إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

المسلمون في الغرب بين تناقضات الواقع وتحديات المستقبل - 2

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المسلمون في الغرب بين تناقضات الواقع وتحديات المستقبل - 2

    المسلمون في الغرب بين تناقضات الواقع وتحديات المستقبل - 2

    كتابات - لتجاني بولعوالي



    أخلاق الغرب وحيرة المسلمين



    في بداية هذا المقال أشرنا إلى أن ثمة أمورا خفية بدأت تنخر الحضارة الغربية، لكن لم نعلنها بعد إلا تلميحا، هي أمور تقترن في أغلبها بالجانب الأخلاقي الذي تميع كل التميع، فصارت أمور كالحياء والعفة والقناعة وهلم جرا، تنعدم من القاموس الأخلاقي الغربي، بل والمرهب أن ذلك بدأ يتسرب إلى قيمنا الإسلامية بشكل سريع، إلى درجة أن الجيل الأخير من الجالية الإسلامية المقيمة بالغرب أضحى لا يعلم من قيم دينه ومعالم ثقافته إلا الأعياد بألبستها الجميلة وحلوياتها اللذيذة.

    من هذه الأمور استوقفتني ظواهر شتى تشيع بسرعة البرق، مثل اللواط الذي اعترفت به دول ومجتمعات غربية عدة، بل وتعاطف معه الكثير من رجال الكنيسة، فأصبحت تنتشر الهيآت والمنظمات التي تدافع عن اللواطيين، فآخر الأخبار بهولندا تشير إلى أن الإحصائيات تقول إن ثمة تصاعدا كبير للعداء الذي يمارس على اللواطيين خصوصا من لدن المسلمين، حيث يزعمون أن الفتوى التي ضمنها الإمام المغربي خليل المومني إحدى خطبه والتي مؤداها؛ أن اللواط مرض قد يعادي باقي المجتمع بما فيه المسلمين المقيمين بالغرب، ساهمت في نشوء ذلك العداء وانتشاره، كما يدعون أن ترجمة كتاب منهاج المسلم لأبي بكر عبد القادر الجزائري له باعه في عداء المسلمين للواطيين، وهم لا يعلمون أن هذه الحقيقة قائمة منذ ظهور الإسلام، الذي يحرم مثل هذا السلوك البوهيمي الشنيع الذي لا يقبله المنطق السليم. زد على ذلك أن الإسلام يعادي ويحارب كل من يخرج عن طاعة الخالق سبحانه وتعالى. إلا أن وقوع مثل هذه الأمور في الغرب تتخذ أبعادا أخرى ليست كالتي قد تتخذها داخل الواقع الإسلامي لسببين: أولهما؛ إن فعل اللواط في المجتمع الإسلامي ممنوع أصلا، لذا فمرتكبه معاقب من طرف الشريعة الإسلامية، ومرفوض من قبل المجتمع برمته. أما في الغرب فالقوانين الوضعية وأحيانا حتى المسيحية أو اليهودية تبارك مثل هذا الفعل الشائن، والمجتمع يقبل فاعل هذا الفعل ويتعاطف معه، فهو يملك الحرية التامة ويستطيع فعل ما يحلو له بعقله ونفسه وجسمه ونحو ذلك. والسبب الثاني هو أن وجود المسلم بديار الغرب مشروط بالقوانين الغربية وبأخلاق الغرب وعاداتهم. فكيف له أن يشق عصا الطاعة وينكر الجميل، و يخدع مضيفه الذي وفر له المأوى والمأكل والمشرب الذي لم يوفره له مجتمعه الذي يحسب على الإسلام.

