www.banihashem.org
جمعية بني هاشم العالمية
بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
بحث لسماحة السيد محمد علي الحسيني
اللبناني
علماؤنا وقيام الليل
من الامور التي اهتمّ به علماؤنا قيام السحر والتهجّدوالتضرع في الاسحار وصلاة الليل. يقول المرحوم الملكيالتبريزي:
وحكي لي شيخي في العلوم الحقّة: أنّه ما وصل أحدمن طلاب الا´خرة إلى شيء من المقامات الدينية اءلا ـ اءذاكان ـ من المتهجّدين».
يقول العلاّمة الطباطبائي:
عندما تشرفت بالنجف الاشرف للدراسة ونظراً للقرابةوالرحم، كنت أحياناً أتشرف بزيارة المرحوم القاضي وذاتيوم كنت واقفاً في مدرسة في النجف فمرَّ المرحوم القاضيمن هناك، وعندما وصل إلى وضع يده علي كتفي وقال: يابني اءذا كنت تريد الدنيا فصلِّ صلاة الليل واءذا كنت تريدالا´خرة فصلّ صلاة الليل.
وقد أثّر فيّ هذا الكلام إلى حدّ اني بعد ذلك وطيلةخمس سنوات رجعت بعدها إلى ايران لم اترك مجلس السيدالقاضي وكنت أصل الليل عنده بالنهار.. ولم أفوّت لحظةيمكنني الاستفادة فيها من فيضه.. وبعد عودتي إلى وطني المألوف وحتي وقت وفاة الاستاذ كانت علاقاتنا قائمة وكانالمرحوم القاضي ـ وبمقتضي علاقة الاستاذ والتلميذ ـيزوّدني بأوامره وتوجيهاته وكانت المراسلات بيننا مستمرّة.
ويضيف العلامة: نحن كلّ ما عندنا فهو من المرحوم القاضي.
نعم... هكذا تصنع المواعظ البليغة بأهلها.
في حديث عن الإمام الصادق (ع) :
«أبغض الخلق إلى الله جيفة بالليل بطّال بالنهار».
التربية السيئة:
قال أحد الطلاب: قال لي احدهم ـ وهو بحسب الظاهر عالم متَّقٍ ـ : الافضل أن لا يصلّي الاءنسان صلاةالليل، وأن يصلّي صلاة الصبح في آخر وقتها، حتي لايصاب بالعجب والتكبر... وحيث اءن صلاة الليل تؤدّي إلى الغرور فيجب تركها...
أضاف ذلك الطالب: اءثر كلامه ـ وحيث أني كنت اثقبه ـ تركت صلاة الليل عدة سنوات مع أني كنت أبقي مستيقظاً وقت السحر.
انظر إلى هذه التربية السيئة والتفكير الاعوج!
قيل لذلك الطالب: اءن ذلك الشخص كان شيطاناً قال هذا القول المزخرف لانّه اءذا كان ذلك صحيحاً فاءنه ينسحب علي جميع المستحبّات، وعليه فيجب القول بترك صلاةالجماعة وقراءة القرآن والدعاء حتي لا نقع في الغرور. وفسادهذا الكلام من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى بسط القول فيردّه.
اءن من البديهي أن الاءنسان يجب عليه حتي مع أداءالمستحبّات... أن ينقي نفسه من الرذائل الاخلاقية، ومنحيث المبدأ فاءن صلاة الليل نفسها سبب في توفيقالاءنسان لتصفية نفسه من الصفات الرذيلة. والله الّذي وفَّقلصلاة الليل يوفّق للسلامة من مرض العجب الخطير.
ثم اءن هذا الشخص اللاأبالي إلى هذا الحد... بحيثأنه يؤخّر صلاة الصبح إلى آخر الوقت... لا معني أبداًلابتلائه بالعجب.. ولِم العجب؟ اءنّه كالاعمي الّذي لا يمكنهأن يري أوضح الاشياء.
اءن التحدّي الكبير هو أن يلتزم الاءنسان بالمستحبّات ولا يبتلي بالعجب.. أما التقوي السلبية فلا قيمة لها.. بلالمهمّ هو التقوي الاءيجابية.
يقول السالك الكامل المرحوم الملكي:
نعم قد ينام من تهيأ للانتباه (...) لطفاً من الله اللطيف عليه في سياسته امر عبوديته حفظاً له من العجب أو تعريضاًله لزيادة الاجر من كثرة اسف فوت التهجد ولكن الّذي يستفاد من الاخبار أن ذلك لا يكون اءلا قليلاً ليلة أو ليلتين.
***
ويري البعض أن قيام الليل ونافلته تتنافي مع الدرس،وتحُول دون التحصيل، وأنها باختصارٍ مضيعةٌ للوقت..ويجب قضاء ذلك الوقت في الدرس والمطالعة.
يقول آية الله الملكي التبريزي في جواب هؤلاء:
وكيف كان فاءن من له ادني تتبّع في اخبار أهل البيت واحوال السلف من مشايخنا العظام رحمهم الله، لا يشكّ فيأن صلاة الليل ليست ضدّ تحصيل العلم بل هي من أسبابهالقريبة والقوية، وكثيراً ما رأينا من المحصّلين من كان منالمتهجدين وصار ذلك سبباً لاستقامة فهمه وجودة ذهنهفي الوصول إلى المطالب الحقة في المسائل العلمية، وارتقيإلى المراتب العالية في العلم بخلاف الطلاب المجدّين فيمطالعة الكتب العلمية ـ غير المتهجدين ـ فقلّما خرج منهمصاحب ملكة مستقيمة، نعم ربما يوجد فيهم مدقّق مشكّكولكن لا يكون محقّقاً ولا يكون في علمه بركة كاملة بليقلّ خيره ونوره ولا يوفًّق لفوائد هذا العلم.
وقد تناول آية الله التبريزي أهمية صلاة الليل بالتفصيل في كتابه القيّم «أسرار الصلاة» فليراجع. وعلي أيّحال فلاشك في أن من أكبر مصاديق توفيق الطالب هوقيام السحر.. وكلّ من حُرم من هذا الفيض يجب عليه أنيكون بصدد الحصول عليه وليعلم أن احداً لم يتمكن منالوصول إلى أي هدف ومرتبة بدون صلاة الليل .
