إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الية العلاقة بين المرجع والامة في المشروع السياسي للسيد الشهيد الصدر الثاني قدس سره

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الية العلاقة بين المرجع والامة في المشروع السياسي للسيد الشهيد الصدر الثاني قدس سره

    آلية العلاقة بين المرجع والأمة في المشروع السياسي للصدر الثاني



    المرجعية والحركة التغييرية

    تعتمد أية حركة تغييرية في المجتمعات على ثلاثة عناصر رئيسة وهي الأيديولوجيا والقيادة والأمة. ولما كان قد انتهى زمن نزول الأديان السماوية بوفاة الرسول «ص» وبدء الغيبة الكبرى للإمام المهدي «عج»، فلم يبق سوى الجانب البشري في فهم وتطبيق مفردات تلك الأيديولوجيا. ولمّا كان الإسلام «القرآن والسنّة الصحيحة للمعصومين» نصاً سماوياً مقدساً فلم يبق إذن سوى كيفية فهم وتفسير تلك النصوص من قبل الفقهاء والعلماء والمصلحين. فالعنصر البشري يمثّل الجانب الأقوى بعد أن انتهت مرحلة النصوص الإلهية، اي ان الأيديولوجيا باتت تعتمد بشكل رئيس على العنصر البشري في طريقة فهمه للنص والتي تتأثر بعقليته وتجربته والظروف المحيطة به. فالقيادة، التي تمثل عنصر الإبداع في فهم النصوص المقدسة، والتي تعرض أفكارها من طريقة فهمها للنصوص، ومتأثرة بعنصري الزمان والمكان والظروف الذي تعيشها، هي الطرف الرئيس في العنصر البشري. وتأتي الأمة، المؤمنة بتلك الأيديولوجيا، لتجسد مفرداتها على أرض الواقع متبعة منهج القيادة ورؤاها، متلاحمة معها في بناء متماسك يبدأ من داخله الفعل التغييري ليشمل المجتمع كلّه.

    يرى السيد فضل الله أنّ المرجعية الشيعية تحتل مكانة كبيرة في الواقع الشيعي حتى أنها فرضت نفسها على الواقع السياسي بكل قوة. وراحت الحكومات تتعامل معها بحسابات دقيقة، وتتحاشى الاصطدام معها قدر الامكان خوفاً من تعرضها لثورة جماهيرية. وبناء على ذلك اكتسبت المرجعية تأثيرها الاجتماعي من موقعها الديني. وأخذت اهميتها السياسية من قوة الأمة بوصفها الرصيد الكبير للمرجعية. على أنّ هذه الصورة تظهر وكأن قوة المرجعية محصلة اجتماع عنصرين أساسيين هما الدين والأمة، دون أن يكون لها دور ذاتي في صناعة قدرتها، فهل هي الحقيقة أم أنّ هناك تفسيراً آخر؟

    لاشكّ أنّ الإجابة على هذا السؤال ذات أهمية خاصة، لأنها تتولى مهمة تحديد عناصر القوة في المرجعية الدينية ومنشأ هذه القوة، ومن ثم طبيعة التحرك الذي تضطلع به، ومقوماتها في صناعته. للوهلة الأولى يبدو وكأنّ عنصري «الأمّة والدين» منفصلان عن بعضهما، وأنّ كل واحد منهما يتحرك بشكل مستقل في إعطاء المرجعية قوتها الميدانية، غير أنّ هذا الفصل الظاهري يغيب في ارضية الواقع، ويتداخل هذان العنصران للدرجة التي يعتمد فيها أحدهما على الآخر. فالأمة وبحكم تكليفها الشرعي ترجع الى علماء الدين في مسائلها الحياتية في العبادات والمعاملات، وتأخذ الحكم في مستجدات الأمور منهم، وفي المواقف الحرجة تنظر صوب المرجعية لترى ما يصدر عنها.

    والمكانة الدينية قد تتحول الى موقع محدود اذا فقدت المرجعية قدرتها الحركية وانعزلت عن الأمّة وقيادتها. صحيح أنّها تظل تحتفظ بقدسيتها، لكن دائرة المؤمنين بهذه القدسية تتسع أو تضيق حسب اتساع أو ضيق القاعدة الجماهيرية الملتزمة بالإسلام. فالموقع الديني يكسب المرجعية قوة ذاتية محدودة في حالة انغلاقها على نفسها وخضوعها لأجوائها الخاصة. ويتحول هذا الموقع الى قوة كبيرة عندما تكون المرجعية نشطة في دائرة تحركها وسط الأمة. فهي المعنية في نشر الإسلام بين المجتمع وهي التي تتولى قيادة العملية التغييرية في الأمّة. وحين تنجح في عملها هذا تكون قد صنعت قاعدة جماهيرية واسعة ملتزمة بالإسلام ومنضوية تحت لوائها. والشاهد التاريخي البارز في هذا الخصوص تحول بعض العشائر العراقية الى الارتباط الوثيق بالمرجعية خلافاً لما كانت عليه سابقاً في القرن التاسع عشر مثلاً.

    إنّ هذا التحول المؤثر رافقه في نفس الوقت امتلاك المرجعية الدينية رصيداً جماهيرياً ضخماً، فضمنت بذلك عنصر الأمّة، وقوّت به مكانتها الدينية «وهو العنصر الثاني لقوتها». وكانت النتيجة أن صارت المرجعية قوة اجتماعية وسياسية كبيرة في المجتمع العراقي، قلبت الموازين في الساحة العراقية وغيرت مجرى الأحداث فيها، ورسم على أساس هذا التحول تاريخ العراق في السنوات التي أعقبت ذلك. وهنا تبرز مسألة جديدة هي كفاءة المرجعية في استخدام مكانتها الدينية في توجيه الأمة وتحريك الاحداث، لتحتفظ بقاعدة جماهيرية متفاعلة ولتبقى متمتعة بمركز القوة في الساحة. [1]

    إنّ مشكلة المرجعية في كل تاريخها أنّها كانت شخصاً، كانت تعتمد على مستوى هذا الشخص، وعلى مبادراته، وعلى سعة أفقه والظروف والاشخاص المحيطين به. ومن هنا، فإننا في الوقت الذي نؤكد أنّ المرجعية في كل تاريخها قامت بمبادرات هامة في الدائرة الشيعية وأنها حفظت التشيع بطريقة أو بأخرى، لكنها لم تفكر بأن تتحمل مسؤولية التشيع أمام كل المتغيرات الواقعية على المستوى السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، وعلى مستوى التطورات التي انطلقت في العالم. [2]

    وتلعب شخصية المرجع دوراً رئيساً في مكانته الاجتماعية وتأثيره على الامة من خلال مقومات شخصيته ومن خلال نظرته الى الحياة واهتماماته السياسية والفكرية. فقد صنع بعض الفقهاء أحداثاً تاريخية من خلال مواقفهم وفتاواهم، وقادوا جماهيرهم في مسيرة تحولات عميقة وانجازات عظيمة. فالمرجع الديني السيد محمد حسن الشيرازي «سامراء» قاد ثورة التنباك عام 1891، وساند المرجع الديني الملا كاظم الخراساني «النجف» التحولات السياسية وثورة الدستور في ايران عام 1905 التي ادت الى تدوين اول دستور اسلامي لحكومة ملكية دستورية. [3] وتصدت المرجعية الدينية للغزو العسكري البريطاني للعراق عام 1914 حيث أصدر السيد محمد سعيد الحبوبي والسيد كاظم اليزدي فتوى الجهاد التي تمكنت من تعبئة العشائر العراقية في مواجهة القوات البريطانية. ولعبت المرجعية الشيعية دوراً حاسماً في مقاومة الاستعمار البريطاني ومخططاته الرامية إلى جعل العراق مستعمرة هندية، فقادت ثورة العشرين 1920 التي أنجزت موافقة الانجليز على تأسيس دولة عراقية مستقلة يرأسها ملك عربي مسلم، في حين كانت رغبة بريطانيا ومن يساندها من وجهاء العراق هو قيام حكم بريطاني مباشر في العراق. فأصدر المرجع الديني الشيخ محمد تقي الشيرازي «كربلاء» فتواه الشهيرة بحرمة تولية غير المسلمين السلطة في بلد اسلامي. [4]

    لقد مثلت المرجعية الدينية نضجاً سياسياً ووعياً رفيع المستوى في بداية القرن العشرين عبر تمكنها من بلورة مشروعها السياسي الذي اعتمد بشكل رئيس على العنصر الجماهيري «العشائري» ومكانة المرجعية ودورها السياسي والاجتماعي في المجتمع العراقي. يقول الباحث إسحاق نقاش: «واقتربت عملية تكوين الدولة الشيعية في جنوب العراق من النضج في مرحلة مبكرة من القرن العشرين، حين قام مجتهدون قياديون بصياغة نظرية تحدد طبيعة الدولة التي كانت في تصورهم، وأرسوا أسس تمثيلهم في السياسة. ولكن محاولة المجتهدين لإقامة حكومة اسلامية في العراق لم تتحقق، واجهضت عملية تكوين الدولة الشيعية في أعقاب الاحتلال البريطاني ثم إقامة دولة سنية في البلاد». [5] وفي نهاية السبعينات تمكن المرجع الديني السيد روح الله الخميني بمساندة الحوزة العلمية والجماهير الايرانية من اسقاط نظام الشاه وتاسيس أول جمهورية اسلامية عام 1979.

    المرجعية وفن الخطاب الجماهيري

    إنّ تحريك الرأي العام فن له اصوله وعنصره ومناهجه، يعتمد على مدى دقة تشخيص القائد لمفردات العناصر السلوكية والفكرية التي تؤثر في المجتمع الذي يخاطبه. وربما لم يدرس المرجع علم الاجتماع لكن اسلوب تحركه ينطبق على بعض مفردات هذا العلم، بسبب الخبرة الطويلة والحس المرهف والأسلوب الصحيح في مخاطبة الآخرين والتأثير عليهم. وفي الرسول «ص» والأئمة «ع» اسوة حسنة وتراث غني في كيفية التأثير على الآخرين وجذبهم للخط الإسلامي وتعبئتهم عند الأزمات.

