سلسلة التعريف بالشيعة(1) منهج التلقي ومصادر الدين والتشريع عند الشيعة
--------------------------------------------------------------------------------
مقدمة هامة
--------------------------------------------------------------------------------
لكل دين أو مذهب طريقة أو منهج في معرفة التدين بذلك الدين أو التمذهب بذلك المذهب وتحديد الصواب من الخطأ وتحديد الحق من الباطل وتحديد المقبول من المرفوض حسب اعتبار المذهب أو الدين.
والمنهج أو الطريقة في التلقي تحتاج إلى تحديد الآتي:
ما هو مصدر التشريع أو التدين أو معرفة الدين؟
ما هي الطريقة لفهم هذا المصدر؟
ما هي الطريقة في حسم الخلاف في قضايا الدين وفهم الدين؟
بمعنى آخر يحتاج الدارس لأي دين أو مذهب أن يتعرف على طريقة المتبعين لذلك الدين في هذه القضايا الثلاث.
والشيعة الإثنا عشرية لها منهج محدد نوعا ما -بغض النظر عن الحكم عليه- في هذه القضايا الثلاث. ومن الضروري بمكان أن لا ينظر الدارس للطريقة الشيعية بعين سنية، بمعنى أن لا يفترض ان مفهوم الكتاب والسنة هو نفس المقصود عند أهل السنة وأن لا يعتقد أن الخلاف هو فقط في تصحيح الأحاديث وتعديل الرجال وطريقة فهم النصوص. يجب أن يُعلم أن المنهج الشيعي مختلف اختلافات جذرية في طريقة التلقي والتعامل مع مصادر التشريع في المنهج السني.
في المداخلات القادمة بإذن الله نعرض للخطوط العريضة لمنهج الشيعة في التلقي ونعرف بكتبهم الرئيسية من ناحية وقت تأليفها وطريقة تأليفها ونسخها وانتشارها وحجيتها عندهم ونتحدث عن حجية القرآن نفسه وكيف تتم حجيته عندهم كما نعرض لنظام الرواية والرجال عندهم وطريقتهم في التصحيح والتضعيف للحديث ومتى بدأ علم خدمة الحديث عندهم كما نتحدث بإّذن الله عن طريقة فهم النصوص الواردة في تلك الكتب وتحديد الخلاف فيها ودور العلماء مقارنة بأهل السنه
الأركان الرئيسية في منهج التلقي عند الشيعة
--------------------------------------------------------------------------------
أولا: لا يعتبر الدين ما نسب للرسول صلى الله عليه وسلم فقط بل يؤخذ الدين من كل الأئمة الإثني عشر بمن فيهم الإمام الغائب الثاني عشر والذي يتم الاتصال به والأخذ عنه بطريقة معينة حددها الشيعة. وقول وعمل الأئمة كلهم نص شرعي بذاته مستقل عن كونه نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: تشكل الأحاديث المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم في كتب الشيعة نسبة لا تزيد عن خمسة بالمئة من مجموع ما في كتب الشيعة من الحديث لأن معظم الأحاديث تنسب لجفعر الصادق وعدد كبير ينسب لمحمد الباقر والأحاديث الأخرى تنسب للأئمة الآخرين بمن فيهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه والقليل مما يسمى حديثا لديهم ينسب للرسول صلى الله عليه وسلم.
ثالثا: لو تركنا الخلاف عند الشيعة حول التحريف (الذي يقول به كثير منهم وينكره آخرون) فإن القرآن عند الشيعة (باتفاق عندهم) لا يمكن فهمه ولا تفسيره إلا بقيم والقيم هو الإمام. وبهذا يكون القرآن محدود الحجية بذاته بل يصبح مصدرا ثانويا بعد الحديث الذي فيه الروايات التي تفسر القرآن.
رابعا: يتم نقل الحديث (عن الأئمة) بروايات منسوبة لأسانيد يزعم أنها تصل للأئمة وذلك نقلا عن طريق أصحاب الأئمة. وجمعت الروايات في كتب الشيعة الثمانية مع وجود روايات مستقله لبعض الكتب الأخرى في التفسير والتاريخ وغيرها منسوبة مباشرة للأئمة.
