تويت
الحمد لله الذي جعل الحمد ثمنا لنعمائه, و ملاذا من بلائه, و الصلاة على رسوله نبي الرحمة, و إمام الأئمة, و صلى الله و سلم على أهل بيته الأطهار المعصومين مصابيح الظلم و عصم الأمم ومنار الدين الواضحة, و مثاقيل الفضل الراجحة صلى الله عليهم أجمعين صلاة تكون إزاء لفضلهم و مكافئة لعملهم وكفؤا لطيب فرعهم و أصلهم.و لعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
والحمد لله الذي هداني -بفضله ومنته سبحانه- إلى ركوب سفينة النجاة -مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية- و التمسك بكتاب الله و ثاني الثقلين:عترة الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم,فهو القائل:"إني تركت فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا".
فالحمد له حمدا كثيرا كما ينبغي لجلال وجهه و عظيم سلطانه على هذه الهداية التي جاءت-بفضل منه سبحانه- مبكرة, فاستبصرت و عمري 18 سنة...ولكن..
لذلك قصة...
1-تأثر سياسي:
لست أعرف بالضبط متى بدأ ارتباطي-أو بعبارة أصح إعجابي- بالشيعة, لكني أخاله بدأ بإعجاب برموزها و قياداتها الثورية في العصر الحديث و التي عرفتها مع بدأ انفتاحي على عالم السياسة و مجريات الأحداث, فلقد كانت الثورة الإسلامية المباركة في إيران التي قادها الإمام العظيم روح الله الموسوي الخميني-قدس الله سره الشريف-,هذه الثورة المباركة التي هزت عروش النظام البهلوي العميل للإستكبار الأمريكي الصهيوني ,القوة الخامسة المسيرة حامية لمصالح أمريكا في الشرق الأوسط, و قذفت برجل أمريكا الشاه -أو بعبارة أصح:الشاة-رضا بهلوي إلى خارج إيران الخميني شريدا لا هم له ولا وطر إلا البحث عن بلد يضيفه بعد أن بقي عالة على مخدوميه و سادته.
هذه الثورة التي قال عنها كسنجر:"إن كل المؤشرات تقول بقرب سقوط الإتحاد السفييتي, وسقوط الخطر الأحمر معه و ذهابه من غير رجعة.ولكن سقوطه لن يعني قط ذهاب الخطر عن الولايات المتحدة, بل إن صعود نظام الملالي-هكذا وردت في الكتاب بالإنجليزية و لم يسعني إلا نقلها حرفيا للأمانة-في إيران مؤشر لبروز خطر آخر:الخطر الأخضر".
إن هذه الثورة العظيمة كانت أول ما شدني و شغفني بأصحاب اللحى المظرفة و القلنسوات السوداء, حتى أدخلت صورة الإمام روح الله الموسوي إلى غرفتي و مذكرتي و جعلت من الكتب المؤرخة للثورة الإسلامية الإيرانية مادة أساسية لمطالعتي-وكان أهمها كتاب "الأيام الأخيرة لشاه إيران"-, وكلما طالعت أكثر إلا وزدت إعجابا برجل خمين, قائد الثورة التي كانت حصاد 25 سنة من العمل الدؤوب و التضحيات الجسيمة من هذا الرجل الذي,و إن كان رجلا ضعيفا طاعنا في السن, فقد أصبح شمسا للحرية و الأحرار و قدوة للثائرين في مشارق الأرض و مغاربها.
كان إعجابي بالإمام-قدس سره الشريف- في وقت لم أكن أدرك الفرق بالضبط بين الشيعة و السنة -كان عمري حوالي14 سنة- لكن فرط الإعجاب أصل في نفسي نوعا من القناعة الراسخة بأن رجلا مثل هذا لا يمكن أن يكون على باطل. وكيف يكون على باطل و أنا أكاد أستشف نور الإيمان في وجهه؟ كيف يكون على باطل و قد كان الله معه في كل مرحلة من مراحل ثورته و حتى مراحل قيادته للدولة الإسلامية الفتية؟ إن رجلا يرى أن كل الدلائل و القرائن تشير إلى أن الثورة التي يقودها آلت للفشل فيسارع -في خطوة استشهادية جريئة-للعودة إلى طهران على متن طائرة فتنجح الثورة بعون الله لهو رجل لا يفارق الله و الله لا يفارقه...و رجل تحبك ضده محاولة اغتيال من طرف المكتب السادس-جهاز الإستخبارات البريطاني- ثم تفشل في السر لأن قائد العملية مات إثر صدمة قطار في باريس-أنظر كتاب اعترافات العميل ديفيد تشيلر- لهو رجل مكنون بعناية الله محفوظ بحفظ الله فلا يمكن أن يكون على باطل...ورجل تحاك ضده و ضد دولته الإسلامية الفتية عملية خاطفة للكوماندوز الأمريكي لتحرير الرهائن الأمريكان في طهران و توجيه ضربة خاطفة لمفاصل الدولة و قيادتها فتفشل بسبب عاصفة رمل هوجاء جعلت13 طائرة تفقد بسبب صدامات مع طائرات "صديقة" لهو رجل إلهي عاش مع الله في كل قناعاته و فكره ومواقفه و مبادئه, بل كان الله معه ناصرا له في كل المعارك و الساحات, من ساحات الجهاد الأكبر ضد الهيمنة و الإستكبار الأمريكي الصهيوني, إلى ساحات الجهاد الأصغر بل إنه رجل كان كل نصره نابع من ثقافة القيام لله التي لازمته في كل مراحل حياته...إن رجلا كهذا لا يمكن أن يكون على باطل أبدا...!!
