منقول يا عبادي الحقراء الوهابية التعساء
http://www.albrhan.org/maqalat/imama/pa27.html
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد ثبت بالقطع واليقين أن أئمة أهل البيت عليهم السلام كانوا يراعون مصلحة الإسلام والنظر لبقائه واستمرار تعاليمه ولو كلفهم هذا الأمر غض الطرف عن استرداد حقهم المهتضم الذي يستوجب رفع السلاح وإشعال نار الفتنة التي إن اشتعلت في تلك الظروف لأحرقت الإسلام كله ، فكان من المحتم على العاقل الشفيق -فضلا عن سادة العقلاء وأرفق الناس بالناس وعلى رأسهم علي بن أبي طالب عليه السلام- ألا يصعّد الأمر تصعيدا عمليا لمواجهة هذا الطغيان المستتر تحت لواء الإسلام الذي يحاول أهل الردة والمشركون هتكه وإزاحته عن الوجود ، فكان موقف الإمام علي عليه السلام والزهراء عليها السلام هو الموقف الصحيح الذي لو لم يتبعه لما كنا جميعا اليوم من أهل الإسلام ولكان ديننا اليوم خطا مدونا في الكتب وملحقا بالأساطير القديمة .
والإمام علي عليه السلام وإن لم يصعد الأمر عمليا إلا أنه لم يترك التصريح به بين الفينة والأخرى وقد أشهد على بيعة غدير خم الصحابة في رحبة المدينة حينما قتل الصحابة عثمان بن عفان فجاؤا للإمام عليه السلام يطلبون منه أن يكون خليفتهم فأبى ذلك إلا أن يشهدوا بما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حقه في غدير خم .
مسند أحمد ج1ص119 : " عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : ثم شهدت عليا رضي الله عنه في الرحبة ينشد الناس : أنشد الله من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم من كنت مولاه فعلى مولاه لما قام فشهد . قال عبد الرحمن : فقام اثنا عشر بدريا كأني أنظر إلى أحدهم . فقالوا : نشهد إنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواج أمهاتـهم ؟ فقلنا : بلى يا رسول الله ! قال : فمن كنت مولاه فعلى مولاه . اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ".
والحادثة ثابتة بطرق صحيحة كما نص عليها الألباني في سلسلته الصحيحة حديث رقم 1750.
ثم إن موقف الإمام علي عليه السلام من دولة أبي بكر وعمر وعثمان دليل واضح على موقفه المعارض منها لأنه لم يكن يخرج مع جيوشهم لقتال المرتدين أو لفتح الدول أو محاربة المعتدين ولم يكن يتصدى لأي شأن من شؤون دولتهم وهو الذي كان عضد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأسد الله الغالب في المعارك وكان حامل لواء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينـزله عن يده ! فما باله اعتزل كل هذا بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟! ولهذا شواهد كثيرة نغض الطرف عنها لوقتها .
ولو تأملنا في كل هذا ولما جاء في الطرق المتواترة معنى في ممارسة أهل البيت عليهم السلام للمداراة حفاظا على الإسلام، نقطع أن لأهل البيت عليهم السلام قضية مهمة جدا وهي الحفاظ على ما تبقى من الإسلام مضحّين بكل غال ونفيس ولو بسلوك منهجية تقديم الأهم على المهم والتنازل لأجل إيصال الحق والدين للأجيال الآتية ، وهذا لن يتأتى إلا بالمداراة والتقية التي يفرضها واقع الحال الذي يعيشونه .
وهذا الأمر لا يروق لكثير ممن لا ينظرون للأمور بنظرة عقلائية مسؤولة ، فيرى أن المداراة تراجعا عن الحق ! أو أن سلوك غير سبيل التقية هو المحتم ! دون النظر لعواقب الأمور !، أمن العقل ترك المداراة والتقية حتى لو أدى الأمر إلى سفك الدماء واشعال نار الفتن وتمكن أعداء الله من قتل أئمة الدين بكل يسر وسهولة وتشويه صورة الأئمة في نظر الأجيال الآتية بإشاعة أنهم بغاة فتنة وشغب والعياذ بالله ؟!
