إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

معركة <<المنار>> مجرد بداية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • معركة <<المنار>> مجرد بداية

    معركة <<المنار>> مجرد بداية
    معارك السامية... ومحارق الحرية!
    صلاح الدين حافظ




    كثير من السكاكين الاميركية اصبحت على رقابنا، وما من يوم يمر إلا والدم ينزف، والعقل يُمتهَن، والحرية تنتهك، باسم الديموقراطية والدفاع عن حقوق الانسان، للأسف الشديد...
    لن نغوص كثيرا هذه المرة في الدماء النازفة بشدة فوق ارض فلسطين المقدسة وارض بلاد الرافدين العراق، فهي نتاج حرب عدوانية صريحة تشنها قوى باطشة تتقنع بالدفاع عن الحرية وهي تمارس العكس...
    ولكن دعونا نطرق القضية، قضيتنا في هذا الزمان من باب آخر، ونعني من باب يبدو اكثر تحضرا لانه يتعلق بالقوانين والمبادئ، وان كان ظاهره حقا وباطنه عذابا وباطلا...
    يوم الاربعاء 5/1/2005، أصدرت وزارة الخارجية الاميركية تقريرها الاول والمثير عن <<متابعة ومراقبة معاداة السامية في العالم>> حاملا علامتين بارزتين، اولاهما ادانة واسعة لعديد من دول اوروبا، بسبب تصاعد ظاهرة العداء للسامية فيها خلال الفترة الاخيرة، لكن الادانة الأشد والاقصى ذهبت كالعادة للدول العربية والاسلامية، اما ثانيتهما فهي البصمة الواضحة للمنظمات الصهيونية واللوبي اليهودي الاميركي، التي ظهرت صريحة متجاسرة في صياغة التقرير ولهجته وأحكامه وبالتالي تهديداته المباشرة!
    وبداية نذكر بأن التقرير السنوي، قد جاء تطبيقا وإنفاذا للقانون بالعنوان ذاته <<مراقبة معاداة السامية>> الذي أقره الكونغرس الاميركي في 8 اكتوبر 2004، بعد ان قدمه العضو الصهيوني الشهير توم لانتوس، ثم سارع الرئيس بوش فأصدره يوم 14 من نفس الشهر، ضمن حملته الانتخابية، وقبل نحو اسبوعين فقط من يوم الانتخابات في الثاني من نوفمبر... الهدف واضح اذاً.
    يضم القانون ست مواد رئيسية، تتفرع الى اخرى عديدة، ويستند في حيثيات اصداره (المادة الثانية) الى تصاعد مضطرد للحركات المعادية للسامية في العالم وخصوصا خلال عامي 2003 و2004، ويذكر بشكل مباشر انه لوحظ ان الانماط الحديثة والقديمة المعادية للسامية في ازدياد مستمر، خصوصا تلك الصادرة عن العالم العربي والاسلامي، والمتمثلة في اصدار الكتب من خلال هيئات النشر الحكومية في مصر ودول عربية اخرى، كما اذاع التلفزيون المصري مسلسل <<فارس بلا جواد>> وهو معاد للسامية، وأذاعت تلفزيونات عربية مسلسلا آخر معاديا للسامية بعنوان <<الشتات>>... الخ.
    وبقدر ما يدين القانون الاعمال المعادية للسامية فإنه يقرر انشاء مكتب بوزارة الخارجية الاميركية لمراقبة معاداة السامية ومكافحتها (المادة الخامسة)، ثم يربط علاقة اميركا في كل المجالات خصوصا السياسية والاقتصادية والعسكرية، بدول العالم بمدى انصياع هذه الدول للقواعد التي حددها لمكافحة معاداة السامية، بما في ذلك اصدارها لقرارات واجراءات <<لمجابهة تلك الهجمات، والقضاء على الحملات الاعلامية والتحريض، واصدار وانفاذ قوانين خاصة لحماية حقوق اليهود>> المادة السادسة.
    وقبل ان يمر شهران على صدور هذا القانون الذي لا هدف له الا حماية السياسة الاسرائيلية العدوانية من النقد والادانة، قبل حماية اليهود في العالم، إلا وأصدرت الخارجية الاميركية تقريرها الاول في الاسبوع الماضي، والذي كان مفترضا ان يصدر كل عام وفق التقاليد الحاكمة للتقارير السنوية الاخرى التي تصدرها، مثل التقرير السنوي لحقوق الانسان، والتقرير السنوي للحريات الدينية على سبيل المثال.
    ولكن للتعجل في اصدار تقرير متابعة ومكافحة معاداة السامية ضرورة قصوى، تتمثل في الاسراع بمواجهة حملة الاستنكار والإدانة الدولية للعدوان الاسرائيلي المتصاعد ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، ومن ثم حماية الجرائم الاسرائيلية ضد الانسانية في الضفة الغربية وغزة، فضلا عن حماية الجدار العنصري الذي أدانته محكمة العدل الدولية علنا، والخوف كل الخوف، أن نسمع صوتا في الكونغرس او في الادارة الاميركية غدا، يطالب بتطبيق هذا القانون الاخرق على قضاة هذه المحكمة؟ بل سنسمع من يطالب بتطبيقه اليوم قبل الغد على دول عربية واسلامية عديدة، صارت رقابها تحت السكين (راجع مقالنا في هذا المكان بعنوان <<الديموقراطية الكاذبة ومعاداة السامية>> 3/11/2004).
    
