سلبيات الدعاء والداعين
الدعاء هو صلة العبد بالله، وارتباط المولى بالعبد، حيث يتم اتصال ذاك الموجود الذليل، بالواجد العزيز.. فمن سنن الله الجارية على هذه البسيطة، هو افتقار الفقير للغني، والتجاء الضعيف للقوي.. لذا ومن باب تعادل كفتي ميزان الحياة، بنظام أكثر دقة، وعلى أساس رصين؛ لابد من ارتباط الفقير بالغني، أي ارتباط العبد بالمولى؛ ليتكامل الإنسان، وليحقق غاية الله المنشودة في عباده، وليكون خليفته على أرضه.
وبمرور عابر على سيرة العظماء في التأريخ، نرى أن أمير المؤمنين (ع) قد حظي بمقدار كبير من عناية الباري، وكيف لا؟!.. وهو خليفة الله في أرضه، وحجته على عباده، فقد تفجرت على شفتيه أنات العشاق والمحبين، فكانت لحناً خالداً على مر السنين، وأصبحت لسان حال المتيمين العاشقين.. فدعاء كميل، والصباح، والصحيفة العلوية؛ لهي خير دليل على ذوبان الأمير بعشق الإله.
ولما للدعاء من أهمية بالغة في حياتنا، علينا أن نرفع معاً الأستار والحجب عن مفهوم الدعاء، لنعرف ما هو الدعاء؟.. لذا فمن المستحسن أن نطرح الدعاء من خلال جوانبه السلبية لنقوي أواصر صلتنا بالله سبحانه وتعالى.
سلبيات الدعاء والداعين:
أولاً: الدعاء لتفريج الكرب: إن الارتباط بالمولى من باب المصلحة، هو ارتباط ضعيف ومؤقت.. وهذه الحالة، وكما عبر عنها أهل البيت عليهم السلام هي (عبادة التجار).. أي أن الإنسان عند المصيبة فقط يعرف الله، ويذكره.. وحينما تزول آثار المصيبة، لتحل السكينة، تراه أبعد ما يمكن عن ساحة الدعاء.
ثانياً: الاسترخاء بعد الدعاء: قد منّ الباري علينا بمحطات عبادية كثيرة ومتفرقة على مدار السنة، لنتزود بالمقدار الأكبر منها، لتتفجر فيها طاقاتنا من جديد، ولنعود إلى هذه الحياة بزخم كبير من الطاقة والحيوية.. ولكن حينما يتفاعل العبد في الليالي الجليلة، ويبكي ويتباكى، ويصوم النهار، ويقوم الليل.. فإنه يستشعر حلاوة الإيمان، وجمال لقاء الرحمن، فيحس أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.. فيقضي بالتسويف عمره، وينتهي إلى طريق مسدود، متناسياً أن الرسول صلى الله عليه وآله، وعلى جلالة قدرة حينما سُئل لما يعبد الله وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال: (أفلا أكون عبداً شكورا)!..
ثالثاً: الذنب بعد التوفيق: قد يوفق المولى بعض عباده العاصين، ويسمح لهم بالالتجاء إليه؛ لمحو دنس الذنوب، وستر قبيح المعاصي والعيوب.. فيحس بنوع من الاستجمام الروحي، وطاقة كبيرة وعالية.. وبدل أن يصرف تلك الطاقة في العبادة شكراً للمولى، فإنه يصرفها في العصيان مرة بعد أخرى.
رابعاً: الإحساس بالتفوق الكاذب: فحينما يرق القلب، وتهطل قطرات الدموع من خشية الله، وحينما تتعالى أصوات النحيب والبكاء، وحينما يشعر الداعي بحالة خاصة من حالات القرب من الله؛ فإنه حتماً سيعيش حالة من حالات الغرور والكبر، وسيشعر أنه قد فاق الناس، وقد تفوق عليهم بالقرب من الإله.
خامساً: البحث عن اللذائذ الروحية: إن حالة البحث عن رضى الخالق، هو هدف مطلوب، ومرغوب فيه؛ وهذا ما يجب على كلٍّ منا أن يبحث عنه.. وأما البحث عن اللذائذ الروحية الخاصة، فهي بيد الخالق، يهب لمن يشاء كيف يشاء.. وليس من اختصاص المخلوق الخوض في بحر الدعاء، لينال تلك اللذائذ الروحية، والتي قد يخرج من ذاك البحر المتلاطم، خالي الوفاض، يائساً من رحمة الله.
