من هو الشيعي حقاَ
روى جَابِر عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السَّلام ) قَالَ :
قَالَ لِي : يَا جَابِرُ أَ يَكْتَفِي مَنِ انْتَحَلَ التَّشَيُّعَ أَنْ يَقُولَ بِحُبِّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ، فَوَ اللَّهِ مَا شِيعَتُنَا إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَ أَطَاعَهُ .
وَ مَا كَانُوا يُعْرَفُونَ يَا جَابِرُ إِلَّا بِالتَّوَاضُعِ وَ التَّخَشُّعِ وَ الْأَمَانَةِ وَ كَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ وَ الصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ وَ الْبِرِّ بِالْوَالِدَيْنِ وَ التَّعَاهُدِ لِلْجِيرَانِ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَ أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَ الْغَارِمِينَ وَ الْأَيْتَامِ وَ صِدْقِ الْحَدِيثِ وَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَ كَفِّ الْأَلْسُنِ عَنِ النَّاسِ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ وَ كَانُوا أُمَنَاءَ عَشَائِرِهِمْ فِي الْأَشْيَاءِ .
قَالَ جَابِرٌ فَقُلْتُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا نَعْرِفُ الْيَوْمَ أَحَداً بِهَذِهِ الصِّفَةِ .
فَقَالَ : يَا جَابِرُ لَا تَذْهَبَنَّ بِكَ الْمَذَاهِبُ حَسْبُ الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ أُحِبُّ عَلِيّاً وَ أَتَوَلَّاهُ ثُمَّ لَا يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ فَعَّالًا ، فَلَوْ قَالَ إِنِّي أُحِبُّ رَسُولَ اللَّهِ فَرَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ ( عليه السَّلام ) ثُمَّ لَا يَتَّبِعُ سِيرَتَهُ وَ لَا يَعْمَلُ بِسُنَّتِهِ مَا نَفَعَهُ حُبُّهُ إِيَّاهُ شَيْئاً ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْمَلُوا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ ، لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَ بَيْنَ أَحَدٍ قَرَابَةٌ أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَكْرَمُهُمْ عَلَيْهِ أَتْقَاهُمْ وَ أَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِهِ .
يَا جَابِرُ : وَ اللَّهِ مَا يُتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَّا بِالطَّاعَةِ وَ مَا مَعَنَا بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ وَ لَا عَلَى اللَّهِ لِأَحَدٍ مِنْ حُجَّةٍ ، مَنْ كَانَ لِلَّهِ مُطِيعاً فَهُوَ لَنَا وَلِيٌّ ، وَ مَنْ كَانَ لِلَّهِ عَاصِياً فَهُوَ لَنَا عَدُوٌّ ، وَ مَا تُنَالُ وَلَايَتُنَا إِلَّا بِالْعَمَلِ وَ الْوَرَعِ
من هو المؤمن ؟
روى أَبو حَمْزَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) أنه قَالَ :
الْمُؤْمِنُ يَصْمُتُ لِيَسْلَمَ ، وَ يَنْطِقُ لِيَغْنَمَ ، لَا يُحَدِّثُ أَمَانَتَهُ الْأَصْدِقَاءَ ، وَ لَا يَكْتُمُ شَهَادَتَهُ مِنَ الْبُعَدَاءِ ، وَ لَا يَعْمَلُ شَيْئاً مِنَ الْخَيْرِ رِيَاءً ، وَ لَا يَتْرُكُهُ حَيَاءً ، إِنْ زُكِّيَ خَافَ مِمَّا يَقُولُونَ ، وَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ ، لَا يَغُرُّهُ قَوْلُ مَنْ جَهِلَهُ ، وَ يَخَافُ إِحْصَاءَ مَا عَمِلَهُ
أما بالنسبة لصفات المؤمنين كما وردتنا عن لسان رسول الله (ص) وأئمتنا الأطهار سلام الله عليهم فهي كالتالي :
سأل همام أمير المؤمنين عليه السلام عن صفات المؤمن. فأجابه الإمام جوابا موجزا جامعا حيث قال:"يا همام اتق الله وأحسن، أن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون"، ولكن همام لم يقتنع بهذا الجواب، ويطلب توضيحا أكثر عن كيفية المعاشرة وطريقة العبادة في الصباح والمساء، و ... عندئذ يبدأ الإمام على (ع) بذكر صفات المؤمن ويراسم ويرسم؟؟ حوالي 130 خطا من خطوط المتقين ويقول ضمن ذلك:
"لولا الأجيال التي كتب الله لهم، لم تستقر أرواحهم في أبدانهم طرفة عين ".
عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال : وقور في الهزاهز، صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء، قانع بما رزقه اللهّ، لا يظلم الأعداء، ولا يتحامل للأصدقاء، بدنه منه في نصب ، والناس منه في راحة، إن العلم خليل المؤمن ، والحلم وزيره ، والصبر أمير جنوده ، والرفق أخوه ، واللين والده »
وعن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : «المؤمن يصمت ليسلم ، وينطق ليعلم ، لا يحدث أمانته الأصدقاء، ولا يكتم شهادته من البعداء،ولا يعمل شيئاً من الخير رياءً، ولا يتركه حياءً، إن زكي خاف مما يقولون ، ويستغفر الله مما لا يعلمون ، لا يغره قول من جهله ، ويخاف إحصاء ما عمله »
عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال :«المؤمن له قوة في دين ، وحزم في لين ، وإيمان في يقين ، وحرص في فقه ، ونشاط فيهدى، وبرّ في استقامة، وعلم في حلم ، وكيس في رفق ، وسخاء في حق ، وقصد في غنى،وتجمل في فاقة، وعفوفي قدرة، وطاعة لله في نصيحة، وانتهاء في شهوة، وورع فيرغبة، وحرص في جهاد، وصلاة في شغل ، وصبر في شدة، وفي الهزاهز وقور، وفي المكارة صبور، وفي الرخاء شكور، لا يغتاب ، ولا يتكبر، ولا يقطع الرحم ، وليس بواهن ، ولا فظ ولا غليظ ، ولا يسبقه بصره ، ولا يفضحه بطنه ، ولا يغلبه فرجه ، ولا يحسد الناس ، ولا يغمز، ولا يعير، ولا يسرف ، ينصر المظلوم ، ويرم ( المسكين ، نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، لا يرغب في عز الدنيا، ولا يجزع من ذلها، للناس همّ قد أقبلوا عليه ، وله همّ قد شغله ، لا يُرى في حلمه نقص ، ولا في رأيه وهن ، ولا في دينه ضياع ، يرشد من استرشده ، وينصح من استشاره ، ويساعد من يساعده ، ويكيع عن الخنا والجهل »
عن أبي جعفر عليه السلام قال : «قال رسول اللهّ صلى الله عليه وآله : ألا اُنبئكم بالمؤمن ؟ المؤمن من ائتمنه الناس على أنفسهم وأموالهم . ألا أنبئكم بالمسلم ؟ المسلم من سلم الناس من يده ، والمهاجر من هجر السيئات ، وترك ما حرم الله ، والمؤمن حرام على المؤمن أن يظلمه ، أو يخذله ، أو يغتابه ، أو يدفعه عن حقه»
عن أبي جعفر عليه السلام قال : «صلى أمير المؤمنين عليه السلام بالناس الصبح بالعراق ، ثم انصرف فوعظهم ،فبكى وأبكى من خوف الله تعالى، ثم قال : أما والله ، لقد عهدت أقواماً على عهد خليلي رسول الله صلى اللهّ عليه واله ، وأنهم ليصبحون ويمسون شعثاً غبراً خمصاً، بين أعينهم كركب المعزى، يبيتون لربهم سجداً وقياماً يراوحون بين أقدامهم وجباههم ،يناجون ربهم ، ويسألونه فكاك رقابهم من النار، والله لقد رأيتهم مع هذا وهم خائفون وجلون مشفقون »
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : «لا يؤمن رجل فيه الشح والحسد والجبن ،ولا يكون المؤمن جباناً ولا حريصاً ولا شحيحاً»
وقال عليه السلام : «لا يكون المؤمن مؤمناً، حتى تكون فيه ثلاث خصال : سنة من ربه ، وسنة من نبيه ، وسنة من إمامه ، فأما الذي من ربه فكتمان سره ، قال اللهّ عز وجل
فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول) وأما سنة نبيه فمداراة الناس ، قال الله تعالى: (خذ العفو واْمُر بالعرف واعرض عن الجاهلين) وأما السنة من إمامه فالصبر في البأساء والضراء وحين البأس »
هذه بعض صفات المؤمنين كما وردتنا نسأل الله أن يكتبنا منهم وأن يحشرنا ويحشركم مع محمد وآل محمد (ص)
بالنسبة لصفات المؤمن في خطبة لأمير المؤمنين (ع) فهي كما يلي :
«قام رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يخطب فقال : يا أمير المؤمنين ، صف لنا صفة المؤمن كأننا ننظر إليه ، فقال عليه السلام : المؤمن هو الكيس الفطن ، بشره في وجهه ، وحزنه في قلبه ، أوسع شيء صدراً، وأذل شيء لقاء ، زاجر نفسه عن كل باب ، خائض الغمرات على كل خير، لا حقود، ولا حسود،ولا وثّاب ، ولا سبّاب ، ولا عيّاب ، ولا مغتاب ، يكره الرفعة، ويشنأ السمعة، طويل الغم ، بعيد الهم ، كثير الصمت ، ذكور، وقور، صبور، شكور، مغموم بذكره ، مسرور بفقره ، سهل الخليقة، لين العريكة، رصين الوفاء، قليل الأذى، لا متأفِّك ولا متهتك ، إن ضحك لم يُخْتَرق ، وان غضب لم ينزق ، ضحكه تبسماً، واستفهامه تعلّماً، ومراجعته تفهماً ، كثير علمه ، عظيم حلمه ،كثير الرحمة ، لا يبخل ، ولا يعجل ، ولا يضجر، ولا يبطر ، ولا يحيف في حكمه ، ولا يجور في علمه ، نفسه أصلب من الصلد، ومكادحته أحلى من الشهد، لا جشع، ولا هلع ، ولا عنت ، ولا صلف ، ولا متكلف ، ولا متعمق ، جميل المسارعة، كريم المراجعة، عدل إن غضب ، رفيق إن طلب ، لا متهور، ولا متهتك ، ولا متجبر، خالص الود، وثيق العهد، وفيّ العقد، شفيق وصول ، حليم خمول ، قليل الفضول ، راض عن الله عز وجل ، مخالف لهواه لا يغلظ على من يؤذيه ، ولا يخوض في مالا يعنيه ، ناصر للدين ، محام عن المؤمنين ، وكنف للمسلمين ، لا يخرق الثناء سمعه ، ولا ينكأ الطمع قلبه ، ولا يصرف اللعب حكمه ، ولا يطلع الجاهل علمه ، قَؤول عمّال ،عالم حازم ، لا فحاش ولا طياش ، وصول في غير عنف ، بذول في غير سرف ، لا حكّار ولا غدّار، ولا يقتفي أثراً، ولا يحيف بشراً، رفيق بالخلق ، ساع في الأرض ، عونا للضعيف ،غوث للملهوف ، لا يهتك ستراً ولا يكشف سراً، كثير البلوى، قليل الشكوى .
