ما هي ضوابط الحب والبغض ؟
تستخدم وسائل الأعلام هذه الأيام المدح و الذم - للأشخاصا والأفكار على السواء - سلاحاً خطيراً في التأثير على أراء الناس وخاصة من لا يمتلك قدرة على التعقل .. وذلك لأن طبيعة النفس الإنسانية تميل إلى تصديق ما تسمع ، وتعتبره كاشفاً عن الواقع ، والحال ان المدح و الذم يصف عادة صورة الواقع في أذهاننا ، وليس الواقع فى نفسه !! .. وقلما تكون هذه الصورة الذهنية مطابقة للواقع الا فى موارد نادرة ممن اراهم الله تعالى الاشياء كماهى ، وهم المؤمنون الذين اشرقت انوار المولى فى نفوسهم .. وقد ورد فى الخبر : ( إتقِوا فراسة المؤمن ، فانه ينظر بنور الله عز وجل ) .
ينبغي للعاقل أن لا يرتب اثرا على مدح وذم فئات من الناس .. فمثلا لاينبغى الاعتناء بذم الشخص المبغض و الحاسد ، ولا بمدح الشخص المحب ، ولا بقول الإنسان المتذبذب المتلون ، الذي يمدحك فى يوم و يذمك في يوم آخر ، ولا برأي الذي ليس له علم ودراية بالممدوح او المذموم عن تجربة ومعاشرة ، ولا بقول السفيه أو الأحمق الذي ليس له قدرة تحليلية للتمييز بين الأشخاص ... وأخيراً لا ينبغي الأخذ برأي الشخص المتعصب ذي النظرة المسبقة تجاه فئة من الناس ، فهو يرفض سلفاً كل من انتسب إلى هذه الفئة من دون استثناء !.
من أهم قواعد المدح والذم : هو عدم اللجوء إليهما من دون مناسبة ، فان اقوال المرء من جمله افعاله التى يحاسب عليها ، فاذا راى خيرا فى الكلام تكلم ، والا فالسكوت خيرله !! .. اذ من الواضح ان السكوت هو الأصل و هى الحالة الطبيعية للإنسان ، في حين نرى أن البعض يختلق الأعذار للتكلم مع الآخرين و إعادة سرد الامور المعلومة التى لا تفيد فى الدنيا ولا فى الاخرة !! .. وقد أكدت الأحاديث على التزام الصمت ، وجعلته من علامات الحكمة : ( إذا رأيتم المؤمن صموتاً فادنوا منه .. فانه يلقى الحكمة ) .. وقد كان هذا الصمت دوماً هى الصفة الغالبة على الأنبياء والأوصياء و الصالحين .
و من القواعد المهمة في هذا المجال : عدم المبالغة في المدح والذم .. وترك استخدام عبارات أفعل التفضيل و المبالغة ، مثل : ما أحسن خلق فلان ، او ما رايت مثله !.. بل يكتفى بالتقييم الموضوعي المناسب للمقام .. وقد رأينا بعض المتشرعين يتوقفون عن استخدام مثل هذه التعابير ، لاحتمال وجود شبهة الكذب فيها .
ومن القواعد الأخرى : هو الابتعاد عن التزكية المطلقة للأفراد .. أي عدم إعطاء ضمانة أبدية وثقة مطلقة للشخص الذي نود تزكيته ، لزواجٍ أو عملٍ مثلاً .. بل يمكن الاكتفاء بالقول أنه ( ثقة إلى الآن ) او ( بحسب الظاهر ) أو ( هكذا اعرف عنه ) .. إذ كيف يستطيع أحدنا - وهو لا يملك ضمانة لنفسه ولعاقبتها - أن يضمن عاقبة غيره ؟!..
ومن القواعد الأخرى : هي الموازنة بين مدح الشخص ، وتحذيره من سلبيات ما تمتدحه فيه ، فأنت حين تثني على شخص لبشاشته ومرحه مثلاً ، ينبغي أن تحذره في الوقت نفسه من التمادي في المزاح ، أو اللجوء إلى الكذب لإضحاك الآخرين ، وهو من الأمور المحرمة ، و وبذلك يحول الثناء الى عملية هادفة تمنعه من التمادي فى باطله ، كما تستطيع أن تقدم له برنامجاً للعمل بما مدحته فيه .. وحينما تمدح كرم شخص مثلا ، فانه يمكنك توجيهه إلى موارد الانفاق التى ترضى المولى عز وجل ، وتذكيره بمستحباته المسنونة ، من : تصغيره وتعجيله وكتمانه.
