05/03/05 GMT 20:46
الرئيس الاسد القى خطابا مهما امام مجلس الشعب: سنقوم بسحب قواتنا المتمركزة في لبنان بالكامل الى البقاع ومن ثم الى الحدود السورية-اللبنانية بند الانسحاب السوري وفق القرار 1559 ليس المشكلة انما البنود الاخرى مشكلة للبنان وتعيدنا الى الوراء قمنا باربعة انسحابات قبل صدور القرار الدولي ودورنا في لبنان تحكمه عوامل جغرافية وسياسية كيف يمكن التوفيق بين ال1559 والاستقرار والسيادة بعض المليشيات في لبنان لم يقتنع بمشروع الدولة
وطنية-دمشق 5/3/2005(سياسة)
القى الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد مساء اليوم خطابا مهما امام مجلس الشعب السوري تطرق فيه خصوصا الى التطورات على الساحة اللبنانية, وقال: "ايها السادات والسادة اعضاء مجلس الشعب ايها الاخوات والاخوة المواطنون, اخاطبكم في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ سوريا والمنطقة بأحداثها الكبرى التي تعيشونها بفيض مشاعركم وغيرتكم وتثبتون مرة تلو مرة صدق ولائكم لقيمه وحرصكم على كبريائه وكرامته, ولعل لقائي بكم اليوم في هذا الظرف الذي نمر فيه ينبعث من حرصي على ان تكونوا في صورة التطورات الاخيرة وعلى ان تطلعوا بصورة مباشرة على موقع بلدكم منها وعلى رغبتي في ان اقدم لكم اجابة عن تساؤلات عديدة تدور في اذهانكم وفاء لهذه العلاقة الحميمة الشفافة معكم وتأكيدا على حقيقة اساسية هي ان ما نقوم به من اعمال وما نتخذه من مواقف انتم مصدر الهامنا الاساسي فيه. وقد عاشت سوريا خلال العامين الماضيين في قلب مجموعة متشابكة من الاحداث والتطورات الاقليمية والدولية والتي تسارعت بصورة عاصفة وفرضت ضرورة التعامل معها بقدر كبير من الاهتمام والحرص, وكان تسارع الاحداث بحد ذاته يفرض واقعا معقدا من ردود الافعال والاراء لدى قطاعات واسعة من المعنيين بالشأن السياسي يتوازى مع حملات اعلامية مكثفة ومنسقة وغير بريئة في كثير من الاحيان خلقت تشويشا واسعا لدى الرأي العام العربي والمحلي وطرحت تساؤلات كثيرة عن طبيعة التحديات واتجاهاتها وموقفنا منها, وكانت ابرز القضايا التي تشغل بال العالم الراهن وتدخل في مخططات بعض قواه الكبرى او تحدد خياراتها السياسية تمر عبر سوريا بصورة مباشرة او غير مباشرة سواء قضية السلام في الشرث الاوسط او الارهاب او القضية العراقية او تداعيات الوضع اللبناني. وكنت قدمت في مناسبات مختلفة شرحا مفصلا لموقفنا ورؤيتنا لهذه الامور المتداخلة, لذلك فأنني لست بصدد استعراض ما حدث على ما فيه من معان ودلالات ولكنني سأقف عند اخر التطورات فيها وابين مواقفنا منها وتصوراتنا المستقبلية حيالها, وذلك من اجل ان يكون الجميع على بينة منها وان يطلعوا على الجهود التي بذلناها للوصول الى نتائج مرضية. وفي هذا الاطار يمكن التأكيد على ان نهجنا السياسي ومواقفنا من الاحداث وتطوراتها يقوم على قاعدتين اساسيتين : الاولى: حماية مصالحنا الوطنية والقومية من خلال التمسك بهويتنا واستقلالنا ووفائنا لمبادئنا وقناعاتنا وكذلك توفير الظروف الملائمة لصيانة استقرارنا السياسي والاجتماعي واعتباره جزءا من استقرار المنطقة ككل وتكريس ذلك لاستعادة اراضينا المحتلة. الثانية : حرصنا في اطار العمل على تحقيق المسائل آنفة الذكر على التعامل مع الاطراف المعنية بعقل مفتوح بعيدا عن الاحكام المسبقة وبقدر كبير من الواقعية والمرونة والمسؤولية مدركين طبيعة الظروف الدولية الراهنة خاصة في السنوات الاخيرة ومعادلة الممكن والمألول في سياق كل ذلك اي التمسك بالحقوق, وفي الوقت نفسه التعامل بواقعية مع التحديات والتطورات الطارئة. لقد كانت قضية السلام في قلب هذه الاحداث وارخت بظلالها على القضايا الاخرى وشهدت هذه العملية تراجعا من حيث مناخها العام خطوات الى الوراء ليس بسبب تعنت اسرائيل ورفضها الاستجابة لاستحقاقات السلام فحسب بل بسبب افتقاد الارادة المسؤولة عن تطبيق القرارات الدولية عندما يتعلق الامر باسرائيل, وعدم جدية الاطراف المعنية في المجتمع الدولي للنهوض بمسؤولياتها في هذا الاتجاه. وفي ما يتصل بنا اكدنا في مناسبات كثيرة على ان السلام في منطقتنا لن يتحقق ما لم تتم استعادة ارضنا المحتلة وعلى ان كثيرا من المشكلات التي تظهر في الوقت الراهن بعض حلولها في ايجاد فرص سلام عادل يلغي اسباب التوتر والصراع وعوامل الاحباط والخيبة وطرحت سوريا استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة، ولكن في المقابل اكدنا ان عدم وجود شروط على استئناف المفاوضات لا يعني اهدار المرجعيات والقواعد والقرارات التي يجب الالتزام بها وتطبيقها، ومرجعيتنا التي تستنتد اليها هي مرجعيات مدريد المتضمنة لقرارات الشرعية الدولية، ولم يكن مفاجئا لنا ان ترفض اسرائيل المفاوضات وان تضع هي شروط تحت ذرائع مختلفة وذلك تهربا من استحقاقات السلام. بكل بساطة، لو بسطنا الامور، عملية السلام بحاجة لمتطلبات، اولها نية الاطراف المتصارعة بالوصول الى السلام، ثانيها وجود راع نزيه وحيادي، ثالثها متطلبات تقنية كالمفاوضات والمرجعيات والمعايير. ما الذي ينقصنا اليوم؟ ينقصنا نية الطرف الاسرائيلي غير الموجود على الاطلاق، ينقصنا اهتمام الراعي بشكل اساسي، الولايات المتحدة، وهذا الكلام هم يعلنونه وليس من توقعات البعض، وايضا المعايير غير موجودة باعتقادنا، فان عملية السلام ستبقى متوقفة في المدى المنظور، ولكن حتى ذلك الوقت لا يجوز ان نتوقف عن الحديث عن عملية السلام وعن ابداء رغبتنا المستمرة بالتوصل الى السلام، لذلك نحن مع اصدقائنا الاوروبيين وغيرهم من الدول في هذا العالم، المعني او المهتم بعملية السلام، نتابع معهم الحوار بهدف معرفة اخطاء الماضي ووضع تصورات للمستقبل، وعندما تتغير كل هذه الظروف نستطيع ان ننطلق باتجاه عملية السلام. طبعا اسرائيل طرحت او دائما تطرح باننا مستعدون للعودة الى المفاوضات من دون شروط. كثير من الوفود الاجنبية التي تأتي الينا في سوريا تقول ما هي شروط سوريا؟ وعندما نقول لا يوجد شروط فهم يفاجأوا، يقولون اسرائيل تقول بانه لديكم شروط، الهدف هو ان يكون العالم في تصور بالنسبة لاسرائيل انها مستعدة لعملية السلام، لكن المشكلة هي في الشروط التي تضعها سوريا وهي العائق. الحقيقة ان هذه الشروط هي العودة الى نقطة الصفر، نحن نتحدث عن استئناف المفاوضات، الاستئناف يعني ان نتابع من حيث انتهينا، هم يريدون العودة الى الصفر. نقول لهذه الدول ولهذه القوى الدولية التي تأتي وهذه الشخصيات الدولية، كيف يمكن ان تكونوا انتم تريدون السلام وبنفس الوقت تقولون لنا اختلفوا على ما اتفقتم عليه. اذا اردنا ان نصل الى السلام لا بد من الاتفاق على النقاط المختلف عليها، والاسرائيليون يريدون العودة الى الصفر، فهذا يعني عدم جدية من قبل الاسرائيليين وعدم مصداقية، لان كل حكومة تاتي تقول انا لا علاقة لي بالحكومة التي سبقتها، فاكدنا نحن باننا مستعدون للمفاوضات من دون شروط، وبحسب قرارات مرجعية مدريد وهذا يعني باننا نبدأ من حيث انتهت المفاوضات الاخيرة في التسعينات. كما اكدنا في ما يتصل بالساحة الفلسطينية على الوحدة الوطنية الفلسطينية من خلال حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة في اطار الحل الشامل. اما بصدد المسألة العراقية، فان مواقفنا كانت ولا تزال تنطلق من اعتبارنا وتقديرنا لمصالحنا الوطنية ومصالح الشعب العراقي حيث عارضنا الحرب كما عارضها كثيرون على امتداد الوطن العربي والعالم، وكان لنا في معارضتنا اسبابنا الوطنية والقومية والاستراتيجية لاننا كنا نرى ان هذه الحرب ستؤدي الى حالة من الفوضى والاضطراب، ليس في العراق وحده ولكن في المنطقة كلها، وانها ستطالنا بتأثيراتها المباشرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. انطلاقا من ذلك كان استقرار العراق والمنطقة يقع في ذروة اهتمامنا ومشاغلنا، لذلك عبرنا عن حرصنا على الحوار الوطني في العراق، وكنا من اوائل من دعا الى اجراء الانتخابات على قاعدة وطنية لا يستبعد منها اي طرف، وهنا وضعنا اولويات واضحة بالنسبة لموضوع العراق لكي يفهمها الجميع: الاولوية الاولى هي وحدة العراق، وهي اهم شيء بالنسبة لنا، لانها لا تمس العراقيين وانما تمس سوريا، تمس الامن القومي والوطني في سوريا بنفس المقدار. الاولوية الثانية في الانتخابات، وهذه الانتخابات المقصود فيها التصويت على دستور، لا اقصد فيها انتخابات بمعنى الانتخاب الخاص، وانما التصويت على الدستور، وهذا الدستور سيعطي المؤسسات، اي دستور في العراق لا يكون عليه اجماع من قبل كل العراقيين فهذا يعني تفتيت العراق وحرب اهلية وايضا سندفع الثمن، فإذن البند الثاني مرتبط بالبند الاول، الوحدة بحاجة لاستقرار، وبحاجة لحوار وطني، وبحاجة لدستور عليه اجماع من قبل العراقيين. النقطة الثالثة والاولوية الثالثة وهي الاستقلال، والاستقلال بشكل آلي يعني انسحاب القوات الاميركية. الغريب ان معظم الوفود الاميركية التي استقبلناها تحدثت بنفس الاولويات، فكنا نقول لهم اذن اين الاولويات؟ هم يتحدثون عن حرصهم على وحدة العراق وموضوع الدستور والمصوت عليه بشكل ديمقراطي، وايضا كانوا يقولون نحن لا نريد ان نبقى بشكل مستمر في العراق. بالنسبة لنا موضوع الاحتلال هو موضوع مبدأ، اما الآليات فكنا نقول لهم هذا الموضوع يدرس مع العراقيين وليس مع الاخرين . لقد كانت الاتهامات توجه نحو سوريا تارة تحت ذريعة التدخل في الشؤون العراقية وتارة ثانية تحت ذريعة عدم ضبط الحدود ومنع المتسللين الى العراق وتارة ثالثة تحت ذريعة ايواء انصار النظام السابق بالرغم من اننا قمنا بكل ما من شأنه ان يحفظ استقرار العراق ضمن الامكانات المتاحة من ضبط للحدود ورفض استخدام الاراضي السورية للتدخل في الشؤون العراقية وتاييد العملية السياسية الجارية فيه. تذكرون قبل حرب العراق كان هناك اتهامات لسوريا بأنها ترسل اسلحة للنظام في العراق, قلنا لهم في ذلك الوقت اعطونا معلومة واحدة تدل على هذا الشيء ونحن بالنسبة لنا هذا مخالف للقانون سنقوم بمحاسبة من يقوم بهذا العمل, الحقيقة لم يعطونا اية معلومة, أتى باول بعد الحرب بثلاثة اسابيع وقلت له " الان انتم اصبحتم موجودون في بغداد لديكم الوثائق تفضلوا واعطونا وثيقة واحدة تدل على هذا الشيء", طبعا لم يأتينا باي شيء, تحدث