    هكذا يجد ذلك المهاجر المسلم المقيم بديار الغرب نفسه متراوحا بين نارين؛ هل يوالي تعاليم دينه، فيطبقها بالتمام، فيطلق اللحية، ولا يحيي مديرة عمله أو زميلته في الشغل باليد، ويعادي اللواطيين فيبصق في وجوههم ويلعنهم وهكذا، فيسقط في دوامة البغض لكل ما هو غير إسلامي، لكن في ذات الوقت يسعى إليهم بكل السبل لنيل لقمة العيش، فيراوغ ويداور وأحيانا يكذب قصد نيل مساعدة اجتماعية أو تعويض أو ما شابه ذلك. وإذا ما استفتى مفتيا عن حالته وحيرته نصحه بالعودة إلى وطنه، أو الاستقرار في أي بلد إسلامي، وكيف السبيل إلى ذلك وهو مرفوض في بلده. والبلاد الإسلامية الغنية لا تسمح بالهجرة إليها إلا للأوروبيين والأمريكيين والأسيويين.

    هل يأخذ من دينه جانب التسامح، فيحترم هؤلاء الغربيين الذين عاملوه بالمعروف فعاش بينهم معززا مكرما عندما رفضه إخوانه وعشيرته، فيغض الطرف عن تلك الأمور الشنيعة التي تقترف في الغرب، فلا يكترث بها ما دامت لا تسئ إليه ولا إلى دينه؛ فهو يصلي ويصوم ويزكي ويحج، و لكنه يحيي مديرة عمله باليد، ويحترم جاره اللواطي وما إلى ذلك. لكن عندما يفكر في المستقبل تأخذه الرهبة ويتملكه الفزع؛ ماذا سيكون مصير أبنائه الذين يتلقون هذه القيم الغربية المنحرفة في المدرسة من معلم لواطي، ومع تلاميذ منهم نسبة لا يستهان بها شاذة جنسيا، حتى إن هذه الأمور المرفوضة عندنا شرعا في الدين والثقافة الإسلامية أصبحت جد عادية في الغرب، وعما قريب قد تصبح كذلك عند أبناء المسلمين، فيمارسوها ببرودة دم، بل وإن كثيرا منهم لا محالة سائر على هذا الدرب، إلى درجة أن بعض المصادر تؤكد أن ثمة جمعيات لها صلة بالسلطة تشجع على نشر ظاهرة اللواط بين أطفال وشباب المسلمين. حيث تقف وراء نشر مثل هذه الظواهر الشاذة ترسانة من الأجهزة المختلفة التي تستعمل شتى الآليات، إعلامية كانت أم تربوية أم سياسية أم ثقافية أم غير ذلك، وفي ميادين ومجالات متنوعة ابتداء من الشارع، مرورا بالمؤسسات العامة ووصولا إلى المدرسة. بغض النظر عن ذلك الكم الهائل من المنظمات والجمعيات المرخص لها حكوميا بإشاعة الرذيلة والشذوذ، والمدعمة ماديا لممارسة أنشطتها الفاضحة وتنفيذ برامجها المدمرة، ومن بين هذه الأنشطة ذلك المهرجان السنوي الذي يحتفل به اللواطيون كل صيف في شوارع ومرافق وأودية أمستردم، حيث يتعرى الكل أمام الملأ ممارسين أغرب الحماقات والسخافات بدون وازع أو رادع، بل و تساهم السلطات في تحميس هؤلاء عن طريق الترخيص لهم بالقيام بمثل هذه الأنشطة وتعزيز الجانب الأمني أثناء هذه الأنشطة، وتمكينهم من التغطية الإعلامية اللازمة، ناهيك عن الكم الهائل من الناس المتتبعين لهذا المهرجان بشغف لا ينطفئ وظمأ لا يروى، حيث ينعدم الضمير الإنساني السليم الذي يرفض هذا الفحش البين.

    تنضاف إلى ذلك تلك الملاهي والدور الحمراء العلنية أم الخفية التي تعلن فيها الرذيلة على مرأى من الدولة وأجهزتها، حتى أن الكثرة الكاثرة من ذوي القرار وأصحاب الحل والعقد لهم دورهم الخاصة، التي يزاولون فيها كل أشكال الشذوذ والبوهيمية واللاإنسانية، لهذا يبدو هذا الفعل عبر الشارع الغربي عموما، والهولندي خصوصا جد عاد، فهو يشكل القاعدة الذهبية في مقابل الاستثناء، الذي يمكن إطلاقه في هذا الصدد على كل إنسان سوي يرفض الانحراف عما هو طبيعي ومنطقي.

