السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين سيّما الإمام المهدي قائم آل محمد، وعلى آبائه افضل التحية والسلام..
ندعوكم لقراءة مختصر خطبة الجمعة لسماحة الشيخ جلال الدين الصغير –دام ظله- بتاريخ 25-2-2005
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين سيّما الإمام المهدي قائم آل محمد، وعلى آبائه افضل التحية والسلام..
ندعوكم لقراءة مختصر خطبة الجمعة لسماحة الشيخ جلال الدين الصغير –دام ظله- بتاريخ 25-2-2005
بعد أن حمد الله تعالى وأثنى عليه وصلّى على رسوله والأئمة الميامين من آله الطاهرين، بدا سماحة الشيخ الصغير خطبته الدينية بالقول:
((ها نحن وقد أتممنا الشوط الأول من مسيرة الأحزان على الحسين(ع) ، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل من الجميع عزاءهم وأن يحسن جزاءهم بأبي الأحرار (ع)
ثم اردف سماحته قائلاً:
((بعد انتهاء يوم العاشر، من الحري بكل حسينيي ان يجيب على سؤال، كما أن الآخرين ينتظرون جواباً لهذا السؤال: ماذا بعد عاشوراء ؟ هل إنتهى العزاء على الحسين؟ هل قمنا بدورنا بأتجاه الحسين(ع) هل أن موسم الحسين(ع) يتعلق بهذه لعشرة أيام التي مضت ؟ هل أن مسؤوليتنا تجاه أبي الأحرار (ع) قد أنتهت بنهاية العاشر من المحرم ؟ واسئلة كثيرة أخرى لها نفس المدلول ، ولكن مايهم أن الحسيني حينما يخرج من موكب العزاء، وحينما ينتهي وقت يوم العاشر، وحينما يخرج من موكب عزاء (طويريج) وحينما ينتهي من زيارة الحسين(ع) وحينما ينتهي من كل المواكب التي خرجت طوال هذه الفترة ماذا سيقول لنفسه ؟ وماذا سيأخذ من كل ما جرى في الأيام العشرة الأولى لمسيرة عام كامل قد اقبل عليه، عامٌ ربما نصادف فيه الكثير من الأمور التي تعيد لنا ذاكرة الحسين(ع) وتعيد لنا مواقف العز مع الحسين(ع) ، والأنسان العاقل من لا تباغته الأمور ومن لاتهجم عليه كل صروف الدهر إلا وقد اعد لها جلبابها الخاص وهيأ نفسه لتلك المواقع وتلك الأمور،
خرجنا ونحن نهتف (أبدا والله ما نَنْسى حُسيناه) لكن كيف سنترجم هذا الشعار ؟ وكيف سنحوله الى واقع عملي يترجم لنا صدق ولائنا وصدق وفائنا للحسين(ع) .
بحمد الله في هذه الأيام مُتّعنا بعمة أننا قد أتيحت لنا اكثر من فرصة تأريخية لكي نبدي للتاريخ إنا كنا صادقين في التزامنا بالحسين (ع) حينما هتفنا ((لو قطعوا أرجلنا واليدين ، نأتيك زحفاً سيدي ياحسين )) لم نتردد في الذهاب الى الأماكن التي تعني ان الرقاب قد تطير وان الأشلاء قد تتقطع وأن الأجساد قد تتبضع، ولم نبالي لأننا قلناها وأكدنا على صدقنا في التعبير عن التزامنا بالحسين (ع) ، فكم فجروا وكم أرادوا في عملياتهم الغادرة ان ينالوا من إرادة الحسينيين ومن عزم الحسينيين ولكنهم لم يستطيعوا رغم كل ما ابرزوه من حقدٍ ومن غلٍ معتمل لأحباب الحسين (ع)، ولكن هذه نقطة البداية، فما دام في جسمنا عرق ينبض وفي شراييننا دمُ يجري، ثمة مسؤولية لنا وثمة إستحقاق علينا أن نبديه دائماً للحسين(ع) لذلك لابد من أن نعيد السؤال :
((ماذا بعد يوم العاشر ؟ ، وما هي المسؤولية التي تناط بأعناقنا لكي نبقى أوفياء لكل الأقوال ولكل الدموع ولكل الآهات والنواح والرنّات التي ابرزتها صدورنا ونفثتها هذه الصدور في يوم عاشوراء عشقاً للحسين(ع) ، كيف يمكن لنا أن نبقي على مسؤوليتنا تجاه هذه الأستحقاقات ؟
لاشك ولايب أن المشهد الذي رسم في يوم عاشوراء ماكان ليسر عدواً رغم أنه أنعش الصديق ورغم انه اثرى الصدور التي كانت في شك من أن الحسينيين سيثبتون أم لا يثبتون وان ابناء يزيد هل سنجحون او لا ينجحون ؟ ولكن من نعمة الله سبحانه وتعالى أن قرّة عيننا، بل عين الإمام الحجة(ع) حينما رأي كل هذه الوقفة الشمّاء لدى ابناء الحسين وعاشقيه، ولا أتردد في أن اقول أن الإمام الحجة (عج) الذي رؤي في هذا المسجد المبارك وهو يقول باني لن أغادر هذا المسجد الا في الرابع عشر، لا اشك في أنه (عج) قد حضر في بقية المكانات التي أحيت ذكر الحسين(ع).
