من المسائل التى يتخذها الرافضة سُلماً و ذريعة للطعن فى الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ما جاء عنه انه كان يرى " سب على بن أبي طالب رضى الله عنه " و سنحاول بفضل الله توضيح هذه الشبهة و تعريتها سائلين المولى السداد و الرشاد
1- يستدل الرافضة بالخبر الذى جاء فى صحيح مسلم فعن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال ( أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما منعك أن تسُبَّ أبا تراب ؟ فقال : أمّا ذكرت ثلاثاً قالهنَّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلن أسُبّهُ لأن تكون لي واحدة منهنَّ أحبُّ إليَّ من حُمر النَّعم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له خلّفه في مغازيه فقـال لـه علـيُّ : يا رسول الله ، خلَّفْتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبوّة بعدي و سمعته يقول يوم خيبر: لأُعْطينَّ الراية رجلاً يحبُّ الله ورسوله ويحبُّه الله ورسـوله، قـال: فتطاولنا لها فقال: ادعوا لي علياً، فأُتي به أرْمَد فبصق في عَيْنه ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه، ولمّا نزلت هذه الآية : { قل تعالوْا ندعُ أبْنائنا وأبْناءَكم ...} ، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحُسيناً فقال : اللهم ، هؤلاء أهلي )
يقول الشيخ خالد العسقلانى فى كتابه ( بل ضـلـلـت - كشف أباطيل التيجاني في كتابه ثم أهتديت )
و هذا الحديث لا يفيد أن معاوية أمر سعداً بسبِّ عليّ ، و لكنه كما هو ظاهر فإن معاوية أراد أن يستفسر عن المانع من سب عليّ ، فأجابه سعداً عن السبب و لم نعلم أن معاوية عندما سمع رد سعد غضب منه و لا عاقبه ، و سكوت معاوية هو تصويب لرأي سعد ، و لو كان معاوية ظالماً يجبر الناس على سب عليّ كما يدّعي هذا التيجاني ، لما سكت على سعد و لأجبره على سبّه ، و لكن لم يحدث من ذلك شيءٌ فعلم أنه لم يؤمر بسبّه ولا رضي بذلك ، و يقول النووي ( قول معاوية هذا ، ليس فيه تصريح بأنه أمر سعداً بسبه ، و إنما سأله عن السبب المانع له من السب ، كأنه يقول هل امتنعت تورعاً أو خوفاً أو غير ذلك . فإن كان تورعـاً و إجـلالاً له عن السب ، فأنت مصيب محسن ، و إن كان غير ذلك ، فله جـواب آخـر ، و لعل سعداً قد كان في طائفة يسبّون ، فلم يسب معهم ، و عجز عن الإنكار و أنكر عليهم فسأله هذا السؤال . قالوا : و يحتمل تأويلاً آخر أن معناه ما منعك أن تخطئه في رأيه و اجتهاده ، و تظهر للناس حسن رأينا و اجتهادنا و أنه أخطأ )
و الذى يدل على أن معاوية لم يتخذ سب علي بن أبي طالب رضي الله عنه ديناً يتقرب به إلى الله ما وضحه الشيخ خالد العسقلانى و سنذكره على هيئة نقاط حتى تتضح الأمور أكثر للجميع
أ - عدم غضب معاوية من رد سعد فلو كان رد سعد أغضب معاوية لرد عليه معاوية رداً انفعالياً
ب - كذلك لم يعاقب معاوية سعد على عدم سبه لعلى رضي الله عن الجميع و لشك فيه انه من أنصار على رضي الله عنه و هذا يدل على عدم تدين معاوية بسب علي و عدم إلزامه للناس بسب على رضي الله عنه
ج - سكوت معاوية على رد سعد لدليل على تقواه و انصياعه للحق و قبول للحق الذي تفوه به سعد
2- جاء فى كتب الرافضة ما يدل على توقير معاوية رضي الله عنه لآل البيت و حبه لهم رضي الله عنهم