    وفي التاريخ المعاصر برز عدة مراجع ذوو تأثير كبير على الرأي العام في مجتمعاتهم من خلال نوعية خطابهم أو مواقفهم وسلوكهم مع الجماهير. ففي عام 1914 قام علماء الشيعة بقيادة كتائب المجاهدين لمواجهة القوات البريطانية التي نزلت في البصرة لاحتلال العراق. فلم يكتفوا بإصدار الفتاوى وإلقاء الخطب الحماسية لتعبئة الناس للمشاركة في الجهاد بل ساروا معهم، ينزلون عند كل مدينة أو قرية، يبثون فيها روح المقاومة فيلتحق اهلوها بهم. فقد (خرج السيد محمد سعيد الحبوبي من النجف في عصر 15/11/1914 في موكب يصحبه جماعة من أصحابه. وكان قد تقلد سيفه والطبول تدق أمامه. وبعد نزوله في كثير من المدن والعشائر وصل الناصرية في منتصف كانون الثاني 1915. وكان الحبوبي اثناء مكوثه في الناصرية دائب الحركة حيث صار يتجول بين العشائر المجاورة، ويرسل أعوانه من شبان الطلبة كباقر الشبيبي وعلي الشرقي الى العشائر البعيدة، لحثهم على الانضمام الى حركة الجهاد) [6]. ونفس الأمر حدث للشيخ مهدي الخالصي في الكاظمية ببغداد، كما انطلق علماء النجف وكربلاء من بغداد ايضاً امثال الشيخ فتح الله الاصفهاني، والسيد علي التبريزي والسيد مصطفى الكاشاني وآخرين. وفي معركة الروطة قرب البصرة فشلت القوة العسكرية البريطانية في احتلال المنطقة لأن أحد العلماء (هو السيد مهدي الحيدري «80 عاماً» كان السبب الأكبر في انتصار الأتراك على الانجليز لأنه كان قد نصب خيامه قريباً من ساحة المعركة، وظل صامداً فيها لا يبالي بقصف المدافع مما شجع المجاهدين والقوات العثمانية كلها أن تصمد معه وتهزم الانجليز شر هزيمة). [7] وهنا أمثلة كثيرة تؤكد تأثير الحضور الجماهيري للعلماء في تعبئة الأمة، وفي سير الاحداث التاريخية.

    وتختلف الأساليب التي يعتمدها المراجع من بلد الى آخر ومن عصر الى آخر، فالامام الخميني استخدم عدة اساليب متنوعة قبل انتصار الثورة وبعدها مثل: الخطاب الجماهيري العام، البيانات التي تطبع وتوزع على الناس أو تلصق على الجدران في المساجد والاسواق والشوارع [8]، الخطاب المسجل على أشرطة كاسيت حيث يكثر منه الآلاف توزع في المدن الايرانية. وكان هذا الاسلوب قد اشتهر اثناء المواجهة مع نظام الشاه في شهوره الاخيرة، وعندما كان الامام يقيم في باريس. كما استخدم اساليب جديدة مثل «اطلاق نداء الله اكبر من سطوح المنازل في وقت محدد»، والتأكيد على المسيرات المليونية التي يتصدرها العلماء، ورفض دفع الضرائب الحكومية، ومخاطبة المسؤولين الكبار بعدم طاعة اوامر الشاه، ودعوة الأمة الى القيام باضرابات شاملة. [9]

    وكان السيد محمد باقر الصدر منفتحاً على الأمّة من خلال تلقيه عشرات الرسائل من مختلف الشرائح الاجتماعية تتضمن استفتاءات واسئلة عقائدية وتاريخية وفلسفية واقتصادية. وكان يجيب عليها ويهتم بذلك كثيراً خاصة بتلك الرسائل القادمة من شباب الجامعات العراقية. وكان يستقبل في منزله المتواضع الكثير من الراغبين بزيارته وتوجيه الأسئلة اليه مباشرة. فكنّا آنذاك نلاحظ مدى ترحيبه واهتمامه بنا والاستماع الى احاديثنا والاجابة عليها بكل لطف وعلمية. وترك لنا محاضرات قيمة ألقاها على طلابه قبل شهادته. صحيح ان الشهيد الصدر لم يزر مقلديه في المدن الاخرى ولم يلق خطابات جماهيرية [10] لكن الجماهير كانت تشعر بمدى قربه منها، وما يمثله من طموحات وهموم الأمّة. وكانت علاقته بالناس خارج النجف الأشرف تتم عبر طريقين، الأول: الشخصيات الحركية من حزب الدعوة الإسلامية التي تنقل افكاره وتثقف الناس على منهجه، والثاني: وكلاؤه في المدن العراقية الذين ينقلون توجيهاته وفتاواه بالإضافة الى آرائه ومواقفه. كما أنّ مؤلفاته العظيمة كانت خير سفير له حيث تجد طريقها في عقول ونفوس الشباب والمثقفين وطلاب الجامعات. وعندما أعلنت الاذاعة الايرانية عن عزمه على مغادرة العراق، رغم وجود نية للشهيد الصدر بذلك [11]، تم اتخاذ قرار باستقدام وفود جماهيرية من مختلف مدن العراق لزيارة القائد الصدر في منزله وتجديد البيعة له، فيما عرف بـ (وفود البيعة) [12] التي ضمت مختلف الشرائح الاجتماعية العراقية، شباباً وشيبة، رجالاً ونساءً، مثقفين ومهنيين وكسبة وطلاباً، كما شارك فيها أعداد من أهل السنة. [13] وعندما فرض النظام العراقي الإقامة الجبرية عليه قبل استشهاده بعدة شهور، وانقطعت صلته بالعالم، بادر الى كتابة بيانات موجهة للشعب العراقي، ولما كان من الصعب توزيع بياناته في الشارع، فقد قام بتسجيل هذه البيانات بصوته على أشرطة كاسيت حيث تم تهريبها الى ايران لتبث من الاذاعة الايرانية لتصل الى ملايين المسلمين في العراق وايران ودول المنطقة. [14]

    أما السيد محسن الحكيم ففي اثناء التوتر بين المرجعية والنظام الحاكم فقد لجأ الى الخطاب الجماهيري حين كان يكلف احد اولاده بالقاء خطاباته التي تتضمن نقداً حاداً للسلطة في مؤتمرات وتجمعات جماهيرية حاشدة ذات طابع احتجاجي. فكان السيد محسن الحكيم يريد تفعيل صورة المرجعية في أذهان الامة من خلال التأكيد على حضورها ومخاطبتها ابناء الامة مباشرة كي تعزز من التلاحم بين الأمة والمرجعية. كما مارس الحكيم سياسة المنفى الاختياري المؤقت حين قام في حزيران 1969 بمغادرة محل اقامته «النجف» متوجهاً الى الكاظمية ببغداد كإيحاء بالاحتجاج. [15] وهكذا تنوعت طرق الاحتجاج وأساليب تعبئة الجماهير حسب ظرف المرجع ورؤيته.



    مقدمات المشروع السياسي للصدر الثاني

    تعرضت المرجعية الدينية في العراق خلال العقود الثلاثة الاخيرة من القرن العشرين الى ضربات قوية من قبل النظام الحاكم، ففي الفترة ما بين عام 1968 (وصول حزب البعث العراقي الى السلطة) وحتى عام 1970 (حيث توفي السيد الحكيم) تعرضت مرجعية السيد محسن الحكيم الى اساءات عديدة وصلت الى اتهام ولده السيد مهدي الحكيم بالتجسس لقوى اجنبية. وفي عام 1980 أُعدم المفكر الإسلامي المرجع الديني السيد محمد باقر الصدر بتهمة تشكيل حزب إسلامي سري معارض (حزب الدعوة الإسلامية) وتأييد الثورة الاسلامية في ايران. وفي عام 1991 تعرض السيد ابو القاسم الخوئي الى ضغوط كبيرة بسبب دعمه للانتفاضة الشعبانية في آذار 1991. كما تعرض للسجن والتعذيب العديد من المراجع الكبار (السيد السيستاني، السيد السبزواري، السيد محمد سعيد الحكيم، السيد محمد الصدر) وعشرات الفضلاء ومن اساتذة وطلاب الحوزة العلمية، واستشهد آخرون اثناء وبعد الانتفاضة. كما اغتيل عدد من المراجع الكبار امثال الشيخ علي الغروي والشيخ البروجردي، اضافة الى محاولة اغتيال السيد السيستاني.

