بسمهِ تعالى
الخطبة السياسية لسماحة الشيخ جلال الدين الصغير (دام عزه)
31/12/2004م
أبتدأ سماحة الشيخ الصغير خطبته الثانية بالحديث عن حادث التفجير الذي استهدف مكتب السيد عبد العزيز الحكيم، حيث أشار سماحته الى أن من تصور ان هذه الامة يمكن لها أن تركع لمجرد اغتيال العشرات او أنها ستنحني لمجرد وقوع انفجارات ، أو أن رقابها ستذل لمجرد أن يأتي مجرماً من هنا وهناك لكي يحاول أن يُسمع صوت الارهاب، من يتصور ذلك فأنه يقدم لنا دليل حماقته ودليل غبائه، فهذه الأمة كم تعرضت لأجراءات الأرهاب وكم وضعت رقابها تحت سيوف الظلم، وكم حاول الطغاة أن يستذلوا رقابها ولكنها حتى حينما قتلت رفعت دمها الى السماء ولم تنحني الى الارض.
لذلك لانستغرب من يتصدّى مجرم لكي يغتال عمود من أعمدة هذه الامة بعدما افصح مثل كّلِ مرة عن حقدهِ على هذه الطائفة من خلال اختيارهم لهدف اسمه السيد عبد العزيز الحكيم، متوهمين إنهم إن استطاعوا اقتناص هذا الهدف فهم بذلك سوف يذلون رقاب هذه الامة ويجعلونها تركع ولن تسير بأتجاه اهدافها..
ولم يتاخر رد هذه الامة حيث وقف سماحة الأخ الحبيب السيد عبد العزيز الحكيم بعد لحظات من الانفجار ليردد شعار هذه الامة (هيهات مِنّا الذلة) ، ولم يكن السيد عبد العزيز قد جاء بشيء جديد لأن هذا الشعار هو شعار إمامة السيد عبد العزيز وهو شعار دين السيد عبد العزيز الحكيم وهو شعار منهج السيد عبد العزيز الحكيم..
ولو أن هؤلاء المجرمين الذين ظلّوا يقدمون لنا الدليل بعد الآخر على صدق الأمام زين العابدين(عليه السلام) في قولهِ {الحمد لله الذي جعل اعدائنا من الحمقى} لو أنهم اختاروا غير السيد عبد العزيز الحكيم لكان بأمكانهم -ولو على مستوى الحكم الذي ممكن له أن يتحقق- أن يدخلوا الرعب والهلع في قلب هذا الرجل ولكن حماقتهم دفعتهم لأن يختاروا رجلاً لم يبق من اهل بيته إلا هو فلم يبق من أسرة الإمام الحكيم(رض) الا هذا الرجل وهو يقف في كلّ مرّة ليرفع أجساد أخوته او ماتبقى من أجسادهم الطاهرة وهو يقول (( اللهم تقبل مِنَّا هذا القربان)) ..إذن هل يمكن أن تهزمونا ؟ وهل تظنون إننا سنركع أمام افعالكم الجبانه هذه ؟ خسأتم والله لأنكم لم تقرأوا تأريخنا جيداً. وها أنتم ترون أن اموركم الى إنحسار والأمة سائرة الى هدفها المنشود وهو يوم الثلاثين من كانون الثاني ، ذلك اليوم الذي سيندحر فيه إرهابكم..
وهنا نقل سماحة الشيخ الصغير ما رأه – عندما وصلت رسالة المجرم صدام الى سماحة اية الله العظمى الشهيد المظلوم السيد محمد باقر الحكيم (رض) وكان السيد عبد العزيز الحكيم جالساً حيث كانت هذه الرسالة تتضمن نبأ استشهاد ستة من آل الحكيم وكذلك تتضمن تهديداً من قبل الطاغية على أن أمام كلَّ مجرم يُقتل في بغداد فأنه سوف يقتل عشرة من آل الحكيم ، فما كان من السيد محمد باقر الحكيم و السيد عبد العزيز الحكيم الا ان يقولا ((بأن ذلك لن يرهبنا وأن العمل الجهادي سوف يستمر واما العائلة فقد اعتادت ان تسير على طريق آباءها وأجدادها)).