لكن كل هذه القناعات لم تدفعني وقتها بأي حال من الأحوال لمحاولة تغيير المذهب أو محاولة معرفة شيء ما حول الشيعة فقد كان إعجابي بالشيعة مجرد إعجاب سياسي زاد منه في25 أيار 2000 تحرير الجنوب الصامد في لبنان على يد فوارس المقاومة الإسلامية "حزب الله" الشيعي بقيادة السيد حسن نصر الله و قبله السيد عباس الموسوي-رضوان الله تعالى عليه- و أفواج المقاومة اللبنانية "أمل" بقيادة الإمام المغيب موسى الصدر و معه الشهيد جمران.
2-دراسة تاريخية:
كنت حينئذ في الخامسة عشر من عمري, في المرحلة الثانوية من التعليم, في حصة من حصص التاريخ التي كان موضوعها قيام دولة بني أمية و الحضارة الإسلامية في العهد الأموي, أطنب الأستاذ في الحديث عن هذا الموضوع لكن الملاحظ-من وجهة نظري المتواضعة طبعا- أنه في المادة التاريخية المقدمة حول الموضوع كانت هناك غموض كبير فقدم الكتاب الموضوع بشكل سطحي لا يتلائم مع محوريته, فالدرس كان في صفحيتين مع كونه الحدث الذي يتمحور حوله حدثا مفصليا في حين أن درس الدولة العلوية المغربية مثلا مقدم في 12 صفحة,لذا حاول ذلك الأستاذ وقتها الشرح أكثر بالإعتماد على معارفه الخاصة فأسهب في الموضوع, ولكنه, وعوضا أن يزيح غموض الموضوع و يتعمق في شرحه كما المفروض أن يكون, زاد من التناقضات التي يحفل بها هذا الدرس فذكر واقعة محاربة عائشة لعلي-ع- بدون ذكر سبب مع الترضي على الإثنين و إمتداح الإثنين!! فعائشة حاربت عليا و المفروض أن يكون أحدهما على حق و الآخر على باطل و أحدهما آثما و الآخر معتدى عليه!!
و حتى في حرب معاوية لعلي-ع-,فقد كان الأستاذ يثني على معاوية بأحسن ثناء على أنه صحابي جليل وهو أول من قال آمين -وأمثال هذا من السخافات التي تطفح بها كتب علماء السلاطين من حملة المبخرة في بلاط الحكام وقتها- و في نفس الوقت ينسب لمعاوية قولته الشهيرة:"أنا أول الملوك",و في نفس الوقت الذي يثني على علي-ع- يثني على معاوية مع أنهما طرفان متحاربان فالمفروض أن يكون هناك طرف محق و طرح مخطأ آثم, ثم إن معاوية سلب الخلافة التي يسميها أهل السنة بالراشدة من علي بوصفه حسب قول اهل السنة رابع الخلفاء الراشدين ليحولها إلى ملكية يتعاقب عليها الفسقة و الفجرة من بنيه!!
في آخر الحصة طلب مني الأستاذ -في حال ما كنت أريد الإلمام و الإطلاع أكثر على وقائع هذه الفترة التاريخية المظلمة من تاريخ الأمة- أن أقرأ عددا من المراجع التاريخية لمؤرخي تلك الفترة و ذكر لي كتاب:طبقات إبن سعد, تاريخ الطبراني, تاريخ بغداد...
طبعا قمت بأخذ الكتب و خصصت لدراستها العطلة الصيفية التي عقبت تلك السنة.
عندما انتهيت من تلك الكتب و المراجع, كنت كمن تشقلبت كل المفاهيم و الثوابت في عقله, لم تعد المسألة مسألة حرب عائشة لعلي-ع- أو حرب معاوية لعلي-ع- و أسباب الحربين, بل غدت المسألة في تقديري وقتها مسألة رعيل كامل من الصحابة لعبت بهم السياسة و غرتهم مطامع الحكم فغيروا ما غيروا و عبثوا بالدين و غيروا التاريخ , فاضمحلت تلك الصورة التي دأبت على سماعها من الدعاة عن صحابة كرام كالملائكة, و تلاشى كل ما كنت أعتقد بكونه حقبة وردية للخلافة "الراشدة" كان فيها الناس في أفضل أحوالهم يعيشون في ظل حكم راشد يحكمهم وفق كتاب الله و سنة رسوله-صلى الله عليه و آله و سلم-,فكتب تاريخنا و صحاحنا لا تخلو من روايات مثيرة حول نفاق الصحابي فلان, وتجاوزات خطيرة لمن تسمى بأم المؤمنين في حق زوجها وهو من هو صلى الله عليه وآله و سلم-كقولها لرسول الله:أأنت الذي تزعم أنك نبي الله؟*كتاب إحياء علوم الدين للغزالي-, و في المقابل فكتب تاريخنا تطفح بروايات واضحة وضوح الشمس عن استخلاف النبي لعلي-ع- بعده بنصوص صريحة لم تخل منها كتب السنة, فبأي عذر يعذر من ضرب بهذه النصوص الصريحة عرض الحائط ليغصب الخلافة من أهلها مدعيا كونها شورى ثم -وياللمفارقة- ينصب قبل وفاته من ينوب عنه, ثم يأتي من بعدهم من يجعلها ملكية و يقول عن نفسه:"أنا أول الملوك".
وقتها أبو بكر الصديق لم يعد-في نظري المتواضع طبعا- صديقا ولا عمر المحدث -وأظنه محدثا بكسر الدال- بقي محدثا!!
