بسم الله الرحمن الرحيم


والصلاة والسلام علي امام المتقين محمد بن عبدلله النبي العربي الامين الذي تركنا علي المحجة البيضاء ليلها كنهارها لايزيغ عنها الا هالك وعلي ال بيته الطيبين الطاهرين وعلي اصحابه اجمعين وعلي ازواجه امهات المؤمنين وعلي التابعين لهم بأحسان الي يوم الدين

اما بعد...




لاريب ان الله وصف نفسه بصفات وسمي نفسه باسماء وأخبر عن نفسه بأفعال وأخبر أنه يحب ويكره ويمقت ويرضي ويغضب ويسخط ويجيء ويأتي وينزل الي سماء الدنيا وأنه استوي علي عرشه وأن له علما وحياة وقدرة وأراده وسمعا وبصرا ووجها وأن له يدين وانه فوق عباده وأن الملائكة تعرج اليه وتنزل الامر من عنده وأنه قريب وأنه مع المحسنين ومع الصابرين ومع المتقين وأن السموات مطويات بيمينه ووصفه رسوله بانه يفرح ويضحك وان قلوب العباد بين اصابعه...وغير ذلك





وقد زلت اقدام كثير من المتاولين في هذه المساله واليك يااخي الكريم في هذه المداخلة المتواضعة بيان تعجيزهم عن تحقيق الفرق بين مايسوغ تاويله من آيات الصفات واحاديثها ومالا يسوغ حتي تطمئن الي زيف ما ذهبوا اليه من القول الباطل حول تلك الصفات التي في الفقره اعلاه استقيتها ونقلتها من كتاب مختصر الصواعق المرسله علي الجهمية والمعطله للفائده





فيقال للمتاول:تتاول هذا كله علي خلاف ظاهره ام تفسر الجميع علي ظاهره وحقيقته؟ام تفرق بين بعض ذلك وبعضه؟فان تاولت الجميع وحملته علي خلاف حقيقته كان ذلك عنادا ظاهرا وكفرا صراحا وجحدا لربوبيته وهذا مذهب الدهرية الذين لايثبتون للعالم صانعا!!فأن قلت أثبت للعالم صانعا ولكن لاأصفه بصفة تقع علي خلقه وحيث وصف بما يقع علي المخلوق تاولته قيل له:فهذه الاسماء الحسني والصفات التي وصف بها نفسه هل تدل علي معاني ثابته هي حق في نفسها او لاتدل؟فان نفيت دلالتها علي معني ثابت كان ذلك غاية التعطيل وان اثبت دلالتها علي معني هي حق في نفسهاثابت.قيل لك:فماالذي سوغ لك تاويل بعضها دون بعض؟وما الفرق بين ماأثبتها ونفيتها من جهة السمع والعقل. ودلالة النصوص علي ان له سمعا وبصرا وعلما وقدرة وارادة وحياة وكلاما كدلالتها علي ان له محبة ورحمة وغضبا ورضا وفرحا وضحكا ووجها ويدين.فدلالة النصوص علي ذلك سواء فلم نفيت حقيقة رحمته ومحبته ورضاه وغضبه وفرحه وضحكه وأولتها نفس الارادة؟؟




فان قلت:ان اثبات الاراده والمشيئة لايستلزم تشبيها وتجسيما واثبات حقائق هذه الصفات يستلزم التشبيه والتجسيم فانها لاتعقل الا في الاجسام فان الرحمة رقة في القلب تعتري طبيعة الحيوان والمحبة ميل النفس لجلب ماينفعها.والغضب غليان دم بالقلب لورود مايرد عليه.




قيل لك:وكذلك الارادة هي ميل النفس الي جلب ماينفعها ودفع مايضرها وكذلك جميه مااثبته من الصفات انما هي اغراض قائمة بالاجسام في الشاهد..فان العلم انطباع صورة المعلوم في نفس العالم او صفة عرضية قائمة به.وكذلك السمع والبصر والحياة اعراض قائمة بالموصوف.فكيف لزم التشبيه والتجسيم من اثبات تلك الصفات ولم يلزم من اثبات هذه؟؟؟



فان قلت:انا اثبتها علي وجه لايماثل صفاتنا ولايشبهها
قيل لك:فهلا اثبت الجميع علي وجه لايماثل صفات المخلوقين؟
فان قلت:هذا لايعقل
قيل لك:فكيف عقلت سمعا وبصرا وحياة وارادة ومشيئة ليست من جنس صفات المخلوقين؟
فان قلت:انا افرق بين ما يتأول ومالا يتأول بان دل العقل علي ثبوته يمتنع تاويله كالعلم والحياةوالقدرة والسمع والبصر .ومالايدل العقل عليه يجب او يسوغ تأويله كاليد والوجه والضحك والفرح والغضب والرضي فان الفعل المحكم دل الاراده فيمتنع مخالفة مادل عليه صريح العقل




