إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الطوائفية الأميركية: لويس العرب (2)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الطوائفية الأميركية: لويس العرب (2)

    الطوائفية الأميركية: لويس العرب (2)
    طارق الدليمي




    الحرب هي السلام، الحرية هي العبودية، والجهالة هي الثورة
    جورج أورويل
    في يوم الخميس 1أيار 2003 ومن على متن حاملة الطائرات <<لنكولن>> أعلن بوش الثاني خطاب الانتصار على العراق. وفي 22 من الشهر نفسه وضع بوش بقرار رئاسي يده على نفط العراق (وديعة) إلى أن تقوم حكومة ديموقرطية منتخبة فيه!! بعد ان أبادت الولايات المتحدة الدولة العراقية وحلت كل مؤسساتها سارت إلى المرحلة الثانية. هذه المرحلة الدائمة التي يلخصها الدكتور ضاري الياسين رئيس قسم الدراسات الاميركية في كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد بأن الولايات المتحدة جاءت لتبقى وأنها بمجرد ان تنصب حكومة عميلة لها ضمن مسرحية انتخابات هزلية، ستعمل بلا كلل من أجل عقد اتفاقات شاملة على النمط (الألماني الياباني الكوري) للبقاء لنصف القرن الحالي. وإذا كانت النفوس حائرة والعقول ملبدة بالضباب المتراكم والعيون مليئة بغبار الانقاض فإن الوعي العراقي المتقدم رصد الامور بالتفاصل منذ فترة بعيدة.
    هكذا كان على الجميع معرفة ما يدور غداً أفضل من الالتفات إلى الوراء. بعد أقل من نصف سنة توضح الخيط الأبيض للوطن من الخيط الأسود للاحتلال. في 15 تشرين الثاني اكتملت حلقات الانقضاض على العراق وكان الاحتلال قد عثر في ذلك الشهر على جلال الطالباني ليوقع مع بريمر وراتشموند على صك العبودية الشامل. ولكن الخبير القانوني الدولي وأستاذ القانون الدستوري في جامعة نيوسكول، اندرو اراتو، يشعر في دراسته الخطيرة التي نشرت في شباط 2004، بأن اتفاق 15 تشرين الثاني كان عملياً بين بوش والقوى الشيعية الأساسية في البلاد. ففي ذلك الشهر توضح لدى الإدارة الاميركية وقوات الاحتلال أن المقاومة المسلحة المتصاعدة لا يمكن التعامل معها فقط عسكرياً. إذ لا بد من إجراء سياسي حاسم لتجويف القوى الاجتماعية والسياسية (المتصور) أنها العنصر الأساسي للمقاومة. وبما أن من المستحيل القيام بإنجاز مهمتين في آن واحد، التصدي للمقاومة والاعلام يصرخ بأن السنة وراءها، ومواجهة الشارع الشيعي المتنافية مشاعره ومطالبه والمرجعية وراءه بالتحديد! لا سيما بعد اغتيال باقر الحكيم وفقدان القوة المحسوبة علناً على إيران أهم قياداتها. كانت اللعبة الجديدة التي انهكت البلاد نفسياً بالدوران حول الذات دائماً، استنزفت طاقاته البشرية والمادية يومياً، هي فتح صناديق اللعبة الديموقراطية إلى فضائها الواسع. الوتر الديموقراطي في العراق حسّاس ويرتبط بكل الإخفاقات السابقة والأحلام المرجوة والاهداف المطلوبة. الانتخابات كلمة السر الجديدة للاحتلال ومن معه، وعلى الجميع الركض في هذه الساحة العريضة. طرح الجسم الأساسي للشيعة الفكرة الانتخابية إلى العلن في 26 تشرين الثاني بشكل جماهيري عريض وكانت الدعوة هي معارضة بالكامل للمفهوم الأساسي للشرعية الديموقرطية والتمسك بعناد بقطبها المضاد الشرعية الانتخابية. وكان غائبا بطريقة ساذجة الميكانيزم الانتخابي لمفهوم السلطة الاحتلالية ومفاتيحها وكيفية تنظيم إمكاناتها للحصول على النتائج التي تريدها تحديداً. من يمتلك السلطة الشرعية هو ديكتاتورية الاحتلال، له كل القدرات في السيطرة على نتائج الانتخابات في حالة وقوعها، والتحكم بالجمعية التأسيسية