كيف يكون محدثا و الكتب الصحاح تطفح بفضائع جهله؟و على سبيل المثال لا الحصر ما ورد في صحيح البخاري الذي يعده السنة أصح كتاب بعد كتاب الله في باب الإستئذان من كتاب الآداب:
استأذن أبو موسى على عمر فكأنه وجده مشغولا فرجع,فقال عمر:ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس ائذنوا له,فدعي له فقال عمر:ما حملك على ما صنعت؟فقال إنا كنا نأمر بهذا,فقال عمر:فأتني على هذا ببينةأو لأفعلن بك-وفي رواية مسلم:والله لأوجعن ظهرك و بطنك أو لتاتين بمن يشهد لك على هذا-,فانطلق إلى مجلس للأنصارفقالوا لا يشهد إلا أصاغرنا,فقام أبو سعيد الخدري فقال:قد كنا نؤمر بهذا فقال عمر:خفي علي هذا من أمر النبي,ألهاني الصفق بالأسواق.
و غير هذا من الأحاديث الثابتة عند أهل السنة في صحاحهم و التي تبرز جهل عمر للكثير كقصة التيمم من الجنابة و امثالها و قوله:لولا علي لهلك عمر, و تصويب أراذل القوم وربات الحجال لرأيه.ألا يحق لنا التساؤل أين عمر المحدث الذي كان يعلم بالشيء قبل نزول القرآن به, و يصوب رأي النبي, حتى قال النبي-ص- حسب روايات أهل السنة أنه, و في قضية أسرى بدر حين اختلف الصحابة حول ما يفعلون بهؤلاء الأسرى فجاء رأي عمر مطابقا لما جاء به القرآن حتى قال لهم النبي-ص- أنه كان سينزل عذاب عظيم لا ينجو منه غير عمر, أي أنه و حسب ما يرون أن النبي كاد ينزل عذاب به و بكل الأمة الإسلامية فلا ينجو إلا عمر الصافق بالأسواق!كبرت كلمة تخرج من أفواههم!
ثم ألم تتناقل روايات السنة عن ورع عمر حتى رسمت الدموع خطين أسودين على وجهه؟أين كان ورعه حين هدد أبا موسى و كان شيخا بالجلد؟و اين كان ورعه حين شهر سيفه في مسجد النبي مهددا بالقتل من يقول بوفاته-ص-؟و غير هذا من الروايات كثير.
ثم أبو بكر "الصديق", ألم يتورع وهو الصديق عن سلب أرض فدك لفاطمة و الإستشهاد بحديث مكذوب بينت له فاطمة خطأه فأخذته العزة بالإثم و أصر على جرمه؟وهذه حادثة وثقت لها كتب السنة و لعل من أهمها كتاب "السقيفة و فدك" لأبي بكر بن عبد العزيز الجوهري البصري البغدادي الذي كان من أبرز علماء السنة في القرن الثالث و الرابع الهجري و كانت المكتبات تطفح بكتبه إلى أن حرقت و خربت مع الغزو التتري لبلاد المسلمين.و أين كان تقواه وورعه حين قبل بالصفقة الخسيسة في سقيفة بني ساعدة, مع أنه, وحسب مراجع السنة دائما, من هنأ عليا بالولاية في يوم الغدير؟
ولقد غيرت هذه الروايات و مثيلاتها من تلك النظرة المثالية التي ينظر بها أهل السنة للصحابة لأستبدلها بنظرة نقدية أكثر موضوعية.
ثم رأيت في هذه الكتب دلائل ووقائع جازمة تثبت إمامة علي عليه أفضل الصلاة و السلام لم تخل منها صحاح السنة:فحتى تغاضينا عن النص المباشر بلإمامة بعد النبي-ص- فإن كتب علم الكلام لفقهاء السنة كلها كانت تثبت في الإمام صفات أجمعت عليها و هي الشجاعة,و العلم و العدالة وصفات أخرى اختلف عليها و هي النسب الهاشمي و أمثال ذلك.وفي صحاح السنة ما أقر بهذه الصفات لعلي عليه أفضل الصلاة و السلام ولم تقر بها لغيره, و أسوق أمثلة على ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
العلم:قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:"أنا مدينة العلم و علي بابها".رواه أحمد بن حنبل, الطبراني, يحيى بن معين الحاكم النيسابوري و غيرهم.
العدالة:قال رسول الله -ص-:"أقضاكم علي".البخاري في صحيحه,أحمد ابن حنبل, سنن ابن ماجه...الخ.
وحديث النبي -ص-:"كفي و كف علي في العدل سواء".ابن عساكر في تاريخ دمشق,الطبراني في تاريخه, طبقات ابن سعد,المتقي الهندي في كنز العمال.
و حديث آخرعنه-ص-:"يا علي أخصمك بالنبوة ولا نبوة بعدي, و تخصم الناس بسبع و لا يخصمك فيها أحد من قريش:أنت أولهم إيمانا بالله, و أوفاهم بعهد الله, و أقومهم بأمر الله, و أقسمهم بالسوية, و أعدلهم في الرعية, و أبصرهم في القضية, و أعظمهم عند الله مزية".و قد رواه كل من أبو نعيم في حلية الأولياء و صاحب الرياض النضرة, و ابن عساكر, و الطبراني...الخ.
الشجاعة:قال رسول الله-ص- يوم الخندق:لضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين.ورد في شرح المواهب و المستدرك على الصحيحين.
ثم ما وثقته كتب التاريخ عن شجاعته عليه سلام الله في كامل الغزوات و فدائه للنبي-ص-في الهجرة, و في المقابل لم تخل كتب التاريخ من ذكر فرار أبي بكر و عمر و عثمان ككتاب تاريخ الطبراني و غيره.