قيل لك:وكذلك الانعام والاحسان وكشف الضر وتفريج الكربات دل علي الرحمة كدلالة التخصيص علي السواء.والتخصيص بالكرامة والاصطفاء والاختيار دال علي المحبة كدلالة ماذكرت علي الارادة..والاهانة والطرد والابعاد والحرمان دال علي المقت والبغض كدلالة ضده علي الرضي والحب.والعقوبة والبطش والانتقام دال علي الغضب كدلالة ضده علي الرضي
ونقول ثانيا:هب ان العقل لايدل علي اثبات هذه الصفات التي نفيتها فانه لاينفيها والسمع دليل مستقل بنفسه.بل الطمانينة في هذا الباب اعظم من الطمانينة الي مجرد العقل فما الذي يسوغ لك نفي مدلوله؟؟




ويقال ثالثا:ان كان ظاهر النصوص يقتضي تشبيها وتجسيما فهو يقتضيه في الجميع فاول الجميع.وان كان لايقتضي ذلك لم يجز تأويل شيء منه.وأن زعمت ان بعضها يقتضيه وبعضها لا يقتضيه طولبت بالفرق بين الامرين



ولما تفطن بعضهم الي تعذر الفراق قال:مادل عليه الاجماع كصفات السمع لايتاول ومالم يدل عليه الاجماع فانه يتاول وهذا كما تراه من افسد الفروق فان مضمونه ان الاجماع اثبت مايدل علي التجسيم والتشبيه وهذاقدح في الاجماع فانه لاينعقد علي باطل
ثم يقال:ان كان الاجماع دل علي هذه الصفات وظاهرها يقتضي التشبيه والتجسيم بطل نفيكم لذلك وان لم ينعقد عليها بطل التفريق به



فان قلتم:انعقد الاجماع قبلهم
قيل:صدقتم والله والذين اجمعوا قبلهم علي اثبات هذه الصفات اجمعوا علي اثبات سائر الصفات ولم يخصوها بسبع بل تخصيصها بسبع خلاف قول السلف وقول الجهمية والمعتزلة فالناس كانوا طائفتين سلفية وجهمية فحدثت طائفة السبعية واشتقت قولا بين قولين فلا للسلف اتبعوا ولامع الجهمية بقوا
وقالت طائفة اخري:مالم يكن ظاهره جوارح وابعاضا كالعلم والحياة والقدرة والارادة والكلام لايتأول.وماكان ظاهره جوارح وابعاضا كالوجه واليدين والقدم فانه يتعين تاويله لاستلزام اثباته التركيب والتجسيم
قال المثبتون:جوابنا لكم هو عين الذي تجيبون به خصومكم من الجهمية والمعتزلة ونفات الصفات
فهم قالوا لكم:لوقام به سبحانه وتعالي صفة وجودية كالسمع والبصر والعلم والقدرة والحياة لكان محلا للاعراض ولزم التركيب والتجسيم والانقسام كما قلتم:لوكان لووجه ويد واصابع لزم التركيب وحينئذ فماهو جوابكم لهؤلاء نجيبكم به؟
فان قلتم:نحن نثبت هذه الصفات علي وجه لاتكون اعراضا ولانسميها اعراضا فلايستلزم التركيب ولاالتجسيم!!
قيل لكم:ونحن نثبت الصفات التي اثبتها الله لنفسه ونفيتموها عنه علي وجه لايستلزم الابعاض والجوارح ولايسمي المتصف بها مركبا ولاجسما ولامنقسما...
فان قلتم هذه لايعقل نها الا الاجزاء والابعاض
قلنالكم:وتلك لايعقل منها الا الاعراض
فان قلتم :العرض لايبقي زمانين وصفات الرب تعالي باقية دائمة ابديه فليست اعراضا
قلنا:وكذلك الابعاض هي ماجاز مفارقتهاوانفصالهاوذلك في حق الرب تعالي محال فليست ابعاضا ولاجوارح فمفارقة الصفات الالهية للموصوف بها مستحيل مطلقا في نوعين والمخلوق يجوز ان تفارقه ابعاضه واعراضه
فان قلتم:ان كان الوجه عين اليد وعين الساق والاصبع فهو محال.وان كان غيره يلزم التمييز ويلزم التركيب
قلنا لكم:وان كان السمع هو عين البصر وهما نفس العلم وهو نفس الحياة والقدرة فهو محال وان تمييز لزم التركيب فما هو جوابكم؟فالجواب مشترك!
فان قلتم:نحن نعقل صفاتا ليست اعراضا تقوم بغير جسم وان لم يكن له في الشاهد نظير ونحن لاننكر الفرق بين النوعين في الجملة ولكن فرق غير نافع لكم في التفريق بين النوعين وان احدهما يستلزم التجسيم والتركيب والاخر لايستلزمه

يتبع