أ- فقد روى الصدوق فى الأمالى فعن بهجة بنت الحارث بن عبداللّه التغلبي , عن خالها عبداللّه بن منصور وكان رضيعا لبعض ولد زيد بن علي (عليه السلام ), قال : سالت جعفر بن محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام ), فقلت : حدثني عن مقتل ابن رسـول اللّه (صـلى اللّه عليه وآله ) فقال : حدثني أبى , عن أبيه , قال : لما حضرت معاوية الوفاة دعا ابـنه يزيد (....) فأجلسه بين يديه , فقال له : يا بني , أنى قد ذللت لك الرقاب الصعاب , ووطدت لك البلاد , وجعلت الملك وما فيه لك طعمة , و أني أخشى عليك من ثلاثة نفر يخالفون عليك بجهدهم , وهـم : عبداللّه بن عمر بن الخطاب , و عبداللّه بن الزبير, والحسين بن علي , فأما عبداللّه بن عمر فهو معك فالزمه ولا تدعه , و أما عبداللّه بن الزبير فقطعه إن ظفرت به إرباً إرباً , فانه يجثو لك كما يـجثو الأسد لفريسته , و يواربك مواربة الثعلب للكلب , وأما الحسين فقد عرفت حظه من رسول اللّه , وهو من لحم رسول اللّه ودمه , وقد علمت لا محالة أن أهل العراق سيخرجونه إليهم ثم يـخـذلونه ويضيعونه , فان ظفرت به فاعرف حقه ومنزلته من رسول اللّه , و لا تؤاخذه بفعله , ومع ذلك فان لنا به خلطة و رحماً, وإياك أن تناله بسوء , أو يرى منك مكروها " الأمالى للصدوق المجلس رقم 30
و الشاهد قول معاوية " وأما الحسين فقد عرفت حظه من رسول اللّه , وهو من لحم رسول اللّه ودمه , وقد علمت لا محالة أن أهل العراق سيخرجونه إليهم ثم يـخـذلونه ويضيعونه , فان ظفرت به فاعرف حقه ومنزلته من رسول اللّه , و لا تؤاخذه بفعله , ومع ذلك فان لنا به خلطة و رحماً, وإياك أن تناله بسوء , أو يرى منك مكروها " و هذا دليل على حبه لآل البيت رضي الله عنهم و وصيته بهم لابنه يزيد مع ملاحظة أن هذه الوصية كانت أخر ما تكلم به معاوية رضي الله عنه و هو على فراش الموت
ب- و روى الصدوق أيضاً فى أماليه " فعن الأصبغ بن نباتة قال دخل ضرار بن ضمرة النهشلي على معاوية بن أبي سفيان قال له صف لي علياً (عليه السلام) قال أو تعفيني فقال لا بل صفه لي فقال له ضرار رحم الله علياً كان و الله فينا كأحدنا يدنينا إذا أتيناه و يجيبنا إذا سألناه و يقربنا إذا زرناه لا يغلق له دوننا باب و لا يحجبنا عنه حاجب و نحن و الله مع تقريبه لنا و قربه منا لا نكلمه لهيبته و لا نبتديه لعظمته فإذا تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم فقال معاوية زدني من صفته فقال ضرار رحم الله علياً كان و الله طويل السهاد قليل الرقاد يتلو كتاب الله آناء الليل و أطراف النهار و يجود لله بمهجته و يبوء إليه بعبرته لا تغلق له الستور و لا يدخر عنا البدور و لا يستلين الإتكاء و لا يستخشن الجفاء و لو رأيته إذ مثل في محرابه و قد أرخى الليل سدوله و غارت نجومه و هو قابض على لحيته يتململ تململ السليم و يبكي بكاء الحزين و هو يقول يا دنيا إلي تعرضت أم إلي تشوقت هيهات هيهات لا حاجة لي فيك أبنتك ثلاثا لا رجعة لي عليك ثم واه واه لبعد السفر و قلة الزاد و خشونة الطريق قال فبكى معاوية و قال حسبك يا ضرار كذلك كان و الله علي رحم الله أبا الحسن " الأمالى للصدوق المجلس 91 الخبر رقم (2)
و الشاهد من الخبر
دعوة معاوية لأبو الحسن رضي الله عنهما بالرحمة كما فى أخر الخبر , فكيف يصح تدينه بسب على و يترحم عليه فى نفس الوقت ؟
و كذلك تصديق و عدم إنكار معاوية للأوصاف التى وصف بها ضرار النهشلى أبو الحسن رضي الله عنه , بل لم يتعرض معاوية لضرار بأى أذى أو ينهره و يزجره على ثناءه على أبو الحسن رضى الله عنه , بل معاوية هو من ألزم ضرار بالكلام عن أبو الحسن كما فى قوله فى بداية الحوار إذ قال له " صف لي علياً (عليه السلام) قال أو تعفيني فقال لا بل صفه لي " و بل طلب منه الزيادة عندما قال له " زدني من صفته " و فى نهاية الحوار " بكى معاوية " فهل يدل ذلك على حبه و توقيره لأمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه أم على بغضه له ؟ و الإنسان بطبعه يحب سماع قصص و أخبار من يحب
فرضى الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم و غفر الله لنا و لهم و لجميع من أحبهم