إن رأى خيراً ذكره ، وإن عاين شراً ستره ، يستر العيب ، ويحفظ الغيب ،ويقيل العثرة، ويغفر الزلة لا يطلع على نصح فيذر، ولا على فحش فيتهم ، أمين رصين ،تقيّ نقيّ زكيّ ، وفيّ رضيّ ، يقبل العذر، ويجمل الذكر، ويحسن بالناس الظن ،ويتهم على الغيب نفسه .
يجب في الله بفقه وعلم ، ويقطع في الله بحزم وعزم ، لا يخرق به فرح ، ولا يطيش به مرح ، مذكّر العالم ، معلّم الجاهل ، لا يتوقع له بائقة، ولا يخاف منه غائلة، كل سعي أخلص عنده من سعيه ، وكل نفس أصلح عنده من نفسه ، عالم بعيبه ، متشاغل بغمّه ،لا يثق بغير ربه ، غريب وحيد فريد، يحب في الله ، ويجاهد في الله ، ليتبع رضاه ، ولا ينتقم لنفسه بنفسه ، ولا يؤاتي في سخط ربه .
مجالس لأهل الفقر، مصادق لأهل الصدق ، مؤازر لأهل الحق ، عون للغريب ،أب لليتيم ، بعل للأرملة، حفيّ بأهل المسكنة، مرجو لكل كريمة، مأمول لكل شدة ، هشاش بشاش ، ليس بعبّاس ولا بجسّاس ، صليب كظّام بسام ، دقيق النظر، عظيم الحذر، لا يبخل وإن بُخل عليه صبر، عقل فاستحيى وقنع فاستغنى، حياؤه يعلو شهوته ،ووده يعلو حسده ، وعفوه يعلو حقده ، لا ينطق بغير صواب .
لبسه الاقتصاد، ومشيه التواضع خاشع لربه بطاعته ، راض عنه في كل حالاته ، نيته خالصة، أعماله ليس فيها غش ولا خديعة، نظره عبرة، وسكوته فكرة،وكلامه حكمة، مناصحاً متباذلاً متآخياً ناصراً في السر والعلانية، لا يهجر أخاه ، ولا يمكر به ، ولا يغتابه ، ولا يأسف على ما فاته ، ولا يحزن على ما أصابه ، ولا يرجو مالا يجوز له الرجا، ولا يفشل عند اللقاء للعدو، ولا يقنط عند البلاء، ولا يبطر في الرخاء، يمزج الحلم بالعلم ، والعقل بالصبر.
تراه بعيداً كسله ، دائماً نشاطه ، قريباً أمله ، قليلاً زللـه، متوقعاً أجله ، خاشعاً قلبه ، ذاكراً ربه ، قانعة نفسه ، نزراً أكله ، منفياً نومه ، سهلاً أمره ، حزيناً لدينه ، ميتة شهوته ، كظوماً غيظه ، صافياً خلقه ،آمناً جاره ، ضعيفاً كبره ، قانعاً بالذي قدّر له ، متيناً صبره ، محكماً أمره ، كثيراً ذكره ، يخالط الناس ليعلم ، ويصمت ليسلم ، ويسأل ليفهم ،و يتجر ليغنم ، لا ينصت للخبر فيفجر به ، ولا يتكلم الخبر على من سواه ، نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، أتعب نفسه لأخرته ، وأراح الناس من نفسه ، إن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو المنتصر له ، بُعده مما تباعد منه بغض ونزاهة، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة، ليس تباعده تكبراً ولا عظمة، ولا دنوه خديعة ولا مكرآَ، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير، وهو إمام لمن بعده من أهل البر»..
هذه بعض صفات الشيعة نوردها عن لسان أئمتنا الأطهار (ع).
قال أبو عبد الله عليه السلام : «شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه ، ولا شحناؤه بدنه ، ولا يتمدح بنا معلناً ولا يجالس لنا عائباَ، ولا يخاصم لنا قالياً ، إن لقي مؤمناً أكرمه ، وإن لقي جاهلاً هجره ».
فقلت : جعلت فداك ، فكيف أصنع بهؤلاء المشبهة؟
قال : «فيهم التمييز، وفيهم التبديل ، وفيهم التمحيص ، تأتي عليهم سنون تفنيهم ، وطاعون يقتلهم ، واختلاف يبددهم ، شيعتنا من لا يهر هرير الكلاب ، ولا يطمع طمع الغراب ، ولا يسأل عدونا وان مات جوعا» . قلت :جعلت فداك ، فأين أطلب هؤلاء؟
قال : «في أطراف الأرض ، أولئك الخفيض عيشهم ، المنتّقلة ديارهم ، إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا، ومن الموت لا يجزعون ، وفي قبورهم يتزاورون ،وإن لجأ إليهم ذو حاجة رحموه ، لن تختلف قلوبهم وإن اختلفت بهم الدار».