ولكي يعلم الخصم -غير المسؤول في تصوراته وغير العقلائي في تفكيره- أن ما نقوله من منهجية أهل البيت عليهم السلام في المداراة كان معروفا بين أئمة أهل البيت أنفسهم ويقرون به ننقل له رواية صحيحة السند ومن كتبهم تحكي هذا الواقع ، فإن الإمام الباقر عليه السلام يقول إن الإمام علي عليه السلام لم يستطع ارجاع سهم ذوي القربي كما كان زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن غيره الحكام السابقين خشية أن يقول الناس أن عليا عليه السلام خالف أبا بكر وعمر !! وهو بسند صحيح من طرق أهل السنة .
فقد أخرج ابن شبة النميري في كتابه تاريخ المدينة ج1ص217 قال :
حدثنا حبان بن هلال –ثقة ثبت- قال ، حدثنا يزيد بن زريع –ثقة ثبت- قال ، حدثنا محمد بن إسحاق –الثقة المشهور- قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي : أرأيت حين ولي علي العراقين وما ولي من أمر الناس ، كيف صنع في سهم ذي القربى ؟ قال : سلك به طريق أبي بكر وعمر .
قلت : وكيف ؟ ولم ؟ وأنتم تقولون ؟ .
قال : أم والله ما كان أهله يصدرون إلا عن رأيه .
قلت : فما منعه ؟
قال : كان والله يكره أن يدعى عليه خلاف أبي بكر وعمر ".
ملاحظة : ابن اسحاق ثقة مدلس ، ولا معنى لفرض تدليس ابن اسحاق في هذا الحديث لأنه يروي أمرا حدث معه شخصيا والتدليس إنما يعل به الحديث إن روى المدلس أمرا عن غيره ، هذا أولا ، وبصيغة تحتمل السماع كـ (عن) أو (قال) وكل هذا مفقود في المقام ، فالسند صحيح تام لا غبار عليه .
ونلاحظ في هذه الرواية عدة أمور :
1- أن الإمام علي عليه السلام كان يمارس التقية ولا يستطيع ارجاع الحق إلى أهله للظروف القاهرة التي كانت تحيط به .
2- أن تقية الإمام علي عليه السلام كانت موجودة حتى في زمان إمارته على الناس فإنه لم يكن مبسوط اليد لإزاحة الباطل الذي افتعله السابقون عليه ، فكيف الحال لو لم يكن أميرا على الناس ؟ فلا ريب حينها سيكون حليف المداراة والنظر لمستقبل الإسلام .
3- أن قول ابن اسحاق (وكيف ؟ ولم ؟ وأنتم تقولون ؟ ) يدل صريحا على أن موقف أئمة أهل البيت عليهم السلام كان واضحا من مخالفات أبي بكر وعمر للشريعة وتبديلهما لتعاليمها ، لذلك تعجب ابن اسحاق من سلوك علي عليه السلام مسلك أبي بكر وعمر في منع سهم ذوي القربى عن أهل البيت عليهم السلام .
4- إن قول الإمام الباقر عليه السلام ( أم والله ما كان أهله يصدرون إلا عن رأيه ) يدل صريحا على أن موقف أهل البيت لم يكن واضحا فحسب بل كان واحدا ومتفقا على مخالفة أبي بكر وعمر .
فحاول الإمام عليه السلام بـهذه العبارة رفع توهم ابن اسحاق أن هناك مخالفة بين رأي أهل البيت عليهم السلام وبين موقف الإمام علي عليه السلام الموافق لرأي أبي بكر وعمر ، فقال له الإمام الباقر إن رأينا هو رأي علي عليه السلام لكن الإمام علي لم يكن يستطيع تغيير ما عليه الناس حتى لا يقال خالف أبي بكر وعمر ، فهناك فرق بين رأيه وبين السلوك الخارجي فإن الإنسان قد يعمل عملا يرى الحق في خلافه لأجل ضرورة قاهرة .
5- قول الباقر عليه السلام (كان والله يكره أن يدعى عليه خلاف أبي بكر وعمر ) يدل على أن المجتمع في الكوفة ( أرأيت حين ولي علي العراقين ) لم يكن شيعيا في زمان الإمام علي عليه السلام وإلا لما وجد عندهم هذا التقديس الفارغ لفعل أبي بكر وعمر دون النظر في الأدلة والحق الذي يجب أن يتبع ، وهذا خلاف ما يحاول بعض الجهلة ابرازه من أن الكوفة كانت بيد الشيعة زمن الإمام علي عليه السلام .
