ما خـاب
من
استخار
تأليف
السيد محمد علي الحسيني
إلى كلِّ المؤمنين الموالين
إلى أهل التعقُلِّ والمستخيرين
إلى شيعة آل يس المنتظرين
التمسهم الدعاء
خصوصاً بعد مجلسكم
محمد علي الحسيني
الاءهداء
المقدمة:
السلام علي آل يس
والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمدبن عبد الله (ص)، منقذ البشرية وخاتم الانبياء والرسل،وصلِّ اللهم علي أئمة المسلمين من عليّ أمير المؤمنين إلىالحسن والحسين (ع) والتسعة من ولد الحسين(ع) وآخرهمالقائم المنتظر ارواحنا فداه.
وبعد:
فاءن الخيرة أو الاءستخارة من السُّنن الاءسلامية الّتي لاقت رواجاً كبيراً عند عامّة المسلمين، لكن للاسفالشديد فالبعض منهم بسبب عدم اءدراكهم وفهمهم الصحيحلطريقة الاءستخارة الصحيحة، وبمجرد وقوع أمرٍ ما ومندون تأنٍ وتفكير وتشاورٍ مع الا´خرين، فتارةً يلجؤون إلىاحد العلماء، وأُخري يقومون بأنفسهم بفتح القرآن أوالامساك بالسبحة لاخذ الاءستخارة، وكلُّ هذا قد يكونبدون مراعاة مقدِّماتها وشروطها واوقاتها وآدابها، بل عدمتقيُّد البعض من هؤلاء بنتيجتها، فاءن كانت موافقة ومطابقةلمصالحهم أو لمنافعهم الظاهرية عملوا بها، واءن كانالعكس ضربوها عرض الحائط .
فمن هنا نشأت حاجة تأليف هذا الكُتيب الّذي اُريد أناسعي من خلاله إلى البحث في هذه الاُمور، لعلّي أستطيعأن اضع منهجاً صحيحاً للاءستفادة من الاءستخارة وتقويمالاعوجاج، وتصحيح الافكار، عبر البحوث التالية:
1. تعريف الاءستخارة وتشريعها والحكمة منها.
2. أنواعها وكيفيتها .
3. فوائدها.
4. مخالفتها وتكرارها.
5. شروطها وآدابها ودعاؤها واوقاتها.
6. اءستخارة الائمة(ع) والعلماء .
فأسال الله العلي العظيم أن يمدّني ويسدّدني وينوّربصيرتي ويسلّط قلمي، ويعمّم أفكاري ويهديني السبيللتبليغ الدين، وقضاء حوائج المؤمنين، فنعم المولي أنت ياربّي ونعم النصير.
والسلام علي آل يس
والحمد لله رب العالمين
قم المقدسة
بجوار مولاتنا فاطمة المعصومة (س)
محمد علي الحسيني
www.banihashem.org
www.alhusseiny.org
لبنان: 009613961846
009613804079
المبحث الاوّل
الخيرة
تعريف :
لغة: الخيرة الاءسم من قولك: خار الله لك في هذاالامر .
والاءستخارة: طلب الخيرة ـ يقال: استَخِرْ اللهَ يَخِرْلَكَ.
اءصطلاحاً:
فاءن للاءستخارة معنيان هما:
أ. طلب الخيرة من الله تعالي ، وهذا هو المعنيالعام، وهو دعاء مستحب في كلِّ اعمال الاءنسان الّتي يطلبفيها الخير من الله، وقد أعطي الله سبحانه وتعالي هذا النوعمن الاءستخارة أهمية واضحة عندما قال:
( قُلْ مَا يَعْبَاُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاوُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَيَكُونُ لِزَامًا).
ويُؤكّد هذا المعني ما جاء عن محمّد بن خالد
القسري عندما سأل أبا عبد الله (ع) «عن الاءستخارة»
فقال (ع) :
«أي يطلب منه تعالي أن يصلح الاُمور وأن يجعلفي الاصلح» .
ب. والمعني الثاني هو أنّ الاءنسان الّذي يحتار
في موضوع معين، إلى درجة لا يستطيع عقله الناقص
من اءرشاده إلى الخير أو الشرّ، بل حتّي استشارة العقلاءالا´خرين لا تفيده، ويصل بالتالي إلى حالة من الضياع لايعرف ماذا يفعل . فيستخير الله علي هذا الامر، أو العملالمحدد الذي يريد فعله. وهذا هو المعني الخاصللاءستخارة.
يقول المرجع الكبير السيِّد محمد سعيد الحكيم(حفظه الله):
«المراد ـ من الاءستخارة ـ الاءبتهال منه جلَّ شأنه فيأن يختار للعبد في ذلك الامر الّذي يريد أن يقدم عليه ماهو الخير له».
ويقول أيضاً آية الله العظمي الشيخ جواد التبريزي«حفظه الله» :
«الاءستخارة هي المشورة من الله تعالي في موردالتحيُّر وعدم الوثوق بالخير، في الفعل أو الترك » .
وقول السيِّد القائد الاءمام علي الخامنئي «أعزّه الله» :
«الاءستخارة عند التردُّد والحيرة حيث لا يقدرالشخص المتحيّر علي اتخاذ القرار» .
علي العموم، المحصّل من الكلام أن للاءستخارةمعنيين:
الاوّل: معني الدعاء وطلب الخير من الله لعامة الاُمور.
الثاني: طلب المشورة من الله لامرٍ محدّد قد تحيّر فيهالاءنسان بين الفعل والترك .
تشريع الخيرة
المبحث الثاني
تشريعها
ذهب أكثر الفقهاء إلى شرعيتها، وكثير منهم قال: هيمُستحبة اءستناداً إلى الروايات والاخبار الّتي تدل عليأصل تشريع الاءستخارة، أذكر منها:
أ. عن جابر بن عبد الله الانصاري أنّه قال: «كانرسول الله (ص) يعلّمنا الاءستخارة كما يعلّمنا السورة منالقرآن».
ب. عن عبد العظيم الحسني عن محمد بن علي بنموسي عن أبيه عن أبائه عن أمير المؤمنين (ع) انّه قال:«بعثني رسول الله (ص) وهو يوصيني: يا عليُّ، ما حار من استخار، ولا ندم من استشار» .
ج. عن هارون بن خارجة عن الاءمام الصادق (ع) انّهقال:
«من ا ستخار الله راضياً بما صنع الله له خر اللهُ لَهُحتماً» .
إلى غيرها من الروايات والاخبار الّتي يستدل بها عليتشريع الاءستخارة من خلال مدلول الروايات الّتي تفيد تعليمرسول الله (ص) لاصحابه الاءستخارة، وتوصيته لاميرالمؤمنين (ع)، وحثّ الائمّة علي فعلها، ممّا يفيد القطعواليقين علي مشروعيتها.
وأنقل بعض ما جاء عن تشريع استحباب الاءستخارةفي آراء الفقهاء، مما يزيد لنا اليقين في تشريعها: قالصاحب الحدائق (ره) :
«المستفاد من الاخبار استحباب الاءستخارة لكلشيء، بل يستفاد استحبابها حتّي في العباداتالمندوبات». وجعل صاحب الوسائل الحر العاملي (ره)عنوان الباب الاوّل من استحباب صلاة الاءستخارة هكذا:«باب استحبابها حتّي في العبادات المندوبات» .
حكمة تشريعها:
الحكمة الظاهرية في تشريع الاستخارة واضحة، وهيرفع حيرة المستخير واءيجاد العزم فيه علي الفعل أو الترك،وهو مؤثِّر في حياة الاءنسان، لانَّ التردُّد والتذبذب يوجبانالاضطراب والملل النفسيَّين.
ولعلَّ الحكمة الواقعية هي تقوية روح التوكُّل علي اللهعزّ وجلّ والتسليم لامره، والرِّضا بما يختاره.
المبحث الثالث
أنواع الاءستخارة وكيفيتها
الاءستخارة ليست علي نوعٍ واحد، بل لها عدُّة أنواعصورها في الشريعة السمحاء وطرقها كثيرة، نذكرهابالتفصيل:
1. الاستخارة القلبية:
وهي نوع من الارتباط القلبي مع الله، لانَّ الاءنسانبعد الاءستخارة بالدعاء، ولكي يصل إلى راحة البال، فاءنّه
يلجأ إلى الله بقلب سليم ويتضرّع إلىه بطلب الخير
والتوفيق والرّشاد، ثمَّ يعود ليسأل قلبه، عن
الاختيار الصحيح، فيري نفسه أشدّ عزماً وأكثر رغبة
في الاختيار الصحيح، ذلك نتيجة جواب الاستخارة
القلبية. ونستدلُّ علي طريقتها بعدّة روايات .
أ. عن رسول الله (ص) قال:
«يا أنس، اءذا هممت بأمر ما، استخر ربّك فيه سبعمرّات، ثم انظر إلى الّذي يسبق إلى قلبك، فاءن الخيرةفيه». يعني: افعل ذلك.
ب. عن الاءمام الصادق (ع): «اءذا عرضت لاحدكمحاجة فليستشر الله ربّه، فاءن أشار عليه اتّبع، واءن لم يُشِرْعليه توقّف، قال الراوي: يا سيِّدي كيف اعلم ذلك؟ فقال(ع): تسجد عقيب المكتوبة وتقول مائة مرة:
اللهم خرلي، ثُم تتوسّل بنا، وتُصلِّي علينا وتستشفعبنا، ثُمَّ تنظر ما يلهمك تفعله فهو الّذي اشار عليك به».
يقول شيخنا الطوسي في كتابه «الاءقتصاد»: اءذا أرادالشخص القيام بأيِّ عمل، فمِنَ السُّنّةِ أن يفشل ويصلّيركعتين، وبعدها يسجد ويقول مائة مرة:
«استخير الله تعالي في جميع أُموري كلّها خيرةً فيعافية»، ثمّ يعمل بما ألهم في قلبه».
ج. وقد أخرج الكليني والطوسي والطبرسي وابنطاووس ـ رحمة الله عليهم ـ بسند صحيح عن ابن اسباطقال:
دخلت علي أبي الحسن الرِّضا (ع)، فسألته عنالخروج في البرِّ والبحر إلى حصر، فقال لي:
«أئت مسجد رسول الله (ص) في غير وقت صلاة،فصلِّ ركعتين، واستخر الله مائة مرّة، فانظر ماذا يقضيالله» .
فهذه طريقة الاءستخارة القلبية، أي النوع الاوّل منالاءستخارة .
2. الاءستخارة بالمشاورة:
وهي تعني أن يستشير الاءنسان اءخوته المؤمنين، ذويالحكمة والصلاح، فيما يخص خيره وصلاحهُ، ولكن بعدالدعاء وطلب الخير من الله، لانّه هو الرحمان الرحيم،والعالم بخير الاءنسان وشرِّه، والقادر علي اءعطاء النصحية لهعلي لسان اءنسان آخر .
وقد جاء ذكر هذا النوع من الاءستخارة في عدَّة كُتبكالمحاسن للبرقي ومعاني الاخبار للصدوق وفتحالابواب لابن طاووس .
وقد وردت فيها عدّة روايات منها:
أ. عن الاءمام الصادق (ع):
«اءذا أراد أحدكم أمراً فلا يستأمر أحداً حتّي يشاورالله تبارك وتعالي فيه، قلنا: وكيف يشاور ؟
قال: يستخير الله فيه أوّلاً، ثُم يشاور فيه، فاءذا بدأ باللهأجري الله الخيرة علي لسان من أحبَّ من الخلق».
ب. وجاء في كتاب مكارم الاخلاق للطبرسي عنالاءمام الصادق (ع) :
«اءذا أردت أمراً فلا تشاور فيه أحداً حتّي تشاورربّك.
قال: قلت: وكيف أُشاور ربّي؟
قال: تقول: «استخير الله» مائة مرة، ثُم تشاورالناس، فاءن الله يجري لك الخيرة علي لسان منأحبَّ».
ج. وأيضاً عنه (ع) :
«اءذا اراد أحدكم أن يشتري أو يبيع أو يدخل فيأمر، فليبتدي بالله ويسأله، قال: قلت: فما يقول؟:قال (ع): اللهم اءنّي أريد كذا وكذا، فان كان خيراً ليفي ديني ودنياي وآخرتي وعاجل أمري وآجله،فيسّره لي، واءن كان شرّاً في ديني ودنيايفاصرفه عنّي، ربّ اعزم لي علي رشدي، واءنكرهته وأبت نفسي .