    ورث الصدر الثاني ارثاً ثقيلاً، ظروفاً صعبة، بلداً محاصراً اقتصادياً وسياسياً، سلطة تمارس سياسة البطش والقمع في اقسى صورها، شعباً محاصراً أمنياً واقتصادياً، تفشى فيه الفقر والجوع والمرض والانحلال الاخلاقي، وجماهير مازالت تلملم جراحها بعدما قدمته من تضحيات جسيمة اثناء وبعد الانتفاضة العظيمة عام 1991. كل هذه المفردات تمثل مثبطات لمجرد التفكير في اي مشروع نهضوي سياسي ـ اجتماعي. كما أنّ ضعف الامكانات الذاتية تشكل بحد ذاتها تحدياً كبيراً امام اي حركة تغييرية ممكنة. هذا الإرث الثقيل بعناصره المتشابكة مثل التحدي الأكبر امام الصدر الثاني لبناء مشروعه التأسيسي. لقد كان عليه أن يفكك عناصر الصراع ويعالج كل واحد على حدة ليخلق منه لبنة قادرة على الانسجام والتكيف مع اللبنات الاخرى كي يرتفع البناء على أسس قوية متراصة. كان عليه أن يتجاوز القيود التي تقيد حركته داخل المرجعية الدينية نفسها أولاً، هذه القيود ليست سوى اشكاليات تطورت عبر السنين لتصبح واقعاً وعرفاً يجب التقيد به رغم هشاشة متبنياته. هذه الإشكاليات هي:



    أولاً: إشكالية العلاقة مع السلطة

    كان على الصدر الثاني أن يحدد موقفه من (اشكالية الاعتزال والمواجهة) التي حكمت مسار العلاقة بين الحوزة والسلطة. فمن العلماء من آمن بالمواجهة ومنهم من آثر السكوت، وكل له قناعاته ومبرراته الشرعية. فانتهج الصدر الثاني طريقه الخاص به في تحييد السلطة ريثما تكتمل ملامح مشروعه وتنضج خبرته استعداداً للمواجهة التي لابد منها في يوم ما. فكان عليه ان يتفادى استفزاز السلطة ويمنعها من التفكير في الاجهاز عليه وعلى مشروعه. ومع أن لذلك الموقف استحقاقاته، لكن الصدر لم يمنح السلطة ما تأمله منه، إذ لم ينقل عنه أي مديح للسلطة أو تأييدها سياسياً أو فكرياً [16]، بل على العكس كان ينتقد السلطة في لقاءاته أو صلاة الجمعة تارة تلميحاً وتارة تصريحاً. وكان يدرك أنّ السلطة تريد اغتياله حوزوياً وجماهيرياً عندما كانت تمتدحه في إعلامها. [17]

    لقد كان الصدر يعي بأنّ السلطة تريد تحكيمه والسيطرة على مرجعيته، ففي لقاء صحفي مسجل صرح بأنه من وجهة نظر الدولة (ينبغي السيطرة على هذه الجهة (مرجعية الصدر) وتحجيمها. وأحسن طريقة للتحجيم هي أن يُمدح ويُنفَع لأجل ان يخمد ويأفل نجمه، وهذا ما حصل. تصرفوا (عناصر السلطة) تصرفاً حكيماً من وجهة نظرهم متسماً بالحقيقة، وأنا أعمل على أعصابي، ولا استطيع أن أقول مجبراً أو مكرهاً. بأي يد اصفق وبأي لسان أنطق؟ فالناس في داخل وخارج العراق يأخذون المطلب كأنه ناجز. كأنني أنا لي رغبة في ذلك).

    وخلال تلك المرحلة واجه الصدر الثاني حملات عدائية وهجمات واتهامات في الخارج والداخل، في حين لا يمكنه الإفصاح عن مشروعه، كما في تصريحه الآنف الذكر، لأنه سيُجهض في وقت مبكر. لقد استطاع الصدر أن يوطد صلته بالجماهير العراقية ويكسب ثقتها وخاصة مجاهدي الداخل الذين كانوا يدركون عمق الإشكالية التي وضع الصدر الثاني فيها من خلال اتهامه بالعمالة للسلطة، وأنه لا يستطيع أن يكشف مشروعه قبل أوانه، وأنهم يؤمنون بأن (السيد محمد الصدر هو الأصلح وهو يخطط لأمر مستقبلي يقوي به التيار الديني بشكل عجز عنه الآخرون. وهو يريد تغيير النفوس قبل تغيير النظام. وأنّ ما تردد عنه من مسائل قد تكون غير مقبولة عند البعض هو من شائعات أعداء الإسلام. وأنّ النظام زرع جواسيس عليه حتى في مكتبه في النجف الاشرف. وأنه يسعى لإحياء الدين ومعالمه التي بدأت بالاندثار. وأنّه ثوري يخطط للحظة المناسبة، ويريد أن يستغل الظرف الراهن الذي ضعف به النظام. وأنّ الكثير من أبناء الشعب لم يكونوا يعرفون أمور دينهم قبل تصدي السيد الصدر للمرجعية). [18] لقد كانت (الأمّة في الداخل) أكثر فهماً والتصاقاً بمرجعية الصدر من (الأمّة في الخارج) التي تأثرت بحملات بعض الأطراف ضده.

    لقد انطلق الصدر الثاني في علاقته بالسلطة من خلال قاعدة (جواز العمل مع حكام الجور) حيث تعامل الصدر مع السلطة دون ان يعطيها المشروعية. كما أنّ علاقته بالسلطة لم تكن علاقة تعاون بل علاقة تعامل مشروط لا تختلف عن بعض حالات التعامل التي شهدها التاريخ الفقهي الشيعي من قبل بعض الفقهاء الشيعة تماشياً مع مصلحة الإسلام العليا التي يقدرها الفقيه على ضوء الواقع والظرف الاجتماعي الذي يحكم مرحلته. [19] وقد صنف في هذه المسألة الكثير من فقهاء الشيعة على مر التاريخ كالشيخ الصدوق (381 هـ / 991م) [20]، والشيخ المفيد (ت 413 هـ / 1039م) [21]، وشيخ الطائفة الطوسي (ت 460 هـ / 1067م) [22]، والشريف المرتضى (ت 436 هـ / 1044م) [23]. ومن المتأخرين الإمام الخميني (ت 1989) [24] والشيخ محمد مهدي شمس الدين [25].

    وبعد أن يناقش الروايات المانعة والروايات المجوّزة، يستنتج

    انتظروا التكملة؛

  • #2
    تكملة الموضوع

    وبعد أن يناقش الروايات المانعة والروايات المجوّزة، يستنتج الشيخ شمس الدين ما يلي:

    (إنّ المستفاد من مجموع الروايات، ونسبة بعضها الى بعض أمران:

    الأوّل: إنّ هذه الروايات لا تتضمن حكماً أولياً أصلياً من صرف العمل مع (ولاة الجور) سواء في ذلك العمل الحكومي، أو الاعمال الحرة، بل هي دالة على أنّ العمل مشروع ومباح في الجملة اذا لم يتضمن أو يلازم الاعتراف بالشرعية، ولم يؤد الى الظلم والمعاونة عليه، فليس في البين حكم تعبدي غيبي.

    الثاني: إنّ مصبّ المنع في الروايات الدالة على التحريم، هو الاعتراف بشرعية هؤلاء الحكام، وحكمهم، وما يلزم العمل معهم من ظلم الناس. وأما اذا كان العمل معهم لا يتضمن اعترافاً بالشرعية ولا يلزم ذلك، ولا يؤدي الى ارتكاب الظلم، والمعاونة عليه، فإنّ الروايات دالة على مشروعية العمل وإباحته). [26]

    ويشرح السيد محمد الصدر علاقته بالسلطة بشكل واضح حيث يقول (السلطة تؤيد المظاهر الدينية الشيعية وترعاها، وهي تعطف علينا ما دام أننا لا نتدخل في السياسة. وهي تكف شرّها عنّا ما دمنا نكف شرنا عنها، بمعنى أنها تلتزم ازاءنا سياسة المعاملة بالمثل) [27]. ومع ما يتضمنه التصريح من تقية لكنه يتضمن تأكيداً على (سياسة المعاملة بالمثل) التي اراد بها منطلقاً يحدد طبيعة تعامله مع السلطة. وكانت الحوزة تتعامل بنفس المنطق مع السلطات السابقة واللاحقة لكن أسلوب التعامل تغير عند الصدر الثاني بسبب الظروف التي حكمت مرحلته. لقد رفض الشهيد الصدر الثاني ووكلاؤه طلب السلطة المتكرر (بالدعاء للسيد الرئيس صدام حسين). ورفض ايضاً طلب مبعوث صدام (محمد حمزة الزبيدي)، قبل يومين من اغتياله، اصدار فتوى (تحرير الكعبة) موجهة ضد الحكومة السعودية، وفتوى اخرى لتأييد دعوة صدام الشعوب العربية للاطاحة بحكامها. كما رفض طلباً للنظام يقضي بأن يدرج ضمن خطبه تأكيدات تؤيد سعي السلطات لاعتقال المسؤولين عن اغتيال المرجعين البروجردي والغروي. [28]



    ثانياً: إشكالية العلاقة بين الفقيه والمكلَّف

    أراد الصدر تجاوز (جدلية الفقيه والمكلَّف: مَنْ يذهب الى مَنْ) التي ترى أنه لا يجب على الفقيه أن يذهب الى المكلف ويبلغه حكمه، بل يجب على المكلف نفسه أن يأتي الى الفقيه ويسأله. فينتقد الصدر هذه الظاهرة بقوله (نعم تصح هذه المقولة اذا توجه السؤال للفقيه، وجب حينئذ الجواب. أمّا أنّه يجب على الفقيه طرق باب المكلف بدون سؤال، وأن يعطيه حكمه فهذا لا، وهذا مشهور). ثم يقرر أنّ نتائج هذه الظاهرة انها ترسخ (المقاطعة والانفصال النفسي والاجتماعي بين الحوزة والمرجعية من ناحية وبين العشائر من ناحية اخرى) [29]. ويوجه نقده للحوزة التي تتقاعس عن الاهتمام بالأمّة ونشر الأحكام الإسلامية والفقه بين أبنائها، كما ينتقد الذرائع المتداولة بين بعض أوساط الحوزة التي تقول (لا يجب التبليغ الشرعي إلاّ عند السؤال، هكذا قال المشهور. أمّا بدون سؤال فإنّه غير واجب بل مستحب ولا يجب القيام بما ليس بواجب. ولا يجب حسب العبارة المتعارفة دق أبواب الآخرين لا أفراداً ولا جماعات ولا طوائف لهدايتهم. لا توجد هكذا ضرورة ـ هذا المسلك التقليدي وليس أنا أقول بذلك ـ ومن هنا اتخذت الحوزة العلمية فلسفتها الاجتماعية عن هذا الطريق). ويوضح الصدر الثاني موقفه تجاه هذه الإشكالية فيقول (إلاّ أنّ الحوزة الناطقة المجاهدة (أي حوزته) لا ينبغي أن تكف عن النشاط في مختلف الاتجاهات ومختلف الأساليب). [30]

    لقد أعاقت هذه الأعراف والمقولات عملية التواصل بين المرجعية والأمّة بشكل عزز عزلة المرجعية عن الجماهير، فكان لابدّ للسيد الصدر الثاني من تجاوزها بهدف بناء علاقات وطيدة مع الأمّة. لقد شعر بخطورة العزلة عن الامة، اذ كيف سيرتفع مستوى الامة عقائدياً وفقهياً؟ هذا اذا لم نتطرق للجانب السياسي والاخلاقي. هذا الانفصال بين المرجعية والامة بحاجة الى جهود كبيرة للقضاء عليه وردم تلك الهوة بين المرجع والجماهير.