لذا حينما نريد أن نرد على سؤالنا : ((ماذا بعد عاشوراء ؟)).
علينا ان نقول ماذا أراد الحسين (ع) لكي نعرف ماذا علينا ان نفعل ؟
ما الذي طرحه الحسين (ع) لنا لكي يبقى منهجاً ولكي يبقى مناراً يستهدي به اهل الدنيا؟ في البداية لابد ان نتسائل لنجيب على السبب الذي جعل الحسين(ع) مثل (شاء الله ان يراني مقتولاً وشاء ان يُراهنّ سبايا )) ويقبل استحقاقات ((من لحق بنا استشهد ومن يلحق لم يبلغ الفتح)) لماذا كل هذا الأصرار على التضحية والفداء ؟ ومن أجل ماذا ؟
وسبق ان قلنا ونعيدها بأن أي تبرير يحاول أن يُخرج ثورة الحسين (ع) من أهدافها العقائدية التي تحاول ان ترسي بنا المعتقد ، أي تبرير أو أي تفسير من هذا القبيل يمثل بعداً عن خط الحسين(ع) وهذا الوضع نفسه الذي حاول اليزيديين ان يثيروه مراراً وتكراراً حينما أرادوا ان يخرجوا الحسين وثورته من وضعها العقائدي يوم أن قالوا : ((ان الحسين قد خرج لطلب الحكم والسلطان)) أو حينما يبتدر بعض المنحرفين الجدد وانصاف المثقفين لكي يقول بأن الحسين(ع) ماخرج الا لطلب الحكم والسلطان ايضاً .
لكن حينما نضع الحسين(ع) في سرّة الأمامة وفي سرّة مسؤولية الله سبحانه وتعالى عندئذ نقول أن دم الحسين مابذل الا من اجل هذه الرسالة وهذا المعتقد.
فهذه القضية العقائدية تعطينا صورة واضحة عن طبيعة مسؤوليتنا تجاه عاشوراء وما يأتي من بعد عاشوراء ، فما حصل في عاشوراء هو من أجل هذا المعتقد، إذن ماسيأتي من بعد ذلك يجب أن يكون لأجل هذا المعتقد، وأولى ألوان ذلك هو أن تعرف نفسك على أي عقيدة انت ، وفي أي وضع أنت ، فلعل الجميع خلال هذه الأيام قد تابعوا بعض من اللقطات التي ابرزتها قناة العراقية للمجرمين والإرهابيين الذين تحدثوا عن أنهم كانوا يتلّقُونَ دروساً عقائدية، فما هي هذه الدروس التي تلقوها لكي يتحول القتل لديهم ولكي يتحول نحر الرؤوس لديهم الى ثمن بخس ربما يدفعون حياتهم من اجله وربما يقبضون أثمان في غاية الضعة وفي غاية الدنائة، فكما سمع الجميع ان بعضهم قال: (( أنه تلقى على كل رأس نَحَرَها عشرة آلاف دينار او خمسة عشر ألف دينار)) وهنا بودي أن اتوقف لأقول :
بأن عدوكم يرصد لعقيدتكم ويعمل الليل والنهار ويتكبد المخاطر من أجل القضاء على عقيدتكم فماذا أنتم فاعلون، وماذا ستقولون لهؤلاء الشباب الذين يُغَرر بهم بحيث انهم يستحلون الموت لأنهم يعتقدونكم كفاراً، لأن عقيدة الحسين(ع) تعني الكفر، ولأن عقيدة علي بن ابي طالب (ع) يعتبرونها خارجةً عن الأسلام ، والمروق من الملّة.