خامسا: لا يوجد عند الشيعة كتب اشترطت الصحة مثل ما هو عند السنة لكن عندهم ما قد يكون أعظم بزعمهم من اشتراط الصحة وهو عرض أحد الكتب على المهدي الغائب وهو كتاب الكافي الذي يزعم مؤلفه أنه عرضه على المهدي وهو في غيبته فقال عنه "كاف لشيعتنا". وحسب تقديرهم لعظمة المهدي تكون هذه تزكية أعظم من تصحيح أهل السنة للبخاري ومسلم الذي يعتبر التصحيح فيه اجتهاد بشر وليس تزكية إمام معصوم كما هي عندهم.
سادسا: بينما بدأ التدوين عند أهل السنة في وقت مبكر وظهرت معظم كتب الحديث ومدارس الفقه السني في القرون الأول والثاني والثالث ولم يكتب بعد ذلك إلا القليل فقد تأخرت كتب الشيعة في الظهور ومع ذلك فقد نقلت كلها (زعما) بالرواية والأسانيد مباشرة نقلا عن الأئمة الإثني عشر وحتى بحار الأنوار الذي كتب بعد إحدى عشر قرنا نقل بالرواية.
سابعا: بينما يستطيع أي شخص من أهل السنة تعلم الدين حيث لا احتكار للعلم الشرعي لا يمكن أن يعرف الدين عند الشيعة من خلال القراءة والدراسة بل لا بد من اتباع مجتهد معين يشرح الدين (انظر الفقرة التالية).
ثامنا: لا يمكن لأي شخص أن يدخل في منظومة العلماء مهما بلغ من العلم الشرعي إلا بشروط خاصة غير العلم الشرعي ولا بد أن يحصل على تعميد من الحوزات أو المؤسسات الدينية حتى يصبح الشخص مجتهدا يستطيع أن يفتي ويعلم الدين ويفسر القرآن والحديث.
حجية القرآن وأنه لا يفهم ولا يفسر إلا بكتب الشيعة
--------------------------------------------------------------------------------
هذا الموضوع ليس حديثا عن تحريف القرآن فهذا له مبحثه وسنتطرق إليه بالتفصيل وإنما هو بحث في حجية وتفسير وفهم القرآن بصفته مصدر أساسي للدين والتشريع. ورغم الخلاف على قضية التحريف عند الشيعة ألا إنه لا يوجد خلاف على قضية حاجة القرآن لقيم عند كل الشيعة وهو مبثوث في كل كتبهم. وربط القرآن بكتب الشيعة قضية حتمية لأنه بدون هذه الحيلة يستحيل تركيب أوليات المذهب الشيعي التي لا يوجد لها ذكر في القرآن فكان لا بد من أحد حيلتين إما زعم التحريف أو زعم أن للقرآن معاني لا يعرفها إلا الأئمة ومن ثم ينسب للأئمة ما يحلوا للشيعة من روايات تعضد تفسير القرآن بما يدعم عقائدهم ومنهجهم.
ولذلك فأخطر قضية في حجية القرآن هي تعليق فهمه كله وتفسيره كله بكتب الشيعة وذلك من خلال الزعم أن القرآن ليس بحجة إلا بقيم وأن القيم هو الإمام وأن فهم القرآن لا يتم إلا بالإمام. وبما أن النقل عن الإئمة ليس موجودا إلا في كتبهم فيكون فهم القرآن وحجيته وتفسيره والعمل به مرتبطا ارتباطا كاملا بكتبهم بغض النظر عن كون التفسير مقبول في اللغة أو المنطق أو منسجم مع بقية تفسير القرآن والحديث أو متفق مع روايات التاريخ وهو ما سنتطرق له في المداخلة التالية.
المهم في هذا المبحث أن القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذي نزل بلسان عربي مبين وفيه آيات بينات وجاء تبيانا لكل شيء ربط ربطا كاملا في معانيه العظيمة بتفسير كتب الشيعة فاختفت بذلك كل معانيه التي لم ترد في كتب الشيعة.
وهذه القائمة من كتب الشيعة نماذج فقط للمثل وليست للاستقصاء في اعتبار القرآن ليس بحجة إلا بقيم من الأئمة:
"القرآن ليس بحجة إلا بقيم وإن عليا كان قيم القرآن" أصول الكافي 1/188 رجال الكشي 420 علل الشرائع 192 المحاسن 168 وسائل الشيعة 18/141 وغيرها.