ثم قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنا المدينة وعلي الباب ، وكذب من زعم أنه يدخل المدينة إلاّ من قبل الباب ، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض علياً»
قال جعفر بن محمد (ع): إنما شيعة علي من عفت بطنه وفرجه ، واشتد جهاده ، وعمل لخالقه ، ورجا ثوابه ،وخاف عقابه ، فإذا رأيتهم بهذه الصفة فأولئك شيعة علي ».
وعن المفضل بن عمر، عن الصادق عليه السلام ، قال : «لا يكون المؤمن مؤمناَ حتى يهجر فينا القريب والبعيد، والأهل والولد» .
وعن أبي إسماعيل قال : قلت للصادق عليه السلام : إن الشيعة عندنا كثير،فقال : «هل يعطف الغني على الفقير؟ ويتجاوز المحسن عن المسيء ؟ ويتواسون ؟»قلت : لا، قال : «ليس هؤلاء شيعة، إنما الشيعة من يفعل هذا»
قال أبو عبد الله عليه السلام : «الشيعة ثلاث محب وادّ ، فهو منا . ومتزين بنا، ونحن زين لمن تزين بنا. ومستأكل بنا الناس ، ومن استأكل بنا افتقر» . وقال عليه السلام : «امتحنوا شيعتنا عند ثلاث : عند مواقيت الصلاة، كيف محافظتهم عليها؟ وعند أسرارهم ، كيف حفظهم لها من عدونا ؟ وعند أموالهم ، كيف مواساتهم لإخوانهم فيها؟».
وروى نوف البكالي قال : سمعت مولاي أمير المؤمنين عليه السلام ، يقول :
«خلقنا من طينة، وخلق شيعتنا من فضل طينتنا، فإذا كان يوم القيامة الحقوا بنا».
فقلت : يا أمير المؤمنين ، صف لي شيعتك ، فبكى عليه السلام ، ثم قال : «شيعتي والله الحلماء الحكماء، العلماء بالله وبدينه ، العاملون بأمره ، المهتدون بطاعته،أحلاس عبادة، وانضاء زهادة، صفر الوجوه من السهر، عمش العيون من البكاء،خمص البطون من الصيام ، ذبل الشفاه من الدعاء، مصابيح كل ظلمة، وربحان كل قبيله ، تعرف الزهادة من سيماهم ، والرهبانية في وجوههم ، لا يسبون من المسلمين خلقاً،ولا يقتفون منهم اثرا، شرورهم مأمونة، وأنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، وقلوكم محزونة، فهم الأكايس الألباء، الخلصاء النجباء، الرّواعون فراراً بدينهم ، الذين إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، أولئك شيعتي الأطيبون ، وإخواني الأكرمون ،ألا، ها شوقاً إلى رؤيتهم »
وقال جابر بن يزيد الجعفي : دخلت على مولاي أبي جعفر الباقر عليه السلام فقال : «يا جابر، ليس من انتحل التشيع وحبنا أهل البيت بلسانه كان من شيعتنا،فلا تذهبن بكم المذاهب ، فو الله ما شيعتنا إلاّ من اتقى الله وأطاعه ، إن شيعتنا لا يطمعون طمع الغراب ، ولا يهرون هرير الكلاب ، وإن شيعتنا أهل التواضع والتخشع ،والتعبد والورع والاجتهاد، وتعهد الأخوان، ومواصلة الجيران والفقراء والمساكين والأرامل والأيتام والغارمين ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة، وصلة الأرحام ، وتلاوة القران ، وكثرة الذكر لله تعالى، وكف الألسن إلاّ من خير» .
فقال جابر: يا مولاي ، ما أعرف أحداً اليوم بهذه الصفات .
فقال : «يا جابر، حَسِبَ الرجل إن يقول اُحب علياً وأتولاه ، ولا يكون مع ذلك عاملاً بقوله! فلو قال : اُحب رسول الله فرسول الله خير من علي ولم يتبع سيرته، ولم يعمل بسنته ، ما أغنى عنه ذلك من الله شيئاً، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله ، فإن أحب العباد إلى الله أعملهم بطاعته وأتقاهم له ، وإنه ليس بين الله وبين أحد قرابة،وما معنا براءة من النار، ولا لنا على الله من حجة، من كان طائعاً لله فهو لنا ولي ولو كان عبداً حبشياً، ومن كان عاصيا لله فهو لنا عدو وإن كان حراً قرشياً.
والله ما تنال شفاعتنا الا بالتقوى والورع والعمل الصالح ، والجد والاجتهاد،فلا تغتروا بالعمل ويسقط عنكم، فإذن أنتم أعز على الله منا، فاتقوا الله وكونوا لنا زيناً ولا تكونوا لنا شيناً، قولوا للناس حسناً، حببونا إلى الناس ولا تبغضونا إليهم ، قولوا فينا كل خير، وادفعوا عنا كل قبيح، وجروا إلينا كل مودة، فما قيل فينا من خير فنحن أهله ،وما قيل فينا من شر فلسنا كذلك ، لنا حق في كتاب الله، وقرابة من رسول الله ،وولادة طاهرة طيبة، فهكذا قولوا، ولا تعدوا بنا أقدارنا، فإنما نحن عبيد الله مربوبون ،لا نملك إلاّ ما ملكنا، ولا نأخذ إلاّ ما أعطانا، لا نستطيع لأنفسنا نفعاً ولا ضراً، ولا موتا ًولا حياة ولا نشوراً، لا والله لا أعلم أنا، ولا أحد من آبائي الغيب ، ولا يعلم الغيب إلاّ الله ، كما قال سبحانه : (إن الله عنده علم الساعة وينزّل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير)
منقول من 14 نور
روى جَابِر عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السَّلام ) قَالَ :
قَالَ لِي : يَا جَابِرُ أَ يَكْتَفِي مَنِ انْتَحَلَ التَّشَيُّعَ أَنْ يَقُولَ بِحُبِّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ، فَوَ اللَّهِ مَا شِيعَتُنَا إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَ أَطَاعَهُ .
