منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (للسيد الخوئي ,ج 14الخطبة 226) قال :
اعلم أنّه قد اختلف الشارحون في المشار إليه بهذا الكلام و المكنّى به عنه قال الشّارح المعتزلي : المكنّى عنه عمر بن الخطاب ، و قد وجدت النّسخة الّتي بخطّ الرّضي جامع نهج البلاغة و تحت فلان : عمر ، حدّثني بذلك فخار بن معد الموسوى .
و سألت عن النقيب أبا « أبى ظ » جعفر يحيى بن أبى زيد العلوى فقال لى : هو عمر ، فقلت له أثنى عليه أمير المؤمنين هذا الثناء ؟ فقال : نعم ، أمّا الاماميّة فيقولون : إنّ ذلك من التقية و استصلاح أصحابه ، و أمّا الصّالحيون من الزّيدية فيقولون : انّه أثنى عليه حقّ الثّناء و لم يضع المدح إلاّ فى موضعه و نصابه ، و أمّا الجاروديّة من الزّيدية فيقولون : إنّه كلام قاله فى أمر عثمان أخرجه مخرج الذّم و التنقص لاعماله كما يمدح الآن الأمير الميّت فى أيّام الأمير الحىّ بعده ، فيكون ذلك تعريضا به ، فقلت له : إلاّ أنّه لا يجوز التعريض للحاضر بمدح الماضى إلاّ إذا كان ذلك المدح صدقا لا يخالطه ريب و لا شبهة فاذا اعترف أمير المؤمنين بأنّه أقام السّنة و ذهب نقىّ الثوب قليل العيب و أنّه أدّى إلى اللّه طاعته و اتّقاه بحقّه ، فهذا غاية ما يكون من المدح فلم يجبنى بشىء و قال : هو ما قلت لك ، قال :
و قال الرّاوندى إنّه عليه السّلام مدح بعض أصحابه بحسن السيرة و أنّ الفتنة هى الّذى وقعت بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الاختيار و الاثرة ، و هذا بعيد ، لأنّ لفظ أمير المؤمنين يشعر إشعارا ظاهرا بأنّه يمدح واليا ذا رعيّة و سيرة .
ثمّ ذكر الشّارح مؤيّدات أخرى لكون المراد به عمر إلى أن قال فى آخر كلامه :
و هذه الصّفات إذا تأملها المنصف و أماط عن نفسه الهوى علم أنّ أمير المؤمنين لم يعن بها إلاّ عمر لو لم يكن قد روى لنا توفيقا و نقلا انّ المعنى بها عمر فكيف و قد رويناه عمّن لا يتّهم فى هذا الباب ، انتهى .
و قال الشارح البحرانى : إرادته لأبى بكر أشبه لارادته لعمر ، لما ذكر عليه السّلام فى خلافة عمر و ذمّها به فى الخطبة المعروفة بالشقشقية ، انتهى .
و أقول : أما ما قاله القطب الراوندى فاستبعاد الشارح المعتزلى له بموقعه
و كذلك ما زعمه الشارح البحرانى فانه أيضا بعيد ، و تقريبه له بأنه ذمّ خلافة عمر فى خطبة الشقشقية ، فيه أنه عليه السّلام ذمّ هناك خلافة أبى بكر أيضا حسبما عرفت أيضا و لو لم يكن فيها إلاّ قوله عليه السّلام : فصبرت و فى العين قذى و فى الحلق شجى أرى تراثى نهبا ، لكان كافيا فى الطعن و الازراء المنافى للمدح و الثناء فضلا من المطاعن و المذامّ الواردة عنه عليه السّلام فى مقامات اخر فى حقّ الأوّل كالثانى المتجاوزة عن حدّ الاحصاء و طور الاستقصاء .
و أما ما زعمه الشارح المعتزلى من أنّ المراد به عمر و مبالغته فيه و استظهاره له بما فصله فى كلامه ، ففيه أنه إن كان هذا الرّجل الجلف هو المراد به و أبقينا الكلام على ظاهره على ما توهّمه الظاهر من كون عمر أهلا للأوصاف المذكورة لا غير ، كان هذا الكلام مناقضا صريحا لما تقدّم عنه فى الخطبة الشقشقية من مثالب عمر و معايب خلافته ، فلاحظ المقام و انظر ما ذا ترى .
... الى أن قال ....
و عليه فلا يبعد أن يكون مراده عليه السّلام هو مالك بن الحرث الأشتر ، فلقد بالغ في مدحه و ثنائه في غير واحد من كلماته .
مثل ما كتبه إلى أهل مصرحين ولى عليهم مالك حسبما يأتي ذكره في باب الكتب تفصيلا إنشاء اللّه .
و مثل قوله عليه السّلام فيه لما بلغ إليه خبر موته : مالك و ما مالك لو كان من جبل لكان فندا ، و لو كان من حجر لكان صلدا ، عقمت النساء أن يأتين بمثل مالك بل صرّح في بعض كلماته بأنّه كان له كما كان هو لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و من هذا شأنه فالبتّة يكون أهل لأن يتّصف بالأوصاف الآتية بل بما فوقها.