سادساً: الاتكال على الدعاء في طلب الرزق: تعد هذه العبادة من أسخف ألوان العبادات، حيث طمع المخلوق يكون بارزاً بشكل واضح في حضرة الباري.. قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}.. فإن الله قد كلف كل منا أن يسعى وراء رزقه بمعونة المولى، لا أن يطلب رزقه من الإله.. فالتفويض أمر جميل ومستحسن إن كان التفويض (تفويض العامل، وليس تفويض المتكاسل).
سابعاً: الدعاء المرحلي: يسمى هذا الدعاء (بدعاء أهل الدنيا) فصاحب الحاجة يقطع حاجته من الناس، ويلتجأ إلى الباري، ويسأله أن يعطيه حاجته ورغبته.. فحينما يمن الباري عليه بالموهبة والعطية، يقطع صلته بالله، وكأن لم يدعه ولم يستجب له.
ثامناً: التعود على جو خاص: إن بعض المؤمنين قد تعودوا على أجواء خاصة تربطهم بالمولى، فهم يستشعرون حلاوة لقاء الله في بعض الأماكن دون سواها، فعندما يبتعد المؤمن عن تلك الأجواء، لا يتفاعل مع الدعاء بمثل تلك الحيوية التي كان عليها سابقاً.
تاسعاً: لقلقة اللسان بالدعاء: إن تحول العبادة إلى عادة، حتماً تسلب رونق وجمال الدعاء من لب الداعي، لدرجة أنه لا يلتفت إلى دعائه، وحتى وهو في حال المعصية تراه يلهج لسانه بذكر الله.. لكن تلك العبادة لم تردعه عن المعصية.. فالدعاء يجب أن يكون قراره في الجنان، وينطق باللسان لينفع الداعي دعاءه.
عاشراً: الدعاء بغريب الدعاء: من المستحسن أن لا ندعو الله بأسماء لا نعرف ما معناها، وبألفاظ لا نعرف مداها.. إن أهل بيت النبوة وموضع الرسالة -عليهم السلام- هم أهل اللغة والفصاحة، وهم من عرف الله بأسمائه وصفاته أكثر منا، وقد ورد عنهم -عليهم السلام- كنوز الأدعية والمناجيات، فيكفي بالصحيفة السجادية أن تكون (زبور آل محمد).
نقلا عن شبكه السراج
الدعاء هو صلة العبد بالله، وارتباط المولى بالعبد، حيث يتم اتصال ذاك الموجود الذليل، بالواجد العزيز.. فمن سنن الله الجارية على هذه البسيطة، هو افتقار الفقير للغني، والتجاء الضعيف للقوي.. لذا ومن باب تعادل كفتي ميزان الحياة، بنظام أكثر دقة، وعلى أساس رصين؛ لابد من ارتباط الفقير بالغني، أي ارتباط العبد بالمولى؛ ليتكامل الإنسان، وليحقق غاية الله المنشودة في عباده، وليكون خليفته على أرضه.
وبمرور عابر على سيرة العظماء في التأريخ، نرى أن أمير المؤمنين (ع) قد حظي بمقدار كبير من عناية الباري، وكيف لا؟!.. وهو خليفة الله في أرضه، وحجته على عباده، فقد تفجرت على شفتيه أنات العشاق والمحبين، فكانت لحناً خالداً على مر السنين، وأصبحت لسان حال المتيمين العاشقين.. فدعاء كميل، والصباح، والصحيفة العلوية؛ لهي خير دليل على ذوبان الأمير بعشق الإله.
ولما للدعاء من أهمية بالغة في حياتنا، علينا أن نرفع معاً الأستار والحجب عن مفهوم الدعاء، لنعرف ما هو الدعاء؟.. لذا فمن المستحسن أن نطرح الدعاء من خلال جوانبه السلبية لنقوي أواصر صلتنا بالله سبحانه وتعالى.
سلبيات الدعاء والداعين:
أولاً: الدعاء لتفريج الكرب: إن الارتباط بالمولى من باب المصلحة، هو ارتباط ضعيف ومؤقت.. وهذه الحالة، وكما عبر عنها أهل البيت عليهم السلام هي (عبادة التجار).. أي أن الإنسان عند المصيبة فقط يعرف الله، ويذكره.. وحينما تزول آثار المصيبة، لتحل السكينة، تراه أبعد ما يمكن عن ساحة الدعاء.
