إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الاستئصال ثقافة سلطوية حمقاء !

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاستئصال ثقافة سلطوية حمقاء !

    بقلم : قرميطي نوراني /كاتب سياسي
    مهما قيل عن سياسة الوئام والمصالحة ، فان الأمن الذي تحقق بفضلهما هو أفضل شاهد على سلامة الخيار الذي انحاز إليه الطرفان . وقد يأسف بعضنا على السنوات الخمس التي ضاعت منا منذ أن ظهرت بوادر الانفراج سنة 1994 ، بل وحتى قبل 94 ، حين توصلت جهات في الأمن العسكري إلى مقاربة جيدة مع قيادة الجيش الإسلامي وقادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ لوقف الاقتتال وإعلان الهدنة ، لولا تلك الحملة الهوجاء التي شنها الاستئصاليون على أعمدة الصحف ، والتي قادت إلى تعليق المفاوضات بين السلطة والجيش الإسلامي في إعقاب ضبط رسالة يكون قد بعث بها على بلحاج الى قواسمه ، وقتها كنت ألاحظ سياسة بلدي الجزائر وكنت قانع على الطرفيين كانوا على قدر من المسؤولية تؤهلهما للتواصل إلى مخرج وسف يكون الزمن كفيلا بتحديد وكشف الجهات التي أضافت خمس سنوات للماساة ، بعشرات الآلاف من القتلى ، وبحصيلة كارثية على صعيد هدم مقومات الدولة ومرافقها من عزلة دولية مطبقة ! .
    وبكل تأكيد ، فان قربنا من المساة التي لم نطوى كل صفحاتها لا يسمح بتقييم جاد وموضوعي قد يفيدنا في المستقبل لكن تجربة سياسة الوئام تفيد قطعا أشقاءنا في العالمين ، العربي والإسلامي ، بعد أن تكشف لهم أن المساة لم تكن حكرا على الجزائر ، وان بروز العنف على هذا المستوى ودخول شرائح من الشعب في مواجهة وعصيان مع الدولة لم تكن ظاهرة جزائرية صرفة كما ينكشف لنا بوضوح أن الاستئصال – كثقافة – ليس حكرا على بعض القوى العلمانية التغريبية المتنفذة في أجهزة الدولة ، فقد ظهرت الصفوة الثقافية والدينية والسياسية في السعودية والمغرب والأردن وباكستان وتركيا ، بخطاب لا يختلف كثيرا عن الخطاب الاستئصالي في الجزائر بل هو أكثر عنفا و اقصائية مما كان عليه عندنا ، فمن أفواه علماء الدين وأساتذة جامعيين كبار ، من ابناء الثقافة العربية والمرجعية الإسلامية ، انطلقت دعوات حمقاء لغلق باب التفاوض مع الشباب العربي المسلم الذي حمل السلاح ، رغم أن الوضع يختلف اختلافا جذريا بين الحالات ، فالشباب الذي حمل السلاح ، واختار طريق العنف تحت شعار مقاومة الوجود الأجنبي لم يوجه سلاحه ، لا ضد الدولة في السعودية والمغرب وتركيا والأردن ، ولا ضد المدنيين والمرافق العمومية كما حدث في الجزائر . وفي حالة السعودية حصرا ، كانت العمليات المحدودة والمتفرقة تستهدف أهدافا أمريكية وغربية ، وكان حادث الرياض هو الأول الذي استهدف مؤسسة أمنية سعودية ، كرد فعل – هو مشروع عند أصحابه – على المطاردة التي شنتها قوات الأمن ضد جماعاتهم ، وتقديمها للرأي العام الداخلي والخارجي على إنها مساهمة من السعودية في الحرب الأمريكية على الإرهاب . هنا أيضا كانت الروح الاستئصالية مسيطرة على سياسة الأجهزة الحكومية ، ولم نرى لا عند بداية الظاهرة ولا اليوم - وقد استفعلت – إن الحكومات العربية والإسلامية قد استفادت من التجربة الجزائرية فالمهدمات العشوائية لإحياء الفقر بالدار البيضاء . واعتقال الآلاف من المغاربة المتهمين بالأصولية والتشدد ، قد ولد مناخا مناسبا لتفريخ فكر القاعدة وهو بالمناسبة ليس فكرا عدميا هداما كما تزعم الحكومات ، وكان بامكان الحكومات العربية والإسلامية أن تستفيد منه في هذه المواجهة المفتوحة مع الولايات المتحدة ، وتحرشها بالأنظمة والشعوب على السواء كما كان بوسع الحكومة السعودية أن تتعامل مع هذا التيار الرافض للوجود الأمريكي في السعودية وفي الخليج كتيار وطني غيور على السيادة الوطنية قد تختلف معه في الأساليب لكنها لا تتعارض معه في الأهداف بالضرورة ، وتعمل في إلحاق على تنمية وتاطيره بما لديها من رجال الدين وقادة الرأي ، وتحويله إلى قوة ظاغطة قد تخفف من وطأة وضغوط الإدارة الأمريكية عليها . كما انه من غير المعقول أن تستمر المملكة الهاشمية في قمع شعبها وهو منقسم بين الجرح الفلسطيني والجرح العراقي علما أن الشعب الأردني نصفه فلسطيني والنصف الآخر جزء من العشائر العربية في محافظات الانبار العراقية .
    ما ناسف له ، أن التجربة المأساوية بالجزائر قد علمتنا أن الفتنة تبدأ هكذا ، بأعمال متفرقة تغري الأمنيين والاستئصاليين بقدرة الدولة على استئصالها !، وسوف نستمع إلى خطابات من الحكومة تزعم أن الإرهاب يعيش ربع الساعة الأخير ، ولم تنتبه الحكومات العربية والإسلامية إلا بعد فوات الأوان وسقوط الآلاف من الضحايا ثم تجد نفسها مضطرة إلى التفقه في ثقافة الحوار والوئام والمعالجة السياسية للظاهرة ، وعليها إن تعلم أن الوجود الغربي ظرفي ، وسوف يأتي اليوم الذي يرحل فيه لا محالة ، وتبقى الحكومات والأنظمة وجها لوجه مع شعوبها ومع مخلفاة المأساة ! .
    ملاحظة : نشر بتاريخ 14/04/2004 صحيفة الجزائر نيوز
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X