    يقع التقرير في 45 صفحة، وهو منشور على موقع وزارة الخارجية الاميركية بالانترنت، منذ ساعة صدوره في الثانية والنصف (بتوقيت واشنطن) يوم 5 يناير 2005 بحضور السفير مايكل كوزال، مساعد وزير الخارجية لشؤون الديمووقراطية وحقوق الانسان والهولوكوست!!
    ويضم التقرير جزأين رئيسيين، المقدمة التحليلية التي تتحدث عن ظاهرة معاداة السامية وتصاعدها، ويركز على الفترة من اول يوليو 2003 حتى 15 ديسمبر 2004، خصوصا في اوروبا والشرق الاوسط، ودور وسائل الاعلام الحديثة في تأجيج هذه الظاهرة عبر ما يسميه التحريص، ثم يصل الى الاجراءات المتعددة التي ينبغي اتخاذها لمكافحة ظاهرة معاداة السامية...
    اما الجزء الثاني، بعد المقدمة، فيتناول مسحا لأوضاع معاداة السامية (درجة التصعيد او التهدئة)، من 38 دولة اوروبية واورو آسيوية كما يصفها مثل تركيا واوزباكستان وغيرهما، ثم يدخل على الدول العربية والاسلامية، فيذكر تحديدا حالات مصر والعراق وايران ولبنان والمغرب وفلسطين المحتلة <<يسميها الاراضي المحتلة>> والمملكة السعودية وسوريا وتونس والامارات المتحدة واليمن، وبعد ذلك يتعرض لدول اميركا الجنوبية وآسيا.
    واذا كان كاتبو التقرير وهم قطعا من غلاة الصهيونيين الاميركيين، ينتقدون تصاعد ظاهرة معاداة السامية في دول اوروبية مثل فرنسا والمانيا وايطاليا واليونان فضلا عن روسيا، فإنهم يشيدون بالاجراءات الحكومية والقوانين التي صدرت في هذه الدول لمواجهة هذا التصاعد من ناحية، ثم يرجعون سبب عودة هذه الظاهرة الى اوروبا، بعد النازية، الى زيادة المهاجرين العرب والمسلمين الى الدول الاوروبية المختلفة حاملين معهم ثقافاتهم وعاداتهم وأفكارهم الشريرة!
    وبالمقابل يشن كاتبو التقرير هجوما قاسيا على الدول العربية والاسلامية، ويخصون <<بعنايتهم>> مصر وسوريا تحديدا، ويتهمون حكومتي البلدين صراحة بالتغاضي إن لم يكن التشجيع عن الهجمات المستمرة على اليهود، والتحريض على كراهيتهم والتعرض لمصالحهم وايذائهم نفسيا وجسديا، عبر الصحافة والاعلام والتصريحات السياسية العلنية، بما في ذلك <<تشبيه القادة الاسرائيليين بقادة النازية، وتحويل علم اسرائيل ونجمته السداسية الى الصليب المعقوف رمز علم هتلر>>!!
    ورغم حزمة الاكاذيب التي يمتلئ بها تقرير الخارجية الاميركية الأحدث، ورغم روح التربص والتزييف في الرصد والتحليل فيه، الا ان المسألة لا تقف عند هذا الحد، ذلك ان صانعي السياسة الخارجية الاميركية، مطالبون بنص القانون الخاص بمكافحة معاداة السامية الذي اشرنا اليه، بضرورة مراعاة رسم علاقات اميركا بالدول المعنية، وفق معايير هذا القانون من ناحية، وطبقا لنتائج وتوصيات التقرير السنوي من ناحية اخرى، خصوصا اذا تعلق الامر بالتعاون والمساعدات!
    ولذلك، لم يكن غريبا ان يخرج عضو الكونغرس لانتوس، مهندس القانون والمحرض على سرعة اصدار التقرير، منتفخا منتعشا ليقول: <<ان صدور هذا التقرير يشكل الخطوة الاولى، لتبدأ بعدها خطوات عملية اخرى، لمحاسبة الذين يدينهم التقرير السنوي>>. ولم يكن غريبا ايضا ان تسارع اهم منظمات اللوبي الصهيوني الاميركي، مثل ايباك ورابطة مكافحة التشهير، بالترحيب <<بالخطوة الاميركية الشجاعة>> لوقف موجة معاداة السامية!!
    
