إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

أرنون في ساحة الشهداء: الدلفة السورية والمزراب الأميركي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أرنون في ساحة الشهداء: الدلفة السورية والمزراب الأميركي

    أرنون في ساحة الشهداء:
    الدلفة السورية والمزراب الأميركي
    زهير هواري




    عندما زحفت مجموعات من الشباب الى بلدة ارنون قضاء النبطية ونزعت الاسلاك الشائكة و<<حررتها>> من قوات الاحتلال الإسرائيلية، اكتشف بعض الاقلام ان الأمر لم يكن أكثر من <<فبركة>> اعلامية أمنية سرعان ما خبا نارها. هلل من هلل للحدث على مدى أيام ثم تبين ان ارنون ما تزال تحت جزمة الاحتلال الإسرائيلي الذي انهار بعد سنوات من الدماء والدموع والعمليات البطولية.
    رفع المتظاهرون في ساحة الشهداء شعار الاستقلال 2005، وكذلك الهلال والصليب، وتآخى القواتي والاشتراكي، الكتائبي و<<اليساري الديموقراطي>>، والعوني والمستقبلي. ونقلت الفضائيات من كل حدب وصوب صور الوقائع التي ألهبت ربيع بيروت تحرراً من الهيمنة والوصاية السوريتين. وهكذا، ظن من ظن ان شباب لبنان باتجاهاتهم المتنوعة، هم الذين يصنعون استقلالا من نسخة العام 2005، أي بعد 62 عاما يعيدون تحقيق استقلالهم انما عن سوريا دون سواها. لم يدر الكثيرون ان كيل الشتائم الى سوريا واستطرادا الى السلطة اللبنانية يأتي في ظل القرار 1559، ولا في سياق الحملة الأميركية الفرنسية التي تزلزل المنطقة العربية من كل اطرافها. وان موضوع لبنان هو في اطار توافق دولي أميركي فرنسي أوروبي وبتغطية <<أممية>> يتولاها مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة. أكثر من ذلك لم يدر هؤلاء الشباب انهم انما يصنعون استقلالا عن سوريا وتبعية جديدة واضحة لمن له عينان، بدليل ان اللاعب اللبناني بات الاضعف في سياق هذه المنظومة الكبرى من التداخلات. من تحت الدلفة السورية الى تحت المزراب الأميركي الفرنسي. والمصير لا يتقرر لا في ساحة الشهداء ولا ساحة النجمة او بعبدا، وبالتأكيد ليس في قصر المهاجرين في دمشق.
    هذا الكلام ليس دفاعا عن الإدارة السورية للبنان طوال عقد ونصف العقد، ومن نما في ظلها من قيادات وزعامات وشبكات المستفيدين ما قبل <<المصنع>> وما بعد جديدة يابوس، وما عبرت عنه هذه المصالح من فئات طفيلية تتعيش على امكانات علاقات طبيعية سوية تحفظ مصالح الشعبين. الآن تنقلب كل نظرية <<العلاقات المميزة ووحدة المسار والمصير>> وما الى ذلك من عبارات رأسا على عقب.. وكان يجب ان يتم قلبها منذ سنوات وسنوات لو ان المجتمع اللبناني ما زال يحافظ على سوية مدنية مقبولة. كثيرون من الذين يشاركون في استقبال الحملة الأميركية الباردة كانوا في عداد هذه الحلقات التي عملت نهشا. بالطبع لم يكن هؤلاء الشباب الذين نزلوا الى ساحة الشهداء من هؤلاء، ولن يكونوا ايضا في قائمة المدعوين لاستقبال <<ضباط>> الاستطلاع الأميركيين والفرنسيين، الذين يحملون رتبا مدنية أخرى، ارفع، ويرتدون القفازات الحريرية، بينما يبلغون الاوامر والتعليمات.. كل هذا الصخب الذي شهدته ساحة البرج، وذلك الاحتجاج على الدور السوري في التجاوز على المصالح الوطنية اللبنانية خلال سنوات وسنوات، لا يعادلان هذا الصمت المدوي عن هذا الجموح الأميركي الذي يستهدف المنطقة من أقصاها حتى أقصاها، بدءا من ايران تركزاً على العراق وفلسطين وسوريا والأردن مرورا بلبنان ووصولا حتى جبال أطلس. لا تصبح جبال لبنان سوى محطات في سلسلة مترابطة من المواقع الامبراطورية التي تبدو أكثر وقاحة على أرضنا دون سوانا من الشعوب.
    انفجرت <<الثورة>> على نحو مدوٍ بعد جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وكان من البديهي ان تنفجر في هذا الوقت بالذات باعتبارها من ذروات اخضاع هذا البلد الذي مر بمحطات محطات. ولكن من الذي قال ان دخول سوريا الى لبنان كان قرارا سوريا وليس قرارا أميركيا. حدث هذا منذ العام 1976 واستمر مداً وجزراً حتى الأمس، ناهيك بالمحطة التي اطاحت بالجنرال ميشال عون، عندما ظهرت طائرة <<السوخوي>> في أجواء قصر بعبدا، او <<مقر الشعب>> كما اطلق عليه في حينه. نعرف انه سبق ذلك مشاركة سوريا في قوات التحالف ومرابطتها في <<حفر الباطن>> في الأراضي السعودية وتحت علم قوات التحالف بقيادتها الأميركية.