والد العلامة الشهيد مطهري:
يقول الاستاذ الشهيد:
هناك سلسلة لذائذ معنوية، تنمّي معنوياتنا، وتسموبها، وصلاة الليل لها عند من هو أهل التهجد، ومن هو منالصادقين، والصابرين، والمستغفرين بالاسحار، لذة وبهجه...تلك اللذة التي يشعر بها مصلٍّ حقيقي، وواقعي، لصلاةالليل، من صلاة ليله من قوله «أستغفر الله ربي واتوب اءليه»،من قوله «العفو العفو» وذكر اربعين مؤمناً علي الاقل والدعاء
لهم.. اللذة التي يشعر بها من قوله «يا رب يا رب» لا يمكنابداً أن يشعر بها شخص بطّال يتسكّع في علب الليل... لذةصلاة الليل اعمق بكثير، أقوي.. أكثر نشاطاً.. ولكن اءذااغرقنا انفسنا في لذة الدنيا المادية.. مثلاً نتحلق اول الليلحول بعضنا... ونأخذ بالحديث والضحك.. ولنفترض اننا لمنغتب لان ذلك حرام.. واقتصرنا فقط علي المزاح المباح..وبعدها توضع المائدة.. ونأكل حتي التخمة، بحيث يصبححتي التنفس صعباً علينا.. بعدها نسقط كالموتي في فراشنا..هل نستطيع آنذاك أن نوفَّق للاءستيقاظ سحراً قبل طلوعالفجر بساعتين ونناجي من أعماق الروح «يا ربّ»؟ اصلاًلن نستيقظ.. واءذا استيقظنا فكالسكاري نعبّ الماء عبّاً.
اءذن اءذا أراد الاءنسان أن يدرك اللذائذ المعنوية والاءل´هيةفي هذه الدنيا لا سبيل له اءلا أن يصدَّ نفسه عن اللذائذالمادية.
أقسم بالله، أن اللذة التي يشعر بها المؤمن عندمايستيقظ في ذلك الوقت في الليل، ويقع نظره علي السماء
المليئة بالنجوم ويقرأ آيات آخر سورة آل عمران التي هيصوت الوجود المنبعث من قلب الوجود... ويتّحد صوته ـبقراءتها ـ مع صوت الوجود ـ هذه اللذة ـ تعادل عمراً مناللذة المادية في هذه الدنيا.. اءنسان كهذا لا يستطيع أنيعيش مثلنا، لا يستطيع أن يجلس إلى مائدة العشاء مع أنهظهراً تناول الاطعمة الدسمة، وأنواع اللحوم، والسمنالحيواني والنباتي، وأنواع الحلويات وأنواع المقبلات.. ولايستطيع أن يجلس عشاءً ويتناول أيضاً مقداراً من الحساءلتحريك اشتهائه للطعام.
الشخص الّذي يفعل ذلك لا يستطيع أن يستيقظ عندمنتصف الليل.. واءذا استيقظ فلا يمكنه أن يلتذ بالمناجاة.
لذلك فاءن الاشخاص الذين كانوا أهلاً لهذه التوفيقاتـ وقد رأيناهم ـ لم يكونوا يأبهون لهذه اللذائذ المادية التيتعلَّقنا بها...
ولا مانع من أن اذكر بالخير هنا والدي المعظم.. منأول وعيي كنت أري هذا الرجل الشريف لا يسمح ابداً ان
يتجاوز وقت نومه ثلاث ساعات بعد الغروب ـ كان ينام فيهذا الوقت باستمرار.. يتناول طعام العشاء أول الليل وبعدثلاث ساعات بدءاً من أذان المغرب ـ ينام، ويستيقظ قبلطلوع الفجر بساعتين علي الاقل، والمقدار الّذي كان يقرأهمن القرآن هو جزء علي الاقل، وبأي فراغ بال واطمئنانخاطر.. كان يؤدي صلاة الليل، الا´ن، مضي من عمره حواليمئة سنة وما رأيت ابداً انّه رأي مناماً مزعجاً.. هذه الامورتحيي القلب.. والاءنسان الّذي يريد أن يستفيد من مثل هذهاللذة لا بد وأن يخفف من اللذائذ المادية ليصل إلى تلكاللذة الاعمق» نعم اءن أباً كهذا يقدّم للمجتمع ابناً كهذا..
الشهيد مطهري:
اءحدي خصوصيات الشهيد مطهري (رض) اهتمامهالكبير بالتهجد وقيام الليل، وقد كان منذ فترة دراسته إلىآخر عمره المبارك ملتزماً بذلك.
يقول الشيخ المنتظري بهذا الصدد:
من خصائص المرحوم التزامه وحبّه المفرط للذكر،والدعاء، وقيام الليل، أذكر أنه في أوائل تعارفنا.. كان ملتزماًبصلاة الليل، وكان يحثّني عليها وكنت أتملصّ من ذلكبحجة أن ماء حوض المدرسة مالح وغير نظيف ومضرّلعيني.. إلى أن رأيت ذات ليلة في النوم أني نائم وشخصيوقظني قائلاً: أنا عثمان بن حنيف مندوب أمير المؤمنينعلي (ع) يأمرك الاءمام أن تنهض وتصلّي صلاة الليل وهذهالرسالة أرسلها (ع) اءليك.. كان مكتوباً في تلك الرسالة التيكان حجمها صغيراً بخط أخضر «هذه براءة لك من النار»وفي عالم النوم جلست متحيّراً مفكّراً بالفاصل الزمني بينعصر الاءمام (ع) وعصرنا. وأثناء جلوسي في النوم متحيّراًأيقظني الشهيد مطهري وبيده اءناء ماء قائلاً: أحضرت هذاالماء من النهر، قم وصلّ صلاة الليل ولا تبحث عن عذر.
يقول حجة الاءسلام السيد علي خامنه اءي رئيسالجمهورية دام ظله:
«عندما كان الشهيد مطهري يأتي إلى مشهد كاناحياناً ينزل في بيتنا.. الغرفة التي كان ينام فيها يفصلها عنالغرفة التي كنت أنام فيها باب واحد.. كان ملتزماً دائماً بقراءةالقرآن قبل النوم.. وقد سمعت صوته اثناء التهجد وصلاةالليل ـ كان يبكي ـ طبعاً كثيرون هم الذين يصلّون صلاةالليل، أما مصلو صلاة الليل بتلك الحالة من البكاء فقلّة...فيما بعد سمعنا من اصدقائه القدامي مثل الشيخ المنتظريوغيره أنّه كان منذ أيام دراسته يصلّي صلاة الليل ومن أهلالتهجد.
يقول ابن الاستاذ الشهيد مطهري (ره) في معرضالحديث عن ليلة استشهاده:
«في تلك الليلة التي سمعنا فيها بنبأ اغتياله، بقينامستيقظين حتي الصباح، في الساعة الثانية والنصف رنّجرس الساعة التي كانت توقظه كلَّ ليلة ـ علي العادة ـلصلاة الليل.. اءلاّ أنه لم يعد علي قيد الحياة.. كان قد صلّيصلاة ليله مضمخاً بدمه الطاهر قبل الموعد المقرَّر فيظلمة الشارع» .