    يقول السيد عبدالله الغريفي (إذا غابت المرجعية عن واقع الامة وعن قضاياها وهمومها وتطلعاتها، فمن الطبيعي جداً ان تغيب عن وعي الأمّة ووجدانها. فحتى يكون للمرجعية حضور في وعي الامة ووجدانها يجب أن يكون لها حضور في واقع الامة وحركتها وتطلعاتها وامتداداتها ومعاناتها. فكما نريد للمرجعية ان تكون حاضرة في وعي الامة ووجدانها، نريد للأمّة أن تكون حاضرة في وعي المرجعية ووجدانها. فكيف تكون الامة حاضرة في وعي المرجعية ومتى تكون كذلك؟ إنّها تكون كذلك حينما تكون الأمّة الهم الكبير للمرجعية. وحينما تكون المرجعية حاضرة في قضايا الأمّة: الفكرية والاجتماعية والسياسية. مما يؤسف له أن الأمّة أصبحت حالة مهمشة في الوعي المرجعي، فبمقدار ما يكون الرصيد في الامة من حيث التقليد، وبمقدار ما يكون عطاء الامة من الحقوق والأخماس، يكون الحضور. أما ان تكون الامة حاضرة بهمومها كلها في ذهن المرجعية فمسألة تحتاج الى تأمل ونظر! من هنا فإنّ هناك علاقة جدلية بين المرجعية والامة، فبمقدار ما يعطي المرجع من حضور، تعطيه الامة من حبها وثقتها والتفافها، وبمقدار ما يعيش المرجع غياباً عن واقع الامة الفكري والثقافي والروحي والسياسي بمقدار ما تبتعد الامة عن حضورها في الواقع المرجعي. فإذا أعطت المرجعية الامة فكرها وجهدها وثقتها، فإنّ الامة ستعطيها الكثير من ولائها وحبها. واذا مارست المرجعية ابوّتها للأمة، فستعطي الامة بنوّة صادقة للمرجعية. ولذلك ليس من الصحيح ابداً ان نتهم الأمّة دائماً بالعقوق. يجب علينا اعادة صياغة المشروع المرجعي وفق منظور جديد يضع الامة في حسابه). [31]



    ثالثاً: إشكالية العلاقة مع المرجعيات الأخرى

    عبر التاريخ تطورت المرجعية الدينية عموماً في المسار الفردي، لذلك لم تشهد عملاً جماعياً (بين المراجع أنفسهم) إلاّ في الحالات النادرة، مثل مواجهة عدو خارجي كالاحتلال البريطاني للعراق عام 1914، أو الوقوف ضد تولي حاكم انجليزي ادارة العراق، حين اصر المراجع على انتخاب حاكم مسلم عام 1919، أو في وقوفهم مع مطالب الحركة الدستورية عام 1905. ولذلك شهدت تلك المرحلة التاريخية صدور فتاوى مشتركة تضم امضاءات العديد من المراجع والفضلاء. [32]

    ولم يكن صعود مرجعية السيد الصدر الثاني بالامر السهل خاصة اذا لاحظنا الظروف التي برزت فيها وما رافقها من تشكيك واتهام بوجود علاقة مع السلطة. ولما بدأت تتألق وتحتل الشارع العراقي بدا وكأن ذلك استفزاز للمرجعيات الاخرى، فتصاعدت وتيرة الانتقادات له، مما حدا بالسيد الصدر الثاني الى توجيه انتقادات شديدة وعلنية للمراجع الآخرين. وهذه الحالة ليست شاذة في مرجعية الصدر الثاني، فقسم من هذه الانتقادات المتبادلة تعود الى التنافس التاريخي بين المرجعيات. فالإمام الخميني انتقد كثيراً بعض الاوساط الحوزوية والمرجعيات المعاصرة له والمختلفة معه في الرأي. كما تعرضت مرجعية السيد محمد باقر الصدر الى العداء والتشكيك والمحاربة. [33] ووصلت الأمور الى حد اتهام السيد الصدر الأول بالعمالة لأميركا وهو يعاني في الحجز في منزله. [34] واستعداء النظام العراقي ضده والمطالبة بإعدامه. [35] ومن المراجع الأحياء الذين تعرضوا لهجمات قاسية هو المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله، حيث صدرت فتاوى وكتب ومنشورات تشكك بمرجعيته، وتعتبره منحرفاً عن الدين.

    وكان الشهيد الصدر الثاني يبذل الجهود لظهور المرجعية بمظهر الصف الواحد، وأعلن في عدة مناسبات عن سياسة (اليد الممدودة للمصافحة) [36]، وهذا ينسجم مع ما يطرحه بأنه قائد للأمة، والحوزة جزء من الأمة. كما أنّ الحوزة ليست على علاقة وفاق مع السلطة، وكلّها مهددة بالاستئصال كما حدث للمراجع والعلماء الذين استشهدوا على يد السلطة أمثال (السيد محمد باقر الصدر، عائلة الحكيم، الشيخ البروجردي والشيخ الغروي).

    وقد كانت لسياسته استجابة واضحة في الوسط الحوزوي حيث تقلصت الانتقادات التي كان يواجهها الى حد كبير في أيامه الاخيرة. ففي تصريح له قال (الحقّ إنّي لم أسمع نقداً جارحاً لا من المراجع ولا من المرشحين للمرجعية، وأنّهم سكتوا وهدأوا، ربما تصدر أو صدرت بعض كلمات من ممثليهم ووكلائهم). [37]يبدو أنّ انتقادات الصدر الثاني للمرجعيات المعاصرة له لم تستمر على منوال واحد في الحدة والمستوى كما ظهرت في خطب الجمعة ولقاءاته المسجلة المتداولة، بل خفت كثيراً فيما بعد بسبب تغير مواقف بعض المرجعيات تجاهه سواء داخل العراق أو خارجه. ففي آخر حديث له قبل شهادته ظهر أنّ موقفه قد لان كثيراً حين امتدح بعض المراجع لأنّهم ايدوا منهجه وأيدوا اقامة صلاة الجمعة لما لها من نتائج ايجابية، فالقضية معتمدة على الفعل ورد الفعل اكثر مما هي قضية اساسية. يقول الصدر الثاني:

    (إنّ انفتاح فقهاء العالم الإسلامي موجود ومبشّر بالخير كثيراً في خارج العراق. والأخبار عن ذلك متضافرة ومتواترة إلاّ من نسبة قليلة. وأما في داخل العراق فالأمر يكاد ان يكون مختلفاً لان جملة ممن كان متخذ الاتجاه الآخر. لا أريد أن اسميه، لكنهم مقتنعون بأعمالهم وأقوالهم. ولا أشك أنّ الشيء الذي حصل في الحوزة الثانية أو الحوزة الصامتة (المعارضة له) وأتباعها ووكلائها ينقسم الى مستويين:

    المستوى الأول: أنّه في الإمكان التأكيد على أنّ تلك الحوزة نسبة السكوت والاعتراض فيها، على الاتجاه الذي سرنا فيه، كانت أكثر ولكنها بحمد الله وبفضل الله قلّت حينما ازدادت مظاهر المصالح الاجتماعية والإسلامية في المجتمع، وتحمس الناس الى قبول جملة من الأمور من الفتاوى وأشكال طاعة الله سبحانه وتعالى، فقد قلّ الاعتراض جداً الى حد يكاد أن يكون منعدماً إلاّ من نسبة قليلة جداً.

    المستوى الثاني: حصل عندهم (جزاهم الله خيراً) اكثر من ذلك. أستطيع ان أقول أنهم تقدموا الى الأمام خطوة معتد بها ولعل أهم من اتجه هذا الاتجاه هو جناب السيد حسين بحر العلوم (أدام الله عزّه)، في اقواله وفي فتواه، في استفتاء واحد أو اكثر من واحد، ينصر (صلاة) الجمعة وينصر السيد محمداً الصدر. أنا اعتبره عملاً شجاعاً أولاً، وشكوراً ثانياً. ويدل على شعوره بالمصلحة العامة، وشعوره أنّ هذه المصلحة العامة ليست قائمة بفرد، وليست قائمة بمنطقة، وإنّما هي ضد العدو المشترك في العالم الذي يكيد لنا أنواع الكيد. في الحقيقـة التسالم والأخوّة والتراضي بيننا في داخل الحوزة من أهم الأساليب والأوضاع التي يمكننا ان نواجه بها هذا الزخم الضخم الذي يأتي ضدنا من العالم الغربي وأذنابه). [38]



    مقومات العلاقة مع الجماهير في المشروع الصدري

    بعد أن ا ستكمل الصدر متطلبات مشروعه التأسيسي عبر ترتيب وضعه الحوزوي والمرجعي، وبعد أن رسم طبيعة العلاقة مع السلطة وفق المسار الذي حدده هو، بدأ بالعمل في خلق آلية للعلاقة بينه وبين جماهير الامة لأنّها هي المعنية أولاً بالخطاب المرجعي، وهي مادة المشروع ولبناته الأساسية. فبدون الامة لن يكون هناك مشروع تغييري أو يحدث اي تغيير حقيقي مبرمج. وهذه العلاقة تستلزم تحشيد الامكانات المتوفرة والكامنة في الجماهير، وتهيئة الظروف الموضوعية اللازمة لانجاح المشروع. وقد تمثلت معالم هذه العلاقة بما يلي:



