بن علي فقال: يا أبا محمد أجبه. فقال: أما ما سألت عنه من أمر الإنسان أين يذهب روحه ؟ فروحه معلقة بالريح و*الريح معلقة بالهوى إلى وقت ما يتحرك صاحبها ليقظة فإن الله عزوجل يرد تلك الروح على صاحبها جذبت تلك الروح الريح و*جذبت تلك الريح الهوى فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها، وإن لم يأذن الله عزوجل برد تلك الروح على صاحبها جذب الهوى الريح و*جذب الريح الروح فم ترد إلى صاحبها إلا إلى وقت ما يبعث، و*أما ما ذكرت من أمر الذكر و*النسيان فإن قلب الرجل في حق و*على الحق طبق فإن صلى الرجل عند ذلك على محمد و*آل محمد انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق مما يلي القلب و*ذكر الرجل ما نسي، و*إن هو*لم يصل على محمد و*آل محمد أو*نقص عليهم من الصلوة انطبق ذلك الطبق على ذلك الحق و*أظلم القلب و*نسي الرجل ما كان ذكر، و*أما ما ذكرت من أمر المولود الذي يشبه أعمامه و*أخواله فإن الرجل إذا أتى أهله فجامعها بقلب ساكن و*عروق هادئة و*بدن غير مضطرب فأسكنت تلك النطفة في جوف الرحم خرج الولد يشبه أباه و*أمه و*إن هو*أتاها بقلب غير ساكن و*عروق غير هادئة و*بدن مضطرب اضطربت تلك النطفة فوقعت في حال اضطرابها على بعض العروق فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه و*إن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الرجل أخواله. فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله و*لم أزل أشهد بها و*أشهد أن محمدا رسول الله و*لم أزل أشهد بها و*أشهد أنك وصيه و*القائم بحجته بعده و*أشار بيده إلى أمير المؤمنين، و*لم أزل أشهد بها و*أشهد أنك وصيه و*القائم بحجته بعده و*أشار إلى الحسن، و*أشهد أن الحسين بن علي وصي أبيك و*القائم بحجته بعدك و*أشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده و*أشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين و*أشهد على جعفر بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي بن الحسين و*أشهد على موسى بن جعفر أنه القائم بأمر جعفر بن محمد و*أشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر و*أشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسى و*أشهد على علي بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي و*أشهد على الحسن بن علي أنه القائم بأمر علي بن محمد و*أشهد على رجل من ولد الحسن بن علي لا يكنى و*لا يسمى حتى يظهر أمره فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا و*السلام عليك يا أمير المؤمنين و*رحمة الله و*بركاته ثم قام و*مضى، فقال أمير المؤمنين: يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد؟ فخرج الحسن في أثره فقال: ما كان إلا أن وضع رجله خارج المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله فرجعت إلى أمير المؤمنين فأعلمته فقال: هو*الخضر! ]
هذا الحديث أخرجه "الكليني" في أصول الكافي من طريقين و*أخرجه "الشيخ الصدوق" في كتابيه "عيون أخبار الرضا" و*"إكمال الدين"، و*"النعماني" في كتابه "الغيبة" و*"الشيخ الطوسي" في كتابه "الغيبة" أيضا، و*"الطبرسي (احمد بن علي)" في "الاحتجاج"، بطرق مختلفة لكنها تجتمع كلها على "أحمد بن عبد الله البرقي" عن "أبي هاشم"، و*يكفي هذا لمعرفة كذب و*اختلاق الحديث، حيث عرفنا أن "أبا هشام الجعفري" هذا كان من الذين تصوروا أن الإمام بعد حضرة الإمام علي النقي هو*ابنه السيد محمد، و*بقي على ذلك إلى أن جاء يوم وفاة السيد محمد في حياة والده و*رأى أن حضرة علي النقي بشر ابنه حضرة العسكري بالإمامة ففكر في نفسه أن قصة العسكري مع السيد محمد مثل قصة موسى الكاظم مع اسماعيل. فمثل هذا لا يمكن أن يكون هو*نفسه راو*لحديث ينص على أسماء الأئمة حتى العسكري و*ابنه!
و*نحن لا نتعجب من الوضاعين الكذبة الذين اختلقوا مثل هذه الأحاديث لأجل تأييد فكرة مذهبية أو*سياسية معينة، أو*لأجل كونهم أداة لبعض أعداء الإسلام العاملين على نشر الخرافات فيه و*التفرقة بين أبنائه. إن تعجُّبَنَا هو*من الشيخ الصدوق و*الشيخ الطوسي و*الشيخ الكليني و*أمثالهم الذين، من جهة، يروون حديث أبي هاشم في بداء الله في السيد محمد ونص حضرة الهادي على إمامة حضرة العسكري بعد وفاة أخيه السيد محمد ليثبتوا بذلك إمامة حضرة العسكري، و*من الجهة الأخرى، يروون عدة أحاديث عن نفس أبي هاشم الجعفري هذا في أن الأئمة الاثني عشر منصوص عليهم بأسمائهم!! و*لا ندري إن لم يكن هذا هو*التناقض بعينه فماذا يكون التناقض إذن ؟!