وعن علي قال "ذلك القرآن فاستنطقوه فلن ينطق لكم.... أخبركم عنه" أصول الكافي 1/61
"القرآن جزء من تسعة أجزاء أجزاء وعلمه عند علي" أحوال الرجال 38
عن أبي عبد الله "إن الناس يكفيهم القرآن لو وجدوا له مفسرا وإن رسول الله صلى الله عليه وآله فسره لرجل واحد وفسر للأمة شأن ذلك الرجل وهو علي بن أبي طالب" أصول الكافي 1/25 وسائل الشيعة 18/131
"وعلي تفسيركتاب الله" البحار 37/209 الاحتجاج 31-33 البروجردي 30/20
"وعلي يتفرد بتفسير كتاب الله" أصول الكافي 1/25 وسائل الشيعة 18/131 بحار الأنوار 7/302 و19/23 بشارة المصطفى 16 أمالي الصدوق 40
"والقرآن لا يفسره إلا رجل واحد هو علي" أصول الكافي 1/250
" والأئمة هم القرآن نفسه" وأقوال مثل هذه في الكافي 1/194 و1/419 تفسير العياشي 2/120 تفسير البرهان 2/180 تفسير نور الثقلين 2/296 تفسير القمي 1/310 و2/333 البحار 36/80-85 البرهان للبحراني 4/242 .
"فإذا احتاجوا القرآن فالاهتداء بنا وإلينا" تفسير فرات 91 وسائل الشيعة 18/149
"إنما يعرف القرآن من خوطب به" الكافي شرح المازنداني 12/415 وسائل الشيعة 18/136 تفسير الصافي 1/21 البرهان 1/18 البحار 24/237
"باب عدم جواز استنباط الأحكام النظرية من ظواهر القرآن إلا بعد معرفة تفسيرها من كلام الأئمة فيه ثمانون حديثا" وسائل الشيعة 18/129
"باب إنه لا يعرف تفسير القرآن إلا الأئمة" الفصول المهمة للحر العاملي 173
"المقدمة الثانية في نُبَذ مما جاء في أن علم القرآن كله إنما هو عند أهل البيت" تفسير الصافي 1/19
"الفصل الخامس في بيان ما يدل على أن علم تأويل القرآن بل كله عند أهل البيت والأخبار في هذا الباب أكثر من أن تحصى" مقدمة البرهان 15
"إعلم أن علم القرآن مخزون عند أهل البيت وهو مما قضت به ضرورة المذهب" تفسير السراط المستقيم 3/4
عن جعفر قال "إني لأعلم ما في السموات وأعلم ما في الأرضين وأعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار وأعلم ما كان وما يكون ثم مكث هنيئة فرأى أن ذلك كبر على من سمعه فقال: علمت ذلك من كتاب الله يقول فيه تبيان كل شي" البحار 26/111. لاحظ أن القرآن ليس فيه "فيه تبيان كل شيء" بل الآية الصحيحة {تبيانا لكل شيء} النحل 89 وهذه من فضائح الذي اختلق الرواية على جعفر الصادق الذي ما كان ليخطئ بها كما نسب له ذلك.
قول الإمام مثل قول الله وللإمام حق النسخ والتقييد والخصيص للقرآن
--------------------------------------------------------------------------------
تكملة لفهم دور القرآن التشريعي عند الشيعة وحجيته وحدود دوره كمصدر في معرفة الدين نبين قوة ونفوذ كلام الأئمة في تحديد معاني القرآن وأحكام القرآن من خلال ما ينقل عنهم زعما في كتب الشيعة. وبعد تأمل ما يكتب في كتب التفسير والحديث والكتب الأخرى عن الشيعة يمكن الخروج بنتيجة أن كلام الأئمة مثل كلام الله وأن الأئمة لهم الحق في نسخ كلام الله وتخصيصه وتقييده.