لذلك اخوتي الأحبة، هنالك مسؤولية كبرى، فالأيام تذهب ويطاح بالحكومات وتتغير اشكال فصول الدهر ولكن هناك أمر واحد يبقى هو المسؤولية تجاه هذه العقيدة.
ولو قُدرَ لغيركم ان يفكر بطريقة الحقد الأسود الذي أعتمل في قلبه عليكم ، إذاً اعرفوا ماذا قالوا لكم ؟ وكم كذبوا عليكم؟
قد ذكرنا مسألةً في محاضرات محرم وربما قد قرأها بعض الأخوة في كتب الحقد الوهابي الأسود ، بحيث يصورونكم في ليلة العاشر او ما يسمونه (ليلية الطفيه) بأنكم تطفئون الأنوار ويقع الأخ على أخته والأب على بنتهِ ويقع الولد على أمه والأب على ابنه والأبن على اخيه وهكذا.. والعياذ بالله ، فعشرات كتبهم تتحدث عن هذه القضية.
وأنتم مابين من يضحك تهكماً ومابين مستغرب لكل هذا الحقد ولكن أعرفوا ان الحاقد موجود وأنه يربي الآخرين على الحقد، فماذا أنتم فاعلون ؟ هل سنبقى نركض وراء مشاغل الدنيا وهي لاتنتهي أبداً أم لنا مسؤولية تجاه عقيدتنا، وتجاه من هو بجوارنا ، وانظروا الى شوارع العراق كيف اصبحت البيوت تتقاتل فيما بينها !! وكيف غدا الأبن يفكر بقتل أهله، وبقتل ابناء منطقته، وقبل ذلك كنتم تنظرون حتى الوضيع في المنطقة لايقبل ان تهان المنطقة ولكن ما الذي حصل الآن ؟؟ وما الذي جعل الفارق بهذه الدرجة والأيام لم تسير كثيراً، إذن هناك ضغط كبير على العقول من خلال هذه الأكاذيب، ولكم مسؤولية في أن تبرزون للدنيا أي عقيدة تحملون، واي فكر هذا الذي يحارب من خلال سيوف الأرهاب ومن خلال متفجراته ووسائله الدنيئة، التي أستخدمها أهل الأرهاب ، ولا تعتبرون كلماتي هذه مجرد كلمات، فطلبة الجامعات يعرفون جيداً ماذا يحصل هذه الأيام، والكثير من المناطق التي تعاني من ضعف التبليغ الديني، يعرفون ذلك ويحسونه ويبكون من اجله ، وما كان هذا الضعف التبليغي أن يحصل لولا أن هناك قصور يجب أن ينتهي ، ولاتتوقعوا من الحوزة العلمية أن تنتج رجال العقائد بلحظة سحريّة او بصورة سحرية، فهذه القضية تحتاج الى مسيرة أعوام ولكن هي دعوة نوجهها للأخوة الذي يجدون في أنفسهم قدرة وقابلية للانتماء الى الحوزة العلمية في النجف الأشرف ولماذا لايرتحل البعض الى تلك المناطق، وأيضاً نوجهها الى الأخوة هنا (التاجر ، البقال، الموظف-الأداري والطالب) لماذا لاتفتحون الكتب، فكل واحدٍ منّا لو تكلّم عن عقيدته مع جاره لتمّكنا من ان نوجد ايضاحاً لهذه الحقيقة ومنعاً لهذا الأرهاب.