في ذلك الوقت ولم تكن المقاومة قد بدأت في العراق, حول ضرورة ضبط سوريا لحدودها فقلنا لهم وقتها هذا مستحيل, في الثمانينات كانت تأتينا شاحنات كبيرة معبأة بالمتفجرات وتصل الى قلب دمشق وتنفجر في اماكن مختلفة وتقتل المئات والعشرات ولم نكن قادرين على ايقافهم, فكيف نستطيع ان نمنع اشخاصا مشاة يدخلون عبر الحدود, هذا الكلام غير ممكن وخاصة اننا على الحدود العراقية لا نمتلك التقنيات العالية الموجودة في دول اخرى لضبط هذه الحدود. لاحقا اتي وليام بيرنز في صيف 2003 وسمع الكلام نفسه , بعدها حصلت فترة انقطاع قوي مع اي وفد اميركي ما عدا وفود الكونغرس, ولكن التقينا بعدد من الوفود العراقية التي تمثل مجلس الحكم ولاحقا الحكومة المؤقتة وكان دائما عتب بيننا وبينهم حول المواضيع نفسها وقلنا لهم نسمع بالاخبار انكم القيتم القبض على مجموعة اتت من سوريا او سوري فلماذا لا تعطونا الاسماء, جواز السفر, هل هو مزور ؟ هل هو حقيقي؟ كيف وصل هذا الشخص الى العراق؟ اين حصل الامداد؟. تقولون قدم من دول اخرى وعبر سوريا. لا بد من نقاط امداد سواء مال , منامة , طعام, الى اخره.. سموها امداد لوجستي. قالوا سنقوم بهذا الشيء ولم يعطونا حتى الان اي معلومة عن اي سوري او شخص ذهب الى العراق. لا نقول ان الحدود مضبوطة. كما قلت لا احد يستطيع في العالم ان يضبط حدوده, حتى الوفود الاميركية يقولون لنا نحن لا نستطيع ان نضبط حدود اميركا مع المكسيك, لكن المطلوب منكم ان تضبطوا حدودكم. المعادلة صعبة. في الزيارة الاخيرة لوفد برئاسة وليم بيرنز في شهر ايلول الماضي, كان وفد من وزارة الدفاع ووزارة الخارجية ومن المخابرات ومن الجيش. تحدثوا معنا بشكل واضخ وقالوا نريد ان نعرف رغبة سوريا, هل سوريا تريد التعاون فقلنا لهم نحن منذ 1974 عندما عادت العلاقة مع الولايات المتحدة الاميركية بزيارة الرئيس نيكسون الى سوريا عام 1974, قال لهم الرئيس حافظ الاسد نريد احسن العلاقات مع اميركا, وكنا خارجين من حرب تشرين وكان هناك الاتحاد السوفياتي, كل الظروف كانت مختلفة فمن غير المعقول اليوم ان نقول باننا لا نريد علاقات جيدة, اما عن التعاون فعلينا ان نفرق بين الرغبة بالتعاون والامكانيات. لا يعني اذا كان لديك رغبة انك تمتلك امكانيات, ومع ذلك نحن لا نريد ان نقول ما هي السيناريوهات المطروحة, نحن سنترك الامر عندكم اطرحوا سيناريوهات ماذا تريدون. قبل عدة ايام كان وزير داخلية العراق قد اتى الى سوريا واستقبلته وقال لي ان الاميركيين سيطرحون اتفاقية ثلاثية للتعاون الامني لضبط الحدود بين سوريا والعراق والقوات الاميركية, قلنا نحن مستعدون طبعا , طرحوا هذا الموضوع في اللقاء وقلنا لهم نحن مستعدون, ربما كان البعض منهم لا يريد ان يسمع هذه الكلمة غالبا يريد منا ان نقول دائما "لا" فقلنا لهم نحن جاهزون, ضعوا السيناريوهات وكل هذه التفاصيل وارسلوا المعنيين الى سوريا ليلتقوا بالمستويات المختلفة لنضع خطة تنفيذ , طبعا حتى هذه اللحظة لم يأت احد. الشيء الوحيد الذي يطلب من وقت لاخر هو عبارة عن لوائح بأسماء معظمها لا نعرف من هم. سبق بان بعض الاسماء كانت موجودة فعلا وتم طردها, حتى خلال الحرب هناك اسماء اتت الى سوريا وهي جزء من النظام, ولا يشعر الانسان بالندم لانهم من الاشخاص المسؤولين عن الجرائم التي حصلت في سوريا في الثمانينات, فهؤلاء الاشخاص نحن في ذلك الوقت اما طردناهم على الحدود او علمنا بدخولهم الى سوريا وطلبنا منهم الخروج واخرجوا. اما بقية الاسماء فكنا نقول لهم انكم ترسلون اسماء لا نعرف من هي, والان هناك في العراق فوضى ربما يكون هؤلاء الاشخاص موجودون في سوريا لكن بأسماء مزورة, فنحن بحاجة للمزيد من المعلومات, طبعا الهجوم الاعلامي كما تلاحظون مستمر ولا يتوقف ولا اعتقد له علاقة بالتعاون السوري لاننا لم نطرح اي شرط بالنسبة لنا, نحن لنا هموم في العراق هي الوحدة كما قلت والاستقرار, علينا ان ننتظر. لا شك ان الوضع اللبناني باشكالياته المعقدة يشكل ابرز الاحداث الضاغطة في هذه المرحلة ولست هنا في مجال البحث في الماضي ولا الدخول في تفاصيل الاحداث التي شهدها لبنان حول العلاقات السورية - اللبنانية ولكنني ساتوقف عند تداعيات القرار 1559 وموقفنا منه, حيث شهدت الساحة اللبنانية منذ صدور القرار المذكور سجالا حادا حوله لانه خلق بحيثياته المختلفة حتى لدى مؤيديه مشكلات جدية من حيث الانعكاسات السلبية التي يمكن ان تنجم عن تطبيقه على لبنان واستقراره دون وجود آليات مناسبة, وفي حال لم تراعى الظروف الموضوعية لتطبيقه وعلى الرغم من ملاحظاتنا على القرار 1559 من حيث هو تكريس لتدخل بعض الاطراف الدولية تحت عنوان سيادة لبنان, فقد كان قرارنا التعامل معه بايجابية في ضوء حرصنا على استقرار لبنان ووحدته. اريد ان اجري بعض الاضاءات على بعض النقاط. اذا اردنا ان نرفض القرار فيجب ان نعرف لماذا نأخذ القرار, على اي ارضية نسير, وسألقي بعض الاسس .