وَ مَا كَانُوا يُعْرَفُونَ يَا جَابِرُ إِلَّا بِالتَّوَاضُعِ وَ التَّخَشُّعِ وَ الْأَمَانَةِ وَ كَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ وَ الصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ وَ الْبِرِّ بِالْوَالِدَيْنِ وَ التَّعَاهُدِ لِلْجِيرَانِ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَ أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَ الْغَارِمِينَ وَ الْأَيْتَامِ وَ صِدْقِ الْحَدِيثِ وَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَ كَفِّ الْأَلْسُنِ عَنِ النَّاسِ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ وَ كَانُوا أُمَنَاءَ عَشَائِرِهِمْ فِي الْأَشْيَاءِ .
قَالَ جَابِرٌ فَقُلْتُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا نَعْرِفُ الْيَوْمَ أَحَداً بِهَذِهِ الصِّفَةِ .
فَقَالَ : يَا جَابِرُ لَا تَذْهَبَنَّ بِكَ الْمَذَاهِبُ حَسْبُ الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ أُحِبُّ عَلِيّاً وَ أَتَوَلَّاهُ ثُمَّ لَا يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ فَعَّالًا ، فَلَوْ قَالَ إِنِّي أُحِبُّ رَسُولَ اللَّهِ فَرَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ ( عليه السَّلام ) ثُمَّ لَا يَتَّبِعُ سِيرَتَهُ وَ لَا يَعْمَلُ بِسُنَّتِهِ مَا نَفَعَهُ حُبُّهُ إِيَّاهُ شَيْئاً ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْمَلُوا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ ، لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَ بَيْنَ أَحَدٍ قَرَابَةٌ أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَكْرَمُهُمْ عَلَيْهِ أَتْقَاهُمْ وَ أَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِهِ .
يَا جَابِرُ : وَ اللَّهِ مَا يُتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَّا بِالطَّاعَةِ وَ مَا مَعَنَا بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ وَ لَا عَلَى اللَّهِ لِأَحَدٍ مِنْ حُجَّةٍ ، مَنْ كَانَ لِلَّهِ مُطِيعاً فَهُوَ لَنَا وَلِيٌّ ، وَ مَنْ كَانَ لِلَّهِ عَاصِياً فَهُوَ لَنَا عَدُوٌّ ، وَ مَا تُنَالُ وَلَايَتُنَا إِلَّا بِالْعَمَلِ وَ الْوَرَعِ
من هو المؤمن ؟
روى أَبو حَمْزَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) أنه قَالَ :
الْمُؤْمِنُ يَصْمُتُ لِيَسْلَمَ ، وَ يَنْطِقُ لِيَغْنَمَ ، لَا يُحَدِّثُ أَمَانَتَهُ الْأَصْدِقَاءَ ، وَ لَا يَكْتُمُ شَهَادَتَهُ مِنَ الْبُعَدَاءِ ، وَ لَا يَعْمَلُ شَيْئاً مِنَ الْخَيْرِ رِيَاءً ، وَ لَا يَتْرُكُهُ حَيَاءً ، إِنْ زُكِّيَ خَافَ مِمَّا يَقُولُونَ ، وَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ ، لَا يَغُرُّهُ قَوْلُ مَنْ جَهِلَهُ ، وَ يَخَافُ إِحْصَاءَ مَا عَمِلَهُ
أما بالنسبة لصفات المؤمنين كما وردتنا عن لسان رسول الله (ص) وأئمتنا الأطهار سلام الله عليهم فهي كالتالي :
سأل همام أمير المؤمنين عليه السلام عن صفات المؤمن. فأجابه الإمام جوابا موجزا جامعا حيث قال:"يا همام اتق الله وأحسن، أن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون"، ولكن همام لم يقتنع بهذا الجواب، ويطلب توضيحا أكثر عن كيفية المعاشرة وطريقة العبادة في الصباح والمساء، و ... عندئذ يبدأ الإمام على (ع) بذكر صفات المؤمن ويراسم ويرسم؟؟ حوالي 130 خطا من خطوط المتقين ويقول ضمن ذلك:
"لولا الأجيال التي كتب الله لهم، لم تستقر أرواحهم في أبدانهم طرفة عين ".
عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال : وقور في الهزاهز، صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء، قانع بما رزقه اللهّ، لا يظلم الأعداء، ولا يتحامل للأصدقاء، بدنه منه في نصب ، والناس منه في راحة، إن العلم خليل المؤمن ، والحلم وزيره ، والصبر أمير جنوده ، والرفق أخوه ، واللين والده »
وعن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : «المؤمن يصمت ليسلم ، وينطق ليعلم ، لا يحدث أمانته الأصدقاء، ولا يكتم شهادته من البعداء،ولا يعمل شيئاً من الخير رياءً، ولا يتركه حياءً، إن زكي خاف مما يقولون ، ويستغفر الله مما لا يعلمون ، لا يغره قول من جهله ، ويخاف إحصاء ما عمله »
عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال :«المؤمن له قوة في دين ، وحزم في لين ، وإيمان في يقين ، وحرص في فقه ، ونشاط فيهدى، وبرّ في استقامة، وعلم في حلم ، وكيس في رفق ، وسخاء في حق ، وقصد في غنى،وتجمل في فاقة، وعفوفي قدرة، وطاعة لله في نصيحة، وانتهاء في شهوة، وورع فيرغبة، وحرص في جهاد، وصلاة في شغل ، وصبر في شدة، وفي الهزاهز وقور، وفي المكارة صبور، وفي الرخاء شكور، لا يغتاب ، ولا يتكبر، ولا يقطع الرحم ، وليس بواهن ، ولا فظ ولا غليظ ، ولا يسبقه بصره ، ولا يفضحه بطنه ، ولا يغلبه فرجه ، ولا يحسد الناس ، ولا يغمز، ولا يعير، ولا يسرف ، ينصر المظلوم ، ويرم ( المسكين ، نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، لا يرغب في عز الدنيا، ولا يجزع من ذلها، للناس همّ قد أقبلوا عليه ، وله همّ قد شغله ، لا يُرى في حلمه نقص ، ولا في رأيه وهن ، ولا في دينه ضياع ، يرشد من استرشده ، وينصح من استشاره ، ويساعد من يساعده ، ويكيع عن الخنا والجهل »
عن أبي جعفر عليه السلام قال : «قال رسول اللهّ صلى الله عليه وآله : ألا اُنبئكم بالمؤمن ؟ المؤمن من ائتمنه الناس على أنفسهم وأموالهم . ألا أنبئكم بالمسلم ؟ المسلم من سلم الناس من يده ، والمهاجر من هجر السيئات ، وترك ما حرم الله ، والمؤمن حرام على المؤمن أن يظلمه ، أو يخذله ، أو يغتابه ، أو يدفعه عن حقه»
عن أبي جعفر عليه السلام قال : «صلى أمير المؤمنين عليه السلام بالناس الصبح بالعراق ، ثم انصرف فوعظهم ،فبكى وأبكى من خوف الله تعالى، ثم قال : أما والله ، لقد عهدت أقواماً على عهد خليلي رسول الله صلى اللهّ عليه واله ، وأنهم ليصبحون ويمسون شعثاً غبراً خمصاً، بين أعينهم كركب المعزى، يبيتون لربهم سجداً وقياماً يراوحون بين أقدامهم وجباههم ،يناجون ربهم ، ويسألونه فكاك رقابهم من النار، والله لقد رأيتهم مع هذا وهم خائفون وجلون مشفقون »
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : «لا يؤمن رجل فيه الشح والحسد والجبن ،ولا يكون المؤمن جباناً ولا حريصاً ولا شحيحاً»
وقال عليه السلام : «لا يكون المؤمن مؤمناً، حتى تكون فيه ثلاث خصال : سنة من ربه ، وسنة من نبيه ، وسنة من إمامه ، فأما الذي من ربه فكتمان سره ، قال اللهّ عز وجل

هذه بعض صفات المؤمنين كما وردتنا نسأل الله أن يكتبنا منهم وأن يحشرنا ويحشركم مع محمد وآل محمد (ص)
بالنسبة لصفات المؤمن في خطبة لأمير المؤمنين (ع) فهي كما يلي :
«قام رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يخطب فقال : يا أمير المؤمنين ، صف لنا صفة المؤمن كأننا ننظر إليه ، فقال عليه السلام : المؤمن هو الكيس الفطن ، بشره في وجهه ، وحزنه في قلبه ، أوسع شيء صدراً، وأذل شيء لقاء ، زاجر نفسه عن كل باب ، خائض الغمرات على كل خير، لا حقود، ولا حسود،ولا وثّاب ، ولا سبّاب ، ولا عيّاب ، ولا مغتاب ، يكره الرفعة، ويشنأ السمعة، طويل الغم ، بعيد الهم ، كثير الصمت ، ذكور، وقور، صبور، شكور، مغموم بذكره ، مسرور بفقره ، سهل الخليقة، لين العريكة، رصين الوفاء، قليل الأذى، لا متأفِّك ولا متهتك ، إن ضحك لم يُخْتَرق ، وان غضب لم ينزق ، ضحكه تبسماً، واستفهامه تعلّماً، ومراجعته تفهماً ، كثير علمه ، عظيم حلمه ،كثير الرحمة ، لا يبخل ، ولا يعجل ، ولا يضجر، ولا يبطر ، ولا يحيف في حكمه ، ولا يجور في علمه ، نفسه أصلب من الصلد، ومكادحته أحلى من الشهد، لا جشع، ولا هلع ، ولا عنت ، ولا صلف ، ولا متكلف ، ولا متعمق ، جميل المسارعة، كريم المراجعة، عدل إن غضب ، رفيق إن طلب ، لا متهور، ولا متهتك ، ولا متجبر، خالص الود، وثيق العهد، وفيّ العقد، شفيق وصول ، حليم خمول ، قليل الفضول ، راض عن الله عز وجل ، مخالف لهواه لا يغلظ على من يؤذيه ، ولا يخوض في مالا يعنيه ، ناصر للدين ، محام عن المؤمنين ، وكنف للمسلمين ، لا يخرق الثناء سمعه ، ولا ينكأ الطمع قلبه ، ولا يصرف اللعب حكمه ، ولا يطلع الجاهل علمه ، قَؤول عمّال ،عالم حازم ، لا فحاش ولا طياش ، وصول في غير عنف ، بذول في غير سرف ، لا حكّار ولا غدّار، ولا يقتفي أثراً، ولا يحيف بشراً، رفيق بالخلق ، ساع في الأرض ، عونا للضعيف ،غوث للملهوف ، لا يهتك ستراً ولا يكشف سراً، كثير البلوى، قليل الشكوى .