وهذه كذلك نماذج للتمثيل وليست للحصر في إثبات هذه الافكار عند الشيعة:
"إن حديث كل واحد من الأئمة الطاهرين قول الله عز وجل ولا اختلاف في أقوالهم كما لا اختلاف في قول الله تعالى" شرح الكافي للمازنداني 2/272
"يجوز لمن سمع حديثا عن أبي عبد الله أن يرويه عن أبيه أو جده أو أحد أجداده بل يجوز أن يقول قال الله تعالى" شرح الكافي 2/272
"إن حكمة التدريج اقتضت بيان جملة من الأحكام وكتمان جملة ولكنه -سلام الله عليه - أودعها عند أوصيائه كل وصي يعهد بها إلى الآخر لينشرها في الوقت المناسب لها حسب الحكمة من عامّ مخصص أو مطلق أو مقيدأو مجمل مبين إلى أمثال ذلك، فقد يذكر النبي عامّـا ويذكر مخصصه بعد برهة من حياته وقد لا يذكره أصلا ويودعه عند وصيه إلى وقته" أصل الشيعة محمد حسين آل كاشف الغطاء 77
"باب التفويض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى الأئمة عليهم السلام في أمر الدين" أصول الكافي 1/265
عن أبي عبد الله "إن الله عز وجل فوض إلى نبيه فقال {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهو} فما فوض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقد فوضه إلينا" أصول الكافي 1/266
عن أبي عبد الله "لا والله ما فوض الله إلى أحد من خلقه إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى الأئمة قال عز وجل {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بما أراك الله } وهي جارية في الأوصياء" أصول الكافي 1/268
فهذه النقولات تعتبر كلام الأئمة مثل كلام الله وكذلك تعطي الأئمة حق النسخ والتخصيص والتقييد على كلام الله.
وإذا عدنا للمداخلة السابقة ورأينا أن كلام الله لا يفهم إلا بشرح الآئمة وجمعنا تلك المعلومة مع هذه يكون كلام الأئمة في الحصيلة النهائية أهم وأقوى من كلام الله من الناحية العملية. وما دام كلام الأئمة ليس موجودا إلا في كتبهم يكون ما هو مبثوث في كتبهم نقلا عن الأئمة أقوى من كتاب الله.
هذا استنتاج أزعم أنه منطقي وأرجو أن لا يكابر الشيعة في رفضه.
--------------------------------------------------------------------------------
مقدمة هامة
--------------------------------------------------------------------------------
لكل دين أو مذهب طريقة أو منهج في معرفة التدين بذلك الدين أو التمذهب بذلك المذهب وتحديد الصواب من الخطأ وتحديد الحق من الباطل وتحديد المقبول من المرفوض حسب اعتبار المذهب أو الدين.
والمنهج أو الطريقة في التلقي تحتاج إلى تحديد الآتي:
ما هو مصدر التشريع أو التدين أو معرفة الدين؟
ما هي الطريقة لفهم هذا المصدر؟
ما هي الطريقة في حسم الخلاف في قضايا الدين وفهم الدين؟
بمعنى آخر يحتاج الدارس لأي دين أو مذهب أن يتعرف على طريقة المتبعين لذلك الدين في هذه القضايا الثلاث.
والشيعة الإثنا عشرية لها منهج محدد نوعا ما -بغض النظر عن الحكم عليه- في هذه القضايا الثلاث. ومن الضروري بمكان أن لا ينظر الدارس للطريقة الشيعية بعين سنية، بمعنى أن لا يفترض ان مفهوم الكتاب والسنة هو نفس المقصود عند أهل السنة وأن لا يعتقد أن الخلاف هو فقط في تصحيح الأحاديث وتعديل الرجال وطريقة فهم النصوص. يجب أن يُعلم أن المنهج الشيعي مختلف اختلافات جذرية في طريقة التلقي والتعامل مع مصادر التشريع في المنهج السني.