معظمكم قرأ المقابلة التي اجراها الرئيس الاميركي مع احدى الصحف الفرنسية والتي يقول فيها بان الرئيس الفرنسي طلب منه اعداد او تحضير مشروع لاخراج سوريا من لبنان في شهر حزيران, هذا يؤكد ما قلته امام مؤتمر المغتربين بان لا علاقة بين هذا الموضوع والتمديد ولاحظت ان لا احد بعد يتحدث بالتمديد, البعض من القوى المعنية في موضوع التمديد سلبا اوصلت اخبارا مؤخرا رسمية. هذا الموضوع اصبح وراءنا ويتحدثون عن شيء آخر. الذي اكتشفناه في الاشهر الاخيرة ان جزءا من مضمون ال 1559 بعض البنود المعلنة وبعض البنود المخفية هي محضرة او بدأ التحضير لها بعد حرب العراق مباشرة, ولا اتحدث عن فكرة القرار وانما اتحدث عن بعض المضامين. النقطة الثانية كما قلنا عندما صدر القرار قلنا بانه مخالف لميثاق الامم المتحدة وبانه انتقائي وبانه لم يأت بطلب من الدول المعنية ولكن بما اننا نعيش في عالم ليس فيه قانون ولا فيه ميزان عدل, فهذا الكلام هو موضوع اليوم ونعرفه ولكن ليس اساسا نسير عليه, ولكن فقط للتذكير. النقطة الثالثة من مبادىء السياسية السورية انها داعمة للامم المتحدة, لا يمكن لسوريا ان تكون في ظرف من الظروف معارضة او في مواجهة الامم المتحدة. النقطة الرابعة بالنسبة للقرار 1559 هناك عدة بنود: البند المرتبط بسوريا هو بند الانسحاب بعكس الصورة الموجودة لدى الجميع الان بانها هي المشكلة الحقيقية. هذا البند هو الابسط لان سوريا ليست ضد الانسحاب كمبدأ ونحن بدأنا بالانسحاب منذ عام الفين وعندما نتحدث عن انسحاب هل نحن او اي احد من سوريا يقول باننا نريد ان نبقى في لبنان. ابدا هذا الكلام غير موجود, اذا هذا البند هو الابسط وليس المشكلة. البنود الاخرى هي المشكلة وهي مشكلة بالنسبة للبنان وستعيدنا الى الوراء ربما الى الثمانينات او الى المرحلة التي سبقتها . النقطة الخامسة: التقرير الذي سيصدرن اعتقد في شهر ايار او نيسان المقبل هو الذي سيحدد توجهات هذا القرار. لا نستطيع ان نقول الان بان هذا القرار هو سلبي او ايجابي, اذا راعى العوامل الموضوعية فهو غير سلبي وان لم يراع هذه العوامل الموضوعية سيتحول الى مشكلة في لبنان وربما في المنطقة, والنتقطتان الاساسيتان في هذا التقرير تتعلق بآليات الانسحاب وبموضوع المقاومة اللبنانية. النقطة السادسة: انسحاب سوريا من لبنان لا يعني غياب الدور السوري فهذا دور تحكمه عوامل كثيرة جغرافية وسياسية وغيرها، وبالعكس تماما نكون اكثر حرية واكثر انطلاقا في التعامل مع لبنان. النقطة السابعة هي ما قلته في احدى اللقاءات مع التلفزيون الفرنسي عام 2001 عندما سئلت عن وضع القوات السورية في لبنان. بشكل واضح ان المكان الطبيعي للقوات السورية هو في الاراضي السورية وهذه مبادىء، لكي يتهمنا احد ولان التفسيرات والتشويهات كثيرة اريد ان اذكر هذه النقاط لكي يسمعها الجميع على الاعلام ممن لا يعرف او غير ذلك. لا يجوز ان نبقى يوما واحدا اذا كان هناك اجماع على خروج سوريا، لا يجوز ان تكون سوريا في لبنان موضوع خلاف او انقسام, فسوريا دخلت لمنع التقسيم فلا يجوز ان تكون هي موضوع انقسام بين اللبنانيين، هذه من الثوابت. النقطة الاخيرة, على العكس الانسحاب يعزز المصالح السورية بمعزل عن الظروف الحالية ولذلك بدأنا الانسحاب منذ خمس سنوات وسحبنا اكثر من ثلاثة وستين بالمئة من القوات وهذا شيء ربما الكثير من السوريين لا يعرفونه, فكان عدد القوات اربعين الفا واصبح الان اربعة عشر الفا, وطبعا لا احد يذكره اما عن عدم معرفة وغالبا في كثير من الاحيان عن قصد, لذلك نريد ان نؤكد على حقيقة هذه النقطة بانهم يريدون ان يظهروا بان سوريا تنسحب تحت الضغط, هذا هو المحور بالنسبة لهم. الان اتحدث عن لقاءات تيري رود لارسن مبعوث الامم المتحدة وبعض المسؤولين الاخرين الذين زاروا سوريا مؤخرا, ملخص هذه اللقاءات هو ان يبدأ السؤال كيف ستتعاملون مع القرار 1559, فكنا مباشرة نعطي جوابا واضحا باننا نتعامل بايجابية بالرغم من التحفظات, وكنا نشرح لهم كيف بدأت سوريا الانسحاب في عام 1999 بعد استلام الرئيس لحود ببضعة اشهر, كان واضحا ان الجيش اللبناني اصبح قويا والمؤسسات الامنية والاستقرار في لبنان قطع اشواطا كبيرة وبدأنا نفكر في سوريا بان الانسحاب اصبح الان ضرورة ووضعت الخطط في ذلك الوقت وبدأنا بالانسحاب الاول اما نهاية 99 او في عام 2000 لا اذكر, وهذا ما اشرحه للموفدين، كنا نرتب مع المؤسسات اللبنانية المعنية وننسحب, ثم نرتب وننسحب بشكل تدريجي وتعرفون باننا قمنا باربعة انسحابات قبل صدور القرار 1559 والانسحاب الخامس كان في شهر ايلول, والشيء الايجابي ان هذه الطريقة بالانسحاب ابقت الاستقرار في لبنان وكان الوضع مطمئنا الى حد كبير. اذا كنا نقول لهم نحن ليس لدينا مشكلة بالقرار 1559 ولا نعتبر انه ضد مصالحنا فهو يتحدث عن الانسحاب واتفاق الطائف الذي تلتزم به سوريا وتدعمه ودعمته فيه الانسحاب, والطرح السوري دائما يتحدث عن الانسحاب والتطبيق على ارض الواقع, فيه انسحاب اذا لا توجد مشكلة بيننا وبين مبدأ الامم المتحدة وبين القرار 1559 بالمبدأ والمهم هو الآليات. الفرق بين الطائف والقرار 1559 ان الطائف فيه آليات والقرار 1559 لم يطرح آليات, قالوا انسحاب وكل دولة في العالم تفسر بطريقتها, البعض ربما يريد الانسحاب بمفعول رجعي ما قبل 1976, الله اعلم.