وبعد هذا نقول إن من يريد فهم التاريخ فهما صحيحا ليصل للحقيقة عليه أن ينظر للأمور والظروف من كل جوانباها وحيثياتها ولا ينظر للحوادث التاريخية بنظرة عابرة سطحية دون اعتبار للظروف كلها الدخيلة في تغيير الموقف ، فرب أمر سلكته مسلكا معينا سلكته يوما ما مسلكا آخر لوجود حيثية دقيقة قلبت الميزان ورجحت لك طريقا آخر غير الذي سلكته بالأمس ، فالمنصف إذن لا يقول إن الإمام علي عليه السلام قد اعترض على عثمان في متعة الحج ! فلماذا يجبر هنا على سلوك مسلك أبي بكر وعمر !
لأن هذا المعترض قد ابتلي بما أسلفناه من ضيق الأفق وعدم لحاظ حيثيات الوضع والظروف الموضوعية التي لها مدخلية في تغيير الموقف ، فإن سهم ذوي القربى سيعود على الإمام علي عليه السلام وعلى أولاده خاصة بالأموال وهو مال سيحوله من بيت مال المسلمين إلى بيت علي عليه السلام ويستأثر به ! فسيحسب الجاهل بذلك أن سيرة عثمان بن عفان التي قتلته قد عاد إليها الإمام علي عليه السلام ! وهذه مفسدة عظيمة . وحيثيات أخرى منها أن متعة الحج أمر قد خالف فيه عمر وعثمان القرآن مخالفة صريحة مع وجود السيرة المستمرة من الصحابة على انتهاج المتعة إلى الحج لذلك كان بعض الصحابة يفتي بـها ويعترض على من حرمها ، فإذن هناك ظروف موضوعية كثيرة تجعل من ذاك اعتراضا صريحا ومن هذا اعتراضا قلبيا يلجم بلجام التقية والمداراة .
والمهم في هذا كله أن أئمة أهل البيت عليهم السلام كانوا على علم بما كان يجري على الإمام علي عليه السلام وممارسته التقية في حياته ومواقفه لا فقط أيام تأمر أبي بكر وعمر وعثمان بل في أيام إمارته أيضا وهو رأي الشيعة الإمامية ، فلم تأت هذه الفكرة من عنديات الشيعة بل ثبتت عندهم من طرقهم الكثيرة ، وها قد ثبتت باسناد صحيح من طرق أهل السنة .
والحمد لله رب العالمين
http://www.albrhan.org/maqalat/imama/pa27.html
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد ثبت بالقطع واليقين أن أئمة أهل البيت عليهم السلام كانوا يراعون مصلحة الإسلام والنظر لبقائه واستمرار تعاليمه ولو كلفهم هذا الأمر غض الطرف عن استرداد حقهم المهتضم الذي يستوجب رفع السلاح وإشعال نار الفتنة التي إن اشتعلت في تلك الظروف لأحرقت الإسلام كله ، فكان من المحتم على العاقل الشفيق -فضلا عن سادة العقلاء وأرفق الناس بالناس وعلى رأسهم علي بن أبي طالب عليه السلام- ألا يصعّد الأمر تصعيدا عمليا لمواجهة هذا الطغيان المستتر تحت لواء الإسلام الذي يحاول أهل الردة والمشركون هتكه وإزاحته عن الوجود ، فكان موقف الإمام علي عليه السلام والزهراء عليها السلام هو الموقف الصحيح الذي لو لم يتبعه لما كنا جميعا اليوم من أهل الإسلام ولكان ديننا اليوم خطا مدونا في الكتب وملحقا بالأساطير القديمة .
والإمام علي عليه السلام وإن لم يصعد الأمر عمليا إلا أنه لم يترك التصريح به بين الفينة والأخرى وقد أشهد على بيعة غدير خم الصحابة في رحبة المدينة حينما قتل الصحابة عثمان بن عفان فجاؤا للإمام عليه السلام يطلبون منه أن يكون خليفتهم فأبى ذلك إلا أن يشهدوا بما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حقه في غدير خم .
مسند أحمد ج1ص119 : " عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : ثم شهدت عليا رضي الله عنه في الرحبة ينشد الناس : أنشد الله من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم من كنت مولاه فعلى مولاه لما قام فشهد . قال عبد الرحمن : فقام اثنا عشر بدريا كأني أنظر إلى أحدهم . فقالوا : نشهد إنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواج أمهاتـهم ؟ فقلنا : بلى يا رسول الله ! قال : فمن كنت مولاه فعلى مولاه . اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ".
والحادثة ثابتة بطرق صحيحة كما نص عليها الألباني في سلسلته الصحيحة حديث رقم 1750.