في المداخلات القادمة بإذن الله نعرض للخطوط العريضة لمنهج الشيعة في التلقي ونعرف بكتبهم الرئيسية من ناحية وقت تأليفها وطريقة تأليفها ونسخها وانتشارها وحجيتها عندهم ونتحدث عن حجية القرآن نفسه وكيف تتم حجيته عندهم كما نعرض لنظام الرواية والرجال عندهم وطريقتهم في التصحيح والتضعيف للحديث ومتى بدأ علم خدمة الحديث عندهم كما نتحدث بإّذن الله عن طريقة فهم النصوص الواردة في تلك الكتب وتحديد الخلاف فيها ودور العلماء مقارنة بأهل السنه
الأركان الرئيسية في منهج التلقي عند الشيعة
--------------------------------------------------------------------------------
أولا: لا يعتبر الدين ما نسب للرسول صلى الله عليه وسلم فقط بل يؤخذ الدين من كل الأئمة الإثني عشر بمن فيهم الإمام الغائب الثاني عشر والذي يتم الاتصال به والأخذ عنه بطريقة معينة حددها الشيعة. وقول وعمل الأئمة كلهم نص شرعي بذاته مستقل عن كونه نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: تشكل الأحاديث المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم في كتب الشيعة نسبة لا تزيد عن خمسة بالمئة من مجموع ما في كتب الشيعة من الحديث لأن معظم الأحاديث تنسب لجفعر الصادق وعدد كبير ينسب لمحمد الباقر والأحاديث الأخرى تنسب للأئمة الآخرين بمن فيهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه والقليل مما يسمى حديثا لديهم ينسب للرسول صلى الله عليه وسلم.
ثالثا: لو تركنا الخلاف عند الشيعة حول التحريف (الذي يقول به كثير منهم وينكره آخرون) فإن القرآن عند الشيعة (باتفاق عندهم) لا يمكن فهمه ولا تفسيره إلا بقيم والقيم هو الإمام. وبهذا يكون القرآن محدود الحجية بذاته بل يصبح مصدرا ثانويا بعد الحديث الذي فيه الروايات التي تفسر القرآن.
رابعا: يتم نقل الحديث (عن الأئمة) بروايات منسوبة لأسانيد يزعم أنها تصل للأئمة وذلك نقلا عن طريق أصحاب الأئمة. وجمعت الروايات في كتب الشيعة الثمانية مع وجود روايات مستقله لبعض الكتب الأخرى في التفسير والتاريخ وغيرها منسوبة مباشرة للأئمة.
خامسا: لا يوجد عند الشيعة كتب اشترطت الصحة مثل ما هو عند السنة لكن عندهم ما قد يكون أعظم بزعمهم من اشتراط الصحة وهو عرض أحد الكتب على المهدي الغائب وهو كتاب الكافي الذي يزعم مؤلفه أنه عرضه على المهدي وهو في غيبته فقال عنه "كاف لشيعتنا". وحسب تقديرهم لعظمة المهدي تكون هذه تزكية أعظم من تصحيح أهل السنة للبخاري ومسلم الذي يعتبر التصحيح فيه اجتهاد بشر وليس تزكية إمام معصوم كما هي عندهم.
سادسا: بينما بدأ التدوين عند أهل السنة في وقت مبكر وظهرت معظم كتب الحديث ومدارس الفقه السني في القرون الأول والثاني والثالث ولم يكتب بعد ذلك إلا القليل فقد تأخرت كتب الشيعة في الظهور ومع ذلك فقد نقلت كلها (زعما) بالرواية والأسانيد مباشرة نقلا عن الأئمة الإثني عشر وحتى بحار الأنوار الذي كتب بعد إحدى عشر قرنا نقل بالرواية.
سابعا: بينما يستطيع أي شخص من أهل السنة تعلم الدين حيث لا احتكار للعلم الشرعي لا يمكن أن يعرف الدين عند الشيعة من خلال القراءة والدراسة بل لا بد من اتباع مجتهد معين يشرح الدين (انظر الفقرة التالية).
ثامنا: لا يمكن لأي شخص أن يدخل في منظومة العلماء مهما بلغ من العلم الشرعي إلا بشروط خاصة غير العلم الشرعي ولا بد أن يحصل على تعميد من الحوزات أو المؤسسات الدينية حتى يصبح الشخص مجتهدا يستطيع أن يفتي ويعلم الدين ويفسر القرآن والحديث.