يقول احد الفضلاء والمحقّقين المعاصرين علي ما نُقلعنه:
«وفي علاقته باءل´هه كان عارفاً، من أهل الذكر والسلوكوالعبادة. لقد قال مراراً: أحبّ أن أذهب إلى قم وأشتغلبالرياضة، والعبادة، والعرفان ـ كانت هذه امنيته.. لم يتركأبداً طيلة عمره قراءة القرآن قبل النوم، وصلاة الليل،وهكذا.. واءثر تلالؤات هذه العبادة وقربه الخاص من اءمامالامة كان يري الحقائق بعين القلب».
كذلك يقول احد اصدقاء الاستاذ:
قيام الليالي المظلمة، والبكاء، والمناجاة في خلواتالسحر، والتوغل في الذكر والفكر، والممارسة في قراءةالقرآن ومجانبة أهل الدنيا وعبّاد الهوي والاءلتحاق بأهل اللهوأولياء الله، كلّ ذلك كان مشهوداً في سيره وسلوكه».
أيضاً يقول احد الكتّاب المعاصرين:
مطهري المتهجّد والمستغفر بالاسحار.. كان يأنسهذا العالم بكلّ وجوده.. وكان متنعّماً به. في اءحدي خطبهسمعته يقرأ هذين البيتين وذلك يدلّ علي اهتمامه بهذهالمراحل:
«أخشي أن أذهب ولم أرَ عالم الروح، أخشي أنأذهب من العالم ولم أرَ العالم، فأكون في عالم الروح عندماأذهب اءليه من عالم الجسد، لم أر عالم الروح وأنا في عالمالجسد».
هذا الرجل كان يعدّ نفسه ومنذ سنوات طوال لهذاالسفر، وقد أمضي عمراً ينقل الخطي علي هذا الطريقمتزّوداً زاد التهجّد، ممتطياً صهوة قيام الليل، مسترشداًبدليل فيض السحر، ويقيناً أنه وصل إلى مقاصد كثيرة، هذهمؤلفاته الوافرة وخدماته الجليلة علامة فوزه وتوفيقه وكذلكحصوله علي سعادة الشهادة..
تهجد الاءمام :
يقول أحد المقرّبين من الاءمام:
منذ خمسين سنة لم يترك الاءمام الخميني صلاةالليل: في حال الصحة، والمرض، في السجن وفي الاحوالالاءعتيادية، أثناء النفي وحتي علي سرير المرض كان يصلّيصلاة الليل.. مرض الاءمام في قم وبناءً علي أمر الاطباء كانينبغي أن ينتقل إلى طهران.. كان الجو بارداً وكان الثلجوالمطر يتساقطان، وكان الجليد يغطّي الشوارع، بقي الاءمامعدة ساعات في سيارة الاءسعاف.. وبعد الانتقال إلىمستشفي القلب.. صلّي أيضاً صلاة الليل .
في الليلة التي كان قادماً فيها من باريس إلى
طهران كان الجميع في الطائرة نياماً.. اءلاّ الاءمام فقد كان
في الطبقة العليا من الطائرة يصلّي صلاة الليل، واءذ كنت
قد رأيت الاءمام عن قرب فاءن آثار الدموع علي
خدّيه المباركين تدلّ علي قيام الليل وبكاء ظلام
الليل.. ينقل بعض أفراد الحرس في قم: أحياناً كان
الاءمام عندما يستيقظ لصلاة الليل يتفقّدهم».
جاء في اءحدي الصحف عن ابن الاءمام الخميني قوله:
1. في اللّيلة التي كنا متجّهين فيها من باريس إلىطهران .. في الطائرة قام الاءمام لاداء صلاة الليل، وكانيبكي بحيث أن مضيفي الخطوط الفرنسية، تعجبوا وسمعتأنهم سألوا: هل هناك ما يؤذي الاءمام.. قلت: اءنها عادةالاءمام في كل ليلة.
2. عندما اعتقل الاءمام، ونُقل من قم إلى السجن
في زمن الطاغوت صلّي صلاة الليل بحالة بحيث قال
لي فيما بعد أحد من كانوا مع الاءمام ـ الظاهر أنه العقيدالعصار ـ لقد تأثرنا كثيراً بصلاة الاءمام وظل احدنا إلى طهرانيبكي .
3. عندما كنا نسير من النجف باتجاه الكويت.. انطلقناصباحاً الساعة الرابعة وربما قبل ذلك.. اءنطلقنا بعد آذانالصبح، وبعد كل المصاعب والمشاكل التي واجهناها وحواليالساعة الثانية عشرة نام الاءمام في فندق البصرة.. ولم ينمساعتين حتي رنّ جرس ساعته واستيقظ وصلّي صلاة الليلوبعدها صلاة الصبح.
آية الله الملكي التبريزي:
يقول احد المقربين منه (ره) :
«عندما كان يستيقظ للتهجد وصلاة الليل.. كان
في البداية يبقي في فراشه مدة، ويرتفع صوته فيها
بالبكاء، ثم يخرج من الغرفة إلى ساحة الدار، فينظر
إلى السماء، ويقرأ آيات (اءِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَ الاَرْضِالخ..) (آخر سورة آل عمران). ثم يضع رأسه علي الحائطويبكي لفترة، وبعد التطهير يجلس مدة بجانب الحوض قبلالوضوء ويبكي، وباختصار منذ استيقاظه وحتي المجيء إلىمصلاّه والبدء بصلاة الليل كان يجلس في عدة أماكن ويقومويبكي وعندما يصل إلى مصلاه فلا يمكن بعد ذلك وصفحاله».
المحدث القمي (ره) :
جاء في ترجمة هذا المحدّث الجليل:
كان في كلّ أيام السنة في الفصول الاربعة يستيقظقبل طلوع الفجر بساعة علي الاقلّ ويشتغل بالصلاةوالتهجّد. كان يهتمّ كثيراً بعبادة آخر الليل وقبل بزوغ الفجر..وكان يعتقد أن افضل المستحبّات العبادة والتهجّد، يقولابنه الكبير:
«علي حدود ما أتذكر، لم يفتْه قيام آخر الليل حتي فيالاسفار.. كان ملتزماً بذلك».
يقول المحدث القمي حول استاذه الميرزا الشيخحسين النوري (صاحب المستدرك):
كان شديد الاجتهاد في الزهد والعبادة.. لم تفتْه صلاةالليل. كان في كلّ ليلة متضرّعاً مناجياً.
العلامة المجلسي الاوّل:
يقول حفيد الوحيد البهبهاني في كتاب «مرآةالاحوال».