    1ـ وكلاء من الشباب الجامعي

    اهتم الصدر الثاني كثيراً ببناء جهاز مرجعي متطور قادر على مواكبة افكاره ونشاطاته. وركز على تربية طلابه واختيار وكلائه بين الشباب الجامعي المثقف حيث أنّ الكثير من وكلائه من خريجي الجامعات في أقسام اللغات والهندسة والعلوم الإنسانية. إنّ الخلفية الأكاديمية تجعل الوكيل اكثر فهماً لواقع المجتمع وتحدياته ومشاكله. كما ركز الشهيد الصدر الثاني على أن يكون وكلاؤه على درجة معقولة من الثقافة الاجتماعية والإنسانية العامة. وكان اغلبهم من فئة الشباب الذين يشكلون جزءاً حيوياً من شروط التفاعل مع أجيال الامة الجديدة لصناعة المستقبل. [39] وكان يحرص أن يكون الوكيل من ابناء المنطقة نفسها، يخاطب كل منهم قومه ومدينته باللغة التي يعرفونها، ولتكون دائرة التأثير أمضى وأوسع. [40]

    إنّ وكلاء المرجع هم أذرعه التي يتحرك بها داخل المجتمع، وهم مجساته لنقل ما يدور في المجتمع من مشاكل وتحديات، وهم قنواته الأمينة في الاتصال بأبناء الامة في كل مدينة وأقصى قرية عراقية. لذلك حرص على تربيتهم ونزاهتهم، كي يكونوا جنوداً أمناء للقائد، وليسوا موظفين ينتظرون الحقوق والرواتب والامتيازات. فكان يحرص أن لا يعطي وكالة لشخص لديه وكالة من مرجع آخر. وكان يحدد الوكالات بفترات معينة كي يراقب عمل الوكيل، ثم يقرر تمديدها أو سحبها. وأكد عى الخطباء وأئمة الجمعة الاهتمام، في خطبهم، بقضايا المجتمع المخاطب ومشاكله فضلاً عن مشاكل المسلمين في العالم. [41]

    وكان يعدهم للمواجهة الحاسمة في يوم ما حين قال يوماً: أعدوا اكفانكم، في إشارة للتحول الدراماتيكي الذي سيواجهه مشروعه. وقد قدم أولئك الوكلاء تضحيات جسيمة حيث استشهد بعضهم قبل استشهاده وبعده. وكان تأثيرهم واضحاً في تلك الجموع الحاشدة التي استطاعوا ان يجعلوها تتبنى الإسلام وتنفيذ شعائره والالتزام بتوصيات وتوجيهات المرجع في جو يسوده الخوف والقمع. وقد استمر بعضهم في اداء صلاة الجمعة حتى بعد استشهاد السيد محمد الصدر.



    2ـ الفراغ القيادي في العراق

    أدرك السيد الصدر أنّ الشعب العراقي يعاني من فراغ قيادي واضح، والشعب العراقي بحاجة الى رمز سياسي يقود تحركه، يثق به، فإذا ترشحت قيادة علمائية واضحة ومرجعية متحركة فهذا افضل، مرجعية حاضرة في الأمة، تراها وتسمعها، تخاطبها وتسألها، تبثها همومها وتتلقى توصياتها. وهذا غير متوفر في الوضع المرجعي التقليدي. لقد كان الصدر يهدف الى بناء (مرجعية منفتحة تحمل هموم المسلمين وتحمل أعباء ومشاكل المسلمين وتخاطب الشارع مباشرة). [42]فركز على بناء علاقة وطيدة بالأمة إذ بدون هذه العلاقة الوثيقة بين المرجعية والامة يبقى الخلل قائماً في الجانبين. فإما تتحول المرجعية الى مؤسسة فتوائية وتفقد صفة القيادية، أو ان يتحول المجتمع الى مجرد افراد مشتتين.

    لقد اختزن الصدر تجربة علمين من أعلام المرجعية الدينية: الأول: السيد محمد باقر الصدر في مدرسته الأصولية وتجديده في الفقه عبر مؤلفات عديدة، ودعوته لإنشاء المرجعية الرشيدة التي أراد بها أن تصبح المرجعية مؤسسة قيادية منظمة تقود الامة وتشرف على رعايتها فكرياً وسياسياً واجتماعياً. لقد كان من طلابه المقربين فاستوعب مشروعه التغييري وتجاربه ونظرياته فجاءت بعض بحوثه وكتاباته بما يسمى بالفقه العملي والفقه الاجتماعي. والثاني هو الإمام الخميني، وهو استاذه ايضاً، في مدرسته الجماهيرية الثورية حيث اعتمد في تحركه على جماهير الامة، منفتحاً عليها، سواء في مرحلة المواجهة مع النظام الطاغوتي أو بعد انتصار الثورة وتأسيس الجمهورية الاسلامية. وكلا المرجعين احتلا مكانتهما في نفوس اتباعهما وانصارهما وجماهير الامة في العراق وايران.

    انّ القيادة تلعب الدور الرئيس في اقناع الجماهير بالأفكار والأهداف التي تصبو اليها. ومن خلال علاقتها بها تستطيع مقاومة كل الصعوبات والعراقيل التي توضع امامها. وبفضل مؤازرة الامة للمرجعية تتمكن الاخيرة من الاستمرار في جهادها ومواقفها وصلابتها، حتى تقودها الى النصر والنجاة. وقد تمكن الصدر الثاني من بناء قيادة مرجعية ـ جماهيرية سرعان ما انضوى تحتها ملايين العراقيين الذين لبوا نداءاتها سواء في اداء صلاة الجمعة أو تنفيداً لفتواها بصدد قضايا معينة. لقد استطاع أن يحرك في الامة كل مواطن القوة والصمود، ليحول الشارع العراقي الى شارع تنبض حركته بالإسلام والمفاهيم الإسلامية. وكان يلمح بأنّه هو نفسه الإمام القائد للأمة طالما باستطاعته إقامة صلاة الجمعة. [43]

    ومن خلال تربية فريدة للجماهير، عبر الفتاوى والتوصيات، تارة بالحركة وتارة بالتوقف، استطاع الصدر الثاني ان يمسك بقياد الامة ويحركها بالوجهة التي يريدها. وهذا أمر غير متعارف عليه في المسار التاريخي للشعب العراقي المعروف بكثرة جدله وتبرّمه، ولكن الصدر الثاني تمكن وخلال فترة قياسية ان يركز مفاهيم الانقياد والطاعة في نفوس الجماهير. وهذا أمر حيوي طالما أنّه مقبل على حركة تغييرية كبيرة، ومواجهة حاسمة ومصيرية مع السلطة الحاكمة. وقد صرّح الصدر الثاني بهذه الحقيقة في إحدى خطبه معلقاً على حادثة إلغاء الزيارة الشعبانية الى كربلاء من قبل الدولة، حيث قال:

    (هذه بادرة حسنة كونكم أثبتم بالتجربة أن الحوزة اذا قالت لكم تكلموا تتكلمون، واذا قالت لكم اسكتوا تسكتون. وأنتم بعون الله أثبتم أنكم على مستوى المسؤولية والطاعة. وبفضل الله وحسن توفيقه انه بالرغم من ان السير الى كربلاء لم يتم بالشكل الموسع الذي تمنيناه له، إلاّ أنه اثمر ثمرته الطيبة وأنتج نتائجه الحسنة في سبيل الله سبحانه ونصرة دينه من حيث أنه اظهر تكاتف الشعب العراقي كله وخاصة في الوسط والجنوب على العمل في سبيل الله والتضحية في سبيل الدين). [44]

    وكانت احاديث الصدر وخطبه تسجل على أشرطة كاسيت (صوت وفيديو) ويجري تكثيرها وتوزيعها لتصل أكبر عدد من الجماهير العراقية. ومن المعلوم ان شريط الكاسيت يسهل تداوله ونشره، اضافة الى أنّه يجعل السامع اكثر قرباً والتصاقاً بالقائد. كما أنّ الخطاب الصوتي عملي أكثر من الكتب خاصة للذين لا يستطيعون القراءة أو ذوي المستوى التعليمي المنخفض. وهذا اسلوب لم تعتده الجماهير ولم يمارسه المراجع من قبل حيث اقتصر على خطباء المجالس الحسينية، في حين أنها تستمع اليوم الى مرجع يخاطبها مباشرة، فتشعر بالانتماء إليه والى فكره ومنهجه.



    3ـ صلاة الجمعة: مدرسة مفتوحة للوعي

    تعليق


    • #3
      تكملة الموضوع

      ـ صلاة الجمعة: مدرسة مفتوحة للوعي

      أدرك السيد الصدر انّ الخطاب الجماهيري والحضور المرجعي والعلمائي بحاجة الى آلية مستمرة، وأرضية تستمد مقومات قوتها من العقيدة الإسلامية قادرة على جذب الناس، كما لا تستفز السلطات، فلم يجد أفضل من بعث الحياة في شعيرة إسلامية متوقفة في الوسط الشيعي العراقي، وهي صلاة الجمعة. [45] فاجتماع الناس يصبح امراً عادياً لا تستطيع السلطة منعه لأنهم يريدون اقامة صلاة الجمعة، وهو أمر عادي يقام في جميع المدن التي يقطنها أهل السنة في العراق. كما تقام في جميع انحاء العالم الإسلامي، وتقام ايضاً في البلدان ذات الكثافة الشيعية كلبنان وايران، أو اقليات شيعية كبيرة كما في الهند وباكستان ..