والدستور وكل المؤسسات القادمة. وكان الخلل القائم في هذه المناورة ذا شقين: الاول: سجالي سياسي حيث إن الشرعية الديموقراطية مهددة من قبل الاحتلال والديكتاتورية العسكرية المهيمنة، والثاني جغرافي سياسي، يتعلق بالتصور العام الذي تمتلكه الإدارة الأميركية للعراق الجديد ووظيفته السياسية في المنطقة، ودوره المركزي في المشروع الأميركي الكوني. أما القاعدة الحياتية التي يستند إليها الجدل الحاسم حول أهمية الفرز العملي بين من يتمكن من تأمين المسائل الأساسية للمواطن (العمل، الطاقة، الغذاء، الأمن الاجتماعي والسياسي... وأخيراً الكرامة الخاصة) فقد تم إبطالها. حاول الاحتلال من خلال اللعب على حبال التناقضات في مجلس الحكم المؤقت والوزارة العميلة بإعلان العديد من القرارات بأجواء ساخنة من التهديد ودموية في التنفيذ. حاولت المرجعية، بالاستفادة من طاقمها الأكاديمي ومنهم مثلا حسين الشهرستاني، التلويح بأنها تمثل خطاً علمانياً ديموقراطياً يستند إلى روح الإسلام ويأخذ بالتجربة الأوروبية الديموقراطية. فشل هذا التثقيف على مذبح الأحداث القاسية اللاحقة. كانت أحداث الفلوجة والنجف مشاهد حية على أكاذيب الاحتلال وديموقراطيته المقحمة الفجة. وحينما فشلت المرجعية في توحيد الشارع الشيعي، بعد أن ادارت ظهرها للشارع الوطنى الموحد، سارعت إلى اعلان تحفظاتها المقبولة وقبولها المتحفظ على إجراءات الاحتلال المنظبطة ضمن جدول حديدي مسبق. وهكذا كان لا بد لها من أن توافق عملياً على نقل السلطة التهريجي إلى حكومة علاوي الدمية وأن ترضى فقط بالإهانة التي أصابت القيادة الكردية من خلال احباطها السياسي في قرار الأمم المتحدة ورسالة القادة الاكراد الذليلة إلى بوش. أين الحلقة المركزية الجديدة والقاعدة الأجتماعية والسياسية للمرجعية تنحسر شيعياً بعد أحداث النجف ووطنياً بعد جرائم الفلوجة؟ ان اتفاق 15 تشرين كرّس عملياً جملة آليات مهمة تمشي من خلالها ماكنة الاحتلال بالموافقة الضمنية لكل القوى الأساسية المتفقة معه أو حتى المراقبة سلبا. هنا تجري كتابة للشرعية الاحتلالية وممارستها في آن واحد. ومن الناحية العملية اصبح للقانون المرحلي (تال) الصلاحيات الكاملة حتى حصول انتخابات شاملة للبلاد ضمن سياسة الاحتلال وبرامج سلطاته وإلى أن يتحقق مجلس تأسيسي جديد وكتابة دستور دائم. من هذه الزاوية فإن المنحة السياسية الدستورية تحولت إلى أزمة خانقة كان لا بد من أن تعبر عن نفسها باجتياحات عسكرية دامية، ينظر إليها بسذاجة كريهة بأنها من أدوات الإرهاب وأيتام النظام السابق. إن المصير الكامل للبلاد يكتب في هذا المجرى والمرجعية وطاقمها الأكاديمي ينبض بنفس الايقاع الذي يعزفه الاحتلال: الانتخابات مهما كان الثمن. من هنا فالجانب العسكري الدموي للصراع كان قادراً أكثر على تظهير الصورة السياسية الراهنة. هناك دائما أكثر من أحتمال! إذا تمكنت العلاوية من الإحكام بالقرار والسيطرة الشاملة على العملية الانتخابية الجارية فإن حجج المرجعية وطاقمها الأكاديمي في الديموقراطية تسقط كلها. والطريف أن الاحتلال علماني والصنائع المركزيين علمانيون حتى الاسنان!! فكيف يمكن للمرجعية أن تكون متلاقية حول هذا الخط وليس لها رصيد تاريخي يذكر ولا تقاليد خاصة مرتبطة بهذا البرنامج والخط. واذا لم تتمكن العلاوية، وهذا يتألق في فشله الحاد، من ادارة العملية المعقدة، فإنها تخلق رغما عنها حالة نموذجية من تشتت السلطة، وليس الازدواجية فقط، حيث يتأكد بالمطلق أن القوى المسلحة هي الوحيدة القادرة على حسم الأمور.