و لم أجد مقابل هذه النصوص ولو نصا صحيحا يثبت أمثال هذا لأبي بكر ابن أبي قحافة او عمر ابن الخطاب أو عثمان ابن عفان!! فكيف صح إذن تقدم أبي بكر و من بعده على علي عليه سلام الله؟كيف يصح تقدم المفضول على الفاضل وقد قالت كل كتب السنة بما في ذلك ابن تيمية بقبح تقدم المفضول على الفاضل؟
خلاصة القول أني وجدت أدلة دامغة لا مجال للشك فيها على صدق قول الشيعة بإمامة علي-ع- و على كون الصحابة ليسوا بالصورة التي تظهرها كتب السنة من نزاهة و كرامة تفوق احيانا كرامة التبي-ص-!فيخطئ و يصيبون كما تخبرنا بذلك كتب السنة.
هذا البحث دفعني للبحث في أفكار الشيعة و تمحيصها خاصة و قد تزامنت هذه القترة مع معرض للكتاب في مدينة الدار البيضاء الذي حصلت منه على كتاب عقائد الإمامية الشهير-ولعمري إن الحصول على كتاب للشيعة في المغرب لضرب من معجزات الأولياء-, كما تزامنت مع دخول الرقمي و وصول القنوات الإيرانية و بدأ البث الفضائي لقناة المنار و سحر و أمثالها, وشيوع استخدام الإنترنت و دخوله منزلنا.
فأقبلت على مواقعهم و قنواتهم ومحاضراتهم واستمعت لفقهائهم و شيوخهم أمثال الشيخ الوائلي-قدس الله نفسه الزكية- و شفيق جرادي, و امثالهم ممكن كانت برامجم تذاع وقتها على شاشات المنار و سحر.
كان أكثر ما شد انتباهي هو أنه ما قرأت شيئا في كتب الشيعة إلا ووجدت ما يؤكده بقوة في صحاح السنة و في القرآن الكريم, حتى أدق الأمور في العبادات مثلا.
ثم كان تعرفي على صديق من الجمهوية الإسلامية الإيرانية وهو نقيب في سلاح الجو الإيراني حاليا, هذا الصديق الذي حدثني كثيرا عن عقائد الشيعة و كلما تكلمت معه أكثر إلا و زدت يقينا و قناعة بأن المذهب الحق هو مذهب الشيعة الإمامية و أنه لسفينة النجاة وعصمة النفوس من الضلالة فتشيعت-بعد فترة من التردد- قبل ما يقارب شهرا من اليوم.
استبدلت بسنة عمر و أبي بكر و عثمان و غيرهم من السلاطين -الذين لعبت السياسة و حب الدنيا و الجاه و السلطان في عقولهم و قلوبهم فصيروا الأمة إلى ما هي عليها اليوم- سنة النبي-ص- الحقة وعترته الطاهرة.
و استبدلت بصحابة بدلوا بعد النبي و خانوا رسالته و لم تخل مواقفهم في حياة النبي و بعد وفاته من إهانة لشخصه الشريف -ص- بصحابة منتجبين لم يبدلوا بعده و لم يغيروا أمثال عمار بن ياسر الذي سماه بعض الملاعين بابن سبأ اليهودي و ابن السوداء-صدر منذ سنوات كتاب بعنوان:"الصلة بين التصوف و التشيع" لكاتبه الدكتورمصطفى كامل الشبيبي المصري بين فيه بعشرة أدلة صحيحة جازمة بأن عبد الله ابن سبأ أو إبن السوداء ليس إلا الصحابي الجليل عمار ابن ياسر رضوان الله تعالى عليه- و أبي ذر الغفاري الذي نفاه عثمان-الذي تستحيي منه الملائكة! -.
و استبدلت بالخلفاء المزعومين الذين اعتلوا سدة الحكم و الرياسة غصبا, أئمة ميامين معصومين شهدت بعلمهم كتب التاريخ للسنة كما هي للشيعة, و أخبر عنهم النبي -ص- في أكثر من سياق:
فقد أخرج صاحب كتاب ينابيع المودة :قدم يهودي يقال له "الأعتل", فقال:يا محمد, أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين فإن أجبتني عنها أسلمت على يديك.قال:سل يا أبا عمارة؟
فسأله عن أشياء إلى ان قال:صدقت.ثم قال:فأخبرني عن وصيك من هو؟فما من نبي إلا وله وصي, و إن نبينا موسى ابن عمران أوصى يوشع بن نون.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن وصيي علي ابن أبي طالب-ع- و من بعده سبطاي الحسن و الحسين تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين.
قال:يا محمد فسمهم لي.
فقال رسول الله-ص-:إذا مضى الحسين فابنه علي, فإذا مضى علي فابنه محمد [...] فإذا مضى الحسن فابنه الحجة محمد المهدي فهؤلاء اثنا عشر".
فالحمد لله أن هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله...
طبعا أنا أعيش الآن متشيعا في وسط أسرة سنية مالكية ووسط مجتمع سني مالكي كذلك, أعيش بتخف في حالة تقية إذ أنني لا أحب ان أخسرهم خاصة و أنني-في هذا العمر-ما زلت في حاجة إليهم, وأنني أدرك ان المجتمع الذي أعيش فيه هو مجتمع لا يقبل أي شكل من أشكال التحاور العقلاني البناء و يقبل الأحكام المسبقة على الأشياء, وهو لعمري ديدن كل مجتمع نخرت الأمية عظامه-68 في المئة من مجموع الشعب المغربي-. ورغم إيقاع التخفي الذي فرضه علي المذهب الجديد فلست أخفي ارتياحا عارما للتغيير, وراحة نفسية هي أقرب لراحة من يكون على وشك الغرق فتتلقفه سفينة النجاة...!