ثانياً: الاسترخاء بعد الدعاء: قد منّ الباري علينا بمحطات عبادية كثيرة ومتفرقة على مدار السنة، لنتزود بالمقدار الأكبر منها، لتتفجر فيها طاقاتنا من جديد، ولنعود إلى هذه الحياة بزخم كبير من الطاقة والحيوية.. ولكن حينما يتفاعل العبد في الليالي الجليلة، ويبكي ويتباكى، ويصوم النهار، ويقوم الليل.. فإنه يستشعر حلاوة الإيمان، وجمال لقاء الرحمن، فيحس أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.. فيقضي بالتسويف عمره، وينتهي إلى طريق مسدود، متناسياً أن الرسول صلى الله عليه وآله، وعلى جلالة قدرة حينما سُئل لما يعبد الله وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال: (أفلا أكون عبداً شكورا)!..
ثالثاً: الذنب بعد التوفيق: قد يوفق المولى بعض عباده العاصين، ويسمح لهم بالالتجاء إليه؛ لمحو دنس الذنوب، وستر قبيح المعاصي والعيوب.. فيحس بنوع من الاستجمام الروحي، وطاقة كبيرة وعالية.. وبدل أن يصرف تلك الطاقة في العبادة شكراً للمولى، فإنه يصرفها في العصيان مرة بعد أخرى.
رابعاً: الإحساس بالتفوق الكاذب: فحينما يرق القلب، وتهطل قطرات الدموع من خشية الله، وحينما تتعالى أصوات النحيب والبكاء، وحينما يشعر الداعي بحالة خاصة من حالات القرب من الله؛ فإنه حتماً سيعيش حالة من حالات الغرور والكبر، وسيشعر أنه قد فاق الناس، وقد تفوق عليهم بالقرب من الإله.
خامساً: البحث عن اللذائذ الروحية: إن حالة البحث عن رضى الخالق، هو هدف مطلوب، ومرغوب فيه؛ وهذا ما يجب على كلٍّ منا أن يبحث عنه.. وأما البحث عن اللذائذ الروحية الخاصة، فهي بيد الخالق، يهب لمن يشاء كيف يشاء.. وليس من اختصاص المخلوق الخوض في بحر الدعاء، لينال تلك اللذائذ الروحية، والتي قد يخرج من ذاك البحر المتلاطم، خالي الوفاض، يائساً من رحمة الله.
سادساً: الاتكال على الدعاء في طلب الرزق: تعد هذه العبادة من أسخف ألوان العبادات، حيث طمع المخلوق يكون بارزاً بشكل واضح في حضرة الباري.. قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}.. فإن الله قد كلف كل منا أن يسعى وراء رزقه بمعونة المولى، لا أن يطلب رزقه من الإله.. فالتفويض أمر جميل ومستحسن إن كان التفويض (تفويض العامل، وليس تفويض المتكاسل).
سابعاً: الدعاء المرحلي: يسمى هذا الدعاء (بدعاء أهل الدنيا) فصاحب الحاجة يقطع حاجته من الناس، ويلتجأ إلى الباري، ويسأله أن يعطيه حاجته ورغبته.. فحينما يمن الباري عليه بالموهبة والعطية، يقطع صلته بالله، وكأن لم يدعه ولم يستجب له.
ثامناً: التعود على جو خاص: إن بعض المؤمنين قد تعودوا على أجواء خاصة تربطهم بالمولى، فهم يستشعرون حلاوة لقاء الله في بعض الأماكن دون سواها، فعندما يبتعد المؤمن عن تلك الأجواء، لا يتفاعل مع الدعاء بمثل تلك الحيوية التي كان عليها سابقاً.
تاسعاً: لقلقة اللسان بالدعاء: إن تحول العبادة إلى عادة، حتماً تسلب رونق وجمال الدعاء من لب الداعي، لدرجة أنه لا يلتفت إلى دعائه، وحتى وهو في حال المعصية تراه يلهج لسانه بذكر الله.. لكن تلك العبادة لم تردعه عن المعصية.. فالدعاء يجب أن يكون قراره في الجنان، وينطق باللسان لينفع الداعي دعاءه.
عاشراً: الدعاء بغريب الدعاء: من المستحسن أن لا ندعو الله بأسماء لا نعرف ما معناها، وبألفاظ لا نعرف مداها.. إن أهل بيت النبوة وموضع الرسالة -عليهم السلام- هم أهل اللغة والفصاحة، وهم من عرف الله بأسمائه وصفاته أكثر منا، وقد ورد عنهم -عليهم السلام- كنوز الأدعية والمناجيات، فيكفي بالصحيفة السجادية أن تكون (زبور آل محمد).
نقلا عن شبكه السراج
تعليق