تطور المشكلة:
لقد كنا في مرحلة زمنية ماضية نعيش صراعا مريرا بين دعاة السفور وفلسفته وبين دعاة الحجاب وفلسفته وكان الخلاف المستعر على اشدة حول ان يكون الحجاب او لا يكون. الا اننا نشاهد تطورا نوعيا خطير طرأ على طبيعة المشكولة وجوهر الصراع.
فنحن لا ندعي ان مشكلة السفور في فلسفتها قد انهزمت وتراجعت تماما وان الحجاب في فلسفته ونضريته قد انتصر إلا ان ما نشاهده واضحا ان المشكلة الاعمق والاكثر خطورة والاوسع انتشارا اصبحت الان بين (الحجاب الاسلامي) وبين (الحجاب المتغرب او الغربي) فقد عملت الثقافة الغربية التخريبية والتي ما زالت وبما تملك من ادوات اعلامية ورصيد تقني متطور على تخريب الحجاب الاسلامي وتشويهه ومسخه وهدم فلسفته واهدافه وخلطه بالمفاهيم الادينية وتضيقه لاضيق الحدود الممكنة وتسطيح وجوده بحيث يفقد قاعدته الداخلية في روح وعقل المرءة وافراغه من مضامينه الاصيلة ليتحول الى هيكل بلا روح وقشر بلا لب ومظهر بلا جوهر واننا اليوم في مجتمعنا الخاص لا نجد دعوات علنية للسفور او عمل صريح ومباشر لاشاعة التبرج فاليوم تصدر القيم والمفاهيم الغريبة الادينية من خلال الاغنية والدعاية والفيلم والمسلسل ومن خلال طريقة الحياة والقدوة السيئة وعبر الاجواء النفسية المنحرفة والمشاهد والحركات الايحائية والالحان الصاخبة.
ويتم ذلك دون كلمات والفاظ فلا احد يعلن مباشرة بأن ما يقدمه ضد الدين والحجاب او انه ينتمي للمفاهيم والاخلاقية الغريبة ولو قال من يقدمون المواد الانحرافية ذلك فربما شعرنا بالخطر وبعمق التحدي والتدمير الاخلاقي والديني وتقدم لنا هذه المواد في علب لطيفة وبراقة باسم"الحب" او "الحرية" او"الترفيه".واليوم الصورة تتكلم واللحن والحركة والايحاء يعبر وينطق بأبلغ لسان لتتسلل وتتسرب القيم اللا دينية وتأخذ مكانها في عمق عقولنا ونفوسنا وسلوكنا من دون ان نشعر نحن اليوم في حاجة قصوى لوعي يقظ وفكر نبيه وتأملات ايمانية واخلاقية معمقة ومستوعبة وفكر اسلامي اصيل من اجل تمييز ما هو من الحجاب الاسلامي الحقيقي وما هو مستورد من الاخلاقية الغريبة ومن اجل تحديد ما يضر بالحجاب الاسلامي ولو بصورة غير مباشرة فنحن بحاجة ماسة ل"ثقافة الحجاب".