سمعت من بعض الثقات أن المولي المجلسي الاوّلقال: «في ليلة من الليالي وبعد الصلاة والتهجد والبكاءوالتضرّع بين يدي الله تعالي، وجدت نفسي بحالة علمتمعها ان أيّ شيء أطلبه من الله عزَوجل فهو مقرونبالاءجابة وسيمنّ الله عليّ بتحقيقه... وفيما كنت افكّر ماذااطلب من الله وهل أطلب طلباً دنيوياً أم اخروياً، فجأة ارتفعصوت محمد باقر بالبكاء في مهده فقلت: اءلهي بحقّ محمدوآل محمد (ص) اجعل هذا الطفل مروّج الدين وناشر احكامسيّد المرسلين ووفّقه التوفيقات التي لا تُحدّ.. ثم يقولحفيد الوحيد: ومن المسلَّم أن خوارق العادات التي ظهرتمن ذلك العظيم ليست اءلا بسبب دعاء هذا العظيم.
الشيخ محمد الاشرفي:
كان (عليه الرحمة) من تلامذة سعيد العلماء..
وكان يشتغل من منتصف الليل حتي الصباح بالتضرعومناجاة الله جلّ وعلا، ويلطم علي صدره ورأسه، وعندمايطلع الصباح يكون في غاية الضعف بحيث أن من لا يعرفهكان يتصوّر اءذا رآه، أنه غادر فراش المرض الا´ن نعم...كان كما يقول أمير المؤمنين (ع): «قد براهم الخوف بَرْيالقداح، ينظر اءليهم الناظر فيحسبهم مرضي وما بالقوم منمرض».
حجة الاءسلام الشفتي:
هذا السيد الجليل كان يراقب الله تعالي دائماً ولميكن يمنعه شيء عن حالة الحضور والمراقبة... ومن كثرةالبكاء أثناء التهجد جُرحت زوايا عينيه.
يقول أحد المقرَّبين من هذا العظيم: ذهبتُ معه إلىاءحدي القري وبتنا الليل، في الطريق قال لي السيد: ألا تنام؟وذهبت لانام. عندما ظن السيد أني نمت، نهض وبدأبالصلاة، أُقسِم بالله أني رأيت مفاصل كتفه وأعصابهترتجف بحيث أنه كان يكرر ألفاظ الصلاة لشدة حركةالفكّين، حتي يؤديّها بشكل صحيح .
يبدو أن مفاصل كتفه كانت ترتجف لشدة حضورهالقلبي بين يدي الله.. وكان بمجرد أن يخلو المجلس تجريدموعه، كان انهمار دموعه مقارناً لخروج آخر شخص منمجلسه.
يقول المحدث القمي: نقلت عن سماحته حكاياتكثيرة في العبادات والدعاء ومناجاة قاضي الحاجات .
يقول المرحوم التنكابني:
كان دأبه البكاء والتضرّع والدعاء من منتصف الليلحتي الصباح.. كان يتجول في دار مكتبته كالمجانين وهويدعو ويناجي ويلطم علي رأسه وصدره حتي الصباح.. وكانصوت بكائه عالياً بحيث اءذا استيقظ جيرانه سمعوه، وفيالنتيجة ولكثرة بكائه ابتلي ببعض الامراض في أواخرعمره، وكان الاطباء يمنعونه من البكاء.. وعندما كان يذهبإلى المسجد لم يكن أحد من القرّاء يرتقي المنبر فيحضوره.
ويقول المرحوم التنكابني حول ابن المرحوم الشفتي ـالسيد اسد الله الّذي كان من معاصريه:
يشتغل في كل ليلة منتصف الليل وحتي الصباح فيمكان خالٍ بالدعاء والمناجاة والبكاء ولم يكن له نظير فيالبكاء من خوف الله .
آية الله الشيخ جعفر كاشف الغطاء:
جاء في ترجمة هذا المحقق:
كان الشيخ في العبادة وصفاء الباطن وحالة التضرعوالبكاء بين يدي الله تعالي والتهجد وقيام الليل والدعاءوالمناجاة أحد أوتاد الدهر.. وكان يبذل جهده مهما استطاعحتي لا يفوته عمل مستحب .
يقول شهيد المحراب (الشيخ) محمد تقي البرغانيالقزويني:
جاء المرحوم الشيخ جعفر كاشف الغطاء يوماً إلىقزوين ونزل في بيت احد الاعاظم.. كانت في ذلك البيتحديقة.. وحان وقت النوم ونام الجميع ونمت في زاوية منالحديقة.. وعندما مضي هزيع من الليل سمعت الشيخيناديني قائلاً: قم صلِّ صلاة الليل. فقلت.. نعم سأقوم.فمضي الشيخ ونمت مجدداً.. وفجأة سمعت صوتاً.. قمتبحثت عن مصدر الصوت.. عندما اقتربت وجدت الشيخيتضرع ويناجي ويبكي.. وقد ترك صوته أثراً في نفسيبحيث أني منذ تلك الليلة وحتي الا´ن وبعد مضي خمسوعشرين سنة أستيقظ كل ليلة وأصلي صلاة الليل .
جاء في الفوائد الرضوية:
رأيت في بعض المؤلفات أن الشيخ زار مدينة «رشت»في اءحدي السنين (...) وحيث أن ائمة الجماعة فيها لميكونوا يصلّون النوافل ـ فقد رفع ذلك إلى الشيخ فقال: لاتقتدوا خلف من لا يصلّي النوافل.. وعندما سمع ائمةالجماعة ذلك التزموا بالنوافل ».
يقول الشيخ حسن ابن الشيخ كاشف الغطاء:
كانت عادة والدي الاستيقاظ كلّ ليلة وقت السحروكان يأتي إلى ابواب الغرف ويوقظ العيال والاطفال جميعاًلصلاة الليل قائلاً: قوموا صلوا صلاة الليل... وكان الجميعيستيقظون... وكنت انا آنذاك صغيراً، وكان النوم يغلبني..وعندما كان الشيخ يصل إلى باب غرفتي ويناديني: قم، كنتأقول وأنا ممدد: ولا الضالين أو «الله أكبر» أي أنيأصلي».
آية الله النجفي القوجاني:
يقول (ره) عن أيام دراسته في أصفهان:
في هذه الغرفة الجديدة، التي كانت متّصلة بغيرها منالغرف، فتحنا في وسط المشكاة ثقباً ومددنا منه حبلاً، كانأحد طرفيه في غرفة صديقي، وطرفه الا´خر في غرفتي. كانصديقي وقت النوم يربط ذلك الطرف بيده.. وأربط أنا هذاالطرف بيدي، حتي اءذا ما استيقظ أحدنا سحراً لصلاة الليل،يستيقظ الا´خر بواسطة هذا الحبل بدون أي صوت حذراًمن أن يستيقظ طالب آخر علي صوتنا ولا يكون راضياًبذلك.
