
في يوم من أيام الجمع، تقدم أحمد أحمد الملبلب كعادته لرفع النداء داعياً المؤمنين للتوافد على المسجد لأداء صلاة المغرب. سمعته شرذمة من المتطرفين يردد «لا إله إلا الله» مرتين في ختام الأذان فثارت ثائرتها وقررت الضرب على يدي هذا «المبتدع الرافضي». هجم أفراد دورية هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على المسجد سريعاً واقتادوا المؤمن أبا يونس إلى مقر الهيئة وهناك لقي جميع أصناف العقاب الجسدي والنفسي من ضرب وركل وصفع بجانب الوجبة التي تسلمها في الطريق من المسجد إلى مقر الهيئة. لم تكن صحة أبي يونس بالقوة التي تعينه على تحمل هذه الوحشية فلفظ أنفاسه وفاضت روحه الطاهرة راضية مرضية إلى بارئها لتنضم إلى نظيراتها من أرواح الشهداء.
اضطرب الإرهابيون مما حدث وقرروا التخلص من الجثة برميها أمام مستشفى البلدة، مستشفى الجفر بالأحساء ولاذوا بالفرار واستأنفوا عملهم المعتاد بمضايقة المواطنين ونشر الرعب والارهاب ببرود أعصاب وكأن شيئاً لم يحدث إلى أن تمكن زملائهم في الأمن العام من معرفة الجناة فتم القبض عليهم وفُتح تحقيقٌ ليس في ملابسات الجريمة فهي واضحة, «مبتدع رافضي» كرر الشهادة لله بالوحدانية مرتين في الأذان! بل لإيجاد مخرج مناسب للمجرمين وربما للاطمئنان بأن القتيل هو حقاً من «الرافضة الكفار» وليس من أهل «لا إله إلا الله». لا إله إلا الله ليست ممنوعة بذاتها في السعودية ويمكنك ترديدها كما تشاء. الممنوع هو أن تنوي عند النطق بها مطلق العبودية لله عز وجل, أن تتبرأ من أصنام الحجر والبشر وهذه النقطة تزلزل كيان الدولة وتهدد وجودها.
القتلة هم من سكنة نفس البلدة, بلدة الجفر التي ينتمي لها الشهيد وربما كانوا من جيرانه في مشهد يُذكرنا بجرائم التطهير العرقي البشعة التي مارسها الصرب في البوسنة تجاه مواطنيهم وجيرانهم من المسلمين في المدينة الواحدة والقرية الواحدة والحي الواحد. العقوبة التي قررها المسؤولون هي إعادة توطين المجرمين في أحياء وقرى أخرى غير بلدة الجفر مع توفير المسكن اللائق والترقية الوظيفية المناسبة فالقتلة يُعَدون من المجاهدين المنتصرين في أعين مسؤولي الدائرة الحكومية التي ينتمون إليها وقد أدوا واجبهم على أروع ما يرام وما قاموا به ما هو إلا تطبيق عملي لتوجيهات القيادة التي ترتكز تعاميمها على فتاوى هيئة كبار العلماء. وإذا كان الجيش الصهيوني يعاقب بعض أفراده عقوبة رمزية تتمثل في شيكلات بسيطة يفرضها كغرامة على الجندي المتعدي على الفلسطيني القتيل في العمليات العسكرية فإن الجهات الرسمية عندنا تعتبر الشيعي أقل من أن يعامل كإنسان بل وتشجع على قتله ومكافئة قاتليه.
تقدم أهل أبي يونس بالشكوى تلو الأخر للمطالبة بدم والدهم الشهيد. ابتداءاً بالشرطة فالإمارة فالديوان الملكي وديوان ولي العهد الأمين حتى طرق زوار الليل أبوابهم محذرين إياهم من التدخل ووجوب ترك أبناء الشهيد لوحدهم في هذه القضية وكانت المحصلة أن جفف النسيان دم أبي يونس كما أراد المجرمون ومن خلفهم وعلى حد علمي لم يصل اسمه لجهة حقوقية ولا منظمة إنسانية تطالب بحقه وتحاسب قاتليه.
رحمك الله يا أبا يونس ورحم السائرين على دربك..
شبكة راصد الإخبارية
تعليق