و*أما أحمد بن أبي عبد الله البرقي الذي روى الحديث عن أبي هاشم، فقال عنه النجاشي في رجاله (ص59): [ كان ثقة في نفسه، يروي عن الضعفاء و*اعتمد المراسيل ] و*بمثل ذلك وصفه الطوسي في الفهرست فقال: [ كان ثقة في نفسه إلا أنه أكثر الرواية عن الضعفاء و*اعتمد المراسيل ] و*قال عنه ابن الغضائري و*العلامة الحلي: [.. طعن عليه القميون و*ليس الطعن فيه إنما الطعن فيمن يروي عنه فإنه كان لا يبالي عمن أخذ على طريقة أهل الأخبار و*كان أحمد بن محمد بن عيسى أبعده من قم ].
و*لعلنا عرفنا الآن لماذا روى مثل هذا الحديث الغريب عن أبي هاشم!! و*الأعجب من ذلك أن "أحمد البرقي" هذا كان ـ طبقا لما أورده الكافي في أصوله ـ من المتحيرين في المذهب أيضا، أي لم يكن يعلم من هو*الإمام بعد حضرة الحسن العسكري أو*أنه كان متحيرا في أصل مذهب التشيع، كما قال الفيض الكاشاني في كتابه الوافي (ج2/ص72): [ و*يستفاد من آخر هذا الخبر أن البرقي قد تحير في أمر دينه طائفة من من عمره! ]. و*إنه لأمر عجيب حقا أن يكون البرقي هذا، الذي كان معاصرا لأربعة من الأئمة، حيث كان من أصحاب حضرة الجواد و*مات سنة 280هـ أي بعد عشرين سنة من وفاة الإمام الحسن العسكري، و*الذي روى لنا عديدا من أحاديث النص على إمامة الأئمة الاثني عشر (راجع أصول الكافي: كتاب الحجة: باب ما جاء في الاثني عشر و*النص عليهم عليهم السلام) جعلناها نحن من أصول عقائدنا، و*يكون هو*بنفسه متيحرا في أمر دينه، و*هل هذا إلا كمن قال: أعمى يقود عميان!!
أما متن الحديث فغني عن التعليق! و*نقترح أن يقدم لأساتذة الطب و*الوراثة ليفصلوا فيه! فقط نتساءل: ما فائدة شهادة الخضر في هذا المقام ؟ و*لو*كان قصد الخضر إثبات حقانية إمامة الأئمة و*لزومهما على الأمة فلماذا لم يلق حديثه في جمع من الناس، بعد أن يعرفهم بنفسه، ثم يشهد بشهاداته تلك لتقوم الحجة على الناس؟ فلحن الرواية يفيد أنه لم يكن في مجلس الحديث سوى السائل والمسؤول، خاصة أنه لم يرو*أحد آخر هذا الحديث! [11]
على كل حال كان غرضنا من ذكر هذا الحديث و*الذي قبله أن يعلم طلاب الحق أن هذا الحديث روي على لسان شخص لم يكن هو*نفسه يعرف من هو*الإمام بعد حضرة الهادي، و*أنه لم يكن أحد من أصحاب الأئمة حتى أقرب الناس إليهم يعرفون ابتداءً لمن ستكون الإمامة بعد رحيل إمام الوقت، بل حتى الأئمة أنفسهم لم يكونوا يعرفون من الإمام بعدهم، حيث كانوا يرون في شخص ما من أبنائهم أهلية الإمامة فيعهدون له بالإمامة من بعدهم ويخبرون بذلك شيعتهم، و*إذا بقدر الله و*قضائه يخلف ظنهم و*يموت المعهود إليه بالإمامة، في حال حياتهم، فيقولون بدا لِـلَّـه في اسماعيل و*جعل موسى مكانه، و*بدا لِـلَّـه في محمد بن علي و*جعل الحسن بن علي العسكري مكانه، و*هذا بحد ذاته حجة قاطعة على كذب و*بطلان كل أحاديث النص النبوي السابق على الأئمة الاثني عشر. [12]
افتراق الشيعة إلى فرق مختلفة عـقـب وفاة كل إمام يبين كذب واختلاق أحاديث النص
ألف علماء المسلمين كثيرا من الكتب عن الفرق الإسلامية و*الملل والنحل، و*لا شك أن بعضها لم يخل من التحيز و*التعصب لمذهب المؤلف والتحامل على مذاهب الخصوم كإلزامهم بما لا يقولون به أو*نسبة أباطيل إليهم. لذا فنحن في هذا المقام لن نرجع إلا إلى كتابين من كتب الفرق ألفهما عالمان من علماء الشيعة الإمامية الكبار الموثقين، لننقل عنهم حرفيا ما ذكروه من انشعابات و*حدوث فرق متعددة في أوساط الشيعة، ليتضح أنه لو*كان ثمة نص مشهور من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في تعيين الأئمة لما وجدت كل هذه الفرق المختلفة في الشيعة.