      إنّ اقامة صلاة الجمعة ليست بالأمر السهل في الشارع العراقي، إنّ التجمع الجماهيري بحد ذاته رفض للنظام واستفزاز لسلطته. لقد استطاع الصدر أن يخلق قاعدة كبيرة من الأمّة تمكن من استدعائها الى الشارع لتؤكد الحضور الإسلامي المستمر في الشارع العراقي. وتعتبر صلاة الجمعة استنفاراً اسبوعياً للشارع العراقي لم يعتده من قبل، واجتماعاً جماهيرياً يختزن التماسك الاجتماعي وشعور الفرد بأنّه منتم الى شعب عريق وقوي، يعبر عن مشاعره ويعزز ثقته بنفسه من خلال عملية تواصل وبناء فكري وتثقيف سياسي. لقد أراد الصدر أن تمثل الجمعة جسراً تواصلياً بين المرجع والأمّة من خلال لقاء دوري شمولي عام، وليس لقاءً خاصاً شخصياً مع المرجع. فقد لا يتسنى للكثير من الناس الذين لم تتح لهم الظروف الالتقاء بالمرجع، أو انهم لا يعرفون آليات الوصول إليه، وبالتالي فهم يتواصلون عبر ادبياته وفتاواه فقط دون ان يعيشوا تصوراته وجهاً لوجه، ودون ان يعيش تصوراتهم بصورة مباشرة. [46]

      وقد قام الشهيد الصدر الثاني بتأصيل فقهي لصلاة الجمعة في خطبه حيث ذكر (أنّ صلاة الجمعة وإن كانت واجباً تخييرياً إلاّ أنه وبوجود الامام القائد للامة تكون واجبة، ولقد كانت هذه النقطة محط خلاف بين الفقهاء. كان الرسول يصلي صلاة الجمعة ويحث الناس على إقامتها. فلماذا لا يقيم بعض الناس هذه الشعيرة). ويتساءل: لماذا لا يقيم العلماء صلاة الجمعة؟ فيجيب بنقد لاذع على هذا السؤال موجهاً نقده للمراجع الآخرين قائلاً:

      1ـ لا يمكن أن نقول انها لم تقم اصلاً وبتاتاً في تاريخ الإسلام والتشيع.

      2ـ فإن قلنا أنها لم تكن مقامة من قبل علمائنا، فإننا يمكن ان نحملهم على محمل الصحة لأنّها واجب تخييري، فيقيمون صلاة الظهر كون صلاة الجمعة تتطلب تحضيراً (ويصلّون الظهر ويديرون ظهورهم).

      3ـ لا يقيمونها حتى لا تحصل مفسدة!! وهي أنّ أحد العلماء اذا اقامها ولا يقيمها علماء آخرون أو لا يحضرون فيها، فإن هذا خلاف بين العلماء. علماً أنّ هذا الخلاف موجود بين العلماء منذ الأزل.

      4ـ إنّ صلاة الجمعة والعيدين فيهما خطبة. وهذا ما لا يطيقه العلماء في الحوزة. وليست عادة لديهم، أي غير معتادين على ذلك. وقليل من يستطيع ان يخطب أو يعطي الخطبة حقها. ومن تعود منهم على الخطبة فإنّه تعوّد الخطابة الحسينية. وهذا لا يعوّل عليه في إلقاء خطبة الجمعة التي يجب ان تكون موجهة الى الشارع والعامة، في حين أنّ الخطيب الحسيني لا يمتلك ذلك ـ نعم جزاهم الله خير جزاء المحسنين ـ ولكن هذا اتجاه وذلك اتجاه.

      5ـ اختلاف مستوى المجتهد أو المرجع عن مستوى الناس فهو لا يجد سبيلاً لإفهامهم، فهو معتاد على لغة المكاسب والفقه فلا يستطيع ان يتنازل ليتكلم بلغة الشارع مع الناس، اذا افترضنا أنّ هؤلاء قد قبلوا بالنزول الى العامة والناس. وإنّه لمن العرف والمشهور هو أنّ الذي يقيم صلاة الركعتين (الجمعة) يجب أن يقوم للناس خطيباً، فهذا غير جائز لأنّ نص هذا القائم (خطبة المجتهد) غير مفهوم للناس بمعنى من المعاني. [47]

      امتازت خطب الجمع بالبساطة مع عدم الاخلال بعمق المفاهيم التي يطرحها، كان يستخدم لغة الشارع المبسطة بعيداً عن لغة اساتذة الحوزة ومصطلحاتها. إنّ معظم المراجع يجد صعوبة في مخاطبة الجماهير بأسلوب وخطاب تفهمه لأنهم اعتادوا على التعامل مع طلابهم ودروسهم الفقهية العميقة. والمتابع لخطب الجمعة للشهيد الصدر الثاني يلاحظ أنّه كان يعاني صعوبة بالغة في اتقان هذا الفن، فالمرجع غير الخطيب. وبمقارنة عاجلة بين الحوارات التي اجريت معه والخطب التي ألقاها وبين دروسه ومحاضراته امام طلبته يمكن اكتشاف المسافة الشاسعة في الأساليب، أي اساليب الطرح والوصول الى المطالب. ويمكن اعتبار خطب السيد بأنّها من السهل الممتنع، فهو يستخدم اللغة العربية القريبة من فهم الناس، ولو بجهد بالغ ومكتوب غالباً، إذ يحاول إدخال المصطلحات الشعبية الخفيفة واللغة السهلة المفهومة وأحياناً الدارجة ولو بعد إعدادها وتنقيحها. [48] وكان الصدر الثاني يفتتح خطبه عادة بدعاء مأثور من أدعية الصحيفة السجادية أو مفاتيح الجنان أو غيرهما من كتب الادعية المعروفة، ثم يعرج بأسلوب سلس يفهمه عموم المستمعين من كافة طبقات الأمة، ويدخل في صلب الموضوع الذي يريد طرحه، بلا مقدمات أو ديباجات. [49]

      وقد استخدم الشهيد الصدر الثاني عدة أساليب ومفردات تساهم في تعبئة الجماهير من خلال الإيماءات والشعارات التي يطلب من الجمهور ترديدها معه مما يعزز حالة الانتماء الجماهيري للمرجع وتمسكاً به، لأنّهم يتفاعلون معه عبر المشهد البصري والاستجابة السمعية لخطبه. وكانت هتافات جديدة لم يسمع بها الشارع العراقي مثل «نعم نعم للإسلام» و« نعم نعم للمذهب» و«نعم نعم للجمعة» [50]مقابل شعارات «لاشيعة بعد اليوم» الذي رفعته السلطة بعد الانتفاضة، وشعار آخر جاء فيه «كلا.. كلا.. للباطل، كلا.. كلا.. لأمريكا، كلا.. كلا.. لإسرائيل، كلا.. كلا.. للاستعمار. كلا.. كلا.. للاستكبار. كلا.. كلا.. يا شيطان» [51]. وهي محاولة ذكية ومقصودة مقابل شعارات النظام السيئة الصيت التي كانت ترفع للاستهلاك المحلي أو البيعة المزيفة مثل «نعم نعم للقائد صدام حسين» و«بالروح بالدم نفديك يا صدام» و«صدام اسمك هزّ امريكا».

      ولتركيز موقع الحوزة في أذهان الجماهير كان يردد بعض الشعارات مثل «هذه.. هذه حوزتنا، هذه.. هذه عزتنا، هي.. هي قائدنا، هي.. أملنا»، وقوله في شعار آخر «نعم، نعم للحوزة». كما ابتكر مناداة جديدة للصلاة على محمد وآل محمد حيث يطلب من الجماهير في صلاة الجمعة ذلك بقوله «على حب الحوزة.. صلوا على محمد وآل محمد». وكان يلقي أبياتاً من الشعر ومدائح للمعصومين «ع». وطالب في آخر خطبة له (بإطلاق سراح جميع المعتقلين من فضلاء الحوزة والمؤمنين فوراً) ويطلب من المصلين ترديد المطالبة بقولهم (نريد، فوراً، يا الله) ثلاث مرات. [52]

      وكان كثيراً ما يوجه انتقاداته للسلطة ويستخدم أساليب غير مباشرة احياناً بشكل يفهمها السامع، فتارة يوجه نقده للسلطة معبراً عنها بـ «اسرائيل» حيث يصرح في إحدى خطبه (لو اجتمعت الحوزة مع الأمّة لهزمنا اسرائيل، ناهيك عن غيرها، اللهم إنّي قد بلّغت). [53] وفي خطبة اخرى يقول (لكان في إمكان الحوزة والمذهب، بغض النظر عن السلاح طبعاً (ونحن عزّل عن السلاح والحمد لله)، لكان في إمكاننا مجابهة اسرائيل بنفسها بما يحصل فينا من تكاتف وتضامن وعزّة بالله) [54]، ومعروف ما يقصده الصدر بإسرائيل اي النظام العراقي، اذ أنّ الحوزة والشعب العراقي ليسا في صراع مباشر مع اسرائيل بل مع نظام صدام. ويكاد يفشي باسم النظام حين يتحدث عن موقف النظام بمنع صلاة الجمعة في شوارع الكوفة، يعبر عن النظام بإسرائيل التي قتلت الحسين «ع» حيث يقول (لماذا الصلاة في الشارع في البصرة والعمارة مسموحة وفي الكوفة ممنوعة؟ نحن لا نقبل بذلك فللحسين قتلة كثيرون، في كل جيل وفي الأجيال القادمة، لقد قتل الحسين «ع» الاستعمار المسيحي الغربي ايضاً والجلاوزة الموجودون في اسرائيل ايضاً قتلوا الحسين «ع» (وما أگدر احچي)). [55] وواضح انّ اسرائيل لم تكن موجودة في كربلاء بل يريد السيد أنّ يزيداً الذي قتل الحسين «ع» ما زال يقتل أبناءه اليوم متمثلاً بصدام وجلاوزته، والعبارة الأخيرة (ما أگدر احچي) رسالة للجماهير الى قراءة ما بين السطور في عباراته الآنفة الذكر.

