تويت
محطة اخيرة
نور الدين ساطع
نجحت اسرائيل في تحويل حزب الله الى فزاعة دولية تهدد السلم والاستقرار في فلسطين والعراق والشرق الاوسط وانحاء اخرى من العالم، فيما يكاد لبنان يفشل في الحفاظ على واحدة من اهم ادوات الدفاع عن امنه واستقراره الوطني.
الحملة الاسرائيلية تفاعلت في اعقاب مقتل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، لكنها اتخذت في الاونة الاخيرة اشكالا خيالية، بلغت حد تحذير الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس، ابو مازن، من ان حزب الله المتهم بمحاولة تقويض الهدنة الفلسطينية يمكن ان يقدم على اغتياله شخصيا، وانذار العالم كله بان لدى الحزب 16 الف صاروخ يستطيع بعضها ان يصيب تل ابيب.. وهو ما لم يكن حلف وارسو يمتلكه في ذروة الحرب الباردة بين الشرق والغرب!
وفي السياق لم تنقطع مساعي اسرائيل من اجل اقناع الاتحاد الاوروبي بإدراج الحزب على لائحة الارهاب وفرض حصار على كل ما يمثله ويتمتع به من وزن ودور سياسي واعلامي مؤثر في لبنان، ومتواضع خارج حدوده. كما ان الحملة اكتسبت زخما اضافيا في ضوء المفاوضات الصعبة التي تراقبها واشنطن وتل ابيب عن كثب، بين الترويكا الاوروبية وبين ايران حول ملفها النووي، وفي اعقاب الانتخابات العراقية الشهر الماضي التي لم تنظم الدور الايراني في العراق.. حتى بلغت ذروتها في اعقاب قمة شرم الشيخ التي قررت وقف الانتفاضة الفلسطينية، او على الاقل تعليقها، ومحاصرة التيار الاسلامي الفلسطيني المتحالف مع حزب الله.
ولعل اسوأ ما في الحملة انها تلاقي، او ربما تساهم في انتاج خلل هائل في الخطاب اللبناني الذي ظن خطأ في ان قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1559 يستهدف حزب الله ودوره (المعترف به دوليا) في حفظ الاستقرار الجنوبي، وانقسم في اتجاهين متعارضين: الاول يدافع عن الحزب باعتباره مشروع توازن استراتيجي مع العدو الصهيوني، والثاني يطالب بنزع سلاحه ومحاصرته بصفته ميليشيا حرب اهلية.
اما الحزب نفسه الذي اغرته عملية الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب في العام 2000، فقد استهواه خطاب النصر الذي تحول الى ايديولوجيا تفتقر الى اساس متين، ومضى في تصنيف معركة مزارع شبعا المسلية باعتبارها جزءا من استراتيجية إدامة الصراع، وبلغ حد المزاح الثقيل مع العدو الاسرائيلي عندما ارسل طائرة من دون طيار لتخترق المجال الجوي لثاني اقوى قوة جوية في العالم..
في الاونة الاخيرة، طرأ تعديل طفيف على خطاب الحزب، والخطاب الرسمي الموازي له، يأخذ في الحسبان خطورة الحملة المتصاعدة، لكنه لا يلامس الحاجة الى بلورة موقف لبناني حاسم ونهائي، وتحصينه بما يشبه الاجماع، مفاده ان حزب الله كان وسيبقى جزءا من منظومة الدفاع الوطني التي تحمي الحدود وتكافح عمليات الاختراق او التخريب او التجسس الاسرائيلية.. لا اكثر ولا اقل. وهي مهمة يفترض ان تظل خارج النقاش، وبمعزل عن اي من المعارك السياسية والانتخابية الداخلية التي تورط الحزب في خوضها مؤخرا، مستخدما مجد المقاومة قبل 25 ايار العام 2000.
نور الدين ساطع
نجحت اسرائيل في تحويل حزب الله الى فزاعة دولية تهدد السلم والاستقرار في فلسطين والعراق والشرق الاوسط وانحاء اخرى من العالم، فيما يكاد لبنان يفشل في الحفاظ على واحدة من اهم ادوات الدفاع عن امنه واستقراره الوطني.
الحملة الاسرائيلية تفاعلت في اعقاب مقتل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، لكنها اتخذت في الاونة الاخيرة اشكالا خيالية، بلغت حد تحذير الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس، ابو مازن، من ان حزب الله المتهم بمحاولة تقويض الهدنة الفلسطينية يمكن ان يقدم على اغتياله شخصيا، وانذار العالم كله بان لدى الحزب 16 الف صاروخ يستطيع بعضها ان يصيب تل ابيب.. وهو ما لم يكن حلف وارسو يمتلكه في ذروة الحرب الباردة بين الشرق والغرب!
وفي السياق لم تنقطع مساعي اسرائيل من اجل اقناع الاتحاد الاوروبي بإدراج الحزب على لائحة الارهاب وفرض حصار على كل ما يمثله ويتمتع به من وزن ودور سياسي واعلامي مؤثر في لبنان، ومتواضع خارج حدوده. كما ان الحملة اكتسبت زخما اضافيا في ضوء المفاوضات الصعبة التي تراقبها واشنطن وتل ابيب عن كثب، بين الترويكا الاوروبية وبين ايران حول ملفها النووي، وفي اعقاب الانتخابات العراقية الشهر الماضي التي لم تنظم الدور الايراني في العراق.. حتى بلغت ذروتها في اعقاب قمة شرم الشيخ التي قررت وقف الانتفاضة الفلسطينية، او على الاقل تعليقها، ومحاصرة التيار الاسلامي الفلسطيني المتحالف مع حزب الله.
ولعل اسوأ ما في الحملة انها تلاقي، او ربما تساهم في انتاج خلل هائل في الخطاب اللبناني الذي ظن خطأ في ان قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1559 يستهدف حزب الله ودوره (المعترف به دوليا) في حفظ الاستقرار الجنوبي، وانقسم في اتجاهين متعارضين: الاول يدافع عن الحزب باعتباره مشروع توازن استراتيجي مع العدو الصهيوني، والثاني يطالب بنزع سلاحه ومحاصرته بصفته ميليشيا حرب اهلية.
اما الحزب نفسه الذي اغرته عملية الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب في العام 2000، فقد استهواه خطاب النصر الذي تحول الى ايديولوجيا تفتقر الى اساس متين، ومضى في تصنيف معركة مزارع شبعا المسلية باعتبارها جزءا من استراتيجية إدامة الصراع، وبلغ حد المزاح الثقيل مع العدو الاسرائيلي عندما ارسل طائرة من دون طيار لتخترق المجال الجوي لثاني اقوى قوة جوية في العالم..
في الاونة الاخيرة، طرأ تعديل طفيف على خطاب الحزب، والخطاب الرسمي الموازي له، يأخذ في الحسبان خطورة الحملة المتصاعدة، لكنه لا يلامس الحاجة الى بلورة موقف لبناني حاسم ونهائي، وتحصينه بما يشبه الاجماع، مفاده ان حزب الله كان وسيبقى جزءا من منظومة الدفاع الوطني التي تحمي الحدود وتكافح عمليات الاختراق او التخريب او التجسس الاسرائيلية.. لا اكثر ولا اقل. وهي مهمة يفترض ان تظل خارج النقاش، وبمعزل عن اي من المعارك السياسية والانتخابية الداخلية التي تورط الحزب في خوضها مؤخرا، مستخدما مجد المقاومة قبل 25 ايار العام 2000.
تعليق