إن رأى خيراً ذكره ، وإن عاين شراً ستره ، يستر العيب ، ويحفظ الغيب ،ويقيل العثرة، ويغفر الزلة لا يطلع على نصح فيذر، ولا على فحش فيتهم ، أمين رصين ،تقيّ نقيّ زكيّ ، وفيّ رضيّ ، يقبل العذر، ويجمل الذكر، ويحسن بالناس الظن ،ويتهم على الغيب نفسه .
يجب في الله بفقه وعلم ، ويقطع في الله بحزم وعزم ، لا يخرق به فرح ، ولا يطيش به مرح ، مذكّر العالم ، معلّم الجاهل ، لا يتوقع له بائقة، ولا يخاف منه غائلة، كل سعي أخلص عنده من سعيه ، وكل نفس أصلح عنده من نفسه ، عالم بعيبه ، متشاغل بغمّه ،لا يثق بغير ربه ، غريب وحيد فريد، يحب في الله ، ويجاهد في الله ، ليتبع رضاه ، ولا ينتقم لنفسه بنفسه ، ولا يؤاتي في سخط ربه .
مجالس لأهل الفقر، مصادق لأهل الصدق ، مؤازر لأهل الحق ، عون للغريب ،أب لليتيم ، بعل للأرملة، حفيّ بأهل المسكنة، مرجو لكل كريمة، مأمول لكل شدة ، هشاش بشاش ، ليس بعبّاس ولا بجسّاس ، صليب كظّام بسام ، دقيق النظر، عظيم الحذر، لا يبخل وإن بُخل عليه صبر، عقل فاستحيى وقنع فاستغنى، حياؤه يعلو شهوته ،ووده يعلو حسده ، وعفوه يعلو حقده ، لا ينطق بغير صواب .
لبسه الاقتصاد، ومشيه التواضع خاشع لربه بطاعته ، راض عنه في كل حالاته ، نيته خالصة، أعماله ليس فيها غش ولا خديعة، نظره عبرة، وسكوته فكرة،وكلامه حكمة، مناصحاً متباذلاً متآخياً ناصراً في السر والعلانية، لا يهجر أخاه ، ولا يمكر به ، ولا يغتابه ، ولا يأسف على ما فاته ، ولا يحزن على ما أصابه ، ولا يرجو مالا يجوز له الرجا، ولا يفشل عند اللقاء للعدو، ولا يقنط عند البلاء، ولا يبطر في الرخاء، يمزج الحلم بالعلم ، والعقل بالصبر.
تراه بعيداً كسله ، دائماً نشاطه ، قريباً أمله ، قليلاً زللـه، متوقعاً أجله ، خاشعاً قلبه ، ذاكراً ربه ، قانعة نفسه ، نزراً أكله ، منفياً نومه ، سهلاً أمره ، حزيناً لدينه ، ميتة شهوته ، كظوماً غيظه ، صافياً خلقه ،آمناً جاره ، ضعيفاً كبره ، قانعاً بالذي قدّر له ، متيناً صبره ، محكماً أمره ، كثيراً ذكره ، يخالط الناس ليعلم ، ويصمت ليسلم ، ويسأل ليفهم ،و يتجر ليغنم ، لا ينصت للخبر فيفجر به ، ولا يتكلم الخبر على من سواه ، نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، أتعب نفسه لأخرته ، وأراح الناس من نفسه ، إن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو المنتصر له ، بُعده مما تباعد منه بغض ونزاهة، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة، ليس تباعده تكبراً ولا عظمة، ولا دنوه خديعة ولا مكرآَ، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير، وهو إمام لمن بعده من أهل البر»..
هذه بعض صفات الشيعة نوردها عن لسان أئمتنا الأطهار (ع).
قال أبو عبد الله عليه السلام : «شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه ، ولا شحناؤه بدنه ، ولا يتمدح بنا معلناً ولا يجالس لنا عائباَ، ولا يخاصم لنا قالياً ، إن لقي مؤمناً أكرمه ، وإن لقي جاهلاً هجره ».
فقلت : جعلت فداك ، فكيف أصنع بهؤلاء المشبهة؟
قال : «فيهم التمييز، وفيهم التبديل ، وفيهم التمحيص ، تأتي عليهم سنون تفنيهم ، وطاعون يقتلهم ، واختلاف يبددهم ، شيعتنا من لا يهر هرير الكلاب ، ولا يطمع طمع الغراب ، ولا يسأل عدونا وان مات جوعا» . قلت :جعلت فداك ، فأين أطلب هؤلاء؟
قال : «في أطراف الأرض ، أولئك الخفيض عيشهم ، المنتّقلة ديارهم ، إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا، ومن الموت لا يجزعون ، وفي قبورهم يتزاورون ،وإن لجأ إليهم ذو حاجة رحموه ، لن تختلف قلوبهم وإن اختلفت بهم الدار».
ثم قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنا المدينة وعلي الباب ، وكذب من زعم أنه يدخل المدينة إلاّ من قبل الباب ، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض علياً»
قال جعفر بن محمد (ع): إنما شيعة علي من عفت بطنه وفرجه ، واشتد جهاده ، وعمل لخالقه ، ورجا ثوابه ،وخاف عقابه ، فإذا رأيتهم بهذه الصفة فأولئك شيعة علي ».