ثم يشير عشرة من المؤمنين، فاءن لم يقدر عليكثرة ولم يصب اءلا خمسة فيستشير خمسةمرَّتين، فاءن لم يصب اءلاّ رجلين فليستشرهماخمس مرات، فاءن لم يصب اءلا رجلاً واحداًفَلْيستشِرْهُ عشر مرّات».
فهذه هي الاءستخارة بالمشاورة وكيفية طريقتها .
3. الاءستخارة بالقرآن:
يلجأ الاءنسان إلى الاءستخارة بالقرآن، عندما لا يحصلعلي الاطمئنان في القلب، حتّي بعد أن يقوم بالدعاء ويطلبالخير من الله، ويفكّر ويتشاور لكن دون جدوي، حينهايكون القرآن كتاب الله العزيز له مُنبيءٌ لاختيار اداء العملالافضل، وقد يكون اللُّجوء إلى الاءستخارة بواسطة القرآنابتداء بعد طلب الخير والصلاح من الله، بقراءة سورة التوحيدـ قل هو الله أحد ـ ويصلِّي علي محمد وآله 3 مرات، ويفتتحالقرآن كيف ما اتَّفق، ويقرأ السطر الاوّل من الصفحةاليمني، ويأخذ بالمدلول الظاهر للا´ية في خير، أو شرٍّ.
وقد روي اليسع القمي قال، قلت لابي عبد الله (ع)أريد الشّيء فاستخير الله فيه فلا يوفّق فيه الرأي، أفعله أوأدعه؟ فقال (ع) :
«انظر اءذا قمت إلى الصلاة، فاءنّ الشيطان أبعد مايكون من الاءنسان اءذا قام إلى الصلاة، أيّ شيء وقع فيقلبك فخذ به، وافتح المصحف وانظر أول ورقة ماتري، وخذبه اءن شاء الله تعالي ».
وهذه أسهل طريقة للاءستخارة بالقرآن .
4. الاءستخارة بالرقاع:
هذه الاءستخارة لها مكانة خاصة ومميَّزة لديالعلماء، وهي قليلة الاءستعمال عند عامَّة الناس.
طريقتها:
هي ستُّ أوراق صغار، تكتب علي (3) أوراق اءفعل،
و (3) أوراق لا تفعل، مع البسملة، وتكتب معها هذه
الجملة «خيرة من الله العزيز الحليم لفلان ابن فلان، ثمَّالصلاة ركعتين تقرباً إلى الله، والسجود بعدهما مع القول مئةمرّة:
استخير الله برحمته خيرة بعافية، ثم الجلوس، ويقول:اللهمَّ اختر لي في جميع أُموري يسراً منك، وعافية، ثميُخرج المصلِّي الاوراق من تحت مصلاّه واحدة فواحدة، فاءنتوالت الثلاث ب: افعل فهي خير محض، واءن توالت ب : لاتفعل فهي شر محض، واءن تنوَّعت بين اءفعل ولا تفعل،أخرج خمس أوراق، والترك السادسة، فاءن كانت 3 اءفعل و 2لا تفعل فخير، والعكس بالعكس .
فهذه هي الاءستخارة ذات الرقاع وطريقتها.
5. الاءستخارة بالسبحة:
وهي أن يصلّي المستخير علي محمَّد وآله 3 مرات،ثم يقبض مجموعة من الحبَّات، ويُعِدُّ اثنتين اثنتين، فاءنبقيت واحدة فافعل، واءن بقيت اءثنتان فلا تفعل.
قيل: اءنّ هذه الاءستخارة مروية عن الاءمام الصادق(ع). وعن العلاّمة المجلسي، عن والده، عن شيخه البهائي:أنّه قال: سمعنا ذلك مذاكرة من مشايخنا عن القائم (عج). ومثله أو قريب في مفتاح الكرامة.
ولعل مجموع الاخبار حولَ هذه الاءستخارة في كلمعدود يمكن الاءستكشاف به عن الجودة والرداءة، وبالنسبةللمسبحة لا يعتبر بها عدد مخصوص كالمائة .
أدعية الاءستخارة:
1. دعاء لطلب الخيرة: (من) ادعية السّر: يا محمَّدَ مَنهم بامرينِ فأحبَّ ان اختارَ ارضاهما إلىّ، فأُلزمه اءيّاه، فليقلحين يريد ذلك:
اللهمّ اختَرْ لي بعلمِكَ ما ترضاهُ ووَفقني بِعلمِكَ لِرِضَاكَومَحَبتِكَ اللهمّ اخترْ لي بقُدرَتِكَ كلّ خيرِ وجَنبني بِعزّتِكَمَقْتَكَ وسَخَطَكَ، اللّهمّ فاخترْ لي مَا أريدُ من هذَينِ الامرَين
(وتُسمِّيهما)، أحَبَّهُما إلىكَ وأرضَاهُما لَكَ وأقرَبَهُما مِنْكَ،اللّهُمَ اءنِّي أسألكَ بالقُدْرَةِ الّتي زَوَيتَ بها عِلْمَ الاشيَاء عَنْجَمِيعِ خَلْقِكَ أنْ تُصلّي علي مُحمّدٍ وآل مُحمّد، وأغلِب باليوَهَوَاي وَسريرتي وعلانيتي، بأخذِكَ، واسفع بناصيتي إلى ماتراه لك رضيً ولي صلاحاً فيما استخيرك، حتّي تلزمني منذلك أمراً أرضي فيه بحكمك، وأتّكلُّ فيه علي قضائك،وأكتفي فيه بقدرتك، ولا تقلبني وهواي لهواك مخالفٌ، ولاأريدُ لما تريد لي مجانب، اءغلب بقدرتك الّتي تقضي بها ماأحببت بهواك، ويسِّر لي لليسري الّتي ترضي بها عنصاحبها، ولا تخذلني بعد تفويضي إلىك أمري برحمتك الّتيوسعت كلّ شيءٍ، اللهمُ أوقِعْ خِيرَتَك فيَّ، وافتح قلبيلِلُزومها يا أكرمَ الاكرمين. فاءنّه اءذا قال ذلك اخترتُ له منافعهفي العاجل والا´جل.
2. دعاء وصلاة لطلب الخيرة.
عن المفيد في الرسالة الغرية: صلاة الاستخارة ركعتان
بالفاتحة وما شاء، والقنوت، فاءذا سلَّم قال بعد حمد الله تعاليوالثناء عليه والصلاة علي النبي (ص): اللهمّ اءنِّي أستخيركبعلمك وقدرتك، وأستخيرك بعزّتك، أسألك من فضلك فاءنّكتقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علاّم الغيوب، اللهمّ اءنكان هذا الامر الّذي عرض لي خيراً في ديني ودنيايوآخرتي فيسِّرهُ، وبارك لي فيه، وأعنِّي عليه، واءن كان شرّاًلي فاصرفه عنّي واقض لي الخيرَ حيثُ كان، ورضّني بهحتّي لا أُحِبَّ تعجيلَ ما أخّرت ولا تأخير ما عجّلت، يا أرحمَالراحمين، وصلَّي الله علي مُحمّدٍ وآلهِ الطاهرين.
3. دعاء وصلاة لطلب الخيرة:
(روي) في مكارم الاخلاق هذه الصلاة للاءستخارة بمايقرب من ذلك، مع بعض الاختلاف فقال: عن جابر بن عبدالله كان رسول الله (ص) يعلِّمنا الاستخارة كما يعلِّمنا السورةمن القرآن، يقول: اءذا همَّ احدكم بأمر فليركع ركعتين من غيرالفريضة ثم ليقل: اللهمّ أستخيرك بعلمك، واستقدركبقدرَتِك، وأسألك من فضلك العظيم، فاءنّك تقدرُ ولا أقدرُ
وتعلمُ ولا أعلمُ وأنت علاّم الغيوب، اللهمّ اءن كنت تعلم أنّهذا الامر (وتسمِّيه) خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعافية أمريفأقدره لي، ويسّرهُ وبارك لي فيه. واءنّ كنت تعلم أنّه شرٌّ ليفي ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنهواقدر لي الخير حيثُ ما كان ورضِّني به. (وعن الباقر (ع))ليجعل احدكم مكان قوله: اللهمَّ اءنّي استخيركُ برحمتكواستقدرك الخير بقدرتك عليه؛ لانَّ في قوله اللهم اءنّياستخيرك بعلمك... الخ، للخير والشرّ (الحديث).
4. دعاء آخر لطلب الخيرة مروي عن أمير المؤمنينعلي (ع) :
ما شاء الله كان، اللهمّ اءنِّي استخيرُك خيار من فوَّضَإلىك أمرَهُ وأسلم إلىك نفسَهُ، واستسلم إلىك في أمرهِ وخلالك وجهه، وتوكّل عليك فيما نزل به، اللهم خر لي ولا تخرِعليّ وكُن لي ولا تكن عليّ وانصرني ولا تنصر علي، وأعنّيولا تعن عليّ، وأمكنّي ولا تمكِّن مني، واهدني الي الخيرولا تضلّني، وأرضني بقضائك وبارك لي في قدرك اءنّكتفعل
ما تشاء وتحكم ما تريد، وأنت علي كلّ شيءٍ قديرٌ، اللهم اءنكان لي الخيرة في أمري هذا في ديني ودنياي وعاقبةأمري فسهّلهُ لي، واءن كان غير ذلك فاصرفه عنِّي، يا أرحمالراحمين اءنّك علي كلّ شيءٍ قديرٌ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
5. دعاء زين العابدين (ع) في الاستخارة وهو منادعية الصحيفة :
اللهم اءني استخيرك بعلمك، وأستكفيك بقدرتك،فصلّ علي محمد وآلهِ واقض لنا بالخيرة، وألهمنا معرفةالاختيار، وأجعل ذلك ذريعة إلى الرضا بما قضيتَ، والتسليملمِا حكمتَ، فأزِحْ عنّا ريبَ الاءرتيابِ، وأيِّدنا بيِقينِالمُخلصين، ولا تسُمْنا عَجزَ المَعرِفَةِ عمَّا تخيَّرت، فنغمطقدرَكَ، ونكرَهَ موضِعَ رِضاكَ ونجنَحَ إلى الّتي هي أبعدُ منحُسنِ العاقِبَةِ، وأقربُ إلى ضدّ العافَيِةِ. حبّب إلىنا ما نكرَهُ منقضائِكَ، وسهِّل علينا ما نستصعِبُ مِن حُكمِكَ وألهِمْناالانقيادَ لمِا أورَدْتَ علينا من مَشيئَتِكَ، حتّي لا نُحِبَّ تأخيرَما عجَّلتَ ولا تَعجيلَ ما أخَّرتَ، ولانكرهُ ما أحبَبتَ ولا
نتخيرُ ما كَرِهتَ، واختم لنا بالتي هي أحمدُ عاقبةً، وأكرمُمصيراً، اءنّك تُفيدُ الكَريمَةَ وَتُعطي الجسيمَةَ وَتفعَلُ ما تُريدُ،وأنت علي كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ.
6. دعاء آخر لطلب الخيرة، مرويٌّ عن الرِّضا عن ابيهعن جدِّه (ص) .
قال من دعا بهذا الدعاء، لم ير في عاقبة امرهِ اءلاّ ماهو يُحبُّ، وهو :
اللهمّ اءنَّ خيرتك تنيل الرغائبَ، وتجزلُ المواهِبَ،وتطيّبُ المكاسِبَ، وتُغنِمُ المطالِبَ، وتهدي إلى أحمَدِالعواقِبِ، وتقي من محذور النَّوائبِ. اللهم اءني استخيرُكَ فيماعَقَدَ عَلَيهِ رأيي وقادني إلىه هواي، فأسألك يا ربّ أن تسهّلَلي مِن ذلِكَ ما تَعسَّرَ. وأن تُعجّل من ذلِكَ ما تيسَّرَ، وأنتعطيني يا ربِّ الظَّفَرَ فيما استخرتُكَ فيهِ، وعوناً في الاءنعامفِيما دُعوتُكَ، وأن تجعلُ يا ربّ بُعدَهُ قرباً، وخوفَهُ أمناًومحذورَهُ سلِماً فاءنّك تعلَمُ ولا أعلَمُ، وتَقدِرُ ولا أقدِرُ، وأنتعلاّم الغيوب. اللهم اءن يَكُن هذا الامرُ خَيراً لي في عاجِلِ
الدُّنيا والا´خِرَةِ فَسَهِّلْهُ لي ويَسِّرْهُ عَلَيّ، واءنْ لم يَكُن فاصرِفْهُعَنِّي واقدر لي فيهِ الخَيرَ، اءنّك علي كُلِّ شيءٍ قديرٌ يا أرحمَالراحِمينَ.