    يتصور عشرات الشبان الذين يتجمعون في ساحة الشهداء انهم يصنعون استقلالهم الجديد وهم يحملون الاعلام اللبنانية. خطوة ايجابية ان يتخلوا عن اعلامهم الحزبية بالعلم الوطني وان يطمحوا الى حياة وطنية حقيقية، لكن من قال ان الاستقلال يكون عن سوريا وليس عن أميركا وفرنسا. في كل الكلام الذي يسيل لا تقال كلمة عن الاستهدافات الأميركية المتجددة في المنطقة، بعد ان انتهى عصر الوكلاء، تماما كما حدث في العراق. أدى صدام حسين دوره في حرب الخليج الأولى وتصور ان بامكانه التصرف، على ضوء ما اسداه من خدمات في حجز مسار الثورة الإيرانية، كقوة اقليمية كبرى في المنطقة، فدخل الكويت.. اعيد الى داخل حدود العراق مدمى مدمر الجيش والامكانات.. ثم حوصر حتى سقط او اسقط ثمرة ناضجة.. الآن تدير أميركا مباشرة وعلى الأرض عملية تدمير ممنهجة للعراق دولة وثقافة وتاريخا وشعبا وكيانا. ليس صحيحا ان أميركا تحمل معها الى العراق وعد مشروع <<مارشال>> ودباباتها ومروحياتها وصفة الديموقراطية.. ما هو صحيح في العراق، أكثر صحة في لبنان. الأجهزة الأميركية تتقدم على ما سواها. لا يغير في المشهد الانتخابات التي تمت تحت حراب الاحتلال. ولبنان اطرى عودا وأكثر هشاشة من العراق كما نعلم.
    هناك من يشبه المخرج الهوليودي يشرف على موقع التمثيل هذا وذاك. الديكور قد يختلف وكذلك الممثلون الذين يؤدون الادوار، لكن المنتج هو هو إياه. في المشهد اللبناني يتطلب لتأدية الممثلين ادوارهم الكثير من تفاصيل <<السينوغرافيا>>، تفاصيل صنعتها <<عبقرية>> الإدارتين السورية واللبنانية على امتداد سنوات وسنوات.. ولكن الأمر يبدو أكثر مفارقة في المشهد العراقي، حيث الكثير من الدم.. دم تضخه المؤثرات المرافقة للمشاهد، دم مضاعف افتعلته الإدارة الأميركية وأولئك الذين تم تربيتهم في حاضناتها.. في المشهد اللبناني، يجب ان تكسر رتابة مشاهد العنف، لا لسبب، بل لأن هذه الساحة عرفتها ولم تبرأ منها بعد، ودم الرئيس الحريري لم يجف بعد. كل الذين يتحدثون عن الوحدة الوطنية التي تتجلى بين هؤلاء الشباب يبنون قصورا على رمل مجتمع منخور حتى العظم. مجتمع لا تستطيع جريمة شنيعة من وزن اغتيال الشهيد رفيق الحريري ومرافقيه ان تخفف من وقائعه وتفاصيله. لا تبرأ الشعوب من جراحات الحروب الأهلية عبر لحظات تراجيدية قصوى، تمارس في مثل هذه الحالة اقصى ما يمكن من <<الواجبات الاجتماعية>> والطقوس. لكن دمل جراحات حرب كالتي عرفناها وذقنا مراراتها يحتاج الى ما هو اعمق.
    قال جورج نقاش مرة ان أمة لا تقوم على نفيين: نفي عروبة البلد ونفي الاصرار على الانتداب. كان يتحدث هذا الأستاذ الكبير في المرحلة الاستقلالية، لذلك صدر دستور العام 1943 مؤكدا هذه الحقيقة: وجه عربي لهذه الدولة لا أكثر ولا أقل.. ولكن هل يقوم استقلال على نقض عروبة البلد وفتح الأذرع لاستقبال غزاة جدد. الكثير من الهتافات ارتفعت تنادي بدخول فرنسا، او أميركا حتى.. هل يُبنى استقلال على قاعدة من هذا النوع المشوه، من دون ادراك لابلغ درس من دروس الحرب الأهلية، والذي يقول كم ان اللاعب اللبناني كان مجرد واجهة في هذا المعسكر او ذاك، بينما كانت اليد التي تحرك أميركية بامتياز. لا، لم تكن حروب الآخرين على أرضنا، كنا نحن في هذه الجهة او تلك.. السوس الطائفي اقوى من ان يهزمه الفولكلور المحلي.. من يقنع الطوائف بأن هذا اللبنان يستوعبها جميعا.. أم ان سياسات الاستقواء بالأميركي على السوري هي اقصر الطرق نحو تكرار المحنة وذهاب حناجر هتافات الشباب صدى في عالم لا يرحم الصغار.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 09:44 PM
استجابة 1
11 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 07:21 AM
ردود 2
13 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
يعمل...
X