حجية القرآن وأنه لا يفهم ولا يفسر إلا بكتب الشيعة
--------------------------------------------------------------------------------
هذا الموضوع ليس حديثا عن تحريف القرآن فهذا له مبحثه وسنتطرق إليه بالتفصيل وإنما هو بحث في حجية وتفسير وفهم القرآن بصفته مصدر أساسي للدين والتشريع. ورغم الخلاف على قضية التحريف عند الشيعة ألا إنه لا يوجد خلاف على قضية حاجة القرآن لقيم عند كل الشيعة وهو مبثوث في كل كتبهم. وربط القرآن بكتب الشيعة قضية حتمية لأنه بدون هذه الحيلة يستحيل تركيب أوليات المذهب الشيعي التي لا يوجد لها ذكر في القرآن فكان لا بد من أحد حيلتين إما زعم التحريف أو زعم أن للقرآن معاني لا يعرفها إلا الأئمة ومن ثم ينسب للأئمة ما يحلوا للشيعة من روايات تعضد تفسير القرآن بما يدعم عقائدهم ومنهجهم.
ولذلك فأخطر قضية في حجية القرآن هي تعليق فهمه كله وتفسيره كله بكتب الشيعة وذلك من خلال الزعم أن القرآن ليس بحجة إلا بقيم وأن القيم هو الإمام وأن فهم القرآن لا يتم إلا بالإمام. وبما أن النقل عن الإئمة ليس موجودا إلا في كتبهم فيكون فهم القرآن وحجيته وتفسيره والعمل به مرتبطا ارتباطا كاملا بكتبهم بغض النظر عن كون التفسير مقبول في اللغة أو المنطق أو منسجم مع بقية تفسير القرآن والحديث أو متفق مع روايات التاريخ وهو ما سنتطرق له في المداخلة التالية.
المهم في هذا المبحث أن القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذي نزل بلسان عربي مبين وفيه آيات بينات وجاء تبيانا لكل شيء ربط ربطا كاملا في معانيه العظيمة بتفسير كتب الشيعة فاختفت بذلك كل معانيه التي لم ترد في كتب الشيعة.
وهذه القائمة من كتب الشيعة نماذج فقط للمثل وليست للاستقصاء في اعتبار القرآن ليس بحجة إلا بقيم من الأئمة:
"القرآن ليس بحجة إلا بقيم وإن عليا كان قيم القرآن" أصول الكافي 1/188 رجال الكشي 420 علل الشرائع 192 المحاسن 168 وسائل الشيعة 18/141 وغيرها.
وعن علي قال "ذلك القرآن فاستنطقوه فلن ينطق لكم.... أخبركم عنه" أصول الكافي 1/61
"القرآن جزء من تسعة أجزاء أجزاء وعلمه عند علي" أحوال الرجال 38
عن أبي عبد الله "إن الناس يكفيهم القرآن لو وجدوا له مفسرا وإن رسول الله صلى الله عليه وآله فسره لرجل واحد وفسر للأمة شأن ذلك الرجل وهو علي بن أبي طالب" أصول الكافي 1/25 وسائل الشيعة 18/131
"وعلي تفسيركتاب الله" البحار 37/209 الاحتجاج 31-33 البروجردي 30/20
"وعلي يتفرد بتفسير كتاب الله" أصول الكافي 1/25 وسائل الشيعة 18/131 بحار الأنوار 7/302 و19/23 بشارة المصطفى 16 أمالي الصدوق 40
"والقرآن لا يفسره إلا رجل واحد هو علي" أصول الكافي 1/250
" والأئمة هم القرآن نفسه" وأقوال مثل هذه في الكافي 1/194 و1/419 تفسير العياشي 2/120 تفسير البرهان 2/180 تفسير نور الثقلين 2/296 تفسير القمي 1/310 و2/333 البحار 36/80-85 البرهان للبحراني 4/242 .