والحمد الله رب العالمين
مركز بني هاشم العالمي
للأبحاث والترجمة الإسلامية
www.banihashem.org
www.alhusseiny.org
للتواصل معنا
على الماسنجر:
J_b_hashem@hotmail.com
J_b_hashem@yahoo.com
لبنان:009613961846
ايران:00982512952511
جمعية بني هاشم العالمية
بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
بحث لسماحة السيد محمد علي الحسيني
اللبناني
علماؤنا وقيام الليل
من الامور التي اهتمّ به علماؤنا قيام السحر والتهجّدوالتضرع في الاسحار وصلاة الليل. يقول المرحوم الملكيالتبريزي:
وحكي لي شيخي في العلوم الحقّة: أنّه ما وصل أحدمن طلاب الا´خرة إلى شيء من المقامات الدينية اءلا ـ اءذاكان ـ من المتهجّدين».
يقول العلاّمة الطباطبائي:
عندما تشرفت بالنجف الاشرف للدراسة ونظراً للقرابةوالرحم، كنت أحياناً أتشرف بزيارة المرحوم القاضي وذاتيوم كنت واقفاً في مدرسة في النجف فمرَّ المرحوم القاضيمن هناك، وعندما وصل إلى وضع يده علي كتفي وقال: يابني اءذا كنت تريد الدنيا فصلِّ صلاة الليل واءذا كنت تريدالا´خرة فصلّ صلاة الليل.
وقد أثّر فيّ هذا الكلام إلى حدّ اني بعد ذلك وطيلةخمس سنوات رجعت بعدها إلى ايران لم اترك مجلس السيدالقاضي وكنت أصل الليل عنده بالنهار.. ولم أفوّت لحظةيمكنني الاستفادة فيها من فيضه.. وبعد عودتي إلى وطني المألوف وحتي وقت وفاة الاستاذ كانت علاقاتنا قائمة وكانالمرحوم القاضي ـ وبمقتضي علاقة الاستاذ والتلميذ ـيزوّدني بأوامره وتوجيهاته وكانت المراسلات بيننا مستمرّة.
ويضيف العلامة: نحن كلّ ما عندنا فهو من المرحوم القاضي.
نعم... هكذا تصنع المواعظ البليغة بأهلها.
في حديث عن الإمام الصادق (ع) :
«أبغض الخلق إلى الله جيفة بالليل بطّال بالنهار».
التربية السيئة:
قال أحد الطلاب: قال لي احدهم ـ وهو بحسب الظاهر عالم متَّقٍ ـ : الافضل أن لا يصلّي الاءنسان صلاةالليل، وأن يصلّي صلاة الصبح في آخر وقتها، حتي لايصاب بالعجب والتكبر... وحيث اءن صلاة الليل تؤدّي إلى الغرور فيجب تركها...
أضاف ذلك الطالب: اءثر كلامه ـ وحيث أني كنت اثقبه ـ تركت صلاة الليل عدة سنوات مع أني كنت أبقي مستيقظاً وقت السحر.
انظر إلى هذه التربية السيئة والتفكير الاعوج!
قيل لذلك الطالب: اءن ذلك الشخص كان شيطاناً قال هذا القول المزخرف لانّه اءذا كان ذلك صحيحاً فاءنه ينسحب علي جميع المستحبّات، وعليه فيجب القول بترك صلاةالجماعة وقراءة القرآن والدعاء حتي لا نقع في الغرور. وفسادهذا الكلام من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى بسط القول فيردّه.
اءن من البديهي أن الاءنسان يجب عليه حتي مع أداءالمستحبّات... أن ينقي نفسه من الرذائل الاخلاقية، ومنحيث المبدأ فاءن صلاة الليل نفسها سبب في توفيقالاءنسان لتصفية نفسه من الصفات الرذيلة. والله الّذي وفَّقلصلاة الليل يوفّق للسلامة من مرض العجب الخطير.
ثم اءن هذا الشخص اللاأبالي إلى هذا الحد... بحيثأنه يؤخّر صلاة الصبح إلى آخر الوقت... لا معني أبداًلابتلائه بالعجب.. ولِم العجب؟ اءنّه كالاعمي الّذي لا يمكنهأن يري أوضح الاشياء.
اءن التحدّي الكبير هو أن يلتزم الاءنسان بالمستحبّات ولا يبتلي بالعجب.. أما التقوي السلبية فلا قيمة لها.. بلالمهمّ هو التقوي الاءيجابية.
يقول السالك الكامل المرحوم الملكي:
نعم قد ينام من تهيأ للانتباه (...) لطفاً من الله اللطيف عليه في سياسته امر عبوديته حفظاً له من العجب أو تعريضاًله لزيادة الاجر من كثرة اسف فوت التهجد ولكن الّذي يستفاد من الاخبار أن ذلك لا يكون اءلا قليلاً ليلة أو ليلتين.
***
ويري البعض أن قيام الليل ونافلته تتنافي مع الدرس،وتحُول دون التحصيل، وأنها باختصارٍ مضيعةٌ للوقت..ويجب قضاء ذلك الوقت في الدرس والمطالعة.
يقول آية الله الملكي التبريزي في جواب هؤلاء:
وكيف كان فاءن من له ادني تتبّع في اخبار أهل البيت واحوال السلف من مشايخنا العظام رحمهم الله، لا يشكّ فيأن صلاة الليل ليست ضدّ تحصيل العلم بل هي من أسبابهالقريبة والقوية، وكثيراً ما رأينا من المحصّلين من كان منالمتهجدين وصار ذلك سبباً لاستقامة فهمه وجودة ذهنهفي الوصول إلى المطالب الحقة في المسائل العلمية، وارتقيإلى المراتب العالية في العلم بخلاف الطلاب المجدّين فيمطالعة الكتب العلمية ـ غير المتهجدين ـ فقلّما خرج منهمصاحب ملكة مستقيمة، نعم ربما يوجد فيهم مدقّق مشكّكولكن لا يكون محقّقاً ولا يكون في علمه بركة كاملة بليقلّ خيره ونوره ولا يوفًّق لفوائد هذا العلم.
وقد تناول آية الله التبريزي أهمية صلاة الليل بالتفصيل في كتابه القيّم «أسرار الصلاة» فليراجع. وعلي أيّحال فلاشك في أن من أكبر مصاديق توفيق الطالب هوقيام السحر.. وكلّ من حُرم من هذا الفيض يجب عليه أنيكون بصدد الحصول عليه وليعلم أن احداً لم يتمكن منالوصول إلى أي هدف ومرتبة بدون صلاة الليل .