الرئيس الاسد القى خطابا مهما امام مجلس الشعب: سنقوم بسحب قواتنا المتمركزة في لبنان بالكامل الى البقاع ومن ثم الى الحدود السورية-اللبنانية بند الانسحاب السوري وفق القرار 1559 ليس المشكلة انما البنود الاخرى مشكلة للبنان وتعيدنا الى الوراء قمنا باربعة انسحابات قبل صدور القرار الدولي ودورنا في لبنان تحكمه عوامل جغرافية وسياسية كيف يمكن التوفيق بين ال1559 والاستقرار والسيادة بعض المليشيات في لبنان لم يقتنع بمشروع الدولة
وطنية-دمشق 5/3/2005(سياسة)
القى الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد مساء اليوم خطابا مهما امام مجلس الشعب السوري تطرق فيه خصوصا الى التطورات على الساحة اللبنانية, وقال: "ايها السادات والسادة اعضاء مجلس الشعب ايها الاخوات والاخوة المواطنون, اخاطبكم في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ سوريا والمنطقة بأحداثها الكبرى التي تعيشونها بفيض مشاعركم وغيرتكم وتثبتون مرة تلو مرة صدق ولائكم لقيمه وحرصكم على كبريائه وكرامته, ولعل لقائي بكم اليوم في هذا الظرف الذي نمر فيه ينبعث من حرصي على ان تكونوا في صورة التطورات الاخيرة وعلى ان تطلعوا بصورة مباشرة على موقع بلدكم منها وعلى رغبتي في ان اقدم لكم اجابة عن تساؤلات عديدة تدور في اذهانكم وفاء لهذه العلاقة الحميمة الشفافة معكم وتأكيدا على حقيقة اساسية هي ان ما نقوم به من اعمال وما نتخذه من مواقف انتم مصدر الهامنا الاساسي فيه. وقد عاشت سوريا خلال العامين الماضيين في قلب مجموعة متشابكة من الاحداث والتطورات الاقليمية والدولية والتي تسارعت بصورة عاصفة وفرضت ضرورة التعامل معها بقدر كبير من الاهتمام والحرص, وكان تسارع الاحداث بحد ذاته يفرض واقعا معقدا من ردود الافعال والاراء لدى قطاعات واسعة من المعنيين بالشأن السياسي يتوازى مع حملات اعلامية مكثفة ومنسقة وغير بريئة في كثير من الاحيان خلقت تشويشا واسعا لدى الرأي العام العربي والمحلي وطرحت تساؤلات كثيرة عن طبيعة التحديات واتجاهاتها وموقفنا منها, وكانت ابرز القضايا التي تشغل بال العالم الراهن وتدخل في مخططات بعض قواه الكبرى او تحدد خياراتها السياسية تمر عبر سوريا بصورة مباشرة او غير مباشرة سواء قضية السلام في الشرث الاوسط او الارهاب او القضية العراقية او تداعيات الوضع اللبناني. وكنت قدمت في مناسبات مختلفة شرحا مفصلا لموقفنا ورؤيتنا لهذه الامور المتداخلة, لذلك فأنني لست بصدد استعراض ما حدث على ما فيه من معان ودلالات ولكنني سأقف عند اخر التطورات فيها وابين مواقفنا منها وتصوراتنا المستقبلية حيالها, وذلك من اجل ان يكون الجميع على بينة منها وان يطلعوا على الجهود التي بذلناها للوصول الى نتائج مرضية. وفي هذا الاطار يمكن التأكيد على ان نهجنا السياسي ومواقفنا من الاحداث وتطوراتها يقوم على قاعدتين اساسيتين : الاولى: حماية مصالحنا الوطنية والقومية من خلال التمسك بهويتنا واستقلالنا ووفائنا لمبادئنا وقناعاتنا وكذلك توفير الظروف الملائمة لصيانة استقرارنا السياسي والاجتماعي واعتباره جزءا من استقرار المنطقة ككل وتكريس ذلك لاستعادة اراضينا المحتلة. الثانية : حرصنا في اطار العمل على تحقيق المسائل آنفة الذكر على التعامل مع الاطراف المعنية بعقل مفتوح بعيدا عن الاحكام المسبقة وبقدر كبير من الواقعية والمرونة والمسؤولية مدركين طبيعة الظروف الدولية الراهنة خاصة في السنوات الاخيرة ومعادلة الممكن والمألول في سياق كل ذلك اي التمسك بالحقوق, وفي الوقت نفسه التعامل بواقعية مع التحديات والتطورات الطارئة. لقد كانت قضية السلام في قلب هذه الاحداث وارخت بظلالها على القضايا الاخرى وشهدت هذه العملية تراجعا من حيث مناخها العام خطوات الى الوراء ليس بسبب تعنت اسرائيل ورفضها الاستجابة لاستحقاقات السلام فحسب بل بسبب افتقاد الارادة المسؤولة عن تطبيق القرارات الدولية عندما يتعلق الامر باسرائيل, وعدم جدية الاطراف المعنية في المجتمع الدولي للنهوض بمسؤولياتها في هذا الاتجاه. وفي ما يتصل بنا اكدنا في مناسبات كثيرة على ان السلام في منطقتنا لن يتحقق ما لم تتم استعادة ارضنا المحتلة وعلى ان كثيرا من المشكلات التي تظهر في الوقت الراهن بعض حلولها في ايجاد فرص سلام عادل يلغي اسباب التوتر والصراع وعوامل الاحباط والخيبة وطرحت سوريا استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة، ولكن في المقابل اكدنا ان عدم وجود شروط على استئناف المفاوضات لا يعني اهدار المرجعيات والقواعد والقرارات التي يجب الالتزام بها وتطبيقها، ومرجعيتنا التي تستنتد اليها هي مرجعيات مدريد المتضمنة لقرارات الشرعية الدولية، ولم يكن مفاجئا لنا ان ترفض اسرائيل المفاوضات وان تضع هي شروط تحت ذرائع مختلفة وذلك تهربا من استحقاقات السلام. بكل بساطة، لو بسطنا الامور، عملية السلام بحاجة لمتطلبات، اولها نية الاطراف المتصارعة بالوصول الى السلام، ثانيها وجود راع نزيه وحيادي، ثالثها متطلبات تقنية كالمفاوضات والمرجعيات والمعايير. ما الذي ينقصنا اليوم؟ ينقصنا نية الطرف الاسرائيلي غير الموجود على الاطلاق، ينقصنا اهتمام الراعي بشكل اساسي، الولايات المتحدة، وهذا الكلام هم يعلنونه وليس من توقعات البعض، وايضا المعايير غير موجودة باعتقادنا، فان عملية السلام ستبقى متوقفة في المدى المنظور، ولكن حتى ذلك الوقت لا يجوز ان نتوقف عن الحديث عن عملية السلام وعن ابداء رغبتنا المستمرة بالتوصل الى السلام، لذلك نحن مع اصدقائنا الاوروبيين وغيرهم من الدول في هذا العالم، المعني او المهتم بعملية السلام، نتابع معهم الحوار بهدف معرفة اخطاء الماضي ووضع تصورات للمستقبل، وعندما تتغير كل هذه الظروف نستطيع ان ننطلق باتجاه عملية السلام. طبعا اسرائيل طرحت او دائما تطرح باننا مستعدون للعودة الى المفاوضات من دون شروط. كثير من الوفود الاجنبية التي تأتي الينا في سوريا تقول ما هي شروط سوريا؟ وعندما نقول لا يوجد شروط فهم يفاجأوا، يقولون اسرائيل تقول بانه لديكم شروط، الهدف هو ان يكون العالم في تصور بالنسبة لاسرائيل انها مستعدة لعملية السلام، لكن المشكلة هي في الشروط التي تضعها سوريا وهي العائق. الحقيقة ان هذه الشروط هي العودة الى نقطة الصفر، نحن نتحدث عن استئناف المفاوضات، الاستئناف يعني ان نتابع من حيث انتهينا، هم يريدون العودة الى الصفر. نقول لهذه الدول ولهذه القوى الدولية التي تأتي وهذه الشخصيات الدولية، كيف يمكن ان تكونوا انتم تريدون السلام وبنفس الوقت تقولون لنا اختلفوا على ما اتفقتم عليه. اذا اردنا ان نصل الى السلام لا بد من الاتفاق على النقاط المختلف عليها، والاسرائيليون يريدون العودة الى الصفر، فهذا يعني عدم جدية من قبل الاسرائيليين وعدم مصداقية، لان كل حكومة تاتي تقول انا لا علاقة لي بالحكومة التي سبقتها، فاكدنا نحن باننا مستعدون للمفاوضات من دون شروط، وبحسب قرارات مرجعية مدريد وهذا يعني باننا نبدأ من حيث انتهت المفاوضات الاخيرة في التسعينات. كما اكدنا في ما يتصل بالساحة الفلسطينية على الوحدة الوطنية الفلسطينية من خلال حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة في اطار الحل الشامل. اما بصدد المسألة العراقية، فان مواقفنا كانت ولا تزال تنطلق من اعتبارنا وتقديرنا لمصالحنا الوطنية ومصالح الشعب العراقي حيث عارضنا الحرب كما عارضها كثيرون على امتداد الوطن العربي والعالم، وكان لنا في معارضتنا اسبابنا الوطنية والقومية والاستراتيجية لاننا كنا نرى ان هذه الحرب ستؤدي الى حالة من الفوضى والاضطراب، ليس في العراق وحده ولكن في المنطقة كلها، وانها ستطالنا بتأثيراتها المباشرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. انطلاقا من ذلك كان استقرار العراق والمنطقة يقع في ذروة اهتمامنا ومشاغلنا، لذلك عبرنا عن حرصنا على الحوار الوطني في العراق، وكنا من اوائل من دعا الى اجراء الانتخابات على قاعدة وطنية لا يستبعد منها اي طرف، وهنا وضعنا اولويات واضحة بالنسبة لموضوع العراق لكي يفهمها الجميع: الاولوية الاولى هي وحدة العراق، وهي اهم شيء بالنسبة لنا، لانها لا تمس العراقيين وانما تمس سوريا، تمس الامن القومي والوطني في سوريا بنفس المقدار. الاولوية الثانية في الانتخابات، وهذه الانتخابات المقصود فيها التصويت على دستور، لا اقصد فيها انتخابات بمعنى الانتخاب الخاص، وانما التصويت على الدستور، وهذا الدستور سيعطي المؤسسات، اي دستور في العراق لا يكون عليه اجماع من قبل كل العراقيين فهذا يعني تفتيت العراق وحرب اهلية وايضا سندفع الثمن، فإذن البند الثاني مرتبط بالبند الاول، الوحدة بحاجة لاستقرار، وبحاجة لحوار وطني، وبحاجة لدستور عليه اجماع من قبل العراقيين. النقطة الثالثة والاولوية الثالثة وهي الاستقلال، والاستقلال بشكل آلي يعني انسحاب القوات الاميركية. الغريب ان معظم الوفود الاميركية التي استقبلناها تحدثت بنفس الاولويات، فكنا نقول لهم اذن اين الاولويات؟ هم يتحدثون عن حرصهم على وحدة العراق وموضوع الدستور والمصوت عليه بشكل ديمقراطي، وايضا كانوا يقولون نحن لا نريد ان نبقى بشكل مستمر في العراق. بالنسبة لنا موضوع الاحتلال هو موضوع مبدأ، اما الآليات فكنا نقول لهم هذا الموضوع يدرس مع العراقيين وليس مع الاخرين . لقد كانت الاتهامات توجه نحو سوريا تارة تحت ذريعة التدخل في الشؤون العراقية وتارة ثانية تحت ذريعة عدم ضبط الحدود ومنع المتسللين الى العراق وتارة ثالثة تحت ذريعة ايواء انصار النظام السابق بالرغم من اننا قمنا بكل ما من شأنه ان يحفظ استقرار العراق ضمن الامكانات المتاحة من ضبط للحدود ورفض استخدام الاراضي السورية للتدخل في الشؤون العراقية وتاييد العملية السياسية الجارية فيه. تذكرون قبل حرب العراق كان هناك اتهامات لسوريا بأنها ترسل اسلحة للنظام في العراق, قلنا لهم في ذلك الوقت اعطونا معلومة واحدة تدل على هذا الشيء ونحن بالنسبة لنا هذا مخالف للقانون سنقوم بمحاسبة من يقوم بهذا العمل, الحقيقة لم يعطونا اية معلومة, أتى باول بعد الحرب بثلاثة اسابيع وقلت له " الان انتم اصبحتم موجودون في بغداد لديكم الوثائق تفضلوا واعطونا وثيقة واحدة تدل على هذا الشيء", طبعا لم يأتينا باي شيء, تحدث في ذلك الوقت