لا نعرف، من بين علماء الشيعة القدماء، من ألف كتبا، بقيت إلى يومنا هذا، في فرق المسلمين و*مللهم ونحلهم، سوى اثنين من العلماء المبرزين الكبار هما: 1 ـ سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي المتوفى سنة 301 هـ و*الذي يعد من أكابر محدثي الشيعة و*من مشايخ محمد بن جعفر بن قولويه في الرواية و*من أصحاب حضرة الإمام الحسن العسكري، حتى أن بعض الروايات تذكر لقاءه للإمام الحسن العسكري ولابنه حضرة القائم، و*إن كان هذا اللقاء يعتبر بنظر عدة من علماء الشيعة الكبار، مكذوبا و*موضوعا، لكن على أي حال لا يوجد أحد يشكك في نزاهة و*شخصية سعد بن عبد الله و*أنه من أكابر محدثي الشيعة الإمامية وفقهائهم الموثوقين، و*قد ألف لنا كتابا هاما في الفرق و*النحل سماه: "*المقالات و*الفرق ".
2 ـ و*الثاني هو*أبو*محمد الحسن بن موسى النوبختي المتوفى فيما بين سنة 300 و*310 هـ و*الذي كان من أفاضل الشيعة و*كبار علمائهم أيضا و*من عائلة عرفت كلها بالعلم و*الفضل في أوساط الشيعة، و*قد ترك لنا كتابا هاما أيضا في الفرق خصصه لذكر فرق الشيعة فقط و*سماه: " فرق الشيعة ".
و*نحن سنذكر فيما يلي خلاصة ما ذكره المؤلفان في كتابيهما المذكورين في بيان الفرق التي وجدت في الشيعة ليكون ذلك دليلا آخر على أنه لو*كان هناك نص أو*نصوص نبوية سابقة على ذلك النحو*و*الصورة التي يدعونها لما أمكن أن تنشأ كل هذه الفرق المتعددة و*المختلفة بين الشيعة أنفسـهم . قالا:
[ افترقت الأمة عقب وفاة رسول الله(صلّىاللّه عليه وآله) إلى ثلاث فرق: 1ـ فرقة منها سميت الشيعة و*هم شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام و*اتبعوه و*لم يرجعوا إلى غيره. و*منهم افترقت صنوف الشيعة كلها. 2ـ و*فرقة منهم ادعت الإمرة و*السلطان، و*هم الأنصار و*دعوا إلى عقد الأمر لسعد بن عبادة الخزرجي، 3ـ و*فرقة مالت إلى بيعة أبي بكر بن أبي قحافة.. و*تنازعت الفرقتان الأخيرتان ثم رجع أغلب الأنصار و*من تابعهم إلى أمر أبي بكر.
و*عقب مقتل عثمان بايع الناس عليا فسموا الجماعة، ثم افترقوا بعد ذلك فصاروا ثلاث فرق: 1ـ فرقة أقامت على ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام. 2ـ و*فرقة اعتزلته مع سعد بن أبي وقاص و*عبد الله بن عمر و*محمد بن مسلمة الأنصاري و*أسامة بن زيد فامتنعوا عن محاربته و*المحاربة معه. 3ـ و*فرقة خالفته و*قامت عليه و*هم طلحة و*الزبير و*عائشة و*أنصارهم، فـقاتلهم علي عليه السلام و*هزمهم، و*هم أهل الجمل. و*هرب منهم قوم إلى معاوية و*صاروا معه في المطالبة بدم عثمان، و*حاربوا عليا عليه السلام و*هم أهل صفين.
ثم خرجت فرقة ممن كان مع علي عليه السلام، و*خالفته بعد تحكيم الحكمين بينه و*بين معاوية و*أهل الشام و*كفَّروا عليا و*تبرؤا منه وسموا الخوارج و*منهم افترقت فرق الخوارج كلها.
