[grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]
بسمه تعالى
ملخص خطبة الجمعة لسماحة الشيخ جلال الدين الصغير (دام عزه)
ملخص خطبة الجمعة لسماحة الشيخ جلال الدين الصغير (دام عزه)
31 كانون الاول 2004
ابتدأ سماحته الشيخ الصغير خطبته الأولى بالحمد لله تعالى .. والثناء عليه والصلاة والسلام على رسوله والائمة الميامين من آله الطاهرين..
ثم أردف قائلاً: عِباد الله .. اوصيكم ونفسي بتقوى الله والعمل على طاعته فها هي الدنيا لم تعد تخفي شيئاً من غدرها ولم تعد قادرة على أن تخدع أريباً او عاقلاً او من له لب بكل زخرفها وزبرجها وبكل ما أحاطت نفسها من أمنيات وأحلام، فأحداث الايام تترى وصور هذه الدنيا وإن تعددت فأنها تحكي نفس القصة ، قصة الأمل الزائف والتعلق بعرضٍ زائل. ومن يريد ان يحترم عقله لابد له من أن ينشغل بالعرض الخالد ولايبالي بالعرض الزائل..
ثم عرّج سماحته بالحديث عن طبيعة ما أفضت اليه مجموعة كبيرة من الآيات القرآنية، والتي تؤكد على أن هنالك مرجعية بعد رسول الله (ص) في كل امر من الأمور التي تتعلق بعلقة !! .. سبحانه وتعالى مع مخلوقاته ، فتارة يتحدث القرآن عن مرجعية تتأطر بالأطار العام وهو أن الخالق سبحانه وتعالى استخلف على هذه الارض خليفته، وكذلك عندما تحدث القرآن عن العلم الألهي الذي تدفق الى الأرض فقد بيّن على أن هذا العلم إنما أنزل على فئة خاصة ولم تكن منحصرة بشخص النبي(ص) وإنما أمتدت من بعده ، ورأينا نفس الأمر مع الشهادة ومع الولاية ومع الأمانة ومع السياسة ، ولو جمعنا كل هذه الأمور بجامع واحد ولو أطّرناها بأطار واحد لوجدنا أن التنظيم الألهي لكل مايتعلق بأمر مخلوقاته إنما يمر عبر هذه المرجعية. ولم يتوقف الأمر على الآيات القرآنية فحسب وإنما استفاض حديث الرسول الله(ص) عن أن الأمتداد أمر واقع مشيراً اليه (ص) بتفصيل وبتحديد، فتارة حينما تحّدث عن أثني عشر إماماً وكلهم من قريش وأخرى حينما تحدّث عن اثني عشر خليفة وثالثةً عن أثني عشر أميراً. واشارة النبي (ص) باصرار على الرقم بالتحديد لابد وأن يستوقف الأنسان ، فلماذا اثني عشر تحديداً ؟ ولماذا من قريش ؟ بما يعطينا دلالة واضحة على أن من يرقى الى هذا المقام لابد وأن يتصف بمواصفات خاصة جداً تؤهله للخروج من بين مليارات البشر ليدخل ضمن هذا الاطار الخاص جداً والمتمثل (بالأثني عشر) إماماً. كذلك فأن مواصفات هؤلاء الاثني عشر من العظمة بمكان ومن السمو بمكان بحيث اختصت بهذا الرقم فقط ولم يتسع ليشمل أكثر من ذلك. وهذا الأمر يقودنا الى أن نتأمل به بشكل جدي وهو أن الأمتداد يتحدث عن القرآن الكريم ويتحدث عن الرسول الكرم (ص) ، هل له اختصاص بحيثية واحدة ؟ كأن يكون الأمتداد من بعد رسول الله (ص) هو امتداد السياسة وما تعارف عليه أهل الكرسي والحكم. فلو قلنا ذلك فما كان لرسول الله (ص) من أن يتمسك بالحديث عن اثني عشر لأن مقام السلطان ومقام الكرسي ممكن ان ياتي اليه الكثير ولايقتصر على فئة خاصة !!.