ماذا قدم معاوية بن أبي سفيان للإسلام ؟
هل تطرق هذا السؤال إلى ذهنك و لو مرة واحدة ؟
ففى خلال إمرته على الشام فى عهد عمر و عثمان رضي الله عنهما
فتح قيسارية على يد معاوية رضي الله عنه سنة 15 من الهجرة
كتب عمر إلى معاوية فقال له : " أما بعد فقد و ليتك قيسارية فسر إليها و استنصر الله عليهم , و أكثر من قول لا حول و لا قوة إلا بالله العلى العظيم , الله ربنا و ثقتنا و رجاؤنا و مولانا فنعم المولى و نعم النصير "
فسار إليها فحاصرها و زاحفه أهلها مرات عديدة , و كان آخرهم وقعة أن قاتلوا قتالاً عظيماً , و صمم عليهم معاوية , و اجتهد فى القتال حتى فتح الله عليه فما انفصل الحال حتى قتل منهم نحواً من ثمانين ألفاً , و كمل المائة الألف من الذين انهزموا عن المعركة , و بعث بالفتح و الأخماس إلى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه .
فتح قبرص سنة 28 من الهجرة
فُتحت على يد معاوية خلال خلافة عثمان رضي الله عنهما , فقد ركب معاوية فى جيش كثيف من المسلمين و معه عبادة بن الصامت و زوجته أم حرام بنت ملحان و قد بشرها رسول الله صلى الله عليه و سلم بتلك الغزوة " فقد نام عندها صلى الله عليه و سلم ثم استيقظ وهو يضحك قالت فقلت ما يضحكك يا رسول الله قال ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة يشك أيهما قال قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ وهو يضحك قالت فقلت ما يضحكك يا رسول الله قال ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله كما قال في الأولى قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال أنت من الأولين فركبت أم حرام بنت ملحان البحر في زمن معاوية فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت " متفق عليه
ففتح الله عليهم و قتلوا منهم خلقاً كثيراً , ثم صالحهم معاوية على سبعة آلاف دينار كل سنة , و قد ماتت أم حرام رضي الله عنها بقبرص شهيدة فقد وقصتها دابتها
غزو الروم سنة 32 من الهجرة
غزا معاوية بلاد الروم حتى بلغ المضيق - مضيق القسطنطينية - و كانت معه زوجته عاتكة و يقال فاطمة
و هل تعلم عدد الغزوات التى خرجت للجهاد فى عهد معاوية رضي الله عنه و كم مدينة فتحت ؟
إليك البيان
سنة 42 من الهجرة غزا المسلمون اللان و الروم فقتلوا من أمرائهم و بطارقتهم خلقاً كثيراً , و غنموا و سلموا
سنة 43 من الهجرة غزا بسر بن أرطاة بلاد الروم فتوغل فيها حتى بلغ مدينة القسطنطينية
سنة 44 من الهجرة غزا عبدالرحمن بن خالد بن الوليد بلاد الروم و معه المسلمون و شتوا هنالك , و فيها غزا بسر بن أرطاة من البحر
سنة 47 من الهجرة وفي هذه السنة وجه زياد الحكم بن عمرو الغفاري إلى خراسان أميرا فغزا جبال الغور فقهرهم بالسيف عنوة ففتحها وأصاب فيها مغانم كثيرة و سبايا
سنة 49 غزا يزيد بن معاوية بلاد الروم حتى بلغ قسطنطينية و معه جماعات من سادات الصحابة منهم ابن عمر و ابن عباس و ابن الزبير و أبو أيوب الأنصاري , و قد ثبت فى صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " أول جيش يغزون مدينة قيصر مفغور لهم " فكان هذا الجيش أول من غزاها , و ما وصلوا إليها حتى بلغوا الجهد
سنة 50 من الهجرة افتتح عقبة بن نافع الفهرى عن أمر معاوية بلاد أفريقية " تونس الآن " , و أختط القيروان ... و أسلم خلق كثير من البربر
سنة 53 من الهجرة غزا عبد الرحمن بن أم الحكم بلاد الروم و شتى هنالك , و فيها افتتح المسلمون و عليهم جنادة بن أبي أمية جزيرة رودس فأقام بها طائفة من المسلمين كانوا أشد شيء على الكفار , يعترضون لهم فى البحر و يقطعون سبيلهم , و كان معاوية يدر عليهم الأرزاق و الأعطيات الجزيلة ...