فلما قُتِلَ علي التقت الفرقة التي كانت معه و*الفرقة التي كانت مع طلحة و*الزبير و*عائشة فصاروا فرقة واحدة مع معاوية بن أبي سفيان إلا القليل منهم من شيعته و*من قال بإمامته بعد النبي صلى الله عليه وآله و*هم السواد الأعظم و*أهل الحشو*و*أتباع الملوك و*أعوان كل من غلب، أعني الذين التقوا مع معاوية فسموا جميعا " المرجئة " لأنهم تولوا المختلفين جميعا و*زعموا أن أهل القبلة كلهم مؤمنون بإقرارهم الظاهر بالإيمان و*رجوا لهم جميعا المغفرة. و*افترقت ( المرجئة ) بعد ذلك فصارت إلى أربع فرق: الجهمية و*هم مرجئة أهل خراسان، و*الغيلانية و*هم مرجئة أهل الشام، و*الماصرية و*هم مرجئة أهل العراق منهم " أبو*حنيفة " و*نظراؤه، و*"الشكاك" أو*" البترية " أصحاب الحديث منهم " سفيان بن سعيد الثوري " و*"شريك بن عبد الله" و*" ابن أبي ليلى " و*" محمد بن إدريس الشافعي" و*"مالك بن أنس" و*نظراؤهم من أهل الحشو*و*الجمهور العظيم و*قد سموا (الحشوية).
فقالت أوائلهم في الإمامة: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من الدنيا ولم يستخلف على دينه من يقوم مقامه في لم الشعث، و*جمع الكلمة، و*السعي في أمور الملك و*الرعية، و*إقامة الهدنة و*تأمير الأمراء و*تجييش الجيوش، و*الدفع عن بيضة الإسلام، و*تعليم الجاهل و*إنصاف المظلوم، و*جوَّزوا فعل هذا الفعل لكل إمام أقيم بعد الرسول صلى الله عليه وآله.
ثم اختلف هؤلاء فقال بعضهم: على الناس أن يجتهدوا آراءهم في نصب الإمام و*جميع حوادث الدين و*الدنيا إلى اجتهاد الرأي، و*قال بعضهم: الرأي باطل و*لكن الله عز و*جل أمر الخلق أن يختاروا الإمام بعقولهم.
و*شذت طائفة من المعتزلة عن قول أسلافها فزعمت أن النبي صلى الله عليه وآله نص علىى صفة الإمام و*نعته و*لم ينص على اسمه و*نسبه، و*هذا قول أحدثوه قريبا.
و*كذلك قالت جماعة من أهل الحديث هربت حين عضَّها حِجَاج الإمامية و*لجأت إلى أن النبي صلى الله عليه وآله نص على أبي بكر بأمره إياه بالصلوة، و*تركت مذهب أسلافها في أن المسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله قالوا: رضينا لدنيانا بإمام رضيه رسول الله صلى الله عليه وآله لديننا.
و*اختلف أهل الإهمال ( أي القائلون أن الرسول لم يستخلف أحدا ) في إمامة الفاضل و*المفضول، إذا كانت في الفاضل علة تمنع إمامته، و*وافق سائرهم أصحاب النص على أن الإمامة لا تكون إلا للفاضل المتقدم.
ثم اختلفوا جميعا في القول بالإمامة و*أهلها فقالت ( البترية ) و*هم أصحاب ( الحسن بن صالح بن حي ) و*من قال بقوله أن عليا عليه السلام هو*أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله و*أولاهم بالإمامة، و*أن بيعة أبي بكر ليست بخطأ، و*وقفوا في عثمان و*ثبتوا حزب علي عليه السلام، و*شهدو*اعلى مخالفيه بالنار، و*اعتـلُّوا بأن عليا عليه السلام سلم لهما ذلك فهو*بمنزلة رجل كان له على رجل حق فتركه له.
و*قال " سليمان بن جرير الرقي " و*من قال بقوله أن عليا عليه السلام كان الإمام و*أن بيعة أبي بكر و*عمر كانت خطأً و*لا يستحقان اسم الفسق عليها من قبل التأويل لأنهما تأولا فأخطآ، و*تبرؤا من عثمان فشهدوا عليه بالكفر ومحارب علي عليه السلام عندهم كافر.
و*قال " ابن التمار " و*من قال بقوله: إن عليا عليه السلام كان مستحقا للإمامة و*إنه أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، و*إن الأمة ليست بمخطئة خطأ إثم في توليتها أبا بكر و*عمر و*لكنها مخطئة بتركة الأفضل، و*تبرؤا من عثمان و*من محارب علي عليه السلام و*شهدوا عليه بالكفر.
و*قال ( الفضل الرقاشي ) و*( أبو*شمر ) و*( غيلان بن مروان ) و*(جهم بن صفوان) و*من قال بقولهم من المرجئة: إن الإمامة يستحقها كل من قام بها إذا كان عالما بالكتاب و*السنة و*أنه لا تثبت الإمامة إلا بإجماع الأمة كلها.
و*قال أبو*حنيفة و*سائر المرجئة: لا تصلح الإمامة إلا في قريش، كل من دعا منها إلى الكتاب و*السنة و*العمل بالعدل وجبت إمامته و*وجب الخروج معه و*ذلك للخبر الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: الأئمة من قريش.