ومن القواعد الأخرى في هذا المجال : هو العدول عن المدح و الذم ، إذاتغيرت صفات الشخص المتعلقة به ، أو إذا أنكشف لك خلاف ما قلته فيه ، إذ لا مجال هنا للإصرار على رأي سابق تعلم أنه لم يعد مطابقاً للواقع !.. وقد يجب في بعض الحالات تحذير الشخص الذي قمت بتزكيته - لشراكةٍ او زواج – إذا أتضح لك أنه لم يكن أهلاً للتزكية ، او اعادة كرامة من اسقطت كرامته بعدما تبين لك الخطا فى ذلك .
ان من المهم أيضاً أن نلاحظ عدم إيذاء الآخرين عند مدحنا لشخص ما ، وذلك مراعاة للعدالة فى هذا المجال ، فان تجاهل من هو برتبة الممدوح قد يثير حزنه أو غيرته أو حسده !.. ومن هنا أيضاً يجب علينا مراعاة العدل وعدم التمييز بين الأقران ، تأسياً بالرسول (ص) الذي دعا إلى المساواة حتى في تقبيل الأبناء !.
وأخر قاعدة في هذا المجال : هو عدم مدح النفس التى هى فى معرض الزلل دائما .. فان الآية القرآنية صريحة في النهي عن ذلك : { فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى } .. فان تزكية النفس من علامات وهن العقل ، إلا في حالات تبرئة النفس ، او دفع التهمة ، أو تثبيت الموقع المهني والاجتماعي ، او مصلحة راجحة اخرى .. والشاهد على ذلك ان النبى (ص) غضب عندما راى احدهم يقرأ فى التوراة قائلا : ( لو كان موسى حيا لما وسعه الا اتباعي ).
ان من طبيعة الإنسان أنه يحب أن يمتدح ، ويكره أن يذم .. ومن الملفت حقا انه كثيرا ما يصدق ما يقال فيه من المدح ، حتى لو علم أنه مديح لا اصل له !. وقد دعت الأحاديث الى عدم الفرح والحزن بهذا المدح و الذم ، حتى لو اجمع عليه الناس ، بل التفكير فيه وعرضه على كتاب الله تعالى ، لمعرفة ما اذا كان ما يقال فينا من مدح هل هى فضيلة صادقة ، لنبشر أنفسنا بها ، أو ما يقال من ذم هل هى رذيلة متحققة ً ، لنصلح أنفسنا بعد ذلك .. ولنعلم اخيرا انه يستحب أن تقول إذا مدحك مادح : ( اللهم اجعلني خيراً مما يظنون ، واغفر لي ما لا يعلمون ، ولا تؤاخذني بما يقولون ) .
ونسائلكم الدعاء
تستخدم وسائل الأعلام هذه الأيام المدح و الذم - للأشخاصا والأفكار على السواء - سلاحاً خطيراً في التأثير على أراء الناس وخاصة من لا يمتلك قدرة على التعقل .. وذلك لأن طبيعة النفس الإنسانية تميل إلى تصديق ما تسمع ، وتعتبره كاشفاً عن الواقع ، والحال ان المدح و الذم يصف عادة صورة الواقع في أذهاننا ، وليس الواقع فى نفسه !! .. وقلما تكون هذه الصورة الذهنية مطابقة للواقع الا فى موارد نادرة ممن اراهم الله تعالى الاشياء كماهى ، وهم المؤمنون الذين اشرقت انوار المولى فى نفوسهم .. وقد ورد فى الخبر : ( إتقِوا فراسة المؤمن ، فانه ينظر بنور الله عز وجل ) .
ينبغي للعاقل أن لا يرتب اثرا على مدح وذم فئات من الناس .. فمثلا لاينبغى الاعتناء بذم الشخص المبغض و الحاسد ، ولا بمدح الشخص المحب ، ولا بقول الإنسان المتذبذب المتلون ، الذي يمدحك فى يوم و يذمك في يوم آخر ، ولا برأي الذي ليس له علم ودراية بالممدوح او المذموم عن تجربة ومعاشرة ، ولا بقول السفيه أو الأحمق الذي ليس له قدرة تحليلية للتمييز بين الأشخاص ... وأخيراً لا ينبغي الأخذ برأي الشخص المتعصب ذي النظرة المسبقة تجاه فئة من الناس ، فهو يرفض سلفاً كل من انتسب إلى هذه الفئة من دون استثناء !.
من أهم قواعد المدح والذم : هو عدم اللجوء إليهما من دون مناسبة ، فان اقوال المرء من جمله افعاله التى يحاسب عليها ، فاذا راى خيرا فى الكلام تكلم ، والا فالسكوت خيرله !! .. اذ من الواضح ان السكوت هو الأصل و هى الحالة الطبيعية للإنسان ، في حين نرى أن البعض يختلق الأعذار للتكلم مع الآخرين و إعادة سرد الامور المعلومة التى لا تفيد فى الدنيا ولا فى الاخرة !! .. وقد أكدت الأحاديث على التزام الصمت ، وجعلته من علامات الحكمة : ( إذا رأيتم المؤمن صموتاً فادنوا منه .. فانه يلقى الحكمة ) .. وقد كان هذا الصمت دوماً هى الصفة الغالبة على الأنبياء والأوصياء و الصالحين .