7. دعاء آخر لطلب الخير مروي عن الرضا (ع) وهو منادعية الوسائل إلى المسائل :
اللهم اءنّ خيرتك فيما أستخرتك فيه تنيل الرغائِبَ،وتُجزلُ المواهِبَ، وتُغنِمُ المطالِبَ، وتُطيِّبُ المكاسِبَ،وتَهدي إلى أجمَلِ المذاهِبِ، وتسوق إلى أحمَدِ العواقِبِوَتَقي مَخوفَ النوائِبِ. اللهم اءنّي أستخَيركَ فيما عَزَمَ رأييعليهِ، وقادني عقلي إلىه، فسَهِّل اللّهُمَّ منِهُ ما تَوَعَّرَ ويَسِّرْ منهُما تَعسَّرَ واكفِني فيهِ المُهِمَّ، وادفَعْ عَنِّي كُلَّ مُلِمٍّ واجعل رَبّعواقِبَهُ غُنْماً، ومخوفة سِلْماً وبُعدَهُ قُرْباً وجَدبَهُ خِصباً، وأرسِلاللّهُمَّ اءجابتي وأنجِحْ طَلِبَتي، واقضِ حاجَتي، واقطَع عَوائِقَهاوامنَع بَوائِقَها، وأعطِني اللهُمَّ لواءَ الظَّفَرِ بالحيرةِ فيمااستَخرْتُكَ، وَوُفورِ الغُنْمِ فيما دَعوُتُكَ وعوائِدَ الاءفضالِ فيمارَجوتُكَ، واقرِنهُ اللّهمَّ ربِّ بالنجاحِ وحُفَّهَ بالصلاح، وأرنِي
أسبابَ الخِيرَة واضِحَةً، وأعلامَ غُنمِها لائِحَةً، واشدد خناقَتَعَسُّرِها، وأنعش صريعَ تيسُّرها، وبَيّن اللهمَّ مُلتَبِسَها وأطلقمُحتَبِسَها، حتّي تكون خيرةً مقبلةً بالغُنم، مُزيلَة للغرمِ عاجِلَةالنفعِ باقِيةَ الصنعِ، اءنَّكَ ولِيُّ المزيدِ مُبتديٌ بالجودِ.
8 . دعاء آخر يدعي به في الاستخارة والحاجة مرويعن القائم (ع) :
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهمّ اءنِّي أسألكَ باسمِكَالّذي عَزمتَ بهِ علي السَّمواتِ والارض، فَقُلَتَ لَهُما: ائتياطَوعاً أو كَرهاً قالتا: أتينا طائِعينَ، وأسألكَ باسمِكَ الّذيعَزمْتَ بهِ علي عَصا مُوسي فاءذا هِيَ تَلقَفُ ما يأفكونَ،وأسألُكَ بأسمِكُ الّذي صرَفْتَ بهِ قُلوبَ السَّحَرَةِ إلىكَ حتّيقالوا آمنّا بِربِّ العالَمينَ، وأسألُكَ بالقدرَةِ الّتي تُبلي بها كُلَّجَديدٍ وتُجَدّدُ بها كُلَّ بالٍ، وأسألُكَ بِكُلِّ حَقٍّ هُو لَكَ، وبِكُلِّحَقٍّ جَعَلتَهُ عَلَيكَ، اءنْ كانَ هذا الامرُ خَيراً لي في دينيوَدُنيايَ وآخِرَتي أن تصلِّي علي مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّدٍ وتُسَلِّمَعَلَيهِمَ تَسليماً، ولي وتُسَهّلهُ عليَّ وتلطُفَ لي فيهِ برَحمتِكَ يا
أرحَمَ الراحمين، واءن كانَ شراً في ديني وَدُنيايَ وآخِرَتي أنتصلِّي علي مُحَمّدٍ وآلِ مُحمَّدٍ وتُسلِّمَ عَلَيهِم تَسليماً، وأنتَصرِفَهُ عَنِّي بما شئِتَ، وكيفَ شِئتَ وتُرضيني بِقضائِكَوتُباركَ لي في قَدَرِكَ حتّي لا أُحِبَّ تَعجيلَ شيءٍ أخَّرتَهُ، ولاتأخِير شَيءٍ عَجَّلتَهُ، فاءنّهُ لا حَولَ ولا قُوَّةَ اءلا بِكَ، يا عَلِيُّ ياعَظِيمُ، يا ذا الجَلال والاءكرامِ.
9. الدعاء لطلب الخيرة:
ذكر ابن بابوية في كتاب من لا يحضره الفقيه عنالصادق (ع): انّه كان اءذا أراد شراء العبد أو الدابة أو الحاجةالخفيفة أو الشيء اليسير استخار الله تعالي سبع مرات، واءنكان أمراً جسيماً استخار الله تعالي مائة مرَّة (وعَنُه (ع)): مناستخار اللهَ مَرَّة واحدة وَهُو راضٍ بهِ خارَ اللهُ تعالي لَهُ حتماً.
10. دعاء آخر لطلب الخيرة:
ذكر الشيخ الطوسي في المصباح عنهم(ع): أنه مااستخار عبد سبعين مرَّة بهذه الاستخارة اءلا رماه الله تعاليبالخيرة، يقول :
يا أبصر الناظرين، ويا أسمع السامعين، ويا أسرعالحاسبين، ويا أرحم الراحمين، ويا أحكم الحاكيمن، صلّعلي محمّدٍ وأهل بيته، وخر لي في كذا وكذا.
11. وورد صلاة ركعتين بسورة الحشر والرحمن، ثُمقراءة المعوذتين والتوحيد، ثمَّ بعدها وهو جالس يقول:«اللهمّ اءن كان... كذا وكذا ـ ويسمِّي قصده ـ خيراً لي فيديني ودُنيايَ عاجل امري وآجله، فصلِّ علي محمد وآله،ويسّره لي علي احسن الوجوه وأجملها، اللهمّ وان كان... كذاوكذا شرّاً لي في ديني ودنياي ]وآخرتي[ وعاجل امريوآجله فصلِّ علي محمد وآله ]واصرفه عنّي، ربّ صلّ عليمحمد وآله [ واعزم لي علي رشدي، واءنْ كرهت ذلك أو ابَتْهُنفسي».
12. وورد ان يصوم الثلاثاء والاربعاء والخميس،ويصّلي يوم الجمعة في مكان نظيف ركعتين بتشُّهدوتسليم، ثم يقول مائة مرّة وهو ناظر إلى السماء: «اللهم اءنّياسألك بأنّك عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، اءنْ كانهذا الامر خيراً فيما احاط به علمك، فيسّره لي، وبارك ليفيه، وافتح لي به، وان كان ذلك لي شرّاً فيما أحاط بهعلمك، فاصرفه عنِّي بما تعلم ولا اعلمُ، وتقدِرُ ولا اقدِرُ،وتقضي ولا أقضي، وانتَ علاَّمُ الغيوب».
المبحث الرابع
فوائد الاءستخارة
لا شك ولا ريب أن الاءسلام عند ما يأمر أو يحثُّعلي الاءستخارة بلسان النبي (ص) وأهل بيته، ليس سويلاهميتها وفائدتها من حيث الاتصال أو تقوية الاءرتباطوالتوكل علي الله عزّوجلّ من جهة، ومن جهة أُخري لرفعالرّيب والشكّ والتردُّد عن المستخير، ببركة نور الهدايةالرّبانية. والعزم علي الترك أو الفعل مع التوكل علي اللهسبحانه تعالي :
(وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَي اللهِفَهُوَ حَسْبُهُ اءِنَّ اللهَ بَالِغُ اَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيئْ قَدْرًا) .
وننقل لكم بعض الروايات عن آل محمد(ع)، حيثتبيِّن لنا بعضاً من فوائد الاءستخارة:
1. الاءستخارة من أسباب السعادة الاءنسانية:
قال رسول الله (ص) :
«من سعادة ابن آدم اءستخارَتُهُ الله ورضاهُ بماقضي اللهُ».
علي اساس المعني العام للاءستخارة وهو طلب الخيرمن الله في كُلِّ الاحوال، وهو جيِّد ومستحبٌّ قبل البدء بأيِّعمل ؛ لاءنَّها سبب سعادة الاءنسان .
2. الاءيحاء لطريق الخير:
قال الاءمام الصادق (ع):
«... مَا مِن عَبدٍ مؤمنٍ يستخير الله في أمرٍ يُريدُهُمرةً واحدة، الا قَذَفهُ بخير الامرين».
فاءن الله عزوجل الكريم الوهاب، المعطي بلا حدود،عندما يجد عند العبد رغبة في الطلب إلى الخير والصلاحدون ممانعة في طلبها، فاءن الله عزوجل أيضاً لا يجد مانعاًفي تحقيق رغبة، فعلي ضوء هذا، اءن تضرع وتوسل وتدلكالعبد في الاءستخارة من صميم قلبه طلباً للرشاد فاءنهسبحانه وتعالي برشدهُ إلى سواء السبيل.
3. اءفتتاح الطريق للخير:
قال الاءمام الصادق (ع) :
«مَا اءستخار الله عزوجل عبد مؤمنً اءلا خار الله لهواءن وقع ما يكره».
فلعل وعسي أن يكون خيرُ الاءنسان فيما يكره وشرهفيما يُحب، لذلك يجب علي الاءنسان بعد طلب الخير منالله بالاستخارة، أن لا ينتظر تحقيق ما كان يرغب فيهوذلك لان الخير فيما أختار الله له دوماً، كما ذكر عزوجل فيكتابه:
(وَ عَسَي اَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ عَسَي اَنْتُحِبُّوا شَيْئاً وَ هُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَ اللهُ يَعْلَمُ وَ اَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ).
4. عدم الضياع والحيرة:
قال رسول الله (ص) :
«يا علي اءما حارَ من اءستخارَ ولا ندمَ مناءستشار».
فهذه وصية من وصايا رسول الله (ص) لاميرالمؤمنين علي (ع)، أثناء سفرِ إلى اليمن للدعوة إلى الاءسلامولاهمية وفائدة الامر الّذي ينوي الاءقدام عليه .
فلاءستمداد قوة القلب والاءلمام بالموضوع، فاءنالاءستخارة عين الصواب للخرودج والابتعاد عن الترددوالحيرة والشك وحصول اليقين .
5. الاءبتعاد عن الندم:
قال الاءمام علي (ع):
«ما نَدِمَ من استخار».
فاءنَّ أهم النتائج المحققة من الاءستخارة، قبل الاءقدامعلي أيِّ أمرٍ في أثناء القيام به، هو الاءطمئنان التاموالخالص من الشكّ والتردُّد والحيرة، والاءبتعاد عن الندم .
أقول: كما أنَّ للاءستخارة فوائد كذلك الاءجتناب عنهاله عواقب، وسنذكرُ بعض الروايات بهذا الصدد:
أ. الحرمان من الاجر الالهي:
قال الاءمام الصادق (ع):
«من دَخلَ في امرٍ بغير اءستخارة ثم ابتلي لميُؤجر».
ب. التعاسة والشقاء:
قال الاءمام الصادق (ع) :
«يقولُ الله عزوجلَّ: من شقاءِ عبدي أن يعملالاعمال ولا يستخيرني».
ج. التهلكة:
قال الاءمام علي (ع):
«اءستخر ولا تتخيَّر، فكم من تخيّر أمراً كان هلاكهفيه».
علي العموم فاءن الحرّ العاملي في كتابه جعل باباً خاصاًفيه كراهة الاعمال بغير استخارة، والروايات الموجودة تدلَّبصراحة علي كراهة العمل من دون اءستخارة، والاستخارةكما عرفت تارة تحمل علي معناها العام فهنا نقول: اءنّ ذلكمشكل، لانّه يعني: أنّ أغلب أعمالنا مبنية علي الكراهة. لذاتحمل علي الاءستخارة بالمعني الاخصّ فتحل المشكل .
المبحث الخامس
مخالفة الخيرة
الاءنسان المؤمن يعلم علم اليقين انَّ اللهَ سبحانهوتعالي ليس من صفاته ـ وهو ذو الرحمة الواسعة ـ أن يردَّعبداً طلب منه خيراً وصلاحاً فيمسك ويحجبه عنه .