ماذا قال الحسين (ع) في آخر لحظة في حياته: (( إن كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي فيا سيوف خذيني)) إذاً فالدين هو المقصود فكيف لنا ان نحمي هذا الدين، قطعاً لن تمر الأيام ونبقى هكذا (فدائيين) ، فالأمور ستتغير والجميع يرى بأن سيف الإرهاب سيقطع، وأن الكثير من أعمالهم قد فّضحت وحُوصروا بحمد الله تعالى، ولكن ثمة أمرٍ يجب أن نقوم به وهو أن نُحَصَنْ أنفسنا عقائدياً وأن ننطلق لنبشر بفكر أهل البيت(ع) ، هذا الفكر الذي قُتل من اجله الحسين(ع) .لا بل قتل من أجله امير المؤمنين، لا بل قتلت من أجله من أجله الزهراء (ع) ولذلك أنا ابلغكم بهذه القضية : ((جاء أحد طلبة العلوم الدينية الى الشيخ الأنصاري (قده) وكان مرجع الطائفة في وقته، وجاءه هذا الطالب في ليلة القدر وقال له ماذا أفعل في هذه الليلة فقال له الشيخ الأنصاري : اذهب وأفتح كتابك وأقرأ فيه)) وهذا مايؤكد القول بأن ((مداد العلماء خير من دماء الشهداء)) وإلا ماذا لو أن الإمام الصادق(ع) وهو يقول ((لو أستطعت أن أتخذ عصا اضرب بها رؤوس شباب الشيعة لكي يتفقهوا في دينهم) فلو كنّا ممن لم يتفقهوا في دينهم ورأينا عصا الإمام الصادق(ع) تضرب على رؤوسنا فماذا سنفعل حينذاك، وهل سنفتخر بأن الإمام الصادق (ع) ضربنا على رؤوسنا، أم ان الندم هو الذي سوف يستولي علينا ونقول لماذا ضيّعنا كل هذا العمر ؟
ايها الأخوة هذا العمر لم ينقضي بعد والفرصة لا زالت قائمة ، فأمير المؤمنين(ع) يقول مامعناه ((لو أن العبد استطاع قبل موته بلحظة ان يغرس وردة فليفعل ))
أذن علينا جميعاً أن نتجه الى أي نمط من أنماط الخير، ولا خير أعظم ممن ان يكون الأنسان عالماً او متعلّماً. إذن مابعد عاشوراء هو ان فكر الحسين ينتظرنا ، وعقيدة الحسين(ع) تنتظرنا وأن سلوك الحسين (ع) ينتظرنا، فبعد ان اثبتنا في يوم عاشوراء إننا صادقين في حبنا وولائنا للحسين (ع) علينا الآن أن نثبت بأننا أقوياء بفكر الحسين (ع) وأننا من الذي يعملون في خط الحسين(ع) ..
والحمد لله أولاً وآخرا وصلاته وسلامه على رسوله أبداً ..
((ها نحن وقد أتممنا الشوط الأول من مسيرة الأحزان على الحسين(ع) ، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل من الجميع عزاءهم وأن يحسن جزاءهم بأبي الأحرار (ع)
ثم اردف سماحته قائلاً:
((بعد انتهاء يوم العاشر، من الحري بكل حسينيي ان يجيب على سؤال، كما أن الآخرين ينتظرون جواباً لهذا السؤال: ماذا بعد عاشوراء ؟ هل إنتهى العزاء على الحسين؟ هل قمنا بدورنا بأتجاه الحسين(ع) هل أن موسم الحسين(ع) يتعلق بهذه لعشرة أيام التي مضت ؟ هل أن مسؤوليتنا تجاه أبي الأحرار (ع) قد أنتهت بنهاية العاشر من المحرم ؟ واسئلة كثيرة أخرى لها نفس المدلول ، ولكن مايهم أن الحسيني حينما يخرج من موكب العزاء، وحينما ينتهي وقت يوم العاشر، وحينما يخرج من موكب عزاء (طويريج) وحينما ينتهي من زيارة الحسين(ع) وحينما ينتهي من كل المواكب التي خرجت طوال هذه الفترة ماذا سيقول لنفسه ؟ وماذا سيأخذ من كل ما جرى في الأيام العشرة الأولى لمسيرة عام كامل قد اقبل عليه، عامٌ ربما نصادف فيه الكثير من الأمور التي تعيد لنا ذاكرة الحسين(ع) وتعيد لنا مواقف العز مع الحسين(ع) ، والأنسان العاقل من لا تباغته الأمور ومن لاتهجم عليه كل صروف الدهر إلا وقد اعد لها جلبابها الخاص وهيأ نفسه لتلك المواقع وتلك الأمور،
خرجنا ونحن نهتف (أبدا والله ما نَنْسى حُسيناه) لكن كيف سنترجم هذا الشعار ؟ وكيف سنحوله الى واقع عملي يترجم لنا صدق ولائنا وصدق وفائنا للحسين(ع) .