و أي سفينة نجاة!
إنها لسفينة مباركة من ركبها نجا, ومن تخلف عنها ضل و غوى...
فالحمد لله رب العالمين...
و صلى الله على محمد و على آله الطيبين الطاهرين.
هادي الحسيني
والحمد لله الذي هداني -بفضله ومنته سبحانه- إلى ركوب سفينة النجاة -مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية- و التمسك بكتاب الله و ثاني الثقلين:عترة الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم,فهو القائل:"إني تركت فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا".
فالحمد له حمدا كثيرا كما ينبغي لجلال وجهه و عظيم سلطانه على هذه الهداية التي جاءت-بفضل منه سبحانه- مبكرة, فاستبصرت و عمري 18 سنة...ولكن..
لذلك قصة...
1-تأثر سياسي:
لست أعرف بالضبط متى بدأ ارتباطي-أو بعبارة أصح إعجابي- بالشيعة, لكني أخاله بدأ بإعجاب برموزها و قياداتها الثورية في العصر الحديث و التي عرفتها مع بدأ انفتاحي على عالم السياسة و مجريات الأحداث, فلقد كانت الثورة الإسلامية المباركة في إيران التي قادها الإمام العظيم روح الله الموسوي الخميني-قدس الله سره الشريف-,هذه الثورة المباركة التي هزت عروش النظام البهلوي العميل للإستكبار الأمريكي الصهيوني ,القوة الخامسة المسيرة حامية لمصالح أمريكا في الشرق الأوسط, و قذفت برجل أمريكا الشاه -أو بعبارة أصح:الشاة-رضا بهلوي إلى خارج إيران الخميني شريدا لا هم له ولا وطر إلا البحث عن بلد يضيفه بعد أن بقي عالة على مخدوميه و سادته.
هذه الثورة التي قال عنها كسنجر:"إن كل المؤشرات تقول بقرب سقوط الإتحاد السفييتي, وسقوط الخطر الأحمر معه و ذهابه من غير رجعة.ولكن سقوطه لن يعني قط ذهاب الخطر عن الولايات المتحدة, بل إن صعود نظام الملالي-هكذا وردت في الكتاب بالإنجليزية و لم يسعني إلا نقلها حرفيا للأمانة-في إيران مؤشر لبروز خطر آخر:الخطر الأخضر".
إن هذه الثورة العظيمة كانت أول ما شدني و شغفني بأصحاب اللحى المظرفة و القلنسوات السوداء, حتى أدخلت صورة الإمام روح الله الموسوي إلى غرفتي و مذكرتي و جعلت من الكتب المؤرخة للثورة الإسلامية الإيرانية مادة أساسية لمطالعتي-وكان أهمها كتاب "الأيام الأخيرة لشاه إيران"-, وكلما طالعت أكثر إلا وزدت إعجابا برجل خمين, قائد الثورة التي كانت حصاد 25 سنة من العمل الدؤوب و التضحيات الجسيمة من هذا الرجل الذي,و إن كان رجلا ضعيفا طاعنا في السن, فقد أصبح شمسا للحرية و الأحرار و قدوة للثائرين في مشارق الأرض و مغاربها.
كان إعجابي بالإمام-قدس سره الشريف- في وقت لم أكن أدرك الفرق بالضبط بين الشيعة و السنة -كان عمري حوالي14 سنة- لكن فرط الإعجاب أصل في نفسي نوعا من القناعة الراسخة بأن رجلا مثل هذا لا يمكن أن يكون على باطل. وكيف يكون على باطل و أنا أكاد أستشف نور الإيمان في وجهه؟ كيف يكون على باطل و قد كان الله معه في كل مرحلة من مراحل ثورته و حتى مراحل قيادته للدولة الإسلامية الفتية؟ إن رجلا يرى أن كل الدلائل و القرائن تشير إلى أن الثورة التي يقودها آلت للفشل فيسارع -في خطوة استشهادية جريئة-للعودة إلى طهران على متن طائرة فتنجح الثورة بعون الله لهو رجل لا يفارق الله و الله لا يفارقه...و رجل تحبك ضده محاولة اغتيال من طرف المكتب السادس-جهاز الإستخبارات البريطاني- ثم تفشل في السر لأن قائد العملية مات إثر صدمة قطار في باريس-أنظر كتاب اعترافات العميل ديفيد تشيلر- لهو رجل مكنون بعناية الله محفوظ بحفظ الله فلا يمكن أن يكون على باطل...ورجل تحاك ضده و ضد دولته الإسلامية الفتية عملية خاطفة للكوماندوز الأمريكي لتحرير الرهائن الأمريكان في طهران و توجيه ضربة خاطفة لمفاصل الدولة و قيادتها فتفشل بسبب عاصفة رمل هوجاء جعلت13 طائرة تفقد بسبب صدامات مع طائرات "صديقة" لهو رجل إلهي عاش مع الله في كل قناعاته و فكره ومواقفه و مبادئه, بل كان الله معه ناصرا له في كل المعارك و الساحات, من ساحات الجهاد الأكبر ضد الهيمنة و الإستكبار الأمريكي الصهيوني, إلى ساحات الجهاد الأصغر بل إنه رجل كان كل نصره نابع من ثقافة القيام لله التي لازمته في كل مراحل حياته...إن رجلا كهذا لا يمكن أن يكون على باطل أبدا...!!