ولم تكن المقاومة قد بدأت في العراق, حول ضرورة ضبط سوريا لحدودها فقلنا لهم وقتها هذا مستحيل, في الثمانينات كانت تأتينا شاحنات كبيرة معبأة بالمتفجرات وتصل الى قلب دمشق وتنفجر في اماكن مختلفة وتقتل المئات والعشرات ولم نكن قادرين على ايقافهم, فكيف نستطيع ان نمنع اشخاصا مشاة يدخلون عبر الحدود, هذا الكلام غير ممكن وخاصة اننا على الحدود العراقية لا نمتلك التقنيات العالية الموجودة في دول اخرى لضبط هذه الحدود. لاحقا اتي وليام بيرنز في صيف 2003 وسمع الكلام نفسه , بعدها حصلت فترة انقطاع قوي مع اي وفد اميركي ما عدا وفود الكونغرس, ولكن التقينا بعدد من الوفود العراقية التي تمثل مجلس الحكم ولاحقا الحكومة المؤقتة وكان دائما عتب بيننا وبينهم حول المواضيع نفسها وقلنا لهم نسمع بالاخبار انكم القيتم القبض على مجموعة اتت من سوريا او سوري فلماذا لا تعطونا الاسماء, جواز السفر, هل هو مزور ؟ هل هو حقيقي؟ كيف وصل هذا الشخص الى العراق؟ اين حصل الامداد؟. تقولون قدم من دول اخرى وعبر سوريا. لا بد من نقاط امداد سواء مال , منامة , طعام, الى اخره.. سموها امداد لوجستي. قالوا سنقوم بهذا الشيء ولم يعطونا حتى الان اي معلومة عن اي سوري او شخص ذهب الى العراق. لا نقول ان الحدود مضبوطة. كما قلت لا احد يستطيع في العالم ان يضبط حدوده, حتى الوفود الاميركية يقولون لنا نحن لا نستطيع ان نضبط حدود اميركا مع المكسيك, لكن المطلوب منكم ان تضبطوا حدودكم. المعادلة صعبة. في الزيارة الاخيرة لوفد برئاسة وليم بيرنز في شهر ايلول الماضي, كان وفد من وزارة الدفاع ووزارة الخارجية ومن المخابرات ومن الجيش. تحدثوا معنا بشكل واضخ وقالوا نريد ان نعرف رغبة سوريا, هل سوريا تريد التعاون فقلنا لهم نحن منذ 1974 عندما عادت العلاقة مع الولايات المتحدة الاميركية بزيارة الرئيس نيكسون الى سوريا عام 1974, قال لهم الرئيس حافظ الاسد نريد احسن العلاقات مع اميركا, وكنا خارجين من حرب تشرين وكان هناك الاتحاد السوفياتي, كل الظروف كانت مختلفة فمن غير المعقول اليوم ان نقول باننا لا نريد علاقات جيدة, اما عن التعاون فعلينا ان نفرق بين الرغبة بالتعاون والامكانيات. لا يعني اذا كان لديك رغبة انك تمتلك امكانيات, ومع ذلك نحن لا نريد ان نقول ما هي السيناريوهات المطروحة, نحن سنترك الامر عندكم اطرحوا سيناريوهات ماذا تريدون. قبل عدة ايام كان وزير داخلية العراق قد اتى الى سوريا واستقبلته وقال لي ان الاميركيين سيطرحون اتفاقية ثلاثية للتعاون الامني لضبط الحدود بين سوريا والعراق والقوات الاميركية, قلنا نحن مستعدون طبعا , طرحوا هذا الموضوع في اللقاء وقلنا لهم نحن مستعدون, ربما كان البعض منهم لا يريد ان يسمع هذه الكلمة غالبا يريد منا ان نقول دائما "لا" فقلنا لهم نحن جاهزون, ضعوا السيناريوهات وكل هذه التفاصيل وارسلوا المعنيين الى سوريا ليلتقوا بالمستويات المختلفة لنضع خطة تنفيذ , طبعا حتى هذه اللحظة لم يأت احد. الشيء الوحيد الذي يطلب من وقت لاخر هو عبارة عن لوائح بأسماء معظمها لا نعرف من هم. سبق بان بعض الاسماء كانت موجودة فعلا وتم طردها, حتى خلال الحرب هناك اسماء اتت الى سوريا وهي جزء من النظام, ولا يشعر الانسان بالندم لانهم من الاشخاص المسؤولين عن الجرائم التي حصلت في سوريا في الثمانينات, فهؤلاء الاشخاص نحن في ذلك الوقت اما طردناهم على الحدود او علمنا بدخولهم الى سوريا وطلبنا منهم الخروج واخرجوا. اما بقية الاسماء فكنا نقول لهم انكم ترسلون اسماء لا نعرف من هي, والان هناك في العراق فوضى ربما يكون هؤلاء الاشخاص موجودون في سوريا لكن بأسماء مزورة, فنحن بحاجة للمزيد من المعلومات, طبعا الهجوم الاعلامي كما تلاحظون مستمر ولا يتوقف ولا اعتقد له علاقة بالتعاون السوري لاننا لم نطرح اي شرط بالنسبة لنا, نحن لنا هموم في العراق هي الوحدة كما قلت والاستقرار, علينا ان ننتظر. لا شك ان الوضع اللبناني باشكالياته المعقدة يشكل ابرز الاحداث الضاغطة في هذه المرحلة ولست هنا في مجال البحث في الماضي ولا الدخول في تفاصيل الاحداث التي شهدها لبنان حول العلاقات السورية - اللبنانية ولكنني ساتوقف عند تداعيات القرار 1559 وموقفنا منه, حيث شهدت الساحة اللبنانية منذ صدور القرار المذكور سجالا حادا حوله لانه خلق بحيثياته المختلفة حتى لدى مؤيديه مشكلات جدية من حيث الانعكاسات السلبية التي يمكن ان تنجم عن تطبيقه على لبنان واستقراره دون وجود آليات مناسبة, وفي حال لم تراعى الظروف الموضوعية لتطبيقه وعلى الرغم من ملاحظاتنا على القرار 1559 من حيث هو تكريس لتدخل بعض الاطراف الدولية تحت عنوان سيادة لبنان, فقد كان قرارنا التعامل معه بايجابية في ضوء حرصنا على استقرار لبنان ووحدته. اريد ان اجري بعض الاضاءات على بعض النقاط. اذا اردنا ان نرفض القرار فيجب ان نعرف لماذا نأخذ القرار, على اي ارضية نسير, وسألقي بعض الاسس .