بحمد الله في هذه الأيام مُتّعنا بعمة أننا قد أتيحت لنا اكثر من فرصة تأريخية لكي نبدي للتاريخ إنا كنا صادقين في التزامنا بالحسين (ع) حينما هتفنا ((لو قطعوا أرجلنا واليدين ، نأتيك زحفاً سيدي ياحسين )) لم نتردد في الذهاب الى الأماكن التي تعني ان الرقاب قد تطير وان الأشلاء قد تتقطع وأن الأجساد قد تتبضع، ولم نبالي لأننا قلناها وأكدنا على صدقنا في التعبير عن التزامنا بالحسين (ع) ، فكم فجروا وكم أرادوا في عملياتهم الغادرة ان ينالوا من إرادة الحسينيين ومن عزم الحسينيين ولكنهم لم يستطيعوا رغم كل ما ابرزوه من حقدٍ ومن غلٍ معتمل لأحباب الحسين (ع)، ولكن هذه نقطة البداية، فما دام في جسمنا عرق ينبض وفي شراييننا دمُ يجري، ثمة مسؤولية لنا وثمة إستحقاق علينا أن نبديه دائماً للحسين(ع) لذلك لابد من أن نعيد السؤال :
((ماذا بعد يوم العاشر ؟ ، وما هي المسؤولية التي تناط بأعناقنا لكي نبقى أوفياء لكل الأقوال ولكل الدموع ولكل الآهات والنواح والرنّات التي ابرزتها صدورنا ونفثتها هذه الصدور في يوم عاشوراء عشقاً للحسين(ع) ، كيف يمكن لنا أن نبقي على مسؤوليتنا تجاه هذه الأستحقاقات ؟
لاشك ولايب أن المشهد الذي رسم في يوم عاشوراء ماكان ليسر عدواً رغم أنه أنعش الصديق ورغم انه اثرى الصدور التي كانت في شك من أن الحسينيين سيثبتون أم لا يثبتون وان ابناء يزيد هل سنجحون او لا ينجحون ؟ ولكن من نعمة الله سبحانه وتعالى أن قرّة عيننا، بل عين الإمام الحجة(ع) حينما رأي كل هذه الوقفة الشمّاء لدى ابناء الحسين وعاشقيه، ولا أتردد في أن اقول أن الإمام الحجة (عج) الذي رؤي في هذا المسجد المبارك وهو يقول باني لن أغادر هذا المسجد الا في الرابع عشر، لا اشك في أنه (عج) قد حضر في بقية المكانات التي أحيت ذكر الحسين(ع).
لذا حينما نريد أن نرد على سؤالنا : ((ماذا بعد عاشوراء ؟)).
علينا ان نقول ماذا أراد الحسين (ع) لكي نعرف ماذا علينا ان نفعل ؟
ما الذي طرحه الحسين (ع) لنا لكي يبقى منهجاً ولكي يبقى مناراً يستهدي به اهل الدنيا؟ في البداية لابد ان نتسائل لنجيب على السبب الذي جعل الحسين(ع) مثل (شاء الله ان يراني مقتولاً وشاء ان يُراهنّ سبايا )) ويقبل استحقاقات ((من لحق بنا استشهد ومن يلحق لم يبلغ الفتح)) لماذا كل هذا الأصرار على التضحية والفداء ؟ ومن أجل ماذا ؟
وسبق ان قلنا ونعيدها بأن أي تبرير يحاول أن يُخرج ثورة الحسين (ع) من أهدافها العقائدية التي تحاول ان ترسي بنا المعتقد ، أي تبرير أو أي تفسير من هذا القبيل يمثل بعداً عن خط الحسين(ع) وهذا الوضع نفسه الذي حاول اليزيديين ان يثيروه مراراً وتكراراً حينما أرادوا ان يخرجوا الحسين وثورته من وضعها العقائدي يوم أن قالوا : ((ان الحسين قد خرج لطلب الحكم والسلطان)) أو حينما يبتدر بعض المنحرفين الجدد وانصاف المثقفين لكي يقول بأن الحسين(ع) ماخرج الا لطلب الحكم والسلطان ايضاً .