و*قالت الخوارج كلها إلا النجدية منهم: الإمامة تصلح في أفناء الناس، كل من كان منهم قائما بالكتاب و*السنة عالما بهما، و*إن الإمامة تثبت بعقد رجلين.
و*قالت النجدية من الخوارج: الأمة غير محتاجة إلى إمام و*لا غيره، وإنما علينا و*على الناس أن نقيم كتاب الله عزوجل فيما بيننا.
و*قالت المعتزلة: إن الإمامة يستحقها كل من كان قائما بالكتاب والسنة، فإذا اجتمع قرشي و*نبطي و*هما قائمان بالكتاب و*السنة، و*لينا القرشي، والإمامة لا تكون إلا بإجماع الأمة و*اختيار و*نظر.
و*قال " ضرار بن عمرو*": إذا اجتمع قرشي و*نبطي ولينا النبطي وتركنا القرشي، لأنه أقل عشيرة و*أقل عددا، فإذا عصى الله و*أردنا خلعه كانت شوكته أهون، و*إنما قلت ذلك نظرا للإسلام.
و*قال إبراهيم النظَّام و*من قال بقوله: الإمامة تصلح لكل من كان قائمابالكتاب و*السنة لقول الله عزوجل: إن أكرمكم عند الله أتقاكم. (الحجرات: 13 ). و*زعم أن الناس لا يجب عليهم فرض الإمامة إذا هم أطاعوا الله و*أصلحوا سرائرهم و*علانيتهم فإنهم لن يكونوا كذا إلا و*عَلَمُ الإمام قائم باضطرار يعرفون عينه، فعليهم اتباعه و*لن يجوز أن يكلفهم الله عزوجل معرفته ولم يضع عندهم علمه فيكلفهم المحال.
و*قالوا في عقد المسلمين الإمامة لأبي بكر: إنهم قد أصابوا ذلك و*إنه كان أصلحهم في ذلك الوقت، و*اعتلوا في ذلك بالقياس و*بخبر تأوَّلوه... ][1] .
ثم ذكرا سائر أقوال الفرق في الإمامة مما لا نحتاج لذكره هنا لأن قصدنا هو*ذكر انقسامات الشيعة و*فرقهم و*شرح اختلافاتهم في الإمامة لذا نتجه لذكر ما قالاه في هذا المجال مع رعاية الاختصار، قالا:
[ فجميع أصول الفرق كلها الجامعة لها أربعة فرق: الشيعة و*المرجئة والمعتزلة و*الخوارج.
فأول الفرق الشيعة، و*هي فرقة علي بن أبي طالب رضوان الله عليه المُسمَّوْن بشيعة علي في زمان النبي صلى الله عليه وآله و*بعده معروفون بانقطاعهم إليه و*القول بإمامته، منهم المقداد بن الأسود الكندي، و*سلمان الفارسي، وأبو*ذر جندب بن جنادة الغفاري و*عمار بن ياسر، المؤثرون طاعته، المؤتمون به وغيرهم ممن وافق مودته مودة علي بن أبي طالب. فلما قَبَضَ الله نبيه صلى الله عليه وآله افترقت فرقة الشيعة فصاروا في الإمامة ثلاث فرق:
1ـ فرقة منهم قالت أن علي بن أبي طالب إمام و*مفروض الطاعة من الله و*رسوله بعد رسوله صلى الله عليه وآله واجب على الناس القبول منه و*الأخذ منه لا يجوز لهم غيره و*أن النبي صلى الله عليه وآله نص عليه باسمه و*نسبه و*قلد الأمة إمامته و*عقد له عليهم إمرة المؤمنين... و*قالوا لا بد مع ذلك أن تكون تلك الإمامة دائمة جارية في عقبه إلى يوم القيامة، تكون في ولده من ولد فاطمة بنت رسول الله يقوم مقامه أبدا رجل منهم معصوم من الذنوب طاهر من العيوب...
2ـ و*فرقة قالت أن عليا رحمة الله عليه كان أولى الناس بعد رسول الله بالناس، لفضله و*سابقته و*قرابته و*علمه، و*هو*أفضل الناس كلهم بعده وأشجعهم و*أسخاهم.. و*أجازوا مع ذلك خلافة أبي بكر و*عمر، رأوهما أهلا لذلك المكان و*المقام. احتجوا في ذلك بأن زعموا أن عليا سلم لهما الأمر و*رضي بذلك و*بايعهما طائعا غير مكره و*ترك حقه لهما، فنحن راضون كما رضي المسلمون له و*لمن تابع لا يحل لنا غير ذلك و*لا يسع أحد إلا ذلك، و*أن ولاية أبي بكر صارت رشدا و*هدى لتسليم علي صلى الله عليه له ذلك و*رضاه و*لولا رضاه و*تسليمه لكان أبو*بكر مخطئا ضالا هالكا و*هم أوائل البترية.