لذا فعليه أن لا يبالي، بنتيجة الاءستخارة، فأن اللهسوف يختار له ـ طالما هو مؤمن ـ ما فيه خير وصلاح الدينوالدنيا والا´خرة .
أ. قال الاءمام الصادق (ع):
«ما أبالي اءذا اءستخرت الله، أي طرفيَ وقعتُ».
ب. وقال أيضاً (ع):
«من استخار الله راضياً بما صَنَعَ الله خار الله لهحتماً».
لذا فالاءطمئنان والتوكُّل علي الله وعدم المبالاةبنتيجة الاستخارة، أي الامرين وقع فهو شيء مطلوب،وكذلك عدم الاءعتراض علي نتيجة الاءستخارة ؛ لاءنّها اءتمامالله سبحانه وتعالي في قضائه وفضله وخيرهِ ورحمته.
قال الاءمام الصادق (ع):
«من ا ستخار اللهَ في امرهِ فعمل احدَ الامرينفعَرض في قلبه شيء، اتَّهم اللهَ في قضائهِ».
ج. وسئل أيضاً (ع): من ابغض الخلق إلى الله؟ قال(ع): من يتَّهم الله. قيل: واحَدٌ من يتَّهِمُ الله؟ قال (ع): نعم،اءن من استخار الله فجاءته الخيرة بما يكره فسخط، فذلكيتَّهم اللهَ» .
والاءعتراض علي نتيجة الاءستخارة له أسباب منها:
1. الشكُّ بحسن نية المشيئة الاءلهية بالخير، وهو فيالحقيقةِ اتّهام الله عزَّوجلَّ بِبخلِهِ بالخيرِ .
2. الشكُّ بعلم الاءله بالخير، وهو أيضاً اتَّهام اللهُعزَّوجلَّ بالجهلِ.
3. الشكُّ بعلم الله عزَّوجلَّ في اءيجاد الخير، وهو اتِّهامالله عزوجل بعجزه وعدم قدرته علي ذلك .
4. الشكُّ باهتمام الله بعبده، وعدم اءلتفاته إلىه، وهناأيضاً اتّهام الله عزَّوجلَّ بقلّة ونقصان الرحمة الاءلهية .
5. الاءستخفاف والجهل بالاستخارة، وعدم علمهبمعناها واحكامها وحقيقتها، وما قد يترتَّب علي الاعتراضعليها، وهذا ما عليه أكثر العوام.
لذا علي الاءنسان المستخير أن يعتقد بخيره وصلاحهالكامن في رضا الله عزّوجل، وبالطبع فاءن الله عزّ وجلّسوف يهديه إلى الطريق المستقيم الصحيح والخيروالصلاح .
المبحث السادس
تكرار الاءستخارة
ذهب أكثر علمائنا علي عدم معني أهمية تكرارالاءستخارة في القضية الواحدة، بحيث يعدلُ عن مقتضيالاستخارة الاُولي، وفي هذا يلزم الكراهة المخالفة لمؤدَّيالاستخارة الاُولي، وذلك لوجود الروايات التي يستدل بهاعلي ذلك .
1. عن النبي (ص):
«من استخار الله فَلْيُوتِرْ».
2. وعن الاءمام الصادق (ع):
«ما استخار الله عزَّوجل مرَّة واحدةً، وهو راض بماصنع الله له خار الله له حتماً».
لذا ذهبَ أكثر علمائنا للقول بالمنع، وعدم صحَّةالتكرار بالامر الواحد .
أ. قال الميرزا أبو المعالي الكلباسي الاءصفهاني (رض) :
«لا مجال للاءستخارة بعد الاءستخارة بدون اختلاففي المنوي أوّلاً أو ثانياً، وبعبارة أُخري: لا مجال للاءعادة فيباب الاستخارة بدون التغيير».
المبحث السابع
شروط وآداب واوقات الاءستخارة
اءذا قصدنا الاءستخارة بالمعني العام، وهو الدعاء وطلبالخير، فلابُدَّ للمستخير مراعاة ماله دخل في استجابةالدعاء، من التوجُّهِ والصدق والاءخلاص والثِّقة بالله تعالي،وكلٌّ مالَهُ دَخْلُ في استجابة الدعاءأيضاً من الاوقاتوالازمنةِ والامكنةِ والاحوال، بان يكونَ علي غُسلٍ، أووضوءٍ مُستغفراً من ذنوبهِ، مُتوجِهاً إلى القبلة... الخ .
واءذا قصد من الاءستخارة المعني الخاص، وهو التردُّدفي شيءٍ خاصٍّ، لابدَّ من العمل بهذه الشروط:
1. تعيين الفعل، أي متعلَّق الاءستخارة.
2. نية العبادة والتقرب إلى الله بالاستخارة.
3. القصد وعدم الهزل.
4. أن لا يبني علي مخالفة الخِيرة مسبقاً .
5. ان لا يكون في شيء أمرَ اللهُ به أو نهي عنه .
وإلىك عزيزي القاري بعض التوضيحات والشروطبأقوال علمائنا:
ذكر المامقاني في مرآة الكمال أنه:
«ما علم نفعه كفعل الواجبات، وكذا ما عُلِم ضَرُّهوفساده كشرب السموم وفعل المحرمات، خارجٌ عن موضوعالاءستخارة».
وقال: الشيخ المفيد (ره) :
لا ينبغي للاءنسان ان يستخير الله تعالي في شيء نهاهعنه، ولا في اداءِ فرض».
قال الشيخ محمد جواد مغنية (ره) :
«لا مكان للاءستخارة فيما أمر به الشارع، أو نهي عنه،ولا مع العلم بأنّه منفعة، أو مضرَّة».
وأمَّا آدابها:
أ. الوضوء والصلاة وعدم الكلام في اثناء الاءستخارة،لخبر شهاب بن عبد ربّه عن أبي عبد الله (ع) :
«كان ابي اءذا أراد الاستخارة في امر توضأ، وصلَّيركعتين، واءن كانت الخادمة تكلِّمهُ فيقول: سبحان الله، ولايتكلم حتّي يفرغ».
2. تقييد الاستخارة في جميع طرقها بالخيرة فيعافية. لقول الاءمام الصادق (ع):
«ولتكن استخارتك في عافية، فاءنه ربّما خير للرجلفي قطع يده، وموت ولد، ونصاب ماله».
3. التوسُّل والتشفُّع بآل محمد (ص)، والصلاة عليهم ؛لانّه من اسباب استجابة الدعاء .
4. مراعاة أوقات الاءستخارة.
أ. استحباب الاءستخارة بعد ركعتين من الصلاة:
عن الاءمام الجواد (ع): «... ولتكن الاءستخارة بعدصلاتك ركعتين».
ب. استخارة بعد صلاة الصبح:
عن الاءمام الصادق (ع): «اءذا صلَّيت صلاة الفجر فقلبعد أن ترفع يديك حذاء وجهك: اللهم اءنَّك تعلم ولا أعلموأنت علام الغيوب، فصلِّ علي محمَّدٍ وآل محمَّدٍ، وخرليفي جميع ما عزمتُ به من أُموري خيار بركة وعافية».
عن الاءمام الصادق (ع):
«اءستخر الله في آخر ركعةٍ من صلاة الليل ـ وانتساجد ـ مائة مرَّة...».
د. اءستخارة في السجدة الاخيرة من نافلة الصبح:
عن الاءمام الصادق (ع):
«أن يستخير الله الرجل في في آخر سجدة منركعتي الفجر مائة مرةٍ...».
وكذلك ورد اءستحباب الاءستخارة تحت قُبَّةِ سيدالشهداء الاءمام الحسين (ع) .
وما يستفاد من المروي عن الاءمام الصادق (ع)الافضلية في هذه الاوقات:
السبت: من طلوع الشمس إلى العصر .
الاحد: من الصبح إلى الظهر. ثم من العصر إلىالمغرب .
الاءثنين: من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. ثُمَّ منالغداء إلى العصر .
الثلاثاء: من الصبح إلى الظهر. ثم من العصر إلىالعشاء.
الاربعاء: من الصبح إلى العشاء .
الخميس: من طلوع الفجر إلى العشاء .
الجمعة: كيوم الخميس .
آل محمد(ع) والاءستخارة
المبحث الثامن
آل محمد(ع) والاءستخارة
اءن كل ما نقلتُهُ وتحدَّثتُ به عن الاءستخارة وأنواعها،وأصل اءستحبابها وكيفيتها، وكلَّ ما ورد عنها من أخباروروايات هو من آل محمَّدٍ (ع) ؛ لانّهم اهتموا بسنن الدينوبذلوا الجهد الشديد لتعليم المسلمين تعاليم رسول اللهمحمد (ص) وآدابه، والتذكير بما نسي والنشر لما اُنكر،فكانت الاءستخارة من تلك التعاليم الّتي راح آل محمد(ع)يكرِّرون تعليمها في أخبار واخبار كثيرة.
أ. قال الاءمام الباقر (ع):
«كنا نتعلَّم الاءستخارة، كما نتعلَّم السورةَ منكتاب الله عزوجل» .
وكذلك يوصون بها بعضهم.
ب. قال الاءمام علي (ع) في وصية لاءبنه (ع):
«... وأكر الاءستخارة».
اءستخارات آل محمد (ع)
1. اءستخارة أمير المؤمنين (ع) :
عن الاءمام الباقر (ع): كان أمير المؤمنين علي (ع)يصلّي ركعتين ويقول في دُبرهما:
«أستخير الله» مائة مرةٍ، ثم يقول: «اللهمُ قد هممتُبأمرٍ قد علمتهُ فاءن كنت تعلم اءنّه خير لي في ديني ودنيايوآخرتي ما صرفه عني، كرهت نفسي ذلك أم أحبت فاءنكتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب» ثم يَعزمُ».
2. اءستخارة الاءمام الباقر (ع) :
عن الاءمام الباقر (ع): «ما استخار الله قط مائةِ مرةٍ الارمي الله بخيرة الامرين يقول: «اللهم عالم الغيب والشهادةاءن كان أمر كذا وكذا خير لامر دنياي وآخرتي، عاجِلِ أمريوآجلهِ، ويسره لي وافتح لي بابه ورضِّني فيه بقضائك».
3. اءستخارة الاءمام الصادق (ع) :
يقول في الاستخارة أبو عبد الله الصادق (ع):
«تُعَظِمُ اللهَ وتمجِّدُهُ وتحمدُهُ، وتصلِّي علي النبيوآله(ع) ثم تقول: «اللهم اءني اسألُكَ بأنّك عالمُالغيبِ والشهادَةِ الرحمانُ الرحيمُ، وأنتَ علاَّمُالغُيوبِ، استخير اللهَ برحمته».
اءن كان الامر شديداً تخاف فيه، قُلتَهُ مائة مرةٍ، واءنكان غير ذلك فثلاثَ مرَّاتٍ ».
4. اءستخارة الاءمام الكاظم (ع) :
اتي' إلى الاءمام موسي الكاظم (ع): رجلٌ، فقال له:«جُعلت فداك اُريدُ وجهَ كذا وكذا، فعلِّمني استخارةً اءن كانذلك الوجه خيره أن يُيَسرهُ الله لي واءنْ كان شرَّاً صرفه اللهعني.
فقال له (ع): «وتحبُّ ان تخرج في ذلك الوجه؟» قالالرجل: نعم، قال (ع) قُلْ:
«اللهم قدِّر لي كذا وكذا واجعله خيراً لي، فاءنَّكتقدِرُ علي ذلِكَ».
5. استخارة الاءمام الرِّضا (ع) :
عن الاءمام الرِّضا (ع) :
«اءذا أردتَ امراً فصَلِّ ركعتين واستخر الله مائةَمرَّةٍ، ما عُزمَ لك فافعل» وقل في دعائك: «لا اءله اءلاالله العليُّ العظيم، لا اءله اءلا الله الحليم الكريم، ربَّمحمَّدٍ وعلِيٍّ، خِرْ لي في امري للدنيا والا´خرة،خيرة من عندك، مالك فيه رضيً ولي فيه صلاحٌ،في خير وعافية، ياذا المَنِّ والطَّوْلِ».
استخارة الاءمام المهدي (عج) :
عن الاءمام الحجَّة المهدي (عج) في الاستخارةبالمسبحة:
اءنّه يأخذها ويصلِّي علي النبيِّ وآله صلوات الله عليهوعليهم ثلاث مراتٍ، ويقبض علي السبحة، ويَعُدُ اثنتيناثنتين، فاءن بقيت واحدة فهو اءفعلْ، فاءن بقيت اثتنان فهو لاتفعل ».