لكن حينما نضع الحسين(ع) في سرّة الأمامة وفي سرّة مسؤولية الله سبحانه وتعالى عندئذ نقول أن دم الحسين مابذل الا من اجل هذه الرسالة وهذا المعتقد.
فهذه القضية العقائدية تعطينا صورة واضحة عن طبيعة مسؤوليتنا تجاه عاشوراء وما يأتي من بعد عاشوراء ، فما حصل في عاشوراء هو من أجل هذا المعتقد، إذن ماسيأتي من بعد ذلك يجب أن يكون لأجل هذا المعتقد، وأولى ألوان ذلك هو أن تعرف نفسك على أي عقيدة انت ، وفي أي وضع أنت ، فلعل الجميع خلال هذه الأيام قد تابعوا بعض من اللقطات التي ابرزتها قناة العراقية للمجرمين والإرهابيين الذين تحدثوا عن أنهم كانوا يتلّقُونَ دروساً عقائدية، فما هي هذه الدروس التي تلقوها لكي يتحول القتل لديهم ولكي يتحول نحر الرؤوس لديهم الى ثمن بخس ربما يدفعون حياتهم من اجله وربما يقبضون أثمان في غاية الضعة وفي غاية الدنائة، فكما سمع الجميع ان بعضهم قال: (( أنه تلقى على كل رأس نَحَرَها عشرة آلاف دينار او خمسة عشر ألف دينار)) وهنا بودي أن اتوقف لأقول :
بأن عدوكم يرصد لعقيدتكم ويعمل الليل والنهار ويتكبد المخاطر من أجل القضاء على عقيدتكم فماذا أنتم فاعلون، وماذا ستقولون لهؤلاء الشباب الذين يُغَرر بهم بحيث انهم يستحلون الموت لأنهم يعتقدونكم كفاراً، لأن عقيدة الحسين(ع) تعني الكفر، ولأن عقيدة علي بن ابي طالب (ع) يعتبرونها خارجةً عن الأسلام ، والمروق من الملّة.
لذلك اخوتي الأحبة، هنالك مسؤولية كبرى، فالأيام تذهب ويطاح بالحكومات وتتغير اشكال فصول الدهر ولكن هناك أمر واحد يبقى هو المسؤولية تجاه هذه العقيدة.
ولو قُدرَ لغيركم ان يفكر بطريقة الحقد الأسود الذي أعتمل في قلبه عليكم ، إذاً اعرفوا ماذا قالوا لكم ؟ وكم كذبوا عليكم؟
قد ذكرنا مسألةً في محاضرات محرم وربما قد قرأها بعض الأخوة في كتب الحقد الوهابي الأسود ، بحيث يصورونكم في ليلة العاشر او ما يسمونه (ليلية الطفيه) بأنكم تطفئون الأنوار ويقع الأخ على أخته والأب على بنتهِ ويقع الولد على أمه والأب على ابنه والأبن على اخيه وهكذا.. والعياذ بالله ، فعشرات كتبهم تتحدث عن هذه القضية.