و*خرجت من هذه الفرقة فرقة و*قالوا: علي بن أبي طالب أفضل الناس بعد رسول الله لقرابته و*سابقته و*علمه، و*لكن كان جائزا للناس أن يولوا عليهم غيره إذا كان الوالي الذي يولونه مجزئا ( أي منفذا لأحكام شرع الله ) أحب ذلك عليٌّ أم كرهه، فولاية الوالي الذي ولوه على أنفسهم برضا منهم رشد و*هدى و*طاعة لله، فإذا اجتمعت الأمة على ذلك و*توالت و*رضيت به فقد ثبتت إمامته و*استوجب الخلافة، فمن خالفه من قريش و*بني هاشم عليٌّ كان أو*غيره من الناس، فهو*كافر ضال هالك.
3ـ و*فرقة منهم يسمون الجارودية أصحاب الجارود زياد بن المنذر بن زياد الأعجمي، فقالوا بتفضيل علي، و*لم يروا مقامه لأحد سواه، و*زعموا أن من دفع عليا من هذا المقام فهو*كافر، و*أن الأمة كفرت و*ضلت بتركها بيعته، ثم جعلوا الإمامة بعده في الحسن بن علي ثم في الحسين بن علي ثم هي شورى بين أولادهما، فمن خرج منهم و*شهر سيفه و*دعا إلى نفسه فهو*مستحق للإمامة، وهاتان الفرقتان هما المنتحلتان أمر زيد بن علي بن الحسين و*أمر زيد بن الحسن بن الحسن بن علي و*منهما تشعبت فرق الزيدية.
و*زعمت هذه الفرق أن الأمر كان بعد رسول الله لعلي صلى الله عليه ثم للحسن ثم للحسين نص من رسول الله و*صية منه إليهم واحدا بعد واحد، فلما مضى الحسين بن علي صارت في واحد من أولادهما إلى علي بن الحسين والحسن بن الحسن لا يخلو*من أحدهما إلا أنهم لا يعلمون أيا من أي، و*أن الإمامة بعدهما في أولادهما، فمن ادعاها من ولد الحسين بن علي و*من ولد علي بن الحسين و*زعم أنها لولد الحسين بن علي دون ولد الحسن بن الحسن، فإن إمامته باطلة و*أنه ضال مضل هالك، و*أن من أقر من ولد الحسين و*الحسن أن الإمامة تصلح في ولد الحسن و*الحسين و*من رضوا به و*اتفقوا عليه و*بايعوه جاز أن يكون إماما، و*من أنكر ذلك منهم و*جعلها في ولد أحد منهما لا يصلح للإمامة، و*هو*عندهم خارج من الدين. و*بعد مضي الحسين بن علي لا تثبت (الإمامة لمن ادعاها من ولد الحسن أو*الحسين) إلا باختيار ولد الحسن و*الحسين وإجماعهم على رجل منهم و*رضاهم به و*خروجه بالسيف، و*يجوز أن يكون منهم أئمة عداد في وقت واحد لكنهم أئمة دعاة إلى الإمام الرضا منهم، و*أن الإمام الذي إليه الأحكام و*العلوم يقوم مقام رسول الله و*هو*صاحب الحكم في الدار كلها و*هو*الذي يختاره جميعهم و*يرضون به و*يجمعون على ولايته، وجميع فرق الزيدية مذاهبهم في الأحكام و*الفرائض و*المواريث مذاهب العامة.
(فرق الشيعة بعد استشهاد الإمام علي عليه السلام) [2]
فلما قتل عليٌّ صلوات الله عليه افترقت (الفرقة الأولى منها) التي أثبتت له الإمامة له من الله و*رسوله فرضا واجبا فصاروا فرقا ثلاثة:
1ـ فرقة منها قالت أن عليا لم يقتل و*لم يمت و*لا يموت حتى يملك الأرض و*يسوق العرب بعصاه و*يملأ الأرض قسطا و*عدلا، كما ملئت ظلما وجورا، و*هي أول فرقة قالت في الإسلام بالوقف بعد النبي من هذه الأمة، وأول من قال منها بالغلو*و*هذه الفرقة تسمى السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، وهو*عبد الله بن وهب الراسبي الهمداني و*ساعده على ذلك عبد الله بن حرس وابن أسود، و*هما من أجلة أصحابه، و*كان أول من أظهر الطعن على أبي بكر وعمر و*عثمان من الصحابة و*تبرأ منهم، و*ادعى أن عليا عليه السلام أمره بذلك، وأن التقية لا تجوز و*لا تحل، فأخذه علي فسأله عن ذلك ؟ فأقر به، و*أمر بقتله، فصاح إليه الناس من كل ناحية يا أمير المؤمنين أتقتل رجلا يدعو*إلى حبكم أهل البيت و*إلى ولايتك و*البراءة من أعدائك ؟ فسيره عليٌّ إلى المدائن، و*حكى جماعة من أهل العالم: أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم و*والى عليا، وكان يقول و*هو*على يهوديته في يوشع بن نون وصي موسى بهذه المقالة، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله في عليٍّ بمثل ذلك، و*هو*أول من شهد بالقول بفرض إمامة علي بن أبي طالب، و*أظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه و*أكفرهم، فمن ها هنا قال من خالف الشيعة أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية، و*لما بلغ ابن سبأ و*أصحابه نعيَ عليٍّ و*هو*بالمدائن و*قدم عليهم راكب فسأله الناس، فقال ما خبر أمير المؤمنين ؟ قال: ضربه أشقاها ضربة قد يعيش الرجل من أعظم منها ويموت من وقتها، ثم اتصل خبر موته فقالوا للذي نعاه: كذبت يا عدو*الله! لو*جئتنا و*الله بدماغه ضربة، فأقمت على قتله سبعين عدلا ما صدقناك، و*لعلمنا أنه لم يمت و*لم يقتل، و*أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، و*يملك الأرض، ثم مضوا من يومهم حتى أناخوا بباب علي فاستأذنوا عليه استئذان الواثق بحياته الطامع في الوصول إليه، فقال لهم من حضره من أهله و*أصحابه و*ولده، سبحان الله أما علمتم أن أمير المؤمنين قد استشهد ؟ قالوا: إنا لنعلم أنه لم يقتل و*لا يموت حتى يسوق العرب بسيفه وسوطه كما قادهم بحجته و*برهانه، و*أنه ليسمع النجوى و*يعرف تحت الديار المقفل و*يلمع في الظلام كما يلمع السيف الصقيل الحسام، فهذا مذهب السبئية و*مذهب الحربية و*هم أصحاب عبد الله بن عمر بن الحرب الكندي في علي عليه السلام، و*قالوا بعد ذلك في علي أنه إله العالمين و*أنه توارى عن خلقه سخطا منه عليهم و*سيظهر.
2ـ و*فرقة قالت بإمامة محمد بن عليّ بن أبي طالب ابن الحنفية بعد علي لأنه كان صاحب راية أبيه يوم البصرة دون أخويه الحسن و*الحسين عليهما السلام، فسموا الكيسانية و*هم المختارية، و*إنما سُمُّوا بذلك لأن رئيسهم الذي دعاهم إلى ذلك المختار بن أبي عبيدة الثقفي، و*كان لقبه كيسان، و*هو*الذي طلب بدم الحسين بن علي و*ثأره حتى قَتَلَ قَتَلَتَهُ و*من قدر عليه ممن حاربه، وقتل عبيد الله بن زياد و*عمر بن سعد و*ادعى أن محمد بن الحنفية أمره بذلك، و*أنه الإمام بعد أبيه... و*هؤلاء ساقوا الإمامة بعده إلى ابنه عبد الله أبي هاشم و*بعده إلى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس.
3ـ و*فرقة لزمت القول بإمامة الحسن بن علي بعد أبيه إلا شرذمة قليلة منهم فإنه لما وادع الحسن بن علي معاوية و*أخذ منه المال الذي بعث له إليه على الصلح أزروا على الحسن و*طعنوا فيه و*خالفوه و*رجعوا عن إمامته و*شكوا فيها و*دخلوا في مقالة جمهور الناس، و*بقي سائرهم على القول بإمامته إلى أن قتل صلوات الله عليه. فقالوا بإمامة أخيه الحسين بن علي فلم يزالوا على ذلك حتى قتل الحسين، فلما قتل الحسين حارت فرقة من أصحابه و*قالوا: قد اختلف علينا فعل الحسن و*فعل الحسين، لأنه إن كان الذي فعله الحسن حقا واجبا صوابا من موادعته معاوية و*تسليمه الخلافة له عند عجزه عن القيام بمحاربته مع كثرة أنصار الحسن و*قوته فما فعله الحسين من محاربته يزيد بن معاوية مع قلة أنصار الحسين وضعفهم و*كثرة أصحاب يزيد حتى قتل و*قتل أصحابه جميعا، خطأ باطل غير واجب، فشكوا لذلك في إمامتهما فدخلوا في مقالة العوام و*مذاهبهم و*بقي سائر الناس أصحاب الحسين على القول بإمامته حتى مضى. فلما مضى افترقوا بعده ثلاث فرق:
فرقة قالت بإمامة محمد بن عليّ بن أبي طالب بن الحنفية و*زعمت أنه لم يبق بعد الحسن و*الحسين أحد أقرب إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب من محمد ابن الحنفية فهو*أولى الناس بالإمامة كما كان الحسين أولى بعد الحسن من ولد الحسن، فمحمد هو*الإمام بعد الحسين. و(منهم) فرقة قالت أن محمد بن الحنفية هو*الإمام المهدي و*هـو*وصيُّ عليّ، ليس لأحد من أهل بيته أن يخالفه و*لا يخرج عن إمامته و*لا يشهر سيفه إلا بإذنه، و*إنما خرج الحسن إلى معاوية محاربا له بإذنه، و*وادعه و*صالحه بإذنه، و*خرج الحسين إلى قتال يزيد بن معاوية بإذنه، ولو*خرجا بغير إذنه هلكا و*ضلا، وهم المختارية الخلص و*يدعون الكيسانية وهم يقولون بالتناسخ و*يزعمون أن الإمامة جرت في علي ثم في الحسن ثم في الحسين ثم في ابن الحنفية و*معنى ذلك أن روح الله صارت في النبي و*روح النبي صارت في علي و*روح علي صارت في الحسن (و*هكذا روح كل إمام تحل في الذي بعده)... و*يزعمون أن الصلاة في اليوم و*الليلة خمس عشرة صلوة كل صلوة سيع عشرة ركعة و*كلهم لا يصلون!