سنة 54 من الهجرة غزا الصائفة معن بن يزيد السلمى
سنة 56 من الهجرة شتى جنادة بن أبى أمية بأرض الروم , و قيل عبدالرحمن بن مسعود , و يقال فيها غزا فى البحر يزيد بن سمرة و فى البر عياض بن الحارث
سنة 58 فيها غزا مالك بن عبدالله الخثعمى أرض الروم , قال الواقدى : و فيها شتى يزيد بن شجرة فى البحر , و قيل بل غزا البحر و بلاد الروم جنادة بن أبي أمية , و قيل إنما شتى بأرض الروم عمرو بن يزيد الجهنى
هذه ما قدمه معاوية رضى الله عنه للإسلام و لم يُقدم عُشر معشاره أى معصوم من معصوميكم إلا ما كان من على رضى الله عنه و ولديه الحسن " كل ما قدمه معاوية للإسلام بعد توليه الخلافة يؤجر عليه الحسن لأنه هو من تصالح معه لله و للإسلام " و الحسين رضى الله عنهما أما بقية المعصومين فقد تقوقعوا داخل التقية خائفين هالعين " و نحن نبرأهم و الله "
و أضيف إليك أن من الآيات التى يندرج تحتها معاوية قوله تعالى [ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ](الحديد: من الآية10)
و معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنه من الذين أنفقوا من بعد الفتح و قاتلوا , و قد وعد الله من قاتل و أنفق من قبل وبعد الفتح بالحسنى التى هى الجنة
1- يستدل الرافضة بالخبر الذى جاء فى صحيح مسلم فعن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال ( أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما منعك أن تسُبَّ أبا تراب ؟ فقال : أمّا ذكرت ثلاثاً قالهنَّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلن أسُبّهُ لأن تكون لي واحدة منهنَّ أحبُّ إليَّ من حُمر النَّعم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له خلّفه في مغازيه فقـال لـه علـيُّ : يا رسول الله ، خلَّفْتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبوّة بعدي و سمعته يقول يوم خيبر: لأُعْطينَّ الراية رجلاً يحبُّ الله ورسوله ويحبُّه الله ورسـوله، قـال: فتطاولنا لها فقال: ادعوا لي علياً، فأُتي به أرْمَد فبصق في عَيْنه ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه، ولمّا نزلت هذه الآية : { قل تعالوْا ندعُ أبْنائنا وأبْناءَكم ...} ، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحُسيناً فقال : اللهم ، هؤلاء أهلي )
يقول الشيخ خالد العسقلانى فى كتابه ( بل ضـلـلـت - كشف أباطيل التيجاني في كتابه ثم أهتديت )
و هذا الحديث لا يفيد أن معاوية أمر سعداً بسبِّ عليّ ، و لكنه كما هو ظاهر فإن معاوية أراد أن يستفسر عن المانع من سب عليّ ، فأجابه سعداً عن السبب و لم نعلم أن معاوية عندما سمع رد سعد غضب منه و لا عاقبه ، و سكوت معاوية هو تصويب لرأي سعد ، و لو كان معاوية ظالماً يجبر الناس على سب عليّ كما يدّعي هذا التيجاني ، لما سكت على سعد و لأجبره على سبّه ، و لكن لم يحدث من ذلك شيءٌ فعلم أنه لم يؤمر بسبّه ولا رضي بذلك ، و يقول النووي ( قول معاوية هذا ، ليس فيه تصريح بأنه أمر سعداً بسبه ، و إنما سأله عن السبب المانع له من السب ، كأنه يقول هل امتنعت تورعاً أو خوفاً أو غير ذلك . فإن كان تورعـاً و إجـلالاً له عن السب ، فأنت مصيب محسن ، و إن كان غير ذلك ، فله جـواب آخـر ، و لعل سعداً قد كان في طائفة يسبّون ، فلم يسب معهم ، و عجز عن الإنكار و أنكر عليهم فسأله هذا السؤال . قالوا : و يحتمل تأويلاً آخر أن معناه ما منعك أن تخطئه في رأيه و اجتهاده ، و تظهر للناس حسن رأينا و اجتهادنا و أنه أخطأ )