    وبقدر الخلط المتعمد في مفهوم <<السامية>> بقصد قصره على اليهود دون العرب الساميين مثلا، ونشر مظلة حمايته على اسرائيل بكل عدوانيتها وخرقها لكل القوانين الدولية والاخلاقية والانسانية، بقدر الخلط المتعمد الآخر، بين الارهاب والاسلام، الذي اصبح سيفا معلقا على كل رقبة وتهمة جاهزة وعقوبة فورية.. وهذا هو الخطر الداهم الذي ينتظرنا جميعا، دولا وشعوبا، جماعات وافرادا، وخصوصا الساسة والمثقفين والكتاب والصحافيين، وها هو قد لحق مؤخرا بتلفزيون <<المنار>> اللبناني الذي منعته فرنسا من البث، ووضعته اميركا على قائمة المنظمات الارهابية، لا لشيء الا لأنه صوت المقاومة!!
    وطبقا لتسلسل الاشياء، اذا مددنا الخط على استقامته، فان احدى التهمتين، معاداة السامية او مناصرة الارهاب، سوف تطول الكثيرين منا في المستقبل القريب، خصوصا ان القانون الاميركي المشار اليه، يكلف السفارات والادارات الاميركية من كل بلاد العالم، برصد ما تراه معاداة للسامية او تشجيعا على الارهاب. والحمد لله فإن السفارات الاميركية في بلادنا المستباحة تعمل ليل نهار من دون تقيد بقيود دبلوماسية او حدود قانونية، وكأنها مركز الحكم ومقره العامر، والمفتش العام على الاحوال والاوضاع...
    والهدف النهائي هو إسكات كل صوت ناقد او معارض للسياسة الاميركية والمخططات العدوانية الاسرائيلية، وهو الغاء كلمة المقاومة فضلا عن الوطنية والقومية من قواميس اللغة، وهو اخراس حرية الرأي والتعبير وتكميم الصحف والاعلام المتهمة تارة بمعاداة السامية، حين تهاجم السياسات الاميركية في العراق او العدوان الاسرائيلي في فلسطين، والمتهمة تارة ثانية بأنها تشجع الارهاب والتطرف والتعصب الراديكالي، حتى حين تتجاسر احيانا بنقد نظم الحكم الصديقة لاميركا والمتجاهلة لكل ما يجري في فلسطين الذبيحة!
    والامر على هذا النحو يوقع الجميع في مأزق وحيرة بالغة، ففي الوقت الذي تدعي اميركا فيه انها تريد اصلاحا ديموقراطيا في الدول العربية والاسلامية، فإنها عمليا بمثل هذه القوانين الجائرة والتقارير المنحازة، تمارس انتهاكا فظا لكل مبادئ الحرية وقواعد الديموقراطية، وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير والصحافة...
    وفي الوقت الذي يستصرخ فيه <<المتأمركون العرب>> واشنطن كي تضغط على الحكومات العربية والاسلامية، بل كي تتدخل مباشرة في الشؤون الداخلية، باسم الاصلاح الديموقراطي، تستعين هذه الحكومات المستبدة بمثل هذه القوانين والتقارير الاميركية، بما تفرضه من قيود وحدود، كي تحكم هي قبضتها الحديدية على الاوضاع. وانظر كيف استفادت حكوماتنا الرشيدة، بما اصدرته اميركا بعد هجمات سبتمبر 2001، من قوانين واجراءات مقيدة للحريات، لمكافحة الارهاب، وخصوصا القانون الوطني (<<باتريوت آكت>>) الشهير، كي تسير على منواله وتبالغ في تقييد الحريات واجهاض الاصلاح الديموقراطي الحقيقي هنا...
    وها هو قانون وتقرير مكافحة معاداة السامية، قد جاءاها على طبق من فولاذ، كي تزيد حكوماتنا من تقييد الحريات، وخصوصا حرية الرأي والصحافة، بحجة تفادي الوقوع تحت طائلة القانون الاميركي اياه، الذي نراه مناقضا لكل ما هو ديموقراطي، ومخالفا للمبادئ والقيم التي قامت عليها الليبرالية الاميركية، من اعلان الاستقلال، الى الدستور الاميركي بتعديلاته المختلفة، وصولا لانقضاضه الفظيع على الميثاق العالمي لحقوق الانسان، من حيث الشكل والموضوع جوهرا ومخبرا...
    وعلينا اذاً ان ننتظر المزيد من معارك الحرية ومحارقها، لكن المعارك تحتاج الى عقول نافذة وجهود حثيثة، والمحارق تستدعي التضحية والبذل والمقاومة، قبل ان يلحقنا الطوفان المدمر؟ ولا نظن ان شعوبنا قد همدت وخمدت الى الحد الذي تستسلم طواعية لطوفان غادر، يهاجم باسم الحرية، ويدمر كل مبادئ الحرية!!
    ؟؟ خير الكلام: قال ابن خلدون:
    الاستبداد يلعب دورا رئيسيا في انحطاط الدول وفنائها...
    () كاتب مصري
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X