والد العلامة الشهيد مطهري:
يقول الاستاذ الشهيد:
هناك سلسلة لذائذ معنوية، تنمّي معنوياتنا، وتسموبها، وصلاة الليل لها عند من هو أهل التهجد، ومن هو منالصادقين، والصابرين، والمستغفرين بالاسحار، لذة وبهجه...تلك اللذة التي يشعر بها مصلٍّ حقيقي، وواقعي، لصلاةالليل، من صلاة ليله من قوله «أستغفر الله ربي واتوب اءليه»،من قوله «العفو العفو» وذكر اربعين مؤمناً علي الاقل والدعاء
لهم.. اللذة التي يشعر بها من قوله «يا رب يا رب» لا يمكنابداً أن يشعر بها شخص بطّال يتسكّع في علب الليل... لذةصلاة الليل اعمق بكثير، أقوي.. أكثر نشاطاً.. ولكن اءذااغرقنا انفسنا في لذة الدنيا المادية.. مثلاً نتحلق اول الليلحول بعضنا... ونأخذ بالحديث والضحك.. ولنفترض اننا لمنغتب لان ذلك حرام.. واقتصرنا فقط علي المزاح المباح..وبعدها توضع المائدة.. ونأكل حتي التخمة، بحيث يصبححتي التنفس صعباً علينا.. بعدها نسقط كالموتي في فراشنا..هل نستطيع آنذاك أن نوفَّق للاءستيقاظ سحراً قبل طلوعالفجر بساعتين ونناجي من أعماق الروح «يا ربّ»؟ اصلاًلن نستيقظ.. واءذا استيقظنا فكالسكاري نعبّ الماء عبّاً.
اءذن اءذا أراد الاءنسان أن يدرك اللذائذ المعنوية والاءل´هيةفي هذه الدنيا لا سبيل له اءلا أن يصدَّ نفسه عن اللذائذالمادية.
أقسم بالله، أن اللذة التي يشعر بها المؤمن عندمايستيقظ في ذلك الوقت في الليل، ويقع نظره علي السماء
المليئة بالنجوم ويقرأ آيات آخر سورة آل عمران التي هيصوت الوجود المنبعث من قلب الوجود... ويتّحد صوته ـبقراءتها ـ مع صوت الوجود ـ هذه اللذة ـ تعادل عمراً مناللذة المادية في هذه الدنيا.. اءنسان كهذا لا يستطيع أنيعيش مثلنا، لا يستطيع أن يجلس إلى مائدة العشاء مع أنهظهراً تناول الاطعمة الدسمة، وأنواع اللحوم، والسمنالحيواني والنباتي، وأنواع الحلويات وأنواع المقبلات.. ولايستطيع أن يجلس عشاءً ويتناول أيضاً مقداراً من الحساءلتحريك اشتهائه للطعام.
الشخص الّذي يفعل ذلك لا يستطيع أن يستيقظ عندمنتصف الليل.. واءذا استيقظ فلا يمكنه أن يلتذ بالمناجاة.
لذلك فاءن الاشخاص الذين كانوا أهلاً لهذه التوفيقاتـ وقد رأيناهم ـ لم يكونوا يأبهون لهذه اللذائذ المادية التيتعلَّقنا بها...
ولا مانع من أن اذكر بالخير هنا والدي المعظم.. منأول وعيي كنت أري هذا الرجل الشريف لا يسمح ابداً ان
يتجاوز وقت نومه ثلاث ساعات بعد الغروب ـ كان ينام فيهذا الوقت باستمرار.. يتناول طعام العشاء أول الليل وبعدثلاث ساعات بدءاً من أذان المغرب ـ ينام، ويستيقظ قبلطلوع الفجر بساعتين علي الاقل، والمقدار الّذي كان يقرأهمن القرآن هو جزء علي الاقل، وبأي فراغ بال واطمئنانخاطر.. كان يؤدي صلاة الليل، الا´ن، مضي من عمره حواليمئة سنة وما رأيت ابداً انّه رأي مناماً مزعجاً.. هذه الامورتحيي القلب.. والاءنسان الّذي يريد أن يستفيد من مثل هذهاللذة لا بد وأن يخفف من اللذائذ المادية ليصل إلى تلكاللذة الاعمق» نعم اءن أباً كهذا يقدّم للمجتمع ابناً كهذا..
الشهيد مطهري:
اءحدي خصوصيات الشهيد مطهري (رض) اهتمامهالكبير بالتهجد وقيام الليل، وقد كان منذ فترة دراسته إلىآخر عمره المبارك ملتزماً بذلك.
يقول الشيخ المنتظري بهذا الصدد:
من خصائص المرحوم التزامه وحبّه المفرط للذكر،والدعاء، وقيام الليل، أذكر أنه في أوائل تعارفنا.. كان ملتزماًبصلاة الليل، وكان يحثّني عليها وكنت أتملصّ من ذلكبحجة أن ماء حوض المدرسة مالح وغير نظيف ومضرّلعيني.. إلى أن رأيت ذات ليلة في النوم أني نائم وشخصيوقظني قائلاً: أنا عثمان بن حنيف مندوب أمير المؤمنينعلي (ع) يأمرك الاءمام أن تنهض وتصلّي صلاة الليل وهذهالرسالة أرسلها (ع) اءليك.. كان مكتوباً في تلك الرسالة التيكان حجمها صغيراً بخط أخضر «هذه براءة لك من النار»وفي عالم النوم جلست متحيّراً مفكّراً بالفاصل الزمني بينعصر الاءمام (ع) وعصرنا. وأثناء جلوسي في النوم متحيّراًأيقظني الشهيد مطهري وبيده اءناء ماء قائلاً: أحضرت هذاالماء من النهر، قم وصلّ صلاة الليل ولا تبحث عن عذر.
يقول حجة الاءسلام السيد علي خامنه اءي رئيسالجمهورية دام ظله:
«عندما كان الشهيد مطهري يأتي إلى مشهد كاناحياناً ينزل في بيتنا.. الغرفة التي كان ينام فيها يفصلها عنالغرفة التي كنت أنام فيها باب واحد.. كان ملتزماً دائماً بقراءةالقرآن قبل النوم.. وقد سمعت صوته اثناء التهجد وصلاةالليل ـ كان يبكي ـ طبعاً كثيرون هم الذين يصلّون صلاةالليل، أما مصلو صلاة الليل بتلك الحالة من البكاء فقلّة...فيما بعد سمعنا من اصدقائه القدامي مثل الشيخ المنتظريوغيره أنّه كان منذ أيام دراسته يصلّي صلاة الليل ومن أهلالتهجد.
يقول ابن الاستاذ الشهيد مطهري (ره) في معرضالحديث عن ليلة استشهاده:
«في تلك الليلة التي سمعنا فيها بنبأ اغتياله، بقينامستيقظين حتي الصباح، في الساعة الثانية والنصف رنّجرس الساعة التي كانت توقظه كلَّ ليلة ـ علي العادة ـلصلاة الليل.. اءلاّ أنه لم يعد علي قيد الحياة.. كان قد صلّيصلاة ليله مضمخاً بدمه الطاهر قبل الموعد المقرَّر فيظلمة الشارع» .