و*زعم صنف منهم أنهم ( أي الأئمة ) أربعة أسباط بهم يسقى الخلق الغيث و*يقاتل العدو*و*تظهر الحجة و*تموت الضلالة، من تبعهم لحق و*من تأخر عنهم محق، و*إليهم المرجع و*هم كسفينة نوح من دخلها صدق و*نجا و*من تأخر عنها غرق.. ][3]
و*الفرق القائلة بإمامة محمد بن الحنفية كثيرة و*صارت طوائف عديدة لكل طائفة مقالة، فصل الأشعري في ذكرها نختصر منها ما يلي:
[ منها طائفة قالت بإمامة عبد الله بن عمرو*بن حرب الكندي الشامي بعد أبي هاشم بن محمد بن الحنفية و*قالت بالغلو*والتناسخ، و*فرقة قالت أن محمد بن الحنفية حي لم يمت بل غاب عن الأنظار و*هو*مقيم في جبال رضوى بين مكة و*المدينة.. و*أنه سيرجع و*يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما و*جورا، وجماعة منهم قالوا بالرجعة إلخ..
و*جماعة صاروا من أصحاب أبي الخطاب محمد بن أبي زينب الأجدع الأسدي و*زعموا أنه لا بد من رسولين في كل عصر و*لا تخلو*الأرض منهما: واحد ناطق و*آخر صامت، فكان محمد صلى الله عليه وآله ناطقا و*علي صامتا، وتأولوا في ذلك قول الله: ثم أرسلنا رسلنا تترى، ثم ارتفعوا عن هذه المقالة إلى أن قال بعضهم هما آلهة، ثم إنهم افترقوا لما بلغهم أن جعفر بن محمد عليه السلام لعنهم ولعن أبا الخطاب و*برئ منه و*منهم، فصاروا أربع فرق، فرقة منهم قالت أن جعفر بن محمد هو*الله و*أن أبا الخطاب نبي مرسل أرسله جعفر و*أمر بطاعته! وأباحوا المحارم كلها من الزنا و*اللواط والسرقة و*شرب الخمور... و*من أتباع أبي الخطاب سموا المخمسة لأنهم زعموا أن الله عز و*جل هو*محمد و*أنه ظهر في خمسة أشباح و*خمس صور مختلفة أي ظهر في صورة محمد و*علي و*فاطمة والحسن و*الحسين، و*زعموا أن أربعة من هذه الخمسة تلتبس لا حقيقة لها والمعنى شخص محمد و*صورته لأنه أول شخص ظهر و*أول ناطق نطق، لم يزل بين خلقه موجودا بذاته يتكوَّن في أي صورة شاء، يظهر لخلقه في صور شتى من صورة الذكران و*الإناث و*الشيوخ و*الشباب إلخ... و*زعموا أن محمدا ( أي تلك الحقيقة المحمدية الإلهية التي كانت أول شخص ظهر و*أول ناطق نطق!) كان آدم و*نوح و*إبراهيم و*موسى و*عيسى، لم يزل ظاهرا في العرب و*العجم، وكما أنه في العرب ظهر كذلك هو*في العجم ظاهر في صورة غير صورته في العرب، في صورة الأكاسرة و*الملوك الذين ملكوا الدنيا و*إنما معناهم محمد لا غيره تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. و*أنه كان يظهر نفسه لخلقه في كل الأدوار والدهور، و*أنه تراءى لهم بالنورانية فدعاهم إلى الإقرار بوحدانيته، فأنكروه، فتراءى لهم من باب النبوة و*الرسالة فأنكروه، فتراءى لهم من باب الإمامة فقبلوه، فظاهر الله عزوجل عندهم الإمامة و*باطنه الله الذي معناه محمد... و*له باب هو*سلمان...[4] ( إلى آخر خرافاتهم ) ]. ثم قالا:
تعليق