فمثل هذه المواقف كيف للأرهاب أن يحصد إنفاسها إن تصور أنه حصد اجسادها. فهذا شهيد المحراب وهو أعظم بمزاياه من كثير من القيادات الموجودة في هذه الامة، فحينما تطاير جسده الطاهر ولم يُتعرّف عليه الا من خلال خاتمه ، فهل دعانا ذلك لأن ننكسر أو نتراجع عن المضي في طريقنا ؟ وهل أن هذه الأمة تراجعت ؟ وهذا زلزال (صومطرة) ، والذي تتحدث بعض الاخبار عن أن مايقرب من ثلاثمائة ألف أنسان راح صخيته ، وقد وقع في مكان ليس فيه ارهاب ، بل أن ارادة الله سبحانه وتعالى هي التي أذهبت كل هذه الأعداد من البشر ، وأن من مات هناك فأنه مات بأرادته سبحانه وتعالى ومن مات هنا فأنه مات بأرادته سبحانه وتعالى وأن بقي فأنما بقي بأرادت الله سبحانه وتعالى فهكذا علَّمَنا أهل البيت العصمة والطهارة بإننا يجب أن نسلم تسليماً مطلقاً لمشيئة الله تبارك وتعالى وإلا ما معنى أن لاترتعب قلوبنا مع إننا نعلم بأن كل الحراب متوجهة الينا ..
وبذلك فأنني أوجه نداءاً الى هؤلاء المجرمين وان كانت آذانهم صمّاء، وإن كانت قلوبهم كالحجارة بل هي أشدُّ قسوة ، أنا اعيد النداء الى هؤلاء بان يعيدوا قراءة اوضاعنا جيداً ، وعليهم أن يفتشوا عن اساليب لاعلاقة لها تقتلنا لأن الموت لايرهبنا ولن يثني عزيمتنا في المضي قدماً لتحقيق أهداف هذه الأمة. ما احلى من أن تعودوا الى احضان هذه الامة وتتحالفوا مع المنكوبين من ابناء هذه الامة ضد الشيطان القادم بزيِّ البعث والوهابية المجرمة او لباس اقزام واعراب المنطقة.
ثم انتقد سماحة الشيخ الصغير دبلوماسية العراق وتصريحات بعض المسؤولين الخجولة ازاء كل الاختراقات التي تحصل من قبل اطراف عديدة مبنياً على أن ما تقوم قناة الارهاب والاجرام (الجزيرة) من خلال عرضها لشريطٍ مصور يدعوا فيه المجرم (ابن لادن) لقتل العراقيين ، يعد خرقاً وتدّخلاً في الشؤن الداخلية للعراق، داعياً في ذلك الحكومة العراقية للتحدث مع الحكومة القطرية في هذا الشأن بل وحتى رفع دعوى في المحافل الدولية أسمها (قناة تحاول قتل ابناء ونساء واطفال العراق) ، وقد تساءل سماحته هل أن هنالك حرب اوضح من هذه الحرب ؟
وماذا يعني أن يكثر اقزام الأردن في التحدث عن مايريدون من خلاله إثارة الصهاينة والامريكيين ضد شيعة العراق ؟ ومن اعطاهم الحق في ذلك ؟ واين إتزان الدبلومسية يا اقزام الأردن ويا اعراب الجزيرة ؟ انسيتم أحوال الصداقة بين شعوب المنطقة ؟ ام نسيتم إحترام الشؤون الداخلية ؟؟ حتى رحتم تتحدثون بحديث السُنَّة والشيعة في العراق ؟ مع أن السنَّة والشيعة بعيدون جداً من أن يفكروا بذلك. ولماذا تكافأ الاردن بمكافئة عقود العراق وخيرات العراق وهي التي تفتح علينا ابواب جهنم؟؟؟
واستغرب سماحته من أن يصوّر السُنَّة على أنهم مبعدون عن العملية السياسية مع أن الذين انسحبوا مابين فئة فُضحت بعدم التأييد الشعبي لها فأنسحبت وبين فئة كانت هي والارهاب على طرفي سباق فلم تلتقي مصالحها مع سير العملية السياسية في العراق.
وهنا من حقنا أن نتساءل ، لماذا يعتبر هؤلاء الاكراد من اهل السَّنة حتى يقولوا ان السُّنة محرومون من التمثيل في مقاعد المجلس الوطني ، علماً ان عاصمة سنة العراق وايران وتركيا هي موجودة في مناطق الاكراد.
وبذلك اصبحت القضية واضحة فهي ليست قضية سنة وشيعة في العراق وإنما هي قضية حزب البعث وما يحاول من خلال ملياراته التي سرقها من خزانة العراق والتي صرفها لبث الرعب والارهاب في نفوس العراقيين.