وأنتم مابين من يضحك تهكماً ومابين مستغرب لكل هذا الحقد ولكن أعرفوا ان الحاقد موجود وأنه يربي الآخرين على الحقد، فماذا أنتم فاعلون ؟ هل سنبقى نركض وراء مشاغل الدنيا وهي لاتنتهي أبداً أم لنا مسؤولية تجاه عقيدتنا، وتجاه من هو بجوارنا ، وانظروا الى شوارع العراق كيف اصبحت البيوت تتقاتل فيما بينها !! وكيف غدا الأبن يفكر بقتل أهله، وبقتل ابناء منطقته، وقبل ذلك كنتم تنظرون حتى الوضيع في المنطقة لايقبل ان تهان المنطقة ولكن ما الذي حصل الآن ؟؟ وما الذي جعل الفارق بهذه الدرجة والأيام لم تسير كثيراً، إذن هناك ضغط كبير على العقول من خلال هذه الأكاذيب، ولكم مسؤولية في أن تبرزون للدنيا أي عقيدة تحملون، واي فكر هذا الذي يحارب من خلال سيوف الأرهاب ومن خلال متفجراته ووسائله الدنيئة، التي أستخدمها أهل الأرهاب ، ولا تعتبرون كلماتي هذه مجرد كلمات، فطلبة الجامعات يعرفون جيداً ماذا يحصل هذه الأيام، والكثير من المناطق التي تعاني من ضعف التبليغ الديني، يعرفون ذلك ويحسونه ويبكون من اجله ، وما كان هذا الضعف التبليغي أن يحصل لولا أن هناك قصور يجب أن ينتهي ، ولاتتوقعوا من الحوزة العلمية أن تنتج رجال العقائد بلحظة سحريّة او بصورة سحرية، فهذه القضية تحتاج الى مسيرة أعوام ولكن هي دعوة نوجهها للأخوة الذي يجدون في أنفسهم قدرة وقابلية للانتماء الى الحوزة العلمية في النجف الأشرف ولماذا لايرتحل البعض الى تلك المناطق، وأيضاً نوجهها الى الأخوة هنا (التاجر ، البقال، الموظف-الأداري والطالب) لماذا لاتفتحون الكتب، فكل واحدٍ منّا لو تكلّم عن عقيدته مع جاره لتمّكنا من ان نوجد ايضاحاً لهذه الحقيقة ومنعاً لهذا الأرهاب.
ماذا قال الحسين (ع) في آخر لحظة في حياته: (( إن كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي فيا سيوف خذيني)) إذاً فالدين هو المقصود فكيف لنا ان نحمي هذا الدين، قطعاً لن تمر الأيام ونبقى هكذا (فدائيين) ، فالأمور ستتغير والجميع يرى بأن سيف الإرهاب سيقطع، وأن الكثير من أعمالهم قد فّضحت وحُوصروا بحمد الله تعالى، ولكن ثمة أمرٍ يجب أن نقوم به وهو أن نُحَصَنْ أنفسنا عقائدياً وأن ننطلق لنبشر بفكر أهل البيت(ع) ، هذا الفكر الذي قُتل من اجله الحسين(ع) .لا بل قتل من أجله امير المؤمنين، لا بل قتلت من أجله من أجله الزهراء (ع) ولذلك أنا ابلغكم بهذه القضية : ((جاء أحد طلبة العلوم الدينية الى الشيخ الأنصاري (قده) وكان مرجع الطائفة في وقته، وجاءه هذا الطالب في ليلة القدر وقال له ماذا أفعل في هذه الليلة فقال له الشيخ الأنصاري : اذهب وأفتح كتابك وأقرأ فيه)) وهذا مايؤكد القول بأن ((مداد العلماء خير من دماء الشهداء)) وإلا ماذا لو أن الإمام الصادق(ع) وهو يقول ((لو أستطعت أن أتخذ عصا اضرب بها رؤوس شباب الشيعة لكي يتفقهوا في دينهم) فلو كنّا ممن لم يتفقهوا في دينهم ورأينا عصا الإمام الصادق(ع) تضرب على رؤوسنا فماذا سنفعل حينذاك، وهل سنفتخر بأن الإمام الصادق (ع) ضربنا على رؤوسنا، أم ان الندم هو الذي سوف يستولي علينا ونقول لماذا ضيّعنا كل هذا العمر ؟
ايها الأخوة هذا العمر لم ينقضي بعد والفرصة لا زالت قائمة ، فأمير المؤمنين(ع) يقول مامعناه ((لو أن العبد استطاع قبل موته بلحظة ان يغرس وردة فليفعل ))
أذن علينا جميعاً أن نتجه الى أي نمط من أنماط الخير، ولا خير أعظم ممن ان يكون الأنسان عالماً او متعلّماً. إذن مابعد عاشوراء هو ان فكر الحسين ينتظرنا ، وعقيدة الحسين(ع) تنتظرنا وأن سلوك الحسين (ع) ينتظرنا، فبعد ان اثبتنا في يوم عاشوراء إننا صادقين في حبنا وولائنا للحسين (ع) علينا الآن أن نثبت بأننا أقوياء بفكر الحسين (ع) وأننا من الذي يعملون في خط الحسين(ع) ..
والحمد لله أولاً وآخرا وصلاته وسلامه على رسوله أبداً ..