


دراسة اجتماعية تؤكد : سوء معاملة الرجل للمرأة السبب الرئيسي للاكتئاب
نماذج لنساء عربيات يعانين سوء معاملة الرجل وأخرى صار الطعام ملاذها الوحيد بعد أن أفقدها زوجها ثقتها بنفسها
القاهرة : منى مدكور
الرجل سبب رئيسي لإصابة المرأة بالاكتئاب. هذه ليست مجرد عبارة أفضفض بها عما في نفس الكثيرات من بنات حواء ، ولكنها مقولة أكدتها أحدث دراسة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة أخيرا ، والتي أكدت ان من أهم أسباب اصابة المرأة بالاكتئاب سوء معاملة الرجل لها ، سواء كان زوجا أو أخا أو ابنا أو أبا .
وبينت الدراسة أن الواقع الاجتماعي للمرأة العربية ، واضطرارها للعيش تحت جناح الرجل وعجزها عن التمرد على بعض العادات والتقاليد الاجتماعية، سبب رئيسي في عدم قدرتها على أن تنعم بالهدوء النفسي لعدم قدرتها عن التعبير عن مشاعرها المختلفة ، وبخاصة انها تدرك أنها لن تجني شيئا من وراء بوحها بما يجيش في صدرها . أنعام . س، 35 عاما، موظفة، تقول : «في مجتمعاتنا الشرقية، البيوت أسرار، وما يحدث خلف الأبواب يجب الا يخرج ابدا خارج حدود هذه الأبواب ، والمرأة الأصيلة هي التي تتحمل تقلبات زوجها في جميع حالاته ومشاكل زوجها وأبنائها بصبر وجلد مهما كانت هذه المشاكل . ورغم ذلك لا أنكر أنني فكرت كثيرا في هجر المنزل بسبب اسلوب زوجي في التعامل معي ، ليس لمنزل عائلتي ، بل الى مكان غير معلوم لا يعرف عني أحد شيئا فيه، فأحيانا تكون الضغوط أكبر من الاحتمال والرجل الشرقي لا يشعر كثيرا بمعاناة زوجته، ولكنني كنت استغفر الله وأبعد شبح هذه الافكار عن رأسي لأجل أولادي» . انعام تعترف انها تكيفت مع الواقع وأصبحت تعيشه بلا دهشة خاصة تجاه تصرفات زوجها العنيفة التي تصل لحد الضرب أحيانا والسبب انه يعود معتذرا باكيا وانه لا يستطيع ان يتحمل الحياة بدونها فتسامحه ، ولكن تتكرر القصة كثيرا لأتفه الأسباب . وان كانت انعام اكتفت بأن تكون طرفا سلبيا في علاقة زوجية تشتعل فيها النيران كثيرا برغم انها لا تريد دمار بيتها ، فإن هالة . ج، زوجة شابة حاولت الا تكون كبش فداء لنزوات زوجها الكثيرة والتي اصابتها ليس فقط بالاكتئاب بل الجنون أيضا ، لكنها لم تفلح !! وتعترف هالة: «كنت أعرف من البداية ان أي امرأة، حتى لو كانت شحاذة في الشارع ترتدي ملابس رثة، ستلفت نظره ولكني أقنعت نفسي بعد الزواج سأملأ عينه فأنا اتمتع بجمال باهر بشهادة الجميع ، وكل نزوة جديدة له كنت انهار باكية واظل واقفة امام المرآة أنظر لنفسي بالساعات فربما كان هناك شيء خطأ بي لا ألاحظه يجعل زوجي ينظر للخارج ولكن بلا فائدة ، استحلفته بكل الكتب السماوية الا يطعنني في كرامتي أكثر من ذلك، وصرت له خادمة تحت قدميه والنتيجة صفر، لدرجة انني أهملت نفسي كثيرا وازداد وزني ربما لأصبح