لكن كل هذه القناعات لم تدفعني وقتها بأي حال من الأحوال لمحاولة تغيير المذهب أو محاولة معرفة شيء ما حول الشيعة فقد كان إعجابي بالشيعة مجرد إعجاب سياسي زاد منه في25 أيار 2000 تحرير الجنوب الصامد في لبنان على يد فوارس المقاومة الإسلامية "حزب الله" الشيعي بقيادة السيد حسن نصر الله و قبله السيد عباس الموسوي-رضوان الله تعالى عليه- و أفواج المقاومة اللبنانية "أمل" بقيادة الإمام المغيب موسى الصدر و معه الشهيد جمران.
2-دراسة تاريخية:
كنت حينئذ في الخامسة عشر من عمري, في المرحلة الثانوية من التعليم, في حصة من حصص التاريخ التي كان موضوعها قيام دولة بني أمية و الحضارة الإسلامية في العهد الأموي, أطنب الأستاذ في الحديث عن هذا الموضوع لكن الملاحظ-من وجهة نظري المتواضعة طبعا- أنه في المادة التاريخية المقدمة حول الموضوع كانت هناك غموض كبير فقدم الكتاب الموضوع بشكل سطحي لا يتلائم مع محوريته, فالدرس كان في صفحيتين مع كونه الحدث الذي يتمحور حوله حدثا مفصليا في حين أن درس الدولة العلوية المغربية مثلا مقدم في 12 صفحة,لذا حاول ذلك الأستاذ وقتها الشرح أكثر بالإعتماد على معارفه الخاصة فأسهب في الموضوع, ولكنه, وعوضا أن يزيح غموض الموضوع و يتعمق في شرحه كما المفروض أن يكون, زاد من التناقضات التي يحفل بها هذا الدرس فذكر واقعة محاربة عائشة لعلي-ع- بدون ذكر سبب مع الترضي على الإثنين و إمتداح الإثنين!! فعائشة حاربت عليا و المفروض أن يكون أحدهما على حق و الآخر على باطل و أحدهما آثما و الآخر معتدى عليه!!
و حتى في حرب معاوية لعلي-ع-,فقد كان الأستاذ يثني على معاوية بأحسن ثناء على أنه صحابي جليل وهو أول من قال آمين -وأمثال هذا من السخافات التي تطفح بها كتب علماء السلاطين من حملة المبخرة في بلاط الحكام وقتها- و في نفس الوقت ينسب لمعاوية قولته الشهيرة:"أنا أول الملوك",و في نفس الوقت الذي يثني على علي-ع- يثني على معاوية مع أنهما طرفان متحاربان فالمفروض أن يكون هناك طرف محق و طرح مخطأ آثم, ثم إن معاوية سلب الخلافة التي يسميها أهل السنة بالراشدة من علي بوصفه حسب قول اهل السنة رابع الخلفاء الراشدين ليحولها إلى ملكية يتعاقب عليها الفسقة و الفجرة من بنيه!!
في آخر الحصة طلب مني الأستاذ -في حال ما كنت أريد الإلمام و الإطلاع أكثر على وقائع هذه الفترة التاريخية المظلمة من تاريخ الأمة- أن أقرأ عددا من المراجع التاريخية لمؤرخي تلك الفترة و ذكر لي كتاب:طبقات إبن سعد, تاريخ الطبراني, تاريخ بغداد...
طبعا قمت بأخذ الكتب و خصصت لدراستها العطلة الصيفية التي عقبت تلك السنة.
عندما انتهيت من تلك الكتب و المراجع, كنت كمن تشقلبت كل المفاهيم و الثوابت في عقله, لم تعد المسألة مسألة حرب عائشة لعلي-ع- أو حرب معاوية لعلي-ع- و أسباب الحربين, بل غدت المسألة في تقديري وقتها مسألة رعيل كامل من الصحابة لعبت بهم السياسة و غرتهم مطامع الحكم فغيروا ما غيروا و عبثوا بالدين و غيروا التاريخ , فاضمحلت تلك الصورة التي دأبت على سماعها من الدعاة عن صحابة كرام كالملائكة, و تلاشى كل ما كنت أعتقد بكونه حقبة وردية للخلافة "الراشدة" كان فيها الناس في أفضل أحوالهم يعيشون في ظل حكم راشد يحكمهم وفق كتاب الله و سنة رسوله-صلى الله عليه و آله و سلم-,فكتب تاريخنا و صحاحنا لا تخلو من روايات مثيرة حول نفاق الصحابي فلان, وتجاوزات خطيرة لمن تسمى بأم المؤمنين في حق زوجها وهو من هو صلى الله عليه وآله و سلم-كقولها لرسول الله:أأنت الذي تزعم أنك نبي الله؟*كتاب إحياء علوم الدين للغزالي-, و في المقابل فكتب تاريخنا تطفح بروايات واضحة وضوح الشمس عن استخلاف النبي لعلي-ع- بعده بنصوص صريحة لم تخل منها كتب السنة, فبأي عذر يعذر من ضرب بهذه النصوص الصريحة عرض الحائط ليغصب الخلافة من أهلها مدعيا كونها شورى ثم -وياللمفارقة- ينصب قبل وفاته من ينوب عنه, ثم يأتي من بعدهم من يجعلها ملكية و يقول عن نفسه:"أنا أول الملوك".
وقتها أبو بكر الصديق لم يعد-في نظري المتواضع طبعا- صديقا ولا عمر المحدث -وأظنه محدثا بكسر الدال- بقي محدثا!!