يقول احد الفضلاء والمحقّقين المعاصرين علي ما نُقلعنه:
«وفي علاقته باءل´هه كان عارفاً، من أهل الذكر والسلوكوالعبادة. لقد قال مراراً: أحبّ أن أذهب إلى قم وأشتغلبالرياضة، والعبادة، والعرفان ـ كانت هذه امنيته.. لم يتركأبداً طيلة عمره قراءة القرآن قبل النوم، وصلاة الليل،وهكذا.. واءثر تلالؤات هذه العبادة وقربه الخاص من اءمامالامة كان يري الحقائق بعين القلب».
كذلك يقول احد اصدقاء الاستاذ:
قيام الليالي المظلمة، والبكاء، والمناجاة في خلواتالسحر، والتوغل في الذكر والفكر، والممارسة في قراءةالقرآن ومجانبة أهل الدنيا وعبّاد الهوي والاءلتحاق بأهل اللهوأولياء الله، كلّ ذلك كان مشهوداً في سيره وسلوكه».
أيضاً يقول احد الكتّاب المعاصرين:
مطهري المتهجّد والمستغفر بالاسحار.. كان يأنسهذا العالم بكلّ وجوده.. وكان متنعّماً به. في اءحدي خطبهسمعته يقرأ هذين البيتين وذلك يدلّ علي اهتمامه بهذهالمراحل:
«أخشي أن أذهب ولم أرَ عالم الروح، أخشي أنأذهب من العالم ولم أرَ العالم، فأكون في عالم الروح عندماأذهب اءليه من عالم الجسد، لم أر عالم الروح وأنا في عالمالجسد».
هذا الرجل كان يعدّ نفسه ومنذ سنوات طوال لهذاالسفر، وقد أمضي عمراً ينقل الخطي علي هذا الطريقمتزّوداً زاد التهجّد، ممتطياً صهوة قيام الليل، مسترشداًبدليل فيض السحر، ويقيناً أنه وصل إلى مقاصد كثيرة، هذهمؤلفاته الوافرة وخدماته الجليلة علامة فوزه وتوفيقه وكذلكحصوله علي سعادة الشهادة..
تهجد الاءمام :
يقول أحد المقرّبين من الاءمام:
منذ خمسين سنة لم يترك الاءمام الخميني صلاةالليل: في حال الصحة، والمرض، في السجن وفي الاحوالالاءعتيادية، أثناء النفي وحتي علي سرير المرض كان يصلّيصلاة الليل.. مرض الاءمام في قم وبناءً علي أمر الاطباء كانينبغي أن ينتقل إلى طهران.. كان الجو بارداً وكان الثلجوالمطر يتساقطان، وكان الجليد يغطّي الشوارع، بقي الاءمامعدة ساعات في سيارة الاءسعاف.. وبعد الانتقال إلىمستشفي القلب.. صلّي أيضاً صلاة الليل .
في الليلة التي كان قادماً فيها من باريس إلى
طهران كان الجميع في الطائرة نياماً.. اءلاّ الاءمام فقد كان
في الطبقة العليا من الطائرة يصلّي صلاة الليل، واءذ كنت
قد رأيت الاءمام عن قرب فاءن آثار الدموع علي
خدّيه المباركين تدلّ علي قيام الليل وبكاء ظلام
الليل.. ينقل بعض أفراد الحرس في قم: أحياناً كان
الاءمام عندما يستيقظ لصلاة الليل يتفقّدهم».
جاء في اءحدي الصحف عن ابن الاءمام الخميني قوله:
1. في اللّيلة التي كنا متجّهين فيها من باريس إلىطهران .. في الطائرة قام الاءمام لاداء صلاة الليل، وكانيبكي بحيث أن مضيفي الخطوط الفرنسية، تعجبوا وسمعتأنهم سألوا: هل هناك ما يؤذي الاءمام.. قلت: اءنها عادةالاءمام في كل ليلة.
2. عندما اعتقل الاءمام، ونُقل من قم إلى السجن
في زمن الطاغوت صلّي صلاة الليل بحالة بحيث قال
لي فيما بعد أحد من كانوا مع الاءمام ـ الظاهر أنه العقيدالعصار ـ لقد تأثرنا كثيراً بصلاة الاءمام وظل احدنا إلى طهرانيبكي .
3. عندما كنا نسير من النجف باتجاه الكويت.. انطلقناصباحاً الساعة الرابعة وربما قبل ذلك.. اءنطلقنا بعد آذانالصبح، وبعد كل المصاعب والمشاكل التي واجهناها وحواليالساعة الثانية عشرة نام الاءمام في فندق البصرة.. ولم ينمساعتين حتي رنّ جرس ساعته واستيقظ وصلّي صلاة الليلوبعدها صلاة الصبح.
آية الله الملكي التبريزي:
يقول احد المقربين منه (ره) :
«عندما كان يستيقظ للتهجد وصلاة الليل.. كان
في البداية يبقي في فراشه مدة، ويرتفع صوته فيها
بالبكاء، ثم يخرج من الغرفة إلى ساحة الدار، فينظر
إلى السماء، ويقرأ آيات (اءِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَ الاَرْضِالخ..) (آخر سورة آل عمران). ثم يضع رأسه علي الحائطويبكي لفترة، وبعد التطهير يجلس مدة بجانب الحوض قبلالوضوء ويبكي، وباختصار منذ استيقاظه وحتي المجيء إلىمصلاّه والبدء بصلاة الليل كان يجلس في عدة أماكن ويقومويبكي وعندما يصل إلى مصلاه فلا يمكن بعد ذلك وصفحاله».
المحدث القمي (ره) :
جاء في ترجمة هذا المحدّث الجليل:
كان في كلّ أيام السنة في الفصول الاربعة يستيقظقبل طلوع الفجر بساعة علي الاقلّ ويشتغل بالصلاةوالتهجّد. كان يهتمّ كثيراً بعبادة آخر الليل وقبل بزوغ الفجر..وكان يعتقد أن افضل المستحبّات العبادة والتهجّد، يقولابنه الكبير:
«علي حدود ما أتذكر، لم يفتْه قيام آخر الليل حتي فيالاسفار.. كان ملتزماً بذلك».
يقول المحدث القمي حول استاذه الميرزا الشيخحسين النوري (صاحب المستدرك):
كان شديد الاجتهاد في الزهد والعبادة.. لم تفتْه صلاةالليل. كان في كلّ ليلة متضرّعاً مناجياً.
العلامة المجلسي الاوّل:
يقول حفيد الوحيد البهبهاني في كتاب «مرآةالاحوال».