اعلم أنّه قد اختلف الشارحون في المشار إليه بهذا الكلام و المكنّى به عنه قال الشّارح المعتزلي : المكنّى عنه عمر بن الخطاب ، و قد وجدت النّسخة الّتي بخطّ الرّضي جامع نهج البلاغة و تحت فلان : عمر ، حدّثني بذلك فخار بن معد الموسوى .
و سألت عن النقيب أبا « أبى ظ » جعفر يحيى بن أبى زيد العلوى فقال لى : هو عمر ، فقلت له أثنى عليه أمير المؤمنين هذا الثناء ؟ فقال : نعم ، أمّا الاماميّة فيقولون : إنّ ذلك من التقية و استصلاح أصحابه ، و أمّا الصّالحيون من الزّيدية فيقولون : انّه أثنى عليه حقّ الثّناء و لم يضع المدح إلاّ فى موضعه و نصابه ، و أمّا الجاروديّة من الزّيدية فيقولون : إنّه كلام قاله فى أمر عثمان أخرجه مخرج الذّم و التنقص لاعماله كما يمدح الآن الأمير الميّت فى أيّام الأمير الحىّ بعده ، فيكون ذلك تعريضا به ، فقلت له : إلاّ أنّه لا يجوز التعريض للحاضر بمدح الماضى إلاّ إذا كان ذلك المدح صدقا لا يخالطه ريب و لا شبهة فاذا اعترف أمير المؤمنين بأنّه أقام السّنة و ذهب نقىّ الثوب قليل العيب و أنّه أدّى إلى اللّه طاعته و اتّقاه بحقّه ، فهذا غاية ما يكون من المدح فلم يجبنى بشىء و قال : هو ما قلت لك ، قال :
و قال الرّاوندى إنّه عليه السّلام مدح بعض أصحابه بحسن السيرة و أنّ الفتنة هى الّذى وقعت بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الاختيار و الاثرة ، و هذا بعيد ، لأنّ لفظ أمير المؤمنين يشعر إشعارا ظاهرا بأنّه يمدح واليا ذا رعيّة و سيرة .
ثمّ ذكر الشّارح مؤيّدات أخرى لكون المراد به عمر إلى أن قال فى آخر كلامه :
و هذه الصّفات إذا تأملها المنصف و أماط عن نفسه الهوى علم أنّ أمير المؤمنين لم يعن بها إلاّ عمر لو لم يكن قد روى لنا توفيقا و نقلا انّ المعنى بها عمر فكيف و قد رويناه عمّن لا يتّهم فى هذا الباب ، انتهى .
و قال الشارح البحرانى : إرادته لأبى بكر أشبه لارادته لعمر ، لما ذكر عليه السّلام فى خلافة عمر و ذمّها به فى الخطبة المعروفة بالشقشقية ، انتهى .
و أقول : أما ما قاله القطب الراوندى فاستبعاد الشارح المعتزلى له بموقعه
و كذلك ما زعمه الشارح البحرانى فانه أيضا بعيد ، و تقريبه له بأنه ذمّ خلافة عمر فى خطبة الشقشقية ، فيه أنه عليه السّلام ذمّ هناك خلافة أبى بكر أيضا حسبما عرفت أيضا و لو لم يكن فيها إلاّ قوله عليه السّلام : فصبرت و فى العين قذى و فى الحلق شجى أرى تراثى نهبا ، لكان كافيا فى الطعن و الازراء المنافى للمدح و الثناء فضلا من المطاعن و المذامّ الواردة عنه عليه السّلام فى مقامات اخر فى حقّ الأوّل كالثانى المتجاوزة عن حدّ الاحصاء و طور الاستقصاء .
و أما ما زعمه الشارح المعتزلى من أنّ المراد به عمر و مبالغته فيه و استظهاره له بما فصله فى كلامه ، ففيه أنه إن كان هذا الرّجل الجلف هو المراد به و أبقينا الكلام على ظاهره على ما توهّمه الظاهر من كون عمر أهلا للأوصاف المذكورة لا غير ، كان هذا الكلام مناقضا صريحا لما تقدّم عنه فى الخطبة الشقشقية من مثالب عمر و معايب خلافته ، فلاحظ المقام و انظر ما ذا ترى .
... الى أن قال ....
و عليه فلا يبعد أن يكون مراده عليه السّلام هو مالك بن الحرث الأشتر ، فلقد بالغ في مدحه و ثنائه في غير واحد من كلماته .
مثل ما كتبه إلى أهل مصرحين ولى عليهم مالك حسبما يأتي ذكره في باب الكتب تفصيلا إنشاء اللّه .
و مثل قوله عليه السّلام فيه لما بلغ إليه خبر موته : مالك و ما مالك لو كان من جبل لكان فندا ، و لو كان من حجر لكان صلدا ، عقمت النساء أن يأتين بمثل مالك بل صرّح في بعض كلماته بأنّه كان له كما كان هو لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و من هذا شأنه فالبتّة يكون أهل لأن يتّصف بالأوصاف الآتية بل بما فوقها.
تعليق