كيف يكون محدثا و الكتب الصحاح تطفح بفضائع جهله؟و على سبيل المثال لا الحصر ما ورد في صحيح البخاري الذي يعده السنة أصح كتاب بعد كتاب الله في باب الإستئذان من كتاب الآداب:
استأذن أبو موسى على عمر فكأنه وجده مشغولا فرجع,فقال عمر:ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس ائذنوا له,فدعي له فقال عمر:ما حملك على ما صنعت؟فقال إنا كنا نأمر بهذا,فقال عمر:فأتني على هذا ببينةأو لأفعلن بك-وفي رواية مسلم:والله لأوجعن ظهرك و بطنك أو لتاتين بمن يشهد لك على هذا-,فانطلق إلى مجلس للأنصارفقالوا لا يشهد إلا أصاغرنا,فقام أبو سعيد الخدري فقال:قد كنا نؤمر بهذا فقال عمر:خفي علي هذا من أمر النبي,ألهاني الصفق بالأسواق.
و غير هذا من الأحاديث الثابتة عند أهل السنة في صحاحهم و التي تبرز جهل عمر للكثير كقصة التيمم من الجنابة و امثالها و قوله:لولا علي لهلك عمر, و تصويب أراذل القوم وربات الحجال لرأيه.ألا يحق لنا التساؤل أين عمر المحدث الذي كان يعلم بالشيء قبل نزول القرآن به, و يصوب رأي النبي, حتى قال النبي-ص- حسب روايات أهل السنة أنه, و في قضية أسرى بدر حين اختلف الصحابة حول ما يفعلون بهؤلاء الأسرى فجاء رأي عمر مطابقا لما جاء به القرآن حتى قال لهم النبي-ص- أنه كان سينزل عذاب عظيم لا ينجو منه غير عمر, أي أنه و حسب ما يرون أن النبي كاد ينزل عذاب به و بكل الأمة الإسلامية فلا ينجو إلا عمر الصافق بالأسواق!كبرت كلمة تخرج من أفواههم!
ثم ألم تتناقل روايات السنة عن ورع عمر حتى رسمت الدموع خطين أسودين على وجهه؟أين كان ورعه حين هدد أبا موسى و كان شيخا بالجلد؟و اين كان ورعه حين شهر سيفه في مسجد النبي مهددا بالقتل من يقول بوفاته-ص-؟و غير هذا من الروايات كثير.
ثم أبو بكر "الصديق", ألم يتورع وهو الصديق عن سلب أرض فدك لفاطمة و الإستشهاد بحديث مكذوب بينت له فاطمة خطأه فأخذته العزة بالإثم و أصر على جرمه؟وهذه حادثة وثقت لها كتب السنة و لعل من أهمها كتاب "السقيفة و فدك" لأبي بكر بن عبد العزيز الجوهري البصري البغدادي الذي كان من أبرز علماء السنة في القرن الثالث و الرابع الهجري و كانت المكتبات تطفح بكتبه إلى أن حرقت و خربت مع الغزو التتري لبلاد المسلمين.و أين كان تقواه وورعه حين قبل بالصفقة الخسيسة في سقيفة بني ساعدة, مع أنه, وحسب مراجع السنة دائما, من هنأ عليا بالولاية في يوم الغدير؟
ولقد غيرت هذه الروايات و مثيلاتها من تلك النظرة المثالية التي ينظر بها أهل السنة للصحابة لأستبدلها بنظرة نقدية أكثر موضوعية.
ثم رأيت في هذه الكتب دلائل ووقائع جازمة تثبت إمامة علي عليه أفضل الصلاة و السلام لم تخل منها صحاح السنة:فحتى تغاضينا عن النص المباشر بلإمامة بعد النبي-ص- فإن كتب علم الكلام لفقهاء السنة كلها كانت تثبت في الإمام صفات أجمعت عليها و هي الشجاعة,و العلم و العدالة وصفات أخرى اختلف عليها و هي النسب الهاشمي و أمثال ذلك.وفي صحاح السنة ما أقر بهذه الصفات لعلي عليه أفضل الصلاة و السلام ولم تقر بها لغيره, و أسوق أمثلة على ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
العلم:قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:"أنا مدينة العلم و علي بابها".رواه أحمد بن حنبل, الطبراني, يحيى بن معين الحاكم النيسابوري و غيرهم.
العدالة:قال رسول الله -ص-:"أقضاكم علي".البخاري في صحيحه,أحمد ابن حنبل, سنن ابن ماجه...الخ.
وحديث النبي -ص-:"كفي و كف علي في العدل سواء".ابن عساكر في تاريخ دمشق,الطبراني في تاريخه, طبقات ابن سعد,المتقي الهندي في كنز العمال.
و حديث آخرعنه-ص-:"يا علي أخصمك بالنبوة ولا نبوة بعدي, و تخصم الناس بسبع و لا يخصمك فيها أحد من قريش:أنت أولهم إيمانا بالله, و أوفاهم بعهد الله, و أقومهم بأمر الله, و أقسمهم بالسوية, و أعدلهم في الرعية, و أبصرهم في القضية, و أعظمهم عند الله مزية".و قد رواه كل من أبو نعيم في حلية الأولياء و صاحب الرياض النضرة, و ابن عساكر, و الطبراني...الخ.
الشجاعة:قال رسول الله-ص- يوم الخندق:لضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين.ورد في شرح المواهب و المستدرك على الصحيحين.
ثم ما وثقته كتب التاريخ عن شجاعته عليه سلام الله في كامل الغزوات و فدائه للنبي-ص-في الهجرة, و في المقابل لم تخل كتب التاريخ من ذكر فرار أبي بكر و عمر و عثمان ككتاب تاريخ الطبراني و غيره.