قبيحة طالما ان الجمال لم يعد يلفت انتباهه !! وأصبحت أنام بالمهدئات بعد أن دخلت في نوبة اكتئاب بدأت بانهيار عصبي وانتهت بحالة اللا مبالاة . أهلي رفضوا طلاقي منه لأجل طفلي الصغير مهما كان فلا بد للطفل أن يكبر وسط والديه واقنعوني انه ما زال شابا طائشا، وغدا سيعقل ويصبح ناضجا !». شريفة ... سيدة في نهاية العقد الثالث من عمرها ، هادئة الملامح ، ولكن بها مسحة حزن لا تغفلها العين ، وعلى الرغم من انها تزوجت عن حب ، الا انها تعيش حياة خالية من العواطف ، بعد أن غابت السعادة عن قسمات وجهها . قالت شريفة وبخجل شديد: «انه لا يشعر أنني ضحيت بالكثير من أجله ، ولا يهتم بما آل اليه حالي . تزوجت منذ أكثر من 10 سنوات وعن حب، فهو ابن عمومتي ولأننا من الصعيد فالرجولة عندنا لها مفاهيم معينة لذلك ، لا أتذكر ولو مرة واحدة انه كان لي رأي واحد في متى يمكن ان يكون بيننا علاقة زوجية ولا حتى كيف ولا لماذا الآن وليس غدا، حتي في الأوقات التي قد أكون متعبة فيها أو غير مهيأة نفسيا لا استطيع الاعتراض ». وتتذكر قائلة : «في أحد الأيام كنت مريضة للغاية ولا استطيع ان اتحمل جهدا آخر، فاعتذرت بذوق ودلال من أنني مريضة وسأعوضه عن هذا اليوم في اليوم التالي حينما أكون أفضل حالا . فماذا كانت النتيجة؟ اتهمت بأبشع الاتهامات وسبني أنا وعائلتي وهجرني لمدة شهرين عقابا لي وهو يلوح لي انه ليس الرجل الذي يرفض مهما كانت الظروف بل وهددني بالزواج من أخرى اذا تكرر هذا الأمر مرة أخرى». وتضيف بصراحة : «لم أحاول ان أكررها حتى وان كنت على وشك الموت، فأنا لن أتحمل ان أكون زوجة ثانية بأي حال من الأحوال ، لقد أصبح الأمر كأحد واجباتي المنزلية، فكل مهمة لها وقتها وتنتهي مهما طالت حدتها !». وعندما سألناها عما اذا كانت قد أصيبت بالاكتئاب في اطار علاقة زوجية تعتمد على ذاتية الرجل وأنانيته؟ قالت : «لا يهم. فأنا أحبه وناره أفضل من نار والدي وتصرفاته التي لا تطاق ! فالاكتئاب هنا كلمة بسيطة ازاء ما كنت أجده في بيت والدي من عنف واضطهاد ومعاملة بلا رحمة بدافع التربية الصالحة» . وان كان العنف الجسدي والمعاملة السيئة من قبل الرجل يمثلان أسبابا جوهرية لإصابة المرأة بالاكتئاب ، فإن الرجل قد لا يكون عنيفا لكنه يملك لسانا يطلق كلمات كالقذائف النارية تصيب المرأة في مقتل . نهي . أ، زوجة شابة تزوجت منذ عامين، وبعد أن أنجبت طفلتها الأولى تحولت حياتها لجحيم بسبب كلام زوجها الذي يصيبها في كل مرة في كبربائها. تقول نهى : «كان من الطبيعي جدا أن يتغير شكلي بعد الحمل والولادة وأن أصاب ببعض الترهلات واكتسب وزنا زائدا، لكن هذا لم يعجب زوجي ولم يعطني حتي الفرصة لإنقاص وزني واستعادة رشاقتي التي كانت قبل الزواج ، فبعد اسبوع واحد من ميلاد طفلتنا بدأ يلاحقني بنظرات ساخطة