و الذى يدل على أن معاوية لم يتخذ سب علي بن أبي طالب رضي الله عنه ديناً يتقرب به إلى الله ما وضحه الشيخ خالد العسقلانى و سنذكره على هيئة نقاط حتى تتضح الأمور أكثر للجميع
أ - عدم غضب معاوية من رد سعد فلو كان رد سعد أغضب معاوية لرد عليه معاوية رداً انفعالياً
ب - كذلك لم يعاقب معاوية سعد على عدم سبه لعلى رضي الله عن الجميع و لشك فيه انه من أنصار على رضي الله عنه و هذا يدل على عدم تدين معاوية بسب علي و عدم إلزامه للناس بسب على رضي الله عنه
ج - سكوت معاوية على رد سعد لدليل على تقواه و انصياعه للحق و قبول للحق الذي تفوه به سعد
2- جاء فى كتب الرافضة ما يدل على توقير معاوية رضي الله عنه لآل البيت و حبه لهم رضي الله عنهم
أ- فقد روى الصدوق فى الأمالى فعن بهجة بنت الحارث بن عبداللّه التغلبي , عن خالها عبداللّه بن منصور وكان رضيعا لبعض ولد زيد بن علي (عليه السلام ), قال : سالت جعفر بن محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام ), فقلت : حدثني عن مقتل ابن رسـول اللّه (صـلى اللّه عليه وآله ) فقال : حدثني أبى , عن أبيه , قال : لما حضرت معاوية الوفاة دعا ابـنه يزيد (....) فأجلسه بين يديه , فقال له : يا بني , أنى قد ذللت لك الرقاب الصعاب , ووطدت لك البلاد , وجعلت الملك وما فيه لك طعمة , و أني أخشى عليك من ثلاثة نفر يخالفون عليك بجهدهم , وهـم : عبداللّه بن عمر بن الخطاب , و عبداللّه بن الزبير, والحسين بن علي , فأما عبداللّه بن عمر فهو معك فالزمه ولا تدعه , و أما عبداللّه بن الزبير فقطعه إن ظفرت به إرباً إرباً , فانه يجثو لك كما يـجثو الأسد لفريسته , و يواربك مواربة الثعلب للكلب , وأما الحسين فقد عرفت حظه من رسول اللّه , وهو من لحم رسول اللّه ودمه , وقد علمت لا محالة أن أهل العراق سيخرجونه إليهم ثم يـخـذلونه ويضيعونه , فان ظفرت به فاعرف حقه ومنزلته من رسول اللّه , و لا تؤاخذه بفعله , ومع ذلك فان لنا به خلطة و رحماً, وإياك أن تناله بسوء , أو يرى منك مكروها " الأمالى للصدوق المجلس رقم 30
و الشاهد قول معاوية " وأما الحسين فقد عرفت حظه من رسول اللّه , وهو من لحم رسول اللّه ودمه , وقد علمت لا محالة أن أهل العراق سيخرجونه إليهم ثم يـخـذلونه ويضيعونه , فان ظفرت به فاعرف حقه ومنزلته من رسول اللّه , و لا تؤاخذه بفعله , ومع ذلك فان لنا به خلطة و رحماً, وإياك أن تناله بسوء , أو يرى منك مكروها " و هذا دليل على حبه لآل البيت رضي الله عنهم و وصيته بهم لابنه يزيد مع ملاحظة أن هذه الوصية كانت أخر ما تكلم به معاوية رضي الله عنه و هو على فراش الموت