و لم أجد مقابل هذه النصوص ولو نصا صحيحا يثبت أمثال هذا لأبي بكر ابن أبي قحافة او عمر ابن الخطاب أو عثمان ابن عفان!! فكيف صح إذن تقدم أبي بكر و من بعده على علي عليه سلام الله؟كيف يصح تقدم المفضول على الفاضل وقد قالت كل كتب السنة بما في ذلك ابن تيمية بقبح تقدم المفضول على الفاضل؟
خلاصة القول أني وجدت أدلة دامغة لا مجال للشك فيها على صدق قول الشيعة بإمامة علي-ع- و على كون الصحابة ليسوا بالصورة التي تظهرها كتب السنة من نزاهة و كرامة تفوق احيانا كرامة التبي-ص-!فيخطئ و يصيبون كما تخبرنا بذلك كتب السنة.
هذا البحث دفعني للبحث في أفكار الشيعة و تمحيصها خاصة و قد تزامنت هذه القترة مع معرض للكتاب في مدينة الدار البيضاء الذي حصلت منه على كتاب عقائد الإمامية الشهير-ولعمري إن الحصول على كتاب للشيعة في المغرب لضرب من معجزات الأولياء-, كما تزامنت مع دخول الرقمي و وصول القنوات الإيرانية و بدأ البث الفضائي لقناة المنار و سحر و أمثالها, وشيوع استخدام الإنترنت و دخوله منزلنا.
فأقبلت على مواقعهم و قنواتهم ومحاضراتهم واستمعت لفقهائهم و شيوخهم أمثال الشيخ الوائلي-قدس الله نفسه الزكية- و شفيق جرادي, و امثالهم ممكن كانت برامجم تذاع وقتها على شاشات المنار و سحر.
كان أكثر ما شد انتباهي هو أنه ما قرأت شيئا في كتب الشيعة إلا ووجدت ما يؤكده بقوة في صحاح السنة و في القرآن الكريم, حتى أدق الأمور في العبادات مثلا.
ثم كان تعرفي على صديق من الجمهوية الإسلامية الإيرانية وهو نقيب في سلاح الجو الإيراني حاليا, هذا الصديق الذي حدثني كثيرا عن عقائد الشيعة و كلما تكلمت معه أكثر إلا و زدت يقينا و قناعة بأن المذهب الحق هو مذهب الشيعة الإمامية و أنه لسفينة النجاة وعصمة النفوس من الضلالة فتشيعت-بعد فترة من التردد- قبل ما يقارب شهرا من اليوم.
استبدلت بسنة عمر و أبي بكر و عثمان و غيرهم من السلاطين -الذين لعبت السياسة و حب الدنيا و الجاه و السلطان في عقولهم و قلوبهم فصيروا الأمة إلى ما هي عليها اليوم- سنة النبي-ص- الحقة وعترته الطاهرة.
و استبدلت بصحابة بدلوا بعد النبي و خانوا رسالته و لم تخل مواقفهم في حياة النبي و بعد وفاته من إهانة لشخصه الشريف -ص- بصحابة منتجبين لم يبدلوا بعده و لم يغيروا أمثال عمار بن ياسر الذي سماه بعض الملاعين بابن سبأ اليهودي و ابن السوداء-صدر منذ سنوات كتاب بعنوان:"الصلة بين التصوف و التشيع" لكاتبه الدكتورمصطفى كامل الشبيبي المصري بين فيه بعشرة أدلة صحيحة جازمة بأن عبد الله ابن سبأ أو إبن السوداء ليس إلا الصحابي الجليل عمار ابن ياسر رضوان الله تعالى عليه- و أبي ذر الغفاري الذي نفاه عثمان-الذي تستحيي منه الملائكة! -.
و استبدلت بالخلفاء المزعومين الذين اعتلوا سدة الحكم و الرياسة غصبا, أئمة ميامين معصومين شهدت بعلمهم كتب التاريخ للسنة كما هي للشيعة, و أخبر عنهم النبي -ص- في أكثر من سياق:
فقد أخرج صاحب كتاب ينابيع المودة :قدم يهودي يقال له "الأعتل", فقال:يا محمد, أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين فإن أجبتني عنها أسلمت على يديك.قال:سل يا أبا عمارة؟
فسأله عن أشياء إلى ان قال:صدقت.ثم قال:فأخبرني عن وصيك من هو؟فما من نبي إلا وله وصي, و إن نبينا موسى ابن عمران أوصى يوشع بن نون.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن وصيي علي ابن أبي طالب-ع- و من بعده سبطاي الحسن و الحسين تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين.
قال:يا محمد فسمهم لي.
فقال رسول الله-ص-:إذا مضى الحسين فابنه علي, فإذا مضى علي فابنه محمد [...] فإذا مضى الحسن فابنه الحجة محمد المهدي فهؤلاء اثنا عشر".
فالحمد لله أن هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله...
طبعا أنا أعيش الآن متشيعا في وسط أسرة سنية مالكية ووسط مجتمع سني مالكي كذلك, أعيش بتخف في حالة تقية إذ أنني لا أحب ان أخسرهم خاصة و أنني-في هذا العمر-ما زلت في حاجة إليهم, وأنني أدرك ان المجتمع الذي أعيش فيه هو مجتمع لا يقبل أي شكل من أشكال التحاور العقلاني البناء و يقبل الأحكام المسبقة على الأشياء, وهو لعمري ديدن كل مجتمع نخرت الأمية عظامه-68 في المئة من مجموع الشعب المغربي-. ورغم إيقاع التخفي الذي فرضه علي المذهب الجديد فلست أخفي ارتياحا عارما للتغيير, وراحة نفسية هي أقرب لراحة من يكون على وشك الغرق فتتلقفه سفينة النجاة...!
و أي سفينة نجاة!
إنها لسفينة مباركة من ركبها نجا, ومن تخلف عنها ضل و غوى...
فالحمد لله رب العالمين...
و صلى الله على محمد و على آله الطيبين الطاهرين.
هادي الحسيني
تعليق