    قد يقول قائل إنما هذا كلام إنشائي لا أساس له من الصحة والواقعية، ولا يملك الدليل والحجة التي تعضده. بغض الطرف عن الوقائع الهامشية التي تلتقطها وسائل الإعلام المختلفة الأشكال، والتي تكون أحيانا عرضة للمزايدة أو المناقصة، للتركيب أو التشذيب... أدلك على ما هو ثابت ينقل إليك الصورة التي أحاول رسمها وتوضيحها منذ البداية بكل أبعادها المستفزة والمؤلمة والفاضحة والناطقة بما آل إليه بنو البشر وهم في عز تطورهم وازدهارهم الفكري والثقافي والصناعي والتكنولوجي وما إلى ذلك، إذ ولجوا مرحلة تاريخية انطبعت بميزات لم يسبق لها نظير، فالكومبيوتر والإنترنت أحدثا ثورة معلوماتية هائلة يمكن وصفها بذلك النزيف الفكري والمعرفي الذي لا يريد أن يتوقف، حتى إن تراكم المعارف والمعلومات فاق كل الحدود، لكن للأسف هذا النزيف الإيجابي لم يواكب إلا بنزيف آخر سلبي حيث ينزف إنسان الجنوب جوعا ودما وغبنا واضطهادا وتمويتا بل وأقسى من ذلك. لا أسوق هذا الكلام المرير إلا لأن أجعل لك من الإنترنت دليلا قاطعا، ما دام يشكل آلية ناجعة لأولئك المنحرفين؛ آلية ذات حدين: فهم يستخدمونها من جهة لنشر فضائحهم عبر العالم قاطبة، ويستعملونها من جهة أخرى للتواصل مع الآخر، وهذا التواصل يكون بمثابة نسيج العنكبوت؛ فهو فخ ذهبي مخادع لصيد الفرائس، وخطاب التواصل هنا يركز بشكل مكثف على رافضي الشذوذ الجنسي واللواط ومحاربيه من المتدينين والعقلاء، وكما هو معروف فأكبر نسبة من هؤلاء الرافضين تتجلى في المسلمين الذين يدينون بعقيدة تعادي مثل هذا السلوك وما يشابهه، فأحيانا وأنت تتجول بين أروقة مكتبات أمستردم العمومية تفاجأ بوجود مطبوعات ومنشورات مكتوبة باللغة العربية، تخاطب المراهق والشاب المسلم بأسلوب رهيف ومقنع، يوضح أن اللواط سلوك جد عادي لا يسئ إلى الدين ولا يعاديه، فمن خلال ممارسته يحقق الإنسان المتعة والحيوية، ويوفر ذلك المنشور معلومات وعناوين خطيرة تساعد ذلك المراهق بشكل سريع على إيجاد المساعدة اللازمة إن هو يرغب في اقتحام هذه التجربة.

    ناهيك عن الممارسات اللاأخلاقية الأخرى التي قد يعادل تأثيرها أو يضاهي ظاهرة اللواط مثل السحاق، والمقصود به تلك العلاقات الجِماعية التي تجمع المرأة بالمرأة، حيث يصبح بمقدور المرأة التخلي عن الرجل، ليس على مستوى النفقة التي يوفرها لها المجتمع الغربي، أو على مستوى شعور الأمومة الذي تعوضه بتبني أطفال الغير الذين يستوردون في غالب الأحيان من الدول الفقيرة أو غير ذلك، وإنما على مستوى فطرة الجماع والسكن الذي يعتبر قانونا إلهيا به يتحقق توازن الإنسان والطبيعة والكون، لكن هؤلاء المتمردين الذين يصرون على نكران وجود الله تعالى، أبوا إلا أن يخرقوا هذا القانون الإلهي، ويختلقوا لأنفسهم قوانين هي من وحي الشيطان.



    شاعر وكاتب مغربي مقيم بهولندا

    tijanib@yahoo.com

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X