و من القواعد المهمة في هذا المجال : عدم المبالغة في المدح والذم .. وترك استخدام عبارات أفعل التفضيل و المبالغة ، مثل : ما أحسن خلق فلان ، او ما رايت مثله !.. بل يكتفى بالتقييم الموضوعي المناسب للمقام .. وقد رأينا بعض المتشرعين يتوقفون عن استخدام مثل هذه التعابير ، لاحتمال وجود شبهة الكذب فيها .
ومن القواعد الأخرى : هو الابتعاد عن التزكية المطلقة للأفراد .. أي عدم إعطاء ضمانة أبدية وثقة مطلقة للشخص الذي نود تزكيته ، لزواجٍ أو عملٍ مثلاً .. بل يمكن الاكتفاء بالقول أنه ( ثقة إلى الآن ) او ( بحسب الظاهر ) أو ( هكذا اعرف عنه ) .. إذ كيف يستطيع أحدنا - وهو لا يملك ضمانة لنفسه ولعاقبتها - أن يضمن عاقبة غيره ؟!..
ومن القواعد الأخرى : هي الموازنة بين مدح الشخص ، وتحذيره من سلبيات ما تمتدحه فيه ، فأنت حين تثني على شخص لبشاشته ومرحه مثلاً ، ينبغي أن تحذره في الوقت نفسه من التمادي في المزاح ، أو اللجوء إلى الكذب لإضحاك الآخرين ، وهو من الأمور المحرمة ، و وبذلك يحول الثناء الى عملية هادفة تمنعه من التمادي فى باطله ، كما تستطيع أن تقدم له برنامجاً للعمل بما مدحته فيه .. وحينما تمدح كرم شخص مثلا ، فانه يمكنك توجيهه إلى موارد الانفاق التى ترضى المولى عز وجل ، وتذكيره بمستحباته المسنونة ، من : تصغيره وتعجيله وكتمانه.
ومن القواعد الأخرى في هذا المجال : هو العدول عن المدح و الذم ، إذاتغيرت صفات الشخص المتعلقة به ، أو إذا أنكشف لك خلاف ما قلته فيه ، إذ لا مجال هنا للإصرار على رأي سابق تعلم أنه لم يعد مطابقاً للواقع !.. وقد يجب في بعض الحالات تحذير الشخص الذي قمت بتزكيته - لشراكةٍ او زواج – إذا أتضح لك أنه لم يكن أهلاً للتزكية ، او اعادة كرامة من اسقطت كرامته بعدما تبين لك الخطا فى ذلك .
ان من المهم أيضاً أن نلاحظ عدم إيذاء الآخرين عند مدحنا لشخص ما ، وذلك مراعاة للعدالة فى هذا المجال ، فان تجاهل من هو برتبة الممدوح قد يثير حزنه أو غيرته أو حسده !.. ومن هنا أيضاً يجب علينا مراعاة العدل وعدم التمييز بين الأقران ، تأسياً بالرسول (ص) الذي دعا إلى المساواة حتى في تقبيل الأبناء !.
وأخر قاعدة في هذا المجال : هو عدم مدح النفس التى هى فى معرض الزلل دائما .. فان الآية القرآنية صريحة في النهي عن ذلك : { فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى } .. فان تزكية النفس من علامات وهن العقل ، إلا في حالات تبرئة النفس ، او دفع التهمة ، أو تثبيت الموقع المهني والاجتماعي ، او مصلحة راجحة اخرى .. والشاهد على ذلك ان النبى (ص) غضب عندما راى احدهم يقرأ فى التوراة قائلا : ( لو كان موسى حيا لما وسعه الا اتباعي ).
ان من طبيعة الإنسان أنه يحب أن يمتدح ، ويكره أن يذم .. ومن الملفت حقا انه كثيرا ما يصدق ما يقال فيه من المدح ، حتى لو علم أنه مديح لا اصل له !. وقد دعت الأحاديث الى عدم الفرح والحزن بهذا المدح و الذم ، حتى لو اجمع عليه الناس ، بل التفكير فيه وعرضه على كتاب الله تعالى ، لمعرفة ما اذا كان ما يقال فينا من مدح هل هى فضيلة صادقة ، لنبشر أنفسنا بها ، أو ما يقال من ذم هل هى رذيلة متحققة ً ، لنصلح أنفسنا بعد ذلك .. ولنعلم اخيرا انه يستحب أن تقول إذا مدحك مادح : ( اللهم اجعلني خيراً مما يظنون ، واغفر لي ما لا يعلمون ، ولا تؤاخذني بما يقولون ) .
ونسائلكم الدعاء
تعليق