سمعت من بعض الثقات أن المولي المجلسي الاوّلقال: «في ليلة من الليالي وبعد الصلاة والتهجد والبكاءوالتضرّع بين يدي الله تعالي، وجدت نفسي بحالة علمتمعها ان أيّ شيء أطلبه من الله عزَوجل فهو مقرونبالاءجابة وسيمنّ الله عليّ بتحقيقه... وفيما كنت افكّر ماذااطلب من الله وهل أطلب طلباً دنيوياً أم اخروياً، فجأة ارتفعصوت محمد باقر بالبكاء في مهده فقلت: اءلهي بحقّ محمدوآل محمد (ص) اجعل هذا الطفل مروّج الدين وناشر احكامسيّد المرسلين ووفّقه التوفيقات التي لا تُحدّ.. ثم يقولحفيد الوحيد: ومن المسلَّم أن خوارق العادات التي ظهرتمن ذلك العظيم ليست اءلا بسبب دعاء هذا العظيم.
الشيخ محمد الاشرفي:
كان (عليه الرحمة) من تلامذة سعيد العلماء..
وكان يشتغل من منتصف الليل حتي الصباح بالتضرعومناجاة الله جلّ وعلا، ويلطم علي صدره ورأسه، وعندمايطلع الصباح يكون في غاية الضعف بحيث أن من لا يعرفهكان يتصوّر اءذا رآه، أنه غادر فراش المرض الا´ن نعم...كان كما يقول أمير المؤمنين (ع): «قد براهم الخوف بَرْيالقداح، ينظر اءليهم الناظر فيحسبهم مرضي وما بالقوم منمرض».
حجة الاءسلام الشفتي:
هذا السيد الجليل كان يراقب الله تعالي دائماً ولميكن يمنعه شيء عن حالة الحضور والمراقبة... ومن كثرةالبكاء أثناء التهجد جُرحت زوايا عينيه.
يقول أحد المقرَّبين من هذا العظيم: ذهبتُ معه إلىاءحدي القري وبتنا الليل، في الطريق قال لي السيد: ألا تنام؟وذهبت لانام. عندما ظن السيد أني نمت، نهض وبدأبالصلاة، أُقسِم بالله أني رأيت مفاصل كتفه وأعصابهترتجف بحيث أنه كان يكرر ألفاظ الصلاة لشدة حركةالفكّين، حتي يؤديّها بشكل صحيح .
يبدو أن مفاصل كتفه كانت ترتجف لشدة حضورهالقلبي بين يدي الله.. وكان بمجرد أن يخلو المجلس تجريدموعه، كان انهمار دموعه مقارناً لخروج آخر شخص منمجلسه.
يقول المحدث القمي: نقلت عن سماحته حكاياتكثيرة في العبادات والدعاء ومناجاة قاضي الحاجات .
يقول المرحوم التنكابني:
كان دأبه البكاء والتضرّع والدعاء من منتصف الليلحتي الصباح.. كان يتجول في دار مكتبته كالمجانين وهويدعو ويناجي ويلطم علي رأسه وصدره حتي الصباح.. وكانصوت بكائه عالياً بحيث اءذا استيقظ جيرانه سمعوه، وفيالنتيجة ولكثرة بكائه ابتلي ببعض الامراض في أواخرعمره، وكان الاطباء يمنعونه من البكاء.. وعندما كان يذهبإلى المسجد لم يكن أحد من القرّاء يرتقي المنبر فيحضوره.
ويقول المرحوم التنكابني حول ابن المرحوم الشفتي ـالسيد اسد الله الّذي كان من معاصريه:
يشتغل في كل ليلة منتصف الليل وحتي الصباح فيمكان خالٍ بالدعاء والمناجاة والبكاء ولم يكن له نظير فيالبكاء من خوف الله .
آية الله الشيخ جعفر كاشف الغطاء:
جاء في ترجمة هذا المحقق:
كان الشيخ في العبادة وصفاء الباطن وحالة التضرعوالبكاء بين يدي الله تعالي والتهجد وقيام الليل والدعاءوالمناجاة أحد أوتاد الدهر.. وكان يبذل جهده مهما استطاعحتي لا يفوته عمل مستحب .
يقول شهيد المحراب (الشيخ) محمد تقي البرغانيالقزويني:
جاء المرحوم الشيخ جعفر كاشف الغطاء يوماً إلىقزوين ونزل في بيت احد الاعاظم.. كانت في ذلك البيتحديقة.. وحان وقت النوم ونام الجميع ونمت في زاوية منالحديقة.. وعندما مضي هزيع من الليل سمعت الشيخيناديني قائلاً: قم صلِّ صلاة الليل. فقلت.. نعم سأقوم.فمضي الشيخ ونمت مجدداً.. وفجأة سمعت صوتاً.. قمتبحثت عن مصدر الصوت.. عندما اقتربت وجدت الشيخيتضرع ويناجي ويبكي.. وقد ترك صوته أثراً في نفسيبحيث أني منذ تلك الليلة وحتي الا´ن وبعد مضي خمسوعشرين سنة أستيقظ كل ليلة وأصلي صلاة الليل .
جاء في الفوائد الرضوية:
رأيت في بعض المؤلفات أن الشيخ زار مدينة «رشت»في اءحدي السنين (...) وحيث أن ائمة الجماعة فيها لميكونوا يصلّون النوافل ـ فقد رفع ذلك إلى الشيخ فقال: لاتقتدوا خلف من لا يصلّي النوافل.. وعندما سمع ائمةالجماعة ذلك التزموا بالنوافل ».
يقول الشيخ حسن ابن الشيخ كاشف الغطاء:
كانت عادة والدي الاستيقاظ كلّ ليلة وقت السحروكان يأتي إلى ابواب الغرف ويوقظ العيال والاطفال جميعاًلصلاة الليل قائلاً: قوموا صلوا صلاة الليل... وكان الجميعيستيقظون... وكنت انا آنذاك صغيراً، وكان النوم يغلبني..وعندما كان الشيخ يصل إلى باب غرفتي ويناديني: قم، كنتأقول وأنا ممدد: ولا الضالين أو «الله أكبر» أي أنيأصلي».
آية الله النجفي القوجاني:
يقول (ره) عن أيام دراسته في أصفهان:
في هذه الغرفة الجديدة، التي كانت متّصلة بغيرها منالغرف، فتحنا في وسط المشكاة ثقباً ومددنا منه حبلاً، كانأحد طرفيه في غرفة صديقي، وطرفه الا´خر في غرفتي. كانصديقي وقت النوم يربط ذلك الطرف بيده.. وأربط أنا هذاالطرف بيدي، حتي اءذا ما استيقظ أحدنا سحراً لصلاة الليل،يستيقظ الا´خر بواسطة هذا الحبل بدون أي صوت حذراًمن أن يستيقظ طالب آخر علي صوتنا ولا يكون راضياًبذلك.
والحمد الله رب العالمين
مركز بني هاشم العالمي
للأبحاث والترجمة الإسلامية
www.banihashem.org
www.alhusseiny.org
للتواصل معنا
على الماسنجر:
J_b_hashem@hotmail.com
J_b_hashem@yahoo.com
لبنان:009613961846
ايران:00982512952511