هذا وقد وجهّ سماحة الشيخ الصغير نداءاً واضحاً الى السيد رئيس الوزراء بان ينظر الى طبيعة هذه الامور وأن يحددوا آلية لوضع حدٍ للتدخل في شؤون العراق . فلو أن ايران تحدثت بكلمة واحدة مما تحدث به اقزام الاردن ، ولو ان قناةً واحدة محسوبة على شيعة اهل البيت تحدثت بكلمة واحدة مما تحدثت به قناة الجزيرة ماذا كانوا يقولون ؟ إذن على ماذا يتحدثون تارة عن عن خطر الشيعة وأخرى عن هلالٍ شيعي ؟
فالشيعة موقفهم واضح وصريح فلا يريدون الا ما ارادته المرجعية ، والمرجعية لاتعرف عراقاً بدون أهل السنة وتتبرأ من عراق ليس فيه اهل السنة كما تتبرأ من عراق ليس فيه الشيعة.
اما القضية الأخرى التي اشار لها سماحة الشيخ هي قضية استغلال بعض الوزراء والمسؤولين لمناصبهم ليسخّرِوا إمكانات الدولة التي اتيحت لهم من اجل سباق الانتخابات علماً إنهم يجب ان يتجردوا من كل انتماءاتهم الطائفية والسياسية لمجرد توليهم لهذه المناصب..
مسألة اخرى تناولها سماحته وهي ما تحاول بعض الجهات من خلال وسائل الأعلام الترويج له وهو (إن المرجعية هي اب للجميع ولا تؤيد جهة دون أخرى)) وللأسف الشديد فأن المرجعية تكذب هذا القول تكذيباً واضحاً ، صحيح أن المرجعية هي أبٌ للجميع ولكن الأب من حقهِ أن ياتمن أكثر أبناءه تحملاً للمسؤولية وأكثرهم صبراً على المضي نحو الأهداف المنشودة .
والعجيب ان كل القوائم الانتخابية لم تتعرض اي واحدة منها لأي إتهام وقائمة الأئتلاف العراقي الموحد هي الوحيدة التي تتعرض للأتهامات من كل الأطراف.
وقد خُصِّصَ القسم الأخير من الخطبة السياسية لسماحة الشيخ عن الجانب الأمني خاصة وأن العراق مُقْبِلٌ على الأنتخابات حيث أكد سماحته على أن الجميع يجب أن تحمل المسؤولية في ذلك ولايعتمد فقط على اجهزة الدولة الأمنية لأنها وحدها غير كافية لتوفير الأمن للمجتمع، داعياً من خلال ذلك الجميع للتصَّدي لكل ظاهرة يمكن أن تكون عملاً ارهابياً من خلال إبلاغ الأجهزة الأمنية عنها كي لايبقى وكراً ارهابياً واحداً.
وقد تأسف سماحته لما حصل في منطقة الغزالية حيث تعجّب من بساطة الناس وهم يرون سودانياً ومصرياً وفلسطينياً يؤجرون بيتاً بمبلغ كبير وبعد أحداث الفلوجة مباشرةً ، فماذا يعني ذلك؟؟ ولماذا لم تبلغ اجهزة الدولة عن أن هناك اغراباً قد نزلوا للتحقق من اوضاعهم ؟!! وكانت النتيجة ماحصل من قتل للأبرياء ومن بينهم سبعة افراد لعائلة احد حراّس مسجد براثا راحوا جميعهم ضحيةً لهذا العمل الأجرامي الشنيع..
ثم بارك سماحته ماحصل من تلاحم وتآزر بين السنة والشيعة لطرد عصابات الأرهاب من منطقتي الرحمانية والجعيفر ، فبعد ان كان دماء الأبرياء في كل يوم تراق على طرقات هذه المناطق، أنتفض الشرفاء من ابناء الشعب سُّنَةُ وشيعةٌ ليطردوا الأرهابيين وليعيدوا الأمن الى اهاليهم . وبذلك على الحكومة ان تعرف جيداً بأن هذا الشعب فيه خيراً كثيراً ، وأن بأمكانه أن يتصدّى بنفسه لحماية اجهزة الدولة لو أنه حظي بدعم وإسناد منها.
وأخيراُ توجه سماحة الشيخ الصغير الى الباري عزوجل بالدعاء للعراق والعراقيين وأن ينجيهم من شر الأشرار وكيد الفجّار وطوارق الليل والنهار إنه هو السميع المجيب..
والحمد لله رب العالمين وصلاته وسلامه على رسوله وآله الطاهرين..[/align][/B][/font][/size]