على قوامي، كنت اشعر انها تلهب بشرتي ويغيب عن المنزل بالايام بحجة انه لو كان يعرف ان الزواج والولادة سيغيران شكلي هكذا لكان فضل أن نظل مخطوبين ! ثم ازداد الأمر سوءا حينما أصبح يرفض ان يأخذني معه خارج المنزل بحجة ان شكلي لا يعجبه، وان اصدقاءه سيسخرون منه بعد أن كان يتباهي أمامهم بأنه تزوج من موديل اعلانات كما كان يحب ان يشبهني دائما . نهي تعترف انها فقدت الثقة في نفسها كثيرا ولم تعد تشعر مع زوجها بالأمان، «فإذا كان يعترض على شكلي الآن وانا زائدة بضعة كيلوغرامات، فماذا لو حدث، لا قدر الله، لي حادثا وأصاب جسدي أي مكروه هل سيلقيني في الشارع؟ ! وفي كل مرة أحاول انقاص وزني فيها اشعر بالغيظ الشديد من أنني افعل ذلك لأجله وهو لم يراع مشاعري ولم يشعرني انه يحبني كما أنا في كل حالاتي، فأنهار باكية وأظل آكل بنهم شديد عندا فيه !». طموح المرأة ونجاحها في العمل قد يكونان أحد الأسباب المباشرة ايضا لإصابتها بالاكتئاب وبالطبع بسبب الرجل ، خاصة الرجل الشرقي الذي ما زال يعتبر المرأة منافسا له حتى وان كانت في مجال عمل لا علاقة له به بالمرة ، فهو يجب أن يكون الأقوى والأنجح والأفضل دوما !. تقول نسرين ، طبيبة، 39 عاما: «زوجي مهندس، أي انه في مجال بعيد عن مجال عملي، فالمرأة عندما تشعر بالأمان والاستقرار النفسي تكون شحنة من العطاء، وكنت عندما أعود للمنزل أحكي له كيف أشاد بي الرؤساء وكيف أصبحت ثقتهم فيّ أكبر، وكنت أعتقد أن ذلك سيجعله فخورا بي، لكنني كنت واهمة فمع مرور الوقت أصبح يتذمر من كثرة كلامي عن عملي ورؤسائي، بل واتهمني بالغرور وأصبح يقلل من شأني ويقول لي: هل ستحصلين على جائزة نوبل مثلا؟ ! ثم أصبح يتصيد لي الأخطاء ويفتعل المشاكل على هفوات لم تكن تشغل باله من قبل ، الى أن طلب مني في أحد الايام أن أستقيل من عملي وأتفرغ للمنزل ، فحاولت إقناعه ان عملي ليس لأجل المال، بل لتحقيق ذاتي، وإلا ما فائدة الشهادة الجامعية التي بذلت 7 سنوات من عمري لأجلها؟ ورفضت وبدأت المشاكل الحقيقية وحاولت أن أمسك العصا من النصف وأجرب، فأخذت اجازة بدون راتب لمدة شهر لعلي أستطيع الاقتناع بأن أكون ربة منزل فقط، لكني لم استطع ان اخدع نفسي ، فقد زادت مشاكلنا على عكس ما كان واهما فالفراغ يخلق المشاكل من العدم، وبمرور الوقت اصبحت الحياة لا تطاق واصبحت انطوئية زاهدة في الحياة، ولكني قررت ان أخرج من حالة اللاوعي التي انتابتني واكتشفت ان زوجي أناني ضعيف الشخصية يريد تعويض نقص في شخصيته ، لأنه انسان غير ناجح في عمله ولهذا أراد قهري. وكان قرار الطلاق بعد أن رفض عملي تماما . انني لم أضح بزوجي لكني اكتشفت انني تزوجت رجلا غير مناسب، فللأسف فهمت بعد فوات الأوان ان الرجل يرحب بالمرأة الناجحة والطموحة، على شرط ألا تكون زوجته ! ».
تعليق