      كما ان اختياره لموقع إقامة صلاة الجمعة أي في مسجد الكوفة له دلالات مكانية وتاريخية، حيث المحراب الذي سقط فيه أمير المؤمنين علي «ع» شهيداً خاصة وأنّ الصدر كان يرتدي كفنه أثناء خطبة صلاة الجمعة. وهو ايحاء ضمني أنه كان يسير في نفس الطريق الذي سار فيه جده أمير المؤمنين «ع»، والذي يصلّي الصدر في المحراب الذي استشهد فيه.



      انتظروا التكملة_________________،

      تعليق


      • #4
        التكملة مع المصادر

        والذي يصلّي الصدر في المحراب الذي استشهد فيه. كما أنّ مسجد الكوفة من أكبر مساجد العراق، ويستوعب عشرات الآلاف من المصلين. وسرعان ما كان يمتلئ ليفترش المصلون الشوارع والحدائق المحيطة به حتى صارت صلاة مليونية. وهذا الرقم ليس من السهل بلوغه خاصة اذا علمنا أنّ السلطة كانت تضع العراقيل حيث تغلق يوم الجمعة الطرق التي توصل الكوفة ببقية المدن العراقية. وهي اكبر صلاة جماعة في تاريخ العراق كله. وقد أقلق هذا التعاطف الجماهيري السلطة حيث باتت تشعر بالخطر الجدي، سيما وأنّ هذه الحشود الضخمة يمكنها أن تشكل قوة ثورية كامنة سرعان ما تنطلق من عقالها بإشارة من هذا المرجع، لذلك سعت كل جهدها لإيقاف شعائر صلاة الجمعة، ولما رفض الثاني ذلك، اتخذ صدام قراراً بتصفيته بأي ثمن.

        ==========================

        مصادر البحث

        ـ ابو القاسم الخوئي (منهاج الصالحين)، دار الزهراء، الطبعة 22، بيروت: بلا تاريخ.

        ـ اسحاق نقاش (شيعة العراق)، منشورات المدى، دمشق: 1996.

        ـ جعفر عبدالرزاق (الدستور والبرلمان في الفكر السياسي الشيعي 1905 ـ 1920)، كتاب قضايا إسلامية معاصرة (22)، قم: 1999.

        ـ جعفر عبدالرزاق (العلماء المسلمون بين الفقه السياسي والعمل السياسي) في الفكر الجديد، العدد المزدوج (11 ـ 12) الصادر في كانون الثاني 1996، الصفحات 162 ـ 221.

        ـ جلال الدين مدني (تاريخ ايران السياسي المعاصر)، منظمة الإعلام الإسلامي، طهران: 1993.

        ـ حامد البياتي (شيعة العراق، بين الطائفية والشبهات)، مؤسسة الرافد، لندن: 1997.

        ـ حسن العلوي (الشيعة والدولة القومية)، دار الثقافة للطباعة والنشر، قم: 1990.

        ـ حسن العلوي (عبدالكريم قاسم، رؤية بعد العشرين)، دار الزوراء، لندن: 1983.

        ـ حسين الشامي (المرجعية الدينية، من الذات إلى المؤسسة)، دار الاسلام، لندن: 1999.

        ـ حنا بطاطو (العراق، الطبقات الاجتماعية) مؤسسة الأبحات العربية، بيروت: 1990.

        ـ الخميني (تحرير الوسيلة)، مطبعة اسماعيليان، عن طبعة مطبعة الآداب، النجف الاشرف: 1970.

        ـ سعيد السامرائي (الطائفية في العراق)، مؤسسة الفجر، لندن: 1993.

        ـ سليم الحسني (المعالم الجديدة للمرجعية الشيعية، دراسة وحوار مع السيد فضل الله)، نشر توحيد، قم: 1993.

        ـ السيستاني (منهاج الصالحين)، الطبعة الرابعة، الكويت: 1996.

        ـ الشيخ المفيد (أوائل المقالات في المذاهب والمختارات)، تبريز: 1951.

        ـ عادل رؤوف (مرجعية الميدان)، المركز العراقي للإعلام والدراسات، دمشق: 1999.

        ـ عبدالحليم الرهيمي (تاريخ الحركة الإسلامية في العراق 1900 ـ 1924)، الدار العالمية، بيروت، 1985.

        ـ علي الوردي (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث)، دار كوفان للنشر، لندن: 1992.

        ـ علي الوردي (دراسة في طبيعة المجتمع العراقي)، منشورات الشريف الرضي، قم: 1992.

        ـ علي المؤمن (سنوات الجمر)، دار المسيرة، لندن: 1993.

        ـ علي أحمد البهادلي (الحوزة العلمية في النجف)، دار الزهراء، بيروت: 1993.

        ـ نبيل عبدالهادي (الصدر وصدام، الإنسانية في مواجهة الهمجية) في (نخبة من الباحثين (محمد باقر الصدر: دراسات في حياته وفكره))، دار الإسلام، لندن: 1996، الصفحات 587 ـ 680.

        ـ محمد حسين فضل الله (فقه الشريعة)، دار الملاك، بيروت: 1999.

        ـ محمد الصدر (الصراط القويم)، دار الأضواء، بيروت: 1998.

        ـ محمد محمد صادق الصدر، خطب الجمعة ولقاءات مسجلة.

        ـ محمد سعيد الحكيم (الاحكام الفقهية)، الطبعة الثانية، 1997.

        ـ محمد مهدي شمس الدين (في الاجتماع السياسي الإسلامي)، دار الثقافة للطباعة والنشر، قم: 1994.

        ـ محمد باقر الناصري (الإمام الشهيد محمد باقر الصدر رائد التغيير والإصلاح) في الفكر الجديد، العدد 9 الصادر في آب 1994، الصفحات 72 ـ 99.

        ـ مرتضى الرضوي (في سبيل الوحدة الإسلامية)، مطبوعات النجاح، القاهرة: 1980.

        ـ محمد الحسيني (محمد باقر الصدر، دراسة في سيرته ومنهجه)، دار الفرات، بيروت: 1989.

        ـ محمد رضا النعماني (الشهيد الصدر، سنوات المحنة وأيام الحصار)، اسماعيليان، قم: 1997.

        ـ محمد تقي الحكيم (قصة التقريب بين المذاهب)، مكتبة النجاح، طهران: 1982.

        ـ محمد تقي الحكيم (التشيع في ندوات القاهرة)، مؤسسة الامام علي (ع)، بيروت: 1999.

        ـ محمد فريد المحامي (تاريخ الدولة العلية العثمانية)، دار النفائس، بيروت: 1993.

        ـ مختار الأسدي (الصدر الثاني: الشاهد والشهيد)، مؤسسة الأعراف، قم: 1999.



        ـ صحف ونشرات:

        ـ (الموقف) الصادرة في دمشق.

        ـ (فكر وثقافة) الصادرة في دمشق.

        ـ (الجمعة) الصادرة في قم.

        ـ (النخيل) الصادرة في هولندا.

        ـ (المهاجر) الصادرة في ألمانيا.

        ـ The World Factbook 1999 - Iraq من شبكة الانترنيت.



        --------------------------------------------------------------------------------

        [1] سليم الحسني (المعالم الجديدة للمرجعية الشيعية: دراسة وحوار مع السيد فضل الله)، ص 14 - 16.

        [2] حسين الشامي (المرجعية الدينية: من الذات الى المؤسسة)، ص 426، دار الإسلام، لندن: 1999.

        [3] جعفر عبدالرزاق (الدستور والبرلمان في الفكر السياسي الشيعي 1905 ـ 1920) ص 18 وما بعدها.

        [4] جعفر عبدالرزاق (الدستور والبرلمان في الفكر السياسي الشيعي 1905 ـ 1920) ص 83، راجع للتعرف على دور المرجعية الشيعية في تأسيس الدولة العراقية والمطالبة بقيام حكم مقيد بدستور ومجلس تشريعي منتخب.

        [5] اسحاق نقاش (شيعة العراق)، ص 20، الطبعة الأولى، منشورات دار المدى، دمشق: 1996.

        [6] علي الوردي (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث)، ج4، ص 129 ـ 130.

        [7] علي الوردي (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث)، ج4، ص 137.

        [8] جلال الدين مدني (تاريخ ايران السياسي المعاصر)، ص 370، منظمة الإعلام الإسلامي، طهران: 1993.

        [9] أنظر على سبيل المثال بيان الامام الخميني الى الشعب الايراني في اليوم الاول من محرم 1399 (جلال الدين مدني / مصدر سابق / ص 366).

        [10] من النادر قيام مرجع ديني بارتقاء المنبر أو إلقاء محاضرات عامة (خارج دروس الحوزة) أو زيارة الجماهير أو القيام بجولات في المدن التي يتواجد فيها مقلدوه. هذه الأعراف الحوزوية بقيت سائدة ومؤثرة حتى اليوم.

        [11] يكاد يوجد اتفاق بين المعاصرين للسيد الصدر والباحثين بعدم صحة الخبر الذي وصل الامام الخميني بأنّ الصدر يريد مغادرة العراق. وقد رد الامام الراحل ببرقية موجهة للسيد الصدر اذاعتها الاذاعة الايرانية في تلك الفترة والتي تضمنت رغبة الامام ببقاء الصدر في النجف. يقول الشيخ محمد رضا النعماني بأنّ الشهيد الصدر (لم يكن عازماً في واقع الامر على مغادرة العراق، بل لم يفكر بذلك مطلقاً. وقد أجرينا عدة اتصالات هاتفية نستفسر عن حقيقة البرقية والهدف منها. ولكن للأسف لم تثمر تلك الاتصالات شيئاً، ولم يتحقق السيد الشهيد من هذه القضية، ولم يعرف الأسباب والدوافع حتى اليوم الذي استشهد فيه) راجع (الشهيد الصدر: سنوات المحنة وأيام الحصار / ص 266).