وعن المفضل بن عمر، عن الصادق عليه السلام ، قال : «لا يكون المؤمن مؤمناَ حتى يهجر فينا القريب والبعيد، والأهل والولد» .
وعن أبي إسماعيل قال : قلت للصادق عليه السلام : إن الشيعة عندنا كثير،فقال : «هل يعطف الغني على الفقير؟ ويتجاوز المحسن عن المسيء ؟ ويتواسون ؟»قلت : لا، قال : «ليس هؤلاء شيعة، إنما الشيعة من يفعل هذا»
قال أبو عبد الله عليه السلام : «الشيعة ثلاث محب وادّ ، فهو منا . ومتزين بنا، ونحن زين لمن تزين بنا. ومستأكل بنا الناس ، ومن استأكل بنا افتقر» . وقال عليه السلام : «امتحنوا شيعتنا عند ثلاث : عند مواقيت الصلاة، كيف محافظتهم عليها؟ وعند أسرارهم ، كيف حفظهم لها من عدونا ؟ وعند أموالهم ، كيف مواساتهم لإخوانهم فيها؟».
وروى نوف البكالي قال : سمعت مولاي أمير المؤمنين عليه السلام ، يقول :
«خلقنا من طينة، وخلق شيعتنا من فضل طينتنا، فإذا كان يوم القيامة الحقوا بنا».
فقلت : يا أمير المؤمنين ، صف لي شيعتك ، فبكى عليه السلام ، ثم قال : «شيعتي والله الحلماء الحكماء، العلماء بالله وبدينه ، العاملون بأمره ، المهتدون بطاعته،أحلاس عبادة، وانضاء زهادة، صفر الوجوه من السهر، عمش العيون من البكاء،خمص البطون من الصيام ، ذبل الشفاه من الدعاء، مصابيح كل ظلمة، وربحان كل قبيله ، تعرف الزهادة من سيماهم ، والرهبانية في وجوههم ، لا يسبون من المسلمين خلقاً،ولا يقتفون منهم اثرا، شرورهم مأمونة، وأنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، وقلوكم محزونة، فهم الأكايس الألباء، الخلصاء النجباء، الرّواعون فراراً بدينهم ، الذين إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، أولئك شيعتي الأطيبون ، وإخواني الأكرمون ،ألا، ها شوقاً إلى رؤيتهم »
وقال جابر بن يزيد الجعفي : دخلت على مولاي أبي جعفر الباقر عليه السلام فقال : «يا جابر، ليس من انتحل التشيع وحبنا أهل البيت بلسانه كان من شيعتنا،فلا تذهبن بكم المذاهب ، فو الله ما شيعتنا إلاّ من اتقى الله وأطاعه ، إن شيعتنا لا يطمعون طمع الغراب ، ولا يهرون هرير الكلاب ، وإن شيعتنا أهل التواضع والتخشع ،والتعبد والورع والاجتهاد، وتعهد الأخوان، ومواصلة الجيران والفقراء والمساكين والأرامل والأيتام والغارمين ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة، وصلة الأرحام ، وتلاوة القران ، وكثرة الذكر لله تعالى، وكف الألسن إلاّ من خير» .
فقال جابر: يا مولاي ، ما أعرف أحداً اليوم بهذه الصفات .
فقال : «يا جابر، حَسِبَ الرجل إن يقول اُحب علياً وأتولاه ، ولا يكون مع ذلك عاملاً بقوله! فلو قال : اُحب رسول الله فرسول الله خير من علي ولم يتبع سيرته، ولم يعمل بسنته ، ما أغنى عنه ذلك من الله شيئاً، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله ، فإن أحب العباد إلى الله أعملهم بطاعته وأتقاهم له ، وإنه ليس بين الله وبين أحد قرابة،وما معنا براءة من النار، ولا لنا على الله من حجة، من كان طائعاً لله فهو لنا ولي ولو كان عبداً حبشياً، ومن كان عاصيا لله فهو لنا عدو وإن كان حراً قرشياً.
والله ما تنال شفاعتنا الا بالتقوى والورع والعمل الصالح ، والجد والاجتهاد،فلا تغتروا بالعمل ويسقط عنكم، فإذن أنتم أعز على الله منا، فاتقوا الله وكونوا لنا زيناً ولا تكونوا لنا شيناً، قولوا للناس حسناً، حببونا إلى الناس ولا تبغضونا إليهم ، قولوا فينا كل خير، وادفعوا عنا كل قبيح، وجروا إلينا كل مودة، فما قيل فينا من خير فنحن أهله ،وما قيل فينا من شر فلسنا كذلك ، لنا حق في كتاب الله، وقرابة من رسول الله ،وولادة طاهرة طيبة، فهكذا قولوا، ولا تعدوا بنا أقدارنا، فإنما نحن عبيد الله مربوبون ،لا نملك إلاّ ما ملكنا، ولا نأخذ إلاّ ما أعطانا، لا نستطيع لأنفسنا نفعاً ولا ضراً، ولا موتا ًولا حياة ولا نشوراً، لا والله لا أعلم أنا، ولا أحد من آبائي الغيب ، ولا يعلم الغيب إلاّ الله ، كما قال سبحانه : (إن الله عنده علم الساعة وينزّل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير)
منقول من 14 نور
تعليق