"فإذا احتاجوا القرآن فالاهتداء بنا وإلينا" تفسير فرات 91 وسائل الشيعة 18/149
"إنما يعرف القرآن من خوطب به" الكافي شرح المازنداني 12/415 وسائل الشيعة 18/136 تفسير الصافي 1/21 البرهان 1/18 البحار 24/237
"باب عدم جواز استنباط الأحكام النظرية من ظواهر القرآن إلا بعد معرفة تفسيرها من كلام الأئمة فيه ثمانون حديثا" وسائل الشيعة 18/129
"باب إنه لا يعرف تفسير القرآن إلا الأئمة" الفصول المهمة للحر العاملي 173
"المقدمة الثانية في نُبَذ مما جاء في أن علم القرآن كله إنما هو عند أهل البيت" تفسير الصافي 1/19
"الفصل الخامس في بيان ما يدل على أن علم تأويل القرآن بل كله عند أهل البيت والأخبار في هذا الباب أكثر من أن تحصى" مقدمة البرهان 15
"إعلم أن علم القرآن مخزون عند أهل البيت وهو مما قضت به ضرورة المذهب" تفسير السراط المستقيم 3/4
عن جعفر قال "إني لأعلم ما في السموات وأعلم ما في الأرضين وأعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار وأعلم ما كان وما يكون ثم مكث هنيئة فرأى أن ذلك كبر على من سمعه فقال: علمت ذلك من كتاب الله يقول فيه تبيان كل شي" البحار 26/111. لاحظ أن القرآن ليس فيه "فيه تبيان كل شيء" بل الآية الصحيحة {تبيانا لكل شيء} النحل 89 وهذه من فضائح الذي اختلق الرواية على جعفر الصادق الذي ما كان ليخطئ بها كما نسب له ذلك.
قول الإمام مثل قول الله وللإمام حق النسخ والتقييد والخصيص للقرآن
--------------------------------------------------------------------------------
تكملة لفهم دور القرآن التشريعي عند الشيعة وحجيته وحدود دوره كمصدر في معرفة الدين نبين قوة ونفوذ كلام الأئمة في تحديد معاني القرآن وأحكام القرآن من خلال ما ينقل عنهم زعما في كتب الشيعة. وبعد تأمل ما يكتب في كتب التفسير والحديث والكتب الأخرى عن الشيعة يمكن الخروج بنتيجة أن كلام الأئمة مثل كلام الله وأن الأئمة لهم الحق في نسخ كلام الله وتخصيصه وتقييده.
وهذه كذلك نماذج للتمثيل وليست للحصر في إثبات هذه الافكار عند الشيعة:
"إن حديث كل واحد من الأئمة الطاهرين قول الله عز وجل ولا اختلاف في أقوالهم كما لا اختلاف في قول الله تعالى" شرح الكافي للمازنداني 2/272
"يجوز لمن سمع حديثا عن أبي عبد الله أن يرويه عن أبيه أو جده أو أحد أجداده بل يجوز أن يقول قال الله تعالى" شرح الكافي 2/272
"إن حكمة التدريج اقتضت بيان جملة من الأحكام وكتمان جملة ولكنه -سلام الله عليه - أودعها عند أوصيائه كل وصي يعهد بها إلى الآخر لينشرها في الوقت المناسب لها حسب الحكمة من عامّ مخصص أو مطلق أو مقيدأو مجمل مبين إلى أمثال ذلك، فقد يذكر النبي عامّـا ويذكر مخصصه بعد برهة من حياته وقد لا يذكره أصلا ويودعه عند وصيه إلى وقته" أصل الشيعة محمد حسين آل كاشف الغطاء 77
"باب التفويض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى الأئمة عليهم السلام في أمر الدين" أصول الكافي 1/265
عن أبي عبد الله "إن الله عز وجل فوض إلى نبيه فقال {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهو} فما فوض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقد فوضه إلينا" أصول الكافي 1/266
عن أبي عبد الله "لا والله ما فوض الله إلى أحد من خلقه إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى الأئمة قال عز وجل {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بما أراك الله } وهي جارية في الأوصياء" أصول الكافي 1/268
فهذه النقولات تعتبر كلام الأئمة مثل كلام الله وكذلك تعطي الأئمة حق النسخ والتخصيص والتقييد على كلام الله.
وإذا عدنا للمداخلة السابقة ورأينا أن كلام الله لا يفهم إلا بشرح الآئمة وجمعنا تلك المعلومة مع هذه يكون كلام الأئمة في الحصيلة النهائية أهم وأقوى من كلام الله من الناحية العملية. وما دام كلام الأئمة ليس موجودا إلا في كتبهم يكون ما هو مبثوث في كتبهم نقلا عن الأئمة أقوى من كتاب الله.
هذا استنتاج أزعم أنه منطقي وأرجو أن لا يكابر الشيعة في رفضه.
تعليق