ثم إن موقف الإمام علي عليه السلام من دولة أبي بكر وعمر وعثمان دليل واضح على موقفه المعارض منها لأنه لم يكن يخرج مع جيوشهم لقتال المرتدين أو لفتح الدول أو محاربة المعتدين ولم يكن يتصدى لأي شأن من شؤون دولتهم وهو الذي كان عضد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأسد الله الغالب في المعارك وكان حامل لواء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينـزله عن يده ! فما باله اعتزل كل هذا بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟! ولهذا شواهد كثيرة نغض الطرف عنها لوقتها .
ولو تأملنا في كل هذا ولما جاء في الطرق المتواترة معنى في ممارسة أهل البيت عليهم السلام للمداراة حفاظا على الإسلام، نقطع أن لأهل البيت عليهم السلام قضية مهمة جدا وهي الحفاظ على ما تبقى من الإسلام مضحّين بكل غال ونفيس ولو بسلوك منهجية تقديم الأهم على المهم والتنازل لأجل إيصال الحق والدين للأجيال الآتية ، وهذا لن يتأتى إلا بالمداراة والتقية التي يفرضها واقع الحال الذي يعيشونه .
وهذا الأمر لا يروق لكثير ممن لا ينظرون للأمور بنظرة عقلائية مسؤولة ، فيرى أن المداراة تراجعا عن الحق ! أو أن سلوك غير سبيل التقية هو المحتم ! دون النظر لعواقب الأمور !، أمن العقل ترك المداراة والتقية حتى لو أدى الأمر إلى سفك الدماء واشعال نار الفتن وتمكن أعداء الله من قتل أئمة الدين بكل يسر وسهولة وتشويه صورة الأئمة في نظر الأجيال الآتية بإشاعة أنهم بغاة فتنة وشغب والعياذ بالله ؟!
ولكي يعلم الخصم -غير المسؤول في تصوراته وغير العقلائي في تفكيره- أن ما نقوله من منهجية أهل البيت عليهم السلام في المداراة كان معروفا بين أئمة أهل البيت أنفسهم ويقرون به ننقل له رواية صحيحة السند ومن كتبهم تحكي هذا الواقع ، فإن الإمام الباقر عليه السلام يقول إن الإمام علي عليه السلام لم يستطع ارجاع سهم ذوي القربي كما كان زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن غيره الحكام السابقين خشية أن يقول الناس أن عليا عليه السلام خالف أبا بكر وعمر !! وهو بسند صحيح من طرق أهل السنة .
فقد أخرج ابن شبة النميري في كتابه تاريخ المدينة ج1ص217 قال :
حدثنا حبان بن هلال –ثقة ثبت- قال ، حدثنا يزيد بن زريع –ثقة ثبت- قال ، حدثنا محمد بن إسحاق –الثقة المشهور- قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي : أرأيت حين ولي علي العراقين وما ولي من أمر الناس ، كيف صنع في سهم ذي القربى ؟ قال : سلك به طريق أبي بكر وعمر .
قلت : وكيف ؟ ولم ؟ وأنتم تقولون ؟ .
قال : أم والله ما كان أهله يصدرون إلا عن رأيه .
قلت : فما منعه ؟
قال : كان والله يكره أن يدعى عليه خلاف أبي بكر وعمر ".
ملاحظة : ابن اسحاق ثقة مدلس ، ولا معنى لفرض تدليس ابن اسحاق في هذا الحديث لأنه يروي أمرا حدث معه شخصيا والتدليس إنما يعل به الحديث إن روى المدلس أمرا عن غيره ، هذا أولا ، وبصيغة تحتمل السماع كـ (عن) أو (قال) وكل هذا مفقود في المقام ، فالسند صحيح تام لا غبار عليه .
ونلاحظ في هذه الرواية عدة أمور :
1- أن الإمام علي عليه السلام كان يمارس التقية ولا يستطيع ارجاع الحق إلى أهله للظروف القاهرة التي كانت تحيط به .
2- أن تقية الإمام علي عليه السلام كانت موجودة حتى في زمان إمارته على الناس فإنه لم يكن مبسوط اليد لإزاحة الباطل الذي افتعله السابقون عليه ، فكيف الحال لو لم يكن أميرا على الناس ؟ فلا ريب حينها سيكون حليف المداراة والنظر لمستقبل الإسلام .