    ولا يمكن الأخذ بجد بالقدرات المطروحة لدى المرجعية وطاقهما الذرائعي وبالتكتيكات اليومية المتنقلة التي ترغب دوماً في تجنب المواجهة مع العلاوية لكنها حين لا تلمس العون من الشارع تضطر إلى اللجوء إلى المنطق الأول أي إن هناك شرعية ولا بد للقانون (العلاوية) من أن يأخذ مجراه، وتزداد حلقات المحنة انقباضا وتتسع دوائر الدم المراق، حيث لا ضمانات نهائيا في أن يستمر الدستور المؤقت (تال) في عمله اليومي ليصل إلى حالته الدائمة. ويكون لديكتاتورية الاحتلال طاقمها الأكاديمي أيضا الذي يبرر ذلك ومنهم ربيب النظام السابق منذر الفضل، حيث تم الاستشهاد بتجارب قريبة، المجر أو جنوب افريقيا. هنا لا بد من الرجوع إلى الحلقة المركزية: فقدان السجال الحي حول النقاط الجوهرية للصراع. الجانب الوطني، حيث تصاغ جغرافية سياسية جديدة، تمثلت بأن مقاطعة الأنتخابات معادية للدين... التاريخ لطيف! والجانب الدستوري الديموقراطي حيث تفتقر العملية إلى الأدوات اللازمة لها وهي وجود شبكة محددة من القوانين المرعية للشرعية الأنتخابية من دونها لا يمكن الوصول الي الديموقراطية بالترابط الحي والعضوي مع الوظيفية التاريخية للعراق العربي والمسلم. هل يمكن الأعتماد هنا على تحليل روجر اوين مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة هارفارد حين أكد أن (تال) القانون المؤقت قد وضع على ضوء التجربة السياسية في إسرائيل التي أنشئت في عام 1948 أي إن النظام الانتخابي المعتمد على دائرة واحدة هو للحفاظ على مسألتين: الأمن الداخلي المضطرب والذي لا يمكن التكهن بمستقبله والثاني حدود البلاد وصعوبة توقع الأحداث المقبلة، والعجز الواضح عن اتخاذ قرار استراتيجي جديد بخصوص المستقبل الجغرافي السياسي للعراق وتحديدا إذا كان من الممكن حسم من يحكم استناداً إلى الأغلبية الطائفية لا السياسية. وكذلك ما هي ملامح العلاقة القائمة بين المحمية الكردية المضافة للدولة العراقية ومصيرها السياسي؟ هنا لا بد أيضا من الرجوع إلى الحلقة المركزية أي قضية العملية العضوية المعقدة اجتماعياً سياسياً في الموضع العراقي والمرتبط جدلياً مع الموقع الجغرافي له في المنطقة. فالآلية القانونية من هذه الزاوية مرتبطة بشكل لا يمكن التنصل منه بالتسوية السياسية الشاملة، مؤقتة كانت أو دائمة، تحميها قوى داخلية وتحرسها قوى إقليمية وتظللها قوى عالمية ذات طاقة تشريعية وشرعية بالحد الأدنى. من هنا فإن المرجعية وطاقمها الجامعي لا يمكنها اجتراح الصحيح في المحطات التالية: 1) الموقف من الأقليات 2) الفدرالية 3) الدستور الدائم.
    هل كانت الحياة محتملة في الأشهر السابقة؟ ذلك لأن النزعات الحادة لا يمكن ترويضها بالنوايا المعلنة، ولا يمكن السيطرة عليها الا ضمن ضوابط مسبقة ومتفق عليها، حيث يصبح من الجدارة احتقار المعادلة الهوجاء القائمة. والانقضاض على السلطة السياسية بمعونة الخارج يعادل في جوهره محاولات استرجاع السلطة بالارهاب والموت الأسود. والقانون المنظور الآن زيادة التشظي في الشارع مع إراقة الدم يوميا. وما دامت التسوية السياسية الشاملة بعيدة المنال عن برنامج الاحتلال التجريبي الترقيعي. والنتيجة لكن تكون سوى شرعية تعددية حسابية بسيطة، بعيدة عن الشرعية الديموقراطية التي أخذت بها شعوباً كثيرة وحية وقادرة بفعل إمكانياتها الخاصة صناعة مستقبلها الحياتي. فهل يمكن للتسوية أن تمشي على قوائمها الخاصة. هنا لا بد أيضا من الرجوع إلى الحلقة المركزية. فالتسوية التاريخية بجانبها الإقليمي كانت سابقاً ضعيفة في تكوين العراق السابق ولكنها حالياً أقوى حتى في ظل القطبية الواحدة. فالجعجعة التي سمعناها من الأردن حول الهلال الشيعي، ليست بعيدة عن دوائر الدراسات والمراكز البحثية المرتبطة بمراكز القرار في الولايات المتحدة. ومن أقطاب المحافظين الجدد برنارد لويس المفكر الأساسي لهم والمدير السابق للمخابرات الأميركية جميس وولسي، والاثنان صديقان شخصيان لأحمد الجلبي!! هؤلاء بدأوا منذ فترة بالترويج لفكرة إعادة الهاشمية إلى العراق ولكن بملامح جديدة ومضامين تتسق مع الحلم التشرشلي. حيث إن استعادته لمفهوم الملكية الإبراهيمية تعني بالنسبة إليه السطوة الاستعمارية/ الصهيوينة الشاملة على المنطقة وأن يكون الحاكم فيها الإقطاعي إسحاقياً، أي إسرائيلياً صهيونياً، وأن يكون الوكيل الصوباشي إسماعيلياً هاشمياً، ومن هنا الإصرار على عودة الهاشمية الى العراق!!
    () سياسي وكاتب عراقي
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X