ب- و روى الصدوق أيضاً فى أماليه " فعن الأصبغ بن نباتة قال دخل ضرار بن ضمرة النهشلي على معاوية بن أبي سفيان قال له صف لي علياً (عليه السلام) قال أو تعفيني فقال لا بل صفه لي فقال له ضرار رحم الله علياً كان و الله فينا كأحدنا يدنينا إذا أتيناه و يجيبنا إذا سألناه و يقربنا إذا زرناه لا يغلق له دوننا باب و لا يحجبنا عنه حاجب و نحن و الله مع تقريبه لنا و قربه منا لا نكلمه لهيبته و لا نبتديه لعظمته فإذا تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم فقال معاوية زدني من صفته فقال ضرار رحم الله علياً كان و الله طويل السهاد قليل الرقاد يتلو كتاب الله آناء الليل و أطراف النهار و يجود لله بمهجته و يبوء إليه بعبرته لا تغلق له الستور و لا يدخر عنا البدور و لا يستلين الإتكاء و لا يستخشن الجفاء و لو رأيته إذ مثل في محرابه و قد أرخى الليل سدوله و غارت نجومه و هو قابض على لحيته يتململ تململ السليم و يبكي بكاء الحزين و هو يقول يا دنيا إلي تعرضت أم إلي تشوقت هيهات هيهات لا حاجة لي فيك أبنتك ثلاثا لا رجعة لي عليك ثم واه واه لبعد السفر و قلة الزاد و خشونة الطريق قال فبكى معاوية و قال حسبك يا ضرار كذلك كان و الله علي رحم الله أبا الحسن " الأمالى للصدوق المجلس 91 الخبر رقم (2)
و الشاهد من الخبر
دعوة معاوية لأبو الحسن رضي الله عنهما بالرحمة كما فى أخر الخبر , فكيف يصح تدينه بسب على و يترحم عليه فى نفس الوقت ؟
و كذلك تصديق و عدم إنكار معاوية للأوصاف التى وصف بها ضرار النهشلى أبو الحسن رضي الله عنه , بل لم يتعرض معاوية لضرار بأى أذى أو ينهره و يزجره على ثناءه على أبو الحسن رضى الله عنه , بل معاوية هو من ألزم ضرار بالكلام عن أبو الحسن كما فى قوله فى بداية الحوار إذ قال له " صف لي علياً (عليه السلام) قال أو تعفيني فقال لا بل صفه لي " و بل طلب منه الزيادة عندما قال له " زدني من صفته " و فى نهاية الحوار " بكى معاوية " فهل يدل ذلك على حبه و توقيره لأمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه أم على بغضه له ؟ و الإنسان بطبعه يحب سماع قصص و أخبار من يحب
فرضى الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم و غفر الله لنا و لهم و لجميع من أحبهم
ماذا قدم معاوية بن أبي سفيان للإسلام ؟
هل تطرق هذا السؤال إلى ذهنك و لو مرة واحدة ؟
ففى خلال إمرته على الشام فى عهد عمر و عثمان رضي الله عنهما
فتح قيسارية على يد معاوية رضي الله عنه سنة 15 من الهجرة
كتب عمر إلى معاوية فقال له : " أما بعد فقد و ليتك قيسارية فسر إليها و استنصر الله عليهم , و أكثر من قول لا حول و لا قوة إلا بالله العلى العظيم , الله ربنا و ثقتنا و رجاؤنا و مولانا فنعم المولى و نعم النصير "
فسار إليها فحاصرها و زاحفه أهلها مرات عديدة , و كان آخرهم وقعة أن قاتلوا قتالاً عظيماً , و صمم عليهم معاوية , و اجتهد فى القتال حتى فتح الله عليه فما انفصل الحال حتى قتل منهم نحواً من ثمانين ألفاً , و كمل المائة الألف من الذين انهزموا عن المعركة , و بعث بالفتح و الأخماس إلى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه .
فتح قبرص سنة 28 من الهجرة
فُتحت على يد معاوية خلال خلافة عثمان رضي الله عنهما , فقد ركب معاوية فى جيش كثيف من المسلمين و معه عبادة بن الصامت و زوجته أم حرام بنت ملحان و قد بشرها رسول الله صلى الله عليه و سلم بتلك الغزوة " فقد نام عندها صلى الله عليه و سلم ثم استيقظ وهو يضحك قالت فقلت ما يضحكك يا رسول الله قال ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة يشك أيهما قال قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ وهو يضحك قالت فقلت ما يضحكك يا رسول الله قال ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله كما قال في الأولى قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال أنت من الأولين فركبت أم حرام بنت ملحان البحر في زمن معاوية فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت " متفق عليه
ففتح الله عليهم و قتلوا منهم خلقاً كثيراً , ثم صالحهم معاوية على سبعة آلاف دينار كل سنة , و قد ماتت أم حرام رضي الله عنها بقبرص شهيدة فقد وقصتها دابتها
غزو الروم سنة 32 من الهجرة
غزا معاوية بلاد الروم حتى بلغ المضيق - مضيق القسطنطينية - و كانت معه زوجته عاتكة و يقال فاطمة
و هل تعلم عدد الغزوات التى خرجت للجهاد فى عهد معاوية رضي الله عنه و كم مدينة فتحت ؟
إليك البيان
سنة 42 من الهجرة غزا المسلمون اللان و الروم فقتلوا من أمرائهم و بطارقتهم خلقاً كثيراً , و غنموا و سلموا
سنة 43 من الهجرة غزا بسر بن أرطاة بلاد الروم فتوغل فيها حتى بلغ مدينة القسطنطينية
سنة 44 من الهجرة غزا عبدالرحمن بن خالد بن الوليد بلاد الروم و معه المسلمون و شتوا هنالك , و فيها غزا بسر بن أرطاة من البحر
سنة 47 من الهجرة وفي هذه السنة وجه زياد الحكم بن عمرو الغفاري إلى خراسان أميرا فغزا جبال الغور فقهرهم بالسيف عنوة ففتحها وأصاب فيها مغانم كثيرة و سبايا
سنة 49 غزا يزيد بن معاوية بلاد الروم حتى بلغ قسطنطينية و معه جماعات من سادات الصحابة منهم ابن عمر و ابن عباس و ابن الزبير و أبو أيوب الأنصاري , و قد ثبت فى صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " أول جيش يغزون مدينة قيصر مفغور لهم " فكان هذا الجيش أول من غزاها , و ما وصلوا إليها حتى بلغوا الجهد
سنة 50 من الهجرة افتتح عقبة بن نافع الفهرى عن أمر معاوية بلاد أفريقية " تونس الآن " , و أختط القيروان ... و أسلم خلق كثير من البربر
سنة 53 من الهجرة غزا عبد الرحمن بن أم الحكم بلاد الروم و شتى هنالك , و فيها افتتح المسلمون و عليهم جنادة بن أبي أمية جزيرة رودس فأقام بها طائفة من المسلمين كانوا أشد شيء على الكفار , يعترضون لهم فى البحر و يقطعون سبيلهم , و كان معاوية يدر عليهم الأرزاق و الأعطيات الجزيلة ...
سنة 54 من الهجرة غزا الصائفة معن بن يزيد السلمى
سنة 56 من الهجرة شتى جنادة بن أبى أمية بأرض الروم , و قيل عبدالرحمن بن مسعود , و يقال فيها غزا فى البحر يزيد بن سمرة و فى البر عياض بن الحارث
سنة 58 فيها غزا مالك بن عبدالله الخثعمى أرض الروم , قال الواقدى : و فيها شتى يزيد بن شجرة فى البحر , و قيل بل غزا البحر و بلاد الروم جنادة بن أبي أمية , و قيل إنما شتى بأرض الروم عمرو بن يزيد الجهنى
هذه ما قدمه معاوية رضى الله عنه للإسلام و لم يُقدم عُشر معشاره أى معصوم من معصوميكم إلا ما كان من على رضى الله عنه و ولديه الحسن " كل ما قدمه معاوية للإسلام بعد توليه الخلافة يؤجر عليه الحسن لأنه هو من تصالح معه لله و للإسلام " و الحسين رضى الله عنهما أما بقية المعصومين فقد تقوقعوا داخل التقية خائفين هالعين " و نحن نبرأهم و الله "
و أضيف إليك أن من الآيات التى يندرج تحتها معاوية قوله تعالى [ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ](الحديد: من الآية10)
و معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنه من الذين أنفقوا من بعد الفتح و قاتلوا , و قد وعد الله من قاتل و أنفق من قبل وبعد الفتح بالحسنى التى هى الجنة
تعليق