3- أن قول ابن اسحاق (وكيف ؟ ولم ؟ وأنتم تقولون ؟ ) يدل صريحا على أن موقف أئمة أهل البيت عليهم السلام كان واضحا من مخالفات أبي بكر وعمر للشريعة وتبديلهما لتعاليمها ، لذلك تعجب ابن اسحاق من سلوك علي عليه السلام مسلك أبي بكر وعمر في منع سهم ذوي القربى عن أهل البيت عليهم السلام .
4- إن قول الإمام الباقر عليه السلام ( أم والله ما كان أهله يصدرون إلا عن رأيه ) يدل صريحا على أن موقف أهل البيت لم يكن واضحا فحسب بل كان واحدا ومتفقا على مخالفة أبي بكر وعمر .
فحاول الإمام عليه السلام بـهذه العبارة رفع توهم ابن اسحاق أن هناك مخالفة بين رأي أهل البيت عليهم السلام وبين موقف الإمام علي عليه السلام الموافق لرأي أبي بكر وعمر ، فقال له الإمام الباقر إن رأينا هو رأي علي عليه السلام لكن الإمام علي لم يكن يستطيع تغيير ما عليه الناس حتى لا يقال خالف أبي بكر وعمر ، فهناك فرق بين رأيه وبين السلوك الخارجي فإن الإنسان قد يعمل عملا يرى الحق في خلافه لأجل ضرورة قاهرة .
5- قول الباقر عليه السلام (كان والله يكره أن يدعى عليه خلاف أبي بكر وعمر ) يدل على أن المجتمع في الكوفة ( أرأيت حين ولي علي العراقين ) لم يكن شيعيا في زمان الإمام علي عليه السلام وإلا لما وجد عندهم هذا التقديس الفارغ لفعل أبي بكر وعمر دون النظر في الأدلة والحق الذي يجب أن يتبع ، وهذا خلاف ما يحاول بعض الجهلة ابرازه من أن الكوفة كانت بيد الشيعة زمن الإمام علي عليه السلام .
وبعد هذا نقول إن من يريد فهم التاريخ فهما صحيحا ليصل للحقيقة عليه أن ينظر للأمور والظروف من كل جوانباها وحيثياتها ولا ينظر للحوادث التاريخية بنظرة عابرة سطحية دون اعتبار للظروف كلها الدخيلة في تغيير الموقف ، فرب أمر سلكته مسلكا معينا سلكته يوما ما مسلكا آخر لوجود حيثية دقيقة قلبت الميزان ورجحت لك طريقا آخر غير الذي سلكته بالأمس ، فالمنصف إذن لا يقول إن الإمام علي عليه السلام قد اعترض على عثمان في متعة الحج ! فلماذا يجبر هنا على سلوك مسلك أبي بكر وعمر !
لأن هذا المعترض قد ابتلي بما أسلفناه من ضيق الأفق وعدم لحاظ حيثيات الوضع والظروف الموضوعية التي لها مدخلية في تغيير الموقف ، فإن سهم ذوي القربى سيعود على الإمام علي عليه السلام وعلى أولاده خاصة بالأموال وهو مال سيحوله من بيت مال المسلمين إلى بيت علي عليه السلام ويستأثر به ! فسيحسب الجاهل بذلك أن سيرة عثمان بن عفان التي قتلته قد عاد إليها الإمام علي عليه السلام ! وهذه مفسدة عظيمة . وحيثيات أخرى منها أن متعة الحج أمر قد خالف فيه عمر وعثمان القرآن مخالفة صريحة مع وجود السيرة المستمرة من الصحابة على انتهاج المتعة إلى الحج لذلك كان بعض الصحابة يفتي بـها ويعترض على من حرمها ، فإذن هناك ظروف موضوعية كثيرة تجعل من ذاك اعتراضا صريحا ومن هذا اعتراضا قلبيا يلجم بلجام التقية والمداراة .
والمهم في هذا كله أن أئمة أهل البيت عليهم السلام كانوا على علم بما كان يجري على الإمام علي عليه السلام وممارسته التقية في حياته ومواقفه لا فقط أيام تأمر أبي بكر وعمر وعثمان بل في أيام إمارته أيضا وهو رأي الشيعة الإمامية ، فلم تأت هذه الفكرة من عنديات الشيعة بل ثبتت عندهم من طرقهم الكثيرة ، وها قد ثبتت باسناد صحيح من طرق أهل السنة .
والحمد لله رب العالمين
تعليق