من
استخار
تأليف
السيد محمد علي الحسيني
إلى كلِّ المؤمنين الموالين
إلى أهل التعقُلِّ والمستخيرين
إلى شيعة آل يس المنتظرين
التمسهم الدعاء
خصوصاً بعد مجلسكم
محمد علي الحسيني
الاءهداء
المقدمة:
السلام علي آل يس
والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمدبن عبد الله (ص)، منقذ البشرية وخاتم الانبياء والرسل،وصلِّ اللهم علي أئمة المسلمين من عليّ أمير المؤمنين إلىالحسن والحسين (ع) والتسعة من ولد الحسين(ع) وآخرهمالقائم المنتظر ارواحنا فداه.
وبعد:
فاءن الخيرة أو الاءستخارة من السُّنن الاءسلامية الّتي لاقت رواجاً كبيراً عند عامّة المسلمين، لكن للاسفالشديد فالبعض منهم بسبب عدم اءدراكهم وفهمهم الصحيحلطريقة الاءستخارة الصحيحة، وبمجرد وقوع أمرٍ ما ومندون تأنٍ وتفكير وتشاورٍ مع الا´خرين، فتارةً يلجؤون إلىاحد العلماء، وأُخري يقومون بأنفسهم بفتح القرآن أوالامساك بالسبحة لاخذ الاءستخارة، وكلُّ هذا قد يكونبدون مراعاة مقدِّماتها وشروطها واوقاتها وآدابها، بل عدمتقيُّد البعض من هؤلاء بنتيجتها، فاءن كانت موافقة ومطابقةلمصالحهم أو لمنافعهم الظاهرية عملوا بها، واءن كانالعكس ضربوها عرض الحائط .
فمن هنا نشأت حاجة تأليف هذا الكُتيب الّذي اُريد أناسعي من خلاله إلى البحث في هذه الاُمور، لعلّي أستطيعأن اضع منهجاً صحيحاً للاءستفادة من الاءستخارة وتقويمالاعوجاج، وتصحيح الافكار، عبر البحوث التالية:
1. تعريف الاءستخارة وتشريعها والحكمة منها.
2. أنواعها وكيفيتها .
3. فوائدها.
4. مخالفتها وتكرارها.
5. شروطها وآدابها ودعاؤها واوقاتها.
6. اءستخارة الائمة(ع) والعلماء .
فأسال الله العلي العظيم أن يمدّني ويسدّدني وينوّربصيرتي ويسلّط قلمي، ويعمّم أفكاري ويهديني السبيللتبليغ الدين، وقضاء حوائج المؤمنين، فنعم المولي أنت ياربّي ونعم النصير.
والسلام علي آل يس
والحمد لله رب العالمين
قم المقدسة
بجوار مولاتنا فاطمة المعصومة (س)
محمد علي الحسيني
www.banihashem.org
www.alhusseiny.org
لبنان: 009613961846
009613804079
المبحث الاوّل
الخيرة
تعريف :
لغة: الخيرة الاءسم من قولك: خار الله لك في هذاالامر .
والاءستخارة: طلب الخيرة ـ يقال: استَخِرْ اللهَ يَخِرْلَكَ.
اءصطلاحاً:
فاءن للاءستخارة معنيان هما:
أ. طلب الخيرة من الله تعالي ، وهذا هو المعنيالعام، وهو دعاء مستحب في كلِّ اعمال الاءنسان الّتي يطلبفيها الخير من الله، وقد أعطي الله سبحانه وتعالي هذا النوعمن الاءستخارة أهمية واضحة عندما قال:
( قُلْ مَا يَعْبَاُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاوُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَيَكُونُ لِزَامًا).
ويُؤكّد هذا المعني ما جاء عن محمّد بن خالد
القسري عندما سأل أبا عبد الله (ع) «عن الاءستخارة»
فقال (ع) :
«أي يطلب منه تعالي أن يصلح الاُمور وأن يجعلفي الاصلح» .
ب. والمعني الثاني هو أنّ الاءنسان الّذي يحتار
في موضوع معين، إلى درجة لا يستطيع عقله الناقص
من اءرشاده إلى الخير أو الشرّ، بل حتّي استشارة العقلاءالا´خرين لا تفيده، ويصل بالتالي إلى حالة من الضياع لايعرف ماذا يفعل . فيستخير الله علي هذا الامر، أو العملالمحدد الذي يريد فعله. وهذا هو المعني الخاصللاءستخارة.
يقول المرجع الكبير السيِّد محمد سعيد الحكيم(حفظه الله):
«المراد ـ من الاءستخارة ـ الاءبتهال منه جلَّ شأنه فيأن يختار للعبد في ذلك الامر الّذي يريد أن يقدم عليه ماهو الخير له».
ويقول أيضاً آية الله العظمي الشيخ جواد التبريزي«حفظه الله» :
«الاءستخارة هي المشورة من الله تعالي في موردالتحيُّر وعدم الوثوق بالخير، في الفعل أو الترك » .
وقول السيِّد القائد الاءمام علي الخامنئي «أعزّه الله» :
«الاءستخارة عند التردُّد والحيرة حيث لا يقدرالشخص المتحيّر علي اتخاذ القرار» .
علي العموم، المحصّل من الكلام أن للاءستخارةمعنيين:
الاوّل: معني الدعاء وطلب الخير من الله لعامة الاُمور.
الثاني: طلب المشورة من الله لامرٍ محدّد قد تحيّر فيهالاءنسان بين الفعل والترك .
تشريع الخيرة
المبحث الثاني
تشريعها
ذهب أكثر الفقهاء إلى شرعيتها، وكثير منهم قال: هيمُستحبة اءستناداً إلى الروايات والاخبار الّتي تدل عليأصل تشريع الاءستخارة، أذكر منها:
أ. عن جابر بن عبد الله الانصاري أنّه قال: «كانرسول الله (ص) يعلّمنا الاءستخارة كما يعلّمنا السورة منالقرآن».
ب. عن عبد العظيم الحسني عن محمد بن علي بنموسي عن أبيه عن أبائه عن أمير المؤمنين (ع) انّه قال:«بعثني رسول الله (ص) وهو يوصيني: يا عليُّ، ما حار من استخار، ولا ندم من استشار» .
ج. عن هارون بن خارجة عن الاءمام الصادق (ع) انّهقال:
«من ا ستخار الله راضياً بما صنع الله له خر اللهُ لَهُحتماً» .
إلى غيرها من الروايات والاخبار الّتي يستدل بها عليتشريع الاءستخارة من خلال مدلول الروايات الّتي تفيد تعليمرسول الله (ص) لاصحابه الاءستخارة، وتوصيته لاميرالمؤمنين (ع)، وحثّ الائمّة علي فعلها، ممّا يفيد القطعواليقين علي مشروعيتها.
وأنقل بعض ما جاء عن تشريع استحباب الاءستخارةفي آراء الفقهاء، مما يزيد لنا اليقين في تشريعها: قالصاحب الحدائق (ره) :
«المستفاد من الاخبار استحباب الاءستخارة لكلشيء، بل يستفاد استحبابها حتّي في العباداتالمندوبات». وجعل صاحب الوسائل الحر العاملي (ره)عنوان الباب الاوّل من استحباب صلاة الاءستخارة هكذا:«باب استحبابها حتّي في العبادات المندوبات» .
حكمة تشريعها:
الحكمة الظاهرية في تشريع الاستخارة واضحة، وهيرفع حيرة المستخير واءيجاد العزم فيه علي الفعل أو الترك،وهو مؤثِّر في حياة الاءنسان، لانَّ التردُّد والتذبذب يوجبانالاضطراب والملل النفسيَّين.
ولعلَّ الحكمة الواقعية هي تقوية روح التوكُّل علي اللهعزّ وجلّ والتسليم لامره، والرِّضا بما يختاره.
المبحث الثالث
أنواع الاءستخارة وكيفيتها
الاءستخارة ليست علي نوعٍ واحد، بل لها عدُّة أنواعصورها في الشريعة السمحاء وطرقها كثيرة، نذكرهابالتفصيل:
1. الاستخارة القلبية:
وهي نوع من الارتباط القلبي مع الله، لانَّ الاءنسانبعد الاءستخارة بالدعاء، ولكي يصل إلى راحة البال، فاءنّه
يلجأ إلى الله بقلب سليم ويتضرّع إلىه بطلب الخير
والتوفيق والرّشاد، ثمَّ يعود ليسأل قلبه، عن
الاختيار الصحيح، فيري نفسه أشدّ عزماً وأكثر رغبة
في الاختيار الصحيح، ذلك نتيجة جواب الاستخارة
القلبية. ونستدلُّ علي طريقتها بعدّة روايات .
أ. عن رسول الله (ص) قال:
«يا أنس، اءذا هممت بأمر ما، استخر ربّك فيه سبعمرّات، ثم انظر إلى الّذي يسبق إلى قلبك، فاءن الخيرةفيه». يعني: افعل ذلك.
ب. عن الاءمام الصادق (ع): «اءذا عرضت لاحدكمحاجة فليستشر الله ربّه، فاءن أشار عليه اتّبع، واءن لم يُشِرْعليه توقّف، قال الراوي: يا سيِّدي كيف اعلم ذلك؟ فقال(ع): تسجد عقيب المكتوبة وتقول مائة مرة:
اللهم خرلي، ثُم تتوسّل بنا، وتُصلِّي علينا وتستشفعبنا، ثُمَّ تنظر ما يلهمك تفعله فهو الّذي اشار عليك به».
يقول شيخنا الطوسي في كتابه «الاءقتصاد»: اءذا أرادالشخص القيام بأيِّ عمل، فمِنَ السُّنّةِ أن يفشل ويصلّيركعتين، وبعدها يسجد ويقول مائة مرة:
«استخير الله تعالي في جميع أُموري كلّها خيرةً فيعافية»، ثمّ يعمل بما ألهم في قلبه».
ج. وقد أخرج الكليني والطوسي والطبرسي وابنطاووس ـ رحمة الله عليهم ـ بسند صحيح عن ابن اسباطقال:
دخلت علي أبي الحسن الرِّضا (ع)، فسألته عنالخروج في البرِّ والبحر إلى حصر، فقال لي:
«أئت مسجد رسول الله (ص) في غير وقت صلاة،فصلِّ ركعتين، واستخر الله مائة مرّة، فانظر ماذا يقضيالله» .
فهذه طريقة الاءستخارة القلبية، أي النوع الاوّل منالاءستخارة .
2. الاءستخارة بالمشاورة:
وهي تعني أن يستشير الاءنسان اءخوته المؤمنين، ذويالحكمة والصلاح، فيما يخص خيره وصلاحهُ، ولكن بعدالدعاء وطلب الخير من الله، لانّه هو الرحمان الرحيم،والعالم بخير الاءنسان وشرِّه، والقادر علي اءعطاء النصحية لهعلي لسان اءنسان آخر .
وقد جاء ذكر هذا النوع من الاءستخارة في عدَّة كُتبكالمحاسن للبرقي ومعاني الاخبار للصدوق وفتحالابواب لابن طاووس .
وقد وردت فيها عدّة روايات منها:
أ. عن الاءمام الصادق (ع):
«اءذا أراد أحدكم أمراً فلا يستأمر أحداً حتّي يشاورالله تبارك وتعالي فيه، قلنا: وكيف يشاور ؟
قال: يستخير الله فيه أوّلاً، ثُم يشاور فيه، فاءذا بدأ باللهأجري الله الخيرة علي لسان من أحبَّ من الخلق».
ب. وجاء في كتاب مكارم الاخلاق للطبرسي عنالاءمام الصادق (ع) :
«اءذا أردت أمراً فلا تشاور فيه أحداً حتّي تشاورربّك.
قال: قلت: وكيف أُشاور ربّي؟
قال: تقول: «استخير الله» مائة مرة، ثُم تشاورالناس، فاءن الله يجري لك الخيرة علي لسان منأحبَّ».
ج. وأيضاً عنه (ع) :
«اءذا اراد أحدكم أن يشتري أو يبيع أو يدخل فيأمر، فليبتدي بالله ويسأله، قال: قلت: فما يقول؟:قال (ع): اللهم اءنّي أريد كذا وكذا، فان كان خيراً ليفي ديني ودنياي وآخرتي وعاجل أمري وآجله،فيسّره لي، واءن كان شرّاً في ديني ودنيايفاصرفه عنّي، ربّ اعزم لي علي رشدي، واءنكرهته وأبت نفسي .