ولو لاحظنا القرآن الكريم لوجدنا أنه يتحدث عن الاستخلاف بمعناه الشمولي فلم يقتصر على أمر السياسة فقط وإنما يضم اليها أمر العلم الألهي وامر العبودية لله وحده ، وأمر الشهادة لله سبحانه وتعالى وأمر الولاية على كل شيء من ذرات هذا الكون وأكثر من ذلك أمر الاستئمان ومقام الأمانة الألهية لهذا الذي استخلف. فالرسول (ص) حينما يتحدث عن خلفاء راشدين مهديين ، إنما يتحدث عن عظيم وهو الهداية الرباّنية ، وحينما نجد أن الأستخلاف الالهي لم يصل اليه حتى اصحاب المقام الأعظم من ملائكة الله المقربين ففي ذلك إشارة واضحة على أن القرآن الكريم والرسول الأعظم لم يتحدث عن حاكم لبرهة زمانية محددة ولحيز مكاني محدد، وإنما تحدثا عن حكمٍ أعظم يتجاوز حدود الزمان والمكان. وفي ذلك كله إسقاط لجميع الأشكالات التي تتحدث عن أن أمير المؤمنين (ع) كيف له يتنازل عن الحق الألهي الذي منحه اياه ؟ وكيف له أن يسكت عن كل الاوضاع التي ترتبت بعد سقيفة بني ساعدة ؟ وكيف للأمام الحسين (ع) أن يتنازل عن حقهِ في الامامة من خلال صُلحِهِ مع اللعين معاوية ؟ فمثل هذه الاشكالات لأن تسقط أمام هذا المعنى الذي نتحدث عنه لأن مقام الامامة الألهية لايمكن ان يتحدد بزمان ومكان محددين. وكذلك في هذا المعنى ردٌ على كل الاشكالات التي يثيرها النواصب عن الأمام المهدي (عج) وهو غائب فماذا تعني إمامة الغائب؟ وبذلك نقول بأن شأن الامامة اكبر من حضور شخص الإمام بين مخلوقات الله تبارك وتعالى لأن يتوقف على وجود الأمامة مسالة ديمومة الأمتداد لخلافة الله سبحانه وتعالى على هذه الارض لأن الخليفة لو غاب فأن الخلافة سوف تنتفي بأعتبار أن الله سبحانه وتعالى قال{اني جاعلٌ} وهذا الجعل إنما هو حبل دائمي ولم يكن مقتصر على فترة زمانية محددة ومساحة مكانية محددة.
لذلك فان وجود الامام (ع) حتى لو لم يرلاه الناس او يعرفوه بشخصه فأن ذلك لايعني إنتفاء إمامته، وفي قول الامام الصادق(ع) اشارة في غاية الدقة عن هذا المعنى فحينما سؤِل عن الفائدة من جود إمامٍ ولكنه غائب ، فأجاب بأبي وامي {ينتفعون به كما ينتفع من الشمس أذا غيبتها السحاب} فالشمس حينما مغيبة بالسحب فهذا لايعني انتفاء وجود الشمس لأن وجود المنظومة الشمسية مرتهن بوجودها فحينما ينتفي وجودها (الشمس) فان ذلك يعني انتفاء وجود المنظومة الشمسية..