معظمكم قرأ المقابلة التي اجراها الرئيس الاميركي مع احدى الصحف الفرنسية والتي يقول فيها بان الرئيس الفرنسي طلب منه اعداد او تحضير مشروع لاخراج سوريا من لبنان في شهر حزيران, هذا يؤكد ما قلته امام مؤتمر المغتربين بان لا علاقة بين هذا الموضوع والتمديد ولاحظت ان لا احد بعد يتحدث بالتمديد, البعض من القوى المعنية في موضوع التمديد سلبا اوصلت اخبارا مؤخرا رسمية. هذا الموضوع اصبح وراءنا ويتحدثون عن شيء آخر. الذي اكتشفناه في الاشهر الاخيرة ان جزءا من مضمون ال 1559 بعض البنود المعلنة وبعض البنود المخفية هي محضرة او بدأ التحضير لها بعد حرب العراق مباشرة, ولا اتحدث عن فكرة القرار وانما اتحدث عن بعض المضامين. النقطة الثانية كما قلنا عندما صدر القرار قلنا بانه مخالف لميثاق الامم المتحدة وبانه انتقائي وبانه لم يأت بطلب من الدول المعنية ولكن بما اننا نعيش في عالم ليس فيه قانون ولا فيه ميزان عدل, فهذا الكلام هو موضوع اليوم ونعرفه ولكن ليس اساسا نسير عليه, ولكن فقط للتذكير. النقطة الثالثة من مبادىء السياسية السورية انها داعمة للامم المتحدة, لا يمكن لسوريا ان تكون في ظرف من الظروف معارضة او في مواجهة الامم المتحدة. النقطة الرابعة بالنسبة للقرار 1559 هناك عدة بنود: البند المرتبط بسوريا هو بند الانسحاب بعكس الصورة الموجودة لدى الجميع الان بانها هي المشكلة الحقيقية. هذا البند هو الابسط لان سوريا ليست ضد الانسحاب كمبدأ ونحن بدأنا بالانسحاب منذ عام الفين وعندما نتحدث عن انسحاب هل نحن او اي احد من سوريا يقول باننا نريد ان نبقى في لبنان. ابدا هذا الكلام غير موجود, اذا هذا البند هو الابسط وليس المشكلة. البنود الاخرى هي المشكلة وهي مشكلة بالنسبة للبنان وستعيدنا الى الوراء ربما الى الثمانينات او الى المرحلة التي سبقتها . النقطة الخامسة: التقرير الذي سيصدرن اعتقد في شهر ايار او نيسان المقبل هو الذي سيحدد توجهات هذا القرار. لا نستطيع ان نقول الان بان هذا القرار هو سلبي او ايجابي, اذا راعى العوامل الموضوعية فهو غير سلبي وان لم يراع هذه العوامل الموضوعية سيتحول الى مشكلة في لبنان وربما في المنطقة, والنتقطتان الاساسيتان في هذا التقرير تتعلق بآليات الانسحاب وبموضوع المقاومة اللبنانية. النقطة السادسة: انسحاب سوريا من لبنان لا يعني غياب الدور السوري فهذا دور تحكمه عوامل كثيرة جغرافية وسياسية وغيرها، وبالعكس تماما نكون اكثر حرية واكثر انطلاقا في التعامل مع لبنان. النقطة السابعة هي ما قلته في احدى اللقاءات مع التلفزيون الفرنسي عام 2001 عندما سئلت عن وضع القوات السورية في لبنان. بشكل واضح ان المكان الطبيعي للقوات السورية هو في الاراضي السورية وهذه مبادىء، لكي يتهمنا احد ولان التفسيرات والتشويهات كثيرة اريد ان اذكر هذه النقاط لكي يسمعها الجميع على الاعلام ممن لا يعرف او غير ذلك. لا يجوز ان نبقى يوما واحدا اذا كان هناك اجماع على خروج سوريا، لا يجوز ان تكون سوريا في لبنان موضوع خلاف او انقسام, فسوريا دخلت لمنع التقسيم فلا يجوز ان تكون هي موضوع انقسام بين اللبنانيين، هذه من الثوابت. النقطة الاخيرة, على العكس الانسحاب يعزز المصالح السورية بمعزل عن الظروف الحالية ولذلك بدأنا الانسحاب منذ خمس سنوات وسحبنا اكثر من ثلاثة وستين بالمئة من القوات وهذا شيء ربما الكثير من السوريين لا يعرفونه, فكان عدد القوات اربعين الفا واصبح الان اربعة عشر الفا, وطبعا لا احد يذكره اما عن عدم معرفة وغالبا في كثير من الاحيان عن قصد, لذلك نريد ان نؤكد على حقيقة هذه النقطة بانهم يريدون ان يظهروا بان سوريا تنسحب تحت الضغط, هذا هو المحور بالنسبة لهم. الان اتحدث عن لقاءات تيري رود لارسن مبعوث الامم المتحدة وبعض المسؤولين الاخرين الذين زاروا سوريا مؤخرا, ملخص هذه اللقاءات هو ان يبدأ السؤال كيف ستتعاملون مع القرار 1559, فكنا مباشرة نعطي جوابا واضحا باننا نتعامل بايجابية بالرغم من التحفظات, وكنا نشرح لهم كيف بدأت سوريا الانسحاب في عام 1999 بعد استلام الرئيس لحود ببضعة اشهر, كان واضحا ان الجيش اللبناني اصبح قويا والمؤسسات الامنية والاستقرار في لبنان قطع اشواطا كبيرة وبدأنا نفكر في سوريا بان الانسحاب اصبح الان ضرورة ووضعت الخطط في ذلك الوقت وبدأنا بالانسحاب الاول اما نهاية 99 او في عام 2000 لا اذكر, وهذا ما اشرحه للموفدين، كنا نرتب مع المؤسسات اللبنانية المعنية وننسحب, ثم نرتب وننسحب بشكل تدريجي وتعرفون باننا قمنا باربعة انسحابات قبل صدور القرار 1559 والانسحاب الخامس كان في شهر ايلول, والشيء الايجابي ان هذه الطريقة بالانسحاب ابقت الاستقرار في لبنان وكان الوضع مطمئنا الى حد كبير. اذا كنا نقول لهم نحن ليس لدينا مشكلة بالقرار 1559 ولا نعتبر انه ضد مصالحنا فهو يتحدث عن الانسحاب واتفاق الطائف الذي تلتزم به سوريا وتدعمه ودعمته فيه الانسحاب, والطرح السوري دائما يتحدث عن الانسحاب والتطبيق على ارض الواقع, فيه انسحاب اذا لا توجد مشكلة بيننا وبين مبدأ الامم المتحدة وبين القرار 1559 بالمبدأ والمهم هو الآليات. الفرق بين الطائف والقرار 1559 ان الطائف فيه آليات والقرار 1559 لم يطرح آليات, قالوا انسحاب وكل دولة في العالم تفسر بطريقتها, البعض ربما يريد الانسحاب بمفعول رجعي ما قبل 1976, الله اعلم.
تعليق