ثم يشير عشرة من المؤمنين، فاءن لم يقدر عليكثرة ولم يصب اءلا خمسة فيستشير خمسةمرَّتين، فاءن لم يصب اءلاّ رجلين فليستشرهماخمس مرات، فاءن لم يصب اءلا رجلاً واحداًفَلْيستشِرْهُ عشر مرّات».
فهذه هي الاءستخارة بالمشاورة وكيفية طريقتها .
3. الاءستخارة بالقرآن:
يلجأ الاءنسان إلى الاءستخارة بالقرآن، عندما لا يحصلعلي الاطمئنان في القلب، حتّي بعد أن يقوم بالدعاء ويطلبالخير من الله، ويفكّر ويتشاور لكن دون جدوي، حينهايكون القرآن كتاب الله العزيز له مُنبيءٌ لاختيار اداء العملالافضل، وقد يكون اللُّجوء إلى الاءستخارة بواسطة القرآنابتداء بعد طلب الخير والصلاح من الله، بقراءة سورة التوحيدـ قل هو الله أحد ـ ويصلِّي علي محمد وآله 3 مرات، ويفتتحالقرآن كيف ما اتَّفق، ويقرأ السطر الاوّل من الصفحةاليمني، ويأخذ بالمدلول الظاهر للا´ية في خير، أو شرٍّ.
وقد روي اليسع القمي قال، قلت لابي عبد الله (ع)أريد الشّيء فاستخير الله فيه فلا يوفّق فيه الرأي، أفعله أوأدعه؟ فقال (ع) :
«انظر اءذا قمت إلى الصلاة، فاءنّ الشيطان أبعد مايكون من الاءنسان اءذا قام إلى الصلاة، أيّ شيء وقع فيقلبك فخذ به، وافتح المصحف وانظر أول ورقة ماتري، وخذبه اءن شاء الله تعالي ».
وهذه أسهل طريقة للاءستخارة بالقرآن .
4. الاءستخارة بالرقاع:
هذه الاءستخارة لها مكانة خاصة ومميَّزة لديالعلماء، وهي قليلة الاءستعمال عند عامَّة الناس.
طريقتها:
هي ستُّ أوراق صغار، تكتب علي (3) أوراق اءفعل،
و (3) أوراق لا تفعل، مع البسملة، وتكتب معها هذه
الجملة «خيرة من الله العزيز الحليم لفلان ابن فلان، ثمَّالصلاة ركعتين تقرباً إلى الله، والسجود بعدهما مع القول مئةمرّة:
استخير الله برحمته خيرة بعافية، ثم الجلوس، ويقول:اللهمَّ اختر لي في جميع أُموري يسراً منك، وعافية، ثميُخرج المصلِّي الاوراق من تحت مصلاّه واحدة فواحدة، فاءنتوالت الثلاث ب: افعل فهي خير محض، واءن توالت ب : لاتفعل فهي شر محض، واءن تنوَّعت بين اءفعل ولا تفعل،أخرج خمس أوراق، والترك السادسة، فاءن كانت 3 اءفعل و 2لا تفعل فخير، والعكس بالعكس .
فهذه هي الاءستخارة ذات الرقاع وطريقتها.
5. الاءستخارة بالسبحة:
وهي أن يصلّي المستخير علي محمَّد وآله 3 مرات،ثم يقبض مجموعة من الحبَّات، ويُعِدُّ اثنتين اثنتين، فاءنبقيت واحدة فافعل، واءن بقيت اءثنتان فلا تفعل.
قيل: اءنّ هذه الاءستخارة مروية عن الاءمام الصادق(ع). وعن العلاّمة المجلسي، عن والده، عن شيخه البهائي:أنّه قال: سمعنا ذلك مذاكرة من مشايخنا عن القائم (عج). ومثله أو قريب في مفتاح الكرامة.
ولعل مجموع الاخبار حولَ هذه الاءستخارة في كلمعدود يمكن الاءستكشاف به عن الجودة والرداءة، وبالنسبةللمسبحة لا يعتبر بها عدد مخصوص كالمائة .
أدعية الاءستخارة:
1. دعاء لطلب الخيرة: (من) ادعية السّر: يا محمَّدَ مَنهم بامرينِ فأحبَّ ان اختارَ ارضاهما إلىّ، فأُلزمه اءيّاه، فليقلحين يريد ذلك:
اللهمّ اختَرْ لي بعلمِكَ ما ترضاهُ ووَفقني بِعلمِكَ لِرِضَاكَومَحَبتِكَ اللهمّ اخترْ لي بقُدرَتِكَ كلّ خيرِ وجَنبني بِعزّتِكَمَقْتَكَ وسَخَطَكَ، اللّهمّ فاخترْ لي مَا أريدُ من هذَينِ الامرَين
(وتُسمِّيهما)، أحَبَّهُما إلىكَ وأرضَاهُما لَكَ وأقرَبَهُما مِنْكَ،اللّهُمَ اءنِّي أسألكَ بالقُدْرَةِ الّتي زَوَيتَ بها عِلْمَ الاشيَاء عَنْجَمِيعِ خَلْقِكَ أنْ تُصلّي علي مُحمّدٍ وآل مُحمّد، وأغلِب باليوَهَوَاي وَسريرتي وعلانيتي، بأخذِكَ، واسفع بناصيتي إلى ماتراه لك رضيً ولي صلاحاً فيما استخيرك، حتّي تلزمني منذلك أمراً أرضي فيه بحكمك، وأتّكلُّ فيه علي قضائك،وأكتفي فيه بقدرتك، ولا تقلبني وهواي لهواك مخالفٌ، ولاأريدُ لما تريد لي مجانب، اءغلب بقدرتك الّتي تقضي بها ماأحببت بهواك، ويسِّر لي لليسري الّتي ترضي بها عنصاحبها، ولا تخذلني بعد تفويضي إلىك أمري برحمتك الّتيوسعت كلّ شيءٍ، اللهمُ أوقِعْ خِيرَتَك فيَّ، وافتح قلبيلِلُزومها يا أكرمَ الاكرمين. فاءنّه اءذا قال ذلك اخترتُ له منافعهفي العاجل والا´جل.
2. دعاء وصلاة لطلب الخيرة.
عن المفيد في الرسالة الغرية: صلاة الاستخارة ركعتان
بالفاتحة وما شاء، والقنوت، فاءذا سلَّم قال بعد حمد الله تعاليوالثناء عليه والصلاة علي النبي (ص): اللهمّ اءنِّي أستخيركبعلمك وقدرتك، وأستخيرك بعزّتك، أسألك من فضلك فاءنّكتقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علاّم الغيوب، اللهمّ اءنكان هذا الامر الّذي عرض لي خيراً في ديني ودنيايوآخرتي فيسِّرهُ، وبارك لي فيه، وأعنِّي عليه، واءن كان شرّاًلي فاصرفه عنّي واقض لي الخيرَ حيثُ كان، ورضّني بهحتّي لا أُحِبَّ تعجيلَ ما أخّرت ولا تأخير ما عجّلت، يا أرحمَالراحمين، وصلَّي الله علي مُحمّدٍ وآلهِ الطاهرين.
3. دعاء وصلاة لطلب الخيرة:
(روي) في مكارم الاخلاق هذه الصلاة للاءستخارة بمايقرب من ذلك، مع بعض الاختلاف فقال: عن جابر بن عبدالله كان رسول الله (ص) يعلِّمنا الاستخارة كما يعلِّمنا السورةمن القرآن، يقول: اءذا همَّ احدكم بأمر فليركع ركعتين من غيرالفريضة ثم ليقل: اللهمّ أستخيرك بعلمك، واستقدركبقدرَتِك، وأسألك من فضلك العظيم، فاءنّك تقدرُ ولا أقدرُ
وتعلمُ ولا أعلمُ وأنت علاّم الغيوب، اللهمّ اءن كنت تعلم أنّهذا الامر (وتسمِّيه) خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعافية أمريفأقدره لي، ويسّرهُ وبارك لي فيه. واءنّ كنت تعلم أنّه شرٌّ ليفي ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنهواقدر لي الخير حيثُ ما كان ورضِّني به. (وعن الباقر (ع))ليجعل احدكم مكان قوله: اللهمَّ اءنّي استخيركُ برحمتكواستقدرك الخير بقدرتك عليه؛ لانَّ في قوله اللهم اءنّياستخيرك بعلمك... الخ، للخير والشرّ (الحديث).
4. دعاء آخر لطلب الخيرة مروي عن أمير المؤمنينعلي (ع) :
ما شاء الله كان، اللهمّ اءنِّي استخيرُك خيار من فوَّضَإلىك أمرَهُ وأسلم إلىك نفسَهُ، واستسلم إلىك في أمرهِ وخلالك وجهه، وتوكّل عليك فيما نزل به، اللهم خر لي ولا تخرِعليّ وكُن لي ولا تكن عليّ وانصرني ولا تنصر علي، وأعنّيولا تعن عليّ، وأمكنّي ولا تمكِّن مني، واهدني الي الخيرولا تضلّني، وأرضني بقضائك وبارك لي في قدرك اءنّكتفعل
ما تشاء وتحكم ما تريد، وأنت علي كلّ شيءٍ قديرٌ، اللهم اءنكان لي الخيرة في أمري هذا في ديني ودنياي وعاقبةأمري فسهّلهُ لي، واءن كان غير ذلك فاصرفه عنِّي، يا أرحمالراحمين اءنّك علي كلّ شيءٍ قديرٌ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
5. دعاء زين العابدين (ع) في الاستخارة وهو منادعية الصحيفة :
اللهم اءني استخيرك بعلمك، وأستكفيك بقدرتك،فصلّ علي محمد وآلهِ واقض لنا بالخيرة، وألهمنا معرفةالاختيار، وأجعل ذلك ذريعة إلى الرضا بما قضيتَ، والتسليملمِا حكمتَ، فأزِحْ عنّا ريبَ الاءرتيابِ، وأيِّدنا بيِقينِالمُخلصين، ولا تسُمْنا عَجزَ المَعرِفَةِ عمَّا تخيَّرت، فنغمطقدرَكَ، ونكرَهَ موضِعَ رِضاكَ ونجنَحَ إلى الّتي هي أبعدُ منحُسنِ العاقِبَةِ، وأقربُ إلى ضدّ العافَيِةِ. حبّب إلىنا ما نكرَهُ منقضائِكَ، وسهِّل علينا ما نستصعِبُ مِن حُكمِكَ وألهِمْناالانقيادَ لمِا أورَدْتَ علينا من مَشيئَتِكَ، حتّي لا نُحِبَّ تأخيرَما عجَّلتَ ولا تَعجيلَ ما أخَّرتَ، ولانكرهُ ما أحبَبتَ ولا
نتخيرُ ما كَرِهتَ، واختم لنا بالتي هي أحمدُ عاقبةً، وأكرمُمصيراً، اءنّك تُفيدُ الكَريمَةَ وَتُعطي الجسيمَةَ وَتفعَلُ ما تُريدُ،وأنت علي كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ.
6. دعاء آخر لطلب الخيرة، مرويٌّ عن الرِّضا عن ابيهعن جدِّه (ص) .
قال من دعا بهذا الدعاء، لم ير في عاقبة امرهِ اءلاّ ماهو يُحبُّ، وهو :
اللهمّ اءنَّ خيرتك تنيل الرغائبَ، وتجزلُ المواهِبَ،وتطيّبُ المكاسِبَ، وتُغنِمُ المطالِبَ، وتهدي إلى أحمَدِالعواقِبِ، وتقي من محذور النَّوائبِ. اللهم اءني استخيرُكَ فيماعَقَدَ عَلَيهِ رأيي وقادني إلىه هواي، فأسألك يا ربّ أن تسهّلَلي مِن ذلِكَ ما تَعسَّرَ. وأن تُعجّل من ذلِكَ ما تيسَّرَ، وأنتعطيني يا ربِّ الظَّفَرَ فيما استخرتُكَ فيهِ، وعوناً في الاءنعامفِيما دُعوتُكَ، وأن تجعلُ يا ربّ بُعدَهُ قرباً، وخوفَهُ أمناًومحذورَهُ سلِماً فاءنّك تعلَمُ ولا أعلَمُ، وتَقدِرُ ولا أقدِرُ، وأنتعلاّم الغيوب. اللهم اءن يَكُن هذا الامرُ خَيراً لي في عاجِلِ
الدُّنيا والا´خِرَةِ فَسَهِّلْهُ لي ويَسِّرْهُ عَلَيّ، واءنْ لم يَكُن فاصرِفْهُعَنِّي واقدر لي فيهِ الخَيرَ، اءنّك علي كُلِّ شيءٍ قديرٌ يا أرحمَالراحِمينَ.