وبعد كل هذه الادلة العقلية والنقلية لابد من بعض التساؤلات أمام بعض البوابات التي يتفق عليها الجمع ففي الكثير من أحاديث رسول الله (ص) تتردد كلمة {ما أن تمسكتم به فلن تضلّوا من بعدي أبداً} وهذه الكلمة نجدها في حديث الثقلين وفي حديث الغدير وفي حديث رزية الخميس وفي حديث الكتاب الذي تحدّث عنه أبن عباس حينما قال ان الرسول (ص) قال {أتوني بدواة وكتف لأكبت لكم كتاباً ما أن تمسكتم به فلن تضلوا من بعدي أبداً} فكتب {اجيزوا الوفد ، وأخرجوا اليهود من المدينة..} ثم قال : وأما الثالثة فقد نسيتها،والعجيب ان من يروي هذا الحديث ومن يقرأه وهو من أحاديث مسلم، كيف لايتسائل مع نفسه، فأي أمرٍ أعظِمِ من كتاب لن تضل الأمة من بعدهِ؟ فكيف يتسنى لحبر الأمة أن ينسناه ؟ فترى أنسيه فعلاً أن تناساه؟ أم أعرض عنه الرواة ؟ لاسيما وأننا نعرف بأن موقف أبن عباس (رض) لاينسجم مع طبيعة الأحداث والمواقف التي جاءت بعد سقيفة بني ساعدة.
ونعود للقول بأننا عندما نلاحظ تاكيد القرآن والنبي (ص) على أمر لو اتبعته الأمة فانها لن تضل أبداً .. وأننا قرأنا بشكل جيد ماحصل بعد وفاة الرسول (ص) ، فأن ذلك يشير الى أن الأمة قد اتبعت هذا الأمر ام لا ؟ خاصة وأن القرآن يحدثنا في قوله تعالى {أفئن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم} وأن الرسول (ص) تحدّث في مواضيع عديدة من البخاري وغيره، عن ان ثمة ضلال سيحصل من بعده مباشرةً.
إذن لندرس ماحصل فعلاً بعد رسول الله (ص) وخاصةً بعدما تواتر عنه من قوله (ص) : {لتحذوّنَ حذو بني أسرائيل حذو النعل بالنعل والقذّةِ بالقذّةِ ، أن بني اسرائيل إفترقوا الى واحد وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة، وان اصحاب عيسى افترقوا الى اثنان وسبعون فرقة كلها في النار واحدة، وأن أمتي ستفترق الى ثلاث وسبعون فرقة كلها في النار الا واحدة}..
لذلك حرّي بالأنسان المسلم الذي يعشق الرسول (ص) والذي يريد ان يقف يوم القيامة وقفة المطمئن فعليه أن لايقبل الأمور كيف ما أتفق لأن الأمر الوحيد الذي ينفع هو أن يستحضر الأنسان الدليل وأن يقف بين يدّي الله سبحانه وتعالى وقد أدّى كل ما أراده الله من خلال البوابة التي ارادها سبحانه وتعالى لا من البوابة التي ارادها الأنسان نفسه.
بدليل أن الله سبحانه وتعالى عندما حدد الايمان في قصة موسى (ع) إنما حدده بكلمة من ثلاثة احرف (قولوا حطه) ، فلو وقف الأنسان وقرأ التوراة كله في ذلك الزمن ولم يقل هذه الكلمة فما كان له نصيب من الأيمان الذي يريده الله سبحانه وتعالى.
لذلك من يتصورون بانّهم صلّوا وحجّوا وزكوّا عليهم أن يتأكدون بأنهم حققوا رضى رسول الله (ص) أم لا ؟ هل أنهم دخلوا من البوابة التي يريدها الله سبحانه وتعالى أم من البوابة التي يريدها العبد وهنا علينا أن نتوقف أمام اولئك الذين بدأوا يحرّفون بالدين على اساس إنها بدعة حسنة ، فأضافوا للصلاة ماليس له علاقة بصلاة رسول الله (ص) على اساس انها بدعة حسنة، وهنا نقول أنها ستبقى بدعة أكانت حسنة أم سيئة وهي بوابة من حيثما يريد العبد لا من حيثما يريد الله..
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم..
والحمد لله أولاً وآخراً وصلاته وسلامه على رسوله وآله أبداًً..[/grade]