        [12] يذكر السيد حسين الشامي الذي كان وكيلاً للسيد محمد باقر الصدر أنّه (كان الإمام الصدر يدرك ضعف العلاقة بين الأمّة والمرجعية وآثارها السلبية على الوضع الإسلامي العام. فمع غياب الترابط الوثيق بين المرجعية والأمّة لا يمكن القيام بدور مؤثر في حركة الاحداث. لذلك كان يفكر بالأسلوب الذي يجب اعتماده لربط الأمّة بالمرجعية. وعلى هذا الاساس تم الاتفاق بين الشهيد الصدر وبين قيادة حزب الدعوة الاسلامية على القيام بارسال الوفود الجماهيرية من مناطق العراق المختلفة الى النجف الاشرف لتعلن عن بيعتها للامام الصدر قائداً ومرجعاً تلتزم بالانضواء تحت لوائه من أجل الإسلام). (حسين الشامي، المرجعية الدينية من الذات الى المؤسسة / ص 203 ـ 204). ويؤيد ذلك ايضاً محمد الحسيني في كتابه (محمد باقر الصدر: دراسة في سيرته ومنهجه / ص 312) وكذلك علي المؤمن (سنوات الجمر/ ص 166).

        [13] الشيخ محمد رضا النعماني (الشهيد الصدر: سنوات المحنة وأيام الحصار) ص 268، مطبعة إسماعيليان، قم: 1997.

        [14] نبيل عبدالهادي (الصدر وصدام، الإنسانية في مواجهة الهمجية) في (نخبة من الباحثين / محمد باقر الصدر: دراسات في حياته وفكره / ص 669 (هامش 70) الصادر عن دار الإسلام، لندن: 1996م). ويتحدث الشيخ محمد رضا النعماني عن تفاصيل كتابة تلك البيانات والنداءات دون الإشارة الى تسجيلها.

        [15] علي المؤمن (سنوات الجمر) / ص 49 و96.

        [16] من كلمة لسماحة السيد محمد حسين فضل الله (عادل رؤوف، مرجعية الميدان / ص 106).

        [17] كان الإعلام العراقي ينشـر رسائـل وبرقيات منسوبة للسيـد محمـد الصدر تتضمن تهنئة لصدام أو تأييداً له، ولم يكن بوسع الصدر الثاني إصدار تكذيب لهذه البرقيات. وقد سئل عنها يوماً فقال (أنا ابدأ رسالتي بعبارة (بسمه تعالى) بينما الرسائل التي ينسبها الإعلام العراقي لي تبدأ بعبارة (بسم الله الرحمن الرحيم))، (نشرة النخيل، العدد 39، الصادر في آذار 1999، ص 4).

        [18] من كراس (مرجعية السيد محمد الصدر، خاص ومحدود)، حيث يذكر الكراس أنّ النص الذي ذكرناه هو (إشاعة يروجها أنصار السيد محمد الصدر بين عموم الشعب وقسم كبير من مجاهدي الداخل)، والمتأمل في عبارات هذه (الإشاعة) يرى أنّها تحققت فعلاً، وأنّ هذا ما كان فعلاً ينوي السيد الصدر القيام به، حتى استشهد.

        [19] عادل رؤوف (مرجعية الميدان) / ص 103.

        [20] كتاب (المقنع) للشيخ الصدوق.

        [21] كتاب (أوائل المقالات في المذاهب والمختارات) / باب (القول في معاونة الظالمين) / ص 137.

        [22] كتاب (النهاية في مجرد الفقه والفتاوى).

        [23] كتاب (رسائل الشريف المرتضى) / مسألة في الولاية من قبل السلطان الجائر.

        [24] كتاب (تحرير الوسيلة) / ج1 / ص 483 / من كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

        [25] كتاب (في الاجتماع السياسي الإسلامي) / فصل (الموقف الشرعي من حكام الجور) / ص 201.

        [26] محمد مهدي شمس الدين (في الاجتماع السياسي الإسلامي) / ص 236 ـ 237 / دار الثقافة للطباعة والنشر، قم: 1994.

        [27] عادل رؤوف (مرجعية الميدان) / ص 103، نقلاً عن مجلة الوسط، العدد 116 في 18/4/1994.

        [28] عادل رؤوف (مرجعية الميدان) / ص 253، نقلاً عن صحيفة الحياة في 24 شباط 1999.

        [29] السيد محمد الصدر، خطبة الجمعة رقم 21.

        [30] السيد محمد الصدر، خطبة رقم 45.

        [31] السيد عبدالله الغريفي، نشرة فكر وثقافة / العدد 143 الصادر في 11 أيلول 1999.

        [32] جعفر عبدالرزاق (الدستور والبرلمان في الفكر السياسي الشيعي) / أنظر مثلاً الفتاوى المشتركة في ص 75 وص82 وص85.

        [33] محمد باقر الناصري (الإمام الشهيد محمد باقر الصدر رائد التغيير والإصلاح) في (الفكر الجديد)، العدد 9، ص 85 الصادر في آب 1994.

        [34] محمد رضا النعماني (الشهيد الصدر، سنوات المحنة وأيام الحصار)، ص 109.

        [35] يذكر الشيخ محمد رضا النعماني ما نصه (بلغه (أي الصدر) أنّ أحد أبناء المراجع قال لمدير أمن النجف: ماذا تنتظرون بالصدر، هل تريدونه خمينياً ثانياً في العراق، لماذا لا تعدمونه. فقال الصدر لما بلغه ذلك: غفر الله لك يا فلان، إن قتلوني اليوم، قتلوكم غداً)، ص 127.

        [36] في احدى خطب الجمعة أعلن الشهيد الصدر الثاني بأن يده ممدودة للسيد محمد سعيد الحكيم. وفي لقاء مسجل قال (أنا على استعداد أن أذهب اليه في هذه الليلة وفي اي ليلة في سبيل المصلحة العامة والإسلام والمذهب). وفي لقاء مسجل ذكر أنه كان يزور السيد علياً السيستاني.

        [37] السيد محمد الصدر، حوار مسجل.

        [38] (حوار هام للشهيد الصدر الثاني قبل شهادته بأيام) / نشرة الجمعة / العدد 8 الصادر في كانون الثاني 2000، لم يذكر تاريخ الحوار.

        [39] عادل رؤوف (مرجعية الميدان) / ص 160.

        [40] مختار الأسدي (الصدر الثاني: الشاهد والشهيد) / ص 63.

        [41] عادل رؤوف (مرجعية الميدان) / ص 160 ـ 161.

        [42] السيد محمد الصدر، من لقاء صحفي بالفيديو (راجع عادل رؤوف، مرجعية الميدان / ص 323).

        [43] صرّح السيد محمد الصدر (إنّ صلاة الجمعة وإن كانت واجباً تخييرياً إلاّ أنّه بوجود الإمام القائد للأمة تكون واجبة) فلمّا كان قد أقامها هو بنفسه واعتبرها واجبة، يمكن القول أنّه قصد نفسه بـ (الإمام القائد للأمة)، (خطبة صلاة الجمعة رقم 1).

        [44] من خطبة للسيد محمد الصدر، المصدر نشرة (المهاجر)، العدد 12، ص 11، الصادر في كانون الثاني 2000 التي تصدرها الجمعية الإسلامية العراقية في المانيا.

        [45] من الغريب أنّ الرسالة العملية للسيد محمد الصدر المسماة (الصراط القويم) تخلو من فصل خاص بصلاة الجمعة. وهو أمر درج عليه بعض المراجع أمثال المرجع الراحل السيد الخوئي وكذلك آية الله العظمى السيد السيستاني حيث خلت من فصل لصلاة الجمعة في رسالتهما العملية (منهاج الصالحين). أمّا آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم فقد خصص لها فصلاً، واعتبر إقامة صلاة الجمعة واجباً تخييرياً، أي يتخير المكلف بين اقامة الجمعة أو صلاة الظهر (راجع رسالته العملية، الأحكام الفقهية / ص 122). ويرى آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله أنّه (في حالة عدم توفر السلطان العادل فصلاة الجمعة واجبة أيضاً، ولكنها تجب على وجه التخيير ابتداءً، وتجب على وجه الحتم انتهاءً). (فقه الشريعة / ص 428). وأقيمت صلاة الجمعة في العراق عام 1949 في الكاظمية من قبل الإمام الشيخ محمد الخالصي (توفي عام 1963) بعد عودته من منفاه في ايران، ثم اقامها ولده الشيخ مهدي الخالصي في بداية الستينات.

        [46] عادل رؤوف (مرجعية الميدان) / ص 148.

        [47] السيد محمد الصدر، خطبة صلاة الجمعة رقم 3 / عادل رؤوف (مرجعية الميدان) / ص 154 ـ 155.

        [48] مختار الأسدي (الصدر الثاني: الشاهد والشهيد) ص 61.

        [49] مختار الأسدي (الصدر الثاني: الشاهد والشهيد) ص 67.

        [50] من خطبة صلاة الجمعة رقم 35 في 21 شعبان 1419 (نشرة الجمعة، العدد: الأول الصادر في حزيران 1999).

        [51] السيد محمد الصدر، خطبة الجمعة رقم 36 في 6 رمضان 1419.

        [52] من مقال للشيخ أحمد المالكي، إمام جمعة حي الحسين في البصرة، نشرة الجمعة، العدد: 5، الصادر في تشرين الأول 1999.

        [53] صحيفة الموقف، العدد 191، الصادر في 4 آذار 1999.

        [54] السيد محمد الصدر، خطبة الجمعة في 5 جمادى الأولى 1419.

        [55] السيد محمد الصدر، خطبة الجمعة رقم 4.









        وشكرا لكم علحمل وعدم الملل من الموضوع الطويل وجزاكم الله خيرا

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        x

        رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

        صورة التسجيل تحديث الصورة

        اقرأ في منتديات يا حسين

        تقليص

        لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

        يعمل...
        X