7. دعاء آخر لطلب الخير مروي عن الرضا (ع) وهو منادعية الوسائل إلى المسائل :
اللهم اءنّ خيرتك فيما أستخرتك فيه تنيل الرغائِبَ،وتُجزلُ المواهِبَ، وتُغنِمُ المطالِبَ، وتُطيِّبُ المكاسِبَ،وتَهدي إلى أجمَلِ المذاهِبِ، وتسوق إلى أحمَدِ العواقِبِوَتَقي مَخوفَ النوائِبِ. اللهم اءنّي أستخَيركَ فيما عَزَمَ رأييعليهِ، وقادني عقلي إلىه، فسَهِّل اللّهُمَّ منِهُ ما تَوَعَّرَ ويَسِّرْ منهُما تَعسَّرَ واكفِني فيهِ المُهِمَّ، وادفَعْ عَنِّي كُلَّ مُلِمٍّ واجعل رَبّعواقِبَهُ غُنْماً، ومخوفة سِلْماً وبُعدَهُ قُرْباً وجَدبَهُ خِصباً، وأرسِلاللّهُمَّ اءجابتي وأنجِحْ طَلِبَتي، واقضِ حاجَتي، واقطَع عَوائِقَهاوامنَع بَوائِقَها، وأعطِني اللهُمَّ لواءَ الظَّفَرِ بالحيرةِ فيمااستَخرْتُكَ، وَوُفورِ الغُنْمِ فيما دَعوُتُكَ وعوائِدَ الاءفضالِ فيمارَجوتُكَ، واقرِنهُ اللّهمَّ ربِّ بالنجاحِ وحُفَّهَ بالصلاح، وأرنِي
أسبابَ الخِيرَة واضِحَةً، وأعلامَ غُنمِها لائِحَةً، واشدد خناقَتَعَسُّرِها، وأنعش صريعَ تيسُّرها، وبَيّن اللهمَّ مُلتَبِسَها وأطلقمُحتَبِسَها، حتّي تكون خيرةً مقبلةً بالغُنم، مُزيلَة للغرمِ عاجِلَةالنفعِ باقِيةَ الصنعِ، اءنَّكَ ولِيُّ المزيدِ مُبتديٌ بالجودِ.
8 . دعاء آخر يدعي به في الاستخارة والحاجة مرويعن القائم (ع) :
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهمّ اءنِّي أسألكَ باسمِكَالّذي عَزمتَ بهِ علي السَّمواتِ والارض، فَقُلَتَ لَهُما: ائتياطَوعاً أو كَرهاً قالتا: أتينا طائِعينَ، وأسألكَ باسمِكَ الّذيعَزمْتَ بهِ علي عَصا مُوسي فاءذا هِيَ تَلقَفُ ما يأفكونَ،وأسألُكَ بأسمِكُ الّذي صرَفْتَ بهِ قُلوبَ السَّحَرَةِ إلىكَ حتّيقالوا آمنّا بِربِّ العالَمينَ، وأسألُكَ بالقدرَةِ الّتي تُبلي بها كُلَّجَديدٍ وتُجَدّدُ بها كُلَّ بالٍ، وأسألُكَ بِكُلِّ حَقٍّ هُو لَكَ، وبِكُلِّحَقٍّ جَعَلتَهُ عَلَيكَ، اءنْ كانَ هذا الامرُ خَيراً لي في دينيوَدُنيايَ وآخِرَتي أن تصلِّي علي مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّدٍ وتُسَلِّمَعَلَيهِمَ تَسليماً، ولي وتُسَهّلهُ عليَّ وتلطُفَ لي فيهِ برَحمتِكَ يا
أرحَمَ الراحمين، واءن كانَ شراً في ديني وَدُنيايَ وآخِرَتي أنتصلِّي علي مُحَمّدٍ وآلِ مُحمَّدٍ وتُسلِّمَ عَلَيهِم تَسليماً، وأنتَصرِفَهُ عَنِّي بما شئِتَ، وكيفَ شِئتَ وتُرضيني بِقضائِكَوتُباركَ لي في قَدَرِكَ حتّي لا أُحِبَّ تَعجيلَ شيءٍ أخَّرتَهُ، ولاتأخِير شَيءٍ عَجَّلتَهُ، فاءنّهُ لا حَولَ ولا قُوَّةَ اءلا بِكَ، يا عَلِيُّ ياعَظِيمُ، يا ذا الجَلال والاءكرامِ.
9. الدعاء لطلب الخيرة:
ذكر ابن بابوية في كتاب من لا يحضره الفقيه عنالصادق (ع): انّه كان اءذا أراد شراء العبد أو الدابة أو الحاجةالخفيفة أو الشيء اليسير استخار الله تعالي سبع مرات، واءنكان أمراً جسيماً استخار الله تعالي مائة مرَّة (وعَنُه (ع)): مناستخار اللهَ مَرَّة واحدة وَهُو راضٍ بهِ خارَ اللهُ تعالي لَهُ حتماً.
10. دعاء آخر لطلب الخيرة:
ذكر الشيخ الطوسي في المصباح عنهم(ع): أنه مااستخار عبد سبعين مرَّة بهذه الاستخارة اءلا رماه الله تعاليبالخيرة، يقول :
يا أبصر الناظرين، ويا أسمع السامعين، ويا أسرعالحاسبين، ويا أرحم الراحمين، ويا أحكم الحاكيمن، صلّعلي محمّدٍ وأهل بيته، وخر لي في كذا وكذا.
11. وورد صلاة ركعتين بسورة الحشر والرحمن، ثُمقراءة المعوذتين والتوحيد، ثمَّ بعدها وهو جالس يقول:«اللهمّ اءن كان... كذا وكذا ـ ويسمِّي قصده ـ خيراً لي فيديني ودُنيايَ عاجل امري وآجله، فصلِّ علي محمد وآله،ويسّره لي علي احسن الوجوه وأجملها، اللهمّ وان كان... كذاوكذا شرّاً لي في ديني ودنياي ]وآخرتي[ وعاجل امريوآجله فصلِّ علي محمد وآله ]واصرفه عنّي، ربّ صلّ عليمحمد وآله [ واعزم لي علي رشدي، واءنْ كرهت ذلك أو ابَتْهُنفسي».
12. وورد ان يصوم الثلاثاء والاربعاء والخميس،ويصّلي يوم الجمعة في مكان نظيف ركعتين بتشُّهدوتسليم، ثم يقول مائة مرّة وهو ناظر إلى السماء: «اللهم اءنّياسألك بأنّك عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، اءنْ كانهذا الامر خيراً فيما احاط به علمك، فيسّره لي، وبارك ليفيه، وافتح لي به، وان كان ذلك لي شرّاً فيما أحاط بهعلمك، فاصرفه عنِّي بما تعلم ولا اعلمُ، وتقدِرُ ولا اقدِرُ،وتقضي ولا أقضي، وانتَ علاَّمُ الغيوب».
المبحث الرابع
فوائد الاءستخارة
لا شك ولا ريب أن الاءسلام عند ما يأمر أو يحثُّعلي الاءستخارة بلسان النبي (ص) وأهل بيته، ليس سويلاهميتها وفائدتها من حيث الاتصال أو تقوية الاءرتباطوالتوكل علي الله عزّوجلّ من جهة، ومن جهة أُخري لرفعالرّيب والشكّ والتردُّد عن المستخير، ببركة نور الهدايةالرّبانية. والعزم علي الترك أو الفعل مع التوكل علي اللهسبحانه تعالي :
(وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَي اللهِفَهُوَ حَسْبُهُ اءِنَّ اللهَ بَالِغُ اَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيئْ قَدْرًا) .
وننقل لكم بعض الروايات عن آل محمد(ع)، حيثتبيِّن لنا بعضاً من فوائد الاءستخارة:
1. الاءستخارة من أسباب السعادة الاءنسانية:
قال رسول الله (ص) :
«من سعادة ابن آدم اءستخارَتُهُ الله ورضاهُ بماقضي اللهُ».
علي اساس المعني العام للاءستخارة وهو طلب الخيرمن الله في كُلِّ الاحوال، وهو جيِّد ومستحبٌّ قبل البدء بأيِّعمل ؛ لاءنَّها سبب سعادة الاءنسان .
2. الاءيحاء لطريق الخير:
قال الاءمام الصادق (ع):
«... مَا مِن عَبدٍ مؤمنٍ يستخير الله في أمرٍ يُريدُهُمرةً واحدة، الا قَذَفهُ بخير الامرين».
فاءن الله عزوجل الكريم الوهاب، المعطي بلا حدود،عندما يجد عند العبد رغبة في الطلب إلى الخير والصلاحدون ممانعة في طلبها، فاءن الله عزوجل أيضاً لا يجد مانعاًفي تحقيق رغبة، فعلي ضوء هذا، اءن تضرع وتوسل وتدلكالعبد في الاءستخارة من صميم قلبه طلباً للرشاد فاءنهسبحانه وتعالي برشدهُ إلى سواء السبيل.
3. اءفتتاح الطريق للخير:
قال الاءمام الصادق (ع) :
«مَا اءستخار الله عزوجل عبد مؤمنً اءلا خار الله لهواءن وقع ما يكره».
فلعل وعسي أن يكون خيرُ الاءنسان فيما يكره وشرهفيما يُحب، لذلك يجب علي الاءنسان بعد طلب الخير منالله بالاستخارة، أن لا ينتظر تحقيق ما كان يرغب فيهوذلك لان الخير فيما أختار الله له دوماً، كما ذكر عزوجل فيكتابه:
(وَ عَسَي اَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ عَسَي اَنْتُحِبُّوا شَيْئاً وَ هُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَ اللهُ يَعْلَمُ وَ اَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ).
4. عدم الضياع والحيرة:
قال رسول الله (ص) :
«يا علي اءما حارَ من اءستخارَ ولا ندمَ مناءستشار».
فهذه وصية من وصايا رسول الله (ص) لاميرالمؤمنين علي (ع)، أثناء سفرِ إلى اليمن للدعوة إلى الاءسلامولاهمية وفائدة الامر الّذي ينوي الاءقدام عليه .
فلاءستمداد قوة القلب والاءلمام بالموضوع، فاءنالاءستخارة عين الصواب للخرودج والابتعاد عن الترددوالحيرة والشك وحصول اليقين .
5. الاءبتعاد عن الندم:
قال الاءمام علي (ع):
«ما نَدِمَ من استخار».
فاءنَّ أهم النتائج المحققة من الاءستخارة، قبل الاءقدامعلي أيِّ أمرٍ في أثناء القيام به، هو الاءطمئنان التاموالخالص من الشكّ والتردُّد والحيرة، والاءبتعاد عن الندم .
أقول: كما أنَّ للاءستخارة فوائد كذلك الاءجتناب عنهاله عواقب، وسنذكرُ بعض الروايات بهذا الصدد:
أ. الحرمان من الاجر الالهي:
قال الاءمام الصادق (ع):
«من دَخلَ في امرٍ بغير اءستخارة ثم ابتلي لميُؤجر».
ب. التعاسة والشقاء:
قال الاءمام الصادق (ع) :
«يقولُ الله عزوجلَّ: من شقاءِ عبدي أن يعملالاعمال ولا يستخيرني».
ج. التهلكة:
قال الاءمام علي (ع):
«اءستخر ولا تتخيَّر، فكم من تخيّر أمراً كان هلاكهفيه».
علي العموم فاءن الحرّ العاملي في كتابه جعل باباً خاصاًفيه كراهة الاعمال بغير استخارة، والروايات الموجودة تدلَّبصراحة علي كراهة العمل من دون اءستخارة، والاستخارةكما عرفت تارة تحمل علي معناها العام فهنا نقول: اءنّ ذلكمشكل، لانّه يعني: أنّ أغلب أعمالنا مبنية علي الكراهة. لذاتحمل علي الاءستخارة بالمعني الاخصّ فتحل المشكل .
المبحث الخامس
مخالفة الخيرة
الاءنسان المؤمن يعلم علم اليقين انَّ اللهَ سبحانهوتعالي ليس من صفاته ـ وهو ذو الرحمة الواسعة ـ أن يردَّعبداً طلب منه خيراً وصلاحاً فيمسك ويحجبه عنه .
لذا فعليه أن لا يبالي، بنتيجة الاءستخارة، فأن اللهسوف يختار له ـ طالما هو مؤمن ـ ما فيه خير وصلاح الدينوالدنيا والا´خرة .
أ. قال الاءمام الصادق (ع):
«ما أبالي اءذا اءستخرت الله، أي طرفيَ وقعتُ».
ب. وقال أيضاً (ع):
«من استخار الله راضياً بما صَنَعَ الله خار الله لهحتماً».
لذا فالاءطمئنان والتوكُّل علي الله وعدم المبالاةبنتيجة الاستخارة، أي الامرين وقع فهو شيء مطلوب،وكذلك عدم الاءعتراض علي نتيجة الاءستخارة ؛ لاءنّها اءتمامالله سبحانه وتعالي في قضائه وفضله وخيرهِ ورحمته.
قال الاءمام الصادق (ع):
«من ا ستخار اللهَ في امرهِ فعمل احدَ الامرينفعَرض في قلبه شيء، اتَّهم اللهَ في قضائهِ».
ج. وسئل أيضاً (ع): من ابغض الخلق إلى الله؟ قال(ع): من يتَّهم الله. قيل: واحَدٌ من يتَّهِمُ الله؟ قال (ع): نعم،اءن من استخار الله فجاءته الخيرة بما يكره فسخط، فذلكيتَّهم اللهَ» .
والاءعتراض علي نتيجة الاءستخارة له أسباب منها:
1. الشكُّ بحسن نية المشيئة الاءلهية بالخير، وهو فيالحقيقةِ اتّهام الله عزَّوجلَّ بِبخلِهِ بالخيرِ .
2. الشكُّ بعلم الاءله بالخير، وهو أيضاً اتَّهام اللهُعزَّوجلَّ بالجهلِ.
3. الشكُّ بعلم الله عزَّوجلَّ في اءيجاد الخير، وهو اتِّهامالله عزوجل بعجزه وعدم قدرته علي ذلك .
4. الشكُّ باهتمام الله بعبده، وعدم اءلتفاته إلىه، وهناأيضاً اتّهام الله عزَّوجلَّ بقلّة ونقصان الرحمة الاءلهية .
5. الاءستخفاف والجهل بالاستخارة، وعدم علمهبمعناها واحكامها وحقيقتها، وما قد يترتَّب علي الاعتراضعليها، وهذا ما عليه أكثر العوام.
لذا علي الاءنسان المستخير أن يعتقد بخيره وصلاحهالكامن في رضا الله عزّوجل، وبالطبع فاءن الله عزّ وجلّسوف يهديه إلى الطريق المستقيم الصحيح والخيروالصلاح .
المبحث السادس
تكرار الاءستخارة
ذهب أكثر علمائنا علي عدم معني أهمية تكرارالاءستخارة في القضية الواحدة، بحيث يعدلُ عن مقتضيالاستخارة الاُولي، وفي هذا يلزم الكراهة المخالفة لمؤدَّيالاستخارة الاُولي، وذلك لوجود الروايات التي يستدل بهاعلي ذلك .
1. عن النبي (ص):
«من استخار الله فَلْيُوتِرْ».
2. وعن الاءمام الصادق (ع):
«ما استخار الله عزَّوجل مرَّة واحدةً، وهو راض بماصنع الله له خار الله له حتماً».
لذا ذهبَ أكثر علمائنا للقول بالمنع، وعدم صحَّةالتكرار بالامر الواحد .
أ. قال الميرزا أبو المعالي الكلباسي الاءصفهاني (رض) :
«لا مجال للاءستخارة بعد الاءستخارة بدون اختلاففي المنوي أوّلاً أو ثانياً، وبعبارة أُخري: لا مجال للاءعادة فيباب الاستخارة بدون التغيير».
المبحث السابع
شروط وآداب واوقات الاءستخارة
اءذا قصدنا الاءستخارة بالمعني العام، وهو الدعاء وطلبالخير، فلابُدَّ للمستخير مراعاة ماله دخل في استجابةالدعاء، من التوجُّهِ والصدق والاءخلاص والثِّقة بالله تعالي،وكلٌّ مالَهُ دَخْلُ في استجابة الدعاءأيضاً من الاوقاتوالازمنةِ والامكنةِ والاحوال، بان يكونَ علي غُسلٍ، أووضوءٍ مُستغفراً من ذنوبهِ، مُتوجِهاً إلى القبلة... الخ .
واءذا قصد من الاءستخارة المعني الخاص، وهو التردُّدفي شيءٍ خاصٍّ، لابدَّ من العمل بهذه الشروط:
1. تعيين الفعل، أي متعلَّق الاءستخارة.
2. نية العبادة والتقرب إلى الله بالاستخارة.
3. القصد وعدم الهزل.
4. أن لا يبني علي مخالفة الخِيرة مسبقاً .
5. ان لا يكون في شيء أمرَ اللهُ به أو نهي عنه .
وإلىك عزيزي القاري بعض التوضيحات والشروطبأقوال علمائنا:
ذكر المامقاني في مرآة الكمال أنه:
«ما علم نفعه كفعل الواجبات، وكذا ما عُلِم ضَرُّهوفساده كشرب السموم وفعل المحرمات، خارجٌ عن موضوعالاءستخارة».
وقال: الشيخ المفيد (ره) :
لا ينبغي للاءنسان ان يستخير الله تعالي في شيء نهاهعنه، ولا في اداءِ فرض».
قال الشيخ محمد جواد مغنية (ره) :
«لا مكان للاءستخارة فيما أمر به الشارع، أو نهي عنه،ولا مع العلم بأنّه منفعة، أو مضرَّة».
وأمَّا آدابها:
أ. الوضوء والصلاة وعدم الكلام في اثناء الاءستخارة،لخبر شهاب بن عبد ربّه عن أبي عبد الله (ع) :
«كان ابي اءذا أراد الاستخارة في امر توضأ، وصلَّيركعتين، واءن كانت الخادمة تكلِّمهُ فيقول: سبحان الله، ولايتكلم حتّي يفرغ».
2. تقييد الاستخارة في جميع طرقها بالخيرة فيعافية. لقول الاءمام الصادق (ع):
«ولتكن استخارتك في عافية، فاءنه ربّما خير للرجلفي قطع يده، وموت ولد، ونصاب ماله».
3. التوسُّل والتشفُّع بآل محمد (ص)، والصلاة عليهم ؛لانّه من اسباب استجابة الدعاء .
4. مراعاة أوقات الاءستخارة.
أ. استحباب الاءستخارة بعد ركعتين من الصلاة:
عن الاءمام الجواد (ع): «... ولتكن الاءستخارة بعدصلاتك ركعتين».
ب. استخارة بعد صلاة الصبح:
عن الاءمام الصادق (ع): «اءذا صلَّيت صلاة الفجر فقلبعد أن ترفع يديك حذاء وجهك: اللهم اءنَّك تعلم ولا أعلموأنت علام الغيوب، فصلِّ علي محمَّدٍ وآل محمَّدٍ، وخرليفي جميع ما عزمتُ به من أُموري خيار بركة وعافية».
عن الاءمام الصادق (ع):
«اءستخر الله في آخر ركعةٍ من صلاة الليل ـ وانتساجد ـ مائة مرَّة...».
د. اءستخارة في السجدة الاخيرة من نافلة الصبح:
عن الاءمام الصادق (ع):
«أن يستخير الله الرجل في في آخر سجدة منركعتي الفجر مائة مرةٍ...».
وكذلك ورد اءستحباب الاءستخارة تحت قُبَّةِ سيدالشهداء الاءمام الحسين (ع) .
وما يستفاد من المروي عن الاءمام الصادق (ع)الافضلية في هذه الاوقات:
السبت: من طلوع الشمس إلى العصر .
الاحد: من الصبح إلى الظهر. ثم من العصر إلىالمغرب .
الاءثنين: من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. ثُمَّ منالغداء إلى العصر .
الثلاثاء: من الصبح إلى الظهر. ثم من العصر إلىالعشاء.
الاربعاء: من الصبح إلى العشاء .
الخميس: من طلوع الفجر إلى العشاء .
الجمعة: كيوم الخميس .
آل محمد(ع) والاءستخارة
المبحث الثامن
آل محمد(ع) والاءستخارة
اءن كل ما نقلتُهُ وتحدَّثتُ به عن الاءستخارة وأنواعها،وأصل اءستحبابها وكيفيتها، وكلَّ ما ورد عنها من أخباروروايات هو من آل محمَّدٍ (ع) ؛ لانّهم اهتموا بسنن الدينوبذلوا الجهد الشديد لتعليم المسلمين تعاليم رسول اللهمحمد (ص) وآدابه، والتذكير بما نسي والنشر لما اُنكر،فكانت الاءستخارة من تلك التعاليم الّتي راح آل محمد(ع)يكرِّرون تعليمها في أخبار واخبار كثيرة.
أ. قال الاءمام الباقر (ع):
«كنا نتعلَّم الاءستخارة، كما نتعلَّم السورةَ منكتاب الله عزوجل» .
وكذلك يوصون بها بعضهم.
ب. قال الاءمام علي (ع) في وصية لاءبنه (ع):
«... وأكر الاءستخارة».
اءستخارات آل محمد (ع)
1. اءستخارة أمير المؤمنين (ع) :
عن الاءمام الباقر (ع): كان أمير المؤمنين علي (ع)يصلّي ركعتين ويقول في دُبرهما:
«أستخير الله» مائة مرةٍ، ثم يقول: «اللهمُ قد هممتُبأمرٍ قد علمتهُ فاءن كنت تعلم اءنّه خير لي في ديني ودنيايوآخرتي ما صرفه عني، كرهت نفسي ذلك أم أحبت فاءنكتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب» ثم يَعزمُ».
2. اءستخارة الاءمام الباقر (ع) :
عن الاءمام الباقر (ع): «ما استخار الله قط مائةِ مرةٍ الارمي الله بخيرة الامرين يقول: «اللهم عالم الغيب والشهادةاءن كان أمر كذا وكذا خير لامر دنياي وآخرتي، عاجِلِ أمريوآجلهِ، ويسره لي وافتح لي بابه ورضِّني فيه بقضائك».
3. اءستخارة الاءمام الصادق (ع) :
يقول في الاستخارة أبو عبد الله الصادق (ع):
«تُعَظِمُ اللهَ وتمجِّدُهُ وتحمدُهُ، وتصلِّي علي النبيوآله(ع) ثم تقول: «اللهم اءني اسألُكَ بأنّك عالمُالغيبِ والشهادَةِ الرحمانُ الرحيمُ، وأنتَ علاَّمُالغُيوبِ، استخير اللهَ برحمته».
اءن كان الامر شديداً تخاف فيه، قُلتَهُ مائة مرةٍ، واءنكان غير ذلك فثلاثَ مرَّاتٍ ».
4. اءستخارة الاءمام الكاظم (ع) :
اتي' إلى الاءمام موسي الكاظم (ع): رجلٌ، فقال له:«جُعلت فداك اُريدُ وجهَ كذا وكذا، فعلِّمني استخارةً اءن كانذلك الوجه خيره أن يُيَسرهُ الله لي واءنْ كان شرَّاً صرفه اللهعني.
فقال له (ع): «وتحبُّ ان تخرج في ذلك الوجه؟» قالالرجل: نعم، قال (ع) قُلْ:
«اللهم قدِّر لي كذا وكذا واجعله خيراً لي، فاءنَّكتقدِرُ علي ذلِكَ».
5. استخارة الاءمام الرِّضا (ع) :
عن الاءمام الرِّضا (ع) :
«اءذا أردتَ امراً فصَلِّ ركعتين واستخر الله مائةَمرَّةٍ، ما عُزمَ لك فافعل» وقل في دعائك: «لا اءله اءلاالله العليُّ العظيم، لا اءله اءلا الله الحليم الكريم، ربَّمحمَّدٍ وعلِيٍّ، خِرْ لي في امري للدنيا والا´خرة،خيرة من عندك، مالك فيه رضيً ولي فيه صلاحٌ،في خير وعافية، ياذا المَنِّ والطَّوْلِ».
استخارة الاءمام المهدي (عج) :
عن الاءمام الحجَّة المهدي (عج) في الاستخارةبالمسبحة:
اءنّه يأخذها ويصلِّي علي النبيِّ وآله صلوات الله عليهوعليهم ثلاث مراتٍ، ويقبض علي السبحة، ويَعُدُ اثنتيناثنتين، فاءن بقيت واحدة فهو اءفعلْ